أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فيزياء

الركض فوق الماء

الركض فوق الماء

كيف يمكن لعظاءَة(1) أن تجري فوق سطح بركة من دون أن

تغوص في الماء.. السرّ في ضربتها.

<W .J. گلاشين> ـ <A .Th. ماكماهون>

 

لقد اشتهرت عظايا البازيليسك التي تقطن أمريكا الوسطى، بما يبدو طيرانا خارقا فوق الماء. فعندما تفزع تلك الزواحف الخُضْر أو البنية اللون فإنها تجري بسرعة، وكأنها تطير، فوق البرك والبحيرات باستخدام أرجلها الخلفية، وتبدو صغارها وكأنها محمولة على متن الهواء، أما كبارها فتغوص في الماء قليلا. وباستخدام الڤيديو لتصوير سبعة أفراد من عظاءة بازيليسكوس بازيليسكوسBasiliscus basiliscus جُمعت من غابة مطيرة في كوستاريكا، وبتركيب نماذج ميكانيكية لفهم الأسس الفيزيائية لهذه الظاهرة، تمكَّنا من كشف النقاب عن سر الحركات الرائعة لهذه العظايا.

 

إن الأمر كلّه يبدأ بلطمة slap قوية؛ إذ تضرب عظاءة البازيليسك الماء لتولد قوة دفع إلى أعلى؛ وهذا يؤمن لعظاءة من حجم متوسط (تزن 900 غراما تقريبا) نحو 23 في المئة من الدعم اللازم لها للبقاء فوق سطح الماء. وبعد ذلك بجزء من الثانية تليها الضربة stroke، وذلك أنه عندما تهوي بقدمها يندفع الماء جانبا محدثة فجوة هوائية. وإضافة إلى القوى المتولدة من تسارع الماء بعيدا عن طريق القدم، تحصل العظاءة على دعم مُكتسب من القوى المتولدة من فرق الضغط بين الفجوة الهوائية فوق القدم وضغط الماء (الضغط الهيدروستاتي) تحتها. ويمكن للّطمة والضربة التابعة لها أن يُنْتجا معا 111 في المئة من الدعم اللازم لجعل عظاءة بالغة تخطو خطوات واسعة فوق الماء. أما العظايا الأصغر، التي تزن غرامين أو أقل، فيُفترض أن تكون قادرة على توليد 225 في المئة من الدعم اللازم لها ـ وبذا يبدو جريانها فوق الماء أكثر حرية وأقل ثقلا.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/14/SCI98b14N3_H03_007648.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/14/SCI98b14N3_H03_007649.jpg

تستطيع عظاءة البازيليسْك أن تجري بسرعة فوق سطح بركة في غابة كوستاريكا المطيرة (الشكل العلوي). وعادة ما تجري الكبار فوق الماء عندما تفزع فقط، أما صغارها فتفعل ذلك ببساطة للانتقال من مكان إلى آخر. ويلزم لعظاءة متوسطة الحجم نحو 20 خطوة في الثانية عندما تجري (التتابع في الشكل السفلي). ومع كل خطوة من هذه الخطوات تُحدث قدم العظاءة فجوة هوائية تنسحب منها القدم قبل أن يندفع إليها الماء. ويمكن لهُدَّاب دقيق قابل للانطواء يحيط بقدم عظاءة البازيليسك أن يساعدها على القيام بهذه العملية.

 

ومع ذلك يمكن لجميع تلك المكاسب أن تذهب سدى، إذا لم تسحَب العظاءة قدمها من الفجوة قبل أن يحيط الماء بها. وهي تفعل ذلك، بإمالة قدمها ذات الأصابع الطويلة نحو الخلف ثم سحبها وهي محاطة بالهواء فقط؛ وهكذا يتجنب الحيوان السحب المعوِّق الذي قد ينتج من استلال القدم من الماء. وقد يُسَهِّل هذه الحركةَ هُدَّابٌ fringe دقيق يحيط بأصابع القدم الخمس لعظاءة البازيليسك. فعند ضرب القدم بشدة ينبسط هذا الهداب نحو الخارج كالمظلة (الپاراشوت)، وبذلك تتولد مساحة سطح أكبر ـ وهذا أنسب للطم الماء. بعد ذلك، عندما تسحب قدمها إلى أعلى، ينطوي الهُدّاب وتنسحب أصابع القدم الطويلة قبل انغلاق الفجوة مباشرة.

 

ومع أنه قد تم الآن كشف سر هذه العظايا، فمن المحتمل أنها تنفرد دون غيرها بجريها فوق سطح الماء. إن بعض الطيور ذات الأقدام المكففة webbed يمكنها أن تحقق جريا مماثلا فوق الماء، ولكن ديناميّتها (آليتها) تختلف قليلا وغير مفهومة تماما. أما بالنسبة للإنسان فليس أمامه ما يتعلمه من هذه العظايا سوى أن يبقى على الشاطئ بعيدا من الماء. فعلى شخص يزن 80 كيلوغراما أن يركض بسرعة قدرها 30 مترا في الثانية الواحدة (65 ميلا في الساعة) وأن يبذل 15 ضعفا من الطاقة العضلية المتواصلة التي يستطيع الإنسان أن يؤمنها. وهكذا تظل عظايا البازيليسك فريدة في ذلك العالم القائم بين الجو والماء.

 

 المؤلفان

James W. Glasheen – Thomas A. McMahon

عملا معا في جامعة هارڤارد لدراسة القدرات المائية لعظايا البازيليسك. ماكماهون أستاذ في قطاع الهندسة والعلوم التطبيقية. أما گلايشين، وهو حاليا مستشار مع ماكنزي وشركائه، فكان يحضر للدكتوراه إبَّان عملهما معا.

Scientific American, September 1997

(1) Lizard سحلية، والجمع سحالي. (التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى