أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطاقة المتجددةتكنولوجيا

نحو سيارات تعمل بالهدروجين

نحو سيارات تعمل بالهدروجين(*)

مع أن قوافل النماذج الأولية للسيارات التي تعمل بالهدروجين

قد نزلت إلى الشوارع، فمازالت هناك عوائق تقنية وتسويقية

أساسية يجب التغلب عليها قبل وصول السيارات النظيفة

التي تعمل بالهدروجين إلى صالات العرض.

<S.آشلي>

 

يبدو أن حواجز السرعة المؤتمتة القائمة على مداخل قرية نابرن Nabern في ألمانيا هي الوحيدة القادرة على محو الابتسامة عن وجه<R.بيريتا>الذي يتمتم هامسا: «أرجو أن تخففوا السرعة هنا»، وذلك عند اقتراب سيارتنا من ضواحي هذه القرية ذات الطبيعة الخلابة. يرأس<بيريتا>فريقا يقوم بتجهيز قافلة من 60 سيارة من أحدث سيارات دايملر-كرايزلر التي تعمل بخلايا وقود هدروجيني والتي يطلق عليها اختصارا F-Cell، من أجل اختبارها في العالم. ويهدف ذلك إلى إتاحة الفرصة لصانعي السيارات لتقييم هذه العربات الفعالة من حيث استخدام الطاقة التي لا تسبب أي تلوث، تحت ظروف قيادة متنوعة. ويبدو هذا المهندس متعطشا لأن يقوم الزوار بتجربة سرعة خروج السيارة من خط سيرها، وهي إحدى المزايا التي يؤمنها المحرك الكهربائي القابع تحت الغطاء.

 

وعلى الرغم من نظام دفعها المتقدم تقنيا، تبدو سيارات خلايا الوقود، من حيث أداؤها والتعامل معها، مثل سيارة تويوتا كورولا أو سيارة فورد فوكَسْ أو أي سيارة صغيرة تقليدية أخرى. وهكذا فإن سيارة خلايا الوقود لا تبدو كنموذج أولي لسيارة مستقبلية، بل هي أقرب إلى كونها سيارة تنتمي إلى العالم الحقيقي. إن الاختلاف الوحيد فيها عن المألوف هو أزيز الضاغطcompressor الذي يُصدر ضجيجا يتعهد <بيريتا> بأن يتمكن مهندسو الشركة من  كتمه قريبا.

 

وليست الشركة دايملر- كرايزلر هي الوحيدة الساعية إلى إنتاج العربة النظيفة المرجوة. فبعد عقد من الزمان في البحث والتطوير الجادين، حققت صناعة السيارات في أنحاء العالم إنجازا مرموقا تمثل في إنتاج أولى قوافل السيارات التجريبية العاملة بخلايا الوقود والتي تبدو كفؤة في أدائها. ولن يمضي وقت طويل حتى نرى عشرين سيارة صغيرة من أحدث ما أنتجته الشركة هوندا من الفئة FCX، إضافة إلى 30 سيارة من نوع فورد فوكس FCVتسير في الشوارع والطرقات السريعة. وتخطط الشركة جنرال موتورز لإنتاج  13 عربة تعمل بخلايا الوقود في نطاق مدينة نيويورك وضواحيها بهدف تجربتها عام 2006. ويوجد حاليا 30 حافلة من إنتاج دايملر- كرايزلر تعمل بخلايا الوقود تجوب الشوارع في عشر مدن أوروبية، وهناك ثلاث حافلات إضافية ستتم تجربتها قريبا في كل من مدينتي بكين وپيرث.

 

وفي هذه الأثناء، فإن جميع شركات صناعة السيارات تقريبا، وخاصة الشركة تويوتا، وكذلك نيسان ورينو وڤولكس ڤاگن وميتسوبيشي وهايونداي، إلى جانب شركات أخرى، تقوم بتجربة عدد من النماذج الأولية للعربات، ويعتبر هذا مؤشرا إلى المبالغ الهائلة التي تستثمرها هذه الشركات لتحسين هذه التقانة. ويوجد حالياً ما بين 600 و 800 عربة تعمل بخلايا الوقود تتم تجربتها في سائر أنحاء المعمورة. وقد بدأ المزودون بتطوير وتوفير المكونات اللازمة لبناء النماذج الأولية. وإذا ما سارت الأمور على ما يرام، فإن هذه التطورات سوف تشكل مؤشرا في منتصف الطريق نحو بداية إنتاج السيارات العاملة بخلايا الوقود على نطاق تجاري، وذلك في بداية العقد المقبل.

 

ونظرا للقيود الحكومية التي تنظم حدود انبعاث غازات العوادم (والتي تزداد صرامة)، والتنبؤات باحتمال مواجهة نقص في إمدادات النفط، واحتمال كارثة عالمية تنجم عن الاحتباس الحراري الذي تسببه غازات الدفيئة greenhouse gases، فإن صناعة السيارات والحكومات استثمرت عشرات البلايين من الدولارات خلال الأعوام العشرة الماضية بهدف توفير تقانة دفع تتمتع بالكفاءة والنظافة ويمكنها أن تحل محل آلات الاحتراق الداخلي العريقة [انظر: «عربة التغيير»، مجلة العلوم، العددان 11/12(2003)، ص24]. لكن بعض الانتقادات مازالت تثار حول جدية صناعة السيارات في إنتاج عربة خضراء (لا تسبب التلوث)، وعما إذا كان الجهذ المبذول في البحث والتطوير يعتبر كافيا للتمخض عن نجاح قريب. وتتردد الشكوك بأن ما يجري عمله بخصوص عربات خلايا الوقود هو مجرد ستار دخاني لحجب وحماية المصالح لفترة زمنية طويلة. ويجيب مديرو شركات السيارات بأنهم لا يرون على المدى الطويل خيارا أفضل من عربة خلية الوقود التي تعمل بالهدروجين، ذلك أن جميع البدائل مثل العربات الهجينة (التي تجمع بين محرك الاحتراق الداخلي والبطاريات الكهركيميائية)، مازالت تعتمد على حرق الوقود البتروكيميائي مما ينتج عنه ثنائي أكسيد الكربون وملوثات أخرى.

 

أحجار عَثْرة(**)

إن القيادة لمدة ساعتين على الطريق الألماني السريع، تقطع فيها مسافة تقارب 140 ميلا، من قرية نابرن إلى مدينة فرانكفورت على نهر الماين، تعتبر كافية لتبين بوضوح الفارق الكبير بين سيارة تعمل بخلايا الوقود وسيارة ذات محرك احتراق داخلي. ففي أقل من 90 دقيقة سوف تواجه مشكلة نفاد الوقود وتقف على قارعة الطريق دون أمل في التزود بالوقود. فلا سيارة خلايا الوقود ولا مثيلاتها التي تعتمد على طاقة الهدروجين يمكنها أن تصل إلى مدى 300 ميل وهو الحد الأدنى الذي يتطلع إليه مالكو السيارات. ولما كانت محطات التزويد بالهدروجين قليلة ومتباعدة، فإن إعادة التزوّد بالوقود تعتبر، في أفضل الظروف، مشكلة. وهكذا وعلى الرغم من الآمال البراقة والبيانات المتفائلة لصناع السيارات، فإن تحديات تقنية وتسويقية جادة تبقى دون حل، مما قد يؤخر طرح سيارات خلايا الوقود في الأسواق لسنوات إن لم يكن لعقود من الزمن.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004217.jpg

حاليا تخضع قوافل تجريبية من سيارات الشركة دايملر-كرايزلر التي تعمل بخلايا

وقود هدروجيني لاختبارات ميدانية.

 

وقبل أن يستعيض أولئك الذين تبنوا سيارتي تويوتا پريوزس وهوندا أكورد المهجنتين بسيارات أكثر حفاظا على البيئة، لا بد أن يتخيّل صانعو السيارات والمزودون والموزعون كيفية القيام بأمور كثيرة: زيادة قابلية السيارة لتخزين كمية أكبر من وقود هدروجيني، وخفض كلفة ناقلات الحركة للمحركات العاملة بخلايا الوقود إلى واحد في المئة من كلفتها الحالية، ومضاعفة عمر التشغيل لمحطات الطاقة خمس مرات، وزيادة الطاقة الناتجة ليصبح بالإمكان استخدام خلايا الوقود في السيارات الرياضية وفي غيرها من العربات الثقيلة. وأخيرا فإن تشغيل هذه العربات يتطلب توفير بنية تحتية للتزويد بالهدروجين، حتى يمكنها أن تحل محل الشبكة العالمية لمحطات الوقود الحالية.

 

ومع ذلك يبقى بعض صناع السيارات غير مقتنعين بإمكانية تحقيق ذلك في المستقبل القريب. «ما زال أمام الإنتاج بكميات كبيرة نحو 25 عاما» هذا ما يقوله<B.راينرت> المدير الوطني لمجموعة التقانة في الشركة تويوتا المتقدمة. ويضيف «أملي ضعيف في خفض الكلفة بما فيه الكفاية، وأشعر بالتشاؤم حول إمكانية حل مشكلات تخزين الهدروجين وتحميل هذه الأنظمة الكبيرة على عربة يمكن تسويقها.» لكن هناك مؤشرا قويا إلى أن العمل في مجال عربات خلايا الوقود مازال جاريا وهو أن جميع ممثلي شركات السيارات تقريبا يدعون الحكومة إلى زيادة الإنفاق في مجال البحث الأساسي وفي مجال أنظمة توزيع الهدروجين، من أجل التغلب على هذه العقبات.

 

قضايا المَكَادِس(***)

تعتبر السيارة أو الحافلة أو الشاحنة العاملة بخلايا الوقود في الحقيقة عربة كهربائية تستمد طاقتها من جهاز يعمل كبطارية قابلة لإعادة الشحن. ولكن، وخلافا للبطارية، فإن خلية الوقود لا تختزن الطاقة، بل تستخدم عملية كهركيميائية لتوليد الكهرباء، ويمكنها القيام بدورها مادامت تزود بالهدروجين والأكسجين (انظر الإطار في الصفحة 20).

 

يوجد في قلب خلية وقود السيارة غشاء رقيق لتبادل الپروتونات Proton-Exchange Membrane PEM، وهو پوليمر (مادة پلاستيكية) مصنوع من الكربون والفلور، يقوم بدور الكهرل (الإلكتروليت) electrolyte لنقل الشحنة الكهربائية،  كما يقوم بدور حاجز فيزيائي يحول دون امتزاج وقود هدروجيني مع ذرات الأكسجين. تنتج الطاقة الكهربائية اللازمة لتسيير سيارة خلية الوقود من جرّاء سحب الإلكترونات من ذرات الهدروجين عند مواقع الحفز على سطح الغشاء. وبعدها تنتقل حاملات الشحنة، وهي أيونات الهدروجين أو الپروتونات، عبر الغشاء وتتحد مع أكسجين وإلكترون لتكوّن الماء، وهو النتاج الوحيد من العادم. وتُجمّع الخلايا الفردية في ما يسمى مكادس stacks (جمع مَكْدَس).

 

يختار المهندسون خلايا الوقود ذات غشاء تبادل الپروتونات PEM، لأنها تحوِّل نحو 55 في المئة من طاقة الوقود التي توضع فيها إلى شغل فعلي، في حين يبلغ رقم الفعالية أو الكفاية لمحرك الاحتراق الداخلي نحو 30 في المئة. وهناك مزايا أخرى مثل درجات حرارة التشغيل المنخفضة نسبيا (نحو 80 درجة سيلزية)، ودرجة معقولة من الأمان، والأداء الهادئ، وسهولة التشغيل وقلة متطلبات الصيانة.

 

خلال السنوات العشر الماضية، أُنفقت عشرات البلايين

من الدولارات على عربات تعمل بالهدروجين.

إن إنتاج سيارة تعمل بخلية الوقود على نطاق تجاري نحو عام 2015 يعتمد على التحسينات التي ستطرأ على تقانة الغشاء، الذي يستحوذ على نحو 35 في المئة من كلفة مَكْدَس خلية الوقود. ويضع الباحثون في اعتبارهم تحقيق عدد من التحسينات اللازمة مثل العبور المنخفض للوقود من أحد جوانب الغشاء إلى الجانب الآخر، ومزيد من الثبات الكيميائي والميكانيكي للغشاء ليوفر مزيدا من المتانة، والسيطرة على التفاعلات الجانبية غير المرغوبة، إضافة إلى قدرة أعلى على تحمل التلوث بشوائب الوقود أو تلك الناجمة عن نواتج جانبية غير مرغوبة مثل أحادي أكسيد الكربون. إضافة إلى ذلك كله، فإن المطلوب هو خفض شامل لكلفة جميع المراحل.

 

وفي خريف عام 2004 ترددت أنباء عن حدوث تطور خارق في تقانة الغشاء مما أحدث نشاطا ملحوظا في دوائر البحث في مجال خلايا الوقود. فقد أعلنت الشركة PolyFuel، وهي شركة صغيرة في مدينة Mountain View  بولاية كاليفورنيا، أنها صنعت غشاء من پوليمر هدروكربوني، تقول إنه يتمتع بأداء رفيع وكلفة منخفضة، ويتفوق بذلك على أغشية الپوليمرات المفلورة السائدة. ويقول <J.بالكوم>[مدير الشركة Poly Fuel] مبتسما «إنه يشبه لفافة الساندويتش». ويقدم عددا من الأسباب التي تجعل الرقاقة التي تشبه السيلوفان أفضل أداءً من الأغشية المفلورة وبخاصة المُنتَج Nafion من الشركة DuPont. فالغشاء الهدروكربوني يمكنه أن يعمل عند درجة حرارة أعلى من تلك التي تعمل عندها الأغشية الحالية، لتصل إلى نحو 95 درجة سيلزية، مما يسمح باستخدام مبردات (مشعاعات) radiators أصغر للتخلص من الحرارة وتبديدها. ويدّعي<بالكوم>أنها تدوم فترة تزيد بنحو 500 في المئة على الأغشية الفلوروكربونية، إضافة إلى أنها تولد قدرة تزيد بنحو 10-15 في المئة وتعمل عند مستويات رطوبة أدنى (أي إن متاعبها أقل). وبينما تكلف الأغشية الفلوروكربونية نحو 300 دولار للمتر المربع، فإن المادة التي أنتجتها الشركةPolyFuel تصل كلفتها إلى النصف (انظر الإطار في الصفحة 200). وعلى الرغم من أن العديد من الباحثين مازالوا يشككون في الأغشية الهدروكربونية، فإن الشركة هوندا استخدمتها في أحدث نماذج عرباتها(FCX) التي تعمل بخلايا الوقود.

 

نظرة إجمالية/ آلات خضراء(****)

■ اجتازت صناعة محركات العربات حديثا مرحلة مهمة حين نظّمت قوافل تجريبية على الطرقات لبعض سيارات خلايا الوقود (التي تبدو عملية بدرجة معقولة)، وذلك بعد نحو عشر سنوات من ظهور أول سيارة تجريبية على الطرقات. وخلال تلك الفترة، أنفق صانعو السيارات والحكومات عدة بلايين من الدولارات على البحث والتطوير، لكن الأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك قبل أن يبدأ إنتاج هذه السيارات على نطاق تجاري.

■ على الرغم من القوانين الصارمة المتعلقة بحدود التلوث المسموح بها واحتمال نقص مصادر النفط والتهديد الناجم عن الاحتباس الحراري، فإن إنتاج سيارات خلايا الوقود بكميات كبيرة لن يتحقق قبل منتصف العقد المقبل وربما بعد ذلك بكثير.

■ لا بد من حدوث تحسن كبير في القدرة على تخزين الهدروجين الذي تحمله السيارة، ومتانة خلايا الوقود وقدرتها إضافة إلى تقليل الكلفة، وذلك قبل أن يمكن تسويق سيارات خلايا الوقود. ولا بد أيضا من إقامة نظام لإنتاج الهدروجين وتوزيعه.

 

سرّ الحفّاز(*****)

يتمثل المفتاح الآخر لتشغيل غشاء التبادل الپروتوني في طبقة رقيقة من حفّاز (عامل مساعد) يحتوي على البلاتين ويغلف جانبي الغشاء ويشكل 40 في المئة من كلفة المَكْدس. ويقوم الحفّاز بتهيئة الهدروجين (من الوقود) والأكسجين (من الهواء) للمشاركة في تفاعل أكسدة وذلك من خلال مساعدته لكلا الجزيئين على الانقسام (الانشطار) والتأين وإطلاق أو استقبال پروتونات وإلكترونات. وعلى جانب الغشاء الذي يوجد فيه الهدروجين ينبغي أن يرتبط جزيء هدروجين (يحتوي على ذرتي هدروجين) بموقعين متجاورين من الحفّاز، مما يؤدي إلى إطلاق أيونات هدروجين موجبة الشحنة (پروتونات) تقوم بعبور الغشاء. ويحدث التفاعل المعقد على الجانب الأكسجيني حينما يتزاوج أيون هدروجين وإلكترون مع أكسجين ليتكون الماء. وينبغي التحكم الدقيق في التتابع الأخير حتى لا يؤدي إلى تكون منتجات جانبية هدامة مثل فوق أكسيد الهدروجين، الذي يقوض مكونات خلية الوقود.

 

ونظرا لارتفاع كلفة المكونات من المعدن الثمين (الپلاتين)، يسعى الباحثون إلى إيجاد طرق تهدف إلى تقليل المحتوى من الپلاتين. ولا تقتصر جهودهم على التوصل إلى طرق تزيد من نشاط الحفّاز، بحيث تستخدم كمية أقل من الپلاتين لإنتاج القوة أو الطاقة المحركة نفسها، بل تتعدى ذلك إلى تحديد كيفية تشكيل بنية ثابتة للحفّاز لا تتقوض مع مرور الوقت، وإلى تجنب حدوث تفاعلات جانبية تؤدي إلى تلويث الغشاء. ومن النجاحات التي تحققت في زيادة فاعلية الحفّاز تلك التي قام بها الباحثون في المؤسسة (3M 3M Corporation)، حيث صنعوا سطوح غشاء نانوية البنية، مغطاة «بغابات من أعمدة بالغة الدقة» مما يزيد مساحة التحفيز بشكل واضح. وركز توجه آخر على أساليب راوحت بين استخدام حفازات من معادن غير رخيصة مثل الكوبالت والكروم، أو استخدام حفازات تتكون من مُشتّتات دقيقة لجسيمات مدفونة في مواد مسامية مركبة.

 

تخزين الهدروجين الذي تحمله السيارة(******)

إن أحد المواضيع الرئيسية التي تشغل بال أنصار عربات خلايا الوقود، هو مدى قدرة المهندسين على تزويد العربة بكمية كافية من الهدروجين تفي بمتطلبات المستخدمين في الوصول إلى أهدافهم. إن خمسة إلى سبعة كيلوغرامات من الهدروجين تكفي لقيادة السيارة مسافة تبلغ نحو 400 ميل، لكن النماذج الأولية الحالية تستطيع حمل ما بين 3.5-2.5 كيلوغرام. ويقول<D.كامبل>[المدير التنفيذي للشركة Ballard Power Systems في مدينة ڤانكوڤر، وهي أكبر منتج لمكادس خلايا الوقود: «لا يعرف أحد في الحقيقة كيف يمكن تخزين ضعف الكمية الحالية في حجم معقول.»

 

نموذج أولي لسيارة خلية وقود هيدروجيني (*******)

يعتبر طراز سيارة هوندا FCX لعام 2005 مثالا نموذجيا لتقانة خلية وقود هدروجيني الحالية. ويمكن لهذه السيارة المدمجة ذات المقاعد الأربعة والتي تبلغ سرعتها القصوى 93 ميلا في الساعة، أن تقطع ما يزيد على 200 ميل. ويبلغ الاستهلاك المكافئ للوقود للقيادة داخل المدينة 62 ميلا لكل غالون من الوقود و51 ميلا لكل غالون عند القيادة على الطرقات السريعة. ويتوافر في مكدس خلايا وقود السيارة FCX، الذي صممته هوندا بكلفة منخفضة، غشاء مصنوع من پوليمر هدروكربوني يتمتع بمتانة عالية. وهناك مكثف فائق الكفاءة ـ وهو جهاز يقوم بتخزين الطاقة في الحقول الموجودة بين اللوحات المشحونة كهربائيا ـ يستطيع توفير قدرة إضافية أثناء التجاوز أو صعود المرتفعات. أما الطاقة الثانوية الناجمة عن نظام المكابح المتجدد فيتم اختزانها بوساطة المكثف الفائق الكفاءة.
http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004218.jpg

ويُخزَّن الهدروجين عادة في خزانات ضغط كغاز تحت ضغط عالٍ عند درجات الحرارة العادية. ويعمل الكثير من فرق المهندسين على مضاعفة كمية الضغط الحالية البالغة 5000 رطل لكل بوصة مربعة(psi) الخاصة بخزانات الضغط المصنوعة من مواد مركّبة. إلا أن مضاعفة الضغط لا تزيد طاقة التخزين إلى الضعف. ولقد تم بنجاح اختبار نُظم الهدروجين السائل التي تختزن الوقود عند درجات حرارة أقل من (253) درجة سيلزية تحت الصفر، إلا أن هذه النظم تعاني مشكلات رئيسية: إذ إن نحو ثلث الطاقة المنتَجة من الوقود يجب أن يستخدم للحفاظ على درجات الحرارة المنخفضة ليبقى الهدروجين سائلا. وعلى الرغم من العزل الكامل، فإن التبخر عبر مانعات التسرّب يُفقد هذه الأنظمة يوميا نحو 5 في المئة من مجموع الهدروجين المخزون.

 

هناك العديد من تقانات التخزين البديلة التي يجري تطويرها، لكن دون أن يحدث تقدم موثوق. ويقول<L.بيرنز>[نائب الرئيس لشؤون البحث والتطوير والتخطيط في الشركة جنرال موتورز]: «هناك فارق واضح بين ما يمكن تنفيذه في المختبر وبين نظام تخزين كامل التصميم يمكن التوصل إليه بحيث يدوم طويلا ويكون مدمجا وصغير الحجم.»

 

ومن المحتمل أن تحتل نظم هدريد المعادنmetal hydride مركز الصدارة بين تقانات التخزين، حيث يمكن لمعادن عديدة وسبائك alloys أن تحمل الهدروجين على سطوحها إلى أن ينطلق للاستخدام بمفعول الحرارة. ويفسر<R. ستمپل>[رئيس ECD Ovonic وهي جزء من الشركة Texaco Ovonic Hydrogen System التي تحتل المركز الأول في هذا المجال] بقوله: «فكر في إسفنجة للهدروجين.» ويتم في هذه التقانة تعبئة غاز الهدروجين في خزانات تحت الضغط، وعندها يرتبط الهدروجين بالشبيكة البلورية للمعدن المعني من خلال تفاعل يمتص الحرارة. وتسمى المركبات الناتجة هدريدات المعادن. وتستخدم الحرارة الزائدة من المكادس لعكس التفاعل مما يؤدي إلى إطلاق الوقود. وفي الشهر1/2005، أطلقت كل من الشركة جنرال موتورز ومختبرات سانديا الوطنية برنامجا كلفته عشرة ملايين دولار ويستمر أربع سنوات بهدف تطوير نظم تخزين هدريد المعادن وتعتمد على هدريد صوديوم ألومنيوم.

 

خلايا الوقود من الداخل(********)

تعمل خلية الوقود كبطارية قابلة لإعادة الشحن، وتقوم بتوليد الكهرباء مادام تزويدها بالهدروجين والأكسجين مستمرا. وتتكون خلية الوقود التي تحتوي على غشاء تبادل پروتوني (PEM) (في اليسار) من مَسْرَيَيْن (إلكترودين) رقيقين مساميين، وهما المسرى الموجب (المصعد) anodeوالمسرى السالب (المهبط) cathode، يفصلهما كهرل electrolyte مكون من غشاء پوليمري صلب، ويُغطَّى سطح واحد لكل مسرى بحفاز يحتوي على البلاتين. وبعد أن تدخل ذرات الهدروجين إلى الخلية (1) يقوم حفّاز المسرى الموجب بفصلها إلى إلكترونات وپروتونات (2) وتتوجه الإلكترونات عبر دارة خارجية لتشغيل محرك القيادة (3)، في حين تهاجر الپروتونات عبر الغشاء (4) إلى المسرى السالب. وهنا يقوم الحفاز على ذلك الجانب بتوحيد الپروتونات مع الإلكترونات العائدة وكذلك مع أكسجين الهواء لتوليد الماء والحرارة (5). ويحشد عدد كبير من الخلايا في مكادس لإنتاج جهد كهربائي عال (6).

تدّعي الشركة PolyFuel صانعة الأغشية الهدروكربونية أن هذه الأغشية تدوم لفترة أطول وتولد طاقة أكبر وهي أقل كلفة من أنواع الأغشية الفلوروكربونية الحالية. ويعتمد مفهوم هذه الشركة على دمج مجموعات من أصناف الپوليمرات الفائقة التوصيل لتسهل مرور الپروتونات وتزيد من إنتاج الطاقة. وهذه المواد الموصلة ترتبط بمجموعات من الپوليمرات الفائقة المتانة التي من شأنها تقوية ودعم بنية الغشاء وتحسين مدة خدمته. ونظرا لأن نوعي الپوليمرات لهما قابلية كيميائية ضعيفة أحدهما تجاه الآخر فإن كلا منهما ينفصل عن الآخر أثناء المعالجة ليتوزعا بين المجموعتين العاملتين، مما يسهل عملية التصنيع.

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004219.jpg

 

ونظرا لثقل نظم تخزين هدريد المعادن (حيث تزن نحو 300 كيلوغرام)، قام الباحثون في جامعة دلفت للتقانة بهولندا بابتكار طريقة لتخزين الهدروجين في ثلج الماء water ice1 على شكل هدرات الهدروجين hydrogen hydrates، حيث يتم احتباس الهدروجين في تجاويف الثلج التي تكون بحجم الجزيئات. وبطبيعة الحال فإن الماء أخف كثيرا من سبائك المعادن. لكن هذه المقاربة غير عملية بسبب صعوبة تكوين هدرات الهدروجين، نظرا لحاجتها إلى درجات حرارة منخفضة وضغوط شديدة الارتفاع تبلغ نحو000 36رطل لكل بوصة مربعة. ومن خلال تعاون فريق جامعة دلفت مع مدرسة كولورادو للمناجم، تم التوصل إلى استخدام مادة كيميائية «مُعَزِّزة» promoter وهي رباعي هدروفيوران، تستطيع تثبيت هدرات الغاز عند ضغط أقل كثيرا يصل إلى 14500 رطلا لكل بوصة مربعة. ومن الناحية النظرية، يمكن استخدام 120 لترا من الماء (تزن 120 كيلوغراما) لتخزين نحو ستة كيلوغرامات من الهدروجين.

 

مكادس مجمّدة(*********)

في صباح يوم بارد عاصف من أواخر الشهر11/2004، تجمع عدة مئات من المواطنين خلف مبنى برلمان ولاية نيويورك في مدينة ألباني، ليستمعوا إلى ترحيب الحاكم<E.G.پاتاكي>بإطلاق ولاية نيويورك لاثنتين من سيارات هونداFCXالتي تعمل بخلايا الوقود. وكانت حرارة الجو هي ما جعلت هذا الحدث ملحوظا، إذ إن جميع برامج العروض السابقة لسيارات خلايا الوقود حدثت في أجواء أكثر دفئا، وكان القصد من ذلك إثبات أن مكادس خلايا الوقود لهذه السيارات لن تتجمد. وفي التصاميم السابقة كان يمكن لدرجات الحرارة التي تقل عن الصفر أن تحوّل الماء السائل إلى بلورات ثلج متمددة، أي ذات حجم زائد، مما يمكن أن يؤدي إلى خرق الأغشية أو تمزيق خطوط الماء. وقد قام مهندسو الشركة هوندا في وقت مبكر من السنة بإظهار قدرة وحدات خلايا الوقود الخاصة بهم على الصمود أمام ظروف الشتاء، وهذا يعتبر إنجازا هندسيا مهما لمجتمع الباحثين في مجال خلايا الوقود.

 

خلايا وقود مقاومة للتجمد(**********)

كان صناع مكادس خلايا الوقود يهدفون دائما إلى مقاومة درجات الحرارة دون الصفر المئوي؛ ذلك أن المكادس إذا تجمدت يتحول الماء بداخلها إلى ثلج، وهذا يؤدي إلى ثقب الأغشية وانسداد الأنابيب. وقد بيّن مهندسو الشركة هوندا في عام 2004 أن محرك السيارةFCX ذات الباب الخلفي (في اليسار) التي تعمل بمحرك خلايا وقود يمكن أن يُشَغَّل وبشكل متكرر عند درجة حرارة 200 سيلزية تحت الصفر. وتوصل الباحثون في الشركتين دايملر -كرايزلر وجنرال موتورز إلى نتائج مشابهة في المختبر تتعلق بتجمد المكادس (في الأسفل) ، ويبدو أن السر في هذا الأمر يتعلق بحفظ جميع الماء داخل النظام في الحالة البخارية.
http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004220.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004221.jpg

 

 

لا أحد يعرف حقا كيف يمكن تخزين كمية كافية من الهدروجين في حجم معقول.

وبعد الخطاب أوضح<B.نايت>[نائب رئيس البحث والتطوير في هوندا الأمريكية] أن نماذج سيارات هوندا FCX لعام 20055 المقاومة للتجمد، يمكن تشغيلها بشكل متكرر عند درجات حرارة تبلغ 200 درجة سيلزية تحت الصفر. وتدّعي شركات سيارات أخرى بما فيها دايملر-كرايزلر وجنرال موتورز أنها نجحت أيضا في تجارب مختبرية لتشغيل المكادس عند درجات حرارة منخفضة. (انظر الإطار في هذه الصفحة).

 

وإضافة إلى إمكانية تشغيل نموذج هوندا FCX لعام 2005 الذي يعمل بخلايا الوقود عند درجات الحرارة المنخفضة في منتصف الشتاء، تُظْهِر هذه السيارة، وهي سيارة مدمجة بأربعة مقاعد وذات باب خلفي، مزايا تقنية أخرى تفوق النموذج الذي ظهر منذ عامين. وتعتبر السيارة FCX غير عادية لأنها تستخدم، مثلا، مكثفا فائق الكفاءة، وهو جهاز يختزن الطاقة في المجالات الكهربائية بين صفائح الأقطاب المشحونة، مما يؤدي إلى التزويد بدفعات قصيرة من القدرة الإضافية أثناء التجاوز أو صعود المرتفعات. هذا في حين يستخدم معظم صناع السيارات بطاريات لهذا الغرض.

 

قضايا البنية التحتية(***********)

في نفس ذلك اليوم من الشهر 11 تجمع بعد ذلك حشد أكثر حماسا بمناسبة النصف الثاني من الاحتفال، تجمعوا في مركز لاثام Latham القريب، وهو المركز الرئيسي للشركة Plug Power في ولاية نيويورك التي تصنع الوحدات الثابتة لإنتاج الطاقة من خلايا وقود هدروجيني، والتي تستخدم لدعم استخدامات القدرة أو القوة. وكانت المجموعة المبتهجة التي تتكون أساسا من العاملين في المركز Plug Power قد تجمعت هناك لتحتفل بافتتاح محطة تزويد بوقود  هدروجيني كانوا قد طوروها بالتعاون مع مهندسي الشركة هوندا. وكانت محطة بيت الطاقة II تحتوي على محطة كيميائية مُصغرة ـ مركز وحدة تحسين (تهذيب) تعمل بالبخار steam reformer ـ تقوم باستخلاص وقود هدروجيني من الغاز الطبيعي المدفوع فيها، باستخدام طريقة تعتمد على البخار. ويقول<R.سيلانت>[المدير التنفيذي في المركز Plug Power] «إن حجمها يبلغ نصف حجم النسخة السابقة.» ويضيف «إضافة إلى قيامه بإعادة تزويد العربات بالوقود، فإن النظام يغذي بالهدروجين مكدس خلية وقود لإنتاج الكهرباء التي نستخدمها في تدفئة مبنى مركزنا الرئيسي، الذي تجري تدفئته جزئيا أيضا بوساطة الحرارة الضائعة التي تولدها الوحدة.»

 

وعلى أصوات الموسيقى الصاخبة، سارت إحدى سيارات FCX نحو مضخة التزويد بالوقود، وهي صندوق معدني بحجم موقد مطبخ فاخر تم تركيبه في موقف سيارات الشركة. وفي البداية قام مسؤول بوصل السيارة بالأرض بواسطة سلك لتفريغ الشحنة، ثم سحب خرطوم الوقود من المضخة نحو فوهة تزود سيارة FCX بالوقود ثم أدخل فم الخرطوم وأحكم وضعه في مكانه المحدد. وانتهت عملية تزويد الوقود بعد نحو خمس أو ست دقائق. وأوضح<نايت>أن المضخة تنتج كمّا من الهدروجين يكفي لإعادة تزويد عربة خلايا وقود واحدة كل يوم.

 

محطات غاز الهدروجين(************)

مازالت المحطات التي تزود بوقود هدروجيني نادرة الوجود. ويتوافر حاليا في جميع أنحاء العالم نحو 70 وحدة عاملة للتزويد بوقود هدروجيني: منها 24 وحدة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا و12 وحدة في اليابان وعشر وحدات في أمكنة أخرى من العالم. وتوضح الصورة عملية تزويد سيارة فورد فوكَس فئة FCV بالهدروجين المضغوط، وهذه العملية تستغرق في المعدل نحو خمس دقائق. ولا بد قبل البدء بالتزويد من وصل السيارة بسلك أرضي لتجنب تكوّن الشرارات الكهربائية. وقد قام الفرع الأمريكي للشركة هوندا في مركزه بمدينة تورانس في كاليفورنيا ببناء محطة خدمة (في الأسفل) يتم فيها شطر الماء إلى الأكسجين ووقود هدروجيني، باستخدام طاقة يولدها صفيف شمسي كهرضوئيphotovoltaic. وتعتبر هذه الطريقة نموذجا مثاليا لإنتاج الهدروجين الأخضر (الذي لا يسبب تلوث البيئة).
http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004222.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004223.jpg

 

وبعد ذلك، ناقش<نايت>المشكلات التي تواجه تطور البنية التحتية للهدروجين قائلا: «إنها مشكلة البيضة والدجاجة، إذ ليس هناك طلب أو حاجة إلى سيارات أو ناقلات تعتمد على خيارات محدودة للتزويد بالوقود، لكن أحدا لا يريد أن ينفق مبالغ ضخمة لتوفير بنية تحتية قبل أن تتوافر قوافل من العربات على الطرقات. وهكذا فإن السؤال هو : كيف تخلق الطلب؟ [انظر: «تساؤلات حول اقتصاديات الهدروجين»، مجلة العلوم ، العددان 6/7(2004)، ص20].

 

قدرت دراسة أجرتها الشركة جنرال موتورز أن هناك حاجة إلى إنفاق ما بين 10 و 15 بليون دولار لبناء700 11محطة تزويد بالوقود، وهو العدد الكافي الذي يجعل السائق لا يبعد أكثر من ميلين عن محطة وقود هدروجيني في معظم المناطق الحضرية الرئيسية، وهكذا تصبح المسافة بين كل محطة والتي تليها على الطرقات السريعة نحو 25 ميلا. إن هذا التركيز في محطات الهدروجين في المناطق الحضرية يمكنه أن يخدم ما يقدر بنحو مليون عربة تعمل بخلايا الوقود. ويصرخ<B.كامبل>قائلا: «إن إنفاق 12 بليون دولار على تمديدات نظم الكبلات يعتبر تحولا مهما، إذا عرفنا أن مُشغلي الكبلات ينفقون مبلغ 85 بليون دولار على تمديدات نظم الكبلات.»

 

وتشكل محطة تزويد الوقود في لاثام، إضافة إلى عشرات المحطات الأخرى المنتشرة من أوروبا إلى كاليفورنيا إلى اليابان، الخطوات الأولى المترددة تجاه بناء البنية التحتية. وقريبا، وفقا لما يقوله<كامبل>، هناك سبعون محطة جديدة ستبدأ بالعمل في مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى أن برنامج طرق كاليفورنيا السريعة للتزويد بالهدروجين حدد لنفسه هدفا بإنشاء 200 محطة جديدة.

 

وحديثا قدرت لجنة من الأكاديمية الوطنية للعلوم، أن عملية التحول إلى «اقتصاد الهدروجين» قد تستغرق عقودا من الزمن، لأن هناك العديد من التحديات الصعبة، ومن ضمنها كيفية إنتاج وتخزين وتوزيع الهدروجين بكميات كافية وبكلفة معقولة، دون أن يؤدي ذلك إلى إطلاق غازات الدفيئة (الملوثة) التي تسهم في احترار الغلاف الجوي. ولسوء الحظ، فإن استخلاص الهدروجين من غاز الميثان يولد ثنائي أكسيد الكربون، وهو من غازات الدفيئة الأساسية. ومن ناحية أخرى، إذا اعتمدت مصادر الطاقة اللازمة لعملية التحليل الكهربائي للماء لتوليد الهدروجين والأكسجين على حرق الوقود الأحفوري، فإن ذلك سوف يولد أيضا غاز ثنائي أكسيد الكربون. وإضافة إلى ذلك فإن غاز الهدروجين له قابلية عالية للتسرب من السيارات ومن منشآت إنتاجه إلى الجو، وهذا من شأنه أن يتسبب في تفاعلات كيميائية تولد غازات الدفيئة. وأخيرا فإن استخدام الوقود الأحفوري لإنتاج الهدروجين يستهلك طاقة أكبر من تلك الكامنة في الهدروجين الناتج.

 

طور الباحثون في Idaho National Engineering and Environmental Laboratory and Cerametec في مدينة سولت لايك طريقة لتحليل الماء كهربائيا وإنتاج هدروجين نقي باستخدام كمية أقل بكثير من الطاقة مقارنة بالطرق الأخرى. ويشير عمل الفريق إلى أعلى معدل إنتاج معروف للهدروجين عن طريق التحليل الكهربائي عند درجات الحرارة العالية. وتعتمد  طريقتهم على جعل الكهرباء تسري عبر الماء الذي سبق تسخينه إلى حرارة تقارب 1000 درجة سيلزية. وعندما تنشطر جزيئات الماء إلى هدروجين وأكسجين، تقوم مصفاة خزفية بفصل الأكسجين عن الهدروجين. ويمتلك الهدروجين الناتج نصف قيمة الطاقة التي استخدمت في إجراء العملية، وهذا أفضل من الطرق الأخرى المنافسة.

 

ويجادل مؤيدو استخدام الهدروجين بأن الحجج التي تثار حول البنية التحتية تشكل محاولة للتضليل. وفي هذا المجال يوضح<كامبل>«أن الصناعة الأمريكية حاليا تنتج بين 50 و 60 مليون طن من الهدروجين سنويا، وهكذا فإن الأمر لا يبدو وكأنه لا تتوافر أية خبرات في التعامل مع الهدروجين.» لكن صناع السيارات لهم رأي آخر، حيث يشكو<H.كوهلر>[نائب رئيس أبحاث الهياكل وطاقة التشغيل في الشركة دايملر-كرايزلر] قائلا: «إن ما يراوح بين 50 و 60 في المئة من المشكلات التي تواجه خلايا الوقود تعود إلى الملوثات الموجودة في الهدروجين الذي نشتريه من الصناعة، وهكذا يجب على الصناعات الكيميائية أن تقوم بواجبها لحل هذه المشكلة.»

 

حرية التصميم في سيارات خلايا الوقود(*************)

تحمل سيارة جنرال موتورز الجديدة من الفئة  Sequel التي تعمل بخلايا الوقود (في اليسار) ما يكفي من الوقود لتقطع مسافة  300 ميل، وهو الحد الأدنى المقبول. ويمكنها ذلك من خلال تزويدها بسبعة كيلوغرامات من الهدروجين داخل هيكل متحرك تبلغ سماكته 11 بوصة (الشكل السفلي الأيسر) وهو يحتوي أيضا على معظم نظم القيادة العاملة للسيارة الرياضية SUV. وتُظهر هذه السيارة كيف يمكن لجميع العربات الكهربائية أن تحرر تفكير مصممي السيارات بحيث يعيدون النظر في هيكل وشكل نماذج المستقبل. ونظرا لإمكانية الاستعاضة عن المكونات الميكانيكية ببدائل إلكترونية بالكامل، فإن التصميم الداخلي يصبح متاحا للتصرف به (الشكل السفلي الأيمن). ويعلق <R.بونافايس> [مدير التصميم المتقدم في الشركة جنرال موتورز] قائلا: «تصور كل المساحة المتوافرة عند الاستغناء عن عجلة القيادة الكبيرة.» ويستطرد قائلا: «سيكون لدينا ما يكفي من المساحة لوضع صندوق تخزين كبير في مقدمة العربة، وهو أمر لم نسمع به من قبل، ولا شك أن الأهل سوف يحبون ذلك.»
http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004224.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004225.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N9_H03_004226.jpg

 

 

ويُشبّه<B.ماك كورمك>[المدير التنفيذي لأنشطة خلايا الوقود في الشركة جنرال موتورز] الاستثمار في عمليات إقامة بنية تحتية للهدروجين في القرن الحادي والعشرين بالاستثمار في بناء سكك الحديد في القرن التاسع عشر أو بإنشاء شبكة الطرق السريعة بين الولايات في القرن العشرين. ثم يتنبأ «بأن التساؤلات التي سوف تطرح قريبا ستتركز حول اتخاذ القرارات الخاصة بكيفية تأمين الأموال اللازمة، وستكون هذه المسألة أكثر أهمية من التساؤلات حول التقانة.»

 

إن توفير حلول لذلك العدد الذي لا يحصى من المشكلات التقنية والتسويقية هو ما سيحدد إن كان الإنتاج التجاري لعربات خلايا الوقود، الذي يشكل قطب الرحى في اقتصاد الهدروجين المقترح، سوف يتوافر بعد 10 سنوات أو بعد 50 سنة.

 

 المؤلف

Steven Ashley

كاتب ومحرر في مجال التقانة.

 

مراجع للاستزادة 

Available online at:

Ballard Power Systems: www.ballard.com/

Daimler Chrysler: www.daimlerchrysler.com/dccom

ECD Ovonics: www.ovonic.com/

Ford: www.ford.com/en/default.htm

General Motorswww.gm.com/

Honda: www.honda.com/index.asp?bhcp=l

Poly Fuel: www.polyfuel.com/

Toyota: www.toyota.com/

Scientific American, March 2005

 

 (*)ON THE ROAD TO FUEL-CELL CARS

  (**)Stumbling Blocks

 (***)Stack lssues

 (****)Overview/ Green Machines

(*****)Catalyst Conundrum

(******)Onboard Storage

 (*******)Hydrogen Fuel-Cell Prototype

(********)Inside Fuel Cessl

 (*********)Freezing Stacks

(**********)Freeze-Proof Fuel Cells

 (***********)Infrastructure lssues

(************)Hydrogen Gas Stations

(*************)Fuel-Cell-Driven Design Freedom

 

(1) نوع من الحلوى يصنع من الثلج المجروش والسكر ومكسبات النكهة. (التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى