أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الاجتماع

التجربة الجامعية الجديدة

التجربة الجامعية الجديدة(*)

مازال الإبداع مفعما بالحيوية والنشاط داخل الحرم الجامعي.

<S. ميرسكي>

 

بتاريخ 2/10/2004، تجمهرت مجموعة استثنائية من الشبان في قاعة أمجاد المخترعين الوطنية(1) بأكرون في ولاية أوهايو. وقد حضروا إلى تلك القاعة ليقارنوا مبتكراتهم بما أبدعه فائزون أثبتوا جدارتهم، مثل المحلاج(2) والطائرة والتفاعل السلسلي الپوليمرازي(3) (PCR) لتنسخ الدنا(4). كان المجتمعون 19 طالبا، منهم من تخرج في جامعته ومنهم من لم يتخرج بعد، وقد أتوا ليشاركوا في المسابقة النهائية السنوية الرابعة عشرة المسماة مسابقة المخترعين من طلبة الجامعات(5).

 

قدم التسعة عشر متسابقا ـ الذين كانوا يعملون منفردين أو في فرق مؤلفة من اثنين أو ثلاثة أفراد ـ خمسة مشروعات أنجزها طلبة لمّا يتخرجوا بعد، وتسعة مشروعات نفذها خريجون. وهذه المشروعات النهائية الأربعة عشر هي التي بقيت بعد عمليةٍ بدأت بدراسة طلبات للمشاركة في المسابقة التي قدمتها 800 كلية وجامعة منتشرة في العالم، وأسفرت عن اختيار 120 طلبًا منها.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N1-2_H05_00954.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N1-2_H05_00955.jpg

الفائزون في مسابقة المخترعين من طلبة الجامعات لعام 2004، وهم من اليسار إلى اليمين: <W. گو> الفائز بجائزة غير الخريجين؛ <M .J. نام> الفائز المشارك بجائزة الخريجين؛ <O. ساهين> الفائز بالجائزة الكبرى؛ <S .C. ثاكستون> الفائز المشارك بجائزة الخريجين.

 

كان التحكيم يستند إلى أصالة الاختراع، وأيضا إلى أهميته وفوائده التطبيقية المحتملة. وفي هذا الصدد، يقول <B .D. كيك> [أحد حكام المرحلة النهائية من المسابقة]: «ثمة عملية تصفية نشرك فيها خبراء من مناطق ومجالات مختلفة: من الجامعات وصناعات القطاع الخاص ومكاتب تسجيل الاختراعات.» ويضيف <كيك> [وهو المدير التنفيذي السابق للأبحاث في كورنينگ وكان أيضا أحد مخترعي الليف الضوئي، وعضو الهيئة الإدارية لقاعة الأمجاد]: «لقد صنفنا الطلبات المئة والعشرين التي وصلت إلينا هذا العام في فروع معرفية مختارة، ولدينا خبراء يقيِّمون الطلبات ويزودوننا بأعلى الدرجات التي تحصل عليها الطلبات في كل من هذه الفروع.»

 

وبعد سماع العروض الشفهية التي يقدمها المشاركون في المسابقة النهائية، تقوم هيئة مكوّنة من ثمانية محكمين بتسمية الفائزين في فئتي غير الخريجين والخريجين وفئة الجائزة الكبرى. ويحصل الفائز غير الخريج على 000 15 دولار، والفائز الخريج على 000 25 دولار، والفائز بالجائزة الكبرى على 000 50 دولار. (ويحصل المشرف على الفائز بالجائزة الكبرى على 000 10 دولار، كما يحصل كل واحد من المشرفين على الفائزين الآخرين على 5000 دولار.) والراعي الرئيسي للمسابقة هو مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية(6).

 

ويعلق <كيك> على ذلك بقوله: «تقوم بعض الشركات في الحال بتوظيف عدد من هؤلاء وهم بعض أفضل طلبة جامعاتنا ـ إنهم فعلا خيارهم.» إن الفائزين، وأيضا جميع المشاركين في المسابقة النهائية، يمتلكون الخصال الضرورية التي يجب أن يتحلى بها المخترع الناجح ـ هي قدر كبير من الإلهام والتصميم وجَهد جهيد.

 

جعل التدفق يجري(**)

الفائز بجائزة غير الخريجين: <W. گو>، جامعة ميتشيگان في آن أربر.

المشرف: <S. تاكاياما>، قسم الهندسة الطبية الحيوية.

الاختراع: منظومة ملائمة للتحكم في تدفق السوائل عبر قنوات دقيقة مجهريا (ميكروسكوبية).

التطبيق: اختبار أسرع وأكثر أمانا لمكونات العقاقير الجديدة.

 

 لقد استعمل <W. گو> جهازا قديما لبريل(7) كي يتوصل إلى حل لمشكلة جديدة. فهذا الطالب الذي لما يتخرج من جامعة ميتشيگان، والذي بلغ الحادية والعشرين من عمره، برمج جهاز بريل للتحكم في تدفق السائل في قنوات بالغة الصغر محفورة في شيپات chips من المطاط السيليكوني المرن. وقد قورنت هذه المنظومة بدارة متكاملة لتدفق مائع ميكروي(8). ومن بين الفوائد المحتملة لهذا الابتكار توفيره طريقة أفضل لتجريب العقاقير الجديدة على الخلايا البشرية قبل التجارب السريرية.

 

ولد <گو> في شانگهاي. وفي عام 1989 هاجرت والدته إلى كندا حيث كان والده يدرس للحصول على الدكتوراه، وذلك بعد وقت قصير من اقتحام الدبابات ساحة تيانانمين. وبعد ست سنوات انتقلت العائلة إلى الولايات المتحدة. كان <گو> في الصف السادس الابتدائي عندما بدأت تبرز لديه ملامح مستقبله. ففي حين كان معظم الأطفال في سنه يمارسون الألعاب الحاسوبية، كان <گو> يتعلم كيف يبرمجها.

 

ومع أن <گو> كان يفكر في دراسة علوم الحاسوب أو الهندسة الكهربائية، فقد كان مهتما بالبيولوجيا. وما إن انتسب إلى جامعة ميتشيگان حتى بدأ العمل في مختبر <S. تاكاياما> الذي كان يحاول استعمال تقانة الموائع الميكروية في دراسة سلوك الخلية.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N1-2_H05_00956.jpg

<W. گو> يحملق في شيپة تدفق مائع ميكروي من المطاط السيليكوني.

 

إن حجم شيپات المطاط السيليكوني الطري قريبة من حجم بطاقة ائتمان. وهي مكونة من شريحة رقيقة من المطاط السيليكوني حُفِرت عليها قنوات صغيرة، ثم خُتمت بشريحة رقيقة أخرى من المطاط السيليكوني. (القنوات بالغة الصغر فعرضها يمكن أن يكون 0.05 مليمتر فقط وعمقها عُشر عرضها.) لذا فإن التحكم في جريان سائل عبر هذه القنوات الصغيرة عملية مرهقة.

 

ويقول <گو>: «كان ثمة أساليب للتحكم في جريان السائل، لكنها كانت مدفوعة إما بالثقالة gravity، التي لا تسمح بأكثر من جريانٍ وحيد الاتجاه من مكان أيا كان ارتفاعه إلى آخر أيا كان انخفاضه، وإما بالضغط الذي تولده مِحقنة(9).» وهكذا كانت شيپة المطاط السيليكوني تعالَج باستمرار باستعمال تجهيزات تحكُّم خارجية. ويقول <گو>: «كانت المشكلة إما نقصا في المرونة وإما نقصا في إتاحة الوصول(10)

 

وقد راودت <تاكاياما> فكرة مِقْرآت سِنّية(11) في طريقة بريل القديمة بوصفها نظام تحكمٍ محتملا. وتتكون هذه المقرآت من غابة من الأسنان المجهزة بمحركات يمكن رفع كل سن أو تخفيضها. وتقوم برمجيات الجهاز بدفع حركة الأسنان، مترجمة بذلك النص الموجود على شاشة حاسوبية إلى أحرف بريل المألوفة ـ وبهذا تسمح للمكفوفين باستعمال الحواسيب بسهولة أكبر. وقد عثر <گو> على مقرأة سنية في خزانة بمركز الجامعة الخاص بالطلبة المعوقين؛ وباستعماله (حاسوب 486) كان متروكا في مرآب عائلته وبرمجيات قديمة لم تعد تُستخدم، وجهازا مهملا لبريل، تمكّن <گو> من التحكم في التدفق الميكروي للمائع من روب گولدبرگ إلى تغيرات گولدبرگ(12) ـ من شيء تعوزه البراعة والرشاقة إلى آخر يتسم بالأناقة.

 

في جهاز <گو> تقع الشبكة المكونة من الأسنان المتحركة رأسيا تحت شبكة القنوات الصغيرة السيليكونية ـ المطاطية. ويشرح <گو> هذا بقوله: «عندما تتحرك الأسنان نحو الأعلى مقابل القناة الصغيرة، فإنها تغلقها، مثلما يحصل عندما ندوس على خرطوم مياه الحديقة. وحينما يحدث ذلك، فإننا نولّد صماما. وعندما يكون لديك ثلاثة من هذه الصمامات على التتابع، يمكن بالتعصّر(13)الضخ داخل هذه القنوات الصغيرة. وهكذا فعندما يكون لديك شبكة من هذه الأسنان، فإنك تقتني، في الواقع، شبكة من الصمامات والمضخات، وعند ذلك يمكنك التحكم بدقة في السائل داخل قنواتنا الصغيرة.»

 

ويأمل <گو> أن يجد هذا العمل الهندسي الفذ بسرعة تطبيقات حيوية، مثل تلك التي تنفذ في اختبار العقاقير. وقد تضمنت قائمة الوثائق التي قدمها للفوز في المسابقة بحثًا منشورًا إضافيا تناول إنماء مستنبتات خلوية في قنوات الموائع الميكروية. ويقول <گو>: «يمكنك استعمال خلايا بشرية في الزجاج in vitro في تصميم يحاكي كثيرا الوضع في الجسم الحي in vivo، لأنك تكون قد رتبت حجرات مختلفة من الخلايا البشرية في جهاز دوراني(14) شبيه جدا بجهاز الدوران البشري الحقيقي. إنك تحاول تخيُّل الطريق الذي سيسلكه العقار داخل الجسم البشري، ودفع العقار عبر هذا الطريق لترى ما الذي يحدث. وعلى سبيل المثال، يمكنك أن ترى كيف يجري تحوير العقار في الكبد، ومن ثم تأثيره في الجهاز العضوي التالي. قد يكون ذلك أشبه بإنسان منمنم mini على  شيپة.»

 

وروتينيا، يستعمل المحققون في مواقع ارتكاب الجرائم التقنية PCRلاكتشاف وتحديد المقادير البالغة الصغر من الدنا DNA في تلك المواقع. وقد ابتكر <M .J. نام> و<S .C. ثاكستون> تقنية تجعل التقنية PCR أفضل: فهي لا تتعرَّف الدنا انطلاقا من كمية قليلة من الجزيئات في عينة ما فحسب، بل إنها تطبق نفس هذا العمل البارع على الپروتينات. إنها تفتح نافذة للبيولوجيين على عالَم جديد تماما لتحليل العينات.

 

يطلق <گو> و<ثاكستون> على إبداعهما اسم نظام الاستكشاف المضخم للباركود الحيوي(15)، وقد ابتكراه بمشاركة المشرف عليهما <C. ميركين>. <نام> كيميائي في الحادية والثلاثين من عمره، وتعود أصوله إلى سيؤول في كوريا الجنوبية، ويجري الآن أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا. أما <ثاكستون> فهو طبيب عمره 29 سنة ويعمل الآن في بحثٍ للحصول على الدكتوراه في الكيمياء أيضا.

 

وتنهي منظومتهما هذه مهمة البحث عن إبرة في كومة من القش، وذلك، بمعنى من المعاني، بالتخلي عن محاولة العثور على الإبرة. وبدلا من ذلك، بالبحث عن جزيء وكيل(16) سهل المراقبة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N1-2_H05_00957.jpg

أسنان مزودة بمحركات في مقرأة سنية بريل تتحكم في جريان سائل في شيپة مائع ميكروي. فمثلا، يمكن أن تكون سِن منفردة صماما valve، فإذا سُحبت في مِقرأة، فإنها تسمح بجريان السائل عبر القناة الدقيقة؛ لكنها إذا أُدخلت رأسيا فإنها تمس الشيپة وتوقف تدفق السائل. إن ثلاثا من الأسنان المتجاورة، التي تتحرك إلى الأعلى وإلى الأسفل بالتعاقب، يمكن أن تقوم بدور مضخة تدفع السائل للجريان بالاتجاه الذي نختاره.

 

ويشرح <ثاكستون> ذلك بقوله: «تتمثل الفكرة العامة في أننا نريد اكتشاف پروتينٍ ما أو متتالية ما للدنا (ونقصد بذلك جزيئا ما يحوم في محلول). نأخذ جسيما مغنطيسيا يوجد على سطحه عنصر تعريف(17)، وهو شيء يتعرَّف أي پروتين أو متتالية للدنا يهمنا أمرها.» وفي حالة الدنا، يكون عنصر التعريف متتالية تكميلية للدنا(18) تضمن إلحاق نفسها بالدنا الموجود في العينة. وبغية العثور على پروتينات، يكون عنصر التعريف هذا أحد الأجسام الضدية(19).

 

ويقول <ثاكستون>: «إن الخطوة التالية هي إضافة جسيم آخر يتعرَّف أيضا نفس الدنا أو الپروتين.» ويستعمل هذان الباحثان هباءة(20) من الذهب لا يتجاوز قطرها 300 نانومترا يمكنها أيضا أن تكشف متتالية للدنا أو جسيما ضديا مصممًا للتعلق بجزء آخر من الجزيء المستهدف. ويضيف <ثاكستون>: «وهكذا، يمكنك أن تشكِّل هذه البنية الشطيرية(21) الصغيرة؛ وحيث يكون لديك جسيم مغنطيسي، يكون لديك الجزيء المنشود، ومن ثم الجسيم الذهبي الملتصق بالطرف الآخر.»

 

تعد هذه البنية الشطيرية منظومة عملية لأن جسيمات الذهب النانوية تكون مغطاة أيضا بعدد يصل إلى 800 نسخة من متتالية دناوية مكوّنة بالتحديد بطول أربعين بقيّة (ثُمالة) residue  حمض نووي. وتؤلف هذه المتتاليات الباركود الحيوي الذي يعتبر علامة معروفة تحدد هوية العينة، على نحو يشبه الباركود على علبة حليب الأطفال الذي يبين سعر العلبة ويعرض معلومات حول محتوياتها.

 

لدى تعريض عينة لحقل مغنطيسي، يعمل هذا الحقل على سحب الجسيمات المغنطيسية إلى أحد الطرفين لعزلها. فإذا كان أي من الجزيئات المستهدفة موجودا، فإنه يتم جرها في السياق أيضا، كما تفعل جسيمات الذهب النانوية المزينة بالباركودات الحيوية. إن إجراء عملية غسل بسيطة بالماء النقي يؤدي إلى فصل هذه الكودات، التي نجد في المحلول بعد ذلك آلافا من نسخها يسهل كشفها. لذا فإن الباحث يفتش عن متتاليات الباركودات الحيوية هذه، وهو يدرك أنها توحي بوجود الپروتين أو متتالية الدنا اللذين يجري البحث عنهما.

 

الفائزان بجائزة الخريجين: <M .J. نام> [جامعة كاليفورنيا في بيركلي] و<S .C. ثاكستون> [جامعة نورث ويسترن].

المشرف: <C. ميركين> [أستاذ الكيمياء في معهد التقانة النانوية، جامعة ويسترن].

الاختراع: أسلوب جديد في اكتشاف وتحديد المقادير الضئيلة جدا من الجزيئات الحيوية في عينات مركّبة.

التطبيقات: الاختبارات الطبية؛ القضاء الشرعي؛ اكتشاف الأسلحة البيولوجية؛ التحاليل الكيميائية الحيوية.

 

ويخطط <ثاكستون> لمتابعة دراسته في أمراض الجهاز البولي urology، لذا فإن الاختبارات الأولى التي أجراها الفريق كانت من أجل جسيم ضدي نوعي للپروستاتا(22) أو (SPA اختصارا)، وهو واسم marker لسرطان الپروستاتا. وقد  حددت منظومتها جسيما ضديا نوعيا پروستاتيا ذا حساسية تفوق ملايين المرات حساسية الفحوص والتحليلات المعهودة. وقد استعمل أيضا كل من <ثاكستون> و<نام> و<ميركين> وآخرون هذه المنظومة للكشف عن واسم پروتيني مبكر لمرض إلزايمر، وكذلك للعثور على متتاليات الدنا لمرض الجمرة الخبيثة (الأنثراكس)، وأثبتوا إمكان استعمال هذه المنظومة كوسيلة اكتشاف في حرب بيولوجية. ويمكن استعماله أيضا لاكتشاف متتالية الدنا ومتتالية الرنا RNA  والپروتينات في آن واحد. وستكشف هذه الإمكانية عما إذا كان منتج پروتيني جيني معين قد صُنع في تاريخ معطى، كما تكشف عن كميةِ ما صُنِع منه. وقد يغدو بإمكان الطب الجزيئي المستقبلي أن يطور أساليب التعبير عن بعض المشكلات الطبية ويحولها إلى ممارسات روتينية، مثلما يجري حاليا قياس الكوليسترول وضغط الدم.

 

لقد نشأ <O. ساهين> في كايسيري بتركيا، وهي بلدة يبلغ عدد سكانها قرابة نصف مليون نسمة، وتبعد نحو ساعتين بالسيارة عن أنقرة. وعندما كان في سن الحادية عشرة، أدهش والديه بآلة جمع ميكانيكية بناها من مجموعة اللوگو التي كانت لديه. ويبلغ الآن الخامسة والعشرين، وهو مرشح للحصول على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة ستانفورد، وربما لن يفاجئ والديه كثيرا، حتى عند اختراعه مجهر القوة الذرية(23) (AFM). وهو يشرح ذلك بقوله: «إنه نوع جديد من مجاهر القوة الذرية، الغرض منه تعرُّف المواد التي لها مقادير صغيرة جدا بدلا من رصد أشكالها وتضاريسها.»

 

والمجهر AFM هو نمط فريد من المجاهر، لأنه يعتمد على القيام بتماس مادي مع أي عينة يجري فحصها. (يقوم <F.C. كيت> [من جامعة ستانفورد، وهو أحد المشاركين في اختراع مجهر القوة الذرية في الثمانينات من القرن الماضي بالإشراف على <ساهين>]. إنه كابول سيليكوني مرن(24)، عرض طرفه المستدق لا يتجاوز عرض ذرة، يهتز عبر السطح ليمسحه. وتوفر قياسات القوى المختلفة التي تحرف هذا الكابول معلومات مفيدة عن شكل السطح.

 

القوة والزمن والانسجام(***)

الفائز بالجائزة الكبرى: <O. ساهين>؛ جامعة ستانفورد.

المشرف: <O. سولكارد>؛ قسم الهندسة الكهربائية.

الاختراع: نمط جديد من مجاهر القوة الذرية، حساس لموسيقى التفاعلات الجزيئية، يمكّن من دراسة الخاصيات الفيزيائية للمواد بتفصيل شديد.

التطبيقات: التوصل إلى مواد جديدة؛ كشف الجزيئات البيولوجية

 

بيد أن للمجاهر الموجودة من نوع AFM ميزًا resolution محدودا لأن قياسات القوة يجب أخذ معدلها بمرور الوقت. ويمكن تشبيه ذلك كما يلي: في غرفة مظلمة، يمكن لأصابعك التي تتحسس وجه منضدة أن تتعرف بسهولة شوكة وملعقة وطبقًا وفنجان قهوة. لكنك إذا جمعت انطباعاتك عن هذه الأشياء ثم أخذت متوسط هذه الانطباعات، حصلت على تقييم ضبابي لتضاريسها العامة، أي إن تخمين الأشكال الدقيقة لها سيضعف ليصبح بضعة عيدان وقرصا وهضبة صغيرة. ويستفيد اختراع <ساهين> من خاصيات الكابول المتأصلة، ومن خاصيات أخرى يمكن أن نضيفها بغية إزالة تلك الضبابية. ثم إن هذا الاختراع يسمح بكشف المواد المكوِّنة للأشياء.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N1-2_H05_00958.jpg

تُطبّق تقانة الباركود الحيوي للعثور على المقادير الضئيلة جدا من الجزيء المستهدف في محلول. وفي هذا المثال، الهدف هو پروتين. هنا تسمح الأجسام الضدية (الأضداد) المتصلة بجسم معدني وبجسم ذهبي نانوي بتشكيل «شطيرة» تحتوي الپروتين المستهدف. عندئذ يقوم مغنطيس جاذب للجسيم المعدني بسحب الشطيرة إلى خارج المحلول. إن غسل أو تسخين الشطيرة المعزولة يحرر عدة نسخ من دنا الباركود الحيوي من سطح الجسيم الذهبي. واكتشاف هذه المقادير الوفيرة من الباركودات الحيوية أسهل من اكتشاف مقادير ضئيلة من الپروتين.

 

يهتز الكابول عبر السطح بدقة الحركة النواسية (البندولية) لكنه يسلك خلال حركته سلوك شوكة رنانة(25)، ويولّد نغمات تتعلق بالاهتزازة الأساسية. وذكر <ساهين> وزملاؤه في مقالة بإحدى المجلات أن «التوافقيات(26) العالية تُساق جميعا بفعل القوى المطبقة على الطرف المستدق للكابول.» وبعد سنوات قضاها <ساهين> في العمل الجاد لتحوير التصميم، نجح في توجيه الطاقة من أحد تلك الترددات التوافقية السريعة وإعادتها إلى حركة اهتزازية للكابول. وهكذا فإن حركات الكابول تقدم معلومات عن القوى الموجودة على السطح خلال فواصل زمنية بالغة القصر. ويقول <ساهين> إنه «بدلا من أن يكون لدي طرف مستدق ضعيف جدا في البعد الزمني، فإنني أجعله مستدقا جدا في هذا البعد كي أتمكن من رؤية التغيرات الزمنية للقوى. وقد كان هذا الطرف مستدقا حقا في أبعادنا المكانية الثلاثة، لذا فإنني ولَّدت في الحقيقة جسمًا مستدقا جدا في الأبعاد الأربعة لسبر الأشياء في كل من المكان والزمان.»

 

وباستعمال المسبار AFM الجديد هذا، يصبح بمقدور الباحثين جمع معلومات كانت غير متاحة سابقا في المستوى الجزيئي. ويقول <ساهين>: «إن الألماس أقسى مليون مرة من المطاط بسبب روابطه الكيميائية وانتظامها. لذا فإن قساوة مادة ما إنما تتعلق بطبيعتها الكيميائية، ولا وجود لوسيلة تخبرك عن الصلابة عندما يكون ما نقيس صلابته في المقياس الجزيئي سوى تلك التي نقوم ببنائها. وبقياس الصلابة، يصبح بالإمكان استبصار التغيرات الكيميائية على السطح حتى في المستوى الجزيئي.»

 

المشاركون في المسابقة النهائية(****)

طلبة المرحلة الجامعية الأولى (غير خريجين)

<M. بوريل>، جامعة رايس: منظومة تحكم تسمح بإجراء عمليات مسح قلبية(27) CT أفضل للمرضى، ومعها ضابطة للنبض(28).

<R. إرب>، جامعة روتشستر: رباط ذراع فوق صوتي (فوصوتي)(29) لتمكين المكفوفين من الإبحار.

<G. هو> و<A. شاهينفار> و<E. هيو>، جامعة جونز هوپكنز: آلة للاكتشاف المبكر للمخاض، تفاديا للولادة قبل أوانها.

<K. ساويكا>، جامعة ستوني بروك: محس حيوي يستند إلى ألياف أنزيم الپوليمر(30) للتحذير المبكر من أمراض الكبد  أو الكلى.

طلبة خريجون

<D. بيري>، المعهد MIT: استهداف محسن للعقاقير المضادة للسرطان التي تعالج الأورام ولا تؤثر في النُّسُج السليمة.

<J. شيليسريكاتيل>، جامعة تكساس بأوستن: ابتكار رنا مستقر ومحسن لاستعماله المحتمل في المداواة.

<Y .P. شيو> و<A. أوتا>، جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلس: ابتكار ملاقط إلكترونية ضوئية لتحريك الجسيمات الميكروية.

<M. السلانطي>، كلية بايلور لطب الأسنان: جهاز لتنشيط العظم الوجهي بعد الرضوض أو الجراحة.

<W. جيليت> و<D. دندوودي>، جامعة أيوا: خلية وقودية پوليميرية إلكتروليتية جديدة رخيصة الثمن.

<B. يلين>، جامعة دريكسل: تقنية للتصنيع مبنية على المعالجة المغنطيسية للمواد المجهرية.

<S. يو>، جامعة أوهايو الحكومية: طريقة توليد الألياف السيراميكية المجهرية للاستعمالات الصناعية.

محكّمو المسابقات النهائية

<J. تشيمبرز>، مديرة مركز التقانة 1600، فرع الكيمياء الحيوية لمكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية.

<A .R. دابيك>، مستشار قانوني سابق.

<J. هيلر>، مخترع المجهر الإلكتروني.

<B .D. كيك>، مدير تنفيذي سابق للأبحاث.

<F. بابي>، رئيس قسم الجراحة التجميلية للأطفال، مؤسسة كليفلاند كلينك.

<L .S. سكوايرز>، مدير رئيسي للأبحاث، شركة هيوليت-پاكارد.

<G ويسل>، أستاذ البيولوجيا، جامعة براون.

<W. ويتلو جونيور>، نائب مدير مركز كندي الفضائي التابع للوكالة ناسا.

 

إن المسبار AFM المحسَّن (مع الإشارة إلى أن <ساهين> يعمل الآن لإجراء مزيد من التحويرات عليه لزيادة ميزه بقدر أكبر) يجب أن يجد أول تطبيقاته في علم المواد. ويعلق <ساهين> على ذلك بقوله: «إننا ننكب الآن على إيجاد مواد جديدة يمكن أن يكون لها وقع كبير في حياتنا. وتنفذ هندسة هذه المواد بالمقياس النانوي. لذا فنحن بحاجة إلى وسيلة يمكنها بلوغ المقياس النانوي كي تعرِّفنا المواد الموجودة هناك، دون الاقتصار على أشكالها. وهكذا فإن هذه الوسيلة ستمكن العاملين في ذلك الحقل من إدراك ما يصممونه.» ويتنبأ <ساهين> أيضا بوجود تطبيقات بيولوجية للمجهر الجديد إذ يقول: «قد يكون هذا المجهر محسا حيويا biosensor  يمكِّنك من العثور على مقادير ضئيلة من جزيئات معينة. وعندما تنظر إلى التغيرات الميكانيكية الجارية على سطح ما، يمكنك تحديد ما إذا كان جزيء ما موجودا على ذلك السطح أو غير موجود.»

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N1-2_H05_00959.jpg

توفر مجاهر القوة الذرية المعهودة [في اليسار] معلومات أقل من مجاهر القوة الذرية AFM التي لها ميز زمني أكبر، والتي ابتكرها <O. ساهين>. كلتا الصورتين التقطتا لسطح مكون من مادة سيليكونية ونمطين من الپولي إيثيلين. ولا تبين الصورة اليسرى سوى تضاريس عامة للسطح، في حين توفر الصورة اليمنى معلومات عن محتوى مادة هذا السطح، منها: السيليكون باللون الأبيض؛ الپولي إيثيلين المرتب باللون البني الفاتح، والپولي إيثيلين غير المتبلور باللون البني الغامق.

 

وفي معرض محاولات الفيثاغوريين فهم الطبيعة، فقد قاموا أولا بإيضاح العلاقات بين الترددات (التواترات) الاهتزازية التي تسمى عادة نغمات موسيقية. وباستثمار هذه العلاقات الأساسية وتوسيعها، ابتدع <ساهين> تقنية مبتكرة لتحقيق سبرٍ أعمق للطبيعة. ويبقى قدر معين من الإحساس للموسيقى جزءا من كابوله cantilever البالغ الصغر عندما ينثني ويتمايل. ويقول <ساهين>: «في المحاكيات الحاسوبية(31)، يبدو هذا الكابول وكأنه يرقص.»

Scientific American, February 2005 

 

(*) THE NEW COLLEGE TRY

(**) Making The Flow Go

 (***) Force, Time And Harmony

(****)The Finalists

(1) The National Inventors Hall of Fame

(2) آلة لفصل ألياف القطن عن بذوره.

(3) polymerase chain reaction

 (4)replicating DNA

(5)  Collegiate Inventors Competition

(6) U.S. Patent and Trademark Office

(7) طريقة بريل Braille هي أسلوب في الكتابة أو الطباعة تكون فيها الأحرف مؤلفة من نقط نافرة يقرؤها المكفوفون بتمرير أصابعهم عليها.

(8) microfluid مائع لا تطغى فيه آثار الحركة الموضعية لجزيئات المادة التي يحويها على خاصيات المائع وسلوكه.

(9) syringe pump

(10) accessibility أو النفاذ.

(11) pin readers

(12)from Rube Goldberg to the Goldberg Variations

(13)peristaltically

(14) circulatory system

(15) the biobarcode amplified detection system والباركود barcode هو كود تعريف خاص يُطبع على شكل مجموعة قضبان شاقولية مختلفة العرض، ويوضع على المنتجات ليوفر معلومات عنها ويحدد سعرها.

(16) proxy molecule

(17) recognition

element

(18) complementary DNA sequence

(19) antibody

(20) speck

(21)andwich structure

(22) prostate-specific-antigen، أو پروستاته.

(23) atomic-force microscope

(24) flexible silicon cantilever، والكابول (أو الجائز) هو عضو أو عتبة مثبتة تثبيتا محكما من أحد طرفيها ومعلقة تعليقا حرا من الطرف الآخر.

(25) tuning fork

(26) harmonics

(27)CT cardiac scans

(28) spacemaker 

(29)ultrasound armband

(30) polymer-enzyme

(31) computer simulations

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى