أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم التطبيقيةفيزياء نظرية

مئة عام على الذواكر المغنطيسية

مئة عام على الذواكر المغنطيسية(*)

كانت بداية تقانة التسجيل المغنطيسي متثاقلة على الرغم من وجودها

حاليا في كل مكان. فالعلوم التي تقوم عليها كانت غامضة، وبزوغ

تطبيقاتها كان بطيئا كما أن التجارة والسياسة أعاقتا تطوّرها.

<D .J. ليڤينگستون>

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0036.jpg

 

تخزِّن المغانط الكثير من المعلومات في العالم، فهي تخزِّن البيانات على أقراص الحاسوب، ومواد التسلية على أشرطة التسجيل السمعية والمرئية (الڤيديوية)، والرسائل على المجيبات الهاتفية، ومعلومات عن الحسابات على الشرائط المطلية لصرافات النقود الآلية ATM  وبطاقات الائتمان. وجميع هذه الوسائل المختلفة تحتفظ بالكلمات والأرقام والصور والأصوات كنماذج غير مرئية لقطبين أحدهما شمالي والآخر جنوبي. وهذه التقانة هي التسجيل المغنطيسي الذي احتفل عام 1998 بعيده المئوي.

 

في العقود الأخيرة، كان للذواكر المغنطيسية تأثير عميق في المجتمع. فأشرطة تسجيل فضيحة ووترگيت من المكتب البيضاوي كانت بمثابة دليل إدانة قاطع أجبر الرئيس <R. نيكسون> في السبعينات على الاستقالة. وفي عام 1998، أدت أشرطة التسجيل السمعية، التي كشفت عن علاقة غير لائقة بين الرئيس <B. كلينتون> ومتدربة سابقة في البيت الأبيض، إلى فضيحة أخرى للسلطة التنفيذية.

 

 
http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0037.jpg

1898

المهندس الدنماركي ڤالديمار پولسن يخترع التلگرافون (في الأعلى)، وهو جهاز يسجل صوت البشر مغنطيسيا على أسلاك فولاذية أو شرائط.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0038.jpg

1900

الإمبراطور النمساوي فرانز جوزيف يسجّل صوته بوساطة تلگرافون في معرض باريس حيث شكل الجهاز حدثا مثيرا.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0039.jpg

1915

غواصة ألمانية تغرق الباخرة لوسيتانيا مما أثار الشكوك الأمريكية بأن الألمان يستخدمون أجهزة التلگرافون لتسجيل الرسائل من أجل بثها بالسرعات العالية.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0040.jpg1928

الكيميائي النمساوي فريتنر فلويمر يخترع جهازا يقوم بالتسجيل على شريط خفيف الوزن مطلي بحبيبات مغنطيسية.

إن الذواكر المغنطيسية للحواسيب لم تكن دائما سيئة السمعة، فقد ظلت سنوات عديدة تتابع بهدوء أخبار الناس والسلع والأموال. وفي عصر المعلومات، قامت هذه الذواكر بدور كمستودعات للمعرفة الإلكترونية تخزِّن البيانات العلمية والطبية والصناعية والمالية. وعلى الرغم من أن الوسائل الأخرى كالأفلام والأوراق والأقراص المدمجة (سي دي روم) تستخدم أيضا على نطاق واسع، فإن التسجيل المغنطيسي يتميز عن معظم التقانات المنافسة بسهولة إعادة تسجيل المعلومات ومحيها (كما بينتها السكرتيرة <M .R. وودز> والفجوة المريبة في أشرطة تسجيل نيكسون).

 

لكن اختراع التسجيل المغنطيسي، الذي ظهر قبل نحو مئة عام، بقي اختراعا ضعيفا على مدى عقود من الزمن. فقد كانت بعض العلوم الفيزيائية التي يقوم عليها غير معروفة، ولم تكن التطبيقات المناسبة له جاهزة تماما، كما تضافرت العوائق التجارية والسياسية لكي تحول دون تبنيه مبكرا. ومع ذلك، سرعان ما أصبحت هذه التقانة في النصف الثاني من القرن العشرين أداة لا تقدر بثمن للمجتمع الحديث.

 

أولى الذواكر المغنطيسية

عرف الناس لفترة من الزمن أن بعض المواد «تتذكر» الاتجاه الذي تمت مغنطتها به. فمنذ عام 200 قبل الميلاد، صنع السحرة الصينيون في بلاط الإمبراطور بوصلات من أحجار المغنطيس lodestones، وهي صخور غنية بالحديد شديدة المغنطة.

 

غير أن المغانط لم تأخذ دورا رئيسيا في الاختراعات المتميزة، كالتلگرافات (المبراقات) والهواتف والمولدات والمحولات والمحركات، إلا في القرن التاسع عشر، عندما بدأ العلماء بكشف العلاقة بين الكهرباء والمغنطيسية. وفي نهاية القرن التاسع عشر تقريبا، استخدمت مادة مغنطيسية لتسجيل صوت البشر وإعادة سماعه. أما الجهاز الذي سمّي «تلگرافون» telegraphone فقد منحت براءة اختراعه عام 1898 للمهندس الدنماركي <VV. پولسن>.

 

فكّر پولسن [وهو موظف في شركة الهواتف بكوبنهاگن] أن الناس ربما يعوزهم جهاز لتسجيل المكالمات الهاتفية. وأوضح عمليا فكرة اختراعه إلى أصدقائه بمدّ سلك فولاذي من أسلاك البيانو في مختبره، وفي أثناء زلق مغنطيس كهربائي على طول السلك، بدأ پولسن يصرخ في صوان التكلم لجهاز هاتف موصول بالمغنطيس، فحوّل الجهاز (النبيطة) كلماته إلى إشارة كهربائية، تمت بعدئذ تغذية المغنطيس الكهربائي بها لتوليد حقل مغنطيسي يتغيّر مع جهارة صوته وطبقته وسائر خواصه. وكان الحقل المتغير يُطبع حينذاك على طول سلك الفولاذ.

 

بعد أن وصل پولسن إلى نهاية السلك، عاد إلى نقطة البداية واستبدل صِوان التكلم بمستقبِل. وعندما زلق أحد زملائه المغنطيس الكهربائي على طول السلك، عمل الجهاز بصورة معاكسة، كاشفا أولا الحقل المغنطيسي في السلك ومن ثم حوّل المعلومة المتغيرة مع الزمن إلى إشارة كهربائية (من خلال التحريض الكهرمغنطيسي) وأعاد تحويل التيار من جديد إلى صوت. وبذلك استطاع صديق پولسن سماع صوت المخترع بصورة خافتة في المستقبِل!

 

قام پولسن بتحسين اختراعه بسرعة. ففي إحدى النسخ، لفّ سلك الفولاذ حول أسطوانة ـ وطلب براءة اختراع لجهازه من بلدان عدة، غير أن الإجابات التي وردته في البدء كانت كلها سلبية. وقد كتب أحد مختبري براءة الاختراع في الولايات المتحدة منذرا بفشل التلگرافون بحجة أنه «يخالف جميع قوانين المغنطيسية المعروفة». وعلى ما يبدو، لم تكن «جميع» قوانين المغنطيسية معروفة في تلك الأيام؛ لأن اختراع پولسن قد نجح بالفعل.

 

 
http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI_index_2000b16N2_H00_0024.jpg

1930

هيئة الإذاعة البريطانية تستخدم نوعا من المسجلات المغنطيسية (يسمى البلاتْنَرفون)، كوسيلة لإعادة بث برامجها الإذاعية. إن إدخال بكرات شريط الفولاذ الثقيل يتطلب شخصين.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0042.jpg

1933

أدولف هتلر يصبح مستشارا لألمانيا. والگستاپو يبتاع كميات كبيرة من المسجلات المغنطيسية من أجل الاستجوابات.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0043.jpg

1936

يُجرى تسجيل حفلة موسيقية تقدمها أوركسترا فلهارمونيك اللندنية في لودڤيگن هافن بألمانيا بوساطة مگنيتوفون يستخدم شريطا بلاستيكيا مطليا بأكسيد الحديد. ومازال التسجيل موجودا حتى اليوم.

 

وسرعان ما أثبتت سلسلة من عروض عملية أجريت في أوروبا نجاح هذا الجهاز. ففي المعرض الذي أقيم في باريس عام 1900، لاقى التلگرافون نجاحا مذهلا وترك انطباعا لدى الكثير من الزائرين، من بينهم <F. جوزيف> إمبراطور النمسا الذي سجّل رسالة تعدّ اليوم أقدم تسجيل مغنطيسي في الوجود.

 

بالطبع لم يكن پولسن أول من سجّل صوت البشر وأعاد سماعه، فقبل أكثر من عقدين من اختراع التلگرافون حصل <T. أديسون> على براءة اختراع للفونوگراف (الحاكي) الذي سجّل في البدء الأصوات بوساطة أخاديد محفورة في وريقة قصدير ملفوفة على أسطوانة، ثم استخدمت فيما بعد أسطوانات من الشمع ومن ثم أقراص بلاستيكية. وفي الوقت الذي استرعى فيه اختراع پولسن انتباه العالم، كان الفونوگراف قد تكرس وجوده كمنتج.

 

ومع ذلك بدا التلگرافون كأن له ميزة تقانية. فقد جاء في مقالة نشرتها مجلة ساينتفيك أمريكان عام 1900 أن الصوت الذي يحدثه التلگرافون «واضح جدا وخال تماما من ضجيج الخدش غير المرغوب فيه الذي يُسمع عادة في الفونوگراف». وعلى الرغم من ذلك فقد مضى نصف قرن آخر قبل أن يجد التسجيل المغنطيسي تطبيقا له واسع النطاق.

 

انطلاقة بطيئة

ما الذي أوقف تطور مثل هذا الاختراع الواعد؟ ينحي المؤرخون باللوم على عوامل تجارية وتقانية مجتمعة. في البدء، قاومت شركة البرق والهاتف الأمريكية AT&T التلگرافونات، لتقديرها بأن الشركة قد تخسر ما يصل إلى ثلث تجارتها إذا شعر مستخدمو الهاتف بأن مكالماتهم يمكن أن تُسجّل. وفي عام 1906، نشرت مجلة تكنيكال وورلد Technical World  مقالة بعنوان «مِكبٌّ (بكرة) من الأسلاك يتكلم» بدأ بحوار بين اثنين من رجال الأعمال الوهميين، جونز وبراون، كانا يتجادلان بحدّة حول ما قاله براون ـ أو ما لم يقله ـ في مكالمة هاتفية سابقة. وعندما لم تظهر ملامح التوصل إلى اتفاق، مد جونز يده داخل مكتبه وأخرج منه مِكبا من الأسلاك الفولاذية وأدخله في تلگرافون. فأثبت التسجيل، أمام دهشة براون، أن جونز كان على حق.

 

بسبب مثل هذا القلق على خصوصية الأفراد، كان الاستخدام الأمريكي الأول للتسجيل المغنطيسي يتمثل في آلات إملاء dictating machines  صنّعتها شركة التلگرافون الأمريكية التي تأسست عام 1903. لكن الأجهزة الفونوگرافية المنافسة، مثل الإديفون والديكتافون، كانت تتصدر الاستخدام قبل 20 عاما، وبالتالي كانت أرخص وأسهل استخداما وأكثر وثوقية.

 

للأسف، كان يحد من تحسين التلگرافون الفهم الهزيل للظاهرة الفيزيائية الأساسية التي يعتمد عليها الجهاز. فتحويل الصوت إلى كهرباء ومن ثم إلى حقل مغنطيسي كان معروفا بصورة جيدة استنادا إلى الخبرة السابقة في مجال الهاتف. لكن الآلية التي يمكن بها تخزين تاريخ هذه الحقول المغنطيسية في وسط تسجيل، كسلك من الفولاذ، كانت حينذاك شيئا غامضا إلى حد ما. كما كان هنالك قيد آخر يحد من تحسين التلگرافون، وهو انخفاض مستوى صوت إعادة الاستماع.

 

غير أن أكبر مشكلات شركة التلگرافونات الأمريكية ربما لم تكن فنية، فمن بين الأعداد القليلة من أجهزة التلگرافون التي بيعت، رُكِّب العديد في محطات لاسلكية عبر الأطلسي في تَكَرْتُون بنيوجرسي وسِيْڤيل بنيويورك. وقامت شركة تليفنكن الألمانية بتشغيل أجهزة محطة تكرتون، في حين قامت شركة أمريكية مرتبطة بمصالح ألمانية بتشغيل أجهزة محطة سِيْڤيل. وكان معروفا أيضا أن البحرية الألمانية ابتاعت أجهزة تلگرافون لاستخدامها في غواصاتها.

 

 
http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0044.jpg

1947

يصبح العرض الإذاعي لبينگ كروسبي أول برنامج أمريكي رئيسي يبث على الهواء من تسجيلات مغنطيسية.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0045.jpg

1950

طورت تقانة الأقراص الصلبة لتخزين البيانات الحاسوبية مغنطيسيا، وشحنت شركة IBM أول هذه الأجهزة عام 1957. كما تم تجهيز منتج لاحق (في الأعلى) بخمسين قرصا سعتها الكلية 56 ميگابايت.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0046.jpg

1952

ذاكرة مركزية لحاسوب <ويرلوِند I> تخزّن 256 بتة من البيانات.

 

مع نشوب الحرب العالمية الأولى، اشتُبه بأن محطتي الساحل الشرقي اللاسلكيتين تقومان بنقل معلومات عسكرية إلى الغواصات الألمانية في المحيط الأطلسي. ووفقا لأحد المزاعم فإن أجهزة التلگرافون كانت تُستخدم لتسجيل الرسائل السرية التي يمكن فيما بعد إرسالها كإشارات لاسلكية عالية السرعة. إذ يمكن تسجيل هذه الإشارات بتلگرافون موجود في غواصة ومن ثم إعادة الاستماع إليها بالسرعة العادية. وقد ازدادت الشكوك عندما اكتشف أحد هواة الراديو في نيوجرسي أن الأزيز الغامض الذي كان يلتقطه ليلا تطور إلى سلسلة من تكويد مورس morse-code  متمثل بالنقاط والشُّرَط القصيرة عند إعادة  الاستماع إليه بسرعة أبطأ.

 

في عام 1914، استولت الحكومة الأمريكية على محطة تكرتون، كما صودرت محطة سيڤيل بعد أن أغرقت غواصة ألمانية الباخرة البريطانية لوسيتانيا بعيدا عن الساحل الإيرلندي. كانت بحرية الولايات المتحدة ذاتها قد ابتاعت 14 جهاز تلگرافون، لكن هذه الأجهزة فشلت في أداء مهمتها بصورة سليمة. وفي وقت لاحق وُجِّهت أصابع الاتهام بالخيانة إلى موظفين من شركة التلگرافون الأمريكية التي كانت ترزح سلفا تحت عبء الإدارة السيئة ورداءة المبيعات (لم يبع من آلات الإملاء سوى 100 آلة أو أكثر بقليل). ولم يكن غريبا أن توضع هذه الشركة السيئة الطالع بعد فترة قصيرة تحت الحراسة القضائية، وبالتالي توارى بصورة أساسية التطوّر التجاري لصناعة التسجيل المغنطيسي في الولايات المتحدة لعقدين من الزمن.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0047.jpg

يمكن أن يخزّن التسجيل المغنطيسي بيانات سمعية أو مرئية أو حاسوبية. في البداية يتم تحويل المعلومات إلى إشارة كهربائية تنقل فيما بعد عبر السلك الملفوف لمغنطيس كهربائي، ثم يُطبع الحقل المغنطيسي الناتج والمتغير مع الزمن (اللون الأحمر) في وسط مغنطيسي يتحرك بالنسبة إلى المغنطيس الكهربائي. إذا كانت الإشارة الكهربائية موجة جيبية فإن النموذج الناتج في الوسط المغنطيسي سيكون نوعا ما ذا طبيعة جيبية.

 

طريق ممهدة في أوروبا

لاقى التسجيل المغنطيسي في أوروبا نجاحا أفضل بكثير. ففي العشرينات، حلّت المضخمات الإلكترونية مشكلة انخفاض جهارة الصوت. وكان المخترع الألماني <K. ستيله> يعمل على تطوير أجهزة تلگرافونات ذات قدرة تسجيل محسّنة. وكتتويج لمحادثاته المتعلقة بالمبيعات تمكن ستيله (الذي يعني اسمه بالألمانية ـ على سبيل المفارقة ـ «الصمت») من أن يخرج من جعبته أسطوانة من الفولاذ طولها نحو 20 سنتيمترا. وقد أعلن حينذاك قائلا: «أستطيع تسجيل سمفونية كاملة على هذا الأنبوب الصغير.»

 

 
http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0048.jpg

1956

شركة أمپكس تعرض أول جهاز تسجيل ڤيديو تجاري VR-1000 كنموذج أولي. تستخدم هذه الآلة المعقدة والكبيرة شريط تسجيل عرضه 5 سنتيمترات.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0049.jpg

1959

رئيس الوزراء نيكيتا خروشوف والرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون يتناقشان أثناء زيارة معرض للتجهيزات المنزلية في موسكو. وهذا الحدث المرتجل المسجل على الڤيديو عُرِف بمناقشة المطبخ.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0050.jpg

1963

شركة فيليپس تطرح أشرطة تسجيل سمعية مدمجة تلتها الأشرطة ذات الأحجام المكروية والمسارات الثمانية.

 

كانت شركة أفلام لودڤيگ بلاتنر في بريطانيا إحدى الشركات التي حظيت بترخيص لتقانة ستيله، حيث طوّرت آلة تسجيل مغنطيسية أطلق عليها اسم بلاتنرفون Blattnerphone. غير أن هذا الجهاز الذي أريد به في البداية إنتاج أفلام ناطقة، سرعان ما وجد رواجا بدلا من ذلك، في التطور السريع الذي كان يشهده مجال الراديو. واعتبارا من عام 1931 استخدمت هيئة الإذاعة البريطانية BBC، البلاتنرفون لإعادة بث البرامج الإذاعية عبر العالم، ولإعادة الاستماع الفوري أثناء التجارب وللاحتفاظ بالخطابات المهمة والأحداث الإخبارية.

 

كان البلاتنرفون آلة ضخمة يبلغ ارتفاعها نحو 1.5 متر وعرضها نحو 1.5 متر وعمقها أكثر من نصف متر، وكانت كتلتها تساوي نحو 900 كيلوغرام. وكان وسط التسجيل فيها شريطا من الفولاذ عرضه نحو 3 مليمترات يتحرك فوق رؤوس التسجيل بسرعة تصل إلى نحو متر في الثانية، بحيث تتطلب نصف الساعة من التسجيل نحو 1.5 كيلومتر من الشريط.

 

ومع ذلك كان للبلاتنرفون مزاياه. إن تحرير editing المواد المسجلة باستخدام أقراص الفونوگراف يتطلب إعادة التسجيل، في حين يستطيع الفنيون في حالة البلاتنرفون قص أشرطة الفولاذ ولحمها بسهولة نسبية. غير أن الوصلات الملحومة كانت تتكسر أحيانا لسوء الحظ مفضية إلى تطاير شرائط خطرة من الفولاذ. ومع هذا فقد عملت الآلات عموما بصورة جيدة وبقيت النسخ المحسّنة من البلاتنرفون قيد العمل في العديد من البلدان حتى عام 1945.

 

لدى عودة ستيله إلى ألمانيا عام 1925، قام هو وزملاؤه بصنع وتسويق جهاز عبارة عن آلة إملاء ومسجّلة هاتف مجتمعتين. وعلى العكس من شركةAT&T فإن العديد من شركات الهاتف الأوروبية سمحت بوصل المسجلات المغنطيسية إلى خطوطها الهاتفية. ومع ذلك كان سوق آلات الإملاء في ألمانيا محدودا جدا بسبب الأحوال المالية الصعبة هناك التي وفرت استخدام كتبة الاختزال بأجور رخيصة.

 

في عام 1933 سوّقت شركة لورنز نسخة محسنة من آلة ستيله تزامنت مع وصول أدولف هتلر إلى السلطة، فسارع الگستاپو Gestapo إلى شراء كميات كبيرة منها لتسجيل الاستجوابات والمكالمات الهاتفية. كما طورت شركة لورنز آلة تسجيل ذات شريط فولاذي تبنتها شركة البث الإذاعي الألمانية، كما تبنتها هيئة الإذاعة البريطانية وشركات أخرى، وبذا أصبحت البرامج الإذاعية المسجلة مغنطيسيا أمرا مألوفا في أوروبا في الثلاثينات. أما فيما وراء الأطلسي، في الولايات المتحدة، فقد استمرت شبكة البث الإذاعي في حصر نفسها في البرامج الحية بصورة تكاد تكون كاملة.

 

وعلى الرغم من نجاح طلائع المسجِّلات المغنطيسية في أوروبا فقد اعترضها عائق خطير؛ وهو أنها تتطلب أطوالا كبيرة من الفولاذ الثقيل على شكل أسلاك أو شرائط. ويدرك العلماء الآن أن الفولاذ الصلب كان خيارا رديئا إلى حد ما كوسط تسجيل. وهكذا تم عام 1927 اتخاذ خطوة حاسمة نحو تطوير هذه التقانة، وذلك عندما طوّر الكيميائي النمساوي <F. فلويمر> شريطا ورقيا مغطى بحبيبات مغنطيسية مسحوقة. لقد كان مثل هذا الابتكار في الواقع من بين الإمكانيات المقترحة في مقالة نشرها المهندس الأمريكي <O. سميث> في إحدى المجلات في عام 1888، واقترح سميث في هذه المقالة أيضا مسجلة مغنطيسية، لكن أفكاره لم تثمر، مما أفسح المجال لأن يصبح پولسن أول من ينتج مثل هذا الجهاز.

 

كان فلويمر يقوم بتطوير تقانة لتصنيع ورق ذهبي اللون لاستخدامه في صنع أعقاب السگائر من خلال نثر حبيبات صغيرة من البرونز في مادة لاصقة ووضع المزيج على سطح الورق. لقد أدرك فلويمر أنه يستطيع استخدام عملية مماثلة لطلاء شريط ورقي بحبيبات من الفولاذ، وبالفعل صنع عام 1928 مسجلة مغنطيسية تستخدم مثل هذا الشريط المطلي كوسط تسجيل. لقد تميز الجهاز بآلية مبسطة لتحريك الشريط الخفيف الوزن عبر نوع جديد من الرؤوس المغنطيسية. وبدت آلة فلويمر واعدة جدا مما حدا بشركة الكهرباء AEG لأن تشتري عام 19322 جميع براءات اختراعه.

 

 
http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0051.jpg

1971

طرح أقراص مرنة في البداية بقطر 8 بوصات ومن ثم بقطر 5.25 بوصة (في اليمين) و3.5 بوصة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0052.jpg

1974

نيكسون يتنحى عن الرئاسة بعد أن كشفت أشرطة التسجيل التي سجلها له المكتب البيضاوي، دوره في فضيحة ووترگيت.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0053.jpg

1991

وحشية الشرطة الأمريكية تظهر للملأ بعد عرض شريط تسجيل ڤيديو لعملية ضرب رودني كينگ.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N2_H01_0054.jpg

1998

مونيكا لوينسكي تصبح مركز فضيحة رئاسية مثيرة جرى إفشاء الكثير من تفاصيلها عن طريق تسجيلات هاتفية سرية.

 

تعاونت شركة AEG مع شركة I.G. Farben للكيمياويات (التي تحمل اليوم اسمBASF) لتقصي استخدام حبيبات مغنطيسية أخرى على أنواع متباينة من الأشرطة، فوجدتا أنه بالإمكان الحصول على أفضل النتائج باستخدام شريط بلاستيكي يطلى بأكسيد الحديد. أفضت البحوث إلى اختراع المگنيتوفونMagnetophon الذي عرض على الجمهور لأول مرة عام 19355 في معرض برلين للراديو. وفي الشهر 11/1936 استخدم المگنيتوفون لتسجيل الحفلة الموسيقية التي أحيتها أوركسترا فِلْهارمونيك اللندنية في مدينة لودڤيگز هافن بألمانيا في شريط تسجيل مازال موجودا حتى الآن. ومع الإضافة اللاحقة لحارفٍ بتيار متناوب AC biasing الذي حسّن جودة الصوت من خلال تراكب إشارة كهربائية عالية التواتر على المعلومة المسجّلة، سرعان ما تفوق المگنيتوفون على جميع منافسيه، واعتبر السلف المباشر لآلات التسجيل الشريطية الحديثة.

 

وفي النهاية حثت هذه النجاحات، التي تمت فيما وراء البحار، شركة AT&Tعلى البدء ببحوث التسجيل المغنطيسي. ومع أن هذه الأعمال لم تُفض إلى أية منتجات تجارية فورية، إلا أنها مكنت الشركة من إنتاج آلات تسجيل مغنطيسية للقوات المسلحة الأمريكية في الحرب العالمية الثانية. وانضمت شركات أمريكية أخرى إلى شركة AT&T، منها برَشْ دڤلوپمنت كورپوريشن، من خلال مشروع يترأسه المهندس <S. بيگن> الذي كان يعمل مع ستيله قبل مغادرة ألمانيا النازية عام 1935، وشركة آرمور ريسرش فاونديشن، التي يرأس العمل فيها <M. كامراس>، وشركة جنرال إلكتريك التي كانت تعمل بترخيص من شركة آرمور. تعاونت هذه الشركات في تصنيع آلاف المسجلات ذات الأسلاك المغنطيسية للقوات المسلحة الأمريكية لتدوين سجلات الأداء وتخزين الرسائل على الطائرات والسفن وكذلك في الميدان.

 

إلا أن الخبراء البريطانيين والأمريكيين الذين كانوا يقومون بمراقبة البث الإذاعي النازي كانوا مدركين لحقيقة أن الألمان يملكون جهازا متفوقا وهو المگنيتوفون الذي اكتشفه الحلفاء أثناء اجتياحهم أوروبا في الأشهر الأخيرة من الحرب. وعندما اقتحمت القوات الأمريكية استديوهات راديو لوكسمبورگ، بلّغت عن عثورها على مگنيتوفون يذيع إحدى خطب هتلر الرنانة الأخيرة من نسخة متطورة لشريط فلويمر المطلي. قام الجنود الأمريكيون بتفكيك العديد من الأجهزة المصادرة وأرسلوها إلى الولايات المتحدة، حيث كان لها دور كبير في إثارة الاهتمام بالتسجيل المغنطيسي بعد الحرب.

 

كان من بين أولئك الجنود <J. مولن> الذي عرض أحد المگنيتوفونات على المغني <B. كروسبي> عام 1947. كان هذا المغني المحبوب يقدم برنامجه الإذاعي على الهواء من محطة NBC، لكنه كان يكره القيود التي يفرضها البث المباشر. ونظرا لأن محطة NBC كانت حينذاك تفرض قيودا على الاستعراضات المسجّلة، فقد التحق كروسبي بمحطة ABC التي كانت تتبع سياسة أكثر تحررا. غير أن نوعية التقانة التي كانت موجودة، والتي كانت تتطلب التسجيل وإعادة التسجيل على أقراص فونوگرافية تدور بسرعة 3/1 33 دورة في الدقيقة كانت رديئة في معظم الأحيان. لذلك بعد أن استمع كروسبي إلى المگنيتوفون اقتنع به وأصبح برنامجه أول برنامج إذاعي رئيسي يذاع في الولايات المتحدة من مسجلات مغنطيسية.

 

الولايات المتحدة تلحق بالركب

على مدى شهور ظل مولن يستخدم الآلات والشرائط التي جاء بها من ألمانيا. لكن شركة أمپكس كورپوريشن أنتجت عام 1948 نسخة محسّنة من المگنيتوفون، وسرعان ما سوّق مصنّعون آخرون منتجات منافسة. وفي هذه الأثناء طوّرت شركات مثل شركة 3M شرائط تسجيل أفضل. وفي غضون سنوات قليلة حل الشريط المغنطيسي محل السلك باعتباره وسيط التسجيل المغنطيسي السائد، وأصبح استخدام البرامج الإذاعية المسجلة على أشرطة أمرا مألوفا في الولايات المتحدة. إن سهولة إجراء عملية التحرير على الأشرطة المغنطيسية مكنت من القيام بمختلف التجديدات بما في ذلك قَرْن splicing تسجيلين أو ثلاثة تسجيلات لأغنية ما من أجل الحصول على أداء مقبول، وإضافة أصوات مسجلة سلفا، كصوت ضحكات جمهور، وحذف بعض الأجزاء القصيرة غير المرغوب فيها كصوت سعال كروسبي غير المقصود الذي جاء بعد قوله عبارة «إذا كنتم تحبون التدخين» التي قالها في أحد الإعلانات التجارية لسگائر تشسترفيلدChesterfield.

 

قام كامراس وآخرون أيضا بترويج التسجيل المغنطيسي من أجل مسارات الصوت في الأفلام السينمائية التي استخدَمت منذ ولادة الأفلام السينمائية الناطقة منظومة بصرية تُحوِّل الصوت إلى إشارة ضوئية متغيرة الشدة يمكن التقاطها فيما بعد على غشاء (فيلم). كما راجت هذه التقانة بسرعة، لأن التسجيل المغنطيسي بسط بصورة كبيرة عملية تحرير ومزج كل من الحوار والموسيقى والمؤثرات الصوتية. وبحلول عام 1951، كانت الأغلبية العظمى من إنتاج هوليوود الأصلي تسجل تسجيلا مغنطيسيا على الرغم من أن التسجيلات الصوتية الفعلية التي تقدم في دور العرض السينمائي كانت لاتزال تعتمد على البصريات بصورة أساسية.

 

وكان التلفزيون إحدى وسائل التسلية الأخرى التي سرعان ما تبنت التسجيل المغنطيسي للصوت في سنوات ما بعد الحرب، فبحلول عام 1949 كان يستخدم أفلاما أكثر من هوليوود. وكانت تلوح في الأفق تقانة قريبة تَعِد بأن تكون مثالية بالنسبة إلى التلفزيون، وهي التسجيل المغنطيسي المرئي (الڤيديوي). لكن كان على المهندسين أن يتغلبوا أولا على عقبة رئيسية.

 

يتطلب التسجيل السمعي إنتاج إشارات تصل تواتراتها إلى 000 20 دورة في الثانية، وهو أعلى حد يمكن أن تميزه الأذن البشرية. من جهة أخرى، ينبغي على الإشارات الڤيديوية أن تحمل وأن تقدم بيانات أكثر بكثير. فالتلفزيونات في الولايات المتحدة كانت، من أجل أن تحدث لدى المشاهد ذلك الوهم بالحركة الدائمة، تعرض 30 صورة كاملة في الثانية (في معظم أوروبا وفي أمكنة أخرى كثيرة كان عدد الصور 25 صورة) تتألف كل واحدة من عدة مئات من الخطوط الأفقية، يحوي كل خط منها مئات النقاط الدقيقة.

 

بدلا من محاولة تسريع الشريط المغنطيسي، ركّب مهندسو الڤيديو بذكاء رأس التسجيل/الاستماع على عجلة دوّارة لزيادة الحركة النسبية بين الرأس والشريط المتحرك. وباستخدام مثل هذه الآلية، قدمت شركة أمپكس عام 1956 أول مسجّلة ڤيديو تجارية. أما اليوم، فإن البث التلفزيوني المسجل صار شائعا بحيث إن العروض القليلة غير المسجّلة كثيرا ما تتباهى بأنها مباشرة.

 

إن التأثير الذي تركته الحرب العالمية الثانية في التسجيل المغنطيسي قد تجاوز مجال التسلية. كما أن المجهود الحربي للولايات المتحدة الأمريكية سرّع أيضا تطوير الحواسيب الرقمية الإلكترونية. فأولى هذه الآلات ـ ويرلوِندWhirlwind I التي طوّرها معهد ماساتشوستس للتقانة في الأربعينات والخمسينات ـ كان لها «ذاكرة مركزية» هي عبارة عن صفيف ثنائي الأبعاد من المغانط الحديدية البالغة الصغر والحلقية الشكل. ويمكن مغنطة الملفات الحلقية إما باتجاه أو عكس اتجاه عقارب الساعة لتمثل الرقم 0 أو 1 ثنائيا. وهنالك أشكال أخرى من ذواكر الحواسيب المغنطيسية تتضمن شريطا (حاسوب يونيڤاك I UNIVAC، وهو أول حاسوب تجاري في الولايات المتحدة اعتمد على شريط مغنطيسي لذاكرته الإضافية) وأسطوانات (أسطوانات مطلية ذات مسارات حول محيطها) وأقراص (بنوعيها الصلب والمرن).

 

في السبعينات، حلّت الدارات المتكاملة محل الذواكر المركزية، لكن الأقراص الصلبة المغنطيسية مازالت الشكل الأساسي لتخزين البيانات داخل الحاسوب. وقد حققت الصناعة، حديثا جدا، تقدما سريعا في زيادة كثافة التخزين على الأقراص. وقد أفسحت الطبقات السطحية، المصنوعة من حبيبات أكسيد الحديد، الطريق أمام صنع أغشية رقيقة من سبائك غنية بالكوبالت تمتاز بكونها أكثر مغنطة من الأكاسيد. إضافة إلى ذلك، ترتحل تقانة رؤوس القراءة من التحريض الكهرمغنطيسي إلى المقاومية المغنطيسية magnetoresistive  التي يتم فيها الكشف عن تغيّر الحقل المغنطيسي في القرص كتغيرات في المقاومة الكهربائية لرأس القراءة الذي يعلوه. [انظر: “Data-Storage Technologies for AdvancedComputing”, by Mark H. Kryder; Scientific American, October 1987].

 

وهكذا، وعلى الرغم من ازدياد المنافسة من المنظومات البصرية المعتمدة على الليزر كالأقراص المدمجة سي دي روم، يبقى التسجيل المغنطيسي بجميع أشكاله (بما في ذلك طريقة هجينة تدعى بصرية ـ مغنطيسية magneto-optical) هو التقانة السائدة للتخزين الإلكتروني للمعلومات.

 

منذ الخمسينات، أخذت معرفة عامة الناس بالتسجيل المغنطيسي تزداد من خلال التقدم السريع المستمر في المنتجات الاستهلاكية. وفي عام 1963، أنتجت شركة فيليبس أشرطة التسجيل السمعية المدمجة، وفي غضون عقدين فاقت مبيعات مثل هذه المنتجات مبيعات أسطوانات الفونوگراف. وفي السبعينات، توافرت أجهزة تسجيل الڤيديو للاستخدام المنزلي، بحيث يجني الآن العديد من الأفلام السينمائية عوائد مالية من تأجير أشرطة الڤيديو أكثر مما يدره عرض هذه الأفلام في دور السينما. كما ازدادت بصورة مثيرة مبيعات الآلات المزدوجة للتصوير والتسجيل الڤيديوي التي ظهرت في الثمانينات، وكذلك ازداد استخدام البيانات المكوّدة مغنطيسيا على بطاقات الائتمان وبطاقات آلات صرف النقود ومفاتيح غرف الفنادق والبطاقات الشخصية الخاصة بالموظفين وبطاقات العبور. واليوم يملك العديد من المنازل آلات مجيبة على الهاتف ـ وهو التطبيق نفسه الذي كان وراء اختراع پولسن قبل قرن من الزمن.

 

التسجيل أم عدم التسجيل

لقد أثار التسجيل المغنطيسي ـ نظرا لقدرته على تخزين كلام البشر وأفعالهم خلسة وبسهولة ـ مسائل أخلاقية. وبغض النظر عن المحاسن أو المساوئ، فإن ذاكرة تجميع assembly من الحبيبات المغنطيسية هي أكثر موضوعية ووثوقية بكثير من الآلية الكهركيميائية للدماغ البشري، التي تتسم بالذاتية (غير الموضوعية) وبوقوعها في الخطأ في كثير من الأحيان.

 

يجب أن توازن أخلاقيات التسجيل المغنطيسي بين البحث عن الحقيقة وحق الخصوصية. ومع أن بعض الناس قد يرتابون في أخلاقيات التسجيلات، التي لا يكون فيها بعض الأطراف أو جميعهم على علم بأنهم موضع التصوير أو التسجيل، فإن صور الڤيديو للضرب الذي تعرض له رودني كينگ لفتت الانتباه إلى وحشية الشرطة في الولايات المتحدة. وفي حالات أقل شهرة، أسهمت آلات التصوير المستخدمة للمراقبة في كشف سوء المعاملة التي تجري في بعض دور الرعاية والمشافي. كما أن أجهزة المراقبة الڤيديوية في المصارف، وأجهزة التنصت على المكالمات الهاتفية التي تسمح بها المحاكم، تقدم بصورة روتينية العديد من المجرمين إلى العدالة. كما أن مسجلات الصندوق الأسود الذي يوضع عادة في قمرة القيادة تساعد على توضيح أسباب تحطم الطائرات.

 

والخلاصة؛ إن فوائد اختراع پولسن عام 1898 كانت بالتأكيد أكثر من أضراره. فقدرة المواد المغنطيسية على تخزين البيانات والمشاهد والأصوات أصبحت في الواقع تقانة لا تقدر بثمن بالنسبة إلى المجتمعات الحديثة. وقد كان من الصعب على پولسن أن يتصور قبل قرن من الزمن النتائج البعيدة المدى لجهازه الغِرّ، أما الآن فقد يحتاج الناس إلى آلة تسجيل مغنطيسية كي يتذكروا جميع هذه النتائج.

 

 المؤلف

James D. Livingston

محاضر أول في قسم علوم المواد وهندستها بمعهد ماساتشوستس للتقانة، ومؤلف كتابي القوة المحركة: السحر الطبيعي للمغانط (الناشر: Harvard University Press, 1996) والخواص الإلكترونية للمواد الهندسية (الناشر: John Wiley & Sons, 12/1998). حصل ليڤينگستون على الدكتوراه في الفيزياء التطبيقية من جامعة هارڤارد، وهو عضو في الأكاديمية الوطنية للهندسة وزميل في الجمعية الفيزيائية الأمريكية وفي الجمعية الأمريكية الدولية للمعادن.

 

مراجع للاستزادة 

MAGNETIC RECORDING. S. J. Begun. Murray Hill Books, 1949.

MAGNETIC RECORDING HANDBOOK. Marvin Camras. Van Nostrand Reinhold, 1988.

MAGNETIC RECORDING: THE FIRST 100 YEARS. Edited by Eric D. Daniel, C. Denis Mee and Mark H. Clark. IEEE Press, 1999.

Scientific American, November 1998

 

(*) 100Years of Magnetic Memories

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى