أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحةالكيمياء الحيوية

جيل جديد من العقاقير المضادة للڤيروسات

جيل جديد من العقاقير المضادة للڤيروسات(*)

إننا نعيش عصر مضادات الڤيروسات، ولدينا مجموعة من العقاقير

المضادة للڤيروسات، معدة للبيع أو قيد التطوير.

وتدعم أبحاث الجينومات الڤيروسية معظم هذا التقدم.

<A.W.هيزلتاين>

 

في أواسط الثمانينات، عندما اكتشف العلماء أول مرة ڤيروسا يسبب مرضا جديدا فتاكا أُطلق عليه اسم الإيدز AIDS (متلازمة عوز المناعة المكتسب)، كانت رفوف الصيدليات تزدحم بأدوية لمعالجة الإصابات البكتيرية. ولكن فيما يتعلق بالأمراض الڤيروسية، فإن الطب كان لديه القليل ليقدمه: حِساء الدجاج ومجموعة من اللقاحات. أما اليوم، فإن القصة تغيرت تغيرا جذريا؛ فهنالك عشرات العلاجات المضادة للڤيروسات ـ بما فيها عدة لقاحات جديدة ـ متاحة حاليا، ومئات أخرى قيد التطوير. فإذا ما اعتُبرت الخمسينات العصرَ الذهبي للمضادات الحيوية، فنحن الآن في السنوات الأولى من العصر الذهبي للمضادات الڤيروسية.

 

لقد انبثقت هذه الوفرة من مصادر شتى. وبالتأكيد، فإن الشركات الصيدلانية ستعرض إلى ما طُوِّر في السنوات الخمس عشرة الماضية من تقنيات معقدة لاكتشاف ضروب متنوعة من الأدوية. وفي الوقت نفسه، أوحت الجهود الحثيثة لاكتشاف علاجات منقذة من ڤيروس عوز المناعة البشري (HIV) المسبب للإيدز، بطرائق إبداعية لا تقاوم الڤيروس HIV وحده، بل ڤيروسات أخرى أيضا.

 

وكانت هنالك أيضا قوة أقل شهرة، إنما أكبر أهمية، تفعل فعلها: إنها الجينوميات الڤيروسية، التي تَحُل شفرة decipher تسلسل «الأحرف» (أو الحموض النووية) في «النص» text الوراثي للڤيروس. ويتضمن هذا التسلسل  الأحرف التي توجد في جينات الڤيروس جميعها، التي تُشكِل المخططات الأساسية blueprints للپروتينات الڤيروسية. وتعمل هذه الپروتينات بدورها عمل العناصر البنيوية والأجزاء الفاعلة للڤيروس، فتُحكم بذلك سلوكه. وإذا ما توافر للعلماء معرفة تسلسل كامل أو حتى جزئي للجينوم، فسيتعرفون بسرعة تفاصيل كثيرة عن الكيفية التي يُحدث بوساطتها الڤيروس المرض، وأيا من مراحل هذه السيرورة قد تكون هي الأضعف. ومنذ العام 2001 صار بالمستطاع سَلْسَلة الجينوم الكامل لأي ڤيروس من الڤيروسات خلال أيام، وبذا يمكن تحديد نقاط ضعف ذلك الڤيروس بسرعة غير مسبوقة.

 

وتستهدف معظم المضادات الڤيروسية المعروضة للبيع حاليا الڤيروس HIVوڤيروسات الحَلأ (الهرپس) herpes (المسؤولة عن طيف من العلل، يتراوح بين قرحات البرد وبين التهاب الدماغ) وڤيروسات التهاب الكبد “من النمطين B و”Chepatitis B and C (قد يتسبب كلاهما بسرطان الكبد). وبالتأكيد سيبقى لبعض الوقت الڤيروس HIV وهذان النمطان من التهاب الكبد أهدافًا رئيسية للبحوث، ذلك أن هذه الڤيروسات الثلاثة مسؤولة عن أكثر من 2500000 إصابة سنويا في الولايات المتحدة وحدها، وعن ملايين الإصابات في البلدان الأخرى. ولكن البيولوجيين يكافحون أيضا بعناد أمراضا ڤيروسية أخرى. ومع أنني لا أستطيع أن آتي على وصف جميع أصناف الأدوية المضادة للڤيروسات المعروضة للبيع وما هو منها قيد الدراسة، فإنني آمل أن توضح هذه المقالة مدى التقدم الرائع الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة بفضل الجينوميات والتقانات المعقدة الأخرى.

 

استراتيجيات التقصي عن الأدوية(**)

عُرِف أول مضاد ڤيروسي في الستينات (وكان موجها أساسا ضد الحلأ)، وانبثق من الطرائق التقليدية في اكتشاف الأدوية. إن الڤيروسات بسيطة بنيويا، فهي تتألف أساسا من جينات، وربما بعض الإنزيمات (المحفزات البيولوجية) المرزومة في محفظة پروتينية وأحيانا في غلاف من الليپيدات. ولأن هذا التصميم يتطلب أن تتضاعف (تتنسخ) الڤيروسات داخل الخلايا، فإن الباحثين يُعْدون (يخمجون) الخلايا، وينمونها في الزرع، ويعرِّضون الزروع (المستنبتات) لكيميائيات يرجح أن تثبط نشاطات ڤيروسية معروفة في ذلك الوقت. ويتلو ذلك إجراء أبحاث متعمقة على الكيميائيات التي تخفض كمية الڤيروس في الزرع. إن مثل هذا المسح، الذي يعتمد على الحظ، لا يزود العلماء إلا بالقليل من المفاتيح عن نشاطات ڤيروسية أخرى تستحق التصدي لها. ولقد قيَّد هذا العائق جهود تطوير أدوية كان يمكن أن تكون أشد فاعلية أو ذات تأثيرات جانبية أقل.

 

شكلت الجينوميات نقطة انطلاق لاكتشاف أهداف جديدة يمكن مهاجمتها، وفتحت بذلك الطريق لتطوير طوائف كاملة من الأدوية الجديدة المضادة للڤيروسات. وتم تعرُّف معظم الأهداف الڤيروسية ـ التي انتقيت منذ الثمانينات ـ بمساعدة الجينوميات، مع أن هذا المصطلح ذاته صِيغ في أواخر الثمانينات فقط، بعد زمن طويل من تطوير بعض الأدوية المضادة للڤيروسات المتاحة حاليا.

 

وبعد أن يحل الباحثون شفرةَ تسلسل أحرف الكود لڤيروس ما، يستطيعون تجنيد الحواسيب لمقارنة ذلك التسلسل بالتسلسلات التي سبق أن حُدِّدت في كائنات أخرى، بما في ذلك ڤيروسات أخرى، وبذلك يكتشفون كيف تتم تجزئة (تقطيع) التسلسل إلى جينات. إن خيوط أحرف الكود، التي تشبه كثيرا جينات معروفة في كائنات أخرى، ستشكل على الأرجح جينات في الڤيروس أيضا، وستكوّن پروتينات ذات بنى متماثلة. وما إن يتم تحديد موضع جينات الکيروس، حتى يغدو بإمكان الباحثين دراسة وظائف الپروتينات ذات العلاقة، ووفقا لذلك يتم تكوين صورة شاملة للخطوات الجزيئية التي يعتمدها الڤيروس المعني في دخوله إلى الجسم وانتشاره فيه.

 

وتلقي تلك الصورة بدورها ضوءا على الپروتينات ـ وعلى المجالات domainsضمن هذه الپروتينات ـ التي ينبغي إضعافها. ويحبذ الباحثون عموما الأهداف التي يؤدي تعطيلها إلى إضعاف نشاط الڤيروس حتى الحد الأقصى. كما يحبذ الباحثون التركيز على المجالات الپروتينية التي لا تتشابه كثيرا مع پروتينات الإنسان بغية تجنب إلحاق الأذى بالخلايا السليمة وإحداث تأثيرات جانبية لا تطاق. كما أن الباحثين يهتمون بالمجالات الپروتينية، التي تتشارك فيها السلالات الکيروسية الأساسية جميعها، ومن ثم يغدو الدواء مفيدا ضد أوسع طيف ممكن من الضروب variants الڤيروسية.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N5-6_H05_002352.jpg

 

وبعد أن يتعرف الباحثون هدفا ڤيروسيا، فإنهم يستعملون تقنيات متباينة للعثور على أدوية يمكنها إعاقة عمل هذا الڤيروس. فمثلا، بوسع الأدوية أن تفيد من أساليب الهندسة الجينية المعيارية (التي وضعت قيد الاستعمال في السبعينات) لإنتاج نُسَخٍ نقية من پروتين انتقائي، لاستعمالها في تطوير الأدوية. فهم يغرزون الجينة المعنية في بكتيريا، أو في أنماط خلوية أخرى، تكوّن نسخا لا حصر لها من الپروتين المكوَّد. ويمكن للجزيئات الپروتينية الناتجة أن تُشكل أساسا لاختبارات مسح سريعة: إذ يُجرى فقط حصر ومتابعة المواد التي ترتبط الپروتينات.

 

وكخيار آخر، بوسع الباحثين تحليل البنية الثلاثية الأبعاد للمجال الپروتيني، ومن ثم تصميم أدوية ترتبط ارتباطا مُحْكَما بتلك المنطقة. فيمكن مثلا بناء مركب يُثبط المقر الفعال active site لإنزيم له دور حاسم في تكاثر الڤيروس. كما بوسع صانعي الأدوية أن يجمعوا بين طرائق المسح العتيقة والطرائق الجديدة المعتمدة على البنى.

 

إن المقاربات المتقدمة لاكتشاف الأدوية ولّدت أفكارا حول إعاقة الڤيروسات في المراحل المختلفة من دورات حياتها. وتتباين الأنواع الکيروسية في التفاصيل الدقيقة لاستراتيجيات تكاثرها. ومع ذلك، يمكن القول عموما إن مراحل تنسخ الڤيروسات، تشتمل على: ترابط الڤيروس بخلايا العائل (الثوي)، وحقن الجينات الکيروسية داخل الخلايا، وتنسّخ جميع الجينات الڤيروسية وپروتيناتها (بمساعدة جهاز صنع پروتينات الخلايا نفسها)، وضم المكونات بعضها إلى بعض لتُشكل جحافل من الجسيمات الڤيروسية، وأخيرا إفلات هذه الجسيمات وبدء الدورة الکيروسية من جديد في خلايا أخرى.

 

وتتمثل اللحظة المثالية لمكافحة الڤيروس بأولى مراحل العدوى (الخمج)، وقبل أن يتاح للڤيروس الوقت للانتشار في أنحاء الجسم وإحداث الأعراض. وتثبت اللقاحات جدواها في تلك اللحظة، ذلك أنها تجعل الجهاز المناعي للفرد في أحسن حال، ليخرب نوعيا المُمرِض(1) pathogen حالما يدخل الجسم. وأنجزت اللقاحاتُ هذه العملية في الماضي بتعريض الشخص لنُسَخ مقتولة أو مُضْعَفَة من العامل المُعدي، بحيث تغدو غير قادرة على التكاثر إلى نسخ كافية لتُحدث المرض. ويُعَدُّ ما يعرف بلقاحات الوُحَيْدات subunit vaccines أكثر البدائل شيوعا للقاحات التقليدية الآنفة الذكر. فهي تحوي مجرد شدف من العامل الممرض؛ ولا تستطيع الشدف بمفردها أن تُحدث العدوى، ولكن إذا ما تم انتقاؤها بعناية، فإن بإمكانها استثارة استجابة مناعية توفر الحماية.

 

لقد صُنع لقاحُ وُحَيْدة مبكر لعلاج التهاب الكبد البائي، بعزل الڤيروس من پلازما(2) أفراد مصابين، ثم تنقية الپروتينات المرغوب فيها. أما الآن، فيصنع لقاح الوُحَيْدة لالتهاب الكبد البائي بوساطة الهندسة الجينية(3)، إذ يستعمل العلماء جينة پروتين نوعي لالتهاب الكبد البائي لإنتاج نسخ نقية من الپروتين. ويتم حاليا (بمساعدة الجينوميات(4)) تطوير لقاحات إضافية لأمراض ڤيروسية مهمة أخرى، من بينها حمى الضنك وأنواع الحلأ التناسلي والحمى النزفية (التي غالبا ما تكون مميتة ويسببها ڤيروس إبولا).

 

ويتم تحري لقاحات عديدة للوقاية من الڤيروس HIV أو لمعالجته. ولكن جينات هذا الڤيروس تطفر بسرعة، لتنشئ ذراري (سلالات) ڤيروسية كثيرة. لذا، فإن اللقاح الذي يُحرض تفاعلا ضد ذرارٍ معينة، قد لا يؤثر في ذرار أخرى. وبمقارنة جينومات ذرار متباينة من الڤيروس HIV، يمكن للباحثين العثور على تسلسلات توجد في معظم هذه الذراري، ومن ثم استعمال تلك التسلسلات لإنتاج شدف پروتينية ڤيروسية نقية. وتُختبر هذه الشدف لمعرفة مقدرتها على تحريض حماية مناعية ضد ذرار عالمية الانتشار. كما يمكن «تفصيل» tailorلقاحات لأشكال الڤيروس HIV التي تسود في مناطق جغرافية معينة.

 

اعتراض الدخول(***)

وتغدو المعالجات مهمة عندما لا يتوافر اللقاح، أو أنه متاح ولكن غير فعال. وتؤدي المعالجات المضادة للڤيروسات إلى شفاء بعض المرضى، ولكن حتى الآن نزع معظمها إلى تخفيف حدة العدوى الڤيروسية أو مدتها. إن إحدى مجموعات المعالجات تحد من النشاط الڤيروسي من خلال عرقلة دخول الڤيروس في النمط الخلوي المُواتي.

 

نظرة شاملة/الأدوية المضادة للڤيروسات(****)

• إن حل شفرات التسلسلات الجينية (أي الجينومات) للإنسان ولڤيروسات متنوعة، مكن العلماء من استنباط أدوية لأمراض مثل الإيدز والتهاب الكبد والإنفلونزا (النزلة الوافدة).

• فبعد أن يتم حل تكويد التسلسل الجيني للڤيروس، يستعمل الباحثون الحاسوب لمقارنة هذه التسلسلات بتسلسلات لڤيروسات أخرى، في سيرورة تعرف بالجينوميات، وهو تعبير غير دقيق. وتتيح هذه المقارنة لصانعي الأدوية أن يتعرفوا الجينات (في الڤيروس الجديد) التي تكوِّد جزيئات تستحق الاستهداف.

• إن للڤيروسات دورات حياة معقدة، بيد أنها عرضة للمهاجمة بالمواد الصيدلانية في كل مرحلة تقريبا من مراحل حدوثها.

 

إن تعبير «الدخول» يتضمن عمليا بضع خطوات، تبدأ بترابط الڤيروس بموقعِ إرساء، أو مستقبِل، على سطح الخلية العائلة، وينتهي بـ«تعرية» الڤيروس داخل الخلية حيث تتمزق المحفظة الپروتينية (القفيصة) capsid  محررة  جينات الڤيروس. ويتطلب دخول الڤيروسات المحاطة بغلاف خطوةً إضافية. فقبل حدوث التعرية، لا بد من أن تدمج هذه الكائنات الدقيقة غلافَها في غشاء الخلية أو في غشاء حويصلة تَسْحب الڤيروس إلى داخل الخلية.

 

ويُطوَّر العديد من الأدوية التي تثبط دخول الڤيروس، ويحاول عدد منها إعاقة اختراق الڤيروس HIV  للخلايا. إن نظرة متفحصة للطريقة التي يتآثر بوساطتها الڤيروس HIV مع خلاياه العائلة المفضلة (خلايا دموية بيض تعرف بالتائيات المساعدة helper T cells)، أشارت إلى أن الڤيروس يرسو على جزيئات توجد على تلك الخلايا وتعرف بالواسمتين CD4 وCCR5. ومع أن إعاقة الواسمةCD4 أخفقت في منع الڤيروس HIV من دخول الخلايا العائلة، فلعل إعاقة الواسمة CCR5 تفلح في ذلك.

 

تعمل الجينومات كنقطة انطلاق لتطوير طوائف جديدة

تماما من الأدوية المضادة للڤيروسات

وثمة عقاران: الأمانتيدين amantidine والريمانتيدين rimantidine ـ وهما أول عقارين (من أربعة عقاقير) طُرحا للاستعمال ضد الإنفلونزا (النزلة الوافدة) ـ يعرقلان خطوات أخرى من خطوات سيرورة الدخول. لقد عثر صانعو الأدوية على هذين المركبين من خلال بحثهم عن كيميائيات قادرة ـ إجمالا ـ على إعاقة تنسُّخ الڤيروس، ولكنهم اكتشفوا ـ بصورة خاصة ـ أن هذين المركبين ربما يفعلان فعلهما بتثبيطهما سيرورتي الاندماج والتعرية. وتتم أيضا متابعة دراسة مثبطات الاندماج (التي اكتشفت بمساعدة معلومات جينومية) للڤيروس المخلوي التنفسي respiratory syncytial virus (الذي يسبب مرضا رئويا للخُدَّج)، ولڤيروسي التهاب الكبد النمطين B و C، وللڤيروس HIV.

 

وقد يغدو قريبا بالإمكان السيطرة على أنواع عديدة من الزكام بوساطة عائق آخر للدخول، هو الپليكوناريل pleconaril الذي قد يحظى قريبا بالموافقة  الفدرالية. وأوضحت المقارنات الجينومية والبنيوية وجود جيب على سطح الڤيروسات الأنفية rhinoviruses (المسؤولة عن معظم أنواع الزكام) متماثل في معظم أشكال الڤيروس. ويرتبط الپليكوناريل بهذا الجيب على نحو يثبط تعرية الڤيروس. ويبدو أن العقار فعال أيضا ضد الڤيروسات المعوية enteroviruses(التي يمكن أن تسبب الإسهال) والتهاب السحايا meningitis والتهاب الملتحمةconjunctivitis والتهاب الدماغ encephalitis.

 

ڤيروس ينجز مهمته(*****)

إن دورة حياة الڤيروس HIV (التي حُلَّت شفرتها بمساعدة التحليل الجينومي) استثنائية في تعقيد تفصيلاتها، ولكن الڤيروسات كافة تمر في الخطوات الأساسية نفسها لدى إعدائها (إخماجها) الخلايا ولدى تكاثرها. إنها تدخل الخلية [حيث تترابط بغشائها وتحقن (تزرق) جيناتها داخل الخلية]، فتنسخ جيناتها وپروتيناتها (باستيلائها على الماكينة الخلوية وعلى موادها الأولية)، وتُرزم النسخ الجديدة في جُسَيْمات ڤيروسية فتية، قادرة على الانتشار إلى خلايا أخرى وإعدائها. إن المكونات الڤيروسية المتورطة في أي خطوة من الخطوات السابقة، يمكن أن تشكل هدفا للأدوية، وذلك كما يوضحه الجدول في الصفحة 35.
http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N5-6_H05_002353.jpg

 

تعطيل الناسخ(******)

ويتوافر في الأسواق عدد من المضادات الڤيروسية التي تبدأ عملها بعد التعرية، إلى جانب عدد آخر مازال قيد الدراسة. وتتمثل مرحلة التعرية في تحرير الجينوم الڤيروسي (في صورة دنا أو رنا) كي يتنسخ ويوجِّه إنتاج الپروتينات الڤيروسية. والعديد من مثبطات تنسُّخ الجينوم هي مضاهئات نكليوزيدية أو نكليوتيدية nucleoside or nucleotide analogues، تشبه لبنات بناء الجينات. وتدمِج الإنزيمات التي تنسخ الدنا أو الرنا الڤيروسي، هذه المحاكياتmimics في الشرائط الوليدة؛ وعندئذ تمنع المحاكيات الإنزيم من إضافة أي لبنات بناء أخرى، مجهضة بذلك التنسخ الڤيروسي.

 

 ينتقي مطورو الصيدلانيات أدوية جديدة، على أساس قدرتها على مكافحة

السلالات الڤيروسية المقاومة لعقاقير أخرى

ويعد الأسيكلوڤير acyclovir (أول مضاد ڤيروسي ثبتت فعاليته وعدم سميته) نظيرا نكليوزيديًّا، اكتشف نتيجة تقصي مركبات منتقاة لمعرفة مقدرتها على إعاقة تنسخ ڤيروس الحلأ البسيط herpes simplex. إن الأسيكلوڤير يوصف أساسا لعلاج الحلأ التناسلي، ولكن المركبات الكيميائية القريبة منه فعالة ضد العدوى بڤيروسات الحَلأ الأخرى، كالحلأ النطاقي shingles  الذي يسببه الڤيروس ڤاريسيلا زوستر varicella zoster، والتهاب الشبكية الذي يسببه الڤيروس المضخم للخلايا cytomegalovirus.

 

كما أن أول عقار تمت الموافقة عليه لاستعماله مضادا للڤيروس HIV [وهو الزيدوڤودين zidovudine AZT ] هو أيضا مضاهئ نكليوزيدي، طُوِّر في البداية كعقار مضاد للسرطان، ثم اتضح أنه يعترض فاعلية إنزيم الانتساخ العكسيreverse transcriptase، الذي يستعمله الڤيروس HIV لنسخ رنا جينومه إلى دنا. وإذا ما أُنجزت خطوة النسخ هذه على نحو صحيح، فإن إنزيمات أخرى من الڤيروس HIV تُجَدِّل splice الدنا المنسوخ في صبغيات (كروموسومات) الخلية المُعْداة (المخموجة)، حيث يوجه الدنا المتكامل إنتاجَ الڤيروس.

 

قد يُحدِث العقار AZT تأثيرات جانبية وخيمة، كفقر الدم مثلا. ولكن الدراسات التي أجريت على إنزيم الانتساخ العكسي، مدعمة بمعرفة تسلسل جينة الإنزيم، مكَّنت مطوري الأدوية من استعمال مضاهئات نكليوزيدية أقل سمية. وتمت الموافقة على استعمال أحدها (وهو اللاميڤودين lamivudine) لمعالجة التهاب الكبد البائي، الذي يستعمل ڤيروسه إنزيم الانتساخ العكسي لتحويل نسخ الرنا الخاصة بجينوم الڤيروس إلى دنا. وقادت التحاليل المكثفة لإنزيم الانتساخ العكسي للڤيروس HIV، إلى إنتاج نسخ مُحَسَّنة من طائفة من مثبطات إنزيم الانتساخ العكسي لا تشبه النكليوزيدات.

 

وأماطت الجينوميات اللثام عن مستهدفات إضافية، يمكن مهاجمتها لإعاقة تنسخ جينوم الڤيروس HIV. ويعد الإنزيم رناز H RNase (وهو جزء من إنزيم الانتساخ العكسي الذي يفصل دنا الڤيروس HIV، الذي رُكِّب للتو، عن الرنا) واحدا من هذه المستهدفات. ويتمثل المستهدف الآخر بالمقر الفعال للإنزيم إنتگراز integrase، وهو إنزيم يجدِّل الدنا الڤيروسي في دنا صبغيات الخلية المُعْداة. ويُختبر حاليا مثبط للإنتگراز في متطوعين مُعْدَيْن (مخموجين) بالڤيروس HIV.

 

إعاقة إنتاج الپروتين(*******)

على الڤيروسات جميعها، عند مرحلة معينة من دورة حياتها، أن تنتسخ جيناتها إلى شرائط متحركة (متنقلة) mobile من الرنا المرسال mRNA، الذي «ستترجمه» الخلية العائلة، أي تستعمله دليلا لصنع الپروتينات التي يكوِّدها هذا المرسال. وتعترض كثرة من الأدوية التي هي قيد التطوير، مرحلة الانتساخ، بمنعها پروتينات ـ تعرف بعوامل الانتساخ ـ من الترابط بالدنا الڤيروسي ومن استهلال إنتاج الرنا المرسال.

 

لقد ساعدت الجينوميات على تعرُّف الأهداف لكثرةٍ من هذه العوامل. كما أنها جعلت من الممكن استعمال نوع جديد من العقاقير: جزيء مضاد للانتساخ(5). وإذا ما أوضحت أبحاث الجينوميات أن پروتينا معينا ضروري لنشاط الڤيروس، فبإمكان الباحثين إيقاف إنتاج هذا الپروتين بحجب جزء من متنسخة الرنا RNA template المعنية، وذلك بتفصيل شدفة من الدنا، يمكنها الارتباط بصورة محكمة بالتسلسل المنتقى من الرنا. وفعلا ثمة عقار مضاد للانتساخ، وهو الفوميڤرسين fomivirsen، يستعمل لمعالجة إصابات العين التي يسببها الڤيروس المضخم للخلايا لدى مرضى الإيدز. وهنالك ـ قيد التطوير ـ عوامل مضادة للانتساخ لمعالجة أمراض ڤيروسية أخرى، يعوق واحد منها إنتاج الپروتين Tat للڤيروس HIV، المطلوب لانتساخ جينات أخرى من جينات هذا الڤيروس.

 

واستعمل صانعو الأدوية معرفتهم أيضا لجينومات الڤيروسات لتعرّف مواضع في الرنا الڤيروسي حساسة للقَطْع بوساطة الريبوزيمات(6). ويُختبر حاليا ريبوزيم في مرضى التهاب الكبد من النمطC  ؛ كما أن ثمة ريبوزيمات لمعالجة الڤيروس HIV  لاتزال في المراحل الأولى من التطوير. وتطبق في بعض هذه المشروعات المعالجة الجينية؛ إذ يتم إدخال جينات مصممة تصميما خاصا في الخلايا، فتنتج عندئذ الريبوزيمات الضرورية. كما أن أنماطا أخرى من العلاج الجيني للڤيروس HIV، قيد الدراسة، وهي تتسبب في إنتاج أضداد (أجسام مضادة) متخصصة تبحث عن أهداف داخل الخلايا المصابة أو عن پروتينات أخرى تتشبث بتسلسلات جينية ڤيروسية معينة داخل تلك الخلايا، معطِّلة تلك الجينة.

 

الأدوية الحالية المضادة للڤيروسات(********)

فيما يلي عينات من الأدوية المضادة للڤيروسات المعروضة للبيع. ويدين عدد كبير منها بوجوده (جزئيا على الأقل) إلى الجينوميات الڤيروسية. وهنالك نحو ثلاثين دواء ڤيروسيا (تم التوصل إليها اعتمادا على فهم الجينوميات الڤيروسية) قيد الاختبار البشري.
اسم الدواء التأثير الدوائى المرض الڤيروسي الرئيسي المستهدف
معطلات الجينوم
آباكاڤير، ديدانوزين، ستاڤودين، زالسيتابين، زيدوڤودين مثبطات نظائر نكليوزيدية لإنزيم الانتساخ العكسي عدوى (إخماج) بالڤيروس HIV
آسيكلوڤير، گانسيگلوڤير، پنسيگلوڤير مثبطات نظائر نكليوزيدية لإنزيم مضاعفة الدنا الڤيروسي عداوى بالحلأ (الهرپس) والتهاب الشبكية الذي يسببه الڤيروس المضخم للخلايا
سيدوڤير مثبط نظائر نكليوزيدية لإنزيم مضاعفة الدنا الڤيروسي التهاب الشبكية الذي يسببه الڤيروس المضخم للخلايا
ديلاڤاردين، إيفاڤيرِنْز مثبطات لانكليوزيدية ولانكليوتيدية لإنزيم الانتساخ العكسي عدوى بالڤيروس HIV
لاميڤودين مثبط نظائر نكليوزيدية لإنزيم الانتساخ العكسي عداوى بالڤيروس HIV والتهاب الكبد البائي
ريباڤيرين نكليوزيد تركيبي، يحرض على حدوث الطفرات في الجينات الڤيروسية عدوى بالتهاب الكبد الجيمي
معطلات تركيب البروتونات
أمپريناڤير، إنديناڤير، لوپيناڤير، نلفيناڤير، ريتوناڤير، ساكيناڤير. مثبطات پروتياز الڤيروس HIV عدوى بالڤيروس HIV
فوميڤرسين جزيء مضاد للانتساخ يعوق ترجمة الرنا الڤيروسي التهاب الشبكية الذي يسببه الڤيروس المضخم للخلايا
إنترفيرون ألفا منشط الدفاعات المناعية داخل الخلايا الذي يعوق تخليق الپروتينات الڤيروسية عداوى بالتهاب الكبد البائي والجيمي
عوائق انتشار الڤيروسات من خلية لأخرى
أوسيلتاميڤير، زاناميڤير مثبطان للتحرر الڤيروسي الإنفلونزا (النزلة الوافدة)
پاليڤيزوماب ضدٌّ وحيدُ النسيلة مؤنسنhumanized يَسِم الڤيروس بغية تدميره عدوى بالمخلوية التنفسية

 

وتنتج بعض الڤيروسات في الخلية سِلسلة پروتينية، يجب أن تُجدل كي تعطي پروتينات عاملة (وظيفية). إن الڤيروس HIV  هو واحد منها، وهنالك إنزيم ـ يعرف بالپروتياز ـ يُنجز عملية القَطْع. وما إن تم تعرُّف هذه الفعالية من خلال تحليل جينوم الڤيروس HIV، حتى شرع العلماء باعتبار الپروتياز هدفا دوائيا. وبعون هائل من بحوث تتحرى البنية ويستخدم فيها الحاسوب، أمكن في التسعينات إيجاد مثبطات پروتيازية قوية؛ كما أن هناك عددا آخر منها قيد التطوير. إن المثبطات المتاحة حاليا تسبب تأثيرات جانبية مقلقة، كتراكم الدهون في مواضع غير معتادة. ومع ذلك فإن هذه العقاقير تحافظ على صحة كثرة من الناس وتطيل حياتهم، وذلك عندما تؤخذ إضافة إلى مضادات أخرى للڤيروس HIV. وهناك جيل جديد من مثبطات الپروتياز قيد البحث.

 

إيقاف الانتقال(*********)

حتى لو تكاثرت الجينومات والپروتينات الڤيروسية داخل إحدى الخلايا، فإنها ستظل غير مؤذية ما لم تشكل جسيمات ڤيروسية جديدة، قادرة على الإفلات من هذه الخلية والهجرة إلى خلايا أخرى. ويؤثر العقاران المضادان للإنفلونزا الأكثر حداثة، وهما الزاناميڤير zanamivir والأُسِلْتاميڤير oseltamivirفي هذه المرحلة. إن الجزيء المعروف بالنورامينيداز neuraminidase  والموجود على سطح النمطين الرئيسيين للإنفلونزا (من النمطين A و B) عرف منذ زمن طويل بدوره في مساعدة الجسيمات الڤيروسية على الإفلات من الخلايا التي تنتجها. وكشفت المقارنات الجينومية أن المقر الفعال للنورامينيداز متماثل في شتى سلالات الإنفلونزا، ومكَّنت الدراسات البنيوية الباحثين من تصميم مركبات تغلق ذلك الموضع، مثبطة إياه. أما الأدوية الأخرى للإنفلونزا فتؤثر في النمط A فقط.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N5-6_H05_002354.jpg

توضح بنية پروتياز الڤيروس HIV (الشرائط الزرق والخضر) اللوپيناڤير ـ جزءَ العقار كالِتْرا المضاد للإيدز ـ مرتبطا بالإنزيم. إن مثبطات الپروتياز هذه تمنع الڤيروس من شطر الپروتينات الڤيروسية الجديدة بدءا من سلسلة تؤلف كثرة من هذه الپروتينات.

 

وتستطيع الأدوية منع انتشار الڤيروسات من خلية لأخرى بطريقة ثانية مختلفة: برفع مستوى الاستجابات المناعية للمريض؛ إن بعض هذه الاستجابات غير نوعي، فقد تقيّد الأدوية الانتشار عبر الجسم لأنواع متباينة من الغزاة، بدلا من أن تُطْبِق على مُمْرِضٍ ما بعينه. فالجزيئات المعروفة باسم إنترفيرونات interferons، تسهم في هذا النمط من المناعة، مثبطة تركيب الپروتين ومظاهر أخرى من التنسخ الڤيروسي في الخلايا المصابة. ولهذا السبب فإن شكلا من أشكال الإنترفيرون البشري (إنترفيرون ألفا) يعد الدعامة الأساسية في معالجة التهاب الكبد من النمطين B و C، ويستعمل في حالة الالتهاب من النمطC مع عقار أقدم هو الريباڤيرين. كما أن أشكالا أخرى من الإنترفيرونات هي حاليا قيد الدراسة.

 

وتشتمل الاستجابات المناعية الأكثر نوعية على إنتاج أضداد معيارية، تتعرف بعض الشدف الپروتينية الموجودة على سطح الڤيروس الغازي، فتَترابط بذلك الپروتين وتَسِم الڤيروس لتدميره بواسطة أجزاء أخرى من الجهاز المناعي. وبمجرد أن يتعرف الباحثون تسلسل الجينة المكودة للپروتين السطحي الڤيروسي، سيتمكنون من توليد أضداد نقية وَحِيْدة النسيلة monoclonal، موجهة انتقائيا إلى مناطق پروتينية محددة. ويتوافر في السوق حاليا واحد من هذه الأضداد الوحيدة النسيلة، يستعمل ضد الڤيروس المخلوي التنفسي لدى الأطفال المعرضين لهذه العدوى، ويُختبر آخر لدى مرضى يعانون التهاب الكبد من النمطB .

 

كما أن مقارنات جينومات الڤيروسات بجينوم الإنسان أوحت باستراتيجية أخرى مضادة للڤيروسات. فقد اتضح أن عددا من الڤيروسات ينتج پروتينات تشبه جزيئات ذات علاقة بالاستجابة المناعية. إضافة إلى ذلك، فإن بعض تلك المحاكيات الڤيروسية تعطل الهجوم المناعي، وهكذا يُساعَد الڤيروس على التملص من التدمير. إن الأدوية التي تعترض سبيل هذه الپروتينات التي تساعد الڤيروس على التملص، قد تصون الاستجابات المناعية الكاملة وتُسرِّع في شفاء الكائن من أمراض ڤيروسية عديدة. إن البحث عن مثل هذه الأدوية يسير قدما.

 

عفريت المقاومة(**********)

إن معدل التقدم في اكتشاف الأدوية المضادة للڤيروسات أمر رائع، ولكن على صانعي الأدوية، في الوقت نفسه، أن يواجهوا حقيقة قاسية: فالڤيروسات سوف تُطور على الأرجح مقاومة، أو عدم حساسية insensitivity، تجاه أدوية عديدة. والمقاومة مرجحة بصفة خاصة عندما تستعمل المركبات لفترات طويلة، كما هي الحال في الأمراض المزمنة مثل الڤيروس HIV، وفي عدد وافر من حالات التهاب الكبد من النمطين B و C. وفي الحقيقة، فإن لكل عقار مضادٍّ للڤيروسHIV  موجود في الترسانة الحالية ذريةً ڤيروسية مقاومة له، وهي غالبا مقاومة لأدوية أخرى. وتنشأ هذه المقاومة بسبب نزوع الڤيروسات (ولا سيما الڤيروسات الرناوية، والڤيروس HIV بصفة خاصة) إلى أن تطفر بسرعة. فعندما تمكِّن طفرةٌ ما ذرية ڤيروسية من التغلب على عقبة تعوق التكاثر (كالدواء مثلا)، فإن تلك السلالة ستزدهر حتى بوجود تلك العقبة (أو الدواء).

 

الڤيروسات التي حُلت شفراتها الوراثية(***********)

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N5-6_H05_0074.gif

 

ولإبقاء عفريت المقاومة في قمقمه حتى يتم العثور على لقاحات فعالة، على الشركات الصيدلانية أن تطور مزيدا من الأدوية. وعندما تنشأ طافرات mutantsمقاومة لعقار ما، فإن قراءة نصها الجيني ستشير إلى موقع حدوث الطفرة في الجينوم الڤيروسي، وتوحي بالكيفية التي قد تغير بها تلك الطفرة التآثر بين الپروتين الکيروسي الطافر والدواء. وبتوافر تلك المعلومات، سيتمكن الباحثون من إجراء دراسات أساسها البنية أو دراسات أخرى صُممت لإبقاء الدواء فاعلا على الرغم من وجود الطفرة.

 

وينتقي أيضا مطورو الصيدلانيات أدوية جديدة على أساس قدرتها على مكافحة الذراري الڤيروسية المقاومة لعقاقير أخرى. فمثلا اختارت مؤخرا شركة دوپون للصيدلانيات مثبطا جديدا لانكليوزيديا nonnucleoside  لإنزيم الانتساخ العكسي للڤيروس HIV، رمزه DPC 083، كي تطوره خصيصا بسبب قدرته على التغلب على المقاومة الڤيروسية للمثبطات النكليوزيدية. لقد تفحص باحثو الشركة أولا طفرات جينة إنزيم الانتساخ العكسي التي منحته المقاومة. ثم توجهوا إلى النمذجة الحاسوبية بحثا عن تصاميم دوائية يحتمل أن تثبط هذا الإنزيم على الرغم من وجود تلك الطفرات. وباستعمال الهندسة الجينية، ولّد الباحثون ڤيروسات تنتج الإنزيمات الطافرة، وانتقوا مركبا كان الأفضل قدرة على الحد من تكاثر تلك الڤيروسات. ويُقيَّم حاليا العقار لدى مرضى مصابين بعدوى الڤيروس HIV.

 

قد يطول الزمن قبل أن نتمكن فعليا من توفير الوقاية من جميع أنواع العدوى الڤيروسية الخطيرة بواسطة اللقاحات، أو علاجها بوساطة أدوية فعالة. وبالنظر إلى أن تسلسلات الجينوم البشري أضحت متاحة في صورتها الأولية، فسيتعرّف مصممو الأدوية عددا من الپروتينات التي لم تكتشف من قبل والتي تحفز إنتاج أضداد antibodies تعمل ضد الڤيروسات، أو التي تنشط أقساما أخرى من الجهاز المناعي كي تحارب الڤيروسات. وإنني واثق من أن تترجم هذه الاكتشافات إلى مزيد من المضادات الڤيروسية. إن المعارف المعمَّقة التي تأتت من الجينوم البشري والجينومات الڤيروسية ومن طرائق الاكتشاف الدوائي الأخرى المتقدمة، ستطرح بالتأكيد، خلال السنوات العشر أو العشرين القادمة، فيضا من المضادات الڤيروسية الضرورية.

 

 المؤلف

William A. Haseltine

حصل على الدكتوراه في الفيزياء الحيوية من جامعة هارڤارد، ويرأس مجلس إدارة شركة هيومان جينوم ساينسز (علوم الجينوم البشري)، وهو أيضا المدير التنفيذي الرئيسي لهذه المؤسسة. كما يرأس هيئة تحرير دورية جديدة، هي Journal of Regenerative Medicine (مجلة الطب التجددي)؛ وهو أيضا عضو في هيئة تحرير عدد من المجلات العلمية. كان أستاذا في معهد «دانا فاربر» للسرطان، وعضوا منتسبا في كلية طب هارڤارد وفي كلية هارڤارد للصحة العامة ما بين عامي 1988 و 1995. كان مختبره أول مختبر يركِّب تسلسلات جينوم ڤيروس الإيدز. ومنذ عام 1981 ساعد على تأسيس ما ينوف على 20 شركة للتقانة الحيوية.

 

مراجع للاستزادة 

Viral Strategies of Immune Evasion. Hidde L. Ploegh in Science, Vol. 280, No. 5361, pages 248-253; April 10, 1998.

Strategies for Ant iviral Drug Discovery. Philip S. Jones in Antiviral Chemistry and Chemotherapy, Vol. 9, No. 4, pages 283-302; July 1998.

New Technologies for Making Vaccines. Ronald W. Ellis in Vaccine, Vol. 17, No. 13-14, pages 1596-1604; March 26, 1999.

Protein Design of an HIV-1 Entry Inhibitor. Michael J. Root, Michael S. Kay and Peter S. Kim in Science, Vol. 291, No. 5505, pages 884-888; February 2, 2001.

Antiviral Chemotherapy: General Overview. Jack M. Bernstein, Wright State University School of Medicine, Division of Infectious Diseases, 2000.

Available at www.med.wright.edu/im/AntivirelChemotherapy.html

Scientific American, November 2001

 

(*) Drug-Search Strategies

 (**)Beyond Chicken Soup

(***) Bar Entry

(****) Overview/Antiviral Drugs

(*****) A Virus in Action

(******) Jam the Copier

(*******) Impede Protein Production

(********) Antiviral Drugs Today

(*********) Stop Traffic

(**********) The Resistance Demon

(***********) Deciphered Viruses

 

(1) العامل المسبب للمرض. (التحرير)

(2) الجزء السائل من الدم.

(3) genetic engineering، أو الهندسة الوراثية.

(4) genomics نسبة إلى جينوم genome. (التحرير)

(5) المتنسِّخة templet: شدفة من الدنا أو الرنا، تقوم جملة التنسخ بصنع نسخة (أو أكثر) منها. (التحرير)

(6) antisense: تسلسل من النكليوتيدات يترابط بالتتامية بالرنا المرسال mRNA ويمنع ترجمته إلى پروتين، أو يترابط بالجينة المعنية ويمنع انتساخها إلى الرنا المرسال. (التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى