أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فلك وعلم الكونيات

نار وضوْء

نار وضوْء

• سوهو تكشف أسرار الشمس

• أهم مستعر في القرن العشرين: V1974 سيگني 1992

• أشعة كونية عند حدود الطاقة

• دفقات تفجرية من أشعة گاما

• الانفجارات الهائلة في المجرات

• المجرات الأكثر شبهًا بالأشباح

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N7_8_H05_001246.jpg

زوابع عملاقة بين نجمية من غاز وغبار في سديم لاكون.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N7_8_H05_001247.jpg

صورة مُرَكَّّبة (في اليمين) موصولة عند الدائرة السوداء، التقطها جهازان من أجهزة سوهو (في الأعلى). وتبين هذه الصورة جو الشمس الخارجي الممتد من قاعدة الإكليل إلى ملايين الكيلومترات فوق سطح الشمس. وتَظهر بنى شبيهة بالأشعة في الضوء فوق البنفسجي الذي تصدره أيونات الأكسجين منطلقة إلى خارج الشمس لتكوّن الرياح الشمسية (خارج الدائرة السوداء). وتنشأ الرياح الشمسية الأسرع في الثقوب الإكليلية، التي تبدو كمناطق مظلمة في القطب الشمالي (في الأعلى)، وعبر قرص الشمس (داخل الدائرة السوداء).

 

سوهو تكشف أسرار الشمس(*)

<R .K. لانگ>

 

لا تبدو لنا الشمس من بعيد جسما بالغ التعقيد؛ فهي بالنسبة إلى شخص عادي ينظر إليها ليست سوى كرة غازية ملساء ومنتظمة. بيد أن نظرة متأنية تُظهر أن الشمس في حالة هيجان واضطراب دائمين ـ وهذه حقيقة تثير العديد من الأسئلة البالغة الأهمية حول هذا النجم. وعلى سبيل المثال، فإن العلماء لا يعرفون كيف تولّد الشمس حقولها المغنطيسية المسؤولة عن معظم النشاط الشمسي، بما في ذلك الانفجارات التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي تسبب العواصف المغنطيسية وانقطاعات التيار الكهربائي على الأرض. كذلك فإنهم لا يعرفون سبب تركز هذه المغنطيسية فيما يسمى بالبقع الشمسية sunspots، وهي جزر مظلمة تقع على سطح الشمس حجم كل منها يقارب حجم كرتنا الأرضية، ونشاطها المغنطيسي يفوق آلاف المرات نشاط الحقل المغنطيسي للأرض. إضافة إلى ذلك، فإن الفيزيائيين لا يستطيعون تفسير سبب التغيرات الكبيرة في النشاط المغنطيسي للشمس، إذ إن هذا النشاط يخبو ثم يشتد ثانية كل 11 سنة، أو نحو ذلك.

 

وبغية حل هذه الأحجيات والتوصل إلى تنبؤات أفضل لتأثير الشمس في كوكبنا، أطلقت ناسا (الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء) في 2/12/1995 سفينة فضائية تزن طنين لرصد الشمس وغلافها،تُعرف باسم سوهو SOHO)1). وفي 14/2/1996 بلغت هذه السفينة الفضائية موقعها الاستراتيجي الدائم ـ الذي يسمى نقطة لاگرانج الداخلية inner Lagrangain point، التي تبعد عن الأرض نحو واحد في المئة من المسافة الفاصلة بين الأرض والشمس. وفي هذا الموقع تكون سوهو متوازنة بين جذب ثقالة الأرض وثقالة الشمس، ومن ثم فإنها تدور حول الشمس برفقة الأرض. وفيما كانت السفن الفضائية السابقة التي أُطلقت لدراسة الشمس تدور حول الأرض، الأمر الذي كان يحجب عنها رؤية الشمس في مُدد زمنية منتظمة، فإن سوهو تراقب الشمس مراقبة متواصلة بوساطة 12 جهازا تقوم بتفحص الشمس تفحصا مفصلا لم يسبق له مثيل. وهي تقوم كل يوم بإرسال آلاف الصور عن الشمس من خلال هوائي شبكة الفضاء السحيقDeep Space Network التابع لناسا، وتوجّه هذه الصور إلى مرفق عمليات القائمين على التجارب Experimenters’ Operations Facility  العائد لسوهو في مركز  گودارد للطيران الفضائي التابع لناسا بولاية ماريلاند.

 

وفي المرفق السابق ينكب متخصصون بفيزياء الشمس من جميع أنحاء العالم على رصد الشمس ليلا- نهارا من غرفة ليس لها نوافذ. وينتقل كثير من الصور الفريدة التي يستقبلونها إلى الصفحة الرئيسية على الوِب، فيالموقعhttp://sohowww nasacom. nasa. gov. وعندما بدأت الصور بالوصول للمرة الأولى كانت الشمس في حضيض نشاطها الذي دوره 11 عاما. ولمّا كانت سوهو تحمل قدرا من الوقود يكفيها لمواصلة عملها طوال عقد أو أكثر من الزمن، فإنها ستستمر في رصدها للشمس خلال فصولها العاصفة كلها، من الهدوء الحالي الذي يشهده نشاطها المغنطيسي إلى أن يبلغ هذا النشاط ذروته التالية التي يجب أن تحدث في نهاية القرن العشرين. ومع ذلك فقد زوّدتنا سوهو حتى الآن باكتشافات رائعة.

 

 

استكشاف أغوار غير مرئية

إذا ما أردنا فهم الدورات الشمسية، علينا إنعام النظر في أغوار هذا النجم حيث تنشأ مغنطيسيته. وإحدى الطرق لاكتشاف هذه الأعماق غير المرئية تتجلّى في تتبّع الحركات شبه الإيقاعية ارتفاعا وانخفاضا للسطح المرئي الخارجي للشمس الذي يُطلق عليه اسم الكرة الضوئية photosphere، المشتق من الكلمة اليونانية photos  التي تعني «الضوء». وهذه الحركات الاهتزازية، التي يمكن أن ترتفع إلى عشرات الكيلومترات بسرعات تبلغ بضع مئات الأمتار في الثانية، تنشأ عن أصوات تشق طريقها عبر الشمس. وهذه الأصوات تُحتجز داخل الشمس، ومن ثم لا يمكنها الانتشار في الفضاء القريب من الشمس. (وحتى لو تمكنت هذه الأصوات من الوصول إلى الأرض، فإنها تكون عند ذلك أخفض من أن يسمعها الإنسان.) ومع ذلك فعندما تبلغ هذه الأصوات سطح الشمس وترتد راجعة إلى حيث انطلقت، فإنها تثير اضطرابات في الغازات هناك، مما يجعلها تعلو وتنخفض بحركة إيقاعية بطيئة وبدور يقدر بخمس دقائق تقريبا. هذا وإن الحركات الارتجافية التي تولّدها هذه الأصوات لا يمكن أن تُرى بالعين المجردة، إلا أن الأجهزة الموجودة على متن سوهو تستطيع تسجيلها تسجيلا روتينيا.

 

إن اهتزازات السطح هي حصيلة مشتركة لنحو 10 ملايين صوت منفصل ـ لكل منها مسار انتشار خاص به ويميِّز مقطعا محددًا تماما داخل الشمس. ومن ثَمّ فإن تعرّف الشكل الفيزيائي للنجم كاملا ـ بدءا من منطقة الحمل convectionzone  الشديدة الاضطراب، وهي المنطقة الخارجية من الشمس التي تشغل 28.7% من نصف قطرها، وصولا إلى منطقتها المشعة وقلبها (لبِّها) ـ يتطلب منا تحديد الطبقة الدقيقة لكل من هذه الأصوات.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N7_8_H05_001249.jpg

تقوم الموجات الصوتية، الممثلة هنا بخطوط سوداء داخل المقطع المبتور، بالطنين في كل مكان من الشمس. ويولِّد هذه الموجات غاز ساخن يتحرك باضطراب داخل منطقة الحمل الواقعة فوق المنطقة المشعة وقلب الشمس. وفيما تسير الموجات الصوتية نحو مركز الشمس، فإنها تكتسب سرعة وتنكسر نحو الخلف باتجاه الخارج. وفي الوقت نفسه يعكس سطح الشمس الموجات التي تسير نحو الخارج ويعيدها إلى الداخل. وهكذا ينبض النجم كله، حيث تنبض مناطق نحو الداخل (البقع الحمراء) وأخرى نحو الخارج (البقع الزرقاء).

 

إن العامل الرئيسي الذي يميّز كل صوت هو سرعته التي تتوقف بدورها على درجة حرارة وتركيب مناطق الشمس التي يجتازها الصوت. ويحسب علماء سوهو السرعة المتوقعة للصوت باستعمال نموذج عددي. بعد ذلك يستعملون الانحرافات الصغيرة نسبيا بين حساباتهم باستخدام الحواسيب وسرعة الصوت التي رصدوها لضبط النموذج ضبطا دقيقا، ومن ثَمّ استنتاج التغيرات في الحرارة والكثافة والتركيب التي تحدث على طول نصف قطر الشمس.

 

وفي الوقت الحالي، فإن التوقعات النظرية والأرصاد التي أُجريت بوساطة المقراب MDI، الذي تحمله سوهو، تنسجم فيما بينها انسجاما كبيرا، وهي تبين أن الفرق الأعظمي بينها ليس سوى 0.2 في المئة فقط. أمّا الأمكنة التي تحدث فيها هذه الانحرافات فهي في الواقع مهمة جدا. إنها توحي بأن المادة المضطربة تتحرك داخلا وخارجا تحت منطقة الحمل مباشرة، كما تشير إلى أن مثل هذه الحركات المختلطة قد يحدث في حدود القلب المولد للطاقة ـ وهذه مفاهيم قد تكون بالغة الأهمية في دراسة نشوء النجوم وتطورها.

 

كان الفلكيون يعرفون منذ أكثر من ثلاثة قرون ـ نتيجة رصدهم للبقع الشمسية ـ أن الكرة الضوئية photosphere  تدور عند خط استواء الشمس بسرعة أكبر من سرعة دورانها في المناطق التي خطوط عرضها كبيرة، وأن هذه السرعة تتناقص بانتظام لدى التحرك باتجاه كل من القطبين. وقد أكدت بيانات سوهو أن هذا النمط من التغيرات في السرعة يبقى عبر منطقة الحمل. فضلا على ذلك، فإن سرعة الدوران متساوية في القطبين، وهي تساوي قرابة ثلث سرعتها في خط الاستواء. وهكذا فإن سرعة الدوران تتغير تغيرا كبيرا في قاعدة منطقة الحمل، وما يحدث هناك هو أن الأجزاء الخارجية من المنطقة الداخلية المشعة، والتي تدور بسرعة واحدة، تقابل منطقة الحمل التي تعلوها، والتي تدوم spainعلى نحوٍ أسرع في منتصف منطقتها الاستوائية. ويخامرنا الآن شعور بأن هذه الطبقة الرقيقة التي يحدث فيها القص الدوراني rotational shear  قد تكون  مصدر المغنطيسية الشمسية.

 

وقد ساعَدَنا المقراب MDI المحمول على متن سوهو على أن نسبر القشور الخارجية للشمس. وبسبب كون عدسات هذا المقراب موجودة خارج جو الأرض الحاجب للرؤية، فإن بإمكانها أن تحلل باستمرار بعض التفاصيل الدقيقة التي لا يمكن أن تُرى دائما من الأرض. ولهذا السبب فقد أثبتت فائدتها الكبرى في علم الزلازل الشمسي الزماني والمكاني time-distance helioseismology، الذي يشتمل على تقنية جديدة تبين حركة الغازات الواقعة تحت الكرة الضوئية مباشرة. والأسلوب المتّبع في هذا واضح لا تعقيد فيه، وهو أن يقوم المقراب بتسجيل التغيرات الدورية الصغيرة في الأطوال الموجية للضوء الصادر عن قرابة مليون من النقاط المنتشرة على الشمس كل دقيقة. وبمتابعة هذه العملية يغدو من الممكن تحديد الزمن الذي تستغرقه الموجات الصوتية لاختراق الطبقات الخارجية للشمس. ويزوّدنا هذا الزمن بمعلومات عن تغيرات درجة الحرارة والغاز في الجريانات التي تنطلق على طول المسار الداخلي، الذي يربط بين نقطتين من السطح المرئي للشمس. وإذا كانت درجة الحرارة المحلية عالية، فإن الموجات الصوتية تتحرك على نحو أسرع ـ كما تفعل حين ترتحل مع جريان الغاز.

 

هذا وقد زودنا المقراب MDI بالأزمنة التي تستغرقها الأصوات التي تعبر الآلاف من المسارات الواصلة بين عشرات الآلاف من النقاط السطحية. وقد استعمل علماء سوهو هذه البيانات في رسم خريطة ثلاثية البعد للبنية الداخلية للشمس ودينامياتها بالطريقة نفسها التي يولِّد بها مسح شعاعي مقطعي محوسب computed tomographic scan  صورة للقسم الداخلي من الدماغ. وقد قام هؤلاء العلماء بإدخال بيانات سوهو في الحواسيب الفائقة لتحديد درجات الحرارة واتجاهات الجريان على طول هذه المسارات المتقاطعة. وباستعمال هذه التقنيات خلال سنتين من الأرصاد المتواصلة تقريبا، تمكَّن علماء سوهو من اكتشاف أنهار كبيرة من الغاز الساخن تجري داخل الشمس.

 

وثمة تيارات غير متوقعة إطلاقا تطوّق المناطق القطبية من الشمس تحت الكرة الضوئية مباشرة، وهي تبدو شبيهة بالجريانات المتدفقة في أعالي جو الأرض، والتي لها تأثير كبير في مناخ كرتنا الأرضية. هذا وإن الجريانات الشمسية التي تطوِّق الشمس في خط عرضها o75 موجودة كليا داخل الشمس على عمق قدره 000 40 كيلومتر (000 25 ميل) تحت الكرة الضوئية، ومن ثم فلا يمكن رؤيتها في السطح الظاهر للشمس. وهي تندفع بسرعة أكبر من الغاز المحيط بها بنسبة 10% ـ أي إنها أسرع بنحو 130 كيلومترا في الساعة ـ كما أنها من الاتساع بحيث يمكنها غمْرُ أرض كوكبين من الكواكب السيارة.

 

إن الطبقة الخارجية للشمس التي سمكها 000 25 كيلومتر على الأقل تجري أيضا ببطء من المنطقة الاستوائية إلى القطبين بسرعة قدرها نحو 90 كيلومترا في الساعة. وبهذا المعدل يمكن لجسم أن يُنقل من المنطقة الاستوائية إلى القطبين في مدة تزيد قليلا على سنة. وبالطبع، فإن الشمس تدور حول محورها بسرعة أكبر كثيرا ـ تبلغ قرابة 7000 كيلومتر في الساعة ـ وتُتِمم دورة كاملة في منطقتها الاستوائية خلال 25.7 يوم. وقد كان تفسير امتداد أشكال المناطق المغنطيسية نحو الخارج والتي انتقلت نحو القطبين، هو انضمام الدوران التفاضلي(2) للشمس حول محورها والجريان نحو قطبيها. ولأول مرة تبين الأرصاد الجديدة للمقراب MDI المحمول على سوهو، أن الجريان باتجاه القطبين يخترق بعمق أغوار الشمس مجتازا 12 في المئة على الأقل من منطقة الحمل.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N7_8_H05_001250.jpg

يمكن رصد الأحوال الجوية على الشمس بالنظر إلى الجريانات الداخلية الواسعة النطاق المقيسة بالآلة MDI المحمولة على متن سفينة الفضاء سوهو من الشهر 5/1996 إلى الشهر 5/1997. وتشير المناطق الحمراء إلى جريانات أسرع من متوسط سرعة الجريانات، أما المناطق الصفراء فجرياناتها أبطأ من المعدل، وأما المناطق الزرقاء فأبطأ جدا. والأشرطة الصفراء متجذرة في أعماق البقاع التي تتحرك بحركة أسرع قليلا من سرعة ما يجاورها؛ والبقع الشمسية هي أكثر ما تتكون في حافات هذه البقاع. وتظهر الجريانات المتجهة نحو القطبين على شكل خطوط داخل المقطع المُجتزأ. هذا وإن «التيارات الدافقة» المكتشفة حديثا تتحرك بسرعة تتجاوز عشرة في المئة تقريبا سرعة ما يجاورها.

 

وقد كشف الباحثون أيضا أنهارا داخلية من الغاز تتحرك في أشرطة(3) قرب خط الاستواء بسرعات نسبية مختلفة في كل من نصف الكرة الشمالي ونصف الكرة الجنوبي. هذا، وإن عرض الأحزمة(4) الشمسية يتجاوز 000 64 كيلومتر، وهي تتحرك باتجاه أحد الطرفين بسرعة أكبر من سرعة الغازات بستة عشر كيلومترا في الساعة. وتذكرنا هذه الأحزمة العريضة من التيارات العالية السرعة بالرياح التجارية الاستوائية الأرضية، وأيضا بجو المشتري الشريطي(5) المتعدد الألوان. وللأشرطة جذور عميقة تمتد إلى داخل الشمس بنحو 000 19 كيلومتر تقريبا. ولم يكن ممكنا قط معرفة الأحوال الجوية الشمسية المكتشفة حديثا بهذه الدرجة من التفصيل من مجرد التحديق في الطبقة المرئية من جو الشمس.

 

كذلك درس أفراد الفريق MDI الحركات على عمق نحو 1400 كيلومتر، وقاموا بمقارنتها بصورة مغنطيسية تغطي المنطقة، التقطتها أيضًا آلة من آلات الفريقMDI. وقد وجدوا أن التركيزات المغنطيسية القوية هي أكثر ما تكون في المناطق التي تتقارب منها جريانات الغاز تحت السطحية. وهكذا فقد يقوم الغاز المضطرب بإجبار الحقول المغنطيسية على الاتجاه نحو منطقة واحدة وتركيزها فيها، مما يؤدي إلى التغلب على الضغط المغنطيسي المتجه نحو الخارج، الذي يتعين عليه جعل مثل هذه التركيزات الموضعية تتمدد وتتشتت.

 

الإكليل الذي تبلغ حرارته مليون درجة

كذلك فإن سوهو تساعد العلماء على تفسير طبيعة جو الشمس، الإكليلcorona. وجدير بالذكر أن الحافة الخارجية الحادّة للشمس خادعة، إنها فقط تعيّن الحد الذي تغدو بعده الغازات الشمسية شفافة. ويمتد الإكليل غير المرئي إلى ما وراء الكواكب، ويمثل إحدى أكثر المفارقات إرباكا في فيزياء الشمس: فهو حار على نحو غير متوقع، إذ تتجاوز درجات حرارته مليون درجة كلڤن فوق الكرة الضوئية مباشرة، أما السطح المرئي للشمس فتبلغ حرارته 5780 درجة كلڤن فقط. هذا ومن المعلوم أنه لا يمكن للحرارة أن تنتقل من منطقة باردة إلى أخرى ساخنة؛ فهذا يتنافى مع القانون الثاني في علم التحريك الحراري (الترموديناميك) ومع الفطرة السليمة أيضا. وهكذا فلا بد من وجود آلية ما لنقل الطاقة من الكرة الضوئية، أو من المنطقة الواقعة تحتها، إلى الإكليل الشمسي. هذا ويمكن لكل من الطاقتين الحركية والمغنطيسية أن تنتقل من المناطق الباردة إلى الحارة. لذا فإن الغازات المتحركة وانزياح الحقول المغنطيسية قد يساعدان على حل هذه المفارقة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N7_8_H05_001251.jpg

يتكون البساط المغنطيسي نتيجة الاختلاط والتوزع المعقد للقطبيات المغنطيسية (النقاط البيضاء والسوداء). إن العرى loops المغنطيسية التي تربط بين المناطق ذات القطبية المغنطيسية المتقابلة تعلو بعيدا في الإكليل الشمسي. هذا وإن المناطق المتلألئة النشيطة، المتمركزة في البقع الشمسية ذات المغنطيسية القوية، كانت تُعرف منذ مدة طويلة كمصدر التسخين؛ ويبدو أن التسخين الإكليلي المنتشر يرتبط بالبساط المغنطيسي الموجود دائمًا.

 

وبغية دراسة الإكليل وتعرّف آلية تسخينه المحيّرة، بدأ الفيزيائيون ينظرون إلى الإشعاعات فوق البنفسجية (UV) وفوق البنفسجية المتطرفة (EUV) والأشعة السينية. وسبب هذا هو أن المادة الحارة ـ كتلك الموجودة داخل الإكليل ـ تُصدر معظم طاقتها بهذه الأطوال الموجية. كذلك فإن الكرة الضوئية هي أبرد من أن تُصدر إشعاعا شديدا بهذه الأطوال الموجية، ومن ثم فإنها تبدو معتمة تحت الغاز الساخن. ولسوء الحظ فإن الإشعاعات UV وEUV والأشعة السينية تُمتص جزئيا، أو كليا، من قِبَل جو الأرض، ومن ثم يتعين رصدها من خلال المقاريب الموجودة في الفضاء. وتقوم سوهو حاليا بقياس الإشعاعات ذات الأطوال الموجية لكلٍّ من UV وEUV، وذلك باستعمال أربعة أجهزة هي: مقراب تصوير الإشعاعات فوق البنفسجية المتطرفة Extreme – ultraviolet Imaging Telescope EITومقياس الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس Solar UltravioletMeasurements of Emitted Radiations  SUMER  والمقياس الطيفي التشخيصي للإكليل Coronal Diagnostive Spectrometer  CDS  والمقياس الطيفي لراسم الأشعة فوق البنفسجية للإكليل Ultra Violet Coronagraph Spectrometer  UVCS .

 

وبغية رسم خريطة للبنى الموزعة عبر القرص الشمسي والتي تتراوح حرارتها ما بين 6000 ومليوني درجة كلڤن، فإن سوهو تستفيد من الخطوط الطيفية. وتَظهر هذه الخطوط حين تُعرض كثافة الإشعاع الشمسي كدالة للطول الموجي. وتحدد سوهو مناطق درجات حرارتها مخصصة؛ وذلك بضبط أجهزتها المختلفة على الخطوط الطيفية التي تصدرها الأيونات التي تكوّنت في تلك المناطق. هذا وإن الذرات في الغازات الأعلى حرارة تفقد عددا أكبر من الإلكترونات خلال التصادمات، ومن ثم يصبح تأيُّنها أشد. ولمّا كانت هذه الأيونات المختلفة تصدر خطوطا طيفية بأطوال موجية مختلفة، فإنها تصلح لأن تقوم مقام ميزان للحرارة. كذلك فإنه يمكننا استنتاج سرعة المادة المتحركة في هذه المناطق من التغيرات الدوپلرية للأطوال الموجية للخطوط الطيفية التي تسجلها سوهو.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N7_8_H05_001252.jpg

قام أحد الرواسم الإكليلية coronagraphs المحمولة على متن سوهو بتسجيل مقذوفات كتلية إكليلية (اللون الأبيض) حدثت في الجهتين الشرقية والغربية من الشمس، وقد جرى هذا التسجيل خلال ساعات في يوم واحد. هذا وإن القرص الأسود الحاجب يعترض سبيل وهج الشمس التي يُمثََّّل حرفها المرئي هنا بالدائرة البيضاء.

 

لقد بيّن الإشعاع فوق البنفسجي منذ عهد قريب أن الشمس مكان عنيف ويحفل بالنشاط حتى أثناء مرور دورة النشاط الشمسي، التي مدتها 11 سنة، بفتور واضح ـ وقد تساعد هذه الحقيقة على تفسير سبب سخونة الإكليل الشمسي. ويبدو أن الشمس كلها تتألق في ضوء الإشعاعات UV  الصادرة عن بقع ساطعة متمركزة في أماكن محددة. واستنادا إلى القياسات التي نفّذتها سوهو، فإن هذه البقع الحارة تتكوّن في درجات حرارة قريبة من مليون درجة كلڤن، وهي تبدو كأنها نشأت في عرى مغنطيسية صغيرة من الغاز الساخن موجودة في جميع أرجاء الشمس، ومن ضمنها قطباها الشمالي والجنوبي. وتقوم بعض هذه البقع بالتفجر وإطلاق مواد نحو الخارج بسرعات تقدر بمئات الكيلومترات في الثانية. ويعكف الآن علماء سوهو على دراسة هذه البقع الحارة كي يقرروا ما إذا كانت تؤدي دورا مهما في آلية تسخين الإكليل المحيّرة.

 

لقد وفَّرت سوهو دليلا مباشرا على انتقال الطاقة المغنطيسية من سطح الشمس المرئي إلى الإكليل القابع فوقه. وتُظهر صور لمغنطيسية الكرة الضوئية التُقطت بالمقراب MDI المحمول على متن سوهو ثنائيات موجودة دائما من قطبيات مغنطيسية متقابلة، كل منها موصول بقوس مغنطيسي يرتفع فوقها، كالجسور التي تربط بين جزيرتين مغنطيسيتين. وتجري طاقة من هذه العرى المغنطيسية حينما تتفاعل مولدة «دارات قصيرة» كهربائية ومغنطيسية. وبمقدور التيارات البالغة القوة في هذه الدارات القصيرة أن تسخن الإكليل رافعة درجة حرارته إلى عدة ملايين من درجات كلڤن. وتوضح الصور التي وفرتها آلات EIT وCDS الموجودة على سوهو، الغازات الساخنة للإكليل الدائم التغير وهي تستجيب للحقول المغنطيسية الناشئة المتجذرة في سطح الشمس.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N7_8_H05_001253.jpg

استُنتج معدل الدوران الداخلي للشمس في خطوط العرض التي درجاتها 0 و30 و60، من البيانات التي زودنا بها جهاز تصوير مايكلسون-دوپلر. وعند الاتجاه نحو الأسفل إلى قاعدة منطقة الحمل، نرى أن المناطق القطبية تُدوِّم على نحو أبطأ من تدويم المناطق الاستوائية. وبعد ذلك، فإن الدوران المنتظم يبدو بأنه هو القاعدة، مع أن العلماء لم يحددوا بعد معدلات الدوران داخل قلب الشمس.

 

ولكشف التغيرات التي تحدث في مستويات أعلى من جو الشمس، فإن سوهو تعتمد على الجهاز UVCS وعلى جهاز آخر موجود على متنها هو راسم الإكليل الطيفي ذو الزاوية الكبيرة Large Angle Spectroscopic COronagraphLASCO. ويستعمل كلا الجهازين أقراصا حاجبة لاعتراض سبيل وهج الكرة النارية. ويتحرى الجهاز LASCO  وجود ضوء الشمس المرئي الذي تبعثره الإلكترونات في الإكليل. وقد بيّنت نتيجة تحرياته أن الإكليل بسيط وغير معقد وأنه متناظر جدا ومستقر. وقد شوهدت على هذا الإكليل، لدى رصده خلال هدوء النشاط المغنطيسي، ثقوب واضحة المعالم في الشمال والجنوب. (وثقوب الإكليل هي مناطق شاسعة منخفضة الكثافة وذات درجات حرارة منخفضة حيث تكون إصدارات الإشعاعات EUV والأشعة السينية منخفضة انخفاضا  شديدا أو معدومة.)

 

وبالمقابل فإن المناطق الاستوائية كانت مطوقة بسيالات streamers ضيقة منبسطة ومستقيمة من المادة المنطلقة خارجا. ويقوم الحقل المغنطيسي للشمس بإعطاء هذه السيالات شكلا محددا. هذا وإن المادة المكهربة في قاعدة هذه السيالات مركّزة تركيزا كثيفا داخل العرى loops الممغنطة المتجذرة في الكرة الضوئية. ومع الاقتراب من السطح الخارجي للإكليل، فإن السيالات تضيق وتمتد عشرات الملايين من الكيلومترات في الفضاء. وتحتجزُ هذه الامتدادات مادةً درجة حرارتها نحو مليوني درجة كلڤن محتواة في حدودها المغنطيسية المتطاولة مولِّدة حزاما من الغاز الساخن الذي يمتد حول الشمس.

 

وتسلك السيالات سلوكا ينسجم مع اسمها، إذ تبدو المادة جارية جريانا مستمرا على طول حقولها المغنطيسية المفتوحة. وتقوم الرواسم الإكليلية من وقت لآخر بتسجيل تركيزات كثيفة من المادة التي تتحرك عبر سيالة غير متغيرة من نوع آخر ـ وكأننا نرى أوراقا طافية على جدول ماء متحرك. وتحدث أحيانا انبثاقات هائلة، تُسمى مقذوفات كتلية إكليلية coronal mass ejections، تتخلل حدوث الجريان المستمر نحو الخارج. وتدفع هذه الانبثاقات بلايين الأطنان من الغازات، التي تبلغ حرارتها نحو مليون درجة، إلى الفضاء بين الكواكب بسرعات تقدر بمئات الكيلومترات في الثانية. وغالبا ما تصل هذه المادة إلى الأرض خلال يومين أو ثلاثة فقط. ومما يثير دهشة معظم الخبراء أن الجهازLASCO عثر على مقذوفات استوائية equatorial انبثقت من جهات متقابلة من الشمس بفواصل زمنية تقدر بالساعات.

 

لا تستطيع رواسم الإكليل أكثر من الحصول على مشهد جانبي للشمس، ومن ثم فإنها لا ترى إلا قدرا ضئيلا من المادة المتحركة المتجهة نحو الأرض أو المنطلقة منها. لكننا نخمن، استنادا إلى ما يمكننا رؤيته، أن هذه المقذوفات هي اضطرابات واسعة شاملة تنتشر حول الشمس كلها. وفي الحقيقة فإنه يبدو أن مناطق واسعة على نحو غير متوقع تضطرب اضطرابا عنيفا حين تطلق الشمس مقذوفات كتلية إكليلية ضخمة، وذلك، على الأقل، خلال النشاط الأدنى لدورة النشاط الشمسي التي تمتد 11 سنة. وقد توصل راسم الإكليل إلى أنه قبل انطلاق هذه المقذوفات ببضعة أيام يغدو حزام السيّالة أكثر تألقا، وهذا يوحي بأن ثمة مزيدا من المادة يتراكم هناك. ومن المحتمل أن يتزايد الضغط والتوتر لهذه المادة المضافة إلى أن ينشق حزام السيالة وينطلق على شكل قذيفة. ومن المحتمل جدا أن تكون العملية بكاملها مرتبطة بإعادة تنظيم شامل على نطاق واسع لحقل الشمس المغنطيسي.

 

الرياح الشمسية وما وراءها

إن جو الشمس الحار والعاصف يتمدد دائما في جميع الاتجاهات، مالئًا النظام الشمسي بتيار متواصل ـ يسمى الريح الشمسية solar wind ـ يحوي إلكترونات وأيونات وحقولا مغنطيسية. ويولد الإكليل، الذي درجة حرارته مليون درجة، ضغطا متجها إلى الخارج يفوق الجذب التثاقلي للشمس، مما يجعل حدوث هذا التيار المتواصل أمرا ممكنا. وتتسارع الرياح الشمسية مع ابتعادها عن الشمس كتسارع الماء الفائض عن أحد السدود. وفيما يتشتت الإكليل، فلا بد من أن تحل محله غازات متدفقة من الأسفل لتغذية تلك الرياح. وقد بيّنت قياسات سابقة أجريت بوساطة أجهزة محمولة على متن سفن فضائية، وكذلك قياسات أُخذت من أوليسيس Ulysses (التي أُطلقت عام 19900)، أن للرياح الشمسية مركِّبة component سريعة وأخرى بطيئة. أما السريعة فتتحرك بسرعة قدرها 800 كيلومتر في الثانية تقريبا، في حين أن المركِّبة البطيئة تسير بسرعة تعادل نصف هذه السرعة.

 

إن المركِّبة البطيئة مرتبطة بالمناطق الاستوائية من الشمس التي يجري تفحصها بوساطة الآلتين LASCO وUVCS. وتوحي هاتان الآلتان بأن المركبة البطيئة للريح الشمسية تجري نحو الخارج بموازاة محاور الجريانات الإكليلية الاستوائية الشبيهة بسيقان النباتات. أما المركبة السريعة فتنطلق من الثقوب الإكليلية القطبية. (وهناك تسمح الحقول المغنطيسية المفتوحة للجزيئات المشحونة بأن تفلت من القبضة المغنطيسية والتثاقلية للشمس.) وتقوم سوهو الآن بدراسة الرِّيَش القطبية polar plumes  ـ وهي بنى طويلة تتجذر في الكرة الضوئية وتمتد إلى الثقوب الإكليلية ـ لمعرفة إن كانت هذه الرِّيَش تساعد على توليد هذه الرياح الشمسية العالية السرعة.

 

وقد قام الجهاز UVCS الموجود على متن سوهو بفحص الإصدار الطيفي للهدروجين ولأيونات الأكسجين المشحونة بقوة في المناطق التي يجري فيها تسخين الإكليل وتتسارع فيها الرياح الشمسية. وقد أبرزت أشكال هذه الخطوط الطيفية نتائج مدهشة تُظهر فَرْقا واضحا بين سرعتي الإثارة اللتين تتحرك بهما أيونات الأكسجين والهدروجين. ففي الثقوب الإكليلية القطبية، حيث تنشأ الرياح الشمسية السريعة، يكون الهدروجين الأثقل مُثارا إثارة أكبر بكثير، إذ تزداد طاقة حركته 60 مرة؛ وعلى مسافة بعيدة من مركز الشمس يتجاوز مثلي نصف قطرها، يكون للأكسجين سرعة إثارة أعلى تعادل نحو 500 كيلومتر في الثانية. أما الهدروجين فيتحرك بسرعة تساوي 250 كيلومترا في الثانية فقط. وبالمقابل، ففي المناطق الاستوائية التي تنطلق منها الرياح البطيئة، يتحرك الهدروجين الأخف بسرعة أعلى من سرعة الأكسجين، وهذا ما يتوقعه المرء من رياح مدفوعة بفعل الحرارة.

 

وحاليا يحاول الباحثون تحديد السبب الذي يجعل أيونات الأكسجين الثقيلة تتحرك بسرعات أكبر في الثقوب الإكليلية. وربما بقيت المعلومات حول سيرورتي التسخين والتسريع محتَجزة داخل الثقوب الإكليلية المنخفضة الكثافة، التي نادرا ما تتصادم فيها الإلكترونات بالأيونات. وقد تمحو التصادمات المتكررة في السيالات العالية الكثافة أي أثر للسيرورات المتعلقة بهذه السيالات.

 

وقد حققت سوهو نتائج باهرة حتى الآن، إذ أظهرت معالمَ على الشمس الغامضة كانت غير مرئية من قبل، أو أنها كانت غير واضحة القسمات. كذلك فإنها زودتنا بمعلومات جديدة قد تساعد على حل بعض المسائل الأساسية التي لم يبت فيها حتى الآن، والمتعلقة بمناطق عديدة تشمل القسم الداخلي للشمس والأرض وأبعد مناطق الرياح الشمسية. وقد أُنيط ببعض الأجهزة على متن سوهو مهمة كشف أسرار أخرى، وقريبا سيقوم جهازان منها، هما GOLFوVIRGO بدراسة مسهبة وعميقة للاهتزازات الشمسية بغية تحديد درجة الحرارة وسرعة الدوران في المنطقة المركزية من الشمس. وزيادة على ذلك، فإن الاضطرابات الداخلية ـ التي تحدث داخل شمسنا، وما يرتبط بها من نشاطات مغنطيسية، تؤثر تأثيرا مباشرا في حياتنا اليومية ـ تتزايد مع الزمن. وهنا يأتي دور سوهو التي يتعين عليها إذ ذاك أن تقدم لنا كشوفًا علمية أعظم أيضًا، تحدد كيف تنشأ ثورانات الشمس المنذرة بالأخطار ورياحها العاصفة والحارة، وربما تتنبأ بالأحوال التي تسود جو الشمس.

 

 المؤلف

Kenneth R. Lang

أستاذ علم الفلك في جامعة تفتز. يعرض كتابه المصور، الذي صدر حديثا بعنوان Sun, Earth and Sky وصفًا لجميع سمات الشمس وتفاعلاتها مع الأرض. وقد نشر له أكثر من 150 مقالة متخصصة وأربعة كتب أخرى تُرجمت إلى سبع لغات، من بينها المرجع المتميز Astrophysical Formulae.

 

(*) SOHO Reveals the Secrets of the Sun، وهذه نسخة معدلة من مقالة بهذا العنوان نشرت في العدد 5(1997) من مجلة العلوم.

 

(1) اختصارًا لِ : Solar and Heliospheric Observatory

(2) differential rotation

(3) جمع شريط band

(4) belts

(5) banded

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى