أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيولوجيا

فسيولوجيا داء الغُوَّاص


فسيولوجيا داء الغُوَّاص(1)

يعلم الباحثون منذ ما يزيد على مئة عام أن التعرض

لانضغاط عال يمكن أن يؤذي الجسم وقد يسبب الوفاة.

والآن بدأ هؤلاء في تعرّف الآليات الكامنة وراء ذلك.

<R.مون> ـ <R.فان> ـ <P. بينت>

 

هبطت الحوامة من سماء الفجر المظلمة، وبسرعة نقل أحد ركابها محمولا على عربة إلى شعبة معالجة فرط الضغط الجوي hyperbaric في المركز الطبي لجامعة ديوك في دورهام. وكان المريض ـ وهو محام يبلغ من العمر 42 عاما، جاء ليقضي إجازة مع صديقته ـ بحالة وسن وقد ظهر طفح على بطنه. ولدى الاطلاع على قصته المرضية اشتبهنا بوجود فقاعات غازية في دماغه.

 

قبل ذلك بسبع ساعات وفي وقت متأخر من العصر، كان ذلك الرجل بحالة جيدة لدى صعوده إلى سطح الماء بعد غوصه للمرة الثانية في البحر على مسافة من شاطئ كارولينا الشمالية مستخدما في ذلك أجهزة التنفس المائيةscuba. إلا أنه بعد مرور ثلاثة أرباع الساعة على صعوده أصيب بالصداع والدوام (الدوخة) dizziness، وشعر بنخز tingling في بطنه، ورافق ذلك اضطراب في المشي، كما بدأ بصره يضعف وأخذ يشكو من الغثيان. وعندما قاد سيارته عائدا إلى الفندق ضل طريقه وبدا مشوشا، ولم يتمكن لفترة من الوقت تعرف صديقته.

 

بعد إجراء الفحص العصبي وضع المريض برفقة ممرضة مدربة تدريبا خاصا في إحدى الغرف محكمة الإغلاق ذات الضغط الجوي العالي والتي تستعمل عادة لمعالجة مثل هذه الحالة المرضية. ومن ثم رفع الضغط الجوي داخل هذه الغرفة إلى ما يعادل 2.8 مرة الضغط الجوي على سطح الكرة الأرضية، ثم خفض الضغط بعد ذلك وعلى عدة مراحل إلى مستوى الضغط الجوي العادي. وكان المريض خلال هذه المدة كلها يتنفس الأكسجين الصرف. وتعد هذه الطريقة الأساس في معالجة معظم أشكال داء الغواص(1) وهو الاسم الذي يطلق على كل الحالات المرضية التي تنجم عن تشكل الفقاعات الغازية والتي يشكو منها من آن لآخر الغواصون والعاملون في الهواء المضغوط وغيرهم. وقد أجري للمريض في اليوم التالي تصوير الدماغ بالرنين المغنطيسي magnetic resonance فكان متماشيا مع شبهتنا بوجود فقاعات غازية: إذ أظهر التصوير وجود مناطق في الدماغ نقطية الشكل مفرطة الماء توحي بتورم النسج (الأنسجة) التالي لوجود الفقاعات.

 

وقد شكا المريض خلال الأسبوع التالي للحادث مما سماه «بالتوهان الإبصاري» visual disorientation  ومن بعض أعراض إصابة الأذن الداخلية، إلا أن هذه الأعراض تراجعت في نهاية الأمر وشفي المريض تماما كما هي الحال لدى معظم المرضى الذين يصابون باضطرابات خطرة من هذا النوع ويعالجون بوضعهم في غرف عالية الضغط الجوي.

 

إن ما يعطي هذه الحالة أهميتها في اعتقادنا هو كونها تتناسب مع الفرضية التي كنا قد طرحناها حول دور القلب في حدوث «داء الغواص». فالنظريات التقليدية قلما أشارت إلى دور هذا العضو ولكن فحص هذا الغواص بعد شفائه كشف عن وجود حالة مرضية في قلبه تعرف باسم الثقبة البيضوية المفتوحةpatent foramen ovale. وهي قناة تستطيع فقاعات الغاز أن تمر عبرها إلى الدم الشرياني. ومتى وصلت الفقاعات إلى الشرايين صار بإمكانها أن تعوق الجريان الدموي إلى الأعضاء المهمة وبخاصة الجملة العصبية المركزية (أي الدماغ والنخاع الشوكي).

 

تَرِكة طبية فريدة

إن معالجة المستجم آنف الذكر وبخاصة الكشف عن إصابته بشذوذ (تشوه) في القلب تعد في شكل من الأشكال نموذجية لتاريخ (قصة) هذا المرض. فخلال القرنين الأخيرين اللذين بدأ الناس فيهما بتنفس الهواء المضغوط، جمع الباحثون سجلا حافلا عن الكيفية التي يستجيب بها جسم الإنسان للكروب (الضغوط) stress  التي لم يهيأ لمجابهتها، وغالبا ما تم ذلك نتيجة لإصابات مؤسفة تعرض لها عدد من هؤلاء الأشخاص الشجعان. وقد أدت عمليات الغوص إلى الحصول على مجموعة ثمينة وفريدة من المعلومات الطبية تتراوح بين القدرة المخدرة للنتروجين المضغوط وبين سمية الأكسجين المضغوط مرورا بالآثار الناجمة عن ضياع الحرارة والأعراض الغريبة التي يسببها الضغط في الجملة العصبية المركزية.

 

لقد عرف منذ عام 1877 السبب الكامن وراء داء الغواص وهو وجود الفقاعات الغازية في الدم أو النسج، وبدأت منذ ذلك الوقت دراسته بشكل مكثف. وقد كان الفسيولوجي الفرنسي <P.برت> أول من عزا هذا الداء إلى الفقاعات الغازية، وأثبت أن هذه الفقاعات مؤلفة من النتروجين، أما الأكسجين فلا يسبب وجوده مشكلة أثناء تخفيف الضغط بسبب استقلابه من قبل خلايا النسج.

 

وكان من أسباب ظهور هذا الداء اختراع المضخة الهوائية وما تلاه من اختراع القيسون caisson عام 1841، وهو غرفة مكيفة الضغط تستعمل تقليديا أثناء بناء الأنفاق أو وضع أساسات الجسور تحت الأنهار. ويدخل العمال إلى القيسون عبر غلق هوائي(1) airlock ويبدؤون العمل في جو من الهواء المضغوط الذي يمنع تدفق المياه. وعندما يخف الضغط المرتفع ويعود إلى مستوى الضغط الجوي العادي يشكو كثير من العمال من الآلام المفصلية، وقد يشكون أحيانا من أعراض أكثر خطورة مثل التنمل numbness  والشلل وفقد التحكم في البول أو البراز،  والموت في بعض الأحيان.

 

يعرف داء الغواص بين عامة الناس باسم الحنيات bends، وقد أطلق عليه هذا الاسم عام 1870 أثناء بناء جسر سانت لويس. فقد كان العمال المصابون بهذا المرض يمشون أحيانا مع بعض الانحناء في قامتهم، وهي وضعية كانت النساء المتأنقات fashionable  يتكلفنها في ذلك العصر وتعرف باسم الحنية الإغريقية. وقد اشتغل نحو 600 عامل داخل القيسونات في سانت لويس، ومن هؤلاء أصيب 119 بالشكل العصبي من داء الغواص وهو أكثر الأشكال خطورة، كما مات 14 عاملا.

 

وكان من بين هؤلاء المصابين طبيب العمال <A. جامنيت> الذي شكا بعد خروجه من القيسون في إحدى الأمسيات من دوام (دوخة) وأصبح عاجزا عن الكلام وشعر بألم في الأطراف وشلل في ساقيه وإحدى ذراعيه. وقد تراجعت هذه الأعراض بعد أسبوع اكتفى الطبيب خلاله برفع الساقين وشرب الروم rum. ومن المدهش أن كثيرا من الحالات الوخيمة من داء الغواص كانت تشفى بشكل عفوي (تلقائي)، إلا أن بعضا منها لم تكن لتتراجع تاركة المصاب معتلا طيلة حياته. وإلى جانب هذه الحالات الخطرة كان هناك عدد أكبر من الحالات الأقل أعراضا والتي عادة ما تتظاهر بآلام مفصلية.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N3_H01_005778.jpg

يستعمل الغواصون الحبال أثناء عملية تخفيف الضغط كي يحتفظوا بموقعهم على عمق معين. ويؤدي الصعود البطيء مع توقفات مناسبة إلى التقليل من تشكل الفقاعات في النسج (الأنسجة) ومن خطورة حدوث الحنيات (الانحناءات).

 

كذلك وقع عدد من الإصابات بهذا الداء في جسر بروكلين الذي بني في الوقت نفسه لبناء جسر سانت لويس. فقد مات منهم عشرون شخصا وأصيب عدد أكبر باضطرابات عصبية مستديمة، ومن بينهم <W. روبلينغ> كبير المهندسين الذي أصبح مشلولا وكان عليه أن يتابع الإشراف على  بناء الجسر وهو مقعد في السرير.

 

إن أسس المعالجة الحديثة لداء الغواص تم وضعها في القرن التاسع عشر عندما لوحظ أن أعراض الداء كثيرا ما تتحسن عندما يدخل المصابون إلى القيسون من جديد، وينجم ذلك عن تناقص حجم الفقاعات الغازية. وفي الوقت نفسه بين برت أن استنشاق الأكسجين الصرف يساعد على تخفيف علامات هذا المرض عند الحيوانات. وفي الواقع تتضمن المعالجة حاليا إعادة الانضغاط العالي ومن ثم تخفيفه ببطء مع الاستمرار في استنشاق الأكسجين أثناء ذلك. وعلى الرغم من أن إعادة الانضغاط بعد عدة ساعات أو أيام من بدء الأعراض قد تؤدي إلى تحسن الوضع، فإن النتائج الحسنة أكثر حدوثا عندما تبدأ بسرعة إعادة الانضغاط.

 

مَنْ هم المعرّضون للخطر؟

ازداد عدد الفئات التي يتعرض أفرادها للإصابة بداء الغواص والتي تضم حاليا الغواصين والعاملين في القيسونات والطيارين الذين يتعرضون لانخفاض الضغط عندما يطيرون على ارتفاعات عالية، ورواد الفضاء الذين يرتدون بذلات فضائية منخفضة الضغط قبل خروجهم من المركبة الفضائية. وتدل السجلات الصحية في الولايات المتحدة على وقوع نحو 900 حالة من هذا الداء كل عام بين هواة الغوص. وعلى الرغم من أن وقوعات (نسبة وقوع) incidence داء الغواص في الولايات المتحدة غير معروفة، فإن بعضهم يعتقد بوقوع حادثة واحدة لكل 5000 – 000 10 غطسة بين الغواصين الهواة. أما بالنسبة للغواصين المحترفين الذين يتعرضون لضغوط أعلى وتستمر لفترات أطول فيقدر أن معدل الوقوعات يبلغ حادثة واحدة لكل 500-1000 غطسة.

 

ولعل من أكثر الأمور إقلاقا في هذه الحوادث هو أن معظمها لا يمكن أن يعزى إلى تهور الغواصين. ولكي يتجنب الغواصون الإصابة بهذا المرض يلجؤون إلى استعمال حواسيب كتيمة للماء أو جداول خاصة تنبئهم بالعمق الذي يستطيعون الهبوط إليه وبالمدة التي يستطيعون قضاءها في هذا العمق من دون أن يتعرضوا للخطر. وقد تم وضع هذه الجداول في مطلع القرن العشرين استنادا إلى أعمال الفسيولوجي البريطاني<J.هالدين>. وقد أدى استعمال جداول هالدين وخليفاتها إلى نقص حاد في معدل وقوعات الداء وفي عدد الحالات الوخيمة منه. ومع ذلك فإن نصف حالات هذا الداء يصيب الغواصين الذين يدعون بأنهم التزموا أثناء عملية الغوص بالحدود التي بينتها الجداول المشار إليها (أو تلك التي بينتها خوارزمية الحاسوب computer algorithm والتي  تعتمد كلها على حسابات رياضياتية متماثلة).

 

لقد كان التقدم في الكشف عن أسرار داء الغواص بطيئا، ويعود ذلك إلى أن هذا الداء هو في الواقع مجموعة من الأمراض المترابطة بعض الشيء. ويشير المصطلح «داء الغواص» إلى انخفاض مفاجئ وشديد في الضغط المحيط وإلى الصمة embolus الغازية الشريانية.

 

تحدث الصمة الغازية الشريانية عندما تمنع المجاري التنفسية المسدودة الهواء المتمدد في الرئتين من الخروج منهما. ويحصل ذلك نمطيا عندما يحبس الغواص المبتدئ أو المذعور تنفسه أثناء صعوده بسرعة من الأعماق، فيتناقص الضغط المحيط بجسم الغواص في هذه الحالة وعندئذ يتمدد الهواء الموجود في الرئتين لدرجة يستطيع معها تمزيق الرئة والتسرب إلى مجرى الدم. وقد تنجم هذه المتلازمة أيضا عن انسداد بعض القصبات الهوائية بسبب الإصابة بالربو أو بالخمج التنفسي respiratory infection. وتتبع الفقاعات الغازية في هذه الحالات الجريان الدموي الذي ينقلها إلى الدوران الشرياني وكثيرا ما تصل عن هذا الطريق إلى الدماغ. وتؤدي إعاقة الجريان الدموي إلى خلل في وظيفة النسيج الدماغي أو إلى موته فورا. وهذا هو التعليل الأكثر احتمالا لظهور الأعراض العصبية مثل فقد الوعي المفاجئ والاختلاجات والشلل الذي يصيب الشق الأيمن أو الأيسر من الجسم.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N3_H01_005779.jpg

«الحنية الإغريقية» هي وضعية أنيقة تعود للعهد الفيكتوري، ومنها اشتق داء الغواص اسمه المألوف.

 

إلا أن المشاهدات (الملاحظات) السريرية توحي بأن الآليات المسببة لهذا الداء تتجاوز مجرد إعاقة الجريان الدموي. فعلى سبيل المثال، إن بعض المرضى يتحسنون عند إعادة تعريضهم للضغط المرتفع ثم تسوء حالتهم مرة أخرى من دون سبب واضح، وذلك بعد انقضاء فترة زمنية كافية لزوال الفقاعات. وقد بينت الدراسات التي أجراها <F.D. كورمان> ومساعدوه على الحيوانات (في جامعة أدلايد بأستراليا) أن الصمة الغازية تؤدي إلى حدوث نقص بطيء وثابت في الجريان الدموي الدماغي يستمر حتى بعد زوال الفقاعات تماما من الأوعية. وهناك دلائل توحي بأن استمرار الحالة المرضية قد يكون ناجما عن الأذية التي أحدثتها الفقاعات في بطانة الأوعية (الغشاء المبطن للأوعية الدموية) وما يتلو ذلك من تجمع الكريات الدموية البيضاء التي يمكنها أن تعوق الجريان الدموي بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق إطلاق بعض الوسيطات الكيماويةchemical mediators.

 

أما داء الغواص فهو ناجم عن تشكل الفقاعات الغازية ضمن النسج، حيث تدخل الغازات الخاملة التي تسبب هذا المرض (وهي عادة النتروجين أو الهيليوم) إلى الجسم عن طريق الرئتين أثناء عملية الغوص وتذوب في الدم بسبب الضغط  العالي السائد في أعماق المحيط. تحمل الدورة الدموية هذه الغازات الذائبة إلى الشعيرات (الأوعية الشعرية) ومنها تنتشر إلى النسج. ويحدث هذا الانتشار ـ سواء كان إلى داخل النسج في الأعماق، أو خارجها عند الصعود إلى السطح ـ حدوثا سريعا في النخاع (الحبل) الشوكي والدماغ بسبب تقارب الشعيرات بعضها من بعض في هذه النسج وكون هذه الأعضاء جيدة التروية بالدم. وتدعى النسج التي يكون فيها تبادل الغازات الخاملة خاضعا بالدرجة الأولى لسيطرة الجريان الدموي بـ «النسج السريعة». واستنادا إلى هذا المعيار تعد المفاصل من  النسج «البطيئة» فهي أقل إرواء من الدماغ، لذلك كان قبط (امتصاص) الغاز وطرحه منها أقل سرعة. أما تبادل الغازات الخاملة في العضلات الهيكلية skeletal فهو مختلف بعض الشيء. يكون الجريان الدموي بطيئا في عضلات الغواص البارد الجسم خلال فترات الراحة، إلا أن الجريان الدموي فيها قد يتضاعف عشر مرات عند الغواص الدافئ الجسم أثناء فترات التمرين.

 

تحت الضغط

إن تطور تقنيات استعمال الهواء المضغوط دفع الناس إلى الغوص لأعماق تزيد على أربعين مترا، وقد أدى ذلك إلى اكتشاف التأثيرات الخطرة والبغيضة، إلى حد ما، لتنفس النتروجين المضغوط بشدة ألا وهي: التخدرnarcosis وقد أطلق على هذه الحالة الاسم  الشاعري «نشوة الأعماق» والتي كثيرا ما تشبه بالانسمام الكحولي alcohol intoxication.

وقد بدأت بحرية الولايات المتحدة منذ أواخر الثلاثينات استبدال الهيليوم بالنتروجين في الخلائط (المزيجات) التنفسية المستعملة في الغوص العميق، لأن قدرته المخدرة تقل كثيرا عن قدرة النتروجين. وقد كان نجاح هذه الطريقة كبيرا حتى ظن لبعض الوقت أنه لن تكون هناك بعد الآن عوائق أمام الغوص العميق. إلا أنه في عام 1960 اكتشف أحدنا (بينت) عقبة جديدة تظهر على عمق 150 مترا. وقد دعا هذه الحالة بالمتلازمة العصبية للضغط العالي (HPNS).

تصيب أعراض وعلامات هذه الحالة الغريبة الغواصين المعرضين للضغط في الأعماق، وهي تعاكس من بعض النواحي أعراض وعلامات التخدر بالنتروجين. تتميز هذه المتلازمة بالدوام (الدوخة) والقياء والرجفان والتعب والوسن والرمع العضلي myoclonic jerking والمغص المعدي وضعف الأداء العقلي واضطراب النوم المترافق مع الكوابيس والأحلام الواضحة، وتبدلات في فاعلية الدماغ الكهربائية مثل زيادة الموجات البطيئة والنوم السطحي microsleep وفيه يبقى الغواص واعيا مادام انتباهه مشدودا. وكلما زاد الغوص عمقا وزادت سرعة التعرض للضغط ازدادت الأعراض بشدة.

أجرى «بينت» في أواخر الستينات تجارب حول تأثير الغازات الخاملة على أغشية الخلايا مما أوحى له بأسباب هذه المتلازمة وطرق معالجتها. تبدي الغازات الخاملة فسيولوجيا كالنتروجين والأرغون تأثيرا مخدرا عندما تكون عالية الضغط، أما آلية ذلك فهي تماثل آلية تأثير المبنجات anesthetics العامة نفسها. تمدد المبنجات غشاء الخلايا العصبية، ويعتقد «بينت» أن الآليات نفسها تشكل أساس المتلازمة العصبية للضغط العالي. وتوحي التجارب التي أجريت بعد ذلك أن الغازات المخدرة تخفض التوتر السطحي للأغشية الدهنية، في حين تؤدي الغازات غير المخدرة كالهيليوم والنيون إلى زيادة التوتر السطحي لهذه الأغشية، مما يعني أن هذه الغازات تقبض الأغشية.

استنادا إلى ذلك، افترض أن إضافة 5-10 بالمئة من النتروجين إلى مزيج الهيليوم والأكسجين تعطي خليطا لا يؤثر في التوتر السطحي للغشاء الخلوي ولا يؤدي بالتالي إلى ظهور أعراض التخدير ولا المتلازمة العصبية للضغط العالي.

وفي أوائل السبعينات استخدم «بينت» هذا الخليط لأول مرة في المركز الطبي لجامعة «ديوك». وفي الواقع لقد حسن هذا الخليط الجديد الذي يدعى تري ميكس Trimix، الرجفان وغيره من أعراض المتلازمة العصبية للضغط العالي. وفي عام 1981 أجريت تجارب في جامعة «ديوك» باستخدام غرف حديثة عالية الضغط عرض الغواصون أثناءها لضغوط تعادل تلك التي يتعرضون لها على عمق 460 مترا وحتى 686 مترا تحت سطح الماء، وتبين أن الضغوط العالية مازالت تسبب بعض أعراض المتلازمة العصبية للضغط العالي. كما ظهرت مشكلة أخرى وهي الكثافة الزائدة للخليط الغازي في هذه الضغوط العالية مما يجعله عسير التنفس.

وقد بدأ الباحثون في شركة كومكس للغوص، بتجربة خليط جديد استبدل فيه الهدروجين بالنتروجين الذي تعادل كثافته نصف كثافة الهيليوم وله خواص مخدرة ضعيفة. ولدى إجراء تجارب الغوص العميق الذي يتجاوز فيها ضغط الهدروجين 25 ضغطا جويا، تعرض الغواصون أحيانا لعارضات (نوبات) موهنة كأعراض الذهان (النفاس) أو الشعور بأنهم خارج الجسم. وفي عام 1989 استخدم بنجاح خليط يحوي 1% من الأكسجين مع كميات متساوية من الهدروجين والهيليوم في الغوص لمسافة 500 متر في عمق المحيط مع جولات على عمق 520 مترا و 534 مترا. وفي عام 1993 استخدم الخليط ذاته في الغوص التجريبي (داخل غرفة عالية الضغط) لعمق 701 متر وهو الرقم القياسي العالمي.

وقد احتاج الغوص إلى هذه الأعماق إلى سبعة أيام من الضغط وأكثر من ثلاثين يوما لتخفيف الضغط. وكما هي الحال عند رواد الفضاء، فقد الغواصون وزنهم وقدرة جملتهم (جهازهم) القلبية الوعائية على التكيف. وعلى الرغم من التكاليف الباهظة لهذه التجارب فإنها تزيد من فهمنا لجسم الإنسان عندما تتوسع بيئته لتشمل الفضاء الخارجي وأعماق المحيطات.

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N3_H01_005780.jpg

سُجل الرقم القياسي في الغوص عام 1981م، عندما عرض الغواصون لضغط يعادل 686 مترا.

 

التخلص من النتروجين

عندما يصعد الغواص ـ الذي يتنفس الهواء ـ إلى سطح الماء، تكون نسجه محتوية على كمية مهمة من النتروجين [انظر الشكل في الصفحة 10]. وفي نهاية الأمر تتخلص النسج من هذا الغاز الذي التقطته أثناء الغوص، بوساطة الدم الذي ينقله إلى الرئتين حيث يطرح إلى الخارج مع هواء الزفير. وعندما يتجاوز ضغط الغازات المنحلة في النسج الضغط المحيط بالغواص يقال إن النسج فوق مشبعة supersaturated بالغاز. ويمكن أن تتشكل الفقاعات في هذه الحالة تماما كما يحصل عندما تفتح زجاجة محتوية على شراب مشبع بثنائي أكسيد الكربون. وفي الواقع، شاهد الباحثون باستعمال تقنيات الأمواج فوق الصوتية (السونار) فقاعات الغاز في مجرى الدم لدى الغواصين والطيارين الذين تعرضوا لانخفاض مفاجئ في الضغط يعادل 0.3 من الضغط الجوي.

 

ومن المفارقات أن الفقاعات لا تتشكل على ما يبدو ضمن الدم نفسه. فقد أظهرت التجارب التي أجراها لأول مرة <إيراسموس> جد العالم <Ch. داروين>، أن الدم المحصور في أوعيته الطبيعية ـ أي الأوعية الدموية ـ والمعزول عن الدورة الدموية (الدوران) لا يشكل فقاعات حتى لو انحسر عنه الضغط الشديد. وقد تأكدنا من صحة هذه التجربة في مختبرنا إذ إننا لم نتمكن من مشاهدة هذه الفقاعات في دم وريد معزول بعد انحسار الضغط عنه والذي بلغ 122 ضغطا جويا. ويبدو أن تشكل الفقاعات يحتاج إلى شيء آخر إضافة إلى فرط الإشباع بالغاز.

 

النزول إلى الأعماق والعودة من جديد

إن ارتياد الأشخاص المتميزين لأعماق المياه ليس بالأمر الجديد. وقد شهدت السنوات الأخيرة عددا متزايدا من هؤلاء: فهناك منتجة أفلام بريطانية قادت حديثا إحدى البعثات للكشف عن حطام السفينة لوسيتانيا القابعة على عمق مئة متر على مسافة من ساحل إيرلندا، وهناك أيضا المخدر من مدينة إنديانابوليس الذي يمضي إجازاته في الكهوف السوداء غائصا مئات الأمتار عبر الممرات المليئة بالماء في أعماق الأرض، وكذلك هناك محلل النظم systems analyst  الذي  يستنشق الأكسجين والنيون لدى زيارته حطام السفن على عمق 120 مترا مقابل الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N3_H01_005781.jpg

أهلا بالجميع في عالم الغوص التقني حيث صار بالإمكان الوصول إلى حطام السفن الغارقة مهما كان عمقها واستكشاف الكهوف مهما امتدت، وحيث لم يعد هناك من تجهيزات باهظة الثمن أو خلائط (مزيجات) تنفسية غير متوافرة.

يقول ريتشارد کان (مدير الأبحاث التطبيقية في مركز الضغط المفرط التابع للمركز الطبي لجامعة ديوك) إن الاختلاف بين الغوص التقني والغوص التقليدي باستعمال أجهزة التنفس يماثل الاختلاف بين الصعود إلى جبل إفرست وبين التجول في حديقة واسعة. ويضيف کان إن الفارق الحاسم هو أن هناك قمة للجبل، بينما لا توجد حدود حقيقية للعمق الذي يمكن للغواص أن يهبط إليه. فالأعماق التي يصل إليها الغواصون تزداد باستمرار، ويزداد معها خطر التعرض للأذيات المختلفة وأحيانا الموت.

لقد نجح الغوص التقني خلال الأعوام الخمسة الماضية في أن يوطد نفسه كصناعة صغيرة قائمة بذاتها، لها مجلتها الأنيقة ومؤتمراتها التجارية السنوية (أقيم آخرها في مدينة سان فرانسيسكو واجتذب إليه ألفي شخص)، إضافة إلى منظمي الرحلات للمتحمسين له. وقد أدى ذلك إلى زيادة معتدلة في عدد الوفيات والأذيات الخطرة المرتبطة بالغوص، ويعود السبب إلى أن بعض الأشخاص يحاولون الغوص إلى أعماق تتجاوز حدود تدريبهم أو خبرتهم، وإلى أن بعض الغواصين المتمرسين يخفقون في القيام بغوصات معقدة أو غوصات جديدة لم يسبقوا إليها من قبل. وقد كان الغوص إحدى المتع التي يقبل عليها بشكل رئيسي الذكور المغامرون الذين لا يهتمون كثيرا بسلامتهم الشخصية، إلا أن غوص الهواة باستعمال أجهزة التنفس المائية لم يعد أكثر خطورة من التزلج على الجليد. وقد تم إنجاز هذا التحول خلال عدة عقود من التحسين في التجهيزات والتدريب. كما وضعت قيود للغواصين الهواة فيما يخص العمق الذي يهبطون إليه والوقت الذي يقضونه في الأعماق بحيث لا يحتاجون إلى تخفيف مرحلي للضغط أثناء الصعود إلى السطح. وألزموا بتنفس الهواء العادي المضغوط. وتنص هذه القيود على ألا يتجاوز الغواص عمق 39 مترا، وتنصح التعليمات المعلن عنها ألا يقضي الغواص أكثر من عشر دقائق على هذا العمق إلا إذا كان قد استعد لاتباع خطة تخفيف مرحلي للضغط.

لا يعد الغوص إلى عمق 39 مترا أمرا شاقا بالنسبة للغالبية العظمى من الغواصين. إلا أن الغواصين التقنيين يستعملون معدات وطرقا متطورة اقتبسوها من الغواصين المحترفين والعسكريين تسمح لهم بالغوص لمسافات أعمق. ويقول <M.مندونو> (محرر مجلة أكواكوريس النصف الشهرية المكرسة للغوص التقني): «إن الغوص التقني يسمح للغواصين برؤية أماكن لا يمكن الوصول إليها من غير هذه الطريقة مثل الكهوف وحطام السفن الغارقة»، ويضيف <B.دينز> (أحد الغواصين التقنيين المتمرسين الذين أسهموا في توطيد الغوص التقني: صار من الممكن الآن الوصول إلى عمق 250 – 300 قدم (نحو تسعين مترا) مع درجة مقبولة من الخطورة».

إن الغوص التقني أمر مقبول بالنسبة للغواصين ذوي الخبرة العالية والذين يستطيعون إضافة لذلك إنفاق بعض المال. قد يكلف التدريب وحده عدة آلاف من الدولارات. وليس من النادر أن يقفز الغواص التقني إلى الماء وهو يحمل ما يعادل ثمنه تسعة آلاف دولار من المعدات ومنها الحفاضات diapers (قد يستغرق الغوص إلى عمق ثمانين مترا وما يتطلبه ذلك من تخفيف مرحلي للضغط ساعتين ونصف الساعة من الوقت على الأقل).

يحتاج الغواص الذي يقضي نصف ساعة من الوقت في قاع البحر على عمق 77 مترا إلى أربعة صهاريج tanks منفصلة كل منها مزود بالعدة اللازمة للتنفس أو ما يسمى بالمنظمregulator. من هذه صهريجان كبيران يحويان مزيجا

 من الأكسجين والهيليوم والنتروجين (تري مكس) يحملهما الغواص على ظهره، ويكفي محتواهما لتغطية حاجته خلال مرحلة النزول والبقاء نصف ساعة في القاع وما يزيد قليلا على نصف مرحلة الصعود. أما الصهريجان الصغيران اللذان يحتوي أحدهما على نيتروكس 2 Nitrox  (وهو مزيج من الأكسجين بنسبة 36% والنتروجين بنسبة 644%) ويحتوي الثاني على الأكسجين الصرف، فيربطان على جانبي الجسم ويستعملان خلال مرحلة تخفيف الضغط فوق عمق 34 مترا. تبدأ وقفات تخفيف الضغط وعددها اثنتا عشر وقفة على عمق 37 مترا وتتكرر بفاصل ثلاثة أمتار حتى الوصول إلى سطح الماء.

ما المناظر والأحاسيس التي يمكنها أن تبرر هذه المخاطر التي يتعرض لها الغواص والنفقات التي يتحملها؟ إنها تلك التي وصفتها كل روايات الخيال العلمي أو المغامرات التي كتبت خلال القرن المنصرم: الإثارة التي ترافق استعمال التقانة المتقدمة والتقنيات غير الشائعة للوصول إلى مناطق محرمة بعضها جميل ولم يسبق استكشافه. يقول دينز: «إن المناطق الواقعة على عمق يزيد على 130 قدما (39 مترا) مدهشة حقا ولكنه لا يستطيع التوسع في ذلك.

تعود زيادة أخطار الغوص التقني إلى البيئات المغلقة التي يتجه إليها الغواص عادة (وهي حطام السفن والكهوف)، وإلى حقيقة أن أي خلل أو طارئ يحدث أثناء عملية الغوص الذي يتطلب تخفيف الضغط يجب أن يعالج عميقا تحت الماء. إن الصعود إلى سطح الماء من دون تخفيف الضغط بشكل ملائم سيؤدي بشكل مؤكد تقريبا إلى حدوث الشلل أو الموت.

يشكل الغواصون التقنيون ما بين خمسة وعشرة بالألف من مجموع الغواصين الهواة الذين يقدر عددهم بثلاثة ملايين في الولايات المتحدة. ولا يشك أحد في أنهم يتعرضون للأذيات الخطرة أو الوفاة بنسبة أعلى بكثير من الغواصين الهواة، إلا أننا لا نملك التفاصيل حول هذا الموضوع. ففي عام 1993 ـ وهو عام سيئ بشكل خاص ـ قضى 92 شخصا نحبهم في الولايات المتحدة بسبب الغوص، وقد حدث عشر هذه الوفيات أثناء غوصات يمكن اعتبارها تقنية.

ينطوي استكشاف الكهوف على مخاطر كبيرة بسبب احتمال تعرض الغواص فيها للتوهان أو الوقوع في أشراك تمنعه من الخروج منها. وقد ذكرت «شبكة إنذار الغواصين» التي تقوم بالتأمين على الغواصين وإرشاد الأطباء إلى كيفية معالجة أذيات الغوص، أن سبعة من المستكشفين الأمريكيين المدربين تدريبا جيدا ماتوا خلال عام 1993 أثناء استكشافهم الكهوف. وفي عام 1994 مات اثنان من الغواصين أحدهما <Sh.إكسلي> وهو واحد من رواد الغوص التقني المرموقين. وفي الشهر3/1995مات اثنان آخران في أحد الكهوف المكسيكية. إضافة لذلك حدث عدد من الوفيات في السنوات الأخيرة عند حطام الباخرة أندريا دوريا (فقد مات ستون غواصا عند حطام هذه الباخرة ـ أي ما يزيد باثني عشر شخصا على عدد الذين ماتوا فيها لدى غرقها عام 1956).

ويذكر فان (وهو مدير الأبحاث في شبكة إنذار الغواصين) أن أحد الغواصين المغرمين بارتياد الكهوف، والذي كان يشاركه الرأي بأن من أكثر ما يدهش في هذا العالم هو السباحة عبر فتحة ضيقة والدخول منها إلى غرفة ضخمة لم يرها أحد من قبل، وقد مات هذا الغواص بعد وقت قصير في فتحة ضيقة لأحد الكهوف في ولاية فلوريدا.

ومن فضائل جماعة الغوص التقني أنها لا تحاول إلا فيما ندر التقليل من أخطار الغوص. وتنشر مجلة أكواكورپس في كل عدد منها تقارير مفصلة ومؤلمة جدا عن الحوادث التي يتعرض لها الغواصون. ويقول «مندونو» محرر هذه المجلة إن من المهم الاستمرار في إثارة الضجة حول موضوع الأمان.

يقول دينز (صاحب مؤسسة كي وست دايفر) وهي إحدى أقدم المؤسسات التي تقوم بتعليم الغوص التقني، إنه لم يصادف أي حادثة وفاة أو أذيات خطرة خلال السنوات الخمس التي قامت مؤسسته خلالها بتقديم هذا النوع من التدريب. ويضيف أنه بالرغم من ذلك فإنه يواجه الطلاب المتوقعين بما قد يلاقونه من أخطار مميتة، ويطلب إليهم مشاهدة شريط فيديو يصور استخراج جثة أحد الأفراد الحمقى الذي هلك عند غوصه لاستكشاف سفينة أندريا دوريا. وعندما تم تصوير الشريط كان الصمل الموتي rigor mortis قد عم جسم الغواص… «إنه ليس بالمنظر اللطيف، فقد كان ذلك الشخص أعز أصدقائي.»

لا شك في أن التحسن في مجالي المعدات والتدريب سيجعل الغوص التقني أقل خطورة كما حصل في غوص الهواة، ومع ذلك يبدو أن الخطر من بعض الوجوه جزء متمم لهذا النوع من الفعالية. ويقول مندونو «هناك دوما جناح متطرف في هذه الجماعة ينطلق من حقيقة أنهم قد لا يعودون أبدا. إنهم ليسوا الأشخاص الذين يمكن أن أغوص معهم.»

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N3_H01_005782.jpg

          الغواص التقني “بيل دينز” يعرض ما يحمله من معدات عندما يغوص لعمق يزيد على 70 مترا.

 

 

ومن ناحية أخرى بينت الدراسات التي أجريت باستعمال الأشعة السينية وجود جيوب من الغاز في مفاصل الأطراف وفي العمود الفقري وما حوله حتى ولو لم يكن هناك تخفيف للضغط. وتتشكل هذه الفقاعات نتيجة الالتصاقات اللزجة بين سطوح النسج المتحركة. وأحد الأمثلة على ذلك هو «الفرقعة» cracking التي تسمع في المفاصل وتنجم عن تشكل الفقاعات وزوالها. ومن المحتمل أن الغاز المتخلف عن هذه الجيوب يلعب دور النوى nuclei  التي تنشأ عنها الفقاعات التي تسبب داء الغواص. وتتوضع هذه النوى خارج الجملة الوعائية (الأوعية الدموية) لكنها قد تتسع فتمزق الشعيرات الصغيرة مما يؤدي إلى مرور الفقاعات إلى مجرى الدم. ويمكن رؤية حادثة مشابهة في كأس من البيرة حيث تميل الفقاعات للانطلاق من الشقوق الممتلئة بالغازات الواقعة على جوانبه.

 

تنشأ الأعراض المختلفة لداء الغواص عن توضع الفقاعات في أماكن متعددة من الجسم داخل الأوعية وخارجها. وينجم ألم الأطراف مثلا على الأرجح، من ضغط الفقاعات على النهايات العصبية ومن تمطيطها النسج المحيطة بالمفاصل. أما التنمل والشلل فسببهما توضع الفقاعات في النخاع (الحبل) الشوكي مما يؤدي إلى تخريب الخلايا العصبية وتعطيل ترويتها. وينجم السعال وضيق النفس عن وجود عدد كبير من الفقاعات الغازية في أوردة الرئتين وضغطها على الشعيرات الرئوية.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N3_H01_005783.jpg

يزداد ضغط النتروجين في النسج وينخفض بسرعات مختلفة أثناء الغوص وبعده بقليل، ويعتمد ذلك بشكل رئيسي على جريان الدم في النسج. يبين هذا الشكل الضغوط في خمسة نسج ذات «زمن نصفي» مختلف ـ ويقصد بذلك الزمن اللازم كي يبلغ نتروجين النسج نصف الحد الأقصى الذي يمكن الوصول إليه. عندما يتجاوز ضغط الغاز المنحل الضغط المحيط يقال إن النسج فوق مشبعة. إن حالة ما فوق الإشباع ضرورية لتشكل الفقاعات الذي قد يؤدي إلى حدوث داء الغواص. تعطي هذه المنحنيات فكرة تقريبية عن تصرف الغاز في النسج الذي هو في الواقع أكثر تعقيدا وغير مفهوم تماما.

 

إلى جانب هذه التأثيرات المباشرة للفقاعات، يبدو حاليا أن لها تأثيرات ثانوية أيضا. فالفقاعات الغازية بصفتها أجساما غريبة تقوم بتفعيل نظام التخثر مما يزيد من انسداد مجرى الدم. كما أن الدلائل التي قدمها <A.Ch.وورد> (من جامعة تورنتو) تشير إلى أن المتممة complement تلعب دورا مهما في هذا الموضوع. والمتممة هي مجموعة من المركبات الموجودة في الدم تساعد الجسم على الوقاية من الأخماج.

 

اختصار الطريق إلى الشرايين

على الرغم من تداخل الفقاعات في كل أشكال داء الغواص فإن وجودها بحد ذاته لا يعني حصول الاضطراب. وفي الواقع لقد استعملنا مع غيرنا من الباحثين، مثل <R. دنفورد> (من مركز فرجينيا ميسون الطبي في سياتل)، أجهزة الأمواج فوق الصوتية لفحص الغواصين الهواة مباشرة بعد قيامهم بجولات تحت الماء. وتبين لنا أن وجود الفقاعات الغازية أمر شائع جدا في الجملة الوريدية والبطين الأيمن للقلب والشريان الرئوي عند هؤلاء الأشخاص. ويبدو أن هذه الفقاعات الوريدية عديمة الأذى وأنها تصفى في شبكة الشعيرات الرئوية ومن ثم تطرح مع هواء الزفير.

 

إلا أنه عند وجود كمية كبيرة من هذه الفقاعات تتجاوز قدرة الشعيرات الرئوية على التصفية فإن جزءا منها يمر إلى الجملة الشريانية. كما أن بعض الآفات القلبية تسمح للفقاعات بالمرور مباشرة من القسم الأيمن للقلب إلى قسمه الأيسر متجاوزة المرور في الدورة الدموية الرئوية وهذا ما يؤدي إلى النتيجة نفسها. ويمكن للفقاعات التي تدخل الجملة الشريانية بهذه الطريقة أن تصل إلى الدماغ وتعطل القدرة الإبصارية أو النطق أو التفكير أو الشخصية personality  أو  الوعي.

 

إن أكثر الآفات القلبية التي تؤدي إلى هذه النتيجة هي الثقبة البيضوية المفتوحة patent foramen ovale وهي فتحة صغيرة بين الأذينين atria الأيمن والأيسر للقلب تشاهد عند 10-20% من عامة الناس (وقد وجدنا هذه الآفة عند أحد الهواة الذي عالجناه عام 1988). ويمكن كشف الثقبة البيضوية المفتوحة باستعمال تقنية خاصة تدعى تخطيط صدى القلب بالتباين الغازي bubblecontrast echocardiography حيث تشاهد الفقاعات وهي تمر من الأذين الأيمن إلى الأذين الأيسر [انظر الشكل في الصفحة 111]. وهناك حالة أخرى نادرة تدعى الفتحة بين الأذينين يمكن أن يكون لها التأثير نفسه.

 

وقد بدأنا عام 1986 بالبحث عن الثقبة البيضوية المفتوحة عند جميع المرضى الذين يدخلون إلى المستشفى (المشفى) للمعالجة من داء الغواص. فإذا صحت فرضيتنا بأن هذه الآفة القلبية تزيد من خطر الإصابة بداء الغواص، وجب أن تكون أكثر انتشارا بين الغواصين الذين أصيبوا بهذا الداء. وفي الواقع بينت دراساتنا إمكان وجود الثقبة البيضوية المفتوحة عند نحو 50% من الغواصين الذين أصيبوا بالشكل العصبي الخطر من داء الغواص. ويدل ذلك على أن الأشخاص المصابين بهذه الآفة القلبية معرضون أكثر من غيرهم بخمس مرات للإصابة بالأعراض الخطرة الناجمة عن الانخفاض المفاجئ والشديد في الضغط المحيط بهم. وعلى الرغم من أن هذه العلاقة الإحصائية لا تشكل برهانا قاطعا فإنها شجعتنا على متابعة دراستنا لهذه الآلية.

 

أعراض عصبية محيرة

هناك حقل واعد آخر للأبحاث وهو المتعلق بالشكلين الرئيسين لمرضى داء الغواص: الشكل الدماغي والشكل النخاعي (الشوكي)، ولكل من هذين الشكلين نمط متميز من الأعراض. تتجلى أذية النخاع (الحبل) الشوكي عادة بأعراض تتناول بشكل رئيسي النصف السفلي من الجسم: ضعف الساقين وفقد الحس واضطراب التحكم في الأمعاء والمثانة. وفي المقابل يتجلى تأثير الفقاعات الغازية على الدماغ عادة بالفالج hemiplegia (أي شلل أحد شقي الجسم) أو صعوبة الكلام أو اضطراب الوعي أو تبدلات الشخصية أو الاختلاجات، إلا أن هذه الأعراض الدماغية قليلة الشيوع نسبيا. وفي الواقع إن اللغز المهم في الشكل العصبي من داء الغواص هو لماذا تكثر إصابة النخاع الشوكي في هذا المرض مقارنة بإصابات الدماغ.

 

يبدو أن الأعراض الدماغية لداء الغواص تنجم عن الفقاعات التي تدخل الدماغ عن طريق الدم الشرياني. وقد سبق أن ناقشنا المصادر المتعددة الممكنة لهذه الفقاعات. ومن جهة أخرى بينت الدراسات التي أجراها <J. فرانسيس> (من البحرية الملكية البريطانية) و<G. بيزيشكبور> و<D. دوتكا> و<M.J. هالنبيك> و<T.E.  فلين> (من مؤسسة الأبحاث الطبية البحرية في الولايات المتحدة) أن الشكل النخاعي (الشوكي) من داء الغواص ينجم على الأرجح عن الفقاعات التي تتشكل داخل النسيج النخاعي نفسه. وهناك فرضية يبدو أنها تفسر الاختلافات في تواتر الفقاعات ومكان تشكلها، وهي تستند إلى حقيقة أن النخاع الشوكي عرضة لحركة مستمرة يمكنها، كما هي الحال في المفاصل، أن تولد نوى لتشكل الفقاعات بسبب الالتصاقات اللزجة. إضافة لذلك لوحظ أن النخاع الشوكي محاط تماما بغشاء من النسيج الضام القليل المرونة نسبيا. وانطلاقا من هذه الحقيقة قدم كل من <A.B. هيلز> (من جامعة تكساس في هيوستن) و<B.Ph.جيمس> (من جامعة دندي في اسكتلندا) عام 19822، دلائل تجريبية على أن تشكل الفقاعات ضمن النسيج النخاعي يمكنه أن يزيد الضغط ويسبب نقصا ثانويا في الجريان الدموي مما يضاعف الأذية التي أحدثتها الفقاعات.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N3_H01_005784.jpg

في القلب يكون الدم الوريدي (الأزرق) مفصولا عن الدم الشرياني (الأحمر) الذي يضخ إلى النسج، وينجم عن ذلك أن جميع الفقاعات الغازية تقريبا تتوقف (تعلق) في الشعريات الرئوية. ومع ذلك، يحمل نحو 10% من الأشخاص فتحة صغيرة تدعى الثقبة البيضوية المفتوحة تصل بين الأذينين atria الأيمن والأيسر. وتسمح هذه الثقبة للفقاعات بالعبور إلى الجملة الشريانية مما يؤدي إلى حدوث أذيات في الدماغ وفي غيره من الأعضاء.

 

نحو غوص أكثر أمانا

إن التقليل من خطر حدوث الفقاعات في الجملة الوريدية (الأوردة) يبدو وكأنه فكرة جيدة لأن عددا أقل منها سيتمكن عندئذ من الوصول إلى الجملة الشريانية (الشرايين) عن طريق الرئتين أو عن طريق الثقبة البيضوية المفتوحة. وقد يكون الصعود البطيء إلى سطح الماء أو الصعود المتدرج مفيدا لتحقيق هذه الغاية. وقد أظهرت التجارب المجراة على الحيوانات تناقص عدد الفقاعات عندما يتم الصعود إلى السطح بمعدل 9 أمتار في الدقيقة مقارنة بعددها عندما يصعد بمعدل 18 مترا في الدقيقة وهو المعدل الذي يتلقنه الغواصون عادة.

 

وفي الواقع قد يكون من الصعب على الغواص ولا سيما إذا كان قليل الخبرة، أن يصعد إلى السطح بهذه السرعة البطيئة. والطريقة الأخرى للحصول على النتيجة نفسها هي التوقف لعدة دقائق أثناء الصعود على عمق 5-6 أمتار وهو ما يدعى «توقف الأمان» (أي التوقف الذي يتم بعد غطسة قصيرة المدة لا تتطلب توقفات إلزامية لتخفيف الضغط بحسب الجداول المعلن عنها). وحديثا، بينت <D. يوغوجيوني> ـ وهي تعمل الآن في شبكة إنذار الغواصين ـ أن توقف أمان مدته ثلاث دقائق على عمق ستة أمتار ينقص الفقاعات الوريدية بنسبة خمسين بالمئة. إضافة لذلك فإن الصعود البطيء وتوقفات الأمان قد تتيح للنسج العصبية سريعة التبادل، كالدماغ والنخاع الشوكي، الوقت الكافي للتخلص من الغازات الخاملة الزائدة وبذلك تقلل من درجة فرط الإشباع ومن إمكان تشكل الفقاعات.

 

وهناك طريقة أخرى للتقليل من ضغط النتروجين المنحل الذي يحرض تشكل الفقاعات، وهي استنشاق الأكسجين العالي التركيز. عندما يكون ضغط النتروجين في النسج أعلى من ضغطه في الدم فإن الغاز ينتشر إلى الدم ومنه ينتقل إلى الرئتين حيث يتم طرحه. وكلما زاد الفارق في الضغط زادت سرعة التخلص من الغاز. ويساعد استنشاق الأكسجين الصرف على زيادة هذا الفارق في الضغط. كما يفيد الأكسجين أيضا حتى بعد تشكل الفقاعات لأن التخلص منها يعتمد على الفارق بين ضغط النتروجين في الفقاعات وضغطه في النسج المحيطة بها.

 

عرفت تأثيرات الأكسجين هذه منذ قرن تقريبا، وأدت إلى استعماله بطرق مختلفة في عمليات الغوص سواء كان ذلك في الماء أو خارجه. وتتم معظم عمليات غوص الهواة باستعمال الهواء المضغوط، إلا أن بعض التقنيات المتقدمة أو المتخصصة تتطلب استنشاق مزيج من الغازات غير الهواء  العادي الذي يحوي نسبة 21 بالمئة من الأكسجين. مثال ذلك الغواصون الذين يقومون بتوقفات إلزامية لتخفيف الضغط فإنهم يستنشقون أحيانا الأكسجين الصرف كما أن الغواصين العلميين والمحترفين وقسما متزايدا من الغواصين الهواة يستعملون الهواء المخصب نيتروكس Nitrox وهو مزيج يحوي 32 أو 366% من الأكسجين. إن ارتفاع تركيز الأكسجين في هذا المزيج يمكن الغواص من البقاء في عمق معين مدة أطول بعض الشيء من دون أن يحتاج إلى التخفيف المرحلي للضغط، أو أنه يسمح له باتباع خطة الغوص نفسها وينقص من خطر تعرضه للإصابة بداء الغواص. إلا أن هناك حدا للعمق الذي يجوز للغواص الوصول إليه عندما يستعمل هذا المزيج من الغازات، ذلك أن الأكسجين الموجود في هذا المزيج قد يحدث آثارا سامة إذا تجاوز ضغطه في المزيج 1.5- 1.7 ضغط جوي. ففي حالة استعمال المزيج الذي يحوي 32% من الأكسجين مثلا لا يجوز أن يتجاوز العمق الذي يصل إليه الغواص 37 مترا. وفي أشد أشكاله فإن التسمم (الانسمام) بالأكسجين oxygen toxicosis يتجلى باختلاجات معممة  generalized convulsions مما قد يؤدي إلى الغرق.

 

إعداد جداول أكثر أمانا

كيف يمكن الربط بين معلوماتنا عن فسيولوجيا داء الغواص وبين إعداد جداول لتخفيف الضغط المحيط أو خوارزميات حاسوبية تكون أكثر فاعلية وأمانا. إن إدخال الآراء الخاصة بالآليات الفسيولوجية في نماذج رياضياتية يمكن أن يؤدي إلى تقليل أخطار الإصابة بالمرض أثناء التجول في أعماق الماء. وتقوم هذه النماذج الرياضياتية بتقدير ضغط الغازات الخاملة في أنماط مختلفة من النسج المروية بسرعات متباينة. ويفترض أن الفقاعات تتشكل عندما تصبح النسج فائقة الإشباع ويحصل ذلك عادة عندما يصل الإشباع إلى الضعف. وقد كان «هالدين» أول من اخترع هذا النمط من النماذج قبل قرن من الزمن تقريبا.

 

وعلى مر السنين تم تحسين هذه المقاربة (الطريقة) الأساسية مرات متعددة ، إلا أنها مازالت غير مرضية تماما. لكن التطورات الحديثة قد حسنت النموذج أو أنها تبشر بتحسينه. ومع ذلك فإن التقدم الأكثر أهمية كان في انتشار الفكرة القائلة بأن الإصابة بداء الغواص احتمال قائم أكثر من كونه حدا فاصلا بين الأمان والخطر.

 

وقد أطلق هذه الفكرة في أواسط الثمانينات كل من <K.P. ويذربي> و<D.L .هومر> من بحرية الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تستند إلى نماذج تقوم بتقدير احتمال حدوث داء الغواص عند كل غطسة. إلا أن تحقيق ذلك بشكل جيد يتطلب قاعدة واسعة من المعلومات المفصلة عن مئات الغطسات التي أدت إلى حدوث داء الغواص وعن آلاف الغطسات التي لم تؤد إلى ذلك. لكن الحصول على مثل هذه المعلومات أمر صعب ومكلف للغاية. ومن حسن الحظ أن الحاسوب الذي يحمله كثير من الغواصين حاليا قد يساعد في الحصول على هذه المعلومات. ذلك أن هذه الحواسيب تقيس بدقة وتسجل العمق الذي يصل إليه الغواص وتحسب باستمرار التبدلات التي تطرأ على نتروجين النسج وتنقل هذه المعلومات إلى الحواسيب الموجودة على سطح الماء.

 

تعود أهمية النهج الاحتمالي إلى كونه مقاربة أكثر واقعية لمفهوم الأمان. فالغوص كما هي الحال في قيادة السيارات أو التزلج على الجليد، له مخاطره التي يمكن تخفيفها ولكن لا يمكن إلغاؤها كلية. وهكذا يمكن اعتبار عمليات الغوص التي يقدم الغواص على القيام بها ـ وهو مدرك لمخاطر الإصابة بداء الغواص التي قد يتعرض لها ـ عمليات آمنة. وسيأتي يوم تظهر فيه حواسيب الغوص هذه الحقيقة اعتمادا على نماذج احتمالية probabilistic models تمكن الغواص من اختيار الاحتمالات التي يرتاح إليها والتصرف أثناء عملية الغوص على ضوء ذلك.مبدئيا، على هذه النماذج أن تأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الفردية بين غواص وآخر. إلا أن النماذج الحالية، على الرغم من تطورها الكبير لا تصح إلا عند الغواص العادي. وهذا يعني أنه لا يمكن تطبيقها عند الغواص المصاب ببعض الحالات المرضية المحددة، كما هي الحال عند السائح الذي عالجناه عام 1988 وغيره من الغواصين المتحمسين لاستعمال أجهزة التنفس المائية. كما أن الغواصين غير المصابين بمثل هذه الحالات المرضية، قد يتعرضون للإعياء أو الكرب stress أو التقلبات المناعية وغير ذلك من العوامل التي يمكن أن تجعل استعدادهم للإصابة بعوارض داء الغواص مختلفا من يوم لآخر.

 

إن التحدي الذي سنواجهه في العقود المقبلة سيكون تحسين هذه النماذج وتوسيع مجال استخدامها بحيث يشمل معظم الناس وفي معظم الأوقات. وسيستفيد من ذلك بالطبع الغواصون وعمال القيسونات والطيارون ورواد الفضاء. كما سيستفيد من ذلك أيضا كل شخص يهتم بالطرق التي يستجيب بها جسم الإنسان لأشد الكروب البيئية والفسيولوجية التي يتعرض لها في موطنه.

 

المؤلفون

R. E. Moon – R. D. Vann – P. B. Bennett

ينتسب جميعهم إلى جامعة ديوك. مون أستاذ مشارك في قسم التخدير وأمراض الرئة، وقد درس موضوع التبادل الغازي وتوازن السوائل في حالات الغوص العميق، وهو أيضا المدير الطبي لمركز ديوك للضغط المفرط و«لشبكة إنذار الغواصين». وفان أستاذ أبحاث مساعد في علوم التخدير ومدير الأبحاث التطبيقية في «مركز ديوك للضغط المفرط». وتتمركز أبحاثه على موضوع فسيولوجيا تخفيف الضغط المحيط وتحسين تقنيات تخفيف الضغط المحيط عند الغواصين ورواد الفضاء. أما بينت فهو أستاذ علم التخدير في جامعة ديوك والمدير التنفيذي لشبكة إنذار الغواصين وكبير مديري مركز الضغط المفرط. وقد قام بأبحاث رائدة في مجال التأثيرات المخدرة للغازات الخاملة والمتلازمة العصبية للضغط المفرط، وقاد سلسلة أتلانتس لعمليات الغوص التجريبي القياسية  لعمق بلغ 686 مترا.

 

مراجع للاستزادة 

BAROMETRIC PRESSURE. Paul Bert. Translated by Mary A. Hitchcock and Fred A. Hitchcock. Undersea and Hyperbaric Medical Society, Bethesda, 1978.

KEY DOCUMENTS OF THE BIOMEDICAL ASPECTS OF DEEP-SEA DINING: SELECTED FROM THE WORLD’S LITERATURE16081982. Undersea and Hyperbaric Medical Society, Bethesda, 1983.

THE PHYSIOLOGY AND MEDICINE OF DIVING. Fourth edition. Edited by Peter B. Bennett and David H. Elliott. W. B. Saunders, 1993.

DIVING AND SUBAQUATIC MEDICINE. Third edition. Carl Edmonds, Christopher Lowry and John Pennefather. Butterworth-Heinemann, 1994.

Scientific American, August 1995

(1) داء الغواص (داء تقع الدم) decompression sickness

(2) الغلق الهوائي: هو حجرة مزودة في نهايتيها ببابين يمنعان الهواء من الدخول إليها والخروج منها.(التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى