أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم التطبيقيةعلوم الكمبيوتر

الواقع المَزيد: طريقة جديدة للرؤية

الواقع المَزيد: طريقة جديدة للرؤية(*)

يطوِّر علماء الحاسوب منظومات تستطيع أن تزيد رؤية المستخدِم للعالَم وتُغنيها.

<K .S. فاينر>

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N7-8_H04_002453.jpg

مِظهار يُرى من خلاله مركب في أحد شوارع المدينة تعرضه هذه اللوحة الفنية لأجهزة الواقع المزيد التي ستكون قيد الاستخدام في نهاية العقد الحالي. يراكب المِظهار نصا ورسوما مستقاة من شبكات لاسلكية (مثلا، مواعيد وصول الباصات وعرض الأفلام) فوق الأشياء الملائمة لها الواقعة ضمن مجال رؤية المستخدِم.

كيف سيكون شكل واجهات المستخدِم الحاسوبية بعد عشر سنوات من الآن؟

لو أننا استقرأنا المستقبل في المنظومات الحالية لتخيلنا بسهولة الكيفية التي سيكون عليها انتشار المظاهير(1) displays  العالية الميز بدءا من تلك المظاهير الصغيرة المحمولة باليد أو الملبوسة على المعصم وانتهاء بالشاشات الكبيرة المثبتة في طاولات المكاتب أو على الجدران أو الأرضيات. وسوف تصبح مثل هذه المظاهير دون شك أمرا شائعا. ولكنني والعديد من علماء الحاسوب نعتقد أن نمطا مختلفا اختلافا جذريا من واجهات المستخدم interfaces، المعروف باسم الواقع المَزيد augmented reality، سيكون له أثر أعمق في الطريقة التي نطوّر بها حواسيب المستقبل ونتفاعل معها.

 

يُقصد بالواقع المزيد مظاهير الحواسيب التي تضيف معلومات افتراضية إلى الإدراك الحسي للمستخدِم. ويركِّز معظم باحثي الواقع المزيد على التجهيزات «التي يُرى من خلالها» وتُلبس عادة على الرأس، والتي تُراكب رسوما graphics ونصوصا فوق المنظر الذي يراه المستخدِم من حوله. (يمكن أن  تكون المعلومات الافتراضية بصورة أشكال حسية أخرى أيضا مثل الصوت أو اللمس، لكن هذه المقالة سوف تركِّز على التعزيزات البصرية.) تتعقب منظومات الواقع المزيد موضع وتوجه رأس المستخدِم بحيث يمكن أن تصبح المادة المتراكبة متراصفة مع رؤية المستخدِم للعالم من حوله. فمن خلال هذه العملية المسماة إطباقا registration  يمكن لبرمجيات الرسوم أن تضع صورة ثلاثية الأبعاد لفنجان شاي مثلا فوق صحن حقيقي وتُبقي الفنجان الافتراضي مثبتا في ذلك الموضع مهما تحرك المستخدم في أرجاء الغرفة. وتَستخدم منظومات الواقع المزيد عددا من العتاديات (المكونات المادية الحاسوبية) hardware التقانية نفسها المستخدمة في بحوث الواقع الافتراضي، لكن هناك فارق حاسم: فبينما يهدف الواقع الافتراضي بشكل صارخ إلى استبدال العالم الواقعي، يعمل الواقع المزيد على استكماله مع الحفاظ عليه.

 

لننظر فيما يمكن للواقع المزيد أن يجعله ممكنا بصورة روتينية. يمكن للشخص الذي يقوم بالإصلاح أن يرى، وهو يتفحص قطعة مكسورة من جهاز، تعليمات تشير إلى الأجزاء التي تحتاج إلى إجراء فحص لها. كما يمكن للجراح أن يحصل على ما يكافئ رؤية بالأشعة السينية بمراقبة مُسوح فوق صوتية مباشرة لأعضاء داخلية تُراكب فوق جسم المريض. ويمكن لرجال الإطفاء أن يروا مخططا لبناء يحترق يتيح لهم تجنب مصادر الخطر التي لا تكون مرئية لولا المخطط. ويمكن للجنود أن يروا مواقع القنّاصة الأعداء الذين رصدتهم طائرات استطلاع من دون طيارين. ويمكن لسائح أن يلقي نظرة سريعة على شارع ويرى شرحا عن كل مطعم فيه. ويمكن للاعب على الحاسوب أن يصارع، وهو في طريقه إلى عمله، غرباء طول الواحد منهم عشر أقدام.

 

والأمر المهم في كل هذه التطبيقات هو الحصول على المعلومات المناسبة في الوقت المناسب والمكان المناسب. وتستطيع الأجهزة الرقمية الشخصية الداعمة، مثل حواسيب پالم Palm وحواسيب  الجيب، أن تقدم معلومات آنية باستخدام الشبكات اللاسلكية ومستقبِلات المنظومة العالمية لتحديد الموقع GPS التي تتعقب باستمرار التجهيزات المحمولة. إلا أن ما يجعل الواقع المزيد مختلفا هو كيفية تقديم المعلومات: فهي لا تقدَّم على مِظهار منفصل وإنما تكون متكاملة مع الإدراك الحسي للمستخدِم. فهذا النوع من الواجهات يقلل الجهد الذهني الإضافي الذي يجب على المستخدِم أن يبذله حين ينقل انتباهه جيئة وذهابا بين مهمات العالَم الواقعي وشاشة الحاسوب. ففي الواقع المزيد تصبح رؤية المستخدِم للعالم وواجهة الحاسوب كلا واحدا بمعنى الكلمة.

 

ومع أن الواقع المزيد يمكن أن يبدو وكأنه ضرب من الخيال العلمي، إلا أن الباحثين كانوا ولا يزالون يبنون منظومات نماذج أولية منذ أكثر من ثلاثة عقود. كان أولاها تلك التي طورها في الستينات من القرن العشرين رائد الرسوم الحاسوبية <I.  سوثرلاند> وطلبته في جامعتي هارڤارد ويوتاه. وقد درس في السبعينات والثمانينات عدد صغير من الباحثين الواقع المزيد في مؤسسات مثل مختبر آرمسترونگ التابع للقوات الجوية الأمريكية وفي مركز بحوث إيمس التابع لوكالة الفضاء ناسا وفي جامعة كارولينا الشمالية في شابل هيل. وفي بداية التسعينات فقط صاغ العلميون في الشركة بوينگ، الذين كانوا يطورون منظومة تجريبية لمساعدة العمال على تجميع التجهيزات، مصطلح «الواقع المزيد». وقد شهد العقد الماضي ازدهارا في بحوث الواقع المزيد بسبب انخفاض تكاليف العتاديات انخفاضا جعل التجهيزات المختبرية الضرورية في متناول اليد. وقد دأب العلميون العاملون في هذا المجال على الاجتماع في مؤتمرات سنوية منذ عام 1998.

 

وعلى الرغم من التغيرات الهائلة التي طرأت على تقانة المعلومات منذ عمل سوثرلاند الرائد، فإن المكونات الأساسية الضرورية لبناء إحدى منظومات الواقع المزيد بقيت هي نفسها: مظاهير ومتعقبات وحواسيب رسوم وبرمجيات. وقد تحسن أداء كل هذه المكونات تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة وهذا مكّن من تصميم منظومات تجريبية يمكنها أن تتطور قريبا إلى منتجات تجارية.

 

العين تصدِّق ما تراه(*)

إن المظاهير «التي نرى من خلالها» في منظومات الواقع المزيد هي بالتعريف تلك التي يجب أن تكون قادرة على تقديم ائتلاف من المعلومات الافتراضية والواقعية على حد سواء. وعلى الرغم من أن المظاهير يمكن أن تكون محمولة أو ثابتة فإنها تكون في أغلب الأحيان ملبوسة على الرأس. فالشاشة الصغيرة الموضوعة أمام العين مباشرة يمكنها أن تنشئ صورة كبيرة كبرا وهميا. وتدعى المظاهير الملبوسة على الرأس المظاهير المركبة على الرأس head-mounted displays واختصارا HMD. (كنت دائما أجد من المستهجن أن يرغب أحد في «تركيب» شيء على رأسه، ولذلك أفضل تسميتها المظاهير الملبوسة على الرأس.)

 

نظرة شاملة/الواقع المَزيد(**)

■  تضيف منظومات الواقع المزيد معلومات مولّدة حاسوبيا إلى الإدراك الحسي للمستخدِم. وبينما يهدف الواقع الافتراضي إلى استبدال العالم الواقعي، فإن الواقع المزيد يدعمه.

■  تركّز معظم البحوث على التجهيزات التي «يُرى من خلالها»، وهي عادة تجهيزات تُلبس على الرأس، وتُراكِب رسوما ونصوصا على رؤية المستخدِم للعالم.

■    من المحتمل أن تؤدي التحسينات التقانية الحديثة إلى جعل منظومات الواقع المزيد بمتناول الجراحين وعمال الصيانة والجنود والسياح ولاعبي الحاسوب. وقد تصبح هذه المنظومات أمرا شائعا في نهاية المطاف.

 

تقع التجهيزات في صنفين: بصرية «نرى من خلالها» وڤيديوية «نرى من خلالها». وتستخدم المقاربة البسيطة للمظاهير البصرية التي نرى من خلالها مرآة شاطرة للحزمة ـ وهي مرآة نصف مفضضة تعكس الضوء وتدعه ينفذ منها في الوقت نفسه. فإذا وجه شاطر الحزمة beam splitter  بصورة مناسبة أمام عين المستخدِم أمكنه أن يعكس الصورة التي في مظهار الحاسوب إلى خط نظر المستخدِم مع إتاحته مرور الضوء الآتي من العالم المحيط من خلاله. وقد استُخدمت مثل شاطرات الحزمة هذه، التي تدعى دامجات combiners، لمدة طويلة في المظاهير التي يضعها طيارو المقاتلات النفاثة أعلى رؤوسهم (كما استخدمها حديثا سائقو السيارات الفاخرة). ويمكن وضع عدسات بين شاطر الحزمة ومِظهار الحاسوب لكي تبئِّر الصورة بحيث تظهر على مسافة مريحة للنظر. كما يمكن إظهار المنظر مجسما فيما لو توفر مِظهار وأجهزة بصرية ملحقة به لكل من العينين [انظر الشكل في الصفحة المقابلة].

 

وعلى النقيض من ذلك فإن الأجهزة الڤيديوية «التي نرى من خلالها» تستخدم تقانة المزج، التي طُورت في الأصل من أجل المؤثرات الخاصة في التلفزة، لدمج الصورة المتولدة من الكاميرا الملبوسة على الرأس مع رسوم تركيبية [انظر الشكل في الصفحة 34]. وتُعرض الصورة المحصلة عادة على مِظهار عاتم (غير شفاف) ملبوس على الرأس. ويمكن، بفضل تصميم متقن، وضع الكاميرا بصورة يكون معها محورها البصري قريبا من محور عين المستخدِم، فتكون الصورة الڤيديوية هي تقريبا ما يمكن أن يراه المستخدِم بشكل عادي. وكما في المظاهير البصرية التي نرى من خلالها يمكن أن توفَّر منظومة منفصلة لكل من العينين لإتاحة الرؤية المجسمة.

 

وفي إحدى طرق دمج الصور في المظاهير الڤيديوية التي نرى من خلالها توضع الرسوم على خلفية ذات لون معكوس. وتطابق الپيكسلات (عناصر الصورة، العنصورات) pixels من كاميرا الڤيديو واحدة فواحدة مع پيكسلات الرسوم التركيبية المقابلة فيظهر پيكسل الكاميرا في المِظهار عندما يحتوي پيكسل الرسوم على لون الخلفية؛ وإلا ظهر پيكسل الرسوم. ونتيجة لذلك تحجب الرسوم التركيبية الأجسام الواقعة خلفها. وبطريقة بديلة يمكن لقناة مستقلة للمعلومات، مخزنة مع كل پيكسل، أن تدل على الجزء من ذلك العنصر الذي يجب أن تحدده المعلومات الافتراضية. وتتيح هذه التقنية إظهار رسوم نصف شفافة. وإذا كان باستطاعة المنظومة أن  تحدد أبعاد الأجسام الواقعية عن المشاهد، فإن بإمكان برمجيات حاسوب الرسوم كذلك أن تخلق الشعور بأن الأجسام الواقعية تحجب الأجسام الافتراضية الأبعد منها. (وتمتلك المظاهير البصرية التي نرى من خلالها هذا الإمكان كذلك.)

 

إن لكل من مقاربات تصاميم المظاهير التي نرى من خلالها إيجابياتها وسلبياتها. فالمنظومات البصرية التي نرى من خلالها تسمح للمستخدِم أن يرى العالم الواقعي بميز وحقل رؤية كاملين. لكن الرسوم المضافة في المنظومات البصرية العادية التي نرى من خلالها ليست عاتمة ولا تستطيع إذًا أن تحجب خلفها الأجسام المادية حجبًا كاملاً. ونتيجة لذلك قد تكون قراءة نص صعبة إذا كان متراكبا فوق خلفيات معينة، كما قد لا تولّد الرسوم الثلاثية الأبعاد شعورا مقنعا بأنها كذلك. أضف إلى ذلك أن المستخدِم يطابق صور الأجسام المادية بحسب بعدها، لكن الأجسام الافتراضية تُبأر كلها في مستوى المِظهار. وهذا يعني أن جسمًا افتراضيًا يراد له أن يكون في نفس موضع جسم مادي، يمكن أن يكون له مسقط صحيح هندسيا، لكن المستخدم قد لا يتمكن من رؤية الجسمين واضحين في الوقت ذاته.

 

المِظهار البصري الذي يُرى من خلاله

 
http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N7-8_H04_002454.jpg

 

يمكن للأجسام الافتراضية في المنظومات الڤيديوية التي نرى من خلالها أن تحجب الأجسام المادية حجبا كاملا كما يمكن أن تُدمج معها باستخدام تشكيلات غنية من التأثيرات البيانية. ولا توجد كذلك اختلافات بين مطابقة العين للأجسام الافتراضية أو المادية لأنها كلها تُرى في المستوي نفسه. ويعني قصور التقانة الڤيديوية الحالية أن نوعية خبرة رؤية العالم الواقعي تنخفض بصورة كبيرة، عمليا إلى مستوى الرسوم التركيبية، لدى تبئير كل شيء عند المسافة الظاهرية ذاتها. وفي الوقت الحاضر لا تشكل الكاميرا الڤيديوية والمِظهار مجتمعين نظيرًا للعين البشرية.

 

كانت المظاهير الأولى التي نرى من خلالها التي صممها سوثرلاند وطلبته عبارة عن منظومات ثقيلة ومزعجة لما تحويه من صمامات الأشعة الكاثودية (المهبطية) cathode-ray tubes ومن أجهزة بصرية ضخمة. أما الآن فيستخدم الباحثون مظاهير صغيرة تعمل على البلورت السائلة وتصاميم بصرية متقدمة لصنع منظومات لا تزن إلا بضع أونصات. وهناك تحسينات أخرى منتظرة: فمثلا طورت مؤخرا الشركة Microvision تجهيزة تستخدم ليزرات منخفضة الاستطاعة لمسح الصور على شبكية العين مباشرة(2). وتبدو بعض نماذج المظاهير الأولية التي تُلبس على الرأس مشابهة تماما للنظارات مما يجعلها غير مميزة نسبيا. وتتضمن مقاربة أخرى إسقاط الرسوم مباشرة على السطوح في بيئة المستخدِم.

 

التعقّب(***)

تتطلب منظومات الواقع المزيد أمرا حاسما يقتضي أن تتلاءم الرسوم المتراكبة بصورة صحيحة مع رؤية المستخدِم للعالم المحيط. ولكي تصبح هذه العلاقة المكانية ممكنة يجب على منظومة الواقع المزيد أن تتعقب موضع وتوجه رأس المستخدِم تعقبا دقيقا، وأن تستفيد من تلك المعلومات لدى تقديم الرسوم. ويمكن لبعض منظومات الواقع المزيد أن تتطلب كذلك تعقب بعض الأجسام المتحركة. فعلى سبيل المثال يمكن لمنظومة توفر توجيها بصريا لإجراء إصلاح ميكانيكي على محرك نفاث أن تحتاج إلى تعقب مواضع وتوجهات أجزاء المحرك أثناء فكه. ولما كانت أجهزة التعقب تراقب ستة متحولات لكل جسم ـ ثلاثة إحداثيات مكانية (z، y، x) وثلاث زوايا توجه (الميل pitch والانعراج yaw  والعطوفroll)، فهي غالبا تدعى متعقبات درجات الحرية الست six-degree of-freedomtrackers.

 

المِظهار الڤيديوي الذي يُرى من خلاله

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N7-8_H04_002455.jpg

 

لقد جرب سوثرلاند وزملاؤه في نماذجهم الأولية لمنظومات الواقع المزيد رأسا متعقبا ميكانيكيا يتدلى من السقف. وجربوا كذلك متعقبات فوق صوتية ترسل إشارات صوتية لكي تحدد موضع المستخدِم. ومنذ ذلك الحين طور الباحثون أشكالا محسنة من هذه التقانات، كما طوروا متعقبات كهرمغنطيسية وضوئية وڤيديوية. ويكون للمتعقبات عادة جزءان: واحد يلبسه الشخص أو الجسم المتعقَّب والآخر يُركب داخل الوسط المحيط، عادة في الغرفة ذاتها. ويمكن، في حالة المتعقبات الضوئية، أن تربط الأهداف ـ ديودات مُصدِرة للضوء أو عواكس على سبيل المثال ـ بالشخص أو الجسم المتعقب، وأن يثبَّت صفيف من المحسات الضوئية في سقف الغرفة. أو يمكن، بدلا من ذلك، أن يلبس المستخدمون المتعقَّبون المحسات في حين تُثبت الأهداف في السقف. وتستطيع المحسات، بعد حساب المسافة التي تفصلها عن كل هدف مرئي، أن تحدد موضع المستخدِم وتوجهه.

 

يعتمد الناس في حياتهم العادية علي عدة حواس ـ من ضمنها ما يرون وكذلك المشعِرات من آذانهم الداخلية وجذب الثقالة لأجسامهم ـ لكي يحافظوا على مشيتهم ووقفتهم. وبصورة مشابهة تعتمد «المتعقبات الهجينة» على عدة مصادر للمعلومات الحسية. فيمكن أن يزوَّد لابس مِظهار الواقع المزيد مثلا بمحسات عطالية (جيروسكوبات ومقاييس تسارع accelerometers) لتسجيل التغيرات في توجه الرأس. ويحسِّن دمج هذه المعلومات مع البيانات المستقاة من التجهيزات البصرية أو الڤيديوية أو فوق الصوتية دقة التعقب تحسينا كبيرا.

 

ولكن ماذا عن منظومات الواقع المزيد المصممة للاستخدام خارج المبنى؟ كيف يمكنك تعقّب شخص حين يخرج خارج الغرفة المملوءة بالمحسات؟ إن منظومة الواقع المزيد الخارجية التي صممها مختبرنا في جامعة كولومبيا تتعامل مع تعقب التوجه وتعقب الموضع بصورة منفصلة. فيحدد توجه الرأس بواسطة متعقب هجين متوافر تجاريا يجمع بين الجيروسكوبات ومقاييس التسارع وبين مقياس مغنطيسي يقيس الحقل المغنطيسي للأرض. أما بالنسبة إلى تعقب الموضع فنحن نستفيد من شكل عالي الدقة من مستقبِل المنظومة العالمية لتحديد الموقع GPS  الذي يعم استخدامه بصورة متزايدة.

 

يحدد المستقبِل GPS موضعه بواسطة مراقبة إشارات راديوية من سواتل الملاحة. إن دقة المستقبِلات الرخيصة المحمولة باليد المتوافرة حاليا غير جيدة إطلاقا ـ إذ يمكن أن يختلف الموضع بأمتار عديدة. لكن المستخدمين يستطيعون الحصول على نتائج أفضل بواسطة تقنية تدعى التحديد التفاضلي للموقع الأرضي differential GPS. فبهذه الطريقة يراقب مستقبِل GPS النقال إشارات من مستقبِل GPS آخر ومن مرسِل راديوي موجود في مكان ثابت على الأرض. يبث هذا المرسِل تصحيحات تستند إلى الفرق بين هوائي GPS  الثابت المعروف والمواضع المحسوبة. وباستخدام هذه الإشارات في تصحيح إشارات الساتل يستطيع GPS التفاضلي أن يُنقص هامش الخطأ إلى أقل من متر واحد. أما منظومتنا فتستطيع التوصل إلى مستوى دقة يقدر بالسنتيمترات باستخدامGPS الكينماتي في الزمن الفعلي real-time kinematic GPS، وهو شكل أكثر تعقيدا من GPS التفاضلي يقارن كذلك بين أطوار الإشارات عند المستقبِلات الثابتة  والنقالة.

 

ولكن لسوء الحظ ليس GPS هو الجواب النهائي لتعقب الموضع. فإشارات السواتل ضعيفة نسبيا وتوقِفها الأبنية أو حتى أوراق الشجر بسهولة. وهذا يقضي على التعقّب المفيد داخل الأبنية أو في أمكنة مثل وسط مانهاتن حيث تحجب صفوف من الأبنية المرتفعة معظم رقعة السماء. وقد وجدنا أن التعقب بواسطة GPS يعمل جيدا في الجزء الأوسط من حرم جامعة كولومبيا الذي توجد فيه مساحات واسعة مفتوحة وأبنية منخفضة. لكن GPS، على كل حال، لا يوفر سوى تحديث قليل جدا للمعلومات كل ثانية، وهو غير دقيق إطلاقا ولا يمكنه أن يدعم تراكب الرسوم تراكبا محكما على الأجسام القريبة.

 

تفرض منظومات الواقع المزيد متطلبات شديدة بشكل غير عادي لكل من الدقة والميز وقابلية التكرار وسرعة تقانات التعقب. وتسبب التأخيرات الناتجة من العتاديات والبرمجيات فارقا زمنيا بين حركة المستخدِم وتحديث معلومات المِظهار. ونتيجة لذلك لا تبقى الأجسام الافتراضية في أمكنتها المناسبة حين يحرك المستخدِم رأسه أو يديره. وإحدى التقنيات المستخدمة في التغلب على مثل هذه الأخطاء هي تزويد منظومات الواقع المزيد ببرمجيات تُجري تنبؤات قصيرة الأمد حول تحركات المستخدِم المستقبلية بواسطة الاستقراء من الحركات السابقة. وعلى المدى الطويل من الممكن أن تصبح المتعقبات الهجينة، التي تضم تقانات الرؤية الحاسوبية، قادرة على إظهار وتراكب رسوم مناسبة حين تتعرف الأجهزة أجساما معينة في حقل رؤية المستخدم.

رؤية المستخدِم للعالَم وواجهة الحاسوب يُصبحان كلا واحدا بمعنى الكلمة

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N7-8_H04_002456.jpg

 

تَدبُّر الواقع(*****)

لقد تحسن أداء عتاديات الرسوم وبرمجياتها تحسنا مثيرا في السنوات القليلة الماضية. ففي التسعينات كان على مختبرنا أن يبني حواسيبه الخاصة لمنظومات الواقع المزيد التي نصنعها لخارج الأبنية لأن الحواسيب المحمولة المتوافرة في الأسواق لم تكن قادرة على إنتاج الرسوم الثلاثية الأبعاد السريعة التي كنا نريدها. بينما أصبحنا في عام 2001 أخيرا قادرين على وصل حاسوب محمول تجاري فيه شيپات رسومية قوية بصورة كافية. يُركب الحاسوب المحَمول في منظوماتنا النقالة التجريبية على حقيبة تُحمل على الظهر. وتمتاز الآلة بمِظهار كبير مركب فيها نتركه مفتوحا لكي يرى المراقبون كيف تبدو الرسوم المتراكبة وحدها.

 

إن بعض ما يجعل الواقع واقعيا هو أنه يتغير باستمرار. ولذلك يجب على برمجيات الواقع المزيد أن تحدّث باستمرار الرسوم المتراكبة حين يتحرك المستخدِم وتنتقل الأجسام. وأستخدِم مصطلح «تَدبُّر البيئة» لوصف عملية تناسق عرض عدد كبير من الأجسام الافتراضية على العديد من المظاهير للعديد من المستخدِمين. وإننا بالتعاون مع <.S .J جولير> و <L .J. روزنبوم> وآخرين في مركز البحوث البحرية بصدد تطوير بنية برمجية تعالج هذه المسألة. لنفترض أننا نريد تقديم مختبرنا لزائر بواسطة وضع تعليقات على ما يرى. سوف يستدعي ذلك أن نختار أجزاء المختبر التي سنعلق عليها وأن نحدد شكل التعليقات (لصيقات labels على سبيل المثال) وأن نحسب موضع ومقياس كل لصيقة. لقد طور مختبرنا نماذج أولية من برمجيات تعيد تصميم هندسة الأجسام الافتراضية بصورة متفاعلة لكي تحافظ على العلاقات المطلوبة بينها وبين الأجسام الواقعية في حقل نظر المستخدِم. فعلى سبيل المثال تستطيع هذه البرمجيات أن تعيد باستمرار حساب مقياس لصيقة ما وموضعها لضمان بقائها مرئية دائما ولا تغطي سوى الجسم المناسب.

 

من المهم أن نلاحظ أن عددا من تطبيقات الواقع المزيد لا يتطلب إلا قليلا من قدرة الرسوم. فنحن نرى العالم الواقعي دون أن نحتاج إلى تصويره (وعلى النقيض من ذلك فإن على منظومات الواقع  الافتراضي أن تخلق دائما خلفية ثلاثية الأبعاد للمستخدِم.) ففي منظومة مصممة لتصليح الأجهزة يمكن أن يكفي سهم واحد بسيط أو صندوق بارز لكي يُري الخطوة التالية في عملية صيانة معقدة. وعلى أية حال، لكي يصبح الواقع المزيد النقال عمليا، ينبغي أن تصبح الحواسيب ووحدات تغذيتها صغيرة بما يكفي لحملها بصورة مريحة. وكنت دائما أقترح أن تكون بحجم آلة التسجيل المحمولة للمشاة (ووكمان) ولكن الأفضل أن تكون حتى أصغر منها.

 

لمحات من الواقع المَزيد

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N7-8_H04_002457.jpg

 

الآلة السياحية ومنظومات الواقع المزيد النقالة(******)

بينما ركّز العديد من تصاميم الواقع المزيد على تطوير متعقبات ومظاهير أفضل، فقد ركز مختبرنا على تصميم واجهة المستخدِم وعلى البنية التحتية للبرمجيات. فبعد إجراء تجارب في التسعينات على منظومات الواقع المزيد داخل الأبنية قررنا في عام 1996 أن نبني أولى منظوماتنا التي تعمل خارج الأبنية فاكتشفنا كم ستكون مفيدة للسائح في استكشاف بيئة غير مألوفة. وقد سمينا نموذجنا الأولي الآلة السياحية Touring machine (مع الاعتذار إلى <A .M. تورنگ> الذي تعين آلته التجريدية، آلة تورنگ Turing machine، ماذا تستطيع الحواسيب أن تحسب(3)). ولأننا أردنا أن نقلل من القيود التي تفرضها التقانة الحالية، فقد استخدمنا أفضل المكونات التي استطعنا أن نجدها لخلق قاعدة اختبار نجعل قدراتها أقرب ما يمكن من أقوى الآلات التي نتوقع وجودها في المستقبل. وقد تجنبنا (قدر المستطاع) الهموم العملية مثل الكلفة والحجم والوزن واستهلاك الطاقة لثقتنا بأن مصممي العتاديات سيتغلبون على هذه المسائل في السنوات القادمة. وبالمقايضة بين الرفاهية المادية والأداء وسهولة تطور البرمجيات بنينا عدة أجيال من النماذج الأولية باستخدام إطارات خارجية لحقائب الظهر. وبصورة عامة نسمي هذه المنظومات منظومات الواقع المزيد النقالة Mobile Augmented Reality Systems (أو اختصارا MARS) [انظر الشكل في هذه الصفحة].

 

تستخدم منظوماتنا الحالية لوحا مغطى بلواصق قماشية وأحزمة لربط العديد من المكونات: الحاسوب المحمول (مع مجموعة شيپات للرسوم الثلاثية الأبعاد وبطاقة الشبكة اللاسلكية IEEE 802.11b) والمتعقبات (مستقبِل GPSكينماتي في الزمن الفعلي ومستقبِل تصحيحات GPS وصندوق الواجهة لمتعقب  التوجه الهجين) والتغذية (بطاريات ووحدة تغذية منظمة) وصناديق الواجهة للمِظهار الملبوس على الرأس وتجهيزات التفاعل المتبادل. يبلغ الوزن الإجمالي نحو 11 كيلوغراما. وقد رُكبت هوائيات المستقبِل GPS ومستقبِل تصحيحات GPS في أعلى إطار حقيبة الظهر، ويلبس المستخدِم المِظهار الملبوس على الرأس «الذي يرى من خلاله» ومِحس متعقِّب التوجه التابع له. وتتيح نماذجنا الأوليةMARS  للمستخدِمين أن يتفاعلوا مع المِظهار، كأن يمرروا على الشاشة قائمة اختيارات مركبة على حقل رؤية المستخدِم بواسطة تحريك كرية التعقب trackballأو بواسطة رقعة اللمس الحساسة touch pad.

 

وقد ضمت منظومتنا كذلك منذ البداية مِظهارا يُحمل باليد (مع دخلٍ بواسطة قلم تأشير stylus) ليتمم المِظهار الملبوس على الرأس الذي يُرى من خلاله. فواجهة المستخدِم الهجينة هذه توفر فوائد كلا النوعين من التفاعل: يستطيع المستخدِم أن يرى رسوما ثلاثية الأبعاد على المِظهار الذي يرى من خلاله، وفي الوقت نفسه يصل إلى معلومات إضافية على المِظهار المحمول باليد.

 

وقد استكشفت، بالتعاون مع زميلي <J. بافليك> (وطلبته في مدرسة كولومبيا العليا للصحافة)، كيف تستطيع نماذجنا الأولية MARS  أن تُدخل أفلاما وثائقية مناسبة في البيئة المحيطة. تروي هذه الأفلام الوثائقية أحداثا تاريخية حدثت في منطقة المستخدِم ذاتها وذلك بمراكبة رسومٍ ثلاثية الأبعاد وصوتٍ فوق ما يرى المستخدِم وما يسمع. فإذا وقف المستخدِم عند مزولة كولومبيا ونظر من خلال المِظهار الملبوس على الرأس رأى رايات افتراضية مغروسة حول الحرم الجامعي يمثل كل منها عدة مقاطع من القصة المتعلقة بموقع تلك الراية. وحين ينتقي المستخدم راية ثم يختار أحد هذه المقاطع فإن المقطع يظهر على كل من المِظهاريْن الملبوس على الرأس والمحمول باليد.

 

يروي أحد أفلامنا الوثائقية قصة مظاهرات الطلبة في كولومبيا عام 1968. فإذا اختار المستخدِم إحدى الرايات الافتراضية أظهر المِظهار الملبوس على الرأس مجموعة من الصور الثابتة المعلّق عليها في حين أظهر المِظهار المحمول باليد مقاطع ڤيديوية وقدم معلومات معمقة حول مشاركين معينين وحوادث معينة. وفي فيلمنا الوثائقي حول الشاغل السابق لحرم جامعة كولومبيا الحالي، ملجأ بلومينگدال، تُراكب نماذج ثلاثية الأبعاد لأبنية الملجأ (التي هُدمت منذ زمن طويل) في مواقعها الأصلية على المِظهار الذي يُرى من خلاله. وفي هذه الأثناء يظهر المِظهار المحمول باليد شريطا زمنيا مرويا حول تاريخ الملجأ. وحين يختار المستخدِم تواريخ أخرى على الشريط الزمني تختفي أو تظهر بالتدريج على المِظهار الذي يُرى من خلاله صور الأبنية التي كانت موجودة في تلك التواريخ.

 

التطبيق الطاغي؟

بينما يتابع الباحثون تحسين كل من التعقب والمِظهار ومكونات المعالجة النقالة لمنظومات الواقع المزيد، من المحتمل ألا يصبح تكامل المعلومات الافتراضية والحسية تكاملا انسيابيا ممكنا فقط وإنما شائعا وعاديا أيضا. وقد اقترح بعض المراقبين أن أحد التطبيقات الممكنة العديدة للواقع المزيد (الألعاب الحاسوبية وصيانة الأجهزة والتصوير الطبي وما إلى ذلك) سيظهر على أنه التطبيق الطاغي ـ وهو استخدام مغر لدرجة أنه قد ينتج عنه تَبنٍ جماهيري للتقانة. ولكن على الرغم من أن تطبيقات معينة يمكن أن تكون قوة محركة حين تصبح منظومات الواقع المزيد التجارية متوافرة، فإنني أعتقد أن المنظومات ستصبح في النهاية مثل الهواتف والحواسيب الشخصية إلى حد بعيد، إذ ليس لهذه الأجهزة المألوفة تطبيق وحيد أساسي وإنما عدد كبير جدا من الاستخدامات اليومية.

سوف تصبح المعلومات المتراكبة جزءا مما نتوقع أن نراه في العمل وفي التسلية

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N7-8_H04_002458.jpg

 

لقد أصبح مفهوم الحواسيب متداخلا في حياتنا اليومية بصورة سهلة ولا مناص منها مما دفع عالم الحواسيب <M. فايزر> منذ أكثر من عقد من الزمن إلى إطلاق مصطلح «الحوسبة الكلية الوجود» [انظر: «الحاسوب في القرن الحادي والعشرين»، مجلة العلوم ، العددان  7/8(1996)، ص 4]. وبطريقة مشابهة أعتقد أن المعلومات المتراكبة في منظومات الواقع المزيد ستصبح جزءًا مما نتوقع أن نرى في العمل أو اللعب: لصيقات واتجاهات حين لا نريد أن نضل، وتذكير حين لا نريد أن ننسى، وربما شخصية كرتونية مفضلة تندفع فجأة من بين الشُجيرات لتروي نكتة حين نريد أن نرفِّه عن أنفسنا. وحين تكون واجهات المستخدِم الحاسوبية منتشرة في كل مكان ننظر إليه، يمكن أن يصبح هذا المزيج الشامل من الواقع والافتراض الوسطَ المفضل لجيل جديد من الفنانين والمصممين ورواة القصص الذين سوف يصنعون المستقبل.

 

 المؤلف

Steven K. Feiner

أستاذ علم الحاسوب في جامعة كولومبيا حيث يدير مختبر الرسوم الحاسوبية وواجهات المستخدِم. حصل على الدكتوراه في علم الحاسوب من جامعة براون عام 1987. وهو، إضافة إلى قيامه ببحوث على البرمجيات وواجهات المستخدِم للواقع المزيد، يطور مع زملائه منظومات تؤتمت التصميم وترتيب الرسوم المتفاعلة وعرض الوسائط المتعددة في مجالات تمتد من الطب إلى قواعد البيانات الحكومية. وقد دَعم البحثَ المعروض في هذه المقالة دعما جزئيا كل من مكتب البحوث البحرية ومؤسسة العلوم الوطنية

 

مراجع للاستزادة 

A Survey of Augmented Reality. Ronald T. Azuma in Presence: Teleoperators and Virtual Environments, Vol. 6, No. 4, pages 355-385; August 1997. Available atwww.cs.unc.edu/~azuma/ARpresence.pdf 

Recent Advances in Augmented Reality. Ronald T. Azuma, Yohan Baillot, Reinhold Behringer, Steven K. Feiner, Simon Julier and Blair Maclntyre in IEEE Computer Graphics and Applications, Vol. 21, No. 6, pages 34-47; November/Oecember 2001. Available at

www.cs.unc.edu/-azuma/cga2001.pdf

Columbia University’s Computer Graphics and User Interfaces Lab is at www.cs.columbia.edu/graphics/

A list of relevant publications can be found at

www.cs.columbia.edu/graphics/publications/publications.html

A Rresearch sites and conferences are listed at

www.augmented-reality.org

Information on medical applications of augmented reality is at

www.cs.unc.edu/~us/

Scientific American, April 2002

 

(*) Augmented Reality: A New Way of Seeing

(**) Seeing Is Believing

(***) Augmented Reality

(****) Keeping Track

(*****) Managing Reality

(******) The Touring Machine and MARS

(*******)The Killer App?

 

(1) ج مظهار، أو جهاز عرض. (التحرير)

(2) [انظر”,Eye Spy”by Ph. Scott; News Scan, Scientific American, September 2001].

(3) يشير الكاتب إلى التشابه اللفظي باللغة الإنكليزية  بينTouring machine (الآلة السياحية) وTuring machine (آلة تورنگ). (التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى