أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الحيوان

حماية تتعدى عالَم الحيوان

حماية تتعدى عالَم الحيوان(*)

غالبا ما تؤدي اختبارات السلامة الفائقة الدقة
إلى فائدة غير متوقعة تقلل من معاناة الحيوان.

<M.A.گولدبيرگ> ـ< Th.هارتونگ>

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/84.gif

 

خلال عدة أشهر من عام 1999، كانت الأرانب المزغبة الأقدام وذات الآذان الكبيرة العريضة والعيون الحزينة، تطارد مرشح الرئاسة <A.گور> أثناء حملته الانتخابية. وتعود جريمة <گور> [نائب الرئيس] إلى أنه سبب معاناة أو نفوق نحو مليون حيوان نتيجة مبادرته لإطلاق برنامج الاختبارات السمية الكيميائية. ويعتقد معظم المراقبين أن هذا البرنامج جاء متأخرا جدا.

قبل عامين من ذلك كانت المجموعة التي تدعى حاليا حماة البيئة، قد استنتجت أن هناك معلومات كافية مؤكدة حول سلامة نحو ربع المئة ألف فقط من المواد الكيميائية الشائعة الاستعمال، وأن كلا من وكالة حماية البيئة ومجموعة التجارة المعروفة حاليا بالمجلس الكيميائي الأمريكي، كانتا قد وافقتا على ذلك. لقد دعا <گور> جميع الجهات المهتمة بالموضوع ـ الفعاليات البيئية، المنظمون والمصنعون ـ إلى المبادرة ببدء برنامج لإنجاز اختبارات السلامة الدنيا على 2800 مادة كيميائية تنتجها الولايات المتحدة الأمريكية أو تستوردها بأكثر  من مليون رطل (پاوند) في العام الواحد. ويمكن الاطلاع على هذه المعلومات، التي تم الحصول عليها على موقعٍ عام في شبكة الوِب .web

 

 

 طالبت مجموعة صغيرة من العلماء تنتشر حول العالم ولعدة عقود بإيجاد طرق لحل الصراع بين السلامة والرفق بالحيوان.

 

 

لقد أكد الأرنب العملاق على الحقيقة الأساسية التالية: يُضحى سنويا بملايين الحيوانات في اختبارات السمية الروتينية، ويمكن أن تسبب البرامج المستقبلية زيادة كبيرة في هذه الأرقام. لقد وضعت وكالة حماية البيئة EPAقائمة أولية لنحو ثمانين ألف مادة كيميائية، يجب أن تجمع حولها معلومات السلامة الأساسية؛ إضافة إلى ذلك فهي تطمح إلى المطالبة بمبادرة لحماية صحة الطفل Children’s Health Initiative وذلك بفحص الظواهر المرافقة، مثل التأثيرات الطويلة الأمد لتعريض الأجنة للمادة الكيميائية. في حين ركّزت جهود أخرى لوكالة حماية البيئة على العواقب العصبية للتعرض للرصاص وللزئبق وللسموم المشابهة الأخرى في الإنجاب والنمو أو التنامي. وعبر المحيط الأطلسي سوف يقوم برنامج التسجيل والتقييم والترخيص للكيميائياتRegistration, Evaluation & Autorization of CHemicals  (المسمى اختصاراREACH)بتقييم سلامة ثلاثين ألف مادة كيميائية منتجة أو متاجر بها في أوروبا بما يزيد على طن متري واحد (1000 طن) سنويا. وفي عام 2001 قام مجلس الأبحاث الطبية البريطاني بحساب تكلفة هذا البرنامج لوحده والتي تقدر بنحو 11.5 بليون دولار ويتطلب مدة تصل إلى 40 عاما وإلى استخدام ما يزيد على 13  مليون حيوان. وإجمالا، تترقب البرامج الحالية استخدام مئات الملايين من الحيوانات وعشرات البلايين من الدولارات لتحديد سلامة المواد الموجودة في الأسواق فقط. وفي كل عام تضيف الصناعة إلى قائمة اختراعاتها الآلاف من المواد الكيميائية.

قام باحثان من مجموعتنا [ينتميان إلى جماعة صغيرة من علماء ينتشرون حول العالم في نطاق الصناعة والجامعات والحكومات] بالمطالبة لعقود بإيجاد طرق لحل الصراع بين السلامة والرفق بالحيوان. يوفر لنا برنامج <گور> فرصة لتوضيح تحذيراتنا. وبناء على طلب حماة البيئة Environmental Defense، دعا أحد الباحثين [وهو الذي ينتمي إلى مجموعتنا <گولدبيرگ>] باحثين آخرين [من جامعة جون هوپكنز وجامعة كارنييگي وجامعة پيتزپورگ] إلى استقصاء كيف يمكن لبرنامج <گور> أن ينجز أهدافه بأقل عدد من الحيوانات.

كان البرنامج يتضمن جمع أقل كمية ممكنة من المعلومات، تسمى مجموعة مسح بيانات المعلومات التي أوصت بها منظمة التعاون الاقتصادي والتنموي (OECD) لتقييم الخطر الكامن في المواد الكيميائية. تتطلب حاشدةbatteryالاختبارات هذه بشكل نموذجي 430 حيوانا لكل مادة كيميائية. ولحسن الحظ، تقبل المنظمة OECD ـ التي تطالب بتنسيق القواعد العلمية وغيرها لثلاثين بلدا صناعيا، من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية ـ ببروتوكولات مبتكرة محددة لحاشدة مجموعة البيانات، والتي تتطلب عددا أقل من الحيوانات. استطاع الخبراء باستخدام إرشادات المنظمة وأيضا باستخدام بعض البروتوكلات المعادة التصميم، استخلاص نتائج متعددة من اختبارات مفردة، وقد بيَّنا أنه يمكن إنقاص عدد الحيوانات نحو 80% ـ أي إلى 86 حيوانا ـ دون فَقْد للمعلومات.

 

 

نظرة اجمالية/ علم السموم الجديد(**)

 

عادة ما يستهلك اختبار سلامة المواد المنزلية والزراعية وغيرها من المواد الكيميائية كما هي حال المنتجات الطبية ملايين عديدة من الحيوانات كل عام في إعداد البروتوكولات التي غالباً ما تكون مؤلمة جدا.


الطرائق الجديدة ـ التي تشمل استنبات الخلايا والنسج، وهي تصور غير عدواني أو إحصائيات سهلة ـ والمعاناة المشمولة بها، تقلل كثيرا الحاجة إلى الاختبار على الحيوان.


علم السموم الجديد هو علم أكثر دقة ويعتمد على أدلة علمية ويمكن له أن يوفر الزمن والمال.

 

تم الطعن طويلا في الأبحاث المجراة على الحيوانات من قبل ناشطين، وذلك للاعتذار عن هذه الأبحاث، وقد استهزأ بهم العديد من العلماء وادّعوا أنهم مدفوعون بشعور عاطفي مفرط تجاه الحيوانات، وعلى الرغم من ذلك فقد وجد علم البدائل للاختبار على الحيوان نقطة تلاقٍ ضيقة بين الرفق بالحيوان والعلم الدقيق. يبدل هذا الحقل الطرائق التي يتم فيها تطوير المواد الكيميائية والمنتجات البيولوجية واختبار سلامتها.

 

اختزال، تحسين، استبدال(***)

 

تتفاوت المتطلبات المشروعة للاختبارات بشكل كبير حول العالم. ففي الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، لم يعد بالإمكان منذ عام 2003 بيع أية مادة تجميلية في منتج نهائي أو أي من مكوناتها يجري اختبارها على الحيوانات، في حال وجود بدائل معتمدة. ويجب أن يصبح تحريم إجراء الاختبارات على مكونات المواد التجميلية على الحيوانات مطبقا في عام 2009. وفي المقابل، فان إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، التي تنظم المواد التجميلية في الولايات المتحدة الأمريكية، تطلب فقط توافر بيانات سلامة معينة، ويزداد تأكيد هذه المتطلبات بعد تسويق هذه المواد. وبمرور الوقت، طورت إدارة الغذاء والدواء إرشاداتها في التعامل مع الشكاوى المتعلقة بالسلامة؛ يتعلق هذا المطلب، بشكل خاص، باختبار درايز العينيDraize eye test المثير للجدل. ويتطلب البروتوكول في هذا الاختبار، وضع المادة في عيون الأرانب البيضاء لقياس التفاعل المحدث.

 

إن كلا من وكالة حماية البيئة (EPA) ونظرائها الأوروبيين، من جهة أخرى، يحددون المنهج اللازم لتقييم المادة الكيميائية الزراعية. فاختبار مبيد حشري واحد يتطلب سنتين على الأقل ونحو عشرة آلاف حيوان من أنواع مختلفة. يقرر العلماء أولاً فيما إذا كانت المادة الكيميائية تمتص من خلال الجلد، أو أنها يمكن أن تستنشق، أو فيما إذا كانت تترك أثرا في المحاصيل الغذائية، والتي يمكن بذلك أن تدخل الجسم. في كل من هذه المسالك، هناك حاجة إلى الإجابة عن أسئلة مختلفة ـ على سبيل المثال: الفترة التي يمكن أن يتعرض لها أحد الأشخاص، ما هي كمية المادة التي يمكن أن يمتصها الجسم، وكيف يمكن لها أن تتوزع فيه، وذلك لأجل كل فرد وفي أعمار مختلفة، بما في ذلك الأجنّة.

 

 

(البدائل) علم جديد ينضج(****)

 

البدائل اختبارات السلامة التقليدية
استبدلت الصناعة الاختبارات جزئيًا بتجارب في المختبر وفي السيليكون. وافقت المنظمةOECD على  المقاربة في المختبر in vitro من أجل  الامتصاص الجلدي. حركية السم toxicokinetic تقيس امتصاص وتوزع واستقلاب وإطراح المادة الكيميائية. تُغذَّى الحيوانات بالمادة الكيميائية التي تُجمع منها عينات الدم والبول والبراز؛ وبعدها تقتل الحيوانات لإيجاد 100% من المركب الأصل ومستقلباته في أعضاء الأجهزة في الجسم. http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/018s.gif
قبلت المنظمةOECD ببدائل  لأجل التآكل والسمية الضوئية والتحسس؛ وهناك تقدم في دراسات المصادقة من المركزالأوروبيECVAM من أجل التهاب الجلد والعين والتفاعلات الأرجية والسمية الضوئية. علم السموم الموضعيtopicaltoxicology يُقَيم تأثيرات المادة الكيميائية في الجلد والعيون، وأحيانا في الأغشية المخاطية الفموية المهبلية. يوضع المركب على الغشاء ثم يُفحص الاحمرار والتقرح والتآكل. http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/019s.gif
برهنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمويOECD على استراتيجية الحاجة إلى ستة عشر حيوانا في المتوسط؛ يطور المركزECVAMاستراتيجية لا يُستعمل فيها أي حيوان. تفحص اللجنةICVAMوالمركزECVAM سوية المقاربة في المختبر لتحديد الجرعة الأولية لدراسة الجرعة المميتة LD50، لنصف حيوانات التجربة التي يمكن أن تختزل عدد الحيوانات إلى ستة لكل مادة كيميائية. السمية المجموعية أو الجملية الحادةacut systemictoxicity تحدد  تأثيرات تناول مادة لمرة واحدة أو لعدة مرات خلال 24 ساعة، مع توالي القياس خلال14 يوما.  وتشمل الجرعة المميتة الكلاسيكية لنصف حيوانات التجربة LD50تقديم جرعات مختلفة من المادة لست أو سبع مجموعات من الحيوانات لتحديد الجرعة المتوسطة اللازمة لقتل نصف حيوانات المجموعة. إنها تتطلب بشكل نمطي 140 حيوانا. http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/115.gif
لم يُصادق رسميا على أي اختبار. تتضمن المقاربات المستعملة قياس وظائف خلوية معينة وحصيلة جينات كثيرة، وكذلك دراسات نوعية مؤذية للحيوان، متضمنة التصويرMRI والمسح  الطبقي المحوري (PET) والفوتونات الحيوية biophotonics. سمية تكرار الجرعة والسمية المزمنة repeatDose/ chronictoxicity هي  اختبارات تقيس قصور عضو الجهاز عن إنجاز وظيفته الطبيعية تحت التأثير المستمر لمادة كيميائية. وهناك العديد من الطرائق المطبقة على الحيوان هي قيد الاستعمال؛ إنها تتطلب تقديم جرعات إضافية عديدة إلى العضوية وتقييم الحصيلة. http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/020s.gif
تطبق في الصناعة دراسات غير مؤذية على حيوانات كاملة، وهناك كثير من المقاربات في المختبر. صادق المركزECVAM على ثلاث طرائق لسمية الأجنة؛ وهناك طرق أخرى الآن في طور ما قبل المصادقة. السمية على التنامي والسمية على التكاثرdevelopmental/reproductiontoxicity تقيس  تأثيرات التعرض للمادة الكيميائية في النطاف وفي البيوض، وفي تطور الأجنة وقابلية الإنجاب، وكذلك أية تأثيرات متأخرة بعد البلوغ. عولجت إناث حيوانات بمركَّب، وقيست حصيلة التوالد. وتقيس اختبارات مشابهة على الذكور صحة الذكر التوالدية. http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/108.gif
وهناك العديد من المختبرات تستعمل مقايسات آيمز للطفرات البكتيرية AmesBacterialMutagenesisAssay وغيرها  من الاختبارات في المختبر، التي تراقب التطفير في البكتيرات أو في الخلية. ومازال هناك العديد من دراسات مصادقة المركزECVAM في طريقه للإنجاز. العوامل المسرطنة / العوامل المطفرةcarcinogenensis/mutagenensis تقيس دراسات إمكان مركب ما لإنتاج أورام. نظريا تُعرَض الحيوانات طوال حياتها للمركب، وتُقوّم الأورام الناتجة؛ وفي الواقع إن الدراسات على الحيوانات نادرة بسبب تكلفتها العالية. http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/114.gif
قبلت كلا من المانيا والسويد بيض السمك لاجل الدفق effluent   وصادق المركز ECVAM علي استراتيجية استخدام الاسماك الي 60% علم السموم البيئي ecotoxicology يقيس التأثيرات البيئية للمادة الكيميائية. ولكونها حديثة نسبيا، بدأت هذه الدراسات باستعمال “بدائل” أهداف، مثل الأسماك والطحالب وبراغيث الماء. http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/107.gif
ويستعمل لأجل الپيروجينات اختبار دم واحد ALA))، وتنجز مصادقة مقايسة جديدة للسيتوكين cytokine. وقام المركزECVAM بمصادقة تقانات إحصائية لإنقاص عدد الحيوانات ولتحسين درجة إنقاص المعاناة خلال فترة اختبار اللقاح. الاختبارات البيولوجيةbiologicaltestins تقيس  نوعية اللقاحات وغيرها من الأدوية ذات المنشأ البيولوجي وتتحرى عن التلوث بوساطة ذيفانات البكتيرات المسببة للحمى (الپيروجيناتpyrogens). عادة ما يعطى اللقاح أو الدواء إلى مجموعة من الحيوانات، ويُدخل المرض المستهدف إلى هذه المجموعة وإلى مجموعة غيرها، غير محصنة، لمقارنة المرض الناتج. http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/113.gif

OECD=  منظمة للتعاون الاقتصادي والتنموي
ECVAM=  المركز الأوروبي للمصادقة على الطرائق البديلة
ICCVAM=  لجنة تنسيق بين الوكالات للمصادقة على الطرائق البديلة

 

إذا لم يدخل المُنتج إلى المجرى الدموي، يتجه قلق الباحثين فقط نحو عواقب التطبيق الموضعي للمادة الكيميائية. أما إذا كان المركّب يمكن امتصاصه إلى المجرى الدموي، عندها يجب فحص آثاره وآثار كافة مستقلباته في الأعضاء المختلفة. في الإجراء المعياري يقوم الباحثون بإطعام المادة للجرذان وللفئران وللكلاب أو لأي حيوان ثديي آخر طوال فترة حياته، ويُراقب حدوث خلل في العمل الوظيفي لأعضاء مختلفة أو تَشَكُّل السرطانات وغيرها من الاعتلالات في الجسم. كما أنهم يلاحظون مجموعة أنسال هذه الحيوانات طوال حياتها. يمكن إدراج اختبارات أكثر استهدافا في هذا النظام أو يمكن إجراؤها بشكل منفصل.

 

وفي الحقيقة، لقد كشف ممثلونش أو مندوبون من تسع شركات متعددة الجنسيات لـ <گولدبيرگ>عن أن جميع الشركات تستعمل الاختبارات على أطباق البتري (أطباق دائرية صغيرة تستخدم لزرع الجراثيم) أو على حيوانات غير ثديية، عادة ما تشمل الأسماك أوالديدان، ليقرروا فيما إذا كانت المادة الكيميائية آمنة بشكل كافٍ لإنتاجها. عندها فقط يقومون بإنجاز الدراسات ـ الإطعام طوال الحياة ـ وذلك لإرضاء المحامين لدى الشركات والوكالات النظامية. يبين الجدول في الصفحة المقابلة الحاشدةَ الكاملة للاختبارات على الحيوانات المتطلبة بشكل عام لتقييم سلامة المادة الكيميائية أو الدواء. يُطالب المنظمون الحكوميون، بشدة نوعا ما، بإجراء اختبارات تقليدية على الحيوانات لأن بعضا من أفضل البدائل يُعد أسرارا صناعية، وأيضا لأنهم يثقون بالاختبارات على الحيوانات، التي قامت، بشكل كبير، بوقاية العامة في الماضي.

 

 

استعمال الحيوانات في اختبار المنتجات

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/021.gif 

يتغير عدد الحيوانات اللازمة لأجل غايات اختبار مختلفة بشكل واسع. وبشكل غير دقيق فإن نصف الحيوانات المستخدمة في اختبار المنتج يكون لأجل مراقبة نوعية المنتجات الطبية مثل اللقاحات (المخطط في الأعلى). وتحديد سمية المادة الكيميائية (المخطط في الأسفل) يتطلب عددا كبيرا من الاختبارات العالية النوعية، ومنها السمية الحادة ـ الناتجة من التناول العرضي لكمية كبيرة من المادة ـ التي تستهلك نسبة مرتفعة من الحيوانات. إن البيانات في كلا المخططين تخص الخمس عشرة دولة الاعضاء في المفوضية الأوروبية لعام 2002، التي استعملت 10.7 مليون حيوان في ذلك العام. ولا تتوافر تحاليل مشابهة  في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وفي الفترة الأخيرة فقط صار المنظمون أكثر انفتاحا لاحترام البدائل. ويعود تاريخ مفهوم البدائل إلى عام 1959، عندما قرر <W.روسيل >و<R.بورش> [من اتحاد الرفق بالحيوان Animal Welfare في جامعات المملكة المتحدة] اعتماد «ثلاثية RS» three ـ الاختزال، التحسين، الاستبدال ـ بمعنى اختزال معاناة الحيوانات المرافقة لكثير من الدراسات. ولا يمكن للبدائل أن تكون مناسبة تماما تجاه واحد أو أكثر من ثلاثية Rs، ولكنها تبقى دلائل مفيدة.

يعني الاختزال (الإنقاص) reduction تصميم تجارب تمكِّن من إعطاء معلومات كافية بأقل عدد من الحيوانات. على سبيل المثال، تقاس اختبارات السمية الجهازية الحادة العواقب، كما لوحظ خلال 14 يوما، بإعطاء المادة مرة واحدة إلى عدة مرات خلال 24  ساعة. لقد كان القياس الأكثر قبولا للسمية الحادة هو الجرعة المميتة لنصف حيوانات التجربة، أو ما يسمى LD50: وهي كمية المادة اللازمة لقتل نصف حيوانات الاختبار. ولتحديد الجرعة المميتة، يقوم المجربون بحقن أو بإطعام كمية محددة مسبقا من المادة الكيميائية لكل حيوان في مجموعة مكونة من 10 حيوانات ذكور و10  حيوانات إناث. وباستخدام ست أو سبع مجموعات متشابهة، تعطى كل منها جرعة مختلفة، ثم يتم إحصاء الحيوانات النافقة.

 http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/111.gif

http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/112.gif

يمكن أن يُعوض الجلد الصنعي مكان الجلد المحلوق من ظهر الأرانب الحية في اختبارات التآكل للمواد المختلفة. وهذا «الجلد» التجاري أخضع للماء (في الأعلى) وللقلوي (في الأسفل) لثلاث دقائق.

 

يأتي المجربون تدريجيا لمشاهدة نتائج هذا الاختبار (عذرا عن التلاعب بالألفاظ) حتى يتم قتل جميع الحيوانات وإرضاء المزيد من البروتوكولات العصرية. ومنذ عام 1989 سمحت إحصائية معقولة بالحصول على الجرعةLD50 باستخدام 45 حيوانا، والآن تقبل المنظمةOECD بالبروتوكول الذي يقيس الجرعة المميتة باستخدام 16 حيوانا في المتوسط. وهناك دراسة انتهت مؤخرا عبر المحيط تعِدُ بمزيد من الاختزال لعدد حيوانات التجربة إلى نحو ستة حيوانات لكل مادة.

وفي مثال آخر، يمكن أن تكشف تقانات التصوير غير المؤذية والمألوفة في الطب السريري ـ أشعة أكس x-rays، الرنين النووي المغنطيسي nuclear magnetic resonance والإصدار الپوزيتروني المقطعي positron-emission tomography ـ عن الفوارق الكبيرة بين حالات طبيعية وحالات مصابة من أعضاء الحيوان. وهذه التقانات تسمح للباحثين بمتابعة حيوان مفرد خلال دورة التجربة كبديل للإجراء التقليدي: مبتدئين بمجموعة من الحيوانات وبقتل حيوان واحد من كل مجموعة في كل مرحلة لتحديد حالة الكبد. ويسمح مثل هذا التصوير بمراقبةٍ أفضل للبيانات ويختزل أيضا الحيوانات المستخدمة في مثل هذه الاختبارات بنسبة تصل إلى 80%.

وثمة المزيد من أنواع التصوير المستقبلية، الفوتوني الحيوي biophotonics، المُطورة من قبل كل من <R.P.كنتاگ> و<H.Ch.كنتاگ> [من جامعة ساندفورد]، تصبح أكثر إتقانا في عالم التحسين: تصميم تجارب تتطلب معاناة أقل للحيوانات. لقد أضاف الباحثون جينة (مورِّثة) لإنزيم اللوسيفيراز luciferase enzyme، على سبيل المثال، إلى خلية سرطانية وأُدخلت الخلية إلى الحيوان. يمنح الإنزيم القابلية لإنتاج «يراعة» ضوء، مؤكدين أن الخلية السرطانية وجميع بناتها تتوهج. ويتم قياسها بسهولة بمعدات خاصة، حيث تسمح الفوتونات للباحثين بمراقبة النمو السرطاني تحت تأثير مادة كيميائية وعوامل صيدلانية مختلفة ـ وتشخيصه المبكر قبل أن تطور الحيوانات أوراما قابلة للجس. يزيل هذا الإجراء الألم والإزعاج حقا، ويمكن أن يتم تبنيه لدراسة تنوع واسع من الأمراض في مراحلها الأولية.

ثمه تقنية تحسين قيمة أخرى، مفيدة بشكل خاص في اختبار اللقاح، متضمنة تحديد «نقطة للشفقة أو الرحمة الحدية» humane end point، وبذلك تُنهى الدراسة المؤلمة حالما يتم جمع البيانات المرتبطة بها. على سبيل المثال، إذا انخفضت حرارة جسم الحيوان تحت نقطة معينة، فإنها لا تعوض؛ عندها يمكن إيقاف الاختبار بدون ضياع للبيانات لإبقاء المخلوق على قيد الحياة على طول الجرعات. إذا لقح حيوان ضد داء الكلب وأُعدي (خُمج) هذا الحيوان بالکيروس يبدأ بالدوران، والذي هو علامة أكيدة على فشل اللقاح، ويمكن من حيث الرفق بالحيوان قتله، أو تركه لساعات يصارع الموت. والأفضل بشكل أكيد، في هذه الأيام قيام التقنيين باختبار فعالية العديد من اللقاحات فقط بفحص مستوى الأضداد antibodies بعد إعداء (إخماج) الحيوان، بدلا من انتظار ظهور علامات صريحة للمرض. ويتضمن التحسين أيضا استخدام الأدوية والمخدرات لتخفيف الألم والضائقة.

حتى الآن يمكن لصنف آخر من التحسين أن يستعمل أنواعا أدنى في السلم التطوري كبدائل، اعتقادا بأنها ستكون أقل معاناة. فخلال السنوات القليلة الماضية، أصبحت أسماك الزرد zebra fish والديدان المسماة Caenorhabditis elegansشائعة لملاحظة تنامي الجهاز العصبي تحت تأثير الكيميائيات. وفي كل من هذين النوعين، أثبت العلماء وظيفة جميع الجينات الأولية: إذا سببت مادة كيميائية تنشيط الجينة أو تثبيطها، فإنه يعلم الباحثون أثر التبدل في إنتاج الپروتينات والاستقلاب الخلوي. وببساطة فإن تأثير المادة الكيميائية في عدد كبير من الجينات (بوصة واحدة إلى اثتنين من الشيپات الخاصة بسمك الزرد تحتوي على 9000 جينة) يسمح للباحثين بمعرفة أي جينة قامت المادة الكيميائية بتنشيطها.

والأحدث من ذلك، بدأت بعض الشركات باستعمال شيپات من الجينات البشرية، متضمنة تلك التي تخص جينات، يعتقد بأنها تضبط الاستجابة الخلوية السمية تمثل هذه التقنية، التي ستصل إلى الذروة في المستقبل ـ لأن فهم رسالة الشيپة يبقى تحديا كبيرا ـ لمعظم مميزات الاستبدال.

 

البديل الثالث(*****)

 

الاستبدال يعني التخلص الكلي من استخدام كامل الحيوانات في الاختبار. وتدين معظم أمثال هذه البدائل بوجودها إلى التقدم المجتمعي الهائل نحو تقانات رخيصة، سريعة وفعالة، أكثر من البحث عن الرفق بالحيوان في الجوهر. على سبيل المثال، معظم تحاليل الهرمونات ـ مثل اختبار الحمل، التي اعتمدت في السابق على طرائق عافها الزمن مستخدمة حيوانات حية ـ تُنجز اليوم بوسائل بديلة (مادة كيميائية أو مناعية).

 

 

 ربما تكون البدائل النهائية «في السيليكون»؛ أي نماذج حاسوبية لجمل أعضاء متآثرة من أجل تقفي فعل الأدوية.

 

 

ومن الأمثلة المبكرة للاستبدال، كان الاكتشاف الاتفاقي في السبعينات لاختبار بديل عن اختبار المحميات (الپيروجينات) من قبل <H.فاگنر> [من جامعة جون هوپكنز]. ويجرى هذا الاختبار لفحص ملوثات بكتيرية مسببة للحمى بوساطة حقن مادة في أرانب وأخذ درجة حرارتها بعد 24 ساعة. استخدم <فاگنر> نظائر مشعة قصيرة العمر جدا تستعمل كوسيلة لتصوير تشخيصي عند الإنسان، وثمة ضرورة لتأكيد خلوها من التوكسينات (الذيفانات) البكتيرية ـ ولكن النظائر المشعة تصبح غير فعالة بمرور الزمن اللازم للاختبار على الأرنب الذي يزودنا بالنتائج. عَرف >فاگنر< أن <F.بانگ> [في جامعة جون هوپكنز أيضا] أظهر أن الدم اللمفي (الدم بشكل خاص) في سرطان نعل الفرس يتفاعل مع معظم التوكسينات البكتيرية بطريقة قابلة للتنبؤ والقياس. منحت وكالة الغذاء والدواء الأمريكية FDA الإذن سريعا لاستعمال هذا الاختبار على السرطان المسمى Limulu amebocyte lysate، أو LAL للكشف عن الپيروجينات.

أكثر حداثة، كَشف <A.فينديل> [من جامعة كونستانس Constance بألمانيا] وأحد باحثينا (هارتونگ) عن أنه يمكن التحري عن الذيفانات البكتيرية بخواصها المحرضة لكريات الدم البيضاء في الدم البشري لتحرير الپروتينات المسماة السيتوكينات، والتي يقوم بعضها بالإشارة إلى الدماغ لإحداث الحمى. هذا التحري البسيط عن السيتوكينات في الدم البشري يظهر وجود جميع الذيفانات ذات العلاقة، متجاوزا العديد من القيود للاختبار LAL.

لقد تركز إيجاد بدائل معينة للاختبارات (مثل اختبار درايز Draize test، المؤلم جدا للأرانب، لأن العين من الأعضاء الحساسة) على السعي للرفق بالحيوان. وقبل عقد من الزمن بدأ بعض العلماء بإنجاز الاختبار على كرات عين طازجة من المسالخ بدلا من التطبيق على الأرانب الحية. وعلى الرغم من تحسين طرائق التخدير، فإن البدائل أزالت الألم أيضا وذلك بالحد من استخدام المزيد من الحيوانات. وفي ألمانيا، غالبا ما يستخدم الغشاء الرقيق الذي يفصل مح البيض عن الأح كبديل عن القرنية في هذه الاختبارات.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/110.gif

تحرر كريات الدم البيضاء پروتينات تدعى السيتوكينات cytokines بوجود البكتيرات المسببة للحمى. والاختبار البسيط لكشف السيتوكينات في دم المرضى يسمح بالكشف عن مثل هذه البكتيرات «الپيروجينية»، مستبدلين الاختبار على الأرنب والبدائل الأقدم.

 

في الثمانينات مَول مركز جون هوپكنز لأجل البدائل عن الاختبار على الحيوان الذي أداره <گولدبيرگ>، بحثا يتعلق بكيفية تقييم تأثير كيميائيات مختلفة في زراعات نسيجية ثنائية البعد من خلايا القرنية البشرية. (حملة مبكرة ضد اختبار عين درايز لمجموعة الأرانب، قادتها رابطة مواد التجميل ومساحيق الزينة والمعطرات لإيجاد المركز، وهو قسم من مدرسة بلومبيرگ). واعتمادا على جزء من هذه الدراسات، ينتج العديد من الشركات اليوم نسجا ثلاثية الأبعاد تحاكي بدقة السطحَ الخارجي للعين البشرية ـ سامحة بذلك للمجربين بتحري ليس فقط التهيج ولكن أيضا التغيرات البنيوية الدقيقة.

في الواقع، يمكن للباحثين حاليا القيام باستنبات أنواع كثيرة من الخلايا البشرية من الجلد والرئة والعين والعضلات والأغشية المخاطية وغيرها من الأعضاء. حتى أن الأكثر إثارة إمكان إعادة بنيان النسج ـ تراكيب ثلاثية الأبعاد لخلايا خاصة مستنبتة على جملة داعمة. إضافة إلى العين، فقد جرت زراعة نسج صنعية تحاكي الجلد والرئة والسبيل المعدي المعوي وبطانات الفم والمهبل. لقد تم تبني ذلك في الصناعة بشكل واسع، واستعملت بديلا عن الحيوانات في عدد كبير من الاختبارات (مع ذلك، بقيت الحاجة بشكل عملي إلى مستنبتات ثلاثية الأبعاد لأعضاء مثل الكبد).

 

من الأهمية بمكان اغتنام الفرصة التي تتيحها الزراعات النسيجية والخلوية للباحثين لفهم الآلية البيولوجية لتأثير المادة الكيميائية، بصورة لم تكن ممكنة قط باستخدام كامل الحيوان. حاليا يمكن للمستقصين إيجاد طريقة في المختبر (في الزجاج) in vitro لإطلاق سلسلة من العمليات الكيميائية الحيوية بوساطة المادة الكيميائية. وفي المستقبل، يمكن أن تسمح مثل هذه الدراسات للعلماء بالتنبؤ بالنتائج الوظيفية ـ مثل تبدلات الجينات وتغيرات نمو الخلية، وغيرها ـ الناجمة عن تعرض الخلية في الجسم البشري لمادة كيميائية. والأبعد من ذلك، يمكن أن تحاكي نسج عديدة مستنبتة في حجرة مفردة (جملة طورت أخيرا بوساطة بحث AP في بالتيمور) معقد التآثرات كاستحالة مادة كيميائية إلى أخرى بوساطة الفعالية الاستقلابية للعضو، والتي يمكن أن تؤثر بالتالي في أعضاء أخرى. هذه التطورات، وإن تكن في مراحل نموها الأولى، لها الفضل في التخلي عن الحيوانات في دراسات الديناميكية (الحركية) السميةtoxicodynamics: سلسلة الحوادث التي بوساطتها تنتشر المادة الكيميائية وتُستقلب وتُطرح.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/8-9/109.gif
الفوتونات الحيوية biophotonics؛ إن استخدام فوتونات الضوء لكشف التغيرات البيولوجية وقياسها في الحيوانات الحية، يظهر تقدم السرطان في الفأر. يصبح السرطان مرئياً (المساحات الملونة) قبل مدة طويلة من أن يتطور في الحيوان ورم قابل للجس (غير مرئي) .مثل هذه التقنيات تمكن الباحثين من القيام بفحص التأثيرات التجريبية للأدوية بطرائق رحيمة .

 

ربما لا تكون البدائل النهائية في المختبر كما هي «في السيليكون»: بدأت الصناعة الصيدلانية باستعمال نماذج حاسوبية لجملة أعضاء متآثرة لدراسة مفعول الأدوية. يفتقد كل من <Ch.دي لي زي> [من جامعة بوسطن] وغيره، الدعم لأجل مشروع الإنسان الافتراضي، مغامرة مستقبلية في الحوسبة المنتشرة أو التوزيعية بشكل مشابه لمشروع الجينوم البشري. يمكن للإنسان الافتراضي أن يحاكي في المستقبل الاستجابة البشرية لوطأة الضغوط البيولوجية، والفيزيائية والكيميائية، متجنبين الحاجة إلى دراسات على الحيوانات.

 

شكوك مقنعة(******)

 

من ناحية أخرى، يبقى حاليا اكتشاف بدائل جديدة عملية غير محددة. إن عملية إيجاد رؤوس الأموال من أجل الأبحاث المنفَّذة بشكل خاص على البدائل هو أمر صعب، على الأقل في الولايات المتحدة الأمريكية. فبرنامج علم السموم الوطني، الذي ينسق جميع برامج اختبارات السمية في الحكومة الفدرالية مع المعاهد الوطنية لعلوم الصحة البيئية، يُعدّ ميزانية الحكومة لدعم البدائل. وعلى الرغم من كون الوكالات الحكومية في الولايات المتحدة الأمريكية مهتمة بالعلوم البشرية، فقد أنفقت أقل من 10 ملايين دولار خلال العقد الماضي للمصادقة على البدائل من أجل الاستعمال المنتظم. وفي المقابل، أنفق الاتحاد الأوروبي أكثر من 300 مليون دولار في الفترة نفسها على طرائق بديلة وعلى دراسات المصادقة، وقد استثمر أعضاء حكومات الاتحاد الأوروبي بشكل مستقل الملايين ـ ألمانيا لوحدها تجاوزت 100  مليون دولار ـ في البحث عن البدائل. (مع ذلك، يتعين على كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي إنفاق عدة ملايين عديدة من الدولارات على الأبحاث التي قد تقود يوما ما إلى البدائل).

 

يجب أن يتم التحقق من فعالية أي بديل جديد قبل أن تقبل به الوكالات النظامية. وفي الولايات المتحدة الأمريكية شُكِّلت لجنة للتنسيق بين الوكالات للمصادقة على الطرائق البديلة وهي(Interagency Coordinating Comitee on the Validation of Alternative Methods (ICCVAM ضمَّت مندوبين أو ممثلين عن 15وكالة، عينت هيئات المستشارين من الخبراء المستقلين لمراجعة الأدبيات المتوافرة، متضمنة البروتوكولات المرسلة بوساطة الشركات، لتقيِّم مصداقية الاختبار. واعتمادا على تفويضهم المنتظم، تقرر كل وكالة عندئذ بشكل مستقل فيما إذا كانت تقبل الاختبار أو لا. منذ البداية في عام 1997، تم تقييم 16 طريقة بديلة، ست منها تم تبنيها بوساطة السلطات النظامية، في حين تكلفت الأخرى إجراء التحسينات اللازمة. وفي الماضي، كان الاختبار المبرهن عليه يتطلب عقدا من الزمن أو أكثر ليصبح قابلا للتبني، ولكن منذ تشكيل اللجنة ICCVAM تم  اختزال هذا التأخير بشكل كبير.

 

بداية وفي أوروبا كانت مصادقة البدائل مشابهة في مفهومها وتعقيداتها للتجارب السريرية (الإكلينيكية). وفقط لكون التجارب السريرية شاهدا معتمدا وتحتاج إلى شرح دقيق (صارم) على أن الدواء فعال، يجب على تجارب المصداقية validation أن تبرهن على أن الاختبار البديل يؤدي عمله الذي صُمِّم من أجله. لقد اكتسب مفهوم المصداقية العلمية إجماعا عالميا واسعا في ورشة عمل المنظمة OECD بسولنا/ السويد، في عام 1996. واستنادا إلى ما يسمى مبادئ سولنا، اعتمد المركز الأوروبي لمصادقة الطرائق البديلة (المركز ECVAM وكذلك اللجنة ICCVAM) مجموعة دراسات «ما قبل المصادقة» لتقييم فعالية البدائل وتسوية خلافات الخلل في بروتوكولاتها. في أوروبا، إذا نجح الاختبار، عادة ما يوجه المركز ECVAM لاعتماده في العديد من المختبرات في دول مختلفة، كل منها يتناول مجموعة كبيرة من المواد المكودة لاختبار البديل. وغالبا ما تقيم المختبرات في وقت واحد العديد من فعاليات البدائل للاختبار المعطى على الحيوانات. ويحكم كيان مكون من نحو 35 عالما يمثلون دول الاتحاد الأعضاءال25 من المفوضية الأوروبية واتحاد الأكاديميين والصناعة ومجموعات الرفق بالحيوان، على نتائج التجارب؛ وتحضر اللجنة ICCVAM  كمراقب. وإذا ما بَرْهَن بديل ما على أنه معيار معول عليه للخواص ذات الصلة بهذه المواد وأن نتائجه متماسكة وقابلة للتكرار في المختبرات، تعلن اللجنة رسميا المصادقة عليه.

وفي تجارب المصادقة الأخيرة، على سبيل المثال، احتاجت عشرة مختبرات إلى ثلاث سنوات لدراسة ستة بدائل لاختبار المحميات (الپيروجينات)، لتحري قابليتها في إيجاد المواد المسببة للحمى من 190 عينة غير مسوقة. وصلت خمسة اختبارات إلى مرحلة المراجعة، وهي حاليا قيد التحرير للتطبيق. ومنذ بداية تأسيسه في عام 1991، صادق المركز ECVAM تماما على 17 بديلا؛ تسعة بدائل إضافية هي في المرحلة الأخيرة من المراجعة؛ و25 بديلا آخر قيد التجارب أو التحاليل الأخيرة، ويجب على البديل أن يستعمل في أوروبا فور المصادقة عليه وفق القانون، ولكن عمليا فإن تأخير استعماله لعدة سنوات مازال شائعا. وعندما يصبح المنظمون الأوروبيون أكثر اعتيادا على الطرائق الجديدة فإنهم سوف يتقبلونها بسرعة أكبر.

في أوائل التسعينات واجهت محاولات البدائل عقبات كبيرة عندما فشلت ست تجارب مصادقة كبيرة لبدائل اختبار عين درايز. وكانت الحصيلة مربكة، حيث إن بعض البدائل استُعْملت في صناعة المواد التجميلية بدون مشكلات واضحة. وبمراجعة بيانات أخرى، نفهم الآن لماذا تفشل البدائل: تمت مقارنة نتائج البدائل بتلك النتائج الخاصة باختبار درايز نفسه، الذي أعطى العديد من الإيجابيات الخاطئة. يقوم حاليا كل من اللجنة ICCVAM والمركز ECVAMمجتمعين بمراجعة المعلومات المتوافرة عن اختبار درايز وبدائله. يمكن أن تشكل الدراسة أساسا لعبارة المصداقية أو، إذا كان ضروريا، لتجربة مصادقة أخرى لبدائل درايز، وفي هذا الوقت نحن واثقون من تحقيق النجاح.

بعد إخفاق حملة <گور>الانتخابية واشتداد حمية الانتقاد لمشروع الأرانب، أدى الأمر إلى مجازة مناسبة: قيام أعداء الحيوانات المحتملين أو المفترضين بالعمل على إنقاذها. يمكن للبدائل المستنبطة بوساطة العلم، إذا نفذت كاملة، أن تنقص استخدام الحيوانات بشكل كبير. وقد اتفق تقييم كل من الأكاديميات والصناعة، على سبيل المثال، على أنه يمكن للبدائل الموجودة خفض عدد الحيوانات التي يحتاج إليها البرنامج REACH الأوروبي إلى 70%، وينطبق الأمر ذاته على الأرجح على قائمة أفضليةEPA . والأكثر واقعيةً، يمكن للبدائل حفظ الملايين وربما البلايين من الدولارات واختصار السنوات، إذا لم تكن العقود منها، من جداول برامج الاختبارات! وبينما يقدم إلينا المزيد من البيانات الدقيقة والوثيقة الصلة بالموضوع يستطيع العلم الجديد عندئذ أن يحمي بصورة أفضل ليس فقط المخلوقات التي وجدت للمساعدة ولكن أيضا البقية منا نحن البشر.

 

المؤلفان

Alan M. Goldberg – Thomas Hartung

 

 عالمان بالسموم، تأثرا بمعاناة الحيوان ودافعا عن الحاجة إلى البدائل. حصل <گولدبيرگ> على الدكتوراه في علم الأدوية من جامعة مينيسوتا، وهو أستاذ علم السموم في جامعة جونز هوپكنز، حيث يدير مركزًا للبدائل عن اختبار الحيوان. قام بتأليف سلسلة كتب عن الطرائق البديلة في علم السموم Alternative Methods in Toxicology، كما عمل لدى العديد من الحكومات وغيرها من اللجان، ومنح عدة جوائز، آخرها من جمعية علم السموم. ومن جهته، حصل <هارتونگ> على الدكتوراه في الكيمياء الحيوية للدوائيات من جامعة كونستانس بألمانيا وعلى شهادة اختصاص عليا في علم السموم من جامعة توبنگن، وعمل رئيسا تنفيذيا لمركز Steinbeis Technology Transfer Center ويشغل حاليا منصب رئيس المركز الأوروبي للمصادقة على طرائق البدائل. ول<گولدبيرگ> ترتيبات استشارية مع Xenogen Reduction Corporation في Almeda، California؛ وتم ترخيص بديل <هارتونگ> لمقايسة البيروجينات من قبل مجموعة غير ربحية لمختبرات Charles River Laboratories بمقاطعة ماساتشوتس.

 

  مراجع للاستزادة   

 

Animals and Alternatives in Testing: History, Science, and Ethics. Joanne Zurlo, Deborah Rudacille and Alan M. Goldberg, Mary Ann Liebret, 1994.

 

Trends in Animal Research. Madhusree Mukerjee in Scientific American, Vol. 276, No.2, pages 86-93; February 1997.

 

To 3R Is Humane. Alan M.Goldberg and Paul A-Locke in Environmental Forum, pages 19-26; July/August 2004.

 

Altweb: Alternatives to Animal testing: http://altweb.jhsph.edu European Center for the Validation of Alternative Methods: http://ecvam.jrc.cec.eu.int/index.htm

 

(*) Protecting more than animals

(**) Overview/ The New Toxicology

(***) Reduction, Refinement, Replacement

(****) A Fledging Science Matures

(*****) The Third R

(******) Convincing Sheptics

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى