أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم البيئية

رصد إشارات حيوية للأرض

رصد إشارات حيوية للأرض(*)

ثمة ساتل(1) جديد للوكالة ناسا ـ وهو واحد من أسطول

يسمى منظومة رصد الأرض (EOS) ـ يَستخدم خمسة

مِحَسّات(2) من أحدث ما أبدعته التقانة؛ للتعرّف على نحو لا

سابق له على مدى سلامة البيئة على كوكبنا.

<D .M. كينگ> ـ <D .D. هيرينگ>

 

على ارتفاع 705 كيلومترات من سطح الأرض، يحلق ساتل(1) يدعى ترّا Terra، يقوم بفحص شامل «للحالة الصحية» لكوكبنا. فكل شيء من الغيوم والنباتات حتى أشعة الشمس ودرجة الحرارة والنار والجليد تؤثر في المناخ. وقد بدأ الساتل ترّا حديثا بجمع هذه المعلومات يوميا من الأرض كلها. وفيما يدور هذا الساتل ـ الذي يبلغ حجمه حجم حافلة ـ حول العالم من القطب إلى القطب، تقوم أجهزته الحساسة بتعقب الإشارات الحيوية للأرض تباعا من المناطق المختلفة التي تدخل في مجال رؤيته.

 

إن بعض التغيرات البيئية تحدث اليوم بمعدلات لم تسجل قط في تاريخ كوكبنا الحديث. فلنا أن نتخيل، على سبيل المثال، مئات الحرائق التي تُضْرم عمدا كل عام لتحويل الأرض إلى حقول زراعية، وهي ممارسة تضاعفت أربع مرات خلال القرن الماضي. فالناس يحرقون في المتوسط نحو 000 142 كيلومتر مربع من الغابات المدارية كل عام، أي مساحة تقارب مساحة أركانسو. إن بعض مِحَسات الساتل ترّا تستطيع تعقب اللهب وقياس شدته، في حين تقيس محسات أخرى مدى اتساع آثار الحريق وترصد كيفية تحرك الغازات وجسيمات الدخان عبر الغلاف الجوي؛ بل إن أحد تلك المحسات يستطيع تمييز التغيرات بِمَيْز قدره 15 مترا، وهي دقة تكفي لتحديد البقع التي يمكن فيها للجمر الخامد أن يتحول إلى لهب مرة أخرى.

 

ويعد الساتل ترّا سفينة القيادة في منظومة رصد الأرض Earth ObservingSystem EOS، وهو برنامج سواتل تابع للوكالة ناسا NASA. وسوف تجعل هذه المنظومة العلماء يقتربون جدا من التوصل إلى كشف أسرار مناخ الأرض بصورة فضلى، يتيح التنبؤ بالتغيرات المستقبلية فيه، وهي مهمة تستلزم مقدرة لا سابق لها على تمييز الدورات الطبيعية من التغيرات التي يحدثها البشر أنفسهم. لقد عملت القوى الجيولوجية الطبيعية، مثل ثورات البراكين والتغيرات في تيارات المحيطات ودورات العصور الجليدية، على إعادة ترتيب سطح كوكبنا ومناخه منذ تكوينه قبل 4.5 بليون سنة. واليوم، هناك أدلة علمية دامغة تبين أن الأنشطة البشرية تسرّع من معدل التغير الشامل، حتى إن حجم تلك الأنشطة يصل إلى مرتبة القوى الجيولوجية [انظر: “The Human Impact on Climate”, by Th. R. Karl – K. E. Trenberth; Scientific American, December 1999].

 

إننا بحاجة إلى القيام بقياسات كثيرة على نطاق العالم برمته ولفترة زمنية طويلة، كي نزود المحاكيات الحاسوبية بالبيانات الصحيحة لتمكّننا من التنبؤ بتغيرات المناخ. وفي سبيل ذلك، قمنا مع زملائنا في المنظومة EOS بتعرف  24 عاملا تؤدي معا دورا رئيسيا في تحديد المناخ. وتتضمن هذه العوامل تدفق ضوء الشمس وأنواع الطاقة الإشعاعية الأخرى، وتركيزات غازات الاحتباس الحراري greenhouse gases، والغطاء الثلجي والجليدي، والغيوم، والهباء الجوي(3) aerosols، والتغيرات في الكساء الخضري وفي غيره من معالم سطح الأرض. لقد صمّمت مهمة الساتل ترّا لقياس 16 خاصية من أصل 24 [انظر القائمة في الصفحة 42].

 

وكانت اللجنة العلمية لمنظومة الأرض التابعة للوكالة ناسا قد أصدرت عام 1988 تقريرا يدعو إلى وضع استراتيجية بعيدة المدى لقياس الإشارات الحيوية للأرض. وأكدت تلك اللجنة أن الطريق المجدي الوحيد لرصد تلك الإشارات على نحو متسق لمدة طويلة هو استخدام محسات محمولة على ساتل تستطيع «رؤية» الأرض من الفضاء(4) . وبناء على ذلك، أطلقت الوكالة ناسا منظومة رصد الأرض (EOS) عام 1991، وخصص الكونگرس الأمريكي حينذاك 7.4 بليون دولار من أجل تصميم البرنامج وتنفيذه خلال فترة تمتد حتى الشهر 10/2001. وقد خصص فريقنا 1.3 بليون دولار لبناء الساتل ترّا وإطلاقه، وهو أحدث عضو في أسطول المنظومة EOS.

 

جيل جديد من محسات تعمل من بُعْد

تم إطلاق الساتل ترّا في مداره حول الأرض في 18/12/1999. ويوجه المختصون الآن تحليقه ويتحكمون في محساته من أحد مراكز القيادة في مركز گودارد للملاحة الفضائية Goddard Space Flight Center في گرينبلت التابع للوكالة ناسا. ولا تقوم محسات الساتل ترّا بمسح سطح الأرض بالطريقة التي تعمل بها أجهزة الليزر والرادار التي ترسل أشعة ثم تستقبلها بعد انعكاسها عن سطح الأرض، ولكنها تشابه في عملها آلة التصوير الرقمية.

 

تنبعث من سطح الأرض رزم من الطاقة ـ ضوء الشمس المنعكس وأشعة تحت حمراء ـ تخترق الغلاف الجوي الأرضي لتمر عبر فتحات المحسات؛ إذ تصطدم تلك الرزم من الطاقة بمكاشيف ذات تصميم خاص يجعلها حساسة لأطوال موجات معينة من الطاقة الكهرمغنطيسية. وعلى غرار الطريقة التي نستطيع بها توليف (ضبط) جهاز الراديو في السيارة مثلا على محطات إذاعية مختلفة، تمكّن أجهزة الطيف الراديوية spectroradiometers المحمولة على الساتل ترّا الباحثين من كشف الأطوال الموجية المختلفة في الطاقة المشعّة. فإذا كانت الأطوال الموجية تلك تقابل اللون الأحمر أو الأخضر أو الأزرق، استطاعت بسهولة تكوين صورة ملونة يمكن رؤيتها بالعين المجردة. أما إذا كانت الموجات غير مرئية، كالموجات تحت الحمراء أو فوق البنفسجية، وجب على العلماء تمثيلها بلون مرئي لتكوين صورة ذات «ألوان زائفة false» تستطيع عيوننا قراءتها.

 

وتعتمد مهمات المنظومة EOS على مكونين جوهريين آخرين إلى جانب السواتل، هما نظام تخزين للبيانات والأشخاص الذين يقومون بتفسيرها. إن المشروع يوفِّر حاليا الدعم لنحو 850 عالما يعملون لدى الوكالات الحكومية والهيئات الأكاديمية في شتى أنحاء العالم. وما تبثه السواتل إلى الأرض تيار هائل من الأرقام ـ عشرات التريليونات من بايتات bytes المعلومات كل أسبوع ـ تستوجب معالجتها لتصبح ذات مغزى. وتقوم باستقبال هذه الأرقام ومعالجتها شبكةٌ حاسوبية متطورة تسمى منظومة رصد الأرض ومنظومة البيانات EarthObservation System Data and Information System EOSDIS. وتقوم بعدئذ أربعة مراكز موزعة عبر الولايات المتحدة بتصنيف القياسات الواردة من الساتل ترّا وتوزيعها على العلماء وعلى المواطنين على حد سواء.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00808.jpg

بدأ الساتل ترّا حديثا بالجمع اليومي لمعلومات عن الخصائص المناخية لكوكب الأرض برمته. كانت محسات السواتل السابقة قد رصدت الإشارات الحيوية التي تشكل هذه الصورة التركيبية للغطاء النباتي (اللون الأخضر على القارات) وحرائق الغابات (النقاط الحمراء على القارات) ودرجة حرارة المحيط (الألوان على المحيطات) وغطاء الغيوم. وتمثل مياه المحيط الهادئ الدافئة (الأحمر) على مبعدة من الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية إشارة تحذير من ظاهرة إلنينيو El Nّnio.

 

وتمثل هذه المشاركة المجانية في المعلومات نقيضا حادا لما حدث في كثير من مهمات السواتل السابقة التي لم تكن فيها المعلومات متاحة إلا لهيئات البحث ذات التمويل السخي. إن ثمن صورة واحدة من سواتل لاندسات Landsat، التي بدأ إطلاقها عام 1972، يمكن أن تصل إلى مئات، بل آلاف الدولارات. أما في المنظومة EOS فسوف تُبث بعض بيانات الساتل ترّا في المجال التردديX X-band مباشرة إلى أي شخص يمتلك محطة استقبال ملائمة وقادرة على معالجة مثل هذا الدفق الهائل من المعلومات وتخزينه. ويمكن لأسواق تجارية متنوعةٍ الاستفادة من بيانات المنظومة EOS. فعلى سبيل المثال، يمكن للخرائط التي يصورها الساتل لمناطق المحيطات ذات الإنتاجية العالية أن تقود سفن الصيد التجارية إلى مواقع يحتمل أن تتوافر الأسماك فيها بكثافة. وعلى النسق نفسه، سوف تساعد صور الحقول الزراعية على إرشاد الفلاحين إلى الأمكنة التي تزدهر فيها المحاصيل وتلك التي لا تتواءم معها. فمثل تلك الصور يمكنها مساعدة الفلاحين على تصور أنماط الجريان السطحي runoff في حقول معينة، ومن ثم على تحسين استراتيجياتهم حول أمكنة الري والتسميد وتوقيتهما ومقاديرهما المناسبة.

 

مزيد من العيون في السماء

ثمة ثلاثة سواتل أخرى تدور حول الأرض تابعة للمنظومة EOS إلى جانب الساتل ترّا، وهذه تقوم بقياس إشارات مناخية حيوية أخرى، مثل التغيرات في الطاقة الشمسية المنبعثة والرياح العاصفة فوق المحيطات. فإذا ما بقيت هذه الأجهزة تعمل طوال الوقت المقدر لبقائها وإذا ما استمر الكونگرس الأمريكي في دعم برنامج المنظومة EOS، فسوف يُطلق 15 ساتلا آخر أو أكثر، وسوف تقوم هذه السواتل معا بتجميع زمرة شاملة من البيانات عن الأرض تغطي فترة تقدر بنحو 15 عاما. فلكي نُجري تنبؤات مناخية دقيقة نحتاج إلى تلك القياسات التي تمتد لعقود عدة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00809.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00810.jpg

الساتل ترّا للرصد المناخي ومحساته الخمسة

الارتفاع: 3.5 متر

الطول: 6.8 متر
الوزن: 5190 كيلوغراما

القدرة الكهربية: 2530 واط (وسطيا)

معدل البيانات للجهاز: 18545 كيلوبايت في الثانية (وسطيا)

فترة البقاء الفعال المفترض في التصميم: 6 سنوات

 

إن التكامل بين الأرصاد التي تجريها المحسات المحمولة على الساتل ترّا وعلى السواتل الأخرى للمنظومة EOS، سيمكِّن من فك الاشتباك بين آلاف الأسباب والنتائج التي تحدد معالم المناخ. فعلى سبيل المثال، إن تتبع رصد مدى وكيفية ارتباط أنماط اجتثاث الغابات بهطول المطر وغطاء الغيوم سيساعد الباحثين على تقدير الطريقة التي تؤثر بها إزالة الأشجار في الدورات المائية الإقليمية. وبمقارنة القياسات المتماثلة المعطاة من أكثر من محس يمكن التيقن من أن الأجهزة جميعها «ترى» نفس الإشارات وأن وسائل المعايرة المحمولة على السواتل تعمل على نحو سليم. وسيقوم الباحثون أيضا بمقارنة قياسات السواتل بقياسات أخرى يتم جمعها بوساطة عشرات أجهزة القياس الأخرى المحمولة على الطائرات والسفن والعوامات وتلك الموجودة على اليابسة.

 

وتستغرق عملية تشخيص diagnosing المناخ بوساطة الحاسوب مئات الساعات. فالصورة الأولى الرباعية الأبعاد لكوكبنا ربما لا تصبح جاهزة قبل شتاء عام 2001، وقد يحتاج العلماء إلى العديد من السنين بعد ذلك من أجل إجراء أول تقييم إحصائي متقن. إن نظام مناخ الأرض متشابك شديد التعقيد، وما وصفناه هنا لا يعدو كونه خدوشا على السطح لما يمكن أن تنجزه مهمة الساتل ترّا. وفيما تتوالى الدراسات المبتكرة والتطبيقات الجديدة في الأعوام المقبلة، فإن الكثير من إنجازات الساتل ترّا سوف تبدو ـ من دون شك ـ أنها كانت وليدة المصادفة.

 

أستر

مقياس الإشعاع المتطور المحمول على السواتل الخاص بالانبعاث والانعكاس الحراريين(1)

الإشارات الحيوية المقيسة:

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00811.jpg

الخصائص التي يتفرد بها: أعلى دقة ميز مكاني بين كل ما توفره محسات الساتل ترّا والمقدرة الفريدة على التوجه نحو أهداف خاصة

المحسات: ثلاثة نظم فرعية مستقلة لمقاريب مهمتها رصد الموجات الكهرمغنطيسية في مجالات الطيف المرئي ودون الأحمر القريب ودون الأحمر القصير الموجة ودون الأحمر الحراري

المموّل: وزارة التجارة والصناعة الدولية اليابانية
دقة الميز المكاني: تتراوح بين 90 و 15 مترا

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00812.jpg

تصدر السطوح المختلفة لليابسة طاقة وحرارة يقيسهما المحس أستر ASTER بميز فائق. وتعد هذه الإشارات الحيوية مفتاحا لتقدير الموازنة الإشعاعية لكوكب الأرض، وسوف تكون مفيدة على وجه الخصوص في تحديد أنواع الصخور والتربة والغطاء النباتي. ويستطيع المزارعون استخدام مثل هذه الصور المتعددة الأطياف والفائقة الميز في تقييم الطريقة التي تؤثر بها تغيرات الحرارة السطحية والانحدارات الأرضية ونوعية التربة في مدى عافية محاصيلهم. ويستطيع المحس أستر أيضا متابعة التغيرات التي تحدث في المعالم السطحية الأخرى ـ مثل انحسار الكتل الثلجية والصفائح الجليدية واتساع حدود الصحاري وإزالة الغابات والفيضانات والحرائق الكبيرة ـ الأمر الذي سوف يساعد الباحثين على التمييز بين التغيرات الطبيعية وتلك التي يسببها الإنسان. ولما كانت مقاريب المحس أستر قابلة للتوجيه نحو البراكين الثائرة ونحو أهداف خاصة أخرى، فإنه يمكنها تكوين صور مجسمة، مفصلة، تعمل على إدخال تحسينات كبيرة على الخرائط الطبوغرافية الرقمية للكوكب. وسوف توسع هذه الصور تلك المجموعة التي قامت سواتل لاندسات بجمعها منذ عام 1972.

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00813.jpg

 في هذه الصورة المحاكاة التي التقطها المحس أستر ASTER تظهر الصخور والكساء الخضري بألوان زائفة false لشريط عرضه 60 كيلومترا من وادي الموت Death Valley في كاليفورنيا. ويكشف أحد المحسات أشعة دون حمراء حرارية تدل على تركيب سطح الأرض (الشكل في اليمين)، حيث يمثل اللون الأحمر صخورا غنية بالكوارتز، ويمثل اللون الأخضر الفاتح ترسبات ملحية.. وهكذا. ويبين الضوء دون الأحمر القصير الموجة والضوء المرئي المسجلان للمشهد نفسه (الشكل في الأعلى) الكساء الخضري باللون الأخضر، والماء باللون الأزرق، والصخور البركانية الغنية بالحديد بلطخات برتقالية.

 

سيريس

نظام رصد الغيوم وطاقة الأرض الإشعاعية(2)

الإشارتان الحيويتان المقيستان

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00814.jpg

الخاصية التي يتفرد بها: أول محس لساتل يسجل فيض الإشعاعات عبر الغلاف الجوي

المحسات: مقياسا إشعاع ماسحان عريضا المجال

المموّل: مركز بحوث لانگلي التابع للوكالة ناسا

دقة الميز المكاني: 20 كيلومترا

إن التنبؤ بتغيرات الحرارة على نطاق الكرة الأرضية يتطلب فهمًا دقيقا لمقدار الإشعاع الذي يدخل جو الأرض أو يخرج منه على شكل حرارة وضوء. إن الباحثين لا يستطيعون حتى الآن معرفة سبب اختفاء نحو 8 في المئة من الطاقة الإشعاعية الشمسية التي تَرِد إلى جو الأرض. وأحد التفسيرات التي يمكن طرحها حول الطاقة المفقودة هو أن الغيوم والهَباء الجوي aerosols يمتصان الطاقة ويبعثرانها في  جو الأرض الأسفل، وهو المنطقة التي لم يسبق للسواتل التي تتابع تدفق الطاقة أن اهتمت بمراقبتها. ومن أجل أن يتم التحديد الكمي للدور الذي تؤديه الغيوم في منظومة طاقة الأرض (EOS)، سوف يقوم المحس سيريسCERES (بمساعدة معلومات ترد من المحس موديس MODIS) بقياس تدفق الإشعاع، بدقة تساوي ضعف دقة المحسات السابقة، في كل من طبقات الغلاف الجوي العليا وعلى سطح الأرض. إن أدوات القياس في المحس سيريس توسع الإرث الذي بدأت بجمعه محسات الساتل الخاص بتجربة موازنة إشعاع الأرضEarth Radiation Budget Experiment (ERBE) والتابع للوكالة ناسا الذي أطلق في ثمانينات القرن العشرين.

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00815.jpg

سجلت محسات سيريس الأولى أكبر تغيرات رُصِدت حتى الآن في الإشعاع المنبعث نحو الفضاء من غرب المحيط الهادئ، في الشهر 2/1998. لقد أدت المياه الأكثر دفئا المتولدة في أوج أحد أحداث إلنينيو إلى زيادة حدوث السحب الركامية التي قامت بدورها بأسر المزيد من الحرارة المنبعثة من المحيط ومن جو الأرض الأسفل (اللون الأحمر).

 

موپيت

قياسات التلوث في الغلاف الجوي السفلي (التروپوسفير)(3)

الإشارة الحيوية المقيسة

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00816.jpg

الخاصية التي يتفرد بها: أول محس لساتل يقتفي أثر الملوثات حتى مصادرها

المحس: مقياس إشعاع ماسح يستخدم تقنية التحليل الطيفي لترابط الغازات

المموّل: وكالة الفضاء الكندية

دقة الميز المكاني: 22 كيلومترا

غازان شحيحان لا يستطيعان الإفلات من المحس موپيت MOPITT، هما الميثان وأحادي أكسيد الكربون، فهو يقيس توزيعهما وتركيزهما الشاملين في جو الأرض الأسفل. يعرف عن الميثان ـ وهو أحد غازات الاحتباس الحراري (الدفيئة) ويتصف بمقدرة على أسر الحرارة تساوي نحو 30 ضعفا من مقدرة ثنائي أكسيد الكربون ـ أنه يصدر عن المستنقعات وقطعان الماشية والرواسب الجليدية في قاع البحر، لكن ناتج هذه المصادر كل على حدة غير معروف. وعلى نحو ما، يتجمع الميثان في جو الأرض الأسفل بمعدل 1 في المئة سنويا. أما أحادي أكسيد الكربون، الذي تنفثه المصانع والسيارات وحرائق الغابات، فيعوق مقدرة الجو الطبيعية على تخليص نفسه من الكيميائيات الضارة الأخرى. إن موپيت ـ بصفته أول محس محمول على ساتل يستخدم التحليل الطيفي لترابط الغازات ـ يستطيع تمييز هذين الغازين من الغازات الأخرى، مثل ثنائي أكسيد الكربون وبخار الماء. فلدى دخول الحرارة المنبعثة أو ضوء الشمس المنعكس عن سطح الأرض هذا المحس، فإنهما ينسابان عبر خزانات تحوي أحادي أكسيد الكربون والميثان، مولديْن إشارة لها ارتباط بمدى وجود هذين الغازين في الغلاف الجوي.

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00817.jpg

في هذه المحاكاة الحاسوبية يتجمع أحادي أكسيد الكربون فوق أمريكا الجنوبية. وتنجم التركيزات العالية للغاز (الأحمر والأصفر) عن الحرائق التي تضرم لإزالة الغابات، وتنقل الرياح الشرقية عند خط الاستواء هذه الغازات فوق المحيط الهادئ.

 

ميسر

مقياس الإشعاع الطيفي للتصوير المتعدد الزوايا(4)

الإشارات الحيوية المقيسة

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00818.jpg

الخاصية التي يتفرد بها: يلتقط صورا مجسمة للغيوم وأعمدة الدخان

المحس: 9 كاميرات تستخدم أدوات القرن الشحني Charge-Coupled Devices  CCD

الممول: مختبر الدفع النفاث Jet PropulsionLaboratory

دقة الميز المكاني: تتراوح بين 1.1 كيلومتر و 275 مترا

لم يسبق أن حلق في الفضاء قط جهاز مثيل للمحس ميسر. فعن طريق «النظر» إلى الأرض ـ المضاءة بأشعة الشمس ـ من خلال تسع زوايا متباعدة في الوقت نفسه، يستطيع المحس ميسر جمع صور شاملة لضوء الشمس المنعكس بأربعة ألوان (الأزرق والأخضر والأحمر ودون الأحمر القريب). والطريقة التي تتغير بها الانعكاسات من زاوية إلى أخرى سوف تسمح بتمييز الأنواع المختلفة من الغيوم والهباء الجوي وسطوح اليابسة. ويستطيع الباحثون ضم صور المحس ميسر معا واستخدام تقانات التجسيم لتوليد نماذج ثلاثية الأبعاد، سوف تساعدهم على تعقب الهباء الجوي وأعمدة الدخان حتى مصادرها. ولما كان المحس ميسر يجوب الأرض عند خط الاستواء مرة كل تسعة أيام فإن قياساته التي يجريها من زوايا متعددة سوف تمكن الباحثين من تفسير أفضل للدور الذي يؤديه كل من الغيوم والهباء الجوي بالنسبة إلى موازنة طاقة كوكب الأرض.

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00819.jpg

إن زوايا النظر التسع ـ التي تعمل كلها في الوقت نفسه ـ تمكن المحس ميسر من إجراء قياس مجسم للتآثرات بين الهباء الجوي والغيوم والإشعاع.

 

موديس

مقياس الإشعاع الطيفي للتصوير المتوسط الميز(5)

الإشارات الحيوية المقيسة

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00820.jpg

الخاصية التي يتفرد بها: المحس الوحيد المحمول على الساتل ترّا الذي يرى سطح كوكب الأرض برمته كل يوم أو يومين

المحسات: أربع مجموعات من المكاشيف الحساسة للضوء المرئي وللإشعاع الطيفي دون الأحمر القريب، ودون الأحمر القصير الموجة، ودون الأحمر المتوسط الموجة، ودون الأحمر الحراري.

المموّل: مركز گودارد للملاحة الفضائية التابع لناسا

دقة الميز المكاني: تتراوح بين كيلومتر واحد و250 مترا

بالنظر إلى الأرض برمتها من خلال 36 مجالا طيفيا منفصلا، يتعقب المقياس موديسMODIS صفيفا من إشارات الأرض الحيوية أوسع مما يراه أي من المحسات الأخرى للساتل ترّا. فعلى سبيل المثال، يقيس هذا المحس النسبة المئوية من سطح الأرض المغطاة بالغيوم كل يوم تقريبا، وذلك من خلال نافذة رؤية تمسح شريطا من سطح الأرض يبلغ عرضه 2330 كيلومترا. وسوف تمكن هذه التغطية الواسعة المحس موديس، ومعه المحسان ميسر وسيريس، من تحديد أثر الغيوم في موازنة طاقة الأرض، وهذا أمر مهم باعتبار أن الغيوم لاتزال تمثل العامل الأكبر في عدم التيقن من نماذج المناخ العالمي. يحتوي المحس على قناة غير مسبوقة (تتمركز حول 1.375 مكرون) من أجل كشف الغيوم الرقيقة العالية التي يعتقد أنها تسهم في الاحترار العالمي بحبسها الحرارة المنبعثة من سطح الأرض. وسوف يرصد المحس موديس أيضا كيفية امتزاج سحب الدخان وأشكال الهباء الجوي في الغيوم وتغيُّر مقدرتها على امتصاص الطاقة وعكسها.

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00821.jpg

يعكس اليخضور (الكلوروفيل) في نباتات المحيط المكروية الضوء الأخضر بقوة (الممثل في الشكل بالألوان الأصفر والأحمر والأخضر)، الأمر الذي يمكِّن السواتل من مثل سيْويفْس Sea WiFS من تحديد مقدار وفرتها. وسوف يذهب المحس موديس خطوة أبعد من ذلك برصده شدة فَلْورة تلك النباتات بوصفها مقياسا لإنتاجيتها.

وفيما يقوم المحس موديس برصد الغطاء الغيمي الشامل، فإنه سوف يساعد الباحثين أيضا على تعقب التغيرات حتى سطح الأرض. إن هذا المحس يقوم بوضع خرائط انتشار الثلج والجليد اللذين تنتجهما عواصف الشتاء ودرجات الحرارة المتدنية. وسوف يرصد هذا المحس المساحات الخضراء وهي تزحف عبر القارات مع انحسار الشتاء وقدوم الربيع حيث تزدهر النباتات خلاله. وسوف يسجل أين ومتى تندلع الكوارث ـ كالثورات البركانية والفيضانات والعواصف العنيفة وحالات الجفاف والحرائق ـ وسوف يساعد على إرشاد الناس إلى كيفية تفادي أذاها. إن المجالات الطيفية للمحس موديس حساسة للنار على وجه الخصوص، فهي تستطيع تمييز النيران الملتهبة من الخامدة وتوفر تقديرات أفضل لمقادير الهباء الجوي والغازات التي تطلقها في الجو.

وهذا المحس يتلاءم تماما مع رصد التغيرات الواسعة النطاق في الغلاف الحيوي، الأمر الذي سوف يتيح لنا فهمًا أفضل لآليات دورة الكربون العالمية. فعلى الرغم من عدم مقدرة أي من محسات السواتل الحالية على قياس تركيزات ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مباشرة، يستطيع المحس موديس قياس معدل حدوث عملية البناء الضوئي في النباتات ومن ثم تقدير كمية ثنائي أكسيد الكربون التي تمتصها. وعلاوة على ذلك، سوف يلقي المحس نظرة متفحصة على البيئة الحياتية البحرية من خلال قياس التوهج الفلورسنتي لليخضور (الكلوروفيل) في المحيطات [انظر الصورة في اليمين].

http://oloommagazine.com/images/Articles/16/SCI2000b16N10_H05_00822.jpg

يعد الغطاء الثلجي ـ كما في هذا المنظر الذي تم تصويره بوساطة الساتل  سِيْويفْس (التابع للوكالة ناسا) بعد العاصفة الثلجية التي حدثت في 25/1/2000 في شرق الولايات المتحدة ـ واحدا من العديد من عوامل المناخ التي يرصدها المحس موديس.

 المؤلفان

Michael D. King – David D. Herring

كينگ هو العالم الرئيسي في مشروع منظومة رصد الأرض Earth Observing System (EOS) التابع للوكالة ناسا. ومن خلال أحد مراكز القيادة في مركز گودارد للملاحة الفضائية في گرينبلت التابع للوكالة ناسا، يقدم كينگ الدعم لمئات العلماء في العالم الذين يستخدمون سواتل المنظومة EOS من أجل دراسة التغيرات العالمية للمناخ. انضم كينگ إلى فريق گودارد عام 1978 كفيزيائي في مختبر دراسات الأغلفة الجوية. أما الكاتب العلمي هيرينگ فيعمل بموجب عقد في المشروع EOS، ويرأس فريق العمل الذي يروج للساتل تِرّا لدى الرأي العام.

 

مراجع للاستزادة 

MISSION TO PLANET EARTH: ROLE OF CLOUDS AND RADIATION IN CLIMATE. Bruce A. Wielicki, Robert D. Cess, Michael D. King, David A. Randall and Edwin F Harrison in Bulletin of the American Meteorological Society, Vol. 76, No. 11, pages 2125-2154; November 1995.

EARTH FROM ABOVE: USING COLOR CODED SATELLITE IMAGES TO EXAMINE THE GLOBAL ENVIRONMENT. Claire L. Parkinson. University Science Books, Sausalito, Calif., 1997.

EOS SCIENCE PLAN: THE STATE OF SCIENCE IN THE EOS PROGRAM. Michael D. King. NASA NP-1998-12-069-GSFC,1998.

Visit NASA’s Earth Observatory Web site at httpJ/earthobservatory.nasa.gov

Scientific American, April 2000

 

(*) Monitoring Earth’s Vital Signs

(1) satellite ويقال أيضا: قمر صنعي.

(2) sensors، ويقال أيضا: مجسات ومستشعرات.

(3) ويقال أيضا العوالق الجوية والهباب الجوي والحُلالات الجوية، وهي جسيمات دقيقة من الدخان والغبار.

(4) [انظر: «رؤية الأرض من السماء»، مجلة العلوم، العدد 4(1995)، ص 48]. (التحرير)

(5) (Advanced Spaceborne Thermal Emission and reflection Radiometer (ASTER

(6) (Clouds and the Earth’s Radiant Energy System (CERES

(7) (Measurments of Pollution In the Troposphere (MOPITT

(8) (Multiangle Imaging Spectroadiomete  (MISR

(9) (Measurements of Pollution in The Tropospher (MOPITT

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى