أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الفيزياء التطبيقية

اتجاهات في علم المواد

اتجاهات في علم المواد

غدت اللدائن أسلاكا

يأمل الباحثون بتكييف الخاصِّيات الكهربائية للپوليمرات الموصلة،

لجعل مواد الإلكترونيات إلى حدٍّ ما أكثر عضوية.

<F.يام>

 

بدأت الابتكارات في حقل الپوليمرات (المتماثرات) الموصلة conducting polymersمصادفة حالها حال الإنجازات التقانية العديدة؛ إذ عندما كان <H. شيراكاوا> (من معهد طوكيو للتقانة) يحاول في مطلع السبعينات صنع پوليمر عضوي يسمى متعدد الأستيلين  polyacetylene أضاف من الوسيط ـ مخطئا ـ ما يزيد على 10000 ضعف مما جاء في طريقة الإجراء، فكان أن حصل على غشاء لماع يشبه رقاقة ألمنيوم، غير أنه يُمَدّ ويبسط كمادة تغليف. وبدا الإجراء وكأنه طريقة جديدة محسَّنة لحفظ بقايا الطعام طازجة أكثر مما بدا فتحا محتملا في علم المواد. 

 

لقد بدت المادة غريبة جدا، مما جعل <A. ماك ديارميد> يتساءل عند تفحصها عن إمكان ترشيحها إلى ما كان يهدف إليه من الحصول على «معادن اصطناعية (تركيبية)»، أي على مواد غير معدنية يمكنها أن تنقل الكهرباء. وفي عام 1977 التحق شيراكاوا بماك دايرميد وبـ<J.A.هيگر> في مختبرهما بجامعة پنسلڤانيا للبحث في هذا الشكل من متعدد الأستيلين. وقد وجد هؤلاء بعد مزج هذه المادة بشيء من اليود أن موصليتها قد ازدادت فجأة مضروبة بعامل يساوي عدة ملايين. 

 

إن الپوليمرات الموصلة المتينة والرخيصة الثمن والقابلة للتصنيع والرَّخِصة(1) قد ألهمت رؤى لمستقبل الدارات الشفافة والعضلات الصنعية وأجهزة العرض الإلكترونية التي يمكن تأبطها على نحو مريح. لقد قدم الباحثون عدة أدوات (أجهزة، نبائط)devices  مُعدَّة للعرض تحوي عناصر يمكن أن تكون مفيدة في أجهزة العرض الجديدة، كالترانزستورات اللدائنية والديودات (الصمامات الثنائية) المُصدِرة للضوء light-emitting diodes  LEDs  . وعلى الرغم من أن مستقبلا كهذا يتبدّى هنا وهناك كالحلم، فإن العديد من الباحثين يرون فرص تسويق واسعة ممكنة الآن في التغليف الكهرساكن والحَجْبshielding  الكهرطيسي وأضواء الدمى وأفران الأمواج المكروية (المجهرية) microwaves وغيرها. قد تكون أمثال هذه التطبيقات عادية إلا أنها مع ذلك تطبيقات واعدة إلى درجة جعلت الجامعات تتعاون مع الشركات في هذا المضمار، وشرع العلماء بالانطلاقات الأولى.

 

 وعلى الرغم من أن الابتكار التقاني يسير بخطوات نشيطة مثيرة للإعجاب، فإن آفاقه التجارية لم تتضح بعد. ولا يحتمل أن تستثمر الشركات مالا في معدات جديدة إذا ما كان أداء هذه الأدوات أجود على نحو هامشي من الأدوات الموجودة حاليا. وهكذا فإن المدخرات (البطاريات) المعتمِدة في صنعها على الپوليمرات ـ على سبيل المثال ـ لها عمر تخزين أطول من المدخرات المألوفة، ومع ذلك فإنها لم تسوَّق إلا بشكل محدود. كما أن أجهزة العرض ذات الشاشات المسطَّحة والديودات المصدرة للضوء (LEDs) تجعل المواد العضوية تجابه منافسة معادية من البلورات السائلة وأشباه الموصلات اللاعضوية المتوافرة حاليا.

 

 ولكن التفاؤل مازال يعم الساحة. لقد غدت الأدوات اللدائنية والكهربائية أجزاء مكملة للعالم الحديث، والباحثون واثقون من حتمية ظهور استخدامات رابحة على أقل تقدير. إن الپوليمرات الموصلة تمثل فكرة جديدة تماما في عالم الأسواق. وبوثوق يتنبأ <H.R.بومان> (من شركة ألايد سيگنال بنيوجيرسي) بأن «الثروات هي في طريقها إلى الجمع والتكديس.»

 

إن الپوليمرات، مكونات المواد اللدائنية والألياف الاصطناعية المألوفة، هي جزيئات عضوية كبيرة بنيت من جزيئات أصغر قدًّا (حجما) مرتبطة معا في سلسلة طويلة. إنها عموما عوازل؛ لعدم احتواء جزيئاتها على إلكترونات حرة تحمل التيار. ولجعل هذه المواد موصلة يستخدم العاملون تقنية مألوفة في صناعة أشباه الموصلات، هي الإشابة (التطعيم) doping (أي إضافة ذرات ذات خاصيات إلكترونية مهمة). فتتخلى الذرات المضافة عن بعض إلكتروناتها الفائضة إلى روابط الپوليمر، أو تنتزع بعض الإلكترونات من الروابط. (وهي بهذه الوسيلة وتلك تسهم في تشكيل شحنات موجبة تدعى ثقوبا) وتغدو السلسلة في كلتا الحالتين غير مستقرة كهربائيا. وما إن يطبق جهد (ڤلطية) عليها حتى تأخذ الإلكترونات بالقفز والتطاير على طول الپوليمر.

 

 لقد وُجِدت ـ منذ العمل الذي قامت به مجموعة پنسلفانيا ـ عدة أنواع من الپوليمرات تنقل الكهرباء بإشابتها. وفضلا عن متعدد الأستيلين، هناك على سبيل المثال لا الحصر متعدد الپيرول ومتعدد الثيوفين ومتعدد الأنيلين، والأخير من أكثر الپوليمرات دراسة. وعلى الرغم من أن الباحثين لا يفهمون الآليات الفيزيائية الدقيقة التي تمكن الپوليمرات من توصيل الكهرباء فإنه يبدو أن نقاء سلسلة الپوليمر وانتظامها هما أمران حاسمان في تلك الآليات. وبإطالة متعدد الأستيلين يصنع العاملون الآن على نحو رتيب المادة التي تنقل 000 50 أمبير لكل ڤلط في السنتيمتر بعد أن كانت تنقل 60 أمبير في التقارير الأولى. كما أن بعض العاملين نجحوا أيضا في جعل متعدد الأستيلين ينقل نحو ربع ما ينقل النحاس

 

 ويقول ماك ديارميد: «إن هذه التطورات في غاية الأهمية لمجال الموصلية بكامله، إنها تمثل الكيفية التي يستطيع بها التحسين المكرس على البنية الكيميائية والجزيئية أن يقود إلى تحسينات هائلة في الخاصيات الفيزيائية والكهربائية.» وفضلا عن ذلك فقد كُيِّفت درجة الموصلية بسهولة ويسر. ويشير<J.A.إبشتاين> (من جامعة أوهايو) إلى أن: «بإمكانك التحكم في جودة الحالة المعدنية بتحكمك في الترتيب البنيوي للپوليمر.»

 

وعلى الرغم من أن پوليمرات أخرى هي أكثر موصلية فإن متعدد الأنيلين قد اصطُفِي للعديد من التطبيقات. وبما أنه أحد أقدم الپوليمرات العضوية الاصطناعية (التركيبية) فإن خاصياته معروفة على نحو جيد. إن المادة التي تشبه اللدين المستعمل في أغشية التصوير  35 مليمتر هي مادة سهلة الصنع. وهي مستقرة في الهواء، وتعدل خاصياتها الإلكترونية وفقا للطلب بسهولة ويسر. والأهم من ذلك أن متعدد الأنيلين زهيد الثمن، إنه أرخص الپوليمرات الموصلة المتوافرة ثمنا. كما يمكن أن يتخذ أشكالا شتى أيضا بما في ذلك الأغشية الرقيقة والسطوح المكيَّفة وفق نماذج معينة.

 

ومع ذلك لن يحل متعدد الأنيلين الذي ينقل حتى 500 أمبير لكل ڤلط في السنتيمتر محل أسلاك النحاس. ويُقر<A.مونكمان> (من جامعة درام في إنكلترا) قائلا: «لن يكون أجود من النحاس وأرخص ثمنا منه،» إن النحاس أكثر موصلية بـ  000 100 مرة، وأقل كلفة من النصف. ولايزال الأداء الكهربائي لمتعدد الأنيلين أكثر من الوافي بالمراد لبعض التطبيقات. ويُصر قائلا: «إن أنواع الأشياء التي سيحل محلها هي تلك المعقدة صنعا، مثل ضفائر الكَبْلات.» إن الضفائر تضفي رخاصة (مرونة ولدونة) إلى الكبل المتمحور coaxial، وتُتيح لفه حول منضدة الركن في غرفة الجلوس مثلا ليبلغ علبة كَبْل التلفزيون. غير أن حبك الكبل النحاسي في ضفائر (حبال) يعتبر مهمة جاهدة وبطيئة. ويعلل مونكمان ذلك بالقول: إن كان بإمكان العاملين بَثْق ضفائر الپوليمر وإكساء الكَبْل بالعازل في خطوة واحدة، فإن سرعة الصنع سترتفع عشر مرات، وستهبط الكلفة هبوطا شديدا. وقد عقدت جامعة درام صفقة «اعمل ـ أو ـ افسخ» لمدة ثلاث سنوات مع شركة كبلات، ويقول مونكمان بأسى: «سيكون هناك مُنتَج أو لن يكون على الإطلاق.»

 

التشبث السكوني المزعج

على الرغم من أن بالإمكان استخدام العضويات الموصلة في أي شيء يعتمد فعلا على الكهرباء، فإن إلكترونيات الحالة الصلبة هي التي تقدم على الأرجح عددا أكبر من الفرص. وتقول<M. أنجلوپولوس> (من مركز <توماس واطسون> للبحوث التابع للشركة IBM): «إن السوق الكبرى هي سوق تبديد الكهرباء الساكنة.» ومن المعروف أن أمثال هذه الشحنات تُلْحِق الدمار والفوضى الشديدة في الأدوات الرقمية، وهي تشير إلى أن تقديرات الضرر الناجم عن الكهرباء الساكنة في المعدات الإلكترونية وحدها تزيد على 15 بليون دولار في الولايات المتحدة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N3_H03_005797.jpg

إكساءات التمويه

يدرس جيش الولايات المتحدة

الإكساءات والنسج الممزوجة

بپوليمرات موصلة من أجل

تضليل الرادار.

 

المستشعرات

البيولوجية

قد تتغير موصلية

البطاقات الپوليمرية

وفقا لزمن التعريض

فوق عتبة من درجة

الحرارة، وقد يقرؤها

الماسح من بُعْد. وتستعمل الآن مستشعرات

النكهات والإنزيمات (الإنظيمات)

ومبيدات

الحشرات من أجل مراقبة الجودة

وتحليل الأمان.

 

المواد المضادة للكهرباء الساكنة

قد تستخدم الپوليمرات التي تبدد

الشحنة الكهرساكنة في تغليف

الأرضيات ووسادات فأر الحاسوب وشيپاته.

 

العضلة الصنعية

لقد صنعت ملاقط بسيطة من

شرائط پوليمرات مختلفة

الموصلية. وهناك اقتراحات

تدعو إلى صنع العضلة من عدة شرائط

تعمل معا.

 

الديودات المصدرة للضوء

بإمكان الديودات المصدرة للضوء التوهج

بجميع الألوان بما في ذلك اللون الأبيض. وستغدو هذه الأضواء في المتناول وشيكا

من أجل ألواح الأجهزة والساعات والدمى.

 

جهاز العرض الرَّخْص

إن الغاية القصوى من تقانة جهاز

العرض العضوي أن تجمع أمثالُ هذه

الشاشات بين رخاصة المواد وموصليتها

ومقدرتها على إصدار الضوء علما بأن

منافسة أجهزة عرض البلورات السائلة

ومقاومة السوق قد تحول دون تحقيقها.

 

النوافذ الذكية

تغير هذه النوافذ

شفافيتها ولونها

على نحو آلي. لذا

تستعمل مادة كهذه في مرايا بعض السيارات الفخمة.

 

اللدائن الموصلة في العمل

بعض الأدوات التي قد تعتمد على المواد

العضوية الموصلة كهربائيا في المستقبل القريب.

 

ترانزستورات الغشاء الرقيق

بإمكان هذه المكونات الرخصة والشفافة

قيادة أجهزة العرض الحالية ذات المنشأ

الفعال أو أجهزة العرض المؤلفة برمتها

من اللدائن. وقد صنعت بالفعل ترانزستورات

للعرض والترويج.

 

الحجب الكهرطيسي

يمكن بدمج الپوليمرات الموصلة

في علب الحواسيب إعاقة التداخلات

الكهرطيسية في نطاق الميگاهرتز.

 

سبيكة اللحام

يمكن لمتعدد الأنيلين الحَلول

في الماء أن يحل محل سبيكة اللحام

السامة، التي أساسها الرصاص والمستعملة

الآن، إن أمكن رفع موصليتها

أربع مراتب.

 

المدخرات (البطاريات)

إن مبيعات مدخرات  قرصية الشكل وقابلة

لإعادة الشحن ضعيفة حتى الآن لذا يتم

البحث عن أشكال أخرى لخزن الطاقة

كالمكثفات.

 

الكبل المتمحور

قد يحل متعدد الأنيلين

محل النحاس في الأجزاء

المضفورة من الكبل. ويتم البحث الآن عن

تقنيات تصنيعية ملائمة.

 

إن التغليف الواقي المعاصر ـ الذي يعتمد على الأملاح الأيونية (الشاردية)ionic، أو الراتنجات المحشوة بمعادن أو بكربون ـ هو تغليف تعتريه بعض العيوب؛ ذلك أن موصليات المواد الأيونية تنحو إلى أن تكون منخفضة وغير مستقرة، كما أن المعدن باهظ الثمن وثقيل، ويواكب الكربون خطر التلوث، إذ يمكن أن تنسلخ منه كسرات أو مقادير ضئيلة خلال الشحن. أما الپوليمرات فهي أسهل تداولا وهي قادرة على تبديد شحنات الكهرباء الساكنة على نحو أكثر فعالية. أضف إلى ذلك أن أغلفة متعدد الأنيلين هي بطبيعتها عالية الشفافية. وتأمل أنجلوپولوس أن تشهد تسويق متعدد الأنيلين «پان أكواس» PanAquasالذي تنتجه الشركة IBM قبل نهاية عام 19955.

 

إن مقدرة الپوليمرات على التبديد تجعلها مثالية أيضا من أجل حجب الكهرطيسية. وتُعتبر وقاية كهذه ضرورية لمنع الإشارات الكهربائية بين المكونات من التشابك والتراكب. وهذا ما يدعو شركات الطيران إلى الطلب إلى راكبي الطائرات إغلاق الأجهزة الإلكترونية المحمولة خلال الإقلاع والهبوط. (ولن يفيد الحجب أولئك المعنيين بالتأثيرات الصحية المحتملة لخطوط الطاقة لأن ترددات المجالات الكهرطيسية هي أخفض بكثير من الترددات التي تتمكن الشاشات من إحباطها.) ويشير إبشتاين إلى أنه يمكن للپوليمرات ـ عند دمجها في العلب اللدائنية للتجهيزات الإلكترونية ـ أن تحفظ هذه العلب من إشارات التشويش. أما المواد المألوفة التي تُصْنَع منها الشاشات فتعتمد على مقادير ضئيلة مشربة من الكربون أو المعدن، إلا أن هذه المقادير يمكن أن تُلْحِقَ الضرر بالخاصيات الميكانيكية للمادة الأساس في أي نقطة ـ من نقاط الانثناء. ومع أن العروض المقترحة ـ التي تعتمد على الپوليمرات ـ لاتزال أعلى كلفة من الحلول الحاضرة، فإن بالإمكان تشويب (غش) الپوليمرات الناقلة ـ لإنقاص كلفتها ـ بمواد أخرى كالنايلون.

 

ويمكن للپوليمرات أن تكون على وفاق مع متطلبات حفظ البيئة. ذلك أن مادة پان أكواس التي أنتجتها الشركة IBM حلولة في الماء (مع أن الپوليمر يعالج عادة بمُحِلاّت عضوية). فإذا تمكنت أنجلوپولوس وزملاؤها من زيادة موصلية متعدد الأنيلين الحَلول في الماء، فإن بإمكان هذه المادة أن تحل محل اللحام المعتمد على الرصاص والمستَعْمَل في وصل الأجزاء الإلكترونية في رُكازة ما. ويقول ماك ديارميد بأن التجهيزات التي عفّا عليها الزمن تعتبر مصدرا لخطر يهدد البيئة ويُلحق الأذى بالاقتصاد مبينا أنه «يجب على الصانع في أنحاء عديدة من أوروبا إزالة المواد المحتوية على الرصاص من ألواح الدارات المطبوعة المنبوذة، وهذا عمل في غاية المشقة.»

 

الترانزستور المؤلف برمته من اللدائن

 سيكون العنصر المصنوع من الپوليمرات الإنجاز الأعظم في التطبيقات الإلكترونية. فقد قام<F.گارنييه> (من مختبر المواد الجزيئية في المركز الوطني للبحوث العلمية CNRS بفرنسا) بابتداع أول عنصر دارة مؤلف برمته من پوليمر وذلك باستعمال التقنيات العادية لطباعة الدارات، وهو عبارة عن ترانزستور. لقد أنشئ هذا الترانزستور حول جزيء قصير السلسلة يعرف بالسكسيتيوفينsexithiophene، فكان ترانزستورا رَخْصًا برمته، إنه ترانزستور الغشاء الرقيق thin-film  والمفعول المجالي. ولم يكن للفتل واللف والثني (حتى على زوايا قائمة) تأثير في الخاصيات الكهربائية لهذه الأداة.

 

وعلى الرغم من أن ترانزستور گارنييه العضوي قد اعتُبر على نطاق واسع إنجازا هندسيا مثيرا للإعجاب، فإنه لن يحظى بالصمود أمام السليكون. وقد تعمل الحواسيب المصنوعة من اللدين بسرعة تقل عن جزء من ألف من سرعة الحواسيب الحالية المصنوعة من السليكون البلوري الذي يتيح للإلكترونات التحرك بصورة أسرع.

 

غير أن هناك تطبيقا لا يحتاج إلى إلكترونات سريعة: شاشات العرض المرئية. ويُستخدم السليكون غير المتبلور (الشكل غير البلوري) حاليا في مجموعة دارات كهربائية كهذه لأنه أقل كلفة بكثير في تصنيعه من البلورات، ويمكن بسطه ومده على ركازات مختلفة كالزجاج. ويعمل ترانزستور گارنييه بسرعةٍ تُقارِب سرعة الدارات المصنوعة من السليكون غير المتبلور. ويعتقد گارنييه بأن معدل سرعة الأداء المطلوبة في الڤيديو يمكن تحقيقه بسهولة.

 

قد يكون الترانزستور شبه الموصل العضوي نعمة نزلت على صانعي شاشات البلورات  السائلة (المائعة) liquid-cristal displays(LCDs) ، فهو الاتجاه الذي يسيطر على البحث ضمن تقانة الشاشة (أجهزة العرض) المسطحة. إن الشاشات الحالية تَلحم بلورات سائلة مصنوعة من أنواع شتى من المواد العضوية بين صفيحتين من الزجاج، ويضيء أنبوب فلوري (متألِّق) fluorescent البلورات من الخلف. ويتم ـ فيما يدعى بالشاشات غير الفعالة passive ـ التحكم في العنصورات pixels (أي الخلايا المحتوية على البلورات السائلة) بتطبيق جهود على طول الصفوف والأعمدة. وفي الشاشات الفعالة التي تقدم مزيدا من التباين، يتم التحكم في كل عنصورة (عنصر صورة، پيكسل) من العنصورات على حدة بترانزستور الغشاء الرقيق.

 

وهنا تكمن الكلفة؛ إذ تحتوي شاشات المصفوفة الفعالة الكاملة الألوان من قياس 20 بوصة على أكثر من مليوني عنصورة. ولسوء الحظ فإن القليل من تلك العنصورات يعجز عن الأداء أو العمل بالطريقة السوية، وهذا يكفي لصرف انتباه العين البشرية الحساسة، فتتخرب الصورة. ويقول گارنييه: «إن النسبة المئوية للشاشات المسطحة المرفوضة نسبة عالية جدا،» ومعدل الفشل هذا يرفع ثمن بيع أجهزة العرض في السوق.

 

وقد يمكن للدارات العضوية أن تخفف من ضغط النفقات على الشركات بأن تكون أسهل صنعا ولا سيما بكميات كبيرة. ويمكن صنع مجموعة الدارات الكهربائية في درجات حرارة أخفض وهي أقل تأثرا بالشوائب التي قد توجد أثناء عملية التصنيع  مما يخفض من تكاليف الإنتاج. وقد تستطيع العضويات فضلا عن ذلك إتاحة إنشاء أنماط جديدة كليا من أجهزة العرض. وعلى الصانعين أن يكونوا قادرين على التوفيق بين خاصيات الپوليمرات والتحكم في رخاصتها وحتى في شفافيتها. وقد تتيح الإلكترونيات الشفافة صنع أجهزة تُظْهِر الصُّورَ مباشرة على الزجاج الأمامي للعربات وعلى الخوذ متفادية بذلك الحاجة إلى صور منعكسة على زجاج الرؤية كما هي الحال الآن.

 

تتكون الديوداتLED الرَخِصة (المرنة واللدنة) من مواد عضوية محصورة بين مسريين. والڤلطية المطبقة على هذه الديودات ترسل شحنات موجبة وسالبة من المسريين إلى الطبقة العضوية حيث ينضم بعضها إلى بعض وتبعث ضوءا.

 

التألقات في الظلام

إن بالإمكان من ناحية أخرى استخدام العضويات الموصلة بمثابة مصادر للضوء في أجهزة العرض وليس بدارات التحكم فيها فحسب. وفي الحقيقة فإن الشاشات خفيفة الوزن العالية الوثوقية كانت أحد أكثر التطبيقات الواعدة التي رُوِّج لها في وسائل الدعاية والإعلان على نطاق واسع. ولكن الباحثين يسعون ـ كخطوة أولى ـ إلى استعمال أكثر تواضعا للديودات المصدرة للضوء، ولكنه مدر للمال. تزين هذه المؤشرات المتوهجة الصغيرة أعدادا لا تحصى من الأدوات الإلكترونية التي بلغت مبيعاتها 400 مليون دولار في الولايات المتحدة وفق أرقام عام  1994 لاتحاد الصناعات الإلكترونية في ڤرجينيا.

 

وتُصنع الديودات المصدرة للضوء (LED) في الوقت الحاضر من مادة لاعضوية شبه موصلة هي غالبا زرنيخيد الگاليوم، ويتم ذلك بأخذ طبقتين تمت إشابة كل منهما لتكتسب مميزات كهربائية مختلفة، وتوصل الطبقتان فيما بينهما لتعملا بمثابة مسريين: موجب وسالب. وعند مرور الكهرباء عبر المواد فإن أحد المسريين يتخلى عن الإلكترونات إلى الآخر فيغدو ذا ثقوب (هي الأمكنة التي تشغلها الإلكترونات عادة) مشحونة إيجابيا. تجتمع الشحنات السالبة والموجبة عند نقطة اتصال المادتين فتتحد مصدرة ضوءا. ويتوقف لون الضوء على خاصيات شبه الموصل والإشابة، علما بأن تلك التي تنتج ضوءا أحمر وأخضر هي الأسهل صنعا.

 

تَعِد الديودات العضوية المصدرة للضوء بجعل صناعة هذه الأضواء أرخص ثمنا بكثير، وذلك بإنقاص عدد نقاط التماس والترابط في المقام الأول. وينبغي قرن الديودات المألوفة المصدِرَة للضوء معا بالتراكب كي تستعمل في واجهات أدوات من أمثال أفران الأمواج المكروية (الصغرية) والساعات المنبهة ومسجلات الڤيديو. هذا ولا يمكن صنع ديود مصدر للضوء على نحو أكبر قدا مما يمكن أن تبلغه الحلقات الرقاقية لبلورة زرنيخيد الگاليوم، علما بأن التقانة الحديثة تحد القد إلى ما لا يزيد على ست بوصات مقيسة على نحو قطري. ولصنع شاشة كبيرة ينبغي عندئذ تركيب الديود المصدر للضوء وتوصيله على نحو فردي، وهذه مهمة صعبة على اعتبار أن حرفا واحدا ذا قَدٍّ معقول في شاشة اعتيادية يحتاج إلى 35 ديودًا مصدرا للضوء. وبالمقابل فإن بالإمكان بسط الأغشية العضوية على امتداد غير محدود عمليا. زد على ذلك أن المواد الأولية في العضويات هي أكثر اقتصادية من تلك التي تحتاج إليها الديودات المصدرة للضوء المألوفة.

 

يشق <W.Ch. تانگ> وزملاؤه (في إستمان كوداك) الطريق جاهدين لإتاحة تسويق الديودات العضوية. (إن المصطلح «جزيء صغير» الذي لا يصف تماما المقاربة التي تبنوها، يميزه من تلك التي تستخدم پوليمرات أكثر طولا بكثير). ففي عام 1987 أعلن تانگ بأن جزيئا عضويا بلوريا صغيرا من -8 هيدروكسي كينولين الألمنيوم (أو باختصار Alq) يصدر ضوءا أخضر وبرتقاليا. وقد وجد العاملون منذ ذاك أن بإمكانهم إظهار جميع ألوان الطيف بتغيير الطبقة العضوية للغشاء الرقيق، وفضلا عن ذلك فإن بإمكان الديودات العضوية المصدرة للضوء أن تتوهج (بشدة…. لومن/واط) بفعالية تعادل فعالية مصباح المنزل، ويمكن أن يدوم توهجها عشرة أمثال ما يدومه توهج المصباح المنزلي، أي ما يزيد على  10000 ساعة.

 

إن الصفائح الپوليمرية المصنوعة من متعدد الأنيلين تظهر بلون قرنفلي لامع (في اليسار) حتى تشاب باليود الذي يجعل المادة موصلة (ناقلة) ويلونها باللون الأزرق (في اليمين). حضّر المادة <W.رنگ> من جامعة پنسلڤانيا.

 

يقول تانگ: «هذه كفاءة جذابة للغاية، إن بإمكانك بمكونات تُعمِّر  000 10 ساعة أن تأخذ بالحسبان على نحو جدي  تطبيقات الشاشات في الأدوات القابلة للحمل على نحو خاص.» إن ديودات الجزيء الصغير المصدرة للضوء غير جاهزة حاليًّا لتحل محل الشاشات المسطحة ذات البلورات السائلة، إذ إن أداءها لايزال متواضعا جدا. وهي تلائم أيضا واجهات العرض النقطية في المفكرات الشخصية الإلكترونية وأفران الأمواج المكروية مثلا، وهذا يكفي الآن. ويتوقع تانگ أن تَظْهَر ديودات الجزيء الصغير المصدرة للضوء فجأة في تطبيقات كهذه في هذا العام.

 

ليست الأجهزة المتطورة بعيدة عن التناول تماما. وقد تصلح مُصدرات الضوء اللدائنية كأضواء إنارة خلفية في أجهزة عرض البلورات السائلة. ففي الشهر 3/1995 أنشأ <J.كيدو> وزملاؤه في العمل (بجامعة ياماگاتا) ديودا پوليمريا جمع بين ثلاث طبقات عضوية مختلفة (يصدر كل منها ضوءا أحمر أو أخضر أو أزرق) لإحداث إشعاع أبيض، غير أن توهج الديود لم يزد على ربع شدة المصباح اللاصف الذي يضيء غرفة عادية، لقد توهج بفعالية تساوي نحو 0.5 لومن/واط إذا ما قورن بفعالية الأضواء الخلفية الاعتيادية التي تساوي 15-20 لومن/واط.

 

قد يكون الحل الوحيد لزيادة السطوع والفعالية اعتماد بنية بديلة. ففي عام 1994 أنشأ <A.دودابلاپور> وزملاؤه (في مختبرات بِل) أدوات متألقة كهربائية وذلك بوضع طبقات من المادة Alq مع مادة خاملة بين سطحين عاكسين. وبهذه الطريقة تمتثل الطبقات إلى فيزياء فابري-پيروت Fabry-Perot،  وهي البنية الأساسية لأغلب ضروب الليزر. ترسل المادة Alq ضوءا يرتد متضخما جيئة وذهابا حتى يتسرب إلى الخارج من نهاية واحدة. (علما بأن هذا التجويف المكروي (الصغري) لم يصل بعد إلى إحداث أشعة ليزر حقيقية).

 

تقوم المادة Alq بإصدار الضوء في جميع الألوان، على الرغم من أن إصداره الأقوى هو في الجزء الأخضر من الطيف. وقد استطاع العاملون ـ بتغيير ثخانة إحدى الطبقات الخاملة ـ ترشيح الأطوال الموجية غير المترابطة وجعل ديود التجويف المكروي المصدِر للضوء ينتج ضوءا في جميع الألوان، حتى الأبيض منها. وبما أن الضوء يبرز من نهاية واحدة فقط من التجويف فإن أغلبه يبلغ الناظر على عكس الضوء الصادر عن البنى الديودية المألوفة الذي يتسرب متشتتا في جميع الاتجاهات.

 

وقد تزيد الفعالية الأعلى على نحو كامن في طول عمر الديود أيضا. ويغدو التيار الذي لم يتحول إلى ضوء حرارةً ضائعةً، وهذا يسرع من توقف الديود عن النشاط. وبما أن ديود التجويف المكروي المصدر للضوء يتطلب تيارا أقل من أجل الكمية نفسها من الضوء فعليه أن يدوم من حيث المبدأ مدة أطول.

 

أضواء الپوليمرات

يحاول باحثون آخرون تطوير ديودات مصدرة للضوء مصنوعة من پوليمرات عوضا عن تلك المصنوعة من جزيئات عضوية صغيرة. إن الپوليمرات الأكثر انتشارا في الاستخدام هي متعدد پارا ـ فنيلين الڤينيلين poly-p-Phenylenevinylene(أو اختصارا PPV) ومشتقاته. وقد اكتشف  <H.R.فرند> (من مختبر كاڤنديش بجامعة كامبردج) مع مساعديه التوهج الأخضر المصفر للپوليمر PPV عام 19900. فقد أنتج الباحثون بجمع تلك المادة مع مسارٍ مصنوعة من پوليمرات أخرى أو من ظُهارات معدن رَخْص (مثل الرقاقة المعدنية التي تحفظ الطعام طازجا) ديودات رخصة مصدرة لضوء شدته 2.5 لومن/واط، وبتغذية الضوء بجهد قدره ڤلط يغدو السطوع كسطوع المصباح اللاصف في شاشات البلورات السائلة. وعبر تغيير المكونات الكيميائية للپوليمر PPV أمكن إخراج المجال الكامل للألوان  من هذه الأدوات.

 

ومع ذلك يعتري الديودات الپوليمرية المصدرة للضوء الكثير من العيوب. ويلاحظ هيگر الذي هو الآن في جامعة كاليفورنيا بسانتا باربرا، قائلا: «إن القضايا التي تمتد مدى العمر هي وضوحا المفتاح في تحويل هذه الطرفة العلمية إلى مشروع تجاري.» إن أغلب الديودات الپوليمرية المصدرة للضوء لا تتوهج إلا خلال بضع مئات من الساعات في حين أن المطلوب أن تتوهج مدة تتراوح ما بين 2000 و000 10 ساعة. إن السبب الرئيسي في ذلك هو اللاكفاءة؛ إذ لا تُحَوِّل الديودات الپوليمرية المصدرة للضوء أكثر من 4% من التيار المرْسَل عبرها إلى ضوء، أما الباقي فيتحول إلى حرارة ضائعة. إن بإمكان الديود التألق على نحو ساطع تماما إذا كانت الڤلطية عالية، إلا أن كلفة الڤلطية العالية الضرورية لإنجاز هذه الشدة هي من الغلو مما يؤدي بالمشروع إلى الهاوية.

 

قد تَمُدُّ الإجرائية المحسَّنة في عمر الپوليمر PPV، ويمكن لتفاعلات غير مرغوب فيها أن تسبب خلال الصنع عيوبا في سلسلة الپوليمر. وتتدخل هذه العيوب في مقدرة الپوليمر PPV على التوهج. كما يعتبر عمر التخزين عائقا أيضا؛ إذ لا تدوم ديودات الپوليمر PPV المصدرة للضوء سوى عدة أشهر في الخزن حاليا لأنها غير ثابتة في الهواء، فهي تتفاعل مع الأكسجين وبخار الماء. إلا أن جودة التغليف قد تساعد على التغلب على هذا العائق.

 

وتبقى الديودات الپوليمرية المصدرة للضوء ـ من حيث سطوعها وفعاليتها ـ صالحة لبعض التطبيقات المحدودة. ويصرح هيگر بأن شركته يونياكس UNIAXفي سانتا باربرا قد تبينت فرص تسويق جدية للديودات المصدرة للضوء، وتتوقع الشركة خروج منتجاتها في منتصف عام 1995. كما تتوقع تقانة كامبردج لأجهزة العرض Cambridge Display Technology ـ التي ساعد فرند على  تأسيسها ـ أن تحصل أيضا على شيء قابل للتسويق خلال عام. ومن المرجح في البداية أن تستخدم الديودات الپوليمرية المصدرة للضوء ـ حالها حال ديودات الجزيء الصغير العضوي المصدرة للضوء ـ في مجالات أداء منخفض المستوى كالأضواء في الدمى والساعات والطرائف المستخدمة للترويج.

 

وحتى إن حُلَّت قضايا العمر فإن الديودات الپوليمرية المصدرة للضوء قد لا ترى في الحقيقة ضوء النهار مطلقا مادامت ديودات الجزيء العضوي المصدرة للضوء والتي تعتمد على المادة Alq تتجاوزها في الأداء. لقد ركزت اليابان فعليا كل اهتماماتها على أضواء الجزيء الصغير، إلا أن ما يُبْقي الأمل حيا في الحشد الپوليمري هو احتمال التوصل إلى تصنيع أرخص كلفة. وقد تكون الديودات الپوليمرية المصدرة للضوء المستخلصة من محاليل الكيميائيات أيسر صنعا من ديودات الجزيء الصغير المصدرة للضوء، التي تُرسَّب تحت الفراغ على الرُّكازات substrates.

 

من يرغب في ورق جدران يتوهج

يتوقف ظهور أي نوع جديد من الديودات المصدرة للضوء على قابليته للتصنيع على نطاق واسع سواء أكان الديود جزيئا صغيرا أم پوليمرا. ويشير فرند إلى ذلك قائلا: «من المؤكد تقريبا إمكان القيام بأي شيء، ولكل شيء ثمن» ولكن السؤال الذي يُطرح هو هل ستغدو هذه الأشياء رخيصة الثمن؟» ولمزيد من الاقتراب من صميم الموضوع فإن التقانة الحالية هي تقانة ملائمة على نحو تام. إن الديودات المصدرة للضوء المألوفة ـ حالها حال أضواء المؤشرات ـ لا تساوي إلا دراهم معدودة. ويلاحظ <J.L.روتربرگ> (من مختبرات بِل) بأن الأضواء اللاصفة المعيارية  ـ حالها حال الأضواء الخلفية ـ هي مصادر ممتازة. ويتناول المنتجات الپوليمرية بالقول: «إن التنافس سيغدو شديدا جدا.»

وقد لا يكون للمقدرة اللونية للعضويات صلة بالموضوع أيضا. فما حاجتك إلى تدرجات ألوان قزح إن كنت لا تريد أن تعرف إلا إن كان مضخم جهازك يعمل أم لا؟ والأهم من ذلك هو هل هناك حقيقةً سوق لأجهزة العرض الكبيرة التي تلف وتطوى؟ مازال هذا السؤال ينتظر جوابا شافيا. ويقول روتربرگ: «إني لست متيقنا من أن الناس يتطلعون إلى حمل رسم بياني لمنظر ما هنا وهناك.»

 

هناك بعض التبرير للنزوع إلى الشك. لقد تم فعلا صنع أول المنتجات التجارية المتضمنة پوليمرات موصلة منذ بضع سنوات. ففي أواخر الثمانينات سوقت الشركتان اليابانيتان بريدجستون وسيكو مدخرة (بطارية) ذات زر كهربائي قابلة لإعادة الشحن؛ تستخدم هذه المدخرة متعدد الأنيلين في أحد مسرييها والليتيوم في المسرى الآخر. وقد طورت شركة ميليكان أند كومپانيMiliken and Company في مصنع النسيج الذي تمتلكه في جنوب كارولينا نسيجا أطلقت عليه اسم كنتكس Contex. وهو يتألف من نسيج تركيبي اعتيادي محبوك مع پوليمر متعدد الپيرول الموصِل. وحدث أن كانت موصلية النسيج الناتج بالغة حد الكمال من أجل الرادار «المخادع (المضلل)» وذلك بالتداخل مع الكشف مما يجعل الإشارات تبدو ذاهبة مباشرة عبر فضاء فارغ. وهو يتميز عن شبكات تمويه الرادار العسكرية الحالية التي تعتمد على ألياف الكربون المندمجة من حيث عدم احتوائه على ثغرات في امتصاصه للإشارات.

 

وعلى الرغم من ذلك فإن مبيعات هذه المنتجات البدائية كانت مخيبة للآمال، حيث إن المدخرة المعتمدة على الپوليمر لها أطول عمر تخزين من الخلايا حمض-أساس أو كادميوم-نيكل إلا أن تقانتها لم تُقلِع مطلقا. يعلل هيگر ذلك بالقول إنه على الرغم من كون الفائدة حقيقية فإنها لم تكن جوهرية بما يكفي لإقناع المستثمرين بإقامة مصانع جديدة على نحو كامل. وربما كان التسويق التجاري للكنتكس أكثر إحباطا. ويلاحظ <H.كون> (من شركة ميليكان) قائلا: «كنا حصلنا على رخصة لبيع قاذفة القنابل 12-A  إلا أن هذه القاذفة لم تُبْنَ مطلقا.» ويتابع القول برصانة «لقد كنت أكثر من متفائل منذ ثلاث أو أربع سنوات خلت.» وهو يأمل بأن ينعش اهتمام الجيش بشبكات التمويه إغراء الطلب على هذه المادة.

 

قد تكون الپوليمرات الموصلة ذات الزبائن الأوفياء غير جديرة باهتمام شركة كبيرة من الناحية المالية. فقبل قيام الشركة IBM بإنتاج طلاء الترذيذ المضاد للكهرباء الساكنة (پان أكواس) طرحت شركة ألايد-سيگنال Allied-Signal  منتجا مماثلا يسمى ڤرساكون Versacon والفارق الرئيسي بين المنتَجَيْن هو أن ڤرساكون مسحوق قابل للتبعثر وليس محلولا، وبالتالي قد لا يكون بمثل فعالية پان أكواس أو شفافيته. في ذلك الوقت أخذت عدة شركات في حسبانها، فرساكون المفيد ودمجته في منتجات أخرى كالدهانات والإكساءات، إلا أن شركة ألايد تخلت عن الإنتاج بسبب انخفاض حجم المبيعات انخفاضا شديدا. ويقول إپشتاين من ولاية أوهايو «تظل الكلفة والوثوقية المشكلتين العظيمتين للتطبيقات الواسعة.»

 

إن هذا لن يُقلق رواد الپوليمرات الموصلة نتيجة لما يمكن تخيله من إمكانات وراء نطاق الإلكترونيات على نحو خاص. إن لدى إپشتاين براءة اختراع تِقْنِيّة تستخدم الپوليمرات لتشكيل «وصلات خفية». فبذرِّ مسحوق متعدد الأنيلين على قطعتي لدين يراد وصلهما يستطيع المسحوق الموصل امتصاص الطاقة من أفران الأمواج المكروية العادية لتسخين قطعتي اللدين وصهرهما معا معطيا وصلة قوية كقوة القطعة الأصلية.

 

كان بومان وماك ديارميد قد صنعا آليات كهرميكانيكية لدائنية، فقد يغير پوليمران مختلفان في الموصلية أبعادهما الخطية عند مرور التيار عبرهما كما هي الحال تقريبا في الشرائط المعدنية في منظمات الحرارة عند تغير درجات الحرارة. ويقول بومان إن الپوليمرات قد تعاني مزيدا من تغيرات مفاجئة في القد باستخدام مقدار من الكهربائية أقل بكثير مما تتطلبه المُشْغِّلات الكهرساكنة أو الكهرضغطية المألوفة. إن بإمكان عدة مشغلات مكروية متقارنة معا العمل كعضلة صنعية وليس كمجرد ملاقط صغيرة عالية التقانة.

 

لا تنقص الباحثين ـ يقينا ـ شطحات الخيال؛ إذ إن هناك استخدامات مباشرة وقابلة للتطبيق على نحو واضح، كتبديد الشحنة الساكنة وحجب الحقول الكهرطيسية. إلا أن التنافس العنيف الذي تفرضه أدوات اليوم واعتبارات التسويق تهدد الآمال المبنية للحصول على جهاز عرض يُلَف ويحمل في الطريق إلى العمل ويبدو أن علينا أن نقنع بالصحف اليومية إلى حين.

 Scientific American, July 1995

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (أي مرنة ولدنة معا.                   (التحرير  flexible (1)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى