أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطاقة المتجددةالعلوم البيئيةعلم المناخ

الجليد اللهوب

الجليد اللهوب(*)

بلورات جليدية في قاع المحيط موشاة بالميثان، تختزن من الطاقة

أكثر مما يختزنه احتياطي العالم من الوقود الأحفوري. لكن رواسب

هيدرات الميثان هذه هشة، والغاز الذي يتسرب منها قد يتسبب أحيانا

في تغيير المناخ وذلك عن طريق التسريع في زيادة الاحترار العالمي(1).

<E. سويس> ـ <G. بورمان> ـ <J. گراينرت> ـ <E. لاوش>

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N3_H05_00196.jpg

فقاعات من الميثان تتسرب من كومة متحللة من هيدرات الغاز تحيط بها ديدان أنبوبية. إن مثل هذه الرواسب الهيدراتية الشبيهة بالجليد تصير غير مستقرة عندما ترتفع درجة الحرارة المحيطة بها بضع درجات فوق درجة التجمد، أو عندما ينخفض الضغط إلى أقل من الضغط على عمق نحو 500 متر تحت سطح المحيط.

 

كانت لحظة مثيرة عندما فتح جامع العينات من قاع المحيط فكَّيه الفلزيتين (المعدنيتين) وألقى بصيده على ظهر سفينتنا سونه Sonne. فقد لمعت مادة بيضاء تشبه الثلج الفوّار في وسط الوحل القاتم المستخرج من قعر المحيط الهادي الشمالي. وحينما كنا نرى تلك المادة وهي تذوب أمام أعيننا أحسسنا كأننا استخرجنا ما هو كالذهب بالنسبة إلينا.

 

وكنا مع زملائنا الأعضاء بمركز بحوث العلوم الجيولوجية البحرية (جيومارGEOMAR) الألماني، نبحث عن هيدرات الميثان ـ وهي مركب أبيض يشبه الجليد مكون من جزيئات من غاز الميثان محتجزة داخل حُجيرات من ماء متجمد. ومن أجل تحقيق هذا الهدف قمنا بعدة بعثات كل منها مزودة بآلة تصوير تلفزيونية مربوطة بالسفينة لاستطلاع وفحص حيد مغمور بمياه المحيط يبعد عن ساحل أوريگون نحو مئة كيلومتر. وكانت فحوص زلزالية وأعمال حفر جرت في وقت سابق قد أشارت إلى احتمال أن يكون في هذه المنطقة مخزون لا بأس به من كنزنا. وفي 12/7/1996 لاحظنا وجود بقع بيضاء غريبة في الوحل على عمق 785 مترا تحت سفينتنا.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N3_H05_00197.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N3_H05_00198.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N3_H05_00199.jpg

لقد تقدمت سفينة الأبحاث الألمانية سونه (في الأعلى) الكثيرَ من بعثات استكشاف هيدرات الميثان قبالة ساحل أوريگون. وبمساعدة جامع عينات موجه بآلة تصوير تلفزيونية في صيف عام 1996 (في الوسط) استخرج الباحثون رواسب نقية من حقل لهيدرات الميثان هناك، وتتكون الكتل الوحلية (في الأسفل) من طبقات متعاقبة من هيدرات الميثان النقية البيضاء والرسوبات والحجر الجيري.

 

وقد وجهنا جامع العينات، وهو أداة غريبة الشكل كالمعزقة لها مغرفتان، لينهش قضمة ضخمة من قاع المحيط من أجل أن نتأكد من أن العلامات الدالة على وجود الهيدرات هي علامات صحيحة بالفعل. وقد رأينا توقعاتنا تتحقق حتى عندما كنا نسحب الحمولة. فعندما كنا نرفع جامع العينات، أظهرت آلة التصوير التلفزيونية المركبة داخل فكيه، أن الفقاعات ـ الشاهدة على الإفلات السريع لغاز الميثان ـ بدأت تخرج من كومة الوحل. ونظرا لأن هيدرات الميثان لا تبقى على حالها إلا إذا كانت في درجة حرارة قريبة من التجمد وفي ظروف ضغط عال يوفره ثقل كتلة من الماء فوقها لا يقل ارتفاعها عن 500 متر، فإنها تتحلل بسرعة إذا ما رُفعت فوق هذا العمق. وهكذا فإن سرعة خروج الفقاعات من كتلة الوحل كانت تزداد، كما يزداد بالتالي اندفاعها من سطح المحيط المتلألئ كلما اقتربت العينة من السطح وقبل وقت طويل من ظهور فكي جامع العينات.

 

كنا نتساءل عن كمية الهيدرات السليمة التي ستصل إلى ظهر السفينة. وقد تحركنا بسرعة ونجحنا في تأمين نحو 45 كيلوغراما من الكتل الآزة داخل حاويات مبردة بالنتروجين السائل. وفي النهاية بقيت بضع قطع مما دفعنا إلى إقامة عرض مرتجل يشبه عروض الألعاب النارية؛ إذ بمجرد تقريب عود ثقاب مشتعل من إحدى الكتل البيضاء كان ميثان الهيدرات اللهوب يشتعل باعتباره أيضا أحد المكوِّنات الهيدروكربونية الرئيسية للغاز الطبيعي. وكانت القطعة تحترق باعثة لهبا يميل إلى الاحمرار تاركة وراءها بقعة صغيرة من الماء كشاهد على سابق رونقها وجلالها.

 

قبل عام 1970 لم يكن أحد يعرف أن هيدرات الميثان توجد تحت البحار. وكان ما استخرجناه منها أكبر كمية استخرجت على الإطلاق من أعماق المحيط. ومع ذلك فإن الهيدرات ليست بأي حال من الأحوال شيئا نادر الوجود، بل على العكس فقد ثبت في السنوات الأخيرة أنها توجد بكميات كبيرة وعلى نطاق عالمي، من اليابان إلى نيوجرسي، ومن أوريگون إلى كوستاريكا. وتتفاوت تقديرات هذه الكميات تفاوتا واسعا، إلا أن معظم الخبراء متفقون على أن مجموع الهيدرات الغازية البحرية تؤوي من الكربون ضعفي ما تحويه منه جميع مصادر الغاز الطبيعي والنفط الخام، ورواسب الفحم المعروفة مجتمعة.

 

إن الطاقة المخزونة في هيدرات الميثان يمكن أن توفر الوقود للعالم المتعطش للطاقة في المستقبل (إذا ما ابتكرت تقنيات عملية لاستخراج هذه الطاقة). لكن الهيدرات لها جانب مقلق؛ فالميثان الذي يفلت من الهيدرات التي يتم إفسادُ نظامها تحت البحر، يمكن أن يشكل تهديدا للبيئة. فحتى لو تحلل جزء يسير من تلك الرواسب بفعل العمليات الطبيعية فستنطلق منه كميات مدهشة من الميثان مما يزيد من أضرار الاحتباس الحراري (مفعول الدفيئة) الذي يؤدي إلى احترار الكرة الأرضية.

 

ومع أن الميثان لا يبقى في الغلاف الجوي سوى مدة قصيرة نسبيا ـ عشر سنوات في المتوسط ـ إلا أنه لا يفنى من دون أن يترك بعض الأثر. ففي وجود الأكسجين الحر تتحرر ذرة الكربون الوحيدة في جزيء الميثان من ذراتها الأربع من الهيدروجين لتتحول إلى ثنائي أكسيد الكربون الذي هو من أسوأ غازات الاحتباس الحراري (الدفيئة)؛ لأنه أحد الغازات التي تُضخ في الغلاف الجوي في أثناء احتراق الوقود الأحفوري.

 

ولكن هل تزيد هيدرات الميثان المتحللة من تأثير ظاهرة احترار الكرة الأرضية الآن؟ وهل هناك احتمال بأن تؤدي إلى ذلك في المستقبل؟ لقد كشفت رحلتنا عام 1996، هي وعدة رحلات وتجارب أخرى قمنا بها منذئذ، عن شيء ما يتصل ببنية وأصول مجموعة متنوعة من تلك الرواسب الكبيرة وغير المستقرة بشكل ملحوظ، وزودتنا ببعض الأجوبة حول المسائل المتعلقة بالمناخ. لكن فهمنا للموضوع مازال بعيدا عن الكمال. ومع ذلك فإننا وزملاءنا في «جيومار» مستمرون في بحثنا لكي نفهم بالضبط ما هو الدور الذي تؤديه هيدرات الميثان في مسألة استقرار قاع المحيطات وكذلك في تغيرات المناخ في الماضي وفي المستقبل.

 

الطاقة الجديدة تلفت الأنظار

لقد كان المخزون الهائل من الطاقة في هيدرات الميثان البحرية هو ما لفت انتباه السياسيين في بادئ الأمر. لكن التحديات التي اعترضت استخراج هذه الثروة جعلت بعض المسؤولين يصرفون النظر عن هذا الموضوع. فالهيدرات تتشكل على طول الحواف السفلية للمنحدرات القارية، حيث يهبط قاع البحر من مستوى الرف الصخري الضحل نسبيا الذي يكون عادة تحت السطح بنحو 150 مترا باتجاه لجِّ المحيط البالغ عمقه عدة كيلومترات. وقد يمتد وجود رواسب الهيدرات تحت قاع المحيط إلى عمق عدة مئات من الأمتار ـ وهو عمق يتجاوز حد الأمان في تشغيل أبراج الحفر. إضافة إلى ذلك فإن عدم انتظام القاع في انحداره يجعل من مسألة مد خطوط الأنابيب من تلك الرواسب إلى الشاطئ أمرا صعبا.

 

تحتجز حجيرات متبلورة من الماء المتجمد أحيانا جزيئات من غاز الميثان التي تنطلق عندما تهضم الميكروبات مواد عضوية ضمن وحل قاع البحر (a). إن عينة الهيدرات النقية الموضحة في أعلى الشكل (b) تشكلت على عمق أمتار قليلة تحت قاع البحر قبالة ساحل أوريگون حيث احتُجزت فقاعات غاز الميثان المتصاعدة تحت طبقات من الوحل أكثر كثافة. وقد تفاعل الميثان مع الماء شبه المتجمد ليكوِّن الهيدرات. وفي الشكل (c) فقاعات عدسية الشكل تظهر بوضوح في شريحة أخرى من نفس عينة هيدرات الميثان التي تم صقلها بوساطة منشار بارد.

 

ومع ذلك فقد بدأت البلدان التي لا ترغب في الاعتماد كثيرا على استيراد الوقود الأحفوري بالتغلب على تلك الصعوبات التقنية. ومن المقرر أن تبدأ اليابان مشروعا تجريبيا للحفر بحثا عن الهيدرات قبالة ساحل هو كايدو في الشهر 10/2000؛ كما أن مهندسين من الولايات المتحدة الأمريكية يعكفون حاليا على تبادل الآراء حول كيفية استخراج الطاقة من الهيدرات [انظر ما هو مؤطر في الصفحة المقابلة]. ولكن مادام الغاز الطبيعي والنفط الرخيصان نسبيا متوافرين فليس هناك احتمال بأن تضع معظم البلدان الصناعية ثقلها في البحث عن التقنيات اللازمة لاستخراج الهيدرات بكفاءة.

 

واستحوذت هيدرات الميثان على اهتمام جيولوجيي النفط قبل اهتمام السياسيين بها بفترة يسيرة. وعندما أدرك المهندسون للمرة الأولى في الثلاثينات أن بلورات من الجليد محملة بالغاز كانت تسد أنابيب الغاز والنفط، عكف باحثون على دراسة بنية الهيدرات وتركيبها. وقد توصلوا، على سبيل المثال، إلى معرفة أن بنية أحد نماذج الهيدرات تتكون من حجيرات جليدية يمكنها أن تمتص جزيئات غازية صغيرة مثل جزيئات غاز الميثان وثنائي أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين. كما اكتشفوا نموذجا مختلفا يكوِّن فجوات أكبر بإمكانها أن تحتجز عدة جزيئات صغيرة أو جزيئات هيدروكربونية أكبر مثل غاز الپنتان. إضافة إلى ذلك فقد تبين لهم أن كل حجيرة من الحجيرات يمكن أن تحتجز نوعا مختلفا من جزيئات الغاز.

 

وفي الستينات اكتشف العلماء أن الهيدرات يمكن أن تتكون أيضا في البيئات الطبيعية. فقد عثروا على أول كميات من هذه الرواسب الطبيعية في مناطق الجمد السرمدي بسيبيريا وأمريكا الشمالية، حيث يُطلق على هذه المواد اسم غاز المستنقعات. وفي السبعينات عثر الجيوفيزيائيان <G. بريان> و<J. إيوينگ> [من مرصد الأرض في لامونت دوهرتي بجامعة كولومبيا] على الدلائل الأولى على أن هيدرات الميثان تكمن أيضا تحت قاع المحيط. وجاءت هذه الدلائل من الدراسات الزلزالية في مَعْلم طوله مئة كيلومتر قبالة ساحل كارولينا الشمالية يسمى حيد بليك Blake Ridge.

 

يمكن لعلماء الزلازل أن يميزوا بين الطبقات تحت قاع البحر نظرا لأن الموجات الصوتية التي ترتد إلى أجهزتهم تختلف باختلاف أنواع التراب والصخور التي تصطدم بها. وقد رأى بريان وإيوينگ انعكاسات غير عادية تصدر عن قاع المحيط على عمق 600 متر تحاكي الخط الكفافي (الكنتوري) contour للارتفاعات المتطاولة في القاع. وكان استنتاجهما كالآتي: إن ذلك العاكس الذي يحاكي القاع هو الحد الفاصل بين طبقة من هيدرات الميثان وطبقة أخرى من غاز الميثان الحر الذي تجمع تحتها. وقد وجد خبراء آخرون معالم مشابهة في أمكنة أخرى. وسرعان ما صار هذا النوع من العاكس يُرسم في الخرائط على اعتبار أنه طبقة من رواسب هيدرات الميثان في أحواض المحيطات حول العالم.

 

أهو وقود المستقبل؟

إذا عرفنا الكم الهائل من رواسب هيدرات الميثان البحرية في العالم ـ وهو أكثر من ضعفي احتياطي الكربون المخزون في جميع أنواع الوقود الأحفوري مجتمعة ـ فلن يدهشنا أن تكون الوكالات الحكومية وصناعات البترول والغاز الطبيعي مهتمة منذ أمد بعيد بجني ثمار هذا المورد الجديد من الطاقة. وهناك أبحاث وبرامج تطوير لهذا المورد قائمة بالفعل في عدد من البلاد، وبخاصة في اليابان؛ ولكن استخراج هذه الطاقة من خزائنها العملاقة بتكاليف معقولة مازال أمرا تكتنفه صعوبات ضخمة.

ليس أقل هذه التحديات كون رواسب الهيدرات توجد في الوحل المحيطي في عمق يصل إلى كيلومتر تحت قاع البحر. إضافة إلى ذلك فإن الهيدرات تتحلل بسرعة إذا ما نُقلت من حالة الضغوط العالية ودرجات الحرارة المنخفضة التي تسود في أعماق البحر. وحتى لو أن المهندسين استطاعوا إنشاء نظام لرفع حمولة من الهيدرات إلى السطح قبل أن تفنى، فإن استخراج الميثان من وسط الوحل والصخور سيبقى معضلة في حد ذاته.

كما أن استخراج غاز الميثان المحتجز تحت طبقة الهيدرات ليس بالأمر الأكثر سهولة. فعلى النقيض من الأحوال التي تسود في رواسب الغاز الطبيعي العادي فإن ضغط حمولة الماء والصخر فوق طبقة الهيدرات أقل من أن يؤدي إلى طرد الميثان بمعدل يكفي لجعل استخراجه اقتصاديا.

ومع ذلك فإن هيدرات الميثان ليست بعيدة تماما عن متناول أيدينا. فباستعمال طرق شبيهة بتلك المستعملة في استخراج البترول الثقيل واللزج يمكن للمهندسين أن يضخوا بخارا أو ماء ساخنا عبر حفر ثقب لإذابة الهيدرات وتحرير مزيد من الميثان. ويمكنهم بعد ذلك ضخ الميثان المحرر إلى سطح قاع البحر عن طريق حفر ثقب آخر. وفي آخر الأمر لا بد من نقل الميثان إلى الشاطئ ولكن مد أنابيب تحت البحار مكلف جدا، وانهيارات المنحدر القاري تهدد بنيانها. كما أن عملية تعدين الهيدرات نفسها التي ساعدت على استقرار المنحدر قد تزيد من هذا الخطر.

وينعكس مدى هذه الصعوبات في الجرأة التي تنطوي عليها بعض مقاربات التعدين التي يناقشها الخبراء في هذا الميدان. فعلى سبيل المثال يقترح <T. كوليت> [من هيئة المساحة الجيولوجية للولايات المتحدة في دنفر] توفير ثمن الأنابيب بتسييل الغاز على متن السفن أو منصات الحفر. وفي خطة كوليت سيحترق الميثان جزئيا مكونا هيدروجينا وأحادي أكسيد الكربون. ومن ثم سيكون بالإمكان، باستخدام مادة محفّزة، تحويل الخليط إلى هيدروكربون سائل ينقل بسهولة بوساطة السفن. والجانب السيئ في هذه الخطة هو كونها تنطوي على خسارة 35 في المئة من الطاقة.

على خلاف ذلك يتصور <R. ساسين> [من جامعة A&M بتكساس] إقامة منشأة للإنتاج فوق قاع المحيط حيث يتحد الميثان المتصاعد بالماء ليكوِّن هيدرات غير مختلطة بالوحل أو الصخور. وبعد ذلك تقوم غواصات بقطر الهيدرات المعبأة في خزانات منطادية الشكل إلى أمكنة أكثر ضحالة حيث يمكن للمهندسين تحليلها إلى ماء ووقود.

ويقول ساسين: «سنرى في القرن الحادي والعشرين هيدرات الغاز وقد صارت ثروة ذات أهمية كبيرة ونظيفة بيئيا.» وبالفعل فإن شركات التعدين قد تجد نفسها مضطرة للاستثمار في التقانات اللازمة لاستغلال آخر أكبر احتياطي عالمي من الوقود ذي القاعدة الكربونية عندما تنفد المخزونات العالمية الأخرى من الطاقة.

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N3_H05_00201.jpg

 

في عام 1996، استعملنا العاكس المحاكي للقاع مع آلات تصوير تلفزيونية تحت الماء لترشدنا في بحثنا عن هيدرات الميثان على امتداد خط من النتوءاتpromontory في قاع المحيط الهادي الشمالي، صار يسمى منذ ذلك الوقت «حيد الهيدرات» Hydrate Ridge. وقد مكنتنا هيدرات الميثان السليمة التي نجحنا في استخراجها في أثناء تلك البعثة من إجراء أول دراسة تفصيلية لهذه المادة غير العادية. وعندما مكنتنا هذه الدراسة من تحليل بنية وكيمياء التركيب المجهري لهذه المادة صار بإمكاننا تأكيد الرأي السائد والمعقول الذي كان يفتقر إلى البرهان بأن الميثان ينشأ عن التحلل الميكروبي لمواد عضوية في الرُّسابة.

 

ونجحت الاختبارات الكيميائية في الكشف عن كون الهيدرات غنية بالكربون 12 في حين أن الميثان غير العضوي الذي يتسربُ من سلاسل الجبال البركانية وفجواتها الأنبوبية يحتوي على مستويات أعلى من الكربون 13، وهو نظير كربوني يحمل نيوترونا إضافيا. لكن البكتيريا التي تهضم المادة العضوية في ظروف نقص الأكسجين كتلك الظروف التي توجد في الرُّسابة المكوِّنة لقاع البحر تميل إلى عزل المزيد من الكربون 12 في الميثان الذي تولِّده.

 

وقد تبين أيضا أن قاع المحيط قبالة شاطئ أوريگون هو مسرح عمليات ناجح على وجه خاص لتقييم درجة استقرار رواسب هيدرات الميثان ودورها الكامن في إطلاق الكربون إلى الغلاف الجوي. وإذا ما ربطنا هذه التحليلات وبحوث جرت في مواقع أخرى نجد أنها تشير إلى أن رواسب هيدرات الميثان يمكن أن تكون غير مستقرة بدرجة تثير القلق.

 

وحاليا نعرف أن قاع البحر في عدد من الأمكنة على طول حيد «الهيدرات» مرصوف تماما تقريبا بمئات الأمتار المربعة من الهيدرات. وتشكل هذه الرواسب جزءا من مجموعة الرُّسابات التي تعتلي الصفيحة التكتونية «جوان دي فوكا» التي تنزلق تحت أمريكا الشمالية بمعدل 4.5 سنتيمتر في السنة. وفيما تغور الصفيحة التكتونية «جوان دي فوكا» تحت القارة، تجز الصفيحة العلوية الرّسابات والهيدرات التي تحملها الصفيحة السفلية جزئيا وتضغطها على هيئات طيات أو أكوام في عدة طبقات عالية، فتبدو وكأنها رصَّات عملاقة من فطائر الپانكيك. وتُشكل هذه المادة المشوهة إسفينا من الوحل يتراكم مقابل الصفيحة الأمريكية الشمالية على هيئة حيود تنتظم موازية تقريبا للساحل.

 

رَيِش(2) ميثانية

وكان أحدنا (سويسّ) أول من لاحظ تلك الحيود في عام 1984 وما يلفها من عالَم بارد وليل سرمدي، وذلك من غواصة البحوث الڤين التي يقوم معهد وودز هول لأبحاث المحيطات بتشغيلها. فقد رأى سويس من خلال نافذة الغواصة منظرا لمداخن حجرية مبنية من معادن ترسبت من الشابورات(3) hazes المائية والغازات التي تنزها قشرة الأرض. ولم ندرك إلا فيما بعد أن هذه المداخن ليست إلا نتاجا جزئيا من نتاجات رواسب هيدرات الميثان التي انضغطت بشدة مع تحرك صفيحة تكتونية فوق صفيحة أخرى.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N3_H05_00202.jpg

إن رواسب الهيدرات التي تحتوي على الميثان وغازات أخرى، منتشرة عالميا تحت قاع البحر وفي مناطق الجمد السرمدي على اليابسة [انظر الخريطة]. وتحتوي هيدرات الغاز من الكربون العضوي أكثر مما تحويه منه أي مكامن عالمية أخرى.

 

وكانت رِيَش من الغازات والسوائل تتسرب أيضا على امتداد الصدوع التي تخترق الرُّسابات وهيدرات الغاز. ومع أن هذه الريش، التي تسمى أيضا الفوهات الباردة، تختلف عن الينابيع الحارة التي تتكون على طول سلاسل الجبال في وسط المحيط (حيث تنبع الحمم من خلال شق في أرضية البحر)، إلا أنها دافئة بالقدر الكافي لتحدث مزيدا من عدم الثبات للهيدرات. وتذوب هذه الريش عندما ترتفع درجة حرارة المناطق المحيطة به بضع درجات فقط فوق درجة التجمد. وعندما تتشكل هيدرات جديدة بالقرب من قاع البحر تذوب الأجزاء السّفلى، وهذا يؤدي إلى صعود الطبقة العليا ككل إلى الأعلى بمرور الوقت.

 

ويؤدي ذوبان قعر طبقة من الهيدرات ليس إلى تحرير الماء العذب منها فحسب، بل أيضا إلى انطلاق الميثان وكميات صغيرة من كبريتيد الهيدروجين والأمونيا. وتصبح هذه الكيميائيات عندما تتأكسد وتتحول إلى ثنائي أكسيد الكربون وكبريتات ونترات غذاء لمجموعات كبيرة من البكتيريا آكلة الكيميائيات. وهذه الميكروبات تتحول بدورها إلى غذاء لكائنات حية أخرى كالمحاريات والديدان الأنبوبية. وتبرز واحات الحياة هذه بوضوح فوق قاع البحر الذي يندر أن تكون فيه كائنات حية.

 

لقد أظهرت أبحاثنا أيضا أن الغازات المنطلقة عند هذه الفوهات الآهلة بالحياة، ينشأ عنها نشاط تحويلي هائل للكربون. فتأكسد الميثان المنطلق يولِّد البيكربونات التي تتحد بأيونات الكالسيوم في ماء البحر مكونة كربونات الكالسيوم التي تعرف باسم شائع هو الحجر الجيري. وهذا الحجر الجيري هو الذي رآه سويس عام 1984 على هيئة مداخن وبطانات للفوهات على امتداد قمة حيد الهيدرات ـ والذي أصبحنا الآن ندرك بأنه ليس سوى مقدار ضئيل من طبقة هيدرات أكثر عمقا.

 

من قاع البحر إلى السماء

كيف يمكن أن تغير هيدرات الميثان المناخ

ربما تسهم رواسب الهيدرات في زيادة الاحترار العالمي عن طريق إطلاق الميثان، الذي هو أحد غازات الاحتباس الحراري، بالتدريج إلى الجو (1-5). كما أن بإمكان الانطلاق الكارثي للميثان من الهيدرات أن يؤدي إلى رفع درجة حرارة الأرض أيضا. تتكون الهيدرات في بادئ الأمر عندما تصعد فقاعات الغاز خلال رسابات قاع البحر فتُحتجز تحت طبقات من الوحل أكثر كثافة منها. وفي هذه البيئة ذات الضغط العالي يتفاعل الميثان المتراكم مع الماء الذي تقارب درجة حرارته درجة التجمد لتكوِّن هيدرات في الفراغات الدقيقة في الرسابات.

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N3_H05_00203.jpg

ويوجد على الجانب الغربي من حيد الهيدرات كتل ضخمة من الحجر الجيري تغطي صدعا أحدثه فلق كبير في القشرة الأرضية. ولكن على الرغم من غطاء الحجر الجيري ونشاط الأحياء التي تعيش في الفوهات فإن كميات كبيرة من الميثان تتسرب إلى مياه المحيط. وفي الحقيقة قمنا بقياس تركيزات أكبر بنحو 1300 مرة من محتوى الميثان في ماء في حالة توازن مع محتوى الميثان من الهواء. ومازلنا نجهل حتى الآن مقدار الميثان الذي يتأكسد في الماء، ومقدار ما ينطلق منه بالفعل إلى الهواء؛ إلا أن من السهل علينا أن نتصور أن بإمكان زلزال أو حادث تكتوني ضخم آخر أن يُطلق في الجو كميات كبيرة من هذا الغاز الذي هو من غازات الاحتباس الحراري الفعَّالة.

 

إن الباحثين في مركز بحوث العلوم الجيولوجية البحرية لديهم فكرة أفضل كثيرا عن كمية الميثان المنطلق على هيئة رِيَش من حقول الهيدرات في بحر أُخوتسك Sea of Okhotsk قبالة الساحل الشرقي لآسيا. وترسم كلٌّ من شبه جزيرة كمتشاتكا وقوس جزر الكوريل حدودَ هذا الجسم المائي، الذي تعادل مساحته مساحة بحر الشمال وبحر البلطيق مجتمعين. وفي صيف 1998 سجل فريق ألماني روسي مشترك باستعمال جهاز سونار للكشف عن تجمعات الأسماك ارتفاعات ريش ميثانية من رواسب هيدرات الميثان المتوضعة فوق قاع البحر، تبلغ 500 متر. ونحن أيضا رأينا بوساطة آلة التصوير التلفزيونية المربوطة بسفينتنا مداخن عملاقة ذكَّرتنا بالفوهات الباردة المصطفة على طول حيد الهيدرات في المحيط الهادي.

 

وحتى قبل أن نحصل على دليل بصري على رواسب الهيدرات كنا نعرف أن كميات هائلة من الميثان تتراكم تحت غطاء الجليد الذي يغطي معظم بحر «أُخوتسك» لمدة سبعة أشهر من السنة. وقد قمنا بقياس تركيز يبلغ 6.5 مليلتر من الميثان في كل لتر من الماء تحت الجليد مباشرة، وذلك في أثناء بعثة عام 1991. ولما خلا البحر من الجليد في الصيف التالي انخفض هذا الرقم إلى 0.13 فقط؛ أما الفرق فقد تسرب إلى الجو. ومثل هذا الفيض من الميثان لم يُشاهد في أي مكان آخر من العالم؛ لذا فقد يكون هذا الحدث فريدا. ومع ذلك فإن هذا القياس الوحيد لكمية الميثان الذي يتسرب من بحر أُخوتسك يوضح تماما أن هيدرات الميثان تحت المحيطات يمكن أن تكون مصدرا مهما للميثان الجوي. وللمساعدة على تقدير مدى تأثير الميثان في المناخ، سواء التأثير الحالي أو المستقبلي، يقوم العلماء حاليا بجمع عينات من تركيزات الميثان في بحر أُخوتسك كل شهرين.

 

أرض غير مستقرة

يمكن للريش الناشئة عن تصدُّع قاع البحر والتحلل الطبيعي للهيدرات أن تطلق غاز الميثان ببطء في الجو، إلا أنه تبين أن هذه السيرورة تكون أحيانا أكثر تفجرا. ففي صيف 1998 وجد فريق بحث روسي من معهد شيرشوف لعلوم البحار في موسكو حقول هيدرات غير مستقرة قبالة الساحل الغربي للنرويج، واشتبهوا بأنها سبب أحد أكثر حوادث التاريخ إثارة للخشية من حيث تسرب الميثان المحتجز. وهذا الحدث معروف بانهيال ستورِّيگا Storrega تحت سطح  البحر.

 

وكان العلماء قد عرفوا من الاستكشافات السابقة لقاع البحر أنه قبل 8000 سنة انزلق ما يبلغ حجمه 5600 كيلومتر مكعب من الرُّسابة مسافة 800 كيلومتر من الحافة العليا للمنحدر القاري إلى حوض بحر النرويج على خط عرض تروندهايم تقريبا. ولا بد أن عواقب انزلاق مثل هذا الكم من الوحل دافعًا الماء من طريقه كانت بمثابة تسونامي(4) مدمر ـ وأمواج مرتفعة مروعة غمرت فجأة الشريط الساحلي.

 

ويوحي وجود حقول هيدرات الميثان في نفس قاع البحر القريب بأن الهيدرات غير المستقرة هي التي فجَّرت الانزلاق عندما تحللت بسرعة بسبب تغير الضغط أو درجة الحرارة في أعقاب العصر الجليدي الأخير. ذلك أنه عندما تراجعت المجلدات، لم يعد قاع البحر يحمل ذلك الحمل الهائل من الجليد، ولما ارتد البر وعاد إلى ارتفاعه السابق، ارتفعت أيضا درجة حرارة مياه البحر والجليد الذي فوقها وصار البحر أكثر ضحالة فعمل على الإخلال فجأة باستقرار الهيدرات.

 

هل يمكن أن تقع مثل هذه الحادثة الجيولوجية مرة أخرى؟ يبدو أن خطر وقوع انزلاق أرضي جديد قبالة ساحل جنوب النرويج ضئيل جدا؛ لتحلل معظم حقول الهيدرات هناك. لكن موضوع استقرار المنحدر القاري أخذ يكتسب أهمية بالغة نظرا لارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية في الوقت الحالي، وللاحتمال القوي بحدوث المزيد من التغير في مناخ الأرض في المستقبل القريب. فالهيدرات التي صارت بنيتها غير مستقرة لن تسهم في إطلاق أمواج التسونامي فحسب، بل إنها ستتحلل ومن ثم تطلق غاز الميثان في مياه المحيطات. وبالفعل فإن انصهار مجرد متر مكعب واحد من الهيدرات يطلق ما يصل إلى 164 مترا مكعبا من الميثان يصل بعضه بالتأكيد إلى الجو. وبدوره فإن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي السفلي من شأنه أن يسخن المحيطات محدثا حلقة مفرغة من مزيد من ذوبان الهيدرات، ومزيدا من تسخين الجو.

 

ويعتقد كثير من الباحثين أن بإمكان انطلاق ميثان متفجر من موقع كبير واحد أن يُحدث تغيرات مناخية واسعة في فترة زمنية وجيزة. وقد وضع <P .J. كنيت> [وهو عالم بحار من جامعة كاليفورنيا في سانتا بربارا] فرضية تقول إن الانطلاق الكارثي للميثان ربما كان السبب في الزيادة الملحوظة في درجة الحرارة التي حدثت على مدى عدد قليل من العقود خلال العصر الجليدي الأخير قبل 000 15 سنة. وحديثا وجد فريق دولي بقيادة عضو الجيومار السابق <J. مينرت> [وهو الآن في جامعة ترومسو بالنرويج] شواهد محتملة على ذلك الانطلاق الميثاني على قاع بحر بارينتس بالقرب من الطرف الشمالي الشرقي للنرويج.

 

فقد وجد الفريق هناك حقولا من الانخفاضات العملاقة، تذكِّر بالحفر التي تُحدثها القذائف، وهي ترقِّط رواسب هيدرات الميثان المجاورة. وقام فريق مينرت بقياس أكبر هذه الفوهات فوجدها بعرض 700 متر وبعمق 30 مترا ـ وذلك حجم يوحي بانفجارات كارثية للميثان. ولكن ما لم يتم التحقق منه بعد هو ما إذا كانت تلك الانفجارات قد وقعت في الوقت نفسه تقريبا، لكن الصدوع والشواهد البنيوية الأخرى تشير إلى احتمال أن تكون قد حدثت حول نهاية العصر الجليدي الأخير كما اقترح <كنيت>. وعلى الأغلب فإن تلك الانفجارات اتبعت سيناريو مثل ذلك الذي اقتُرح كسبب لحدوث انهيال ستوريگا، وخلاصته أن ارتفاع درجة حرارة مياه البحار يجعل الهيدرات غير مستقرة بحيث إنها تنفجر كالبركان عندما تصل إلى النقطة الحرجة.

 

إشارات أقدم

واكتشف الباحثون أيضا شواهد تدل على أن الميثان المنطلق من هيدرات الغاز أثَّر في مناخ الكرة الأرضية في الماضي الأبعد ـ أي عند نهاية عصر الپاليوسين قبل نحو 55 مليون سنة. فالشواهد الأحفورية تشير إلى أن درجة حرارة البر والبحر ارتفعت بشكل ملحوظ في أثناء ذلك العصر، إذ انقرضت أنواع كثيرة من الأحياء الوحيدة الخلية من ساكنات رسابات قاع البحر. ويُظن أن فيضا من بعض غازات الاحتباس الحراري تدفق في الجو فأدفأ الكوكب، ولكن ما هو مصدر تلك الغازات؟ لقد تبين أن نظائر الكربون carbon isotopes هي مفتاح تفسير أسباب ذلك الارتفاع السريع في درجة الحرارة.

 

رصد العلماء ازديادا لافتا للنظر في نظير الكربون 12 الأخف في الأصداف المحفوظة لكائنات مجهرية نجت من فترة ارتفاع درجة الحرارة. ويبدو أن هيدرات الميثان هي المصدر الأكثر احتمالا للكربون الخفيف ولتدفق غازات الاحتباس الحراري ـ لأن مواقع هذه الرواسب هي الأمكنة الوحيدة التي يتراكم فيها الميثان العضوي بمستويات يمكن أن تؤثر في البصمة النظائرية لمياه البحر عندما تذوب تلك الرواسب. وتنتشر الزيادة في الكربون 12 المميزة للهيدرات في مياه البحر مع الميثان المنطلق وتبقى مستمرة على هيئة ناتج أكسدتها، ألا وهو ثنائي أكسيد الكربون. وبدوره يندمج بعض ثنائي أكسيد الكربون في أصداف الكائنات البحرية المكونة من كربونات الكالسيوم فيما يتخذ بعضه الآخر طريقه إلى الجو ليسهم في تدفئته.

 

واستخدم <G. ديكنز> [وهو الآن في جامعة جيمس كوك بأستراليا] محاكاة حاسوبية ليختبر ما إذا كانت هيدرات الميثان المذابة قد نفثت من غازات الاحتباس الحراري ما يكفي لتعريض الأرض لصدمة حرارية قبل 55 مليون سنة. وقد أسس ديكنز (ومعاونوه السابقون في جامعة ميتشيگن) محاكاتهم الحاسوبية على افتراض أن الهيدرات المناظرة لنحو 8 في المئة من الاحتياطي العالمي الحالي منها تحللت في ذلك الوقت. ونظرا لأن الميثان المنطلق يتحول في الحال (على مقياس زمني جيولوجي) إلى ثنائي أكسيد الكربون فقد اقتفوا أثر هذا المركب فقط.

 

وخلال 000 10 سنة ممثلة حاسوبيا ظهر 160 كيلومترا مكعبا من ثنائي أكسيد الكربون المحتوي على الكربون 12 في نموذجهم للغلاف الجوي كل عام. وإضافة هذه الكمية من ثنائي أكسيد الكربون إلى الجو سببت ارتفاع درجة حرارة الطبقة السفلى من الجو بمقدار درجتين سيلزيتين. وفي الوقت نفسه تحركت النسبة النظائرية للكربون في الماء والجو لتناظر القيم التي لوحظت في المستحاثات. وزيادة على ذلك فإن هذه النسبة النظائرية للكربون عادت بالتدريج إلى قيمتها العادية خلال 000 200 سنة، تماما كما حدث في السجلات الأحفورية الفعلية.

 

ويعتبر نموذج ديكنز مقنعا جدا ولكنه نادر. وحتى الآن فإن واضعي النماذج المناخية الحاسوبية لا يعيرون كبير اهتمام لأهمية كون هيدرات الغاز هي المصادر الطبيعية التي ينطلق منها الميثان كأحد الغازات المسببة للاحتباس الحراري. كما أن ما تضيفه هيدرات الميثان إلى ميزانية الكربون في الغلاف الجوي لم تؤخذ بعين الاعتبار بالقدر الكافي. وهكذا فإن محاولة الخروج بمعلومات تصحح هذا القصور هي من أكبر الحوافز لبحوثنا في مجال هيدرات الميثان بمركز جيومار. ولسوف نستمر في التركيز على حيد «الهيدرات» قبالة ساحل أوريگون. وقد استهدفت ذلك الموقع ثماني بعثات بحرية عام 1999. وسنعاين أيضا قاع البحر قبالة سواحل كوستاريكا ونيكاراگوا وجزر اليوشن بآلاسكا ونيوزيلاند. ومهما يحدث في أبحاث هيدرات الميثان فإن مستقبلها لن يفتقر إلى النشاط.

 

 المؤلفون

E. Suess – G. Bohrman – J. Greinert – E. Lausch

عملوا معا في قسم الجيولوجيا البيئية البحرية بمركز أبحاث العلوم الجيولوجية البحرية جيومار Geomar في مدينة كيل بألمانيا. يرأس سويس القسم منذ إنشائه في عام 1988، ويدير هذا المركز منذ عام 1995. أما بورمان فهو مدير مَحْفظ العينات اللبية التابع للمركز والذي يحوي مجموعة واسعة من عينات الرسابات البحرية المخصصة للتحاليل العلمية. ويعمل گراينرت باحثا بعد الدكتوراه. والثلاثة معا يكوِّنون إحدى المجموعات العالمية الرائدة في مجال دراسة هيدرات الميثان والينابيع الباردة تحت البحار. أما <E. لاوش> الكاتب العلمي، فهو عضو في مجلس الاستشاريين التابع للمركز جيومار، وأمين لهذا المركز.

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N3_H05_00204.jpg

من اليسار إلى اليمين: <E. سويس>، <E. لاوش>، <J. گراينرت> و <G. بورمان>

 

مراجع للاستزادة 

AUTHIGENIC CARBONATES FROM THE CASCADIA SUBDUCTION ZONE AND THEIR RELATION TO GAS HYDRATE STABILITY. Gerhard Bohrmann et al. in Geology, Vol. 26, No. 7, pages 647450;1998.

FLUID VENTING IN THE EASTERN ALEUTIAN SUBDUCTION ZONE. Erwin Suess et al. in Journal of Geophysical Research B: Solid Earth and Planets, Vol. 103, No. B2, pages 2597-2614; February 10, 1998.

GAS HYDRATES: RELEVANCE TO WORLD MARGIN STABILITY AND CLIMATE CHANGE. Edited by J.-P. Henriet and J. Mienert. Geological Society Special Publications, Vol. 137;1998.

POTENTIAL EFFECTS OF GAS HYDRATE ON HUMAN WELFARE. Keith A. Kvenvolden in Proceedings of the National Academy of Sciences USA, Vol. 96, No. 7, pages 3420-3426; March 30,1999.

Scientific American, November 1999

 

(*) Flammable Ice

(1) global warming ارتفاع حرارة الكرة الأرضية.

(2) plumes، ج: ريشة.

(3) ج: شابورة، أو ضبابة.

(4) Tsu-nami مصطلح ياباني يعني حرفيا “harbor wave” والمقصود به أمواج بحرية زلزالية أو بركانية المنشأ [انظر: «تسونامي!»، مجلة العلوم، العددان 8/9(1999)، صفحة 4]. (التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى