أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
تكنولوجيا

الجيل الخامس للاتصالات بالأمواج الضوئية


الجيل الخامس للاتصالات بالأمواج الضوئية

إن الألياف الضوئية المُشابة بعنصر الإربيوم والمزودة بالطاقة بوساطة شيپات ليزرية بالغة

 الصغر تُحدث ثورة في طريقة تجديد الإشارات من أجل الاتصالات عبر القارات والنقل

 السريع للبيانات عن طريق شبكات الألياف الضوئية.

<E.ديسورڤاير>

 

تَظهر الابتكارات أحيانًا عندما تُطبَّق تقانات موجودة أو أفكار قديمة تطبيقا عمليا بأساليب مبتكرة أو غير تقليدية. فمنذ ما يقارب خمس سنوات تنبأ العديد من الباحثين بأن منظومات الاتصالات التي تستخدِم الأمواج الضوئية تقترب من قمة أدائها، إلا أن فريقا من الباحثين تجاهل هذا الرأي وانصرف إلى إعادة اختبار تقانة عمرها عشرون عاما، هي الألياف الضوئية المصنَّعة من زجاج السيليكا silica وقدر طفيف من عنصر ترابي نادر، حيث تستطيع ألياف كهذه أن تضخم الإشارات الضوئية عندما تُزوَّد بالطاقة بوساطة الأشعة تحت الحمراء.

 

وخلال ثلاث سنوات قمتُ ـ ومعي العديد من الباحثين ـ بتطوير نموذج جديد من المُضخّمِات الضوئية مبني على استخدام الألياف المُشابة بعنصر ترابي نادر هو الإربيوم erbium ومزوّد بالطاقة بوساطة مصدر إشعاع فعال بالغ الصغر يدعى شيپّة الديود الليزري laser diode chip، وعندما جُعِل هذا المضخِّم الليفي جزءا من نظم الاتصالات، ازدادت سعة نقل النظم 100 مرة. ويمكن، من حيث المبدأ، إرسال بلايين البِتّات(1) في جزء من الثانية عبر كَبْل متصل طوله يعادل ربع محيط الكرة الأرضية. وتخطط كل من مختبرات بِل التابعة للشركة AT&Tوالشركة Kokusai Denshim Denwa  KDD  ، لمد مثل هذا الكبل عبر المحيط الهادي في أواسط هذا العقد، وقد تحذو حذوها على الأرجح شركات كثيرة أخرى. وستكون لكل كبل القدرة على نقل 000 500مكالمة هاتفية في آن واحد ـ أكثر من اثني عشر مِثْلا من سعة المنظومات الحالية الممتدة عبر المحيطات.

تُلغي الألياف المشابة بالإربيوم الحاجة إلى أدوات (وسائط، نبائط) معقدة تدعى مُعيدات التضخيم repeaters، التي تُستخدم في المنظومات التقليدية لتجديد الإشارات الموهَنة؛ إذ تستطيع المضخمات الليفية أن تضخم الإشارات بدرجة أكبر مما تستطيعه معيدات التضخيم، وأن ترسل البيانات بمعدلات أسرع.

 

وستؤدي المضخمات المبنية على استخدام الألياف المشابة بالإربيوم دورا رئيسيا ليس فقط في الاتصالات عبر المسافات الطويلة وإنما أيضا في الشبكات المَحليّة local-area networks. فالمضخِّمات الليفية مثالية للشبكات التي تحمل كميات ضخمة من المعلومات إلى آلاف المستخدِمين. وشبكات كهذه يمكنها نقل إشارات التلفزيون العالي الوضوح high-definition والتداول الڤيديوي عن بعدvideo teleconferancing إلى كل منزل أو مؤسسة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N7-8_H05_006089.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N7-8_H05_006090.jpg

سيكون الليف الضوئي المشاب بالإربيوم (المِلَف (الوشيعة) coil المتوهج باللون الأخضر في اليسار) أحد المكونات الرئيسية في الجيل التالي من منظومات الاتصالات بالأمواج الضوئية. ولإيضاح قدرات عمل الليف المشاب بالإربيوم كمضخم، قام المؤلف وزملاؤه، العاملون حينذاك في مختبرات بل بالشركة AT&T، ببناء الجهاز المصوَّر هنا في الضوء (في الأعلى) وفي الظلام (في اليسار). يضخم الليف إشارات الضوء تحت الأحمر عندما يزود بالطاقة بوساطة ضوء ليزري أخضر. وتمتص ذرات الإربيوم في الليف الضوء الأخضر لتنتقل إلى مستوى طاقة عال . وعندما تمر إشارة الضوء تحت الأحمر في الليف، تنقل ذرات الإربيوم طاقاتها إلى الإشارة عن طريق عملية تسمى الإصدار المحرض stimulated emission. ويُستخدم الضوء الأحمر لكي يدل على مسار الإشارة. تنتقل الإشارة من يمين الجهاز وتنتشر عبر الليف المشاب بالإربيوم ثم تظهر في اليسار، حيث يقاس مقدار تضخيم الإشارة.

 

كذلك لا بد من أن تصبح المضخمات الليفية جزءا متمما لنظم الاتصالات المستقبلية؛ حيث يمكن إلحاقها بالمنظومات التي تنقل المعلومات على شكلِ تغيرٍ في طور phase الضوء وتردده بدلا من تضمين (تعديل) modulation الشدة كما هي الحال في جميع المنظومات الحالية. وقد تكون المضخمات الليفية ذات أهمية للمنظومات التي تُنقل فيها المعلومات بوساطة السوليتونات(2). فهذه النبضات الضوئية القصيرة يمكنها نظريا الانتشار بشكل غير محدود عبر ليف ضوئي خال من العيوب. وإذا ظهرت منظومة عملية تعتمد أيا من هذه المفاهيم، فإن أداءها يجب أن يفوق بشكل كبير أداء المنظومات الحالية.

 

ومنذ عام 1975 أخذت تقانة الاتصالات التي تستخدم الأمواج الضوئية، تتقدم بكل المقاييس وبخطى سريعة للغاية. وقد تطورت هذه التقانة نتيجة الجهد الدؤوب لعلماء قاموا بابتكار منظومات تنقل معلومات أكثر بسرعات أعلى عبر مسافات أطول. ويجب أن تُثْبِت المنظومات المبتكرة أيضا أنها عملية وذات تكلفة مجدية. وخلال العشرين سنة المنصرمة، وضع الباحثون خمسة أجيال من منظومات الاتصالات بالأمواج الضوئية في الخدمة يمثل كل منها تقدما رئيسيا لهذه التقانة.

 

عندما ظهرت منظومات الجيل الأول من الاتصالات بالأمواج الضوئية، نحو عام 1975، كان باستطاعتها نقل معلومات أكثر بكثير مما كانت تستطيعه المنظومات التي تنقل إشارات كهربائية عبر الأسلاك النحاسية. وتتألف منظومات الجيل الأول والمنظومات التي تلتها من مكونات أساسية واحدة هي: أدوات تكويد (تورية) encoding وكسر التكويد، مُرْسِل، ألياف من السيليكا، معيدات تضخيم ومُسْتَقْبِل. تقوم أدوات التكويد أولا بتحويل المعلومات إلى إشارة كهربائية. بعدها يقوم المرسل بتحويل هذه الإشارة إلى ضوء. وقد كان المُرسِل، على الأقل في عام 1975، عبارة عن ديود مُصدِر للضوء light emitting diodeيصدر أشعة تحت حمراء بطول موجة قدره 0.87 مكرون. وتستجيب ديودات كهذه لتغيرات الإشارة الكهربائية  عبر إصدار ضوء ذي شدّات متباينة.

 

في جميع أجيال منظومات الأمواج الضوئية، يُنقَل الضوء الصادر عن المُرسِل عبر ليف مصنوع من زجاج السيليكا. يتألف هذا الليف من لُبّ core ينقل الضوء، ومن كساء cladding يوجّه الضوء عبر اللب. وعندما تنتقل الإشارة الضوئية عبر الليف فإنها تتواهن ويزداد عرضها. وتتشتت الإشارة، جزئيا، لأن الإشعاعات ذات الترددات المختلفة تنتشر بسرعات مختلفة عبر اللب. وتتخامد الإشارة إلى حد كبير لأن العيوب أو الشوائب في الزجاج، تمتص الضوء أو تُبَعْثِره.

 

يمكن للمنظومة أن تعوِّض التخامد (الوَهَن) بوساطة معيدات التضخيم. حيث توضع هذه الأدوات بين أطوال من الليف لكشف الإشارة وتضخيمها وإعادة إصدارها. وفي المآل تصل الإشارة إلى المُستقبِل، الذي يعيد تحويل الضوء إلى إشارة كهربائية. وأخيرا تحوِّل أداة كسر التكويد الإشارات الكهربائية إلى شكل يستطيع الهاتف أو الحاسوب تفسيره.

 

يعتمد نجاح أي جيل من أجيال منظومات الاتصالات بالأمواج الضوئية اعتمادا كليا على مقدارين: أحدهما كمية المعلومات التي يمكن إرسالها عبر المنظومة خلال ثانية واحدة، والآخر هو المسافة التي يمكن أن تقطعها الإشارة عبر الليف قبل أن يصير تجديدها ضروريا. لذلك فإن نجاح المنظومة يمكن أن يُعبَّر عنه بدلالة سعة النقل transmission capacity، التي نعرّفها بأنها المعدل الأعلى لنقل البِتّات في النظام مضروبا بمسافة النقل العظمى. وبحلول عام 1978، صار بالإمكان نقل بليون بِتّة (گيگابتّة) كل ثانية عبر نظام اتصالات لمسافة 10 كيلومتر؛ أي إن سعة النقل كانت نحو 10 گيگابتة-كيلومتر في الثانية.

 

وخلال الأعوام الثلاثة التي تلت، ومع ظهور الجيل الثاني، حققت منظومات الاتصالات بالأمواج الضوئية سعة نقل تقارب 100 گيگابتة-كيلومتر في الثانية. فقد حسَّن العلماء التقانة بطريقتين؛ إحداهما عبر تصغير قياس لب الليف حيث صنعوا أليافا وحيدة النمط single-mode، مما يجبر الإشارات الضوئية على الانتقال بسرعة منتظمة تقريبا. وقد أدى هذا التقدم إلى خفض التشتت إلى حد كبير. والأخرى، قاموا بتطوير مرسِلات ومستقبِلات يمكنها التعامل مع ضوء طول موجته 1.3 مكرون. وقد أدى هذا التغيير إلى خفض التخامد لأن زجاج السيليكا هو أكثر شفافية عند طول موجة 1.3 مكرون منه عند 0.87 مكرون.

 

وفي عام 1982 بدأ الجيل الثالث بالظهور عندما طور الباحثون تقنيات تصنيع أدت إلى زيادة نقاء زجاج السيليكا. وهكذا عزز العلماء بشكل كبير شفافية الألياف ضمن مجال للأطوال الموجية من 1.2 إلى 1.6 مكرون. وللاستفادة من هذا التقدم أوصلوا تقانة شيپة الديود الليزري ـ منبع ضوء ليزري أحادي اللون monochromatic وذو سرعة كبيرة ـ إلى درجة مثالية. وبشكل خاص فإن الديودات الليزرية تستطيع توليد ضوء طول موجته 1.55 مكرون وهو طول الموجة الضوئية التي يكون عندها زجاج السيليكا أكثر شفافية. وقد رفعت هذه التحسينات سعة النقل إلى مئات من الگيگابتة-كيلومتر في الثانية.

 

ومع حلول عام 1984 اعتقد العديد من الباحثين أن التصميم الأساسي لمنظومات الاتصالات بالأمواج الضوئية قد اكتمل. ولكنهم فوجئوا بظهور الجيليْن الرابع والخامس من المنظومات نتيجة جهد مشترك لمجموعة من العلماء كانت تعمل في مشروعات مستقبلية وعلى ابتكار أدوات غير مألوفة.

 

يتكون الجيل الرابع من منظومات مبتكرة تقوم بتضمين تردد الضوء أو طوره بدلا من شدته. ولأن هذه المنظومات تحافظ على طور الضوء وشدته، فإنها توصف بالمنظومات المترابطة، على غرار الأمواج الضوئية التي تنتقل معا محافظة على طور وتردد ثابتين تدعى بالأمواج المترابطة. وتُعْرَف المنظومات المعتمدة على تعديل الشدة بمنظومات الكشف المباشر، لأن المِكْشافات detectorsالمستخدمة فيها يمكن أن تُحوِّل التغير في الشدة مباشرة إلى تراوح (تماوج)fluctuation  في التيار الكهربائي.

 

وفي المختبر، فاق أداء المنظومات المترابطة أداء منظومات الكشف المباشر. فالمُستقبلات المترابطة يمكنها أن تكشف بدقة إشارات ضوئية شدتها أقل بكثير من الحد الأدنى الذي تستطيع منظومات الكشف المباشر تمييزه. لذلك تستطيع الإشارات الانتقال عبر منظومة مترابطة لمسافة أكبر من المسافة التي تنتقلها في منظومة مشابهة ذات كشف مباشر.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N7-8_H05_006091.jpg

ازدادت سعة النقل للألياف الضوئية بمعدل عشرة أمثال كل أربع سنوات منذ عام 1975. ويُظْهِر الشكل الأجيال الخمسة لهذه التقانة. تمثل الدائرة المفرغة (الأرجواني) نتائج تجربة قامت بمحاكاة عمليات نقل عبر مسافات طويلة باستخدام حلقة loop من مضخمات ليفية وألياف ضوئية.

 

وبحلول عام 1987 كان ارتفاع سعة النقل في المنظومات المترابطة يعادل تقريبا ارتفاع سعة النقل في منظومات الكشف المباشر. ولكن إمكانية تحسين أداء أي من النوعين لم تكن واضحة بعد. وقد فضّل بعض الباحثين المنظومات المترابطة لكونها ذات إمكانات أكبر. ولكنهم واجهوا عقبات تقنية جدية. فقد احتاجوا إلى إنتاج منابع ضوئية عالية الاستقرار في الطور والتردد. كما كان عليهم تطوير أدوات بإمكانها تضمين طور الضوء وتردده وكشفهما بسهولة تعادل سهولة قدرة  العناصر التقليدية على تغيير شدة الأشعة ومراقبتها. في الواقع، استطاع الباحثون إيجاد أدوات يمكنها إنجاز هذه المهام، ولكن في الوقت الذي كانت فيه الوسائل المستخدمة أعلى تكلفة وأكثر تعقيدا مما تسمح به الاعتبارات العملية.

 

وقد كافح العاملون في هذا الحقل أيضا لتحسين منظومات الكشف المباشر. لقد عرفوا أنهم إذا استطاعوا ابتكار مضخِّمات فعالة، فسيكون بإمكانهم تعويض الحساسية المحدودة لمنظومات الكشف المباشر. حيث ستقوم المضخمات بتقوية الإشارات لتمكّنها من الانتقال لمسافات إرسال متزايدة.

 

وقد حاول العديد من الباحثين بناء مضخم ضوئي على شيپة واحدة. ونجحوا في ذلك ولكنهم واجهوا صعوبة في جعل هذه الأدوات تعمل على طاولات المختبر. لقد كان من الصعب التصور بأن شيپات المضخمات الضوئية ستُنتَج على نطاق واسع خلال عدة أعوام.

 

في نهاية الثمانينات بدا محتملا أن منظومة الكشف المباشر والمنظومة المترابطة ستستفيدان من المضخمات الضوئية. ولكن لم يكن واضحا بعد أي نوع من المضخمات سيثبت فائدته. لذا وجه بعض الباحثين اهتمامهم نحو أدوات غير مألوفة.

 

وكان الإنجاز الحاسم هو تطوير المضخم الليفي المُشاب بعنصر الإربيوم. إن المكوّنات الرئيسية لهذا المضخم هي ديودات ليزرية وألياف طولية مشابة بالإربيوم. وتزود الديودات الليزرية المُضخِم بالطاقة بوساطة أشعة تحت حمراء طول موجتها 1.48 أو 0.98 مكرون. وتمتص ذرات الإربيوم الضوء مما يؤدي إلى إثارتها «ضخها» إلى مستوى طاقة أعلى. وعندما تدخل الإشارة المتواهنة في الليف المُشاب بالإربيوم تنقل ذرات الإربيوم «المُثارة» طاقاتها إلى الإشارة بوساطة عملية سماها آينشتاين الإصدار المُحرَّض (المُستثار) stimulated emission. وبهذه الطريقة تُجدد الإشارةُ بوساطة الليف المشاب بالإربيوم .

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N7-8_H05_006092.jpg

يتطلب المضخم الليفي مصدرا لحقن الإشعاع وليفا ضوئيا وحيد النمط تمت إشابة لُبِّه بالإربيوم. ويضخم الليف الإشارات عندما تمتص ذرات الإربيوم إشعاع الحقن وتنقل طاقاتها إلى الإشارات. لهذا السبب تتناقص شدة إشعاع الحقن مع ازدياد طول الليف. وعندما تنتقل الإشارة عبر الليف تزداد شدتها إلى أن تنخفض شدة إشعاع الحقن تحت عتبة معينة.

 

لا يمكن اعتبار الألياف المشابة بالإربيوم معيدات تضخيم على الرغم من كونها تعمل كمجدّدات للإشارة. فالمُعيدات تحوِّل الضوء إلى تيار كهربائي، وتضخم هذا التيار ثم تعيد تحويله إلى ضوء. ولا يعترض الليف الضوئي المشاب بالإربيوم مسارَ الإشارة الضوئية خلال انتقالها من المرسِل إلى المستقبِل.

 

لقد بشَّر ظهور الليف المشاب بالإربيوم بقدوم الجيل الخامس من منظومات الاتصالات بالأمواج الضوئية. وقفزت سعة النقل من مئات إلى عشرات آلاف الگيگابتة-كيلومتر في الثانية.

 

تعود فكرة إشابة الألياف الزجاجية بالإربيوم وعناصر ترابية نادرة أخرى إلى أوائل الستينات عندما قام  <J .Ch. كوستر> و <E. سنيتزر> (من شركة الضوئيات الأمريكية) باختبار الألياف المُشابة بالعنصر الترابي النادر نيوديميوم neodymium. لقد اكتشفا أن هذه الألياف يمكن استخدامها كوسيط ليزري وباستطاعتها تضخيم الضوء. ولقياس التضخيم، قاما بلف متر واحد من الليف حول مصباح وَمْضي flash lamp. فوجدا أن بالإمكان تضخيم أشعة تحت حمراء طول موجتها 1.06 مكرون بمقدار 000 50 مرة، أي بكسب (ربح) يعادل 47 ديسيبل. (يعبر عادة عن مقدار التضخيم بوحدات الديسيبل (DD):

    D= 10 Log Po/Pi حيث Pi قدرة إشارة المُدْخَل (الدخل) input وPo قدرة إشارة المُخْرَج (الخرج) output . وبعد عقد من الزمن كان < J. ستون> و <A .Ch .بيوروس، جونير> (من مختبرات بِل) أول من أوضح أن الألياف المشابة بالنيوديميوم يمكن أن تُزوَّد بالطاقة بوساطة الديودات الليزرية بشكل أفضل من أن تُزوَّد بوساطة المصابيح الومضية البطيئة أو الليزرات المبرَّدة بالماء.

 

ولكن خلال السبعينات هُجر هذا المسار البحثي الواعد. فمضخمات الليف المشاب بالنيوديميوم لم تلبِّ احتياجات تلك الفترة. فقد كانت هذه المضخمات تعمل ضمن مجال الموجة 1.06 مكرون، في حين كان الباحثون مهتمين بتطبيقات تعمل ضمن مجال أطوال موجة قريبة من 1.3 أو 1.55 مكرون، وهي الأطوال الموجية التي يكون عندها زجاج السيليكا في أوج شفافيته. فهل يمكن إشابة الألياف بعناصر أخرى لصنع أداة يمكنها العمل ضمن مجال طول الموجة المناسب؟

 

قد بقي هذا الموضوع من دون دراسة حتى عام 85- 1986عندما قام < D. پين> ومعاونوه (من جامعة ساوثامبتون) بتنشيط الاهتمام بالألياف المشابة بعناصر ترابية نادرة. فقد بينوا بصورة خاصة، أن ليفا مشابا بالإربيوم يمكن أن يُنتج نوعا جديدا من المضخمات الضوئية يعمل عند طول الموجة 1.55 مكرون. وبعد عام حققوا كسبا مقداره 25 ديسيبل عند طول الموجة هذا، وذلك لدى حقن ليف مشاب بالإربيوم بـ 60 ملّي واط من ضوء أحمر طول موجته 0.65 مكرون.

 

ربما اعتبر معظم العلماء الذين اطلعوا على هذا العمل المنجز في ساوثامبتون أنه مهم من الناحية الفيزيائية وليس من الناحية العملية. وقد كان موقفهم الانتقادي مبررا، لأنه من الصعب توليد ضوء أحمر عالي الشدة عند طول الموجة 0.65 مكرون؛ إذ يتعين على المرء استخدام ليزر كبير وثقيل. ولكن هذه الانتقادات تجاهلت حقيقة أن الإربيوم يمكن أن يُحقن عند أطوال موجية أخرى. وبشكل خاص، يمكن تزويد الإربيوم بالطاقة بوساطة الأشعة تحت الحمراء التي يمكن إنتاجها باستخدام أداة عملية جدا هي شيپة الديود الليزري.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N7-8_H05_006093.jpg

ستعتمد منظومات الاتصالات عبر المسافات الطويلة على المضخمات الليفية المشابة بالإربيوم في المستقبل القريب. وفي منظومات كهذه تولد عدة مُرسلات ضوئية الإشارات، التي تُرْزَم وتوجه إلى داخل ليف واحد. توضع المضخمات الليفية بين طيقان عادية من الليف الضوئي وتقوي الإشارات دوريا. وعندما تظهر الإشارة من صفيف array الألياف تركّز على شُبَيْكة موشورية ضوئية حيث يتم شطرها. ثم تُوجَّه الإشارات المشطورة نحو عدة مستقبلات. في الصورة الداخلية (التجسيمية)، التي توضّح تفاصيل المضخم الضوئي، يقيس ديود ضوئي شدة الإشارة الخارجة ويؤمن تغذية راجعة (مرتدة) من أجل إبقاء مقدار التضخيم عند مستوى ثابت.

 

لقد كنت مهتما للغاية بعمل فريق ساوثامبتون لأنني أمضيت بضعة أعوام في اختبار المضخمات الليفية التي تقوي الإشارات بطريقة معروفة هي تبعثر رامان(3) Raman scattering. وعندما انضممت إلى الشركة AT&T عام 19866، أردت البحث في إمكانية صقل تقانة المضخمات الليفية لتحسين شبكات الأمواج الضوئية. وقبل انضمامي بقليل نال <B .J. ماك تشيسني> و<J  .سيمپسون>، اللذان كانا يعملان في المختبر، براءة اختراع لطريقة تصنيع ألياف ضوئية من عناصر عديدة من ضمنها عناصر ترابية نادرة. وتعاونت معهم ومع <Ph.بيكر> (من مختبرات بِلْ) لدراسة الألياف المشابة بالإربيوم.

 

لقد استعملنا منبع ليزر يعتمد أيونات (شوارد) الأرغون لحقن ليف مشاب بالإربيوم بضوء أخضر طول موجته 0.51 مكرون. وفي أواسط عام 1987 حصلنا على كسب مشجع مقداره 22 ديسيبل باستخدام 100 ملّي واط من الضوء الأخضر. لكن هذه النتائج لم تثر حماس مهندسي شبكات الاتصال، الذين اعتبروا على نحو مبرر أن هذه الأداة غير عملية.

 

فضلا عن ذلك اتخذتُ مع زميلي <R. جايلز> قرارا غير متشددّ إلى حد ما. فالخطوة المنطقية التالية وجب أن تكون إما التخلي عن الموضوع أو متابعة العمل قُدُما لبناء مضخم ليفي أفضل من الناحية العملية. ولكن بدلا من هذا أردنا أن نرى مقدار جودة إرسال البيانات باستعمال هذا المضخم. فقد انتقلنا إلى قياس معدّل الخطأ في تدفق البيانات عبر هذا المضخم الليفي الغريب ذي اللون الأخضر المتوهج. وبعد تمضية بضع ساعات من الكفاح ضد نتائج غير منطقية، حصلنا على معدّل خطأ يعادل جزءا من البليون عند تدفق معلومات بمعدل 2 گيگابتة في الثانية. وتُعتبر هذه النسبة المعيار الصناعي للاتصالات الخالية من الأخطاء error-free.

 

والأكثر أهمية من هذا، هو أن الكسب المُلاحظ لم يعتمد على استقطاب الإشارة، في حين أن المضخِّمات شبه الموصلة (الناقلة) التي تم تطويرها حساسة للاستقطاب. وكانت هذه النتيجة المؤشر الأول إلى أن الألياف المشابة بالإربيوم ربما تكون لها ميزة تفوّق حقيقية على المضخمات الأخرى.

 

وقد شجعتنا هذه الاكتشافات على إجراء تجربة لتحديد ما إذا كانت الألياف المشابة بالإربيوم قادرة على تجديد عدة إشارات في آن واحد. وقد وجدنا أنها تستطيع ذلك. ولم تتداخل الإشارات الواحدة مع الأخرى، أو بشكل أدق كان التداخل (التشويش) cross-talk بين الإشارات مهملا. وبذلك حددنا ميزةَ تفوقٍ ثانية للمضخمات الليفية المشابة بالإربيوم.

 

وفي أواخر الثمانينات بدأتُ العمل مع زملائي من أجل تصميم مضخم ليفي عملي مشاب بالإربيوم. كنا نحتاج، في المقام الأول، إلى إثبات أن الديودات الليزرية المُدْمَجة compact يمكن أن تحل محل المنابع الليزرية الضخمة كوسيلة فعالة لتزويد المضخم الليفي المشاب بالإربيوم بالطاقة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N7-8_H05_006094.jpg

تعتبر شبكة الإرسال للتلفزيون العالي الوضوح وغيرها من أجهزة الاتصالات واحدة من المنظومات التي يمكن أن تستفيد من المضخمات الليفية المشابة بالإربيوم. وحسب التقديرات الحديثة فإن هذه المنظومة تستطيع إرسال الإشارات لمسافة تبلغ 25 كيلومتر، وأن تصل إلى ما يقارب 10 ملايين مستخدم. وبعد أن يتم استقبال الإشارات أو توليدها، تنتقل إلى سلسلة من المُرسلات والمنابع الليزرية التي تحول الإشارات إلى ضوء. ثم ترزم الإشارات في إشارة واحدة وتوجّه إلى داخل عدة ألياف عادية. تقوي المضخمات الإشارة بعد شطرها عدة مرات وتخامدها أثناء انتقالها عبر قطع من الليف العادي. وفي النهاية تصل الإشارة إلى المستخدم الذي يستطيع أن يختار الجزء المناسب للقناة التي يرغب في مشاهدة برامجها.

 

ولكن جهودنا تعقدت لأنه على الرغم من أن عدة أطوال موجية مختلفة من الضوء يمكن أن تُسْتخدم لتزويد الإربيوم بالطاقة، فإن بعضها فقط يصلح للقيام بذلك بشكل فعّال. على سبيل المثال، عندما تحقن ذرة إربيوم بضوء طول موجته 0.67 أو 0.80 مكرون فإنها تمتص فوتونا، وتصل إلى المستوى الطاقي المطلوب، ولكنها قد تقفز بعد ذلك إلى مستوى ثان بامتصاصها فوتونا ثانيا. في المضخم الليفي، سيقفز جزء من ذرات الإربيوم إلى المستوى الثاني، مما يمنعها من نقل طاقتها إلى الإشارة الضوئية؛ ونتيجة لذلك ينخفض مردود المضخم.

 

لحسن الحظ، ووفقا لعمل الطبيعة البارع، فإن إشعاعا طول موجته 0.98 أو 1.48 مكرون يستطيع تزويد الإربيوم بالطاقة من دون المعاناة من هذا المفعول (الأثر) غير المرغوب فيه. ويمكن توليد هذه الأطوال الموجية بوساطة الديودات الليزرية شبه الموصّلة المصنعة من مركبات الإنديوم والگاليوم والزرنيخ والفوسفور. ولحسن الحظ أيضا، يمكن تصميم ليف من السيليكا بحيث يستطيع ضوء يبلغ طول موجته 0.98 أو 1.48 أو 1.55 مكرون أن ينتقل عبره في نمط وحيد. وهذا النوع من الانتقال مرغوب فيه لأنه يُمكِّن الليف من نقل ضوء عالي الشدة، يستطيع تزويد ذرات الإربيوم بالطاقة بمردود كبير.

 

ومن أجل أن نحدد ما إذا كانت الديودات الليزرية عملية أو لا، قام فريقي وفرق عمل أخرى في البداية باستخدام الليزرات التقليدية لاختبار جودة أداء الألياف المشابة بالإربيوم عندما تزود بالطاقة بوساطة إشعاع طول موجته 0.98 أو 1.48 مكرون. لقد أجرى الباحثون في ساوثامبتون العديد من التجارب الأولى عند طول الموجة 0.98 مكرون، الذي عرَّفوه بالطول الأكثر فعالية لعملية الحقن. وفي هذه الأثناء ركزت مع زملائي في العمل على طول الموجة 1.48 مكرون، وهو طول الموجة الذي كانت عنده تقانة الديود الليزري أكثر نضجا. كما انضمَّت إلى البحث مؤسسات أخرى من ضمنها مختبرات البحث التابعة لشركة البرق والهاتف اليابانية (NTT) قرب طوكيو. وحتى ذلك الحين، فإن أفضل النتائج التي تم الإعلان عنها، جاءت من الشركة AT&T من أجل طول موجة 1.488 مكرون، ومن الشركة NTT من أجل طول موجة 0.98 مكرون، هي أن المضخم الليفي المشاب بالإربيوم يحقق كسبا يراوح بين 30 و 40 ديسيبل عند تزويده بطاقة قدرها  10 ملَّي واط فقط. وتعتبر مستويات طاقة كهذه داخلة ضمن مجال استطاعة الديودات الليزرية، التي يمكنها حاليًا توليد أكثر من 200 ملّي واط من الضوء عند طولي موجة 0.98 و 1.48 مكرون.

 

لعل الحدث الأكثر أهمية هو أن الشركة NTT كانت أول من أثبت عمليا، في عام 1989، أنه يمكن ـ بفعالية ـ حقن مضخم بوساطة ديود ليزري. ونجحت الشركة نفسها باختبار منظومة نموذجية من المضخمات الليفية المشابة بالإربيوم ومن وصلات ليفية عادية. وقد نقلت هذه المنظومة (في ذلك الوقت) نحو 2 گيگابتة في الثانية عبر مسافة بلغت 212 كيلومتر.

 

ما إن برهنت الشركة NTT على إمكانية زيادة سعة النقل بشكل كبير، حتى بدأت مجموعات البحث تتسابق بضراوة لتسجيل أرقام قياسية عالمية كما تفعل الفرق الأولمبية. ففي منتصف عام 1989 أعلنت الشركة NTT ومختبرات بِلْ لبحوث الاتصالات عن معدلات نقل تساوي تقريبا 10 گيگابتة في الثانية عبر مسافة  150 كيلومتر، رافعة بذلك الحد الأعظمي لسعة النقل إلى 1500 گيگابتة-كيلومتر في الثانية. كذلك، وقبل نهاية عام 1989 بقليل، أعلن العاملون في الشركة KDD  أنباء كانت أكثر إثارة. فقد استطاعوا، باستخدام سلسلة مؤلفة من 122 مضخما ليفيا، نقل بيانات بمعدل 1.2 گيگابتة في الثانية عبر مسافة لا تصدق بلغت 904 كيلومتر.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N7-8_H05_006095.jpg

انتقلت الإشارات (في الأعلى) مسافة 9000 كيلومتر عبر حلقة من ليف عادي ومضخمات ليفية مشابة بالإربيوم، وتظهر عمليا (في الأسفل) غير مشوهة وخالية من الضجيج. تبين هذه النتائج، التي حصل عليها <S .N. بيرگانو> وزملاؤه في العمل في مختبرات بِل، القدرة الكبيرة للمضخمات الليفية.

 

بعد ذلك، في مطلع عام 1990، استعاد العاملون في الشركة NTT زمام المبادرة على نحو لافت للنظر. فقد كانوا أول من أنشأ منظومة مترابطة احتوت على مضخمات ليفية. واستطاعت تلك المنظومة نقل بيانات بمعدل 2.5 گيگابتة في الثانية عبر مسافة 2223 كيلومتر. وهكذا دخلت الصناعة عصر المنظومات التي تنقل المعلومات عبر مسافة 1000 كيلومتر. لكن حتى هذه النتائج لا تكشف عن القدرة الكاملة للمضخمات الليفية المشابة بالإربيوم. فقد حقق <S .N. بيرگانو> وزملاؤه (من الشركة AT&T) سعات نقل بلغت 000 50گيگابتة-كيلومتر في الثانية، وذلك باستخدام منظومة تجريبية تحاكي خط نقل طويلا جدا. وهذه السعة هي أكبر بـ 100 مرة مما يمكن تحقيقه حتى الآن في منظومة تستخدم الألياف الضوئية من دون مضخمات، وهي أكبر بـ 10 مرات مما تم بلوغه في المنظومات الممتدة عبر المحيطات.

 

لقد وضعت هذه المجموعة من الباحثين بضعة مضخمات ليفية مشابة بالإربيوم بين طيقان(4) strands ليف ذي فاقد منخفض وقامت بتوصيل الأطراف لتشكيل حلقة. وعندما حقنوا نبضات ضوئية في الحلقة، نجحوا بنقل  2.4 گيگابتة في الثانية عبر مسافة 000 21كيلومتر، و 5 گيگابتة في الثانية عبر مسافة 000 9كيلومتر. ظهرت الإشارات المُخْرجة غير مشوهة باستثناء مقدار صغير، لا يمكن تفاديه، من الضجيج noise  الذي يولِّده المضخم الليفي. وعلى الرغم من أن هذه النتائج تم تحقيقها بوساطة حلقة ليفية، وهي تختلف بعض الشيء عن تجربة الاتصال بين نقطة ونقطة point-to-point، فإن تحقيقها يشير إلى أن منظومات المضخمات الليفية تمتلك إمكانات هائلة.

 

وفي حين ركَّز بعض الباحثين جهودهم خلال السنوات الأربع الماضية على تحقيق سعات نقل تحطم أرقاما قياسية، حقق آخرون تقدما مهما في دراسة أشعة السوليتون واستخدامها في نظم الاتصالات.

 

يستطيع (ضوء) السوليتون أن ينتقل لفترة غير محدودة عبر ليف «مثالي»، أي في ليف لا يُضْعِف الضوء. وتتألف نبضة السوليتون، مثل النبضة الضوئية العادية، من عناصر عديدة تختلف فيما بينها في طول الموجة. كما تتغير شدة نبضة السوليتون مع تغير أبعادها الثلاثة: الطول والعرض والارتفاع. إن الأمواج الضوئية التي لها أطوال موجية مختلفة تنتقل عبر الألياف بسرعات مختلفة. وتعرف هذه الظاهرة بالتشتت dispersion. وعندما تتجاوز شدة الضوء حدا معينا، فإن الأمواج التي لها طول موجي واحد ولكنها مختلفة في الشدة، تنتشر بسرعات مختلفة. وتعرف هذه الظاهرة بمفعول كِرّ الضوئي optical Kerr effect. والهدف من استخدام (نبضات) السوليتون هو أن مفعول كِرّ الضوئي يمكن أن يُسْتَخْدَم في إبطال (تحييد) التشتت. فإذا تم توليد كل عنصر من طول الموجة لتكون له شدة محددة، فإنه يمكن جعل كل العناصر تنتقل بالسرعة نفسها. ونتيجة لذلك يحدث اتساع في نبضة السوليتون ولن يحدث انضغاط لها أثناء انتقالها عبر ليف تكون فيه المفاقيد معدومة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N7-8_H05_006096.jpg

يستطيع المضخم الليفي أن يقوي الإشارات الهاتفية المنقولة عبر كوابل، مصنوعة من الألياف الضوئية، تغطي القارات. يحتوي المضخم على ليف ضوئي مشاب بالإربيوم ملفوف حول بكرة في اليسار. يُزوَّد الليف بالطاقة بوساطة ضوء من شيپة ليزرية، موضوعة داخل العلبة المعدنية الصغيرة في أعلى اليمين. وتدخل الإشارات الضوئية إلى الليف وتخرج منه عبر الكوابل الصفراء في اليسار. صمم هذه الأداة، التي يبلغ طولها 15 سنتيمتر، < W .T. كلاين> وزملاؤه في مختبرات بِلْ.

 

بالطبع، إن جميع الألياف تُضعِف الإشارات إلى حد ما، وسيتخامد السوليتون على نحو بطيء عندما تنتشر نبضته. أضف إلى ذلك، أن هذه النبضة ستحافظ على شكلها إلى أن تنخفض طاقة السوليتون تحت مستوى معين.

 

لقد وجد رائد مضمار السوليتونات في الألياف الضوئية<F .L. موليناور> أن المضخِّمات الليفية تستطيع تعويض المفاقيد التي تحدث عند عبور الضوء في الألياف، مما يسمح بانتشار نبضة السوليتون عبر مسافات طويلة. وقد بُرْهِن على ذلك عام 1988 لدى الشركة AT&T. ولاحظ موليناور وزملاؤه في نهاية المطاف أن أشعة السوليتون تنتشر مسافة 000 10 كيلومتر مع اتساع بسيط في عرض نبضاتها، وذلك بعد أن تم حجزها في حلقة طولها 40 كيلومتر مؤلفة من ليف ومضخمات ليفية. كما أثبتوا مؤخرا أن أشعة السوليتون تساعد على نقل المعلومات نقلا صحيحًا بمعدل 2.5 گيگابتة في الثانية عبر مسافة 000 14كيلومتر. تدل هذه النتيجة على أن أشعة السوليتون يمكن أن تُسْتَخدم في الاتصال عبر المسافات الطويلة.

 

تعتبر نبضات السوليتون نبضات ضوئية مثالية للاتصالات حيث يمكن وضعها على نحو متقارب فيما بينها لأنها لا تندمج بعضها مع بعض، ولأنها قصيرة (نحو 10 أجزاء من التريليون من الثانية). وينبغي لمنظومات السوليتون ـ حيث إن وجود أو غياب نبضة سوليتون فيها يمثل بتة واحدة من المعلومات ـ أن تحقق سعات نقل أقلها 5 گيگابتة في الثانية عبر مسافات تبلغ 000 10كيلومتر.

 

بل ينبغي أن تحقق منظومات السوليتون سعات أكبر إذا استطاعت الاستفادة من ميزات تقانات ناشئة. فالإشارات المنقولة على شكل (نبضة) سوليتون تتيح إمكانية نقل عدة قنوات من المعلومات في آن واحد على أطوال موجية مختلفة. وهذا الأسلوب، الذي يدعى تعدد الإرسال بتقسيم طول الموجةwave length-division multiplexing، ليس عمليا من أجل الإشارات غير السوليتونية، لأن الإشارات تتشتت ويتداخل بعضها مع بعض على نحو غير قابل للاسترجاع عبر المسافات الطويلة. إن العدد الأعظمي للقنوات في منظومات السوليتون يكون محدودا لأن المضخمات الليفية تقوي الإشارات ذات الأطوال الموجية المختلفة بدرجات مختلفة. وتستطيع منظومة سوليتونية بشكل فعلي أن تغذي خمس قنوات على الأقل وبالتالي يمكن أن تنقل 25 گيگابتة في الثانية.

 

لقد بحث موليناور وزملاؤه أيضا في «تعدد الإرسال الاستقطابي»polarization multiplexing للمنظومات السوليتونية؛ إذ يمكن في مثل هذه المنظومات مضاعفة عدد القنوات وذلك بإرسال إشارات لها طول الموجة نفسه ولكنها ذات استقطابين مختلفين. وسيرفع هذا الأسلوب معدل النقل الكلي إلى قيمة عالية تساوي 50 گيگابتة في الثانية. ومازالت التقنيات المستخدمة في توليد وتضمين وكشف نبضات السوليتون في مرحلة التطوير المختبري. ولهذا السبب وحده، قد لا يكون ممكنا وضع منظومات السوليتون في الخدمة إلا بعد فترة من الوقت.

 

والبديل الآخر من أجل تقدم وسائل الاتصالات هو المنظومات المترابطة؛ إذ تستطيع تقنيات المنظومات المترابطة أن تستفيد من مجال أطوال الموجات من 1.2 وحتى 1.6 مكرون بأكمله وأن تسمح بِرَزْم القنوات الضوئية بعضها مع بعض على نحو متراص جدا. ومن أجل صنع منظومة عملية، يجب على العاملين في هذا المجال تطوير أدوات ذات ترددات فعّالة، وتمتلك تحكُّما أفضل بالتردد المطلق وأن تؤمن استقرارا أكبر للتردد. وإذا ما استمر التقدم في هذا الحقل فقد يجد العاملون فيه طريقة للقضاء على الحاجة إلى المضخمات الضوئية في الشبكات المحلية. ولكن يبدو واضحا أن (منظومات) الاتصالات عبر المسافات البعيدة ستستمر في الاعتماد على المضخمات الضوئية. زيادة على ذلك، فإنه يبدو من السابق لأوانه التكهن بالوقت الذي ستكون فيه الأدوات ذات الترددات الفعالة جاهزة للاستخدام.

 

لقد أصبح للمضخمات الليفية المشابة بالإربيوم تأثير هائل في (وسائل) الاتصالات عبر المسافات الطويلة. وينبغي للمضخمات الليفية أن تلعب في العقد القادم دورا أكبر في مضمار شبكات الأمواج الضوئية. في الواقع، إن التحدي التقاني لهذه الشبكات هو تبادل أكبر قدر من البيانات بين أكبر عدد ممكن من المستخدمين في أقصر فترة زمنية وبأقل احتمال للعطب. وتكمن ميزة استخدام الألياف الضوئية في هذا النوع من الاتصالات، بدلا من كوابل الموجة المكروية (الصغرية) microwave، في انخفاض المفاقيد وفي قدرتها على نقل البيانات بمعدلات «بِتِّيَّة» أعلى عبر مسافات أطول.

 

ويدعى أبسط شكل للشبكة الليفية شبكة البَثّ broadcast network، التي تُنقل فيها البيانات الضوئية من محطة مركزية إلى مجموعة من المستخدمين. ويستطيع المضخم الليفي تعويض المفاقيد الناجمة عن التقسيم المتكرر للإشارات الصادرة عن المحطة المركزية. وبوسع مضخمات ليفية أخرى في أفرع الشبكة أن تعوض المفاقيد الناجمة عن الانتشار عبر مسافات متزايدة من 10 إلى 25 كيلومتر، بما يسمح بزيادة مدى الشبكة. وسيكون عدد المنازل التي يمكن الوصول إليها عبر شبكة كهذه هائلا.

 

لقد قامت شركة الاتصالات البريطانية حديثا بتجريب إرسال 384 قناة ڤيديوية إلى ما يقارب 40 مليون مشترِك داخل مساحة دائرة يبلغ قطرها 50 كيلومتر. ويمكن توسيع رقعة التغطية لمثل هذه المنظومات بزيادة طول الليف واستخدام مضخمات ليفية أكثر من أجل تعويض المفاقيد المتوقعة. لكن العدد الأعظمي للمستخدمين يبقى محدودا، لأن الإشارة عندما تمر بمضخم تلو آخر فإنها تُراِكم في النهاية مقدارا كبيرا من الضجيج بحيث تغدو غير صالحة للاستعمال من أجل أهداف الاتصالات.

 

تستطيع الشبكات التي تحتوي على مضخمات ليفية أن تنقل البيانات بمعدلات عالية جدا لأنها تقدر على تغذية قنوات عديدة. ولا ينخفض عدد القنوات بسبب التشتت، الذي يمكن إهماله عبر المسافات القصيرة التي تغطيها الشبكات الليفية. إلا أن عدد القنوات يكون محدودا، بسبب تأثير أربعة عوامل؛ الأول: إذا تجاوزت الشدّة المشتركة للإشارات الصادرة عن كل قناة حدا معينا فإن المضخم المشاب بالإربيوم لن يقوي الإشارة. والثاني: تستطيع المضخمات الليفية أن تنقل مجالا محدودا فقط من الأطوال الموجية (من 1.53 وإلى 1.55 مكرون). أما الثالث: فيجب أن تتباين أطوال موجات أية قناتين ضوئيتين تباينا كافيا لكي لا تتداخل أو تمتزج هاتان القناتان فيما بينهما. والرابع: يتغير ربح المضخم بتغير طول الموجة. ويمكن أن يُخفَّض عدد القنوات أيضا، بسبب القصور في قدرة الأدوات الفوتونية على تمييز القنوات الضوئية.

 

وعلى الرغم من هذه المُحدّدات، فإن الشبكات الضوئية التي تستخدم المضخمات الليفية ربما تستطيع في النهاية نقل ما بين 2000 و 3000 گيگابتة في الثانية. وحتى الآن لا تستطيع أي تقانة أخرى أن تنافس هذه الأرقام.

 

وعندما توضع المضخمات الليفية المشابة بالإربيوم وغيرها من تقانات الأمواج الضوئية في الخدمة ضمن منظومات الاتصالات عبر المسافات الطويلة وشبكات الاتصالات المحلية في العقود القادمة، ستكون للناس حرية الوصول إلى أنواع جديدة من خدمات الاتصالات الفعالة؛ إذ ستدمج منظومات الاتصالات الضوئية وظائف الهواتف والفاكسات (المثالات) والحواسيب والتلفزيونات. كما أنها ستقدم العديد من الخدمات الجديدة: إذ ستحظى مختلف الأعمال والمصالح التجارية بإمكانية الوصول السهل إلى كثير من بنوك البيانات وستتمكن من الاستفادة من شبكات الاتصالات الڤيديوية التحاورية(5) interactive video networksفي عقد المداولات (المؤتمرات) عن بعد. كما سيستفيد الباحثون بشكل كامل من موارد الحواسيب الفائقة المتواجدة على بعد آلاف الكيلومترات. أما أصحاب المنازل فسيكون باستطاعتهم اختيار البرامج من مكتبات ڤيديوية. وبات من المعقول أن نستنتج أنه تماما مثل الدور الذي أدته الهواتف والتلفزيونات في تبديل وسائل العمل والراحة في هذا القرن، فإن منظومات الاتصالات بالأمواج الضوئية تَعِد بأن تؤثر في المجتمع على نحو جذري في القرن الحادي والعشرين.

 

 المؤلف

Emanuel  Desurvire

أستاذ مشارك في الهندسة الكهربائية في جامعة كولومبيا. ويعمل في مركز كولومبيا لبحوث الاتصالات. حصل على دبلوم الدراسات المتقدمة (DEA) في الفيزياء النظرية من جامعة باريس السادسة عام 1981. ثم حصل على الدكتوراه من جامعة نيس بعد بحث استمر عامين في مجال مضخمات رامان Raman الليفية أجراه في تومسون CSF بأورسي. وفي العامين التاليين واصل بحوثه على أدوات الألياف الضوئية الفعالة، في جامعة ستانفورد. ومن عام 1986 حتى 1990 عمل في مختبرات بِلْ بالشركة AT&T على المضخمات الليفية المشابة بالإربيوم.

 

مراجع للاستزادة 

BIBLIOGRAPHY ON ERSIUM-DOPED FIBER AMPLIFIERS: 1987 TO 1990. Harish R. D. Sunak. EDFA Consultants (P.O. Box 1668, Kingston, R.I. 02881-1668),1991.

FUNDAMENTALS OF PHOTONICS. Bahaa E. A. Saleh and Malvin Carl Teich John Wiley and Sons, 1991.

MULTIGIGABIT SOLITON TRANSMISSIONS TRAVERSE ULTRALONG DISTANCES. L. F. Mollenauer, J. P. Gordon and S. G. Evangelides in Laser Focus World, Vol. 27, No. 11, pages 159-170; November 1991.

RARE EARTH DOPED FIBERS AND DEVICES. Edited by M. J. Digonnet. Marcel Dekker, 1993.

 

(1) bit: الوحدة الأساسية في نظام العدد الثنائي المعتمد في الحاسوب وفي الاتصالات الرقمية، (صفر أو واحد). (التحرير)

(2) soliton: موجة ضوئية منعزلة تنتشر افتراضيا إلى مسافات طويلة محافظة على خصائصها من دون تغيير. (التحرير)

(3) مفعول رامان Raman effect: هو تفرق الأشعة الضوئية بفعل جزيئات المادة الشفافة. (التحرير)

(4) طاق الليف: أيٌّ من الخيوط المجدولة لتشكل ليفًا. (التحرير)

(5) هي الشبكات التي يستطيع فيها المشاهد التأثير بشكل مباشر في نوعية البرامج وطريقة عرضها. (التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى