أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

انفجارات نووية في الفضاء

انفجارات نووية في الفضاء(*)

إن انتشار الأسلحة النووية والصواريخ البالستية(1) (ذاتية الدفع) يزيد  من

شدة المخاوف من الهجمات الذرية على المنظومة العالمية للأقمار الصنعية.

<G.D. دوپونت>

 

في 29/7/196، أطلق باحثون عسكريون من الولايات المتحدة قذيفة نووية حرارية إلى الفضاء الخارجي، وذلك من موقعهم على جزيرة مرجانية صغيرة في المحيط الهادي تدعى جزيرة جونستون. أعطيت القذيفة في حينها اسما كوديا هو «ستارفيش پرايم»(2) (SP)، ولقد كانت عملية الإطلاق هذه هي الأخيرة ضمن سلسلة من التجارب السرية التي بدأتها وزارة الدفاع الأمريكية قبل أربع سنوات من ذلك التاريخ. لكن أثناء ارتفاع الصاروخ في مساره الدخاني الكثيف لم يدرك إلا عدد قليل من أعضاء فريق الإطلاق أن الانفجار المداري الذي سيحدث بطاقة 1.4 ميگاطن، سيترك آثارا مذهلة لأمد بعيد.

 

لقد توقع عمال الفنادق في جزيرة هاواي الواقعة على بعد 1300 كيلومتر، عرضا مشوقا، فلقد تسربت إليهم معلومات مفادها أن هناك تجربة لقنبلة قزحية الألوان، لذلك قام بعض أصحاب المنتجعات السياحية بتنظيم حفلات فوق الأسطح العالية حتى يتمكن السياح من مشاهدة الألعاب النارية بوضوح. وعندما انفجرت القذيفة النووية ذلك المساء على ارتفاع 400 كيلومتر أحدثت ضوءا أبيض لامعا شبيها بضوء الشمس عند الظهيرة فأضاء للحظات البحر والسماء. بعد ذلك ولمدة تقرب من ثانية استحال لون السماء إلى الأخضر. بعد الحدث شاهد أناس آخرون من سكان جزيرة هاواي حوادث غير مرغوب فيها، فقد ضعفت إضاءة الشوارع فجأة في جزيرة «أوهو» وتوقفت محطات الإذاعة المحلية عن البث وتعطلت الخدمات الهاتفية لبعض الوقت. وفي أمكنة أخرى من المحيط الهادي توقفت منظومات الاتصالات العالية التردد عن العمل مدة نصف دقيقة. وقد أدرك العلماء بعد ذلك أن «القذيفة SP» أرسلت نبضة كهرمغنطيسية شديدة انتشرت في منطقة واسعة تحيط بموقع الانفجار.

 

خلال بضع دقائق بعد الانفجار انتشر شفق أحمر بلون الدم غطى الأفق (انظر الشكل في الصفحة المقابلة). وقد توقع العلماء هذه المرحلة من العملية مسبقا، فكل تجربة سابقة عند هذا الارتفاع تركت غيوما صنعية من الجسيمات المشحونة منتشرة في الفضاء. تؤثر المجالات المغنطيسية الأرضية فيما بعد في هذه الغيوم المشحونة فتجعلها على شكل أحزمة ضخمة تشبه الأحزمة الطبيعية المعروفة باسم أحزمة «ڤان ألن» الإشعاعية(3) (انظر الشكل في الصفحة 29). ولكن ما لم يتوقعه أحد تقريبا هو ما حدث خلال الأشهر التالية: عطلت الأحزمة الصنعية الكثيفة سبعة أقمار اتصالات صنعية ذات مدار منخفض حول الأرض (LEO) شكلت في ذلك الوقت ثلث الأسطول الفضائي للاتصالات. بعد ذلك قام باحثون عسكريون أمريكيون بإجراء ثلاثة تفجيرات نووية على ارتفاعات عالية(4) (HANEs)؛ وذلك خلال الجزء التالي من العام، ولكنهم توقفوا عندما أدت أزمة الصواريخ الكوبية إلى توقيع اتفاقية حظر التجارب النووية في الجو.

 

التحذير من مخاطر التفجيرات

النووية على ارتفاعات عالية(**)

منذ بداية تجارب التفجيرات النووية على ارتفاعات عالية (HANE) تم نشر القليل نسبيا عن التهديد الذي تشكله هذه التفجيرات على منظومة الأقمار الصنعية المتنامية التي تقوم بتأمين خدمات عظيمة للاتصالات والملاحة ولمحطات الإذاعة والتلفزيون؛ كذلك تقوم بالتصوير الجوي للأرض وتسهل عمليات التنبؤ الجوي. وحسب بيانات اتحاد صناعة الأقمار الصنعية هناك نحو 250 قمرا صنعيا تجاريا وعسكريا تدور في مدار هو الأقل ارتفاعا عن سطح الأرض؛ ومعظم هذه الأقمار ليس لها أي قدرة دفاعية ضد الإشعاعات التي يمكن أن تنتشر بسبب تفجير نووي على ارتفاع عال. والقلق على هذه المنظومة من الأقمار الصنعية يتنامى مع ازدياد انتشار المعرفة بالأسلحة النووية وبوسائل صناعة الصواريخ البالستية بين دول معادية أو لربما حتى بين مجموعات إرهابية. وتبعا لما يذكره <S.R. نوريس> [أحد الباحثين الرئيسيين في البرنامج النووي التابع لمجلس الدفاع باستخدام الوسائل الطبيعية]، فإن انفجارا ذريا صغيرا على ارتفاع معين فوق الولايات المتحدة يمكن أن يحدث تأثيرا هائلا في وسائل الاتصالات والمنظومات الإلكترونية وجميع المنظومات الكهربائية الأخرى ـ إنه تأثير مخرب في مجتمعنا.

 

إن المتطلبات اللازمة لأي دولة أو هيئة غير دولية لإجراء تفجير نووي على ارتفاعات عالية (HANE) هي متطلبات بسيطة نسبيا وتتمثل في سلاح نووي صغير ومنظومة عادية لصاروخ بالستي لا يزيد تعقيدها بكثير على منظومة صواريخ سكود (SCUD). وتمتلك هذه المقدرة في الوقت الحالي ثماني دول هي: الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل والهند وپاكستان، ولربما كوريا الشمالية أيضا. ويذكر بعض المحللين في وزارة الدفاع الأمريكية (الپنتاگون) أن إيران تبدو قريبة من الحصول على التقانة اللازمة لتكون لديها هذه المقدرة.

 

حذرت لجنة لتخطيط السياسة الفضائية برئاسة <H.D. رامسفيلد> (قبل أن يصبح وزيرا للدفاع في عام 2001) من أن الولايات المتحدة تمثل هدفا جذابا لهجوم فضائي فاجع على غرار هجوم «پيرل هاربر» الجوي الذي حدث في الحرب العالمية الثانية. إضافة إلى ذلك دعت مجموعة (تعرف رسميا باسم مفوضية تقييم إدارة وتنظيم الأمن القومي للفضاء الأمريكي) قادة البلاد إلى العمل بسرعة للحد من احتمال تعرض أمريكا لهجوم مفاجئ في المدار وللحد من آثار مثل هذا الحدث.

 

ومع أن الولايات المتحدة تعمل على بناء منظومة دفاع صاروخية مصممة للحماية من ضربات بعيدة المدى إلا أن هذه المنظومة لم تثبت جدواها، ولربما لن توفر أبدا حماية كاملة للأمة. وبالتأكيد فإن استخدام سلاح مدمر للصواريخ المعادية ضد هدف مزود برأس نووي متفجر عند ملامسة الهدف يمكن أن يؤدي إلى تفجير نووي على ارتفاعات عالية (HANE) له آثار مدمرة.

 

حاولت وكالة الدفاع للحدّ من التهديد(5) DTRA التابعة لوزارة الدفاع في عام 2001 أن تتنبأ بنتائج سيناريوهات افتراضية مختلفة تتعلق باستخدام تفجير نووي على ارتفاعات عالية (HANE) ضد أقمار صنعية ذات مدار منخفض حول الأرض (LEO). كان الاستنتاج المذهل: إن سلاحا نوويا صغيرا (10-20 كيلوطن، أي بحجم قنبلة هيروشيما) إذا فُجِّر على ارتفاع يراوح بين 125- 130كيلومترا فوق سطح الأرض، يمكن أن يعطل ـ في أسابيع أو في أشهر ـ جميع الأقمار الصنعية ذات المدار المنخفض حول الأرض (LEO) وغير المقساة(6) (غير المحمية) كي تتحمل الإشعاعات الناتجة من الانفجار. أما عالم فيزياء الپلازما في جامعة ماريلاند <D.K. پاپادوپلس> الذي يدرس تأثيرات التفجيرات النووية على الارتفاعات العالية (HANEs) بتكليف من حكومة الولايات المتحدة، فيضع الأمر بصورة مختلفة قليلا، إذ يذكر: أنه يمكن لقنبلة نووية وزنها 10 كيلوطن إذا فجرت عند ارتفاع صحيح أن تؤدي إلى فقدان نحو 90 في المئة من جميع الأقمار الصنعية التي لها مدار منخفض حول الأرض، وذلك لمدة شهر من الزمن.

 

وقد جاء في التقرير الذي أعدته وكالة الدفاع DTRA أن أي انفجار نووي على ارتفاع عال يمكن أن يزيد مستويات الإشعاع بمقدار 1000 إلى 100000 ضعف على أعلى مستوى طبيعي من الإشعاع. وتشير النماذج التي وضعتها مجموعة الدراسة التابعة لوزارة الدفاع إلى أن مستويات تدفق الإشعاعات يمكن أن تظل على المستويات نفسها من الارتفاع لمدة سنتين. وكل قمر صنعي في المنطقة المتأثرة بالانفجار سيتعرض لمستوى من الإشعاع يفوق بكثير مستوى الإشعاع الذي صمم أصلا ليعمل عنده مما سيؤدي إلى إبطال سرعة الدارات الإلكترونية في ذلك القمر، وكذلك إلى زيادة الطاقة التي يستهلكها للاستمرار في العمل. وتبعا للدراسة فإن أولى المنظومات التي ستتلف في القمر هي على الأرجح منظومات التحكم الإلكترونية أو منظومات الاتصال. وتذكر الدراسة أن النتيجة النهائية هي أن تفشل الأجهزة الإلكترونية ويصبح القمر غير قادر على إنجاز المهمة التي صنع من أجلها. ومع أنه من الممكن أن تستمر بعض الأقمار الصنعية غير المحمية من الإشعاع في العمل إلا أن فترة الاستفادة منها ستنخفض كثيرا.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/20/SCI2004b20N10-11_H04_003073.jpg

الشفق الصنعي الذي انتشر بعد بضع ثوان من تفجير قنبلة هدروجينية زنتها 1.4 ميگاطن على ارتفاع 400 كيلومتر فوق المحيط الهادي، وذلك خلال تجربة أجرتها الولايات المتحدة عام 1962 سميت ستارفيش پرايم (نجم البحر الرئيسي). وقد نتج التوهج الأحمر الشديد من إثارة ذرات الأكسجين.

 

خلال الفترة التي يعمّ فيها مستوى عال من الإشعاع سيكون من المتعذر إرسال قمر صنعي بديل. وتذكر الدراسة أن برنامج البعثات الفضائية البشرية سيتوقف لمدة عام أو أكثر حتى تنخفض مستويات الإشعاع. وتستطرد الدراسة فتستنتج أن الآثار الجانبية لتفجير نووي على ارتفاع عال (HANE) ستؤدي إلى خسارة نحو مئة بليون دولار لتعويض الأقمار الصنعية التالفة، ولا تشمل هذه الخسارة التقديرية الأضرار التي ستلحق بالاقتصاد العالمي نتيجة لانقطاع الخدمات الفضائية الضرورية. ويحذر <C. ولدن> [عضو مجلس النواب عن ولاية پنسلڤانيا والمؤيد منذ وقت طويل لمنظومات الدفاع الصاروخية والنووية في لجنة الخدمات المسلحة المنبثقة عن المجلس] من أنه على الرغم من الدراسات الحالية فإن التهديد الذي تمثله التفجيرات النووية على ارتفاعات عالية (HANEs) لم يول حتى الآن ما يستحقه من اهتمام.

 

أخطار هائلة عند سطح الأرض(***)

إن تجارب التفجيرات النووية على ارتفاعات عالية (HANEs) التي أجراها الأمريكيون والسوڤييت خلال الخمسينات والستينات من القرن العشرين تبقى الأمثلة العالمية الحقيقية الوحيدة التي يمكن للعلماء الحاليين أن يتفحصوها. ويعلم الباحثون أن السحابة النووية هي كرة من الغازات الحارة تتمدد بسرعة محدثة موجة ارتجاجية فوق صوتية أو موجة متفجرة(7). وفي الوقت ذاته تشع هذه الكرة كميات هائلة من الطاقة في جميع الاتجاهات على شكل إشعاع حراري وأشعة سينية عالية الطاقة وأشعة گاما وكذلك نيوترونات سريعة وبقايا متأينة من القنبلة الانشطارية نفسها. يمتص الغلاف الجوي بالقرب من سطح الأرض الأشعة المنبعثة مما يسبب تسخين الهواء إلى درجات حرارة عالية جدا تكفي لإحداث كرة نارية متوهجة. كذلك تعمل جزيئات الهواء إلى حد ما على إضعاف النبضات الكهرمغنطيسية. وأي دمار مباشر يحدثه التفجير النووي عند سطح الأرض ينشأ عن الموجات الارتجاجية الساحقة والرياح العاتية والحرارة الجهنمية.

 

أما نتائج التفجير النووي على ارتفاعات عالية فمختلفة جدا. عند حدود الفراغ الفضائي تنمو السحابة النووية إلى حجم أكبر كثيرا وتسير بسرعة أعلى، كذلك ينتشر الإشعاع الناشئ إلى حدود أبعد بكثير مما يحدث في حالة التفجير النووي بالقرب من سطح الأرض.

 

وحسب <پاپادوپولوس> فإن للنبضة الكهرمغنطيسية (EMP) القوية الناتجة عدة مراحل. فخلال العشرات الأولى من النانوثانية(8) يظهر ما يقرب من عشر الطاقة الناتجة من التفجير على شكل أشعة گاما بطاقات تتراوح بين واحد وثلاثة ملايين ميگاإلكترون ڤلط (Mev)(9). تسقط أشعة گاما على الغلاف الجوي فتصطدم بجزيئات الهواء، ناقلة إليها الطاقة التي تحملها لتنتج كميات هائلة من الأيونات الموجبة والإلكترونيات المرتدة (تعرف أيضا بإلكترونات كومتون(10)). تنتج التصادمات إلكترونات كومتون ذات طاقة تبلغ مليون إلكترون ڤلط (MeV) والتي تتسارع وتدور حول خطوط المجال المغنطيسي الأرضي. إن المجالات (الحقول) الكهربائية الانتقالية والتيارات الكهربائية الناتجة تولد انبعاثات كهرمغنطيسية ذات ترددات راديوية تتراوح بين 15 و250 ميگاهرتز في الثانية(11) (MHz). تحدث هذه النبضة الكهرمغنطيسية (EMP) على ارتفاع يراوح بين 30 و 50 كيلومترا فوق سطح الأرض.

 

نظرة إجمالية/ التفجيرات النووية في الفضاء(****)

• إن إرسال صاروخ ذي رأس نووي وتفجيره في مدار أرضي منخفض، يمكن أن يتسبب في توقف منظومة الأقمار الصنعية التجارية والمدنية لسنوات عديدة، وقد يؤدي إلى شلّ منظومة الاقتصاد العالمي العالي التقانة.

• ستحصل دول (وربما هيئات غير دولية) جديدة على هذه القدرة بانتشار الأسلحة النووية والصواريخ البالستية (ذاتية الدفع) في العالم. واحتمال وقوع هجوم نووي هو احتمال بعيد، ولكن نتائجه بالغة التدمير إلى درجة لا يمكن تجاهله.

• في حالة وقوع انفجار نووي في الفضاء،  فإن الاستخدام الذكي للموجات الكهرمغنطيسية المنخفضة التردد جدا والمنخفضة التردد إلى حد بعيد، قد يساعد على تقليل الجسيمات المشحونة الناتجة من الانفجار، ممهدة بذلك الطريق لتجديد استخدام الأقمار الصنعية.

 

يعتمد حجم المنطقة المشعة على ارتفاع الانفجار النووي وطاقته. ويقول «پاپادوپولوس» إن انفجار قنبلة نووية وزنها مليون طن على ارتفاع 200 كيلومتر يُحدث منطقة مشعة نصف قطرها نحو 600 كيلومتر. ويمكن لنبضة كهرمغنطيسية (EMP) على ارتفاع عال أن تولد كمونا (جهدا) potential كهربائيا يزيد على 1000 ڤلط، وهذا الكمون يكفي لتعطيل عمل أي جهاز كهربائي حساس موجود على سطح الأرض في مسافة تمتد على مدى البصر. ويضيف پاپادوپولوس إن المجالات الناتجة من نبضة كهرمغنطيسية (EMP) عند ارتفاع المدار، هي صغيرة وبشكل عام فإنها تُحِدث تداخلا(12) قليلا.

 

في الوثائق غير السرية، يقدر علماء حكومة الولايات المتحدة أن 70 في المئة على الأقل من الطاقة الناتجة من القنبلة الانشطارية يظهر على صورة أشعة سينية. وتصطدم هذه الأشعة وكذلك أشعة گاما المصاحبة لها والنيوترونات العالية الطاقة بكل جسم يصادفها محدثة دمارا شديدا في الأقمار الصنعية الموجودة بالقرب منها. وتتضاءل طاقة الإشعاعات مع زيادة البعد عن مركز الانفجار وبذلك يقل تأثيرها في الأقمار الصنعية البعيدة.

 

إن الأشعة السينية «اللينة»(13) أو ذات الطاقة المنخفضة الناتجة من تفجير نووي على ارتفاع عال (HANE) لا تخترق الأقمار الصنعية التي تصطدم بها؛ ولكنها تولد حرارة عالية على السطوح الخارجية لهذه الأقمار مما قد يُحدِث تلفا في الأجهزة الإلكترونية المتطورة داخلها. كما أن الأشعة السينية اللينة قد تعطل عمل الخلايا الشمسية مما يؤدي إلى عدم قدرة القمر الصنعي على توليد الطاقة. وتتلف أيضا محسّات sensor أو فتحات المقراب(14). عندما تصدم الأشعة السينية العالية الطاقة قمرا صنعيا أو مكونات أي منظومة أخرى، فإنها تسبب تدفقات قوية للإلكترونات الداخلية والتي تولد بدورها تيارات وفروق كمون (جهد) كهربائية عالية مما يفسد عمل الدارات الإلكترونية الحساسة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/20/SCI2004b20N10-11_H04_003074.jpg

في عام 1958، أجرى علماء الولايات المتحدة العسكريون الاختبار تيك Teak لمعرفة التأثيرات التي يحدثها صاروخ مضاد للصواريخ البالستية. وقد عطل الانفجار العنيف، الذي حدث بفعل سلاح نووي وزنه 3.8 ميگاطن على ارتفاع 77 كيلومترا، الاتصالات الراديوية عبر المحيط الهادي كما أوقف الطيران المدني والعسكري في جزيرة هاواي البعيدة عن مركز الانفجار.

 

بعد ذلك بقليل تتآثر بقايا الانفجار النووي المتأينة مع المجال (الحقل) المغنطيسي للأرض فتدفعه إلى الخارج بحيث يصبح نصف قطره ما بين 100 و200 كيلومتر، وذلك على حد قول پاپادوپولوس. يولد هذا المجال الكهرمغنطيسي المتحرك نبضة كهربائية منخفضة التردد. تنعكس هذه الموجات جيئة وذهابا بين سطح الأرض والطبقة السفلى للأيونوسفير (الغلاف الجوي) منتشرة بذلك حول الكرة الأرضية. ومع أن هذا المجال الكهربائي صغير (أقل من جزء من ألف من الڤلط لكل متر) إلا أنه يولد فروق كمون (جهد) كبيرة في الأسلاك الكهربائية الطويلة الممتدة على سطح الأرض وتحت المياه مما يحدث إرباكا في دارات الطاقة الكهربائية. وقد سببت هذه الظاهرة انقطاع الكهرباء والاتصالات الهاتفية في جزر هاواي بعد التجربة «ستارفيش برايم».

 

الجوار المغنطيسي للأرض(*****)

تتحرك الإلكترونات التي يلتقطها المجال (الحقل) المغنطيسي (الثنائي القطب) للأرض من الرياح الشمسية (أو الناتجة من تفجير نووي) من قطب إلى آخر وبالعكس من مسارات لولبية حول خطوط المجال بشكل يشبه شكل خرزات يخترقها سلك، وبذلك يقيد المجال المغنطيسي الإلكترونات في أحزمة «ڤان ألن» الحلقية (على شكل كعكة) والتي تحيط بالأرض.

بين الأحزمة الطبيعية الداخلية والخارجية توجد «الفتحة» slot، وهي منطقة خالية نسبيا من الجسيمات المشحونة يمكن للأقمار الصنعية أن تدور فيها بأمان. وعندما تضخpump  الانفجارات النووية إلى الأحزمة كميات زائدة من الإلكترونات، يمكن أن تتكون أحزمة صنعية في الفتحة مما يعطل الأجهزة الإلكترونية في القمر الصنعي.

عندما يقترب إلكترون من نهاية خط المجال المغنطيسي، بالقرب من الأقطاب المغنطيسية للأرض حيث القوى المغنطيسية أكبر ما يمكن، تتباطأ سرعته، وأخيرا يتوقف وينعكس عند منطقة تسمى «نقطة المرآة الجسيم» متبعا في عودته خط المجال المغنطيسي. يعتمد ارتفاع منطقة نقطة المرآة عن سطح الأرض على زاوية الميل [وهي الزاوية بين المسار المستقيم للجسيم على طول خط المجال وخط سيره اللولبي حول خط المجال] عند خط الاستواء. إذا كانت زاوية ميل الجسيم عن خط المجال صغيرة (أي إن خط سير الإلكترون أكثر موازاة لخط المجال) فإن منطقة نقطة المرآة للإلكترون قد تكون على ارتفاع أقل من 100 كيلومتر وبذلك تصطدم الإلكترونات بجزيئات الغازات الجوية وتسقط على الأرض. وفي كثير من الأحيان تسبب ظهور الشفق. أما إذا كانت منطقة نقطة المرآة على ارتفاع 100 كيلومتر أو أكثر عن سطح الأرض، فإنه من غير المحتمل أن تصطدم الإلكترونات بجزيئات الهواء، وبذلك تبقى حبيسة المجال المغنطيسي الأرضي.

http://oloommagazine.com/images/Articles/20/SCI2004b20N10-11_H04_003075.jpg

 

بعد التأثيرات المباشرة، تتكون بسبب التفجير النووي على ارتفاع عال (HANE) سحابة كبيرة مكونة من إلكترونات وپروتونات عالية الطاقة، وتتحرك تلك الغيمة متسارعة بسبب المجال المغنطيسي للأرض باتجاه طبقة الماگنيتوسفير فتزيد بذلك حجم أحزمة «کان ألن» الإشعاعية المحيطة بالأرض والمتكونة طبيعيا. وتتسرب هذه الجسيمات المشحونة إلى منطقة بين الأحزمة الطبيعية مكونة بذلك أحزمة إشعاعية صنعية. تُنسب هذه الظاهرة إلى <N. كريستوفلوس>، وهو العالم الذي تنبأ بحدوثها في أواسط الخمسينات. ولقد أثبتت سلسلة من التفجيرات النووية عرفت بتجارب مشروع «أرگوس»(15)أجرتها الولايات المتحدة في نهاية الخمسينات صحة فرضيته. توقع كريستوفلوس كذلك إمكانية استخدام هذه الأحزمة الإشعاعية الصنعية في الأغراض العسكرية لتعطيل الاتصالات ولربما تعطيل الصواريخ البالستية المعادية.

 

تحصين الأقمار الصنعية(******)

منذ عقود، تعمل وزارة الدفاع الأمريكية على تأمين الحماية لأسطولها المداري ضد تأثيرات التفجيرات النووية. لذلك وضعت العديد من الأقمار الصنعية العسكرية في مدارات عالية، وبهذا اعتبرت هذه الأقمار آمنة نسبيا من أخطار الحوادث النووية. إضافة إلى ذلك يقوم المهندسون بتركيب هياكل واقية كي تزيد من مقاومة الأقمار الصنعية للإشعاع. وتحاول تلك الحاويات المعدنية حماية الدارات الإلكترونية الحساسة داخل تلك الأقمار وذلك بتشكيل أقفاص «فاراداي»(16)، وهي صناديق موصلة مقفلة تمنع تأثير المجالات الكهرمغنطيسية الخارجية. لقد أحاط صانعو الأقمار الصنعية الأجزاء الحساسة بطبقات معدنية واقية(17) بإمكانها أن تضعف تدفق الشحنات الكهربائية. وسُمْك طبقات الألمنيوم هذه يراوح بين أقل من 0.1 سنتيمتر إلى  1 سنتيمتر. كما تم تحصين قواعد الأسلحة على سطح الأرض ووسائل الاتصالات والأجهزة المهمة الأخرى ضد تأثيرات النبضات الكهرمغنطيسية (EMP).

 

ما بعد تفجير نووي مداري(*******)

بعد أن ينفجر سلاح نووي في الفضاء، تتوالى الأحداث بالشكل النمطي التالي. في بضع العشرات الأولى من النانوثانية تنتشر أشعة گاما القوية وتصطدم بالجزيئات المتعادلة الموجودة على ارتفاعات تتراوح بين 30 و 40 كيلومترا في طبقات الجو العليا [1]. وينتج من التصادمات إلكترونات عالية الطاقة. تُنتج هذه الشحنات السريعة نبضة كهرمغنطيسية يمكنها أن تعطّل أي جهاز إلكتروني حساس موجود في مدى الرؤية على سطح الأرض [2]. وخلال الثانية التالية بعد الانفجار، تنتشر طاقة السلاح النووي كأشعة سينية ذات طاقة عالية [3].عندما تصدم هذه الموجات الكهرمغنطيسية القوية قمرا غير محصن موجودا في الجوار، تحدث تيارات وفروق كمون (جهد) كبيرة، وفي النتيجة تتعطل الأجهزة الإلكترونية الحساسة في داخله. وفي الوقت ذاته، فإن  بقايا القنبلة تتأين بفعل الكرة الملتهبة وترتفع عدة مئات من الكيلومترات. إن هذه الجسيمات المشحونة تتآثر مع المجال (الحقل) المغنطيسي للأرض، فتنتج مجالات كهربائية انبعاثية منخفضة التردد [4]. إن موجات المجال الكهربائي البطيئة التردد هذه تنعكس جيئة وذهابا بين سطح الأرض والسطح السفلي لطبقة الأيونوسفير، وبهذا تنتشر في جميع أنحاء الكرة الأرضية. ومع أن المجال الكهربائي الناتج ضعيف إلا أنه ينتج فروق كمون (جهد) كهربائية عالية في أسلاك الكهرباء الأرضية وتلك التي تحت المياه، مما يسبب تعطل الدارات الكهربائية في المناطق البعيدة عن منطقة الانفجار. وخلال بضعة أسابيع، وربما أشهر، تنحصر الإلكترونات ذات الطاقة العالية في المدار فتُضعف عمل المنظومات الكهربائية الموجودة في الأقمار الصنعية التي تصطدم بها (غير ظاهرة في الشكل).
http://oloommagazine.com/images/Articles/20/SCI2004b20N10-11_H04_003076.jpg

 

 

إن محاولة تقسية السطوح الخارجية للأقمار الصنعية هي عملية باهظة التكاليف. فزيادة الحماية تعني زيادة المصاريف وزيادة كتلة مادة الحماية. وتؤدي زيادة كتلة الصاروخ إلى زيادة كبيرة في تكاليف إطلاقه. تؤكد مصادر وزارة الدفاع أنه حتى في مرحلة التصميم فإن محاولات التقسية ترفع ثمن القمر الصنعي بمقدار يراوح بين 2 و 3 في المئة من ثمنه الأصلي الذي يقدر بعدة ملايين من الدولارات. وطبقا لبعض التقديرات فإن تركيب أطر الحماية وتقسية أجزاء الصاروخ وتكلفة إطلاق الوزن الزائد يمكن أن تزيد تكلفة القمر الصنعي ما بين 20 و 50 في المئة من التكلفة الكلية له. وأخيرا فإن المكونات الإلكترونية التي لها المقدرة على مقاومة مستويات الإشعاع العالية للتفجيرات النووية ـ حتى مئة ضعف من المستوى الطبيعي للإشعاع ـ تعمل بمدى من الترددات يشكل فقط عشر الترددات المتوافرة في الأجهزة التجارية المستخدمة مما يرفع تكلفة التشغيل بمقدار عشرة أضعاف.

 

وحسب ما ورد في تقرير «پاپادوپولوس» فإن ذلك هو كل ما يمكن أن تحققه عملية التحصين. ويقول مصممو الأقمار الصنعية إن أسوأ مشكلة يسببها إشعاع التفجيرات النووية HANE هي شحن المكونات الداخلية العازلة بسبب الإلكترونات التي تبلغ طاقتها مليون إلكترون کلط. وتزايد هذا النوع من الشحن الهدام يمكن أن يحدث عندما تخترق الجسيمات العالية الطاقة جدران القمر الصنعي أو طبقات حمايته وتستقر في المواد العازلة والمواد شبه الموصلة الموجودة في الدارات الإلكترونية الميكروية أو في الخلايا الشمسية. وهذه الشحنات الدخيلة تؤدي إلى ظهور فروق كمون خاطئة وتفريغ كهربائي في غير أوانه مما يفسد عمل الدارات الإلكترونية. وإذا زاد سمك المعدن المستخدم في التحصين على سنتيمتر واحد، فإن الحماية الكهرمغنطيسية تنخفض بشكل حاد، ويفسر «پاپادوپولوس» ذلك بأن اصطدام الجسيمات المشحونة بالمعدن يمكن أن يؤدي إلى ظهور إشعاع التوقف Bremsstrahlung radiation الذي يحدث تلفا بالغا (Bremsstrahlung هي كلمة ألمانية تعني إشعاع التوقف(18) الذي ينشأ عندما يتباطأ بسرعة جسيم مشحون وذلك بسبب اصطدامه بجسم آخر.)

 

ويقول <L. لونگن> [من شركة ماكسويل تكنولوجيز وهي شركة تقوم بتحصين الأقمار الصنعية]: «إن الأقمار الصنعية يمكن حمايتها بطرق أخرى.» يمكن مثلا تركيب محسّات للكشف عن وجود إشعاع مؤذ. فالقمر الصنعي المزود بهذا النوع من الأجهزة يمكن أن يُبَرمج بحيث تتوقف المعالجات الحاسوبية والدارات الإلكترونية إلى أن ينتهي مفعول الحدث المدمر. وقد أفاد <B. واتس> [المسؤول في مركز تقدير الميزانيات والاستراتيجيات] بأنه على الرغم من المخاطر التي تتعرض لها الأقمار الصنعية المدنية، فإن وزارة الدفاع عجزت حتى الآن عن إقناع صانعي هذه الأقمار بتحصينها طوعيا.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/20/SCI2004b20N10-11_H04_003077.jpg

في الاختبار المسمى كينگفيش (ملك السمك)، حمل الصاروخ الأمريكي Thor (إله الرعد والحرب والزراعة عند الشعوب الاسكندنافية) سلاحا نوويا (وزنه أقل من 1000 كيلوطن) إلى ارتفاع 97 كيلومترا. وذرات الهدروجين المثارة بفعل الصدمة الكهربائية، أصدرت التوهج الأحمر. وقد نتجت الظاهرة في أسفل الشكل من اصطدام جسيمات بيتا ذات الطاقة العالية بذرات الهواء الكثيف نسبيا عند الطبقات الأقل ارتفاعا. وهذا الاختبار الذي أجري في عام 1962، قطع الاتصالات الراديوية فوق وسط المحيط الهادي مدة ثلاث ساعات.

 

إزالة المخلفات بعد التفجيرات

النووية على ارتفاعات عالية(********)

إذا نجح عدو اليوم في تفجير سلاح نووي في الفضاء، فإن الولايات المتحدة قد تفشل في معالجة مخلفاته الطويلة الأمد. ومع ذلك، فإنه تجري الآن دراسة طرق إزالة مخلفات مثل ذلك التفجير. يقول <G. جنيت> [مدير أحد البرامج في مختبر أبحاث القوى الجوية]: إن إحدى هذه الطرق هي التخلص من الإشعاع بطريقة أسرع من الطريقة التي تقوم بها الطبيعة لإنجاز هذه المهمة. ويقوم الباحثون في ذلك المختبر بجانب آخرين تدعمهم وكالة مشروعات أبحاث الدفاع المتقدمة (DARPA) بدراسة إمكانية توليد موجات راديوية ذات تردد منخفض جدا في الفضاء لطرد الإشعاع من المدار بطريقة سريعة.

 

ولفهم الكيفية التي يمكن بها لهذه الطريقة أن تعمل، يقول پاپادوپولوس إنه من المفيد دراسة ظاهرة مماثلة. إن أحزمة الإشعاع الأرضية تشبه إلى حد ما دلاء مسربة، تضخ قوى المجال (الحقل) المغنطيسي الأرضي جسيمات ذات طاقة عالية أو پلازما إلى هذه الدلاء. إن معدل التسرب إلى الخارج يعتمد على سعة تردد موجات كهرمغنطيسية موجودة بالجوار ولها تردد منخفض جدا (VLF، أو تردد بين هرتز واحد و20 كيلوهرتز(19)). يملأ الانفجار النووي هذه الدلاء منتجا الأحزمة الصنعية. وللتخلص سريعا من الپلازما من منطقة الماگنيتوسفير يجب أن نزيد من معدل تسرب الإشعاع إلى الجو، وهذه العملية مماثلة لعملية توسيع الثقوب في قيعان الدلاء.

 

يذكر العلماء أن إحدى الطرائق لتحقيق هذا الهدف هي استخدام أسطول من الأقمار الصنعية مصممة لتضخ أحزمة إشعاعية صنعية باستخدام موجات منخفضة التردد جدا (VLF). ولتحقيق ذلك تقوم كل من الوكالة DARPA وسلاح الطيران في الولايات المتحدة بإجراء تجارب باستخدام أجهزة إرسال للموجات المنخفضة التردد جدا (VLF) يقدمها مشروع بحث الشفق القطبي الفعال للترددات العالية (HAARP)

(20) في جاكونا بألاسكا. إن هذا المشروع مخصص لدراسة طبقة الأيونوسفير، وبتحديد أكثر، لمعرفة كيفية الاستفادة من طبقة الأيونوسفير باستخدام وسائل من صنع الإنسان. ويجري حاليا توسيع هذا المشروع لتزويد وزارة الدفاع الأمريكية بطريقة لاختبار ما إذا كان بالإمكان تقليل كثافة الجسيمات المشحونة في أحزمة الإشعاع الأرضية.

 

التخلص من مخلفات انفجار مداري(*********)

إن حزام الإشعاع التدميري الذي يتشكل بفعل انفجار نووي يمكن أن يستمر لسنوات قبل أن يتلاشى. وفترة بقائه تعتمد على سرعة إفلات الإلكترونات الموجودة في الحزام من المجال (الحقل) المغنطيسي للأرض. ومعظم هذه الإلكترونات ترتد جيئة وذهابا في مناطق عالية فوق المناطق القطبية متخذة من خطوط المجال المغنطيسي مسارات لها (1). وعندما تحدث مثل هذه الظاهرة طبيعيا، فإن بعض هذه الإلكترونات تصطدم بموجات كهرمغنطيسية منخفضة التردد جدا (VLF) وبموجات ترددها بالغ الانخفاض (ELF) مما يسبب انحراف هذه الإلكترونات ويزيد من احتمال سقوطها على سطح الأرض (2).

لقد أدرك الباحثون أن ظاهرة التفاعل الرنيني بين الموجات الكهرمغنطيسية وهذه الإلكترونات يمكن أن تزيد من سعة هذه الموجات الكهرمغنطيسية كثيرا مما يسرّع عملية سقوط الإلكترونات على سطح الأرض. وبإرسال موجات راديوية ذات تردد عال إلى منطقة التيارات الكهربائية الشفقية auroral  ـ وهي تيارات كهربائية طبيعية تنشأ في طبقة الأيونوسفير على ارتفاع 1000 كيلومتر فوق القطبين ـ يمكن تغيير جريانها وبذلك تتولد صنعيا موجات منخفضة التردد جدا (VLF) وموجات ترددها بالغ

الانخفاض(ELF)ا( (3. وإزالة مخلفات انفجار نووي في المدار يمكن أن تتم في يوم من الأيام بإرسال أقمار صنعية تبعث موجات VLF وأخرى (4)ELF

http://oloommagazine.com/images/Articles/20/SCI2004b20N10-11_H04_003078.jpg

 

يحاول الباحثون العاملون في المشروع HAARP أن يحددوا عدد الأقمار الصنعية اللازمة لنظام شامل لتحسين الوضع بعد الانفجار النووي. وتساعد الأبحاث التي أجرتها جامعة ستانفورد في السبعينات والثمانينات، هؤلاء العلماء في جهودهم. فلقد قام علماء تلك الجامعة بإدخال موجات ذات تردد منخفض جدا (VLF) إلى أحزمة «ڤان ألن» وذلك باستخدام مرسل موضوع قرب القطب الجنوبي. وقد وجد العلماء أن تلك الموجات تُضخم(21) كثيرا في بعض الأحيان بوساطة الإلكترونات المحصورة في أحزمة ڤان ألن. ويُلاحظ «پاپادوپولوس» أن تضخيم تلك الموجات يحدث ببزل(22) الطاقة الحرة المرتبطة بالجسيمات المحصورة في تلك الأحزمة. تشبه هذه العملية الرنينية في أساسها عملية إثارة الإلكترون التي تحدث في ليزرات الإلكترونات الحرة حيث يُسرّع مغنطيس الإلكترونات فتطلق أشعة السنكروترون(23).

 

إن ظاهرة التضخم هذه هي في صميم أهداف المشروع HAARP. وتضخيم الموجات ذات التردد المنخفض جدا (VLF)، المرسلة من أسطول من الأقمار الصنعية، باستخدام وسائل طبيعية، يُمكِّن الولايات المتحدة من استخدام عدد أقل بكثير من الأقمار الصنعية المُصَدّرة(24)، الأمر الذي يمكن أن يوفر بلايين الدولارات. وقد أثبت علماء وزارة الدفاع أن عملية التضخيم يمكن أن تقلل عدد الأقمار الصنعية اللازمة، من أكثر من 100 إلى أقل من 10.

 

لقد أثبت الباحثون أن الوسائل متوافرة لإنتاج موجات ذات تردد منخفض للغاية (ELF) وكذلك موجات ذات تردد منخفض جدا (VLF)، ومن ثم ضخ هذه الموجات بكفاءة إلى داخل أحزمة الإشعاع (انظر الشكل في هذه الصفحة). يتم عمل ذلك بالتغيير الدوري للتدفق القطبي، وهو تيار طبيعي موجود في طبقة الأيونوسفير على بعد نحو 100 كيلومتر عن سطح الأرض. إن هذا التغيير يعمل عمل هوائي لإرسال موجات ذات تردد منخفض للغاية (ELF) وموجات ذات تردد منخفض جدا (VLF) إلى الفضاء، ويتم ذلك بالتغيير الدوري لتشغيل وإغلاق مرسل عالي التردد ليغير درجة الحرارة، وبالتالي توصيل تيار من الپلازما. ويتوقع الباحثون أنه عند إتمام المشروع سيكون هناك طاقة كافية لمعرفة مدى نجاح عملية التضخيم وعملية التصفية. وتبعا لما يذكره (جنيت) فسيتم إجراء تجربة فضائية في أواخر هذا العقد، ولكن التطبيق الفعلي لنظام أرضي أو قمري صنعي سيتم بعد ذلك بسنوات.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/20/SCI2004b20N10-11_H04_003079.jpg

 في عام 1958، جرى تفجير سلاح نووي زنته 3.8 ميگاطن، أطلق عليه اسم كودي هو برتقالة orange. كان لهذه التجربة تأثير ضعيف في موجات الاتصالات الراديوية والمنظومات الكهربائية في منطقة المحيط الهادي.

 

ما مدى قُرب هذا التهديد؟(**********)

من الممكن أن تؤدي عدة سيناريوهات جيوسياسية إلى حدوث تفجير نووي على ارتفاعات عالية(HANE) .

فقد أكدت الدراسة التي أجرتها الوكالة DTRA المخاطر التي تنتج من تفجير نووي على ارتفاع عال (HANE) وذلك في خطوة تحذيرية لإظهار تصميم الأمة على القتال بطريقة رادعة ضد هذا التهديد. وباستخدام لغة وأساليب النمذجة التي يلجأ إليها المخططون العسكريون، قامت الوكالة DTRA بتناول اثنين من السيناريوهات الأساسية وافترض وقوعهما في عام 20100. في المثال الأول، نفترض أن القوات المسلحة الهندية اجتازت الحدود الپاكستانية أثناء صدام لتحديد مصير كشمير. وكرد على ذلك تقوم الحكومة الپاكستانية بتفجير سلاح نووي وزنه 10 كيلوطن على ارتفاع 300 كيلومتر فوق مدينة نيودلهي، وهذا ارتفاع كاف لتجنب الآثار التدميرية الأرضية، ولكنه من ناحية أخرى منخفض بدرجة كافية ليثبت بوضوح القدرة على شن هجوم نووي ماحق. في مثال آخر، نفترض أن كوريا الشمالية تواجه غزوا محتملا، لذلك يأمر زعماؤها بتفجير سلاح نووي فوق أراضيها كإثبات لتصميم البلاد على المقاومة. تستطيع منظومة صواريخ الولايات المتحدة الدفاعية أن تتصدى للهجوم وأن تدمر الصاروخ الذي يحمل السلاح النووي، ولكن السلاح النووي ينفجر على ارتفاع 150 كيلومترا فوق سطح الأرض.

 

يتصور J. >بايك< الذي يدير منظمة الأمن العالمي،(25)وهي منظمة مراقبةدفاعية، سيناريو تقرر فيه كوريا الشمالية أن تجرب أسلحتها النووية الوليدة في الفضاء. ويقول: «إن معظم الناس يفترضون أنه إذا كانت كوريا الشمالية تجري تجارب نووية فإنها تقوم بذلك تحت الأرض. وهذه ليست نصيحة لزعيم كوريا الشمالية.»

 

درس الخبراء عدة تصورات أخرى، بعضها يتضمن تفجيرا نوويا فوق الولايات المتحدة. يمكن لعدد محدود جدا من الدول أن تقوم بهذا العمل انطلاقا من أراضيها، ولكن هذا الاحتمال مستبعد جدا. ويمكن كذلك استخدام منصة بحرية متحركة لإطلاق صاروخ بدائي يحمل سلاحا ذريا صغيرا ومع ذلك فإنه سيسبب ضررا بالغا. ومع أنه من الصعب جدا تقدير احتمالية هذه الحوادث (وهي بعيدة الاحتمال) إلا أن نتائجها مدمرة جدا لدرجة لا يمكن إهمال التفكير فيها.

 

إضافة إلى الدمار الهائل الذي يمكن أن يسببه تفجير نووي على ارتفاعات عالية (HANE) يبقى موضوع الرد على هذا الهجوم. إن هجوما نوويا على الولايات المتحدة الأمريكية أو أحد حلفائها سيكون له رد عسكري سريع، ولكن ما هو رد الفعل في حالة تفجير نووي على ارتفاعات عالية (HANE)؟ سؤال يفكر به> ولدن< منذ سنوات ـ ويعتبره مأزقا أخلاقيا ـ ولا يجد له جوابا. ويتساءل من وجهة نظر أخلاقية: «هل يبرر تفجير سلاح نووي في الفضاء التدخل وقتلالناس؟ هل يبرر ذلك ردا نوويا؟ ربما لا يبرر.»

 

 المؤلف

Deniel G. Dupont

اهتم لمدة تزيد على 11 عاما بموضوعات الأمن القومي والعلم والتقانة، ويعمل محررا لدى مؤسسة الدفاع الداخلي، كما أنه ناشر في الصحيفة «من داخل الپنتاگون» Inside the Pentagon. ولقد نشر مقالاته في صحف ومجلات متعددة: Washington Post, Government Executive, Mother Jones, Mediabistro.com ويسهم كثيرا في كتابة مقالات في ساينتفيك أمريكان. والمؤلف مواطن من نيوإنگلند ويعيش في ولاية فرجينيا.

مراجع للاستزادة 

Atomic Audit: The Costs and Consequences of U.S. Nuclear Weapons since 1940. Edited by Stephen I. Schwartz. Brookings Institution Press, 1998.

Earth Magnetism: A Guided Tour through Magnetic Fields. Wallace H. Campbell. Harcourt/Academic Press, 2001.

The Effects of Nuclear Weapons. Samuel Glasstone and Philip J. Dolan. U.S. Government Printing Office. Available at www.princeton.edu/-globsee/publications/sffects/effecta.shtml

The Elliott School of International Affairs, Security Space Forum Resource Center. Available at www.gwu.edu/•spi/spaceforum/resource.html

The Nuclear Weapon Archive: A Guide to Nuclear Weapons. Available athttp://nuclearweaponarehive.org/

The Defense Threat Reduction Agency’s briefing: “High-Altitude Nuclear Detonations against Low-Earth Satellites,” April 2001. Available at www.Fas.org/spp/military/program/asat/halsos.pdf
K. Dennis Papadopoulos’ briefing: “Satellite Threat due to High Altitude Nuclear Detonations.” Available at
www.lightwatchsr.com/chemtrails/Papadopouloschemtrails.pdf

Scientific American, June 2004

 

(*) NUCLEAR EXPLOSIONS IN ORBIT

(**) HANE Alert

(***) Low Earth, High Risk

(****) Overview/ Orbital Nukes

(*****) Earth’s Magnetic Neighborhood

(******) Shielding Satellites

(*******) Aftermath of an Orbital Unclear Explosion

(********)Cleaning Up after HANEs

(*********) Easing The Effects of an Orbital Burst

(**********)How Remote a Threat?

 

(1) ballistic missiles ذاتية الدفع.

(2) Starfish Prime أو نجم البحر الرئيسي.

(3) Van Allen radiation belts

(4) (high-altitude nuclear explosions (HANEs

Defense Threat Reduction Agency (5

(6) hardened

(7 )blast wave

(8 ) نانوثانية = 109 ثانية.

(9) MeV وحدة قياس الطاقة الكهرمغنطيسية.

(10)compton electrons

(11) MHz = مليون دورة في الثانية.

(12) interference

(13) soft

(14) أو تلسكوب

(15) Project Argus

(16)Faraday Cages

(17) غالبا من الألمنيوم.

(18)braking radiation

(19) بين ذبذبة واحدة في الثانية و20 ألف ذبذبة في الثانية.

(20) High Frequency Active Auroral Research

(21)amplify

 (22) tapping

(23)synchrotron radiation

(24) emitting

(25)Globalsecurity.org

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى