أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الحيوان

ثقافات الشمپانزات

ثقافات الشمپانزات(*)

إن أقرب أقرباء النوع البشري هو أكثر قربا مما كنا نعتقد.

فالشمپانزات تبدي سلوكيات جديرة بالملاحظة، لا يمكن

وصفها إلا كعادات اجتماعية انتقلت من جيل إلى آخر.

< A. وايتن> ـ <Ch. بويش>

 

حينما يقترب، بهدوء، باحثون من حدود أرض أزيلت أشجارها في غابة تاي Taïفي ساحل العاج(1) فإنهم، يسمعون أنماطا من أصوات ناعمة لِخَبْط وتكسيرthuds and cracks، مما يوحي كما لو أن عُصبة من الناس تنهمك في الغابة بأداء تقانة بدائية ما لعمل روتيني. ولدى الدخول إلى الأرض الفسيحة الخالية من الأشجار، لاحظ هؤلاء العلماء بضعة أفراد منهمكون في العمل بحذق على سندانات مستعملين ببراعة مطارق خشبية. وكان هناك واحد أو اثنان من اليافعين يتدربان على ذلك العمل ـ بأداء أخرق ونجاح أقل ـ باذلين جهدهما لرفع أفضل مطرقة يعثران عليها. ويهدف كل هذا النشاط إلى تكسير جوز الكولا، الذي وإن كان قاسيا جدا كالصخر لكنه مُغَذٍّ لهما. وكان هذان الفردان يلقيان جانبا بأدواتهما بين الفينة والأخرى ليجمعا المزيد من حفنات الجوز. وكذلك لاحظ هؤلاء الباحثون طفلا صغيرا جالسا مع أمه يجمع فتات الجوز المكسر.

 

ولعدة اعتبارات، يمكن أن تكون هذه الجماعة فعلا عائلة من أناس يعتاشون. ولا بد أن تستثير تلك المطارق والسندانات التي خلفوها، وبعضها مصنوع من الحجر، خيال أي مختص بالأنثروبولوجيا (علم دراسة أصل الإنسان) يسعى وراء علامات لحضارة بدائية. ولكن المقيمين في هذه الغابات ليسوا بشرا بل شمپانزات.

لقد دُرِست المشابهات بين الشمپانزات والبشر سنوات طويلة، ولكن الباحثين في العقد المنصرم قرروا أن هذه المشابهات أكثر عمقا مما اعتقده أي امرئ في البداية. فمثلا، يتخطى تكسير الجوز الذي لوحظ في غابة تاي سلوكًا شمپانزيا بسيطا، بل إنه تكيف منفرد غير موجود إلا في ذلك الجزء الخاص من إفريقيا وصِفَةٌ سلوكية يَعُدها البيولوجيون تعبيرا عن ثقافة شمپانزية. وكثيرا ما يستعمل العلماء مصطلح “ثقافة” culture لوصف سلوكيات حيوانية أولية، مثل اللهجات الإقليمية لعشائر (جماعات) الطيور المغرِّدة المختلفة. ولكن كما ثبت في النهاية، فإن التقاليد الثقافية الثرية المتباينة الموجودة لدى الشمپانزات تأتي تاليا في تعقيدها للتقاليد البشرية فحسب.

 

وفي غضون السنتين المنصرمتين وثّق تعاون علمي غير مسبوق، ضم كل مجموعة من مجموعات البحث الرئيسية التي تدرس الشمپانزات، عددا وافرا من نماذج ثقافية متميزة تمتد عبر أرجاء إفريقيا وتتناول أفعالا تتفاوت ما بين استخدام الحيوانات للأدوات وأشكال التواصل والعادات الاجتماعية. ولا تؤثر هذه الصورة البازغة عن الشمپانزات في كيفية تفكيرنا عن هذه المخلوقات المذهلة فحسب، بل تغير كذلك المفهوم البشري عن تميزنا الفريد، مثلما تلمّح إلى وجود أسس قديمة جدا للمقدرة البشرية الاستثنائية على التثقّف.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N8-9_H02_001868.jpg

يُعَدُّ الذهاب لاصطياد النمل طريقة ميسورة لتأمين وجبة الغذاء لدى بعض الشمپانزات. فهذا الشمپانزي (في الصورة) الذي ينتمي إلى حديقة ماهال الوطنية في تانزانيا يغرز عصا في عش للنمل موجود داخل شجرة. وحالما يصعد النمل على العصا، ينزع الشمپانزي هذه العصا ويتلقط النمل بشفتيه.

 

تأمل في الثقافة(2)

عاش الهومو سابْيَانس (الإنسان العاقل) Homo sapiens والپان تروگلولوديتس (القردة الأمريكية الشبيهة بالإنسان) Pan troglodytes جنبا إلى جنب مئات آلاف السنين، وتشاركوا في أكثر من 98 في المئة من مادتهم الوراثية (الجينية)، ومع ذلك فقد بقينا حتى أربعين سنة خلت فحسب نجهل إلا النزر اليسير فيما يختص بسلوك الشمپانزات في البرية. فقد بدأ الأمر يتغير في الستينات من القرن العشرين حينما بدأ < T. نيشيدا> [من جامعة كيوتو في اليابان] و < J. گودال> دراسة عن الشمپانزات البرية في موقعين حقليين في تانزانيا. (تُعَدُّ محطة گودال للبحوث في گومبي Gombe، وهي الأولى من نوعها، أكثر شهرة؛ إلا أن موقع نيشيدا في ماهال Mahale يعد ثاني أقدم موقع بحثي للشمپانزات في العالم).

 

وفي هذه الدراسات الأولية، حيث تعودت الشمپانزات على مراقبتها عن قرب، بدأت الاكتشافات الفريدة. فقد لاحظ الباحثان طيفا من سلوكيات غير متوقعة يتضمن تكييف الأشياء واستعمال الأدوات والصيد وأكل اللحوم وتقاسم الغذاء وخوض الحروب الضروس بين أفراد المجتمعات المتجاورة. وفي سنوات لاحقة، أقام علماء آخرون مختصون بالرئيسيات primatologists  معسكرات في مكان آخر. وعلى الرغم من جميع المتاعب المالية والسياسية واللوجستية التي يمكن أن تكتنف العمل الميداني الإفريقي، فقد صارت بضع من هذه المهمات الطليعية مشروعات طويلة الأجل بحق. ونتيجة لذلك، فإننا نعيش زمنا غير مسبوق مادام سيتوافر في النهاية سجل علمي وثيق ومفهوم عن حياة الشمپانزات لا يخص جماعة واحدة بل عدة جماعات منها تنتشر عبر أرجاء إفريقيا.

 

يعود إلى عام 1973 قيام گودال بتسجيل 13 شكلا من استخدام الأدوات، وكذلك 8 أنشطة اجتماعية ظهر تباينها بين شمپانزات گومبي وعشائر شمپانزية غيرها في مكان آخر. وقد افترضت گودال بأن بعض ضروب الشمپانزات تمتلك ما اصطلحت على تسميته أصلا ثقافيا cultural origin. ولكن، ما الذي تعنيه گودال تحديدا بالثقافة؟ فَحَسَب معجم موسوعة أكسفورد للغة الإنكليزية(3)، تُعرَّف الثقافة بأنها “العادات… والإنجازات في زمن معين أو لشعب معين.” ويمتد تنوع الثقافات البشرية من التباينات التقانية إلى طقوس الزواج، ومن عادات الطبخ إلى الأساطير والخرافات. وبالطبع قد لا تملك الحيوانات أساطير أو خرافات، ولكنها تملك حقا القدرة على تمرير صفات سلوكية من جيل إلى آخر، ولكن ليس عبر جيناتها بل عن طريق التعلم. وبالنسبة إلى البيولوجيين، يُعَدُّ هذا التمرير المعيارَ الجوهري للصفة الثقافية، إذ لا بد أن يكون ذلك أمرا يمكن تعلّمه عن طريق مراقبة المهارات الراسخة للآخرين؛ وبذلك يتم التمرير إلى أجيال المستقبل [انظر ما هو مؤطر في الصفحة 16].

 

وبحلول التسعينات من القرن العشرين، أبرز اكتشافُ فروق سلوكية جديدة بين الشمپانزات جدوى الشروع في البدء بتركيب خرائط(4) ذات دلالة للتغيرات الثقافية لدى هذه الحيوانات. وقد تمكّن <.W.C مگّرو> في كتابه الصادر عام  1992 بعنوان الثقافات المادية للشمپانزات Chimpanzee Material Cultures، من وضع قائمة لتسعة عشر نوعا من استخدامات الأدوات في مجتمعات متميزة من الشمپانزات. أما أحدنا (وهو بويش) مع زميله < M. توما سيلّو> [من معهد ماكس پلانك للأنثروبولوجيا التطورية في ألمانيا] فقد حدد خمسة وعشرين من الأنشطة المتميزة باعتبارها صفات ثقافية كامنة لدى العشائر البرية للشمپانزات.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N8-9_H02_001869.jpg

يتضمن درس اليوم عرضا توضيحيا عن كيفية كسر جوزة الكولا، حيث تستعمل إحدى أمهات الشمپانزي في غابة تاي في ساحل العاج مطرقة حجرية لفلق إحدى حبات الجوز، في حين يشاهد الصغير ذلك. ولكن لم تطور جميع الشمپانزات في تلك المنطقة هذا السلوك؛ إذ إن الشمپانزات التي تعيش على الضفة الشرقية من نهر ساسندرا نوزو Sassandra-Nzo لا تكسر الجوز مع أن أفراد النوع نفسه على الجانب الآخر من النهر، وعلى مبعدة أميال قليلة تفعل ذلك. ونذكر هنا أن جميع المواد الخام المطلوبة لهذا الفعل متاحة في الضفتين كلتيهما وأن الجوز يمكن أن يكسر باستعمال تقانة معتادة في غابة تاي. ولكن هذا النهر يعمل حاجزا ثقافيا بكل معنى الكلمة.

 

هذا وقد أمكن التوصل إلى أحدث فهرس مصور (كاتالوج) للتنوع الثقافي من التعاون الفريد الذي اشترك فيه تسعة من خبراء الشمپانزات (بمن فيهم نحن الاثنين) الذين بذلوا جهدا مشتركا في تأطير ملاحظات ميدانية مكثَّفة، وهي التي إذا جُمعت معا استغرقت بمجموعها ما يصل إلى 151 سنة من مراقبة الشمپانزات [انظر ما هو مؤطر في الصفحة 12]. وتسجل هذه القائمة 39 نموذجا لسلوك الشمپانزات، نعتقد أنها ذات أصل ثقافي، ومن ضمنها أنشطة مثل استخدام عصي في “اصطياد” النمل وصُنْع مقاعد جافة من الأوراق، وكذلك عدد من عادات تنظيف شعر الجسم الاجتماعية(5). وفي الوقت الحاضر، تضع هذه الضروب التسعة والثلاثون الشمپانزات في صفوف خاصة بها تتميز بأنها ذات عادات تفوق في إتقانها أيا من الحيوانات المدروسة الأخرى حتى تاريخنا هذا. وبالطبع، تبقى الشمپانزات متميزة كذلك عن البشر الذين لا تُحصى اختلافاتهم الثقافية. (ومع ذلك يجب أن نشير إلى أن العلماء مايزالون في بداية اكتشاف التعقيد السلوكي الموجود لدى الشمپانزات ـ مما يجعل الرقم 39 يمثل بلا شك الحد الأدنى من الصفات الثقافية).

 

شمپانزات متعددة الثقافات(6)

حينما يقوم علماء الأنثروپولوجيا anthropologists وعلماء الاجتماع sociologistsبوصف عادات البشر، فإنهم غالبا ما يشيرون إلى “الثقافة الأمريكية” أو “الثقافة الصينية”. فهذان المصطلحان يشملان طيفا واسعا من الأنشطة ـ تتمثل في اللغة وأشكال اللباس وعادات الأكل وطقوس الزواج وهلم جرا. ولكن الثقافة عند الحيوانات تركزت بشكل مثالي على سلوك واحد مثل لهجات dialects الأغنية لدى الطيور. وعلى سبيل المثال لم يحدد علماء الطيور ornithologists  فرقا في  نماذج الغَزَل أو ممارسات تناول الغذاء يتوافق مع فروق لهجات الطيور.

 

ولكن مع ذلك، تقوم الشمپانزات بأكثر من إبداء صفات ثقافية فردية: فكل جماعة منها تَعْرِض مجموعة إجمالية من السلوكيات تميزها عن الجماعات الأخرى [انظر الأشكال في الصفحتين 14 و 15] ونتيجة لذلك، فإننا نستطيع الحديث عن “ثقافة گومبية” Gombe culture أو “ثقافة تايية” Taï culture. وفي الواقع، ما إن نلاحظ نوع سلوك أحد الشمپانزات حتى نستطيع تحديد المكان الذي يعيش فيه. فعلى سبيل المثال، نستطيع الحكم بأن الفرد الذي يكسر الجوز، ويقصّ clips أوراق الشجر خلال استعراض التطبيل drumming، ويصطاد النمل بشكل حاذق باستخدام يد واحدة وعصي قصيرة، ويدق بكواعب أصابعه كي يجذب الإناث، إنه بكل وضوح جاء من غابة تاي، في حين أننا نحكم بأن الشمپانزي الذي ينظف ورقة الشجر ويتشابك باليدين أثناء تنظيف الشعر يمكن أن يكون قد أتى من غابة كيبال Kibale أو من جبال ماهال، ولكنك إذا لاحظت أنه  يصطاد النمل أيضا فلا يوجد أدنى شك في أنه آت من ماهال.

 

النادي الثقافي(**)

كيف قام فريق دولي من خبراء الشمپانزي بإدارة أشمل مسح للحيوانات تم حتى الآن

كان العلماء ولايزالون يدرسون ثقافة الشمپانزي عدة عقود، ولكن كثيرا ما تضمنت دراساتهم عيوبا حاسمة. وقد استندت معظم محاولات توثيق التنوع الثقافي بين الشمپانزات إلى شروح منشورة رسميا للسلوكيات المسجلة في كل موقع بحثي فحسب. ولكن ربما كان مثل هذا الأسلوب يغفل مقدارا لا بأس به من التباين الثقافي لأسباب ثلاثة.

يتمثل أولها في أن العلماء من الناحية النمطية لا ينشرون قائمة شاملة لجميع الأنشطة التي لا يرونها في موضع معين. ومع ذلك فهذا هو بالضبط ما نطلب معرفته ـ بمعنى ما السلوكيات التي شوهدت والتي لم تشاهد في كل موقع. أما ثانيها فيتمثل في قيام العديد من التقارير بوصف سلوكيات شمپانزية من دون ذكر درجة شيوعها، فمن دون هذه المعلومات لا نستطيع تحديد ما إذا كان فعلٌ بعينه يشكل حادثا روتينيا يمكن اعتباره جزءا من ثقافة هذه الحيوانات أو أنه مجرد حدث شاذ عابر وقع مرةً واحدةً في العمر. أما آخرها فيتمثل في كون شروح الباحثين عن السلوكيات الشمپانزية الكامنة ذات الدلالة تفتقر كثيرا إلى التفاصيل الكافية، مما يجعل من الصعب على العلماء العاملين في بقاع أخرى أن يسجلوا وجود هذه الأنشطة أو غيابها.

ولتدارك هذه المشكلات قرر كلانا انتهاج أسلوب جديد. فقد طالبْنا الباحثين الميدانيين في كل موقع تزويدنا بقائمة لجميع السلوكيات التي يشتبهون بكونها تقاليد محلية. ولدى حصولنا على هذه المعلومات أعددنا قائمة شاملة بخمسة وستين مرشحا للسلوكيات الثقافية.

ثم وزعنا قائمتنا على قادة الفرق البحثية في كل موقع. فقاموا بعد مشاورة زملائهم بتصنيف كل سلوك من حيث وجوده أو غيابه لدى الجماعة الشمپانزية المدروسة. وكان مفتاح الفئات الرئيسية إما سلوكا شائعا customary(يحدث في معظم أو جميع الأفراد القادرة لعمر أو صنف جنسي واحد على الأقل، مثل جميع البالغين الذكور) أو سلوكا معتادا habitual  (أقل  تكرارا من الشائع ولكنه يحدث بشكل متكرر في بضعة أفراد) أو سلوكا موجودا present (يُشاهد في الموقع ولكنه غير معتاد) أو سلوكا مفقودا (لم يشاهد على الإطلاق) وغير معروف.

لقد تركز استقصاؤنا على سبعة مواقع تعودت فيها الشمپانزات على المشاهدات البشرية، وكلها تكشف عن تجميع دراسات وصلت بمجموعها إلى ما يربو على 150 عاما من ملاحظة الشمپانزات. وبالطبع فإن أنماط السلوك التي حظيت باهتمامنا بشكل خاص كانت تلك الغائبة عند إحدى الجماعات الشمپانزية على الأقل مع كونها معتادة أو شائعة لدى جماعة واحدة أخرى على الأقل. فقد كان هذا هو معيارنا للدلالة على كون سلوك ما يشكل أحد المتغيرات الثقافية a cultural variant. (ومع ذلك نشير إلى أن بعض السلوكيات تنعدم لأسباب محلية نوعية، الأمر الذي جعلنا نستبعدها من الحسبان. فعلى سبيل المثال، تجرف الشمپانزات في بوسو Bossou الطحالب المستطابة من برك الماء بعصا، في حين لا تفعل الشمپانزات في المواقع الأخرى ذلك بسبب عدم وجود الطحالب فيها، ليس إلا).

لقد بينت المسوحات المكثفة ما لا يقل عن 39 نموذجا للسلوك الشمپانزي يمكن اعتبارها متغيرات ثقافية، متضمنة أشكالا عديدة من استخدام الأدوات وتقنيات تنظيف الشعر وإغواءات الغزل والعديد منها مما تحفل به هذه المقالة من أشكال توضيحية. ويفوق هذا الثراء الثقافي بقدر كبير أي شيء معروف لدى أي من الأنواع الحيوانية الأخرى.

 

ويضاف إلى ذلك، أن ثقافات الشمپانزات تتخطى مجرد وجود سلوك معين أو انعدامه. فعلى سبيل المثال، تقتل جميع الشمپانزات كل الطفيليات التي تعثر عليها أثناء تنظيف شعر أحد شركائها. ولكنها في تاي تَهْرُس الطفيليات بالإصبع بعد وضعها على الساعد، في حين أنها في گومبي تسحق squash هذه الطفيليات على ورقة شجر، وفي بودنگو Budongo تخضعها للفحص على ورقة شجر، فإما أن تأكلها أو ترميها. وهكذا فإن كل جماعة شمپانزية طوّرت طريقة فريدة تخصها لأداء هدف بعينه. هذا، فتبادليا قد تبدو السلوكيات متشابهة، ومع ذلك تستخدم في سياقات مختلفة: ففي ماهال تقصّ الذكور أوراق الشجر بأسنانها ضوضائيا كمظهر غزلي، في حين تدمج شمپانزات غابة تاي قص أوراق الشجر في عروض التطبيل drumming displays.

 

تقدم هذه الصورة الجديدة للثقافة الشمپانزية تضمينات عديدة. فهي تهيئ استبصارا فيما يخص تميزنا نوعًا من الأنواع الحية. فحينما نشرنا هذا البحث أول مرة في مجلة نيتشر Nature، لمسنا قلقا كبيرا لدى بعض الناس من إدراكهم أن الخاصية التي كان يبدو أنها تَفْصلنا بقوة عن العالم الحيواني ـ المتمثلة في مقدرتنا على التنامي الثقافي ـ لم تعد فارقا مطلقا بعد اليوم.

 

ولكن يبدو في ذلك استجابة خاطئة التوجيه نوعا ما. فالفروق بين عادات البشر وتقاليدهم التي أغنتها وتوسَّطتْها اللغة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، إنما تغاير بشدة ما نشاهده  لدى الشمپانزات. وتزيد قصة الثقافات الشمپانزية حدةَ إدراكنا لِتَمَيُّزنا بدلا من أن تهدده بأي أسلوب ربما يقلقنا.

 

لقد حققت الإنجازات البشرية تقدما تراكميا هائلا عبر الأجيال المتلاحقة وهي ظاهرة أسماها بويش وتوماسيلّو “فعل الدَّقْر (السَّقّاطة)” ratchet effect. ففكرة المطرقة ـ التي تمثلت في البداية بحجر خام أملس ـ جرى تحويرها وتحسينها مرات عديدة إلى أن غدونا الآن نقتني في مصانعنا مطارق إنسالية (روبوطية) ذات تحكم إلكتروني. صحيح إن الشمپانزات قد تُبدي بدايات من فعل الدَّقْر هذا، فمثلا إن بعضها يستعمل سندانات حجرية قد تقدم خطوة بعد ذلك كما في بوسوBossou، حيث تقوم الشمپانزات بوضع إسفين من حجر تحت السندان حينما يحتاج هذا الأخير إلى التسوية leveling على أرض كثيرة المطبّات، بيد أن مثل هذا السلوك لم يصبح معتادا ولا يعدو كونه بدائيا في الواقع مقابل الإنجازات البشرية.

 

وكذلك توحي المقدرة الثقافية التي تتشارك بها مع الشمپانزات بوجود سلف قديم للمقدرة الذهنية التي ينبغي أن تشكل الأساس. فطبيعتنا الثقافية لم تنبثق مما ليس في الحسبان، بل تطورت من بدايات أبسط منها. ويبدو أن تعلما اجتماعيا شبيها بتعلم الشمپانزات ربما استطاع أن يتكفل ثقافات الأداة الحجرية المبكرة لدى أسلاف البشر الذين عاشوا قبل مليوني سنة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N8-9_H02_001870.jpg

يُعَدُّ رفع الأيدي أثناء تنظيف الشعر أمرا مألوفا بين الشمپانزات في غابة تاي وماهال وكيبال. ونرى في هذه الصورة ذكرين من الشمپانزي في ماهال ينظف كل منها شعر الآخر بينما يتشابكان بالأيدي. ويوحي بحث حديث أجراه <C.W. مگرو> و<F.L.مارشانت> [وكلاهما في جامعة ميامي] أن مجتمعين متجاورين للشمپانزي في ماهال يبديان فروقا في كيفية تشابك الأيدي، إذ يتجنب أحدهما التماس بين راحتي اليدين، وهو الأسلوب الشائع لدى الجوار. أما في گومبي فلم تُبْدِ ملاحظات أربعين عاما أي تشابك في اليدين، بل إن الشمپانزات هنا تتعلق بأحد الأغصان فوق الرأس ويمكن ألا تمسك يد شريكها في التنظيف المتبادل.

 

إنه لمن المبكر الحكم إذا كانت الشمپانزات هي النوع الحيواني الوحيد الذي يشارك النوع البشري مقدرته على الثقافة في كوكبنا. وليس من أحد أخذ على عاتقه القيام ببحث شامل لاختبار هذه الفكرة. ولكن هناك أدلة مبكرة تنوه بضرورة تضمين مخلوقات أخرى في هذه المناقشات، إذ إن < .C P.ڤان شايك> [في جامعة ديوك] وزملاءه سبق أن وجدوا أورانگوتانات orangotans في سومطرة تستعمل عادة نوعين مختلفين من الأدوات على الأقل. فالأورانگوتانات التي رُصِدت في مناطق أخرى سنوات طويلة لم يشاهد فعلَها الشيء نفسه على الإطلاق.

 

ولقد بدأ < H. وايتهيد> [من جامعة دالهوزي] وزملاؤه بتوثيق كون الأساليب التي تصطاد بها عشائر الحيتان التي تغني بلهجات مختلفة تختلف كذلك بعضها عن بعض. ونأمل من جانبنا أن يستطيع بحثنا الشامل لتوثيق ثقافات الشمپانزات تقديم قالب يُحتذى في دراسة هذه الأنواع الحية الواعدة الأخرى.

 

وماذا عن التضمينات عند الشمپانزات أنفسها؟ هنا نجد أن علينا أن نلقي الضوء على الفقد المأساوي للشمپانزات الآخذة عشائرها بالأفول في وقت بدأنا أخيرا ندرس هذه الحيوانات الرائعة على نحو أكثر كمالا من ذي قبل. فهذه العشائر أخذت تتهاوى في القرن الماضي وتستمر اليوم في تراجعها بسبب القنص والاحتطاب غير المشروعين، إضافة إلى تجارة لحوم الأدغال bushmeatالناشطة حديثا. وإن للأخيرة على وجه الخصوص صفة النذير، إذ إن إزالة الأشجار لشق شوارع واسعة داخل الغابة باتت تستعمل في شحن لحوم الحيوانات البرية ـ ومن ضمنها لحم الشمپانزي ـ إلى مستهلكين في مناطق بعيدة مثل أوروبا. ولا يهدد مثل هذا التدمير الحيوانات نفسها فحسب، بل يهدد كذلك موئلا لثقافات قردية فتّانة مختلفة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N8-9_H02_001871.jpg

يُعَدُّ تبادل تنظيف الشعر بين فردين مصدرَ بهجة للشمپانزات لدى كافة العشائر المعروفة. ولكن كيف تتعامل الشمپانزات مع المزعجات أمثال القرّاد والقمل، فهذا أمر يختلف بين جماعة وأخرى. فالعشائر التي تعيش في شرق إفريقيا مثل شمپانزات گومبي المشاهدة في هذه الصورة تتحول أحيانا من تنظيف شعر الرفيق إلى تنظيف أوراق الشجر. فحينما تجد شمپانزات گومبي طفيليات، فإنها يمكن أن تضعها فوق كومة من أوراق شجر، ثم تهرس هذه الحشرات بعناية مستعملة أظافر إبهامها، قبل أن تأكلها. أما في بودنگو، فإنها عوضا عن ذلك تضع هذه الحشرات على أوراق الشجر وتعاينها قبل أن تأكلها أو ترميها. وأما في غابة تاي، فإن الشمپانزات لا تستعمل أوراق الشجر بل تضع الطفيليات (الحشرات) على أحد سواعدها وتضربها مرارا بإصبع السبابة حتى يتم هرسها. ولما كانت جميع مجتمعات الشمپانزي في شرق إفريقيا تُدخل أوراق الشجر في عادات تنظيف الشعر لديها، فإن ذلك يوحي بأصل مشترك لهذه الممارسة.

 

ومع ذلك ربما مازال من الممكن المساعدة على إنقاذ الثراء الثقافي للقردة. والآن غيرت جهود المحافظة موقف بعض الأشخاص المحليين؛ فقد شرعت بعض المنظمات في عرض أشرطة ڤيديو توضح الحدة الذهنية لدى الشمپانزات. وقد سُمِع أحد المشاهدين الزائرين يتعجب قائلا “آه، إن هذا القرد يشبهني كثيرا، وما عدت أستطيع أكله بعد اليوم.”

 

دليل لثقافات الشمپانزات(***)

في محاولة لفهرسة المتغيرات الثقافية عند الشمپانزات، طلبنا إلى باحثين عاملين في ستة مواقع عبر إفريقيا الوسطى أن يصنفوا السلوكيات الشمپانزية على أساس وجودها أو انعدامها في سبع جماعات من الشمپانزات (توجد جماعتان منها في ماهال). أما المفاتيح الرئيسية فكانت إما سلوكا شائعا (مألوفا) customary يحدث عند جميع أفراد الفئة العمرية الواحدة أو الصنف الجنسي الواحد، وإما سلوكا معتادا habitual يكون أقل شيوعا من سابقه لكنه متكرر، أو سلوكا موجودا، أو سلوكا غائبا، أو سلوكا غير معروف. ونشير هنا إلى أن بعض السلوكيات تكون غائبة لأسباب إيكولوجية نذكر من أمثلتها عدم استخدام الشمپانزات في بودنگوللمطارق في فتح جوز الكولا، بسبب عدم وجود هذا الجوز في ذلك الموقع. هذا وقد أبرزت المسوحات تسعة وثلاثين من الطقوس الشمپانزية التي عُدَّت متغيرات ثقافية. ويوضح الجدول أدناه ثمانية عشر منها:

http://oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N8-9_H02_001872.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N8-9_H02_001873.jpg

كسر الجوز

لكسر جوز كولا المغذي تستعمل الشمپانزات الحجارة على شكل مطارق وسندانات بدائية.

السَّحق بمدقة

بسويقات من أشجار النخيل على شكل مدقات موقتة تستطيع الشمپانزات تكوين حفرٍ في الأشجار وتعميقها.

اصطياد نمل الأَرَضة

تغرز الشمپانزات أشرطة رفيعة مرنة من قشر الشجر داخل متاريس الأرضة من أجل استخراج الحشرات التي تأكلها بعدئذ.

مسح النمل عن سطح العصيّ يدويا

حالما يغطي النمل صعودا الأنصاف السفلية من العصي المغموسة في أعشاشها تسحب الشمپانزات بقبضاتها هذه العصي وتكنس ما عليها من نمل بأفواهها.

أكل النمل مباشرة من العصي

بعد أن يصعد قليل من النمل على العصي المغروزة في أعشاشه تُدخِل الشمپانزات هذه العصي في أفواهها مباشرة وتأكل النمل.

إخراج نقيّ العظام

بمساعدة عصي صغيرة تأكل الشمپانزات النقي الموجود داخل العظام الطويلة للقردة التي سبق أن قتلتْها وأكلتها.

الجلوس على أوراق الشجر

تؤمن بعض أوراق الشجر الكبيرة نوعا من الحماية حينما تجلس الشمپانزات على أرض مبللة.

إبعاد الذباب (كشًّا)

لإبعاد الذباب تستعمل الشمپانزات غُصَيْنات مورقة كنوع من المَرْوحة.

دغدغة الذات tickling self

يمكن استعمال حجر كبير أو عصا لجس المناطق الواخزة ticklish  من  جسم الشمپانزي نفسه.

  الرمي throwing

تستطيع الشمپانزات أن تقذف أشياء كالحجارة والعصي بتسديد واضح وإن كان غير دقيق في كثير من الأحيان

معاينة الجروح

عندما يُجرح أحد الشمپانزات فإنه يلمس جروحَه بأوراق الشجر ثم يتفحّص الأوراق. وفي بعض الحالات تمضغ الشمپانزات الأوراق أولا.

قص أوراق الشجر

من أجل جذب انتباه الأقران أو الإناث المخصبة، تمزق ذكور الشمپانزي نصول أوراق الشجر بضوضاء إربا إربا من دون أن تأكلها.

هرس الطفيليات على أوراق الشجر

أثناء تنظيف الشمپانزي لآخر يلتقط أحد الطفيليات من شعر الشريك ويضع هذا الطفيلي على ورقة شجر ثم يهرسه.

معاينة الطفيليات

تضع الشمپانزات الطفيليات المزالة أثناء تنظيف الشعر على ورقة فوق راحة يدها ثم تعاينها، فإما أن تأكلها أو ترميها.

هرس الطفيليات بالأصابع

تزيل الشمپانزات الطفيليات من شركائها أثناء التنظيف، وتضع الحشرات الصغيرة على سواعدها وتضربها مرارا قبل أن تأكلها.

شَبْك الذراعين فوق الرأس

يشبك اثنان من الشمپانزي يديهما فوق رأسيهما أثناء تنظيف أحدهما الآخر بيديهما الأخريين.

قرع الأصابع knocking knucles

لجذب الانتباه أثناء الغزل يقرع الشمپانزي بأصابعه على الأشجار أو السطوح الصلبة الأخرى.

رقصة المطر

عند بدء هطل مطر غزير تؤدي الذكور البالغة عروضا محمومة يصاحبها جر أغصان وخبط الأرض وضرب الجذور الناتئة وإصدار زعيق لاهث.

هل القرود تقلد؟(****)

تبين دراسات حديثة أن الشمپانزات والقردة الأخرى تستطيع التعلم بالتقليد

قد تبدو فكرة كون القردة العليا ـ الشمپانزي والغوريلا والأورانگوتان والجيبون ـ تستطيع أن يقلد أحدها الآخر فكرةً غير مستغربة لمن راقب هذه الحيوانات أثناء لعبها في حدائق الحيوان. ولكن في المحافل العلمية فإن سؤال ما إذا كانت القردة تقلد بالفعل صار أمرا خلافيا.

لنأخذ مثالا أحد صغار الشمپانزي وهو يراقب أمه تكسر جوزة الكولا بحسب ما شوهد في غابة تاي بغرب إفريقيا. ففي معظم الأحوال يكتسب الصغير هذه الممارسة بنفسه في نهاية المطاف. فهل حدث ذلك لأن الصغير قلد أمه؟ ربما اعتقد المشككون غير ذلك، إذ يجادلون بأن انتباه الأم إلى ثمار الجوز شجع صغيرها على التركيز على ثمار الجوز كذلك. وما إن انجذب انتباهه إلى الطعام حتى تعلم هذا الشمپانزي كيف يفتح الجوزة تبعا لمبدأ المحاولة والخطأ، وليس عن طريق تقليد أمه.

ينطوي مثل هذا التفريق على تضمينات(7) مهمة  بالنسبة إلى أي مناقشة حول الثقافات الشمپانزية. فبعض العلماء يعرِّفون الخاصية الثقافية بأنها صفة لا يتم تمريرها بالوراثة الجينية، بل عوضا عن ذلك يقلد الجيل الأصغر سلوك الأفراد البالغين. فإذا كان كسر جوزة الكولا أمرا تستطيع الشمپانزات أن تتبين كيفية تحقيقه بأنفسها حالما تمسك حجرا للطرْق ببساطة، فإن ذلك لا يمكن أن يُعد جزءا من ثقافتها. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الحيوانات إذا كانت تتعلم بالمحاولة والخطأ حصرا، فإن على الشمپانزات إلى حد ما أن تعيد الكرّة ذاتها في كل مرة تتصدى بها لمهارة جديدة. وهكذا لا يمكن أن تتطور أية ثقافة تراكمية على الإطلاق.

لعل أفضل طريق لتقرير كيفية تعلم الشمپانزات إنما يكمن في التجارب المختبرية. وقد صنع أحدنا (وايتن) بالتعاون مع < M .D. كوستانس> [من كلية گولد سميث بجامعة لندن] فواكه اصطناعية(8) لتؤدي دورَ مشابهات للفواكه التي  تتداولها هذه الحيوانات في البرية (انظر الصورة). فأبدت مجموعة من الشمپانزات في إحدى التجارب النموذجية تقنية أدائية معقدة لفتح إحدى هذه الفواكه في حين أبدت مجموعة أخرى من الشمپانزات طريقة مختلفة تماما. وعندئذ قمنا بتسجيل المدى الذي تأثرت به الشمپانزات بالطريقة التي شاهدتها. وكذلك أجرينا تجارب مشابهة على ثلاثة من أطفال البشر ذوي الثلاث سنوات عمرا كشواهد للدراسة. وهنا بينت نتائجُنا أن الشمپانزات ذات الست سنوات عمرا تبدي سلوكا تقليديا يشبه إلى حد كبير السلوك المشاهد لدى هؤلاء الأطفال مع كون درجة الدقة في التقليد تميل لأن تكون أكثر ضعفا.

http://oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N8-9_H02_001874.jpg

تؤدي الممارسة إلى الكمال حينما يُجَرَّب الشمپانزي اليافع على فاكهة اصطناعية أُعطيت له ليقشرها بعد مشاهدة الآخرين يفعلون ذلك. وتساعد مثل هذه الدراسات العلماء على تقرير كيفية تعلم الشمپانزات عبر تقليد الآخرين.

وفي نوع مختلف من التجارب أعطى أحدنا (بويش) مع بعض معاونيه شمپانزات في حديقة حيوان زيورخ في سويسرا مطارق وحبات جوز شبيهة بتلك المتاحة في البرية. ثم قمنا برصد طيف السلوكيات التي أبدتها الشمپانزات في الأَسْر. وبحسب ما تبين، فإن الشمپانزات في حديقة الحيوان أبدت مجالا من الأنشطة أكثر اتساعا مما شاهدناه في مجموعة الأنشطة المركزة والمحدودة في البرية. وقد فسرنا ذلك بأن البيئة الثقافية للشمپانزي في البرية توجهchannel سلوك الصغار نحو أكثر المهارات نفعا.  أما في حديقة الحيوان الخالية من فوائد التقاليد المتوفرة، فإن الشمپانزات تجرب حشدا من أفعال أقل نفعا.

ومن المثير أن بعض نتائج هذه التجارب التي تضمنت الفاكهة الاصطناعية تتلاقى مع هذه الفكرة. ففي إحدى الدراسات قلدتْ الشمپانزات متتالية كاملة من الأفعال التي شاهدتها، ولكنها لم تفعل ذلك إلا بعد بضع مشاهدات وبعد محاولتها بعض البدائل. وبمعنى آخر، فقد مالت الشمپانزات لتقليد ما شاهدته من أفعال قام بها آخرون، وذلك على حساب اكتشافاتها الخاصة بحسب مبدأ المحاولة والخطأ trial and error.

وفي رأينا، فإن هذه النتائج، إذا ما أُخذت بمجموعها، توحي بأن القردة تقلِّد بالفعل، وأن هذه القابلية تشكل إحدى الجدائل في النقل الثقافي. وفي الواقع، يصعب أن نتصور كيف تستطيع الشمپانزات تطوير اختلافات جغرافية معينة في الأنشطة مثل تغميس النمل ant-dipping  والإمساك بالطفيليات من دون أن تقلد أعرافا راسخة. فلا بد أنها تقلد أفرادا آخرين من مجموعتها.

ولكن ينبغي أن نلاحظ أنه ـ كما هي الحال لدى البشر تماما ـ فإن بعض الصفات الثقافية لا شك أنها تمرر إلى الأجيال اللاحقة عبر مجموعة من التقاليد وأنواع أبسط من التعلُّم الاجتماعي مثل لفت انتباه الفرد إلى الأدوات المفيدة. ويبقى في كل الأحوال أن التعلم من الكبار أساسي في تنشئة شمپانزي بري مقتدر.

 

المؤلفان

Andrew Whiten – Christophe Boesch

تعاونا منذ عام 1998 في دراسة التبادل الثقافي لدى الشمپانزات. وايتن، الذي يتمتع بالزمالة في الأكاديمية البريطانية، هو أستاذ علم النفس التطوري والتنموي في جامعة سان أندروز في اسكتلندا. أما بويش فهو معاون مدير معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزغ بألمانيا، وأستاذ في جامعة لايبزغ. وفي هذا البحث، شارك مديرو الدراسة الحقلية على الشمپانزات، وهم < J. گودال> [من معهد جين كودال بواشنطن العاصمة] و < C .W. مگّرو> [من جامعة ميامي] و < T. نيشيدا> [من جامعة كيوتو باليابان] و < V. رينولدس> [من جامعة أكسفورد] و < Y. سوجِيَاما> [من جامعة توكايگاكوين في اليابان] و <G .E .C. تيوتن> [من جامعة استرلينك باسكتلندا] و < W .R. رانگهام> [من جامعة هارڤارد].

 

مراجع للاستزادة 

CHIMPANZEE MATERIAL CULTURE. William C. McGrew. Cam ridge University Press, 1992.

CULTURES IN CHIMPANZEES. A. Whiten, J. Goodall, W. C. McGrew, T. Nishida, V. Reynolds, Y. Sugiyama, C. E. G. Tutin, R. W. Wrang ham and C. Boesch in Nature, Vol. 399, pages 682-685; 1999.

CHIMPANZEES OF THE TAI FOREST: BEHAVIORAL ECOLOGY AND EVOLUTION. Christophe Boesch and Hedwige Boesch-Aschermann Oxford University Press, 2000.

RIMATE CULTURE AND SOCIAL LEARNING. Andrew Whiten in Cognitive Science. Special issue on primate cognition, Vol. 24,pages 477-508; 2000.

Chhimpanzee Cultures Web site: http://chimp.st-and.ac.uklcultures/

Chimpanzee Foundation Web site: http://www.wildchimps.org

Scientific American, January 2001

 

(*) the Cultures of Chimpanzees

(**) The Culture Club

(***) A Guide to the Cultures of Chimpanzees.

(****) Do Apes Ape?

 

(1) lvory Coast

(2) Contemplating Culture.

(3) Oxford Encyclopodia English Dictionary.

(4) charts.

(5) social grooming habits

(6) Multicultural Chimpanzees

(7) implications.

(8) artificial

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى