أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

متنبئات جديدة بالأمراض

متنبئات جديدة بالأمراض(*)

تَظهرُ جُزيئات تسمى الأضداد الذاتية التنبئية(1) في الدم سنوات قبل  أن تبدو أعراض الاضطرابات

المختلفة عند المصابين بها. وربما تمكنت الاختبارات

التي تكشف هذه الجزيئات من التنبيه إلى ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية.

<L.A.نوتكين>

 

 

امرأة في أوسط العمر ـ وليكن اسمها <آن> ـ فوجئت ذات يوم بأن يدها اليمنى تأبى أن تمسك بالقلم. وبعد بضعة أسابيع بدأت تجر قدمها اليمنى بصعوبة خلف اليسرى. وحينما ازدادت الأعراض لديها سوءا على امتداد الشهور، استشارت اختصاصي الأعصاب، وتبين أنها تعاني التصلب المتعددmultiple sclerosis، وهو نمط من أمراض المناعة الذاتية ينطوي على احتمال إصابة المريض بالعجز. فالجهاز المناعي ينهض عادة للعمل استجابة للبكتيرات(2) والکيروسات، فينشر الأضداد وجزيئات أخرى ومختلف أنواع خلايا الدم البيضاء لتتعرف المعتدي وتدمره. أما في اضطرابات المناعة الذاتية، فإن مكونات الجهاز المناعي للجسم تستهدف نسيجا أو أكثر من نسج الشخص ذاته. وفي حالة<آن> فإن جهازها الدفاعي قد بدأ بالانقلاب على أعصابها مؤديا إلى تناقص قدرتها على التحرك.

 

إن كل قصة من قصص أمراض المناعة الذاتية محزنة، وتشترك جميعها بأنها ذات تأثير مربك. وقد تم تعرف أكثر من 40 مرضا مناعيا ذاتيا، بما في ذلك علل شائعة كالنمط 1 من الداء السكري (المعتمد على الإنسولين) وداء التهاب المفاصل الرثياني والمرض البطني celiac disease. وتشكل هذه الأمراض السبب الثالث للأمراض والوفيات بعد أمراض القلب والسرطان. وهي تصيب ما بين 5 و8 في المئة من سكان الولايات المتحدة، لترفع تكاليف العلاج السنوي عشرات  البلايين من الدولارات.

 

وتقدم المكتشفات الحديثة سبيلا يضفي بعض الإشراق على هذه الصورة المعتمة. ففي السنوات العشر الأخيرة كشف العدد المتنامي من الدراسات أن الجسم يُكوِّن أضدادا معينة ضد ذاته ـ سنوات أو ربما عقودا قبل أن تسبب المناعة الذاتية أمراضا سريرية مسببة تلف النسج بالقدر الذي يبدأ معه ظهور الأعراض لدى المرضى. وهذا الاستبصار الشديد العمق يغير الآن من طريقة تفكير الأطباء والباحثين بخصوص حالات المناعة الذاتية، وطول الفترة الزمنية اللازمة لها كي تظهر. ويوحي ذلك بأنه ربما يأتي اليوم الذي يقوم فيه الأطباء بإجراء اختبارات لشخص سليم بحثا عن أضداد ذاتية معينة، والتنبؤ بما إذا كان من المرجح أن يتطور لديه مرض نوعي بعد سنوات. وبتسليح المرضى بهذه التنبؤات، تتوافر لهم فرصة بدء مكافحة العلة بالعقاقير أو بغيرها من المداخلات المتاحة، وبذلك يمنعون الأعراض أو يؤخرون ظهورها.

 

 

نظرة إجمالية/ الأضداد التنبئية(**)

 

 في أمراض المناعة الذاتية (مثل الداء السكري من النمط 1) يُصنّع الجهاز المناعي، بالخطأ، أضدادا تستهدف نسج الجسم.

 تظهر بعض هذه «الأضداد الذاتية» سنوات عديدة قبل ظهور أعراض المرض، مما يوحي أن تحري هذه الجزيئات يمكن أن يستخدم للتنبؤ بمن هو في خطر الإصابة بالمرض.

 تفيد الأضداد الذاتية أيضا كأدلة على وخامة المرض وتقدمه، كما قد تحذر من خطر بعض الاضطرابات غير المناعية.

 إن تحري الأضداد الذاتية التنبئية قد يصبح يوما ما روتينيا، مع أن ندرة العلاجات الوقائية حاليا تقف في سبيل ذلك.

 

وقد لا يكون من السهل العثور على تلك المداخلات، وعلى الأرجح سيتعين تفصيل المعالجة الوقائية نوعيا حسب كل حالة. ففي اضطرابات معينة، مثل الوهن العضلي الوبيل myasthenia gravis، تشترك الأضداد الذاتية في سيرورة المرض، ومن ثم فإن إحصار blocking نشاط الأضداد الذاتية النوعية المسؤولة قد يكون طريقا علاجيا. أما الأضداد الذاتية التي تنبئ بحالات نوعية أخرى فكأنها على الأغلب صفّارة إنذار بحريق وليست نارا؛ فهي تعلن تشكل مرض تسببت فيه مكونات أخرى من مكونات الجهاز المناعي، مثل الخلايا المعروفة باللمفاويات التائية(3) والبلاعم. وفي هذه الحالات يجب على المعالجة الوقائية  أن تستهدف الخلايا العدوانية.

 

والثورة في الطب التنبئي والرعاية الوقائية تحتاج إلى وقت وجهد كي تحدث. فقد تم كشف النقاب عن العديد من الأضداد الذاتية، إلا أن المحاولات الواسعة النطاق التي أجريت لتقييم مدى دقتها في التنبؤ بالمرض كانت قليلة. ومع ذلك، فلو أمكن تطوير اختبارات غير باهظة التكلفة وسريعة التنبؤ بالأضداد الذاتية، فقد تصير جزءا متعارفا من الفحوص الروتينية، شأنها في ذلك شأن مراقبة الكولستيرول.

 

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/86.gif
كرة بلّورية تنبئية غير مسبوقة: في يوم ما، قد تقوم جزيئات على شكل الحرف Y وتسمى الأضداد الذاتية، موجودة في دم مريض ما، بتنبيه الأطباء إلى أن أمراضا معينة قيد الحدوث لدى المريض. وربما أشارت على نحو تقريبي إلى الزمن الذي سيبدأ فيه المريض شعوره بالأعراض.

 

استبصار مبكر من خلال الداء السكري(***)

 

والمطّلعون على خطوات التقدم في علم الوراثة قد يتساءلون لماذا يريد الباحثون تطوير اختبارات الأضداد الذاتية التنبئية؛ في حين قد يستطيع الأطباء قريبا تفرُّس(4) جينات الشخص بحثا عن تلك التي تجعل الفرد عرضة لخطر الإصابة باضطرابات متنوعة. والرد على ذلك هو أن أغلب الأمراض المزمنة تنشأ عن تفاعلات معقدة بين التأثيرات البيئية وجينات متعددة، يسهم كل منها في جزء يسير يؤدي إلى حدوث المرض. وبذلك فإن كشف وجود جينات الاستعداد للإصابة بالمرض لا يكشف بالضرورة بأي قدر من اليقين ما إذا كان الفرد سيمرض بحالة من حالات المناعة الذاتية أو متى قد يحدث ذلك. وعلى النقيض من ذلك، فإن اكتشاف أضداد ذاتية نوعية سوف يعطي إشارة بأن السيرورة التي تسبب المرض قد بدأت بالفعل. وأخيرا، إن التقصي الجيني(5) لمن لديهم نزوع موروث إلى مرض ما قد يساعد على إظهار المحتاجين إلى تقصٍّ مبكر للأضداد الذاتية لديهم.

 

لقد قدّمت الدراسات على مرضى الداء السكري من النمط 1 أول الأدلة على أن الأضداد الذاتية قد تكون ذات قيمة عالية للتنبؤ بمرض يقع فيما بعد. وفي هذه الحالة، التي تحدث نمطيا في الأطفال والمراهقين، يُهاجم الجهازُ المناعي الخلايا بيتا في الپنكرياس (المعثكلة). وهذه الخلايا هي التي تُصنِّع الأنسولين، ذلك الهرمون الذي يمكّن الخلايا من تقبُّل السكر اللازم للحياة من الدم لإنتاج الطاقة. وعندما يفتقر الجسم إلى الأنسولين، تجوع الخلايا وترتفع مستويات الگلوكوز في الدم عاليا؛ الأمر الذي يحتمل أن يفضي إلى العمى والفشل الكلوي وعدد من المضاعفات الأخرى.

 

فقبل 40 سنة، لم يكن معروفا أن الداء السكري من النمط 1 هو أحد أمراض المناعة الذاتية؛ كما كان السبب الذي يؤدي إلى موت الخلايا بيتا مجهولا. ولكن في سبعينات القرن العشرين فحص <W.گبتس> [من جامعة فريج في بروكسل ببلجيكا] پنكرياسات الأطفال الذين ماتوا بهذا الداء فوجد أن جزر لنگرهنز(6)، أي مقر الخلايا بيتا، كانت مرتشحة(7) باللمفاويات ـ وهي إحدى العلامات المحتملة لنشاط مناعي ذاتي. وسرعان ما برهن <F.بوتازو> [من كلية طب ميدلسكس في لندن] على أن الدم المأخوذ من مرضى النمط 1 من الداء السكري يتفاعل مع تلك الجزر، في حين لا يتفاعل معها دم غير المرضى بالداء السكري؛ الأمر الذي أوحى أن الأضداد الذاتية التي تستهدف الخلايا بيتا للمريض ذاته، كانت تجول في دم المرضى. وبدأ هذا الكشف رحلة لتصيُّد مستضدات ذاتيةautoantigens ـ تلك الأهداف الجزيئية النوعية للأضداد الذاتية ـ في الخلايا بيتا لأن الباحثين كانوا يأملون أن يفسر اكتشافُ الأضداد الذاتية كيفية نشوء الداء السكري.

 

 

 

استخدامات محتملة(****)

 

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/95.gif

 

 قد تستطيع الأضداد الذاتية التنبئية:

 التنبؤ بالخطورة

تكشف هذه الأضداد احتمال إصابة فرد ما بمرض معين، كي يضع العلاج الوقائي في حسبانه.

 توقع التوقيت

تكشف الزمن الذي يحتمل أن تسبب فيه سيرورة المرض أعراضا.

 إظهار مسار المرض

تتنبأ بوخامة المرض والسرعة المحتملة لتقدم الاضطراب.

 تبسيط التجارب على البشر

تجعل تجارب وسائل الوقاية من الاضطرابات النادرة أمرا ممكنا بتعرف الأفراد الأكثر عرضة للخطر (ومن ثم تجنب الحاجة المكلفة إلى أعداد كبيرة من المتطوعين من عامة الناس).

 

وعلى امتداد العشرين سنة الماضية كشف البحث المكثف ثلاثة مستضدات ذاتية كبرى في الپنكرياس يجري إنتاجها في الأشخاص الذين أمكن اكتشاف الداء السكري من النمط 1 حديثا لديهم، وهي: الأنسولين ذاته، وإنزيم يسمى نازعة كربوكسيل حمض الگلوتاميك(8) (GAD)، وپروتين يُعرف باسم مستضد الجزر 2 (IA-2)، اكتشفه فريقي في المعاهد الوطنية للصحة، وهو أحد مكوِّنات الأكياس الضئيلة الحجم التي تنقل الأنسولين في الخلايا بيتا. ولايزال الباحثون يجهلون ما إذا كانت الأضداد الذاتية التي ترتبط بهذه الپروتينات تؤدي دورا ما في قتل الخلايا بيتا. إلاّ أنهم يعلمون حقا، بناء على اختبارات كشف بالغة الحساسية، أن مستضدا واحدا أو أكثر موجود لدى ما يراوح بين 70و 90 في المئة من المرضى حين تشخيص الداء السكري من النمط 1. واليوم تستخدِم مختبرات الأبحاث تلك الاختبارات لتشخيص النمط 1  من الداء السكري وتمييزه من النمط 2  للداء السكري، والذي يصيب الراشدين من ذوي الوزن المفرط، ولا ينجم عن مرض مناعي ذاتي (ومن الغريب، أن تلك الاختبارات قد كشفت أضدادا ذاتية لدى نحو 5 في المئة من المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالداء السكري من النمط 2؛ الأمر الذي يوحي أن هؤلاء الأفراد قد تم تصنيفهم خطأ أو أن النمطين 1 و 2 من الداء السكري قد اجتمعا لديهم.)

 

ومما زاد من شدة الاهتمام بالأضداد الذاتية الثلاثة اكتشاف أنها تظهر قبل وقت طويل من ظهور أعراض الداء السكري. وفي دراسات أجرتها مختبرات عديدة، أخذ الباحثون عينات دم من آلاف أطفال المدارس الأصحاء، وتمت متابعة صحة هؤلاء الصغار مددا بلغت10  سنوات. وعند إصابة طفل ما بالداء السكري من النمط 1، كان الباحثون يخرجون عينة الدم الخاصة به من مكان تخزينها ليروا ما إذا كانت تحوي أضدادا ذاتية. وكان لدى الغالبية العظمى من الأطفال، المقدَّر عليهم أن يصابوا بالداء السكري، واحد أو أكثر من الأضداد الذاتية الثلاثة المرتبطة بهذا المرض في دمهم مدة تصل إلى 10 سنوات قبل ظهور أي أعراض يمكن تعرُّفها.

 

وقبل هذا العمل، ظن بعض الخبراء أن الداء السكري من النمط 1 ينشأ فجأة وربما خلال أسابيع. وبدلاً من ذلك فقد وضّحت البيانات الجديدة أن الجهاز المناعي في معظم الحالات يهاجم بصمت وعنف الپنكرياس سنوات عديدة حتى يموت عدد كبير من الخلايا بيتا، بحيث لا يعجز الپنكرياس عن إنتاج كمية كافية من الأنسولين لتلبية احتياجات الجسم. وتلك هي النقطة التي تنشأ عندها الأعراض التقليدية المبكرة للداء السكري، مثل الجوع المفرط والعطش الشديد وكثرة التبول.

 

والأمر الأكثر أهمية، هو أن تلك الدراسات أظهرت احتمال تنبؤ الأطباء بإمكان تعرض طفل ما لخطر الإصابة بالداء السكري من النمط 1 بوساطة اختبار الدم بحثا عن هذه الأضداد الذاتية. وقد وجد الباحثون السريريون أن فردا لديه ضد ذاتي واحد معرض لخطورة إبداء الأعراض بنسبة 10 في المئة خلال خمس سنوات. ومع وجود ضدين اثنين ترتفع فرصة الإصابة بالمرض إلى 50 في المئة، ومع ثلاثة أضداد ذاتية تراوح نسبة الخطورة ما بين 60 و 80 في المئة.

 

وماتزال القدرة على التنبؤ بما إذا كان الفرد سيقع فريسة للمرض بالداء السكري من النمط 1  مصدرا كبيرا لإحباط الباحثين الطبيين الذين يحاولون أن يفهموا ويمنعوا المرض بصورة أفضل. فقبل اكتشاف الأضداد الذاتية التنبئية، على سبيل المثال، كان من المستحيل إجراء تجارب سريرية على علاجات وقائية جديدة، لأن هذا الاضطراب نادر نسبيا؛ إذ يصيب نحو فرد واحد من بين 400  فرد. ويعني هذا وجوب إدراج أكثر من000  40  فرد ضمن تجربة لتقييم آثار تدخل ما  على المئة الذين سيصيبهم المرض في آخر الأمر.

 

 

دروس من الداء السكري (*****)

 

 إن فكرة إمكان استخدام الأضداد الذاتية (جزيئات الجهاز المناعي التي تتفاعل خطأ مع نسج الجسم ذاته) كإشارة تحذير مبكر من مرض لاحق أتت من أبحاث عن كيفية نشوء الداء السكري من النمط1. فقد كشفت  الدراسات أن هذا النوع من الداء السكري ينشأ عن هجوم مناعي ذاتي على الخلايا بيتا في الپنكرياس (المعثكلة)، التي هي منتجة الأنسولين (الرسوم التوضيحية)، وأن الأضداد الذاتية التي تستهدف المواد التي تصنعها الخلايا بيتا تظهر سنوات قبل ظهور أعراض المرض (الرسم البياني). وتظهر أعراض المرض عندما يصير عدد الخلايا بيتا ضئيلا جدا بحيث لا يلبي متطلبات الجسم من الأنسولين.

 كيف ينشأ الداء السكري

 يبدأ الهجوم على الخلايا بيتا عندما تبدأ خلايا مناعية تسمى اللمفاويات التائية واللمفاويات البائية بغزو جزر لنگرهنز، حيث تسكن الخلايا بيتا. وربما سببت الخلايا التائية معظم التلف (التفاصيل العلوية). ولكن بينما تؤدي تلك الخلايا دورها المؤذي فإن اللمفاويات البائية تطلق أضدادا ضد پروتينات تصطنعها الخلايا بيتا، بادئة عادة بالأنسولين.

 ومع استمرار الهجوم على الجزر مسببا تلفها بشدة، فإن أنماطا أخرى من الأضداد الذاتية قد تظهر، مثل تلك التي تستهدف الپروتينينGAD و IA-2 (التفاصيل السفلية). أما ترتيب ووقت ظهور الأضداد  الذاتية الإضافية فمن الممكن أن يتغير.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/013.gif

 الأضداد الذاتية وخطر الداء السكري

 ليس معروفا ما إذا كانت الأضداد الذاتية للأنسولين، وللإنزيمGAD أو للمستضدIA-2، تسهم في قتل الخلايا بيتا. غير أن الدراسات بينت أن بوسع الجزيئات أن تشير إلى ارتفاع كبير في خطر الداء السكري. ويزداد الخطر بازدياد عدد أنماط الأضداد الذاتية المتعلقة بالداء السكري في الدم.

 

أما الآن فبوسع العلماء أن يختاروا للدراسة أولئك الأفراد الذين يظهر في دمهم اثنان أو أكثر من الأضداد الذاتية المرتبطة بالداء السكري، لأن نصف عددهم على الأقل سيصاب بالمرض، إن لم يعالج، خلال خمس سنوات. وهذا التخفيض الكبير في عدد الأفراد الذين ينبغي إدراجهم ضمن تجربة وقائية جعل إجراء مثل هذه التجارب ممكنا لأول مرة. وفي أحد الاستقصاءات تعرَّف الأطباء عدة آلاف فرد لديهم خطورة الإصابة بالداء السكري بدرجة عالية واختبروا ما إذا كان استخدام حقن الأنسولين قادرا على الحيلولة دون حدوث المرض. وللأسف، فقد باءت هذه المعالجة بالفشل، ولاتزال الجهود لإيجاد تداخلات مفيدة مستمرة.

 

واكتشاف أن الأضداد الذاتية غالبا ما تنذر بقرب بداية حدوث الداء السكري من النمط 1 حفز العلماء على تمحيص ما إذا كان الأمر على النحو نفسه في باقي أمراض المناعة الذاتية. والداء الذي احتل بؤرة البحث المكثف هو التهاب المفاصل الرثياني، وهو إحدى الحالات الموهنة التي تنتشر بنسبة عالية؛ إذ يصيب نحو 1 في المئة من سكان العالم . وفي هؤلاء المصابين يهاجم الجهاز المناعي بطانة المفاصل ويدمرها مسببا تورما وألما مزمنين، وفي النهاية فقدان القدرة على الحركة.

 

التنبؤ بالأمراض الأخرى(******)

 

حديثا، تمكن علماء المناعة من اكتشاف أحد الأضداد الذاتية الموجود في 30إلى 70 في المئة من المرضى الذين تم تشخيص التهاب المفاصل الرثياني لديهم. ويلتصق هذا الضد بالسترولين citrulline (وهو نسخة معدلة من الحمض الأميني أرجينين) الموجود في پروتينات معينة. وأثبتت الدراسات الآن أن هذا الضد الذاتي يظهر في مجرى الدم قبل ظهور الأعراض الأولى للمرض بمدة تزيد على 10 سنوات في بعض المرضى. وإضافة إلى ذلك، فإن أرجحية الإصابة بالمرض بين من يحملون هذا الضد تصل إلى 15 ضعف أرجحية إصابته لمن لا  يحملونه.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/85.gif
تظهر الأضداد الذاتية متألقة باللون الأخضر في صورة ميكروية (مجهرية) لجزيرة لنگرهنز بشرية تم تعريضها لدم من مريض بالداء السكري من النمط 1. وتبدو المنطقة المحيطة داكنة لافتقارها إلى الجزر.

 

ومعرفة أن الضد الذاتي المضاد للسترولين يمكن استخدامه كعلامة للتنبؤ أمر مثير جدا. وعلى خلاف الحال في الداء السكري من النمط 1، فإن لدى الأطباء فعلا أدوية من الممكن إعطاؤها لمنع حدوث التهاب المفاصل أو لإبطائه. ويعلم أطباء الرثية(9) أن المعالجة السريعة والهجومية للمرضى الذين تم تشخيص المرض لديهم حديثا باستخدام عقاقير معينة (كتلك التي تقاوم الالتهاب بعنف) قد تؤخر، وأحيانا توقف، الخسارة المدمرة لمرونة المفصل. لذا فمن المنطقي أن نفكر بأن التدخل الأكثر تبكيرا قد يكون أكثر وقاية. والأمل الآن معقود على أن يتمكن الأطباء من تحري السكان عموما، أو أولئك الذين لديهم سوابق عائلية لهذه الحالة، ثم البدء بمعالجة الذين ينتجون أضدادا ضد السترولين قبل أن تؤذي المناعة الذاتية نسجَهم بصورة نهائية. ومع ذلك، ينبغي أولا عمل تجارب سريرية إضافية للتأكد من أن هذه الأضداد الذاتية تتنبأ بدقة ببدء الأعراض في المفاصل. وإضافة إلى ذلك، يجب إيجاد اختبار معقول التكلفة، وملائم للتحري، ومترافق ببروتوكولات تحدد بدقة من هم الذين يجب اختبارهم ومتى يجب أن يُختبروا ومتى تُعاد الاختبارات.

 

وفي بعض الاضطرابات المناعية الذاتية الأخرى، يُحتمل أن يُمكّن كشفُ أضداد ذاتية تنبئية من إيقاف عمل نشاط المناعة الذاتية، وذلك عن طريق تفادي محفِّزات معينة في البيئة. والحالة الوثيقة الصلة بهذا الموضوع هي المرض البطني. ففي المصابين بتلك الحالة يقوم پروتين الگلوتين الموجود في القمح والجاودار والشعير بتحريض الجهاز المناعي على مهاجمة بطانة الأمعاء الدقيقة، فتفشل حينئذ في امتصاص الطعام كما ينبغي، ويتلو ذلك إسهال ونقص وزن وسوء تغذية. وينبغي للمرضى حذف الگلوتين من طعامهم، وذلك بتجنب الخبز والمعجنات والحبوب طوال حياتهم.

 

وأظهرت استقصاءات أسس المرض البطني أن الكثير من المرضى يصنعون أضدادا ذاتية تتفاعل مع ناقلة غلوتامين النسج، وهو إنزيم يحوّر كثيرا من الپروتينات المصنَّعة حديثا. وتنشأ هذه الأضداد الذاتية في زمن يمتد حتى سبع سنوات قبل ظهور الأعراض؛ مما يوحي أن الأفراد ذوي الخطورة العالية ربما يستطيعون القضاء على المرض تماما بوساطة حذف الگلوتين من طعامهم. ومع ذلك لم يتم اختبار هذه الفكرة حتى الآن.

 

مزيد من استخدامات

اختبارات الأضداد الذاتية(*******)

 

والآن يستكشف علماء المناعة إمكان استخدام الأضداد الذاتية كإنذار مبكر ينبئ بأمور أخرى. فعلى سبيل المثال، قد تساعد الأضداد الذاتية الأطباء على تقدير السرعة المحتملة لتقدم مرض تم تشخيصه، أو تقدير مبلغ الوخامة(10) التي قد يصير إليها مستقبلا.

 

فمن الغالب أن يبدأ ظهور التصلب المتعدد لدى المرضى بأعراض بسيطة نسبيا تختفي بعدئذ فترة من الزمن. وقد تستمر هدأة المرض لدى البعض مدة طويلة أو تكون الانتكاسات لديهم قابلة للتدبير. أما الآخرون فيتصارعون مع أعراض أكثر تواترا أو أشد وخامة، وقلة هم الذين يتمتعون بانعدام رجعات المرض. ويسعى الأطباء كي يميزوا مَن هم الأفراد الذين لديهم أعراض مبكرة للمرض وذلك ليتمكنوا من نصح مرضاهم بناء على تلك المعلومات. ففي سنة2003 كشفت دراسة أُجريت على أكثر من 100 فرد تم تعرُّف التصلب المتعدد حديثا لديهم، أن هؤلاء الذين أنتجوا أضدادا ذاتية موجهة ضد اثنين من الپروتينات التي تعزل الخلايا العصبية كانوا أكثر عرضة لمعاناة الانتكاسات بنسبة تقرب من أربعة أضعاف ما يحدث بين من ليست لديهم تلك الأضداد. إضافة إلى ذلك، فقد انتكس المرضى ذوو الأضداد الإيجابية بسرعة أكبر من سواهم. وتوحي هذه النتائج أن اختبار كشف الأضداد الذاتية قد يقدم وسيلة سريعة للتنبؤ بطريقة تطور التصلب المتعدد وسرعته، مع أن المزيد من الدراسة ما زال مطلوبا قبل أن توضع تلك الاختبارات قيد التطبيق العملي أو الاستخدام لتوجيه طريقة المعالجة.

 

 

اضطرابات قيد الدراسة (********)

 

 وجد الباحثون أضدادا ذاتية قد تستخدم كمتنبئات بخطر أو بتقدم عدد من حالات المناعة الذاتية غير الداء السكري، ومن بينها تلك المذكورة أدناه.

 

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2007/5-6/scan0015.gif

 

وفي السنوات القليلة الماضية توصّل الباحثون إلى اكتشاف مثير للاهتمام وهو ظهور أضداد ذاتية لدى بعض المرضى عند إصابتهم باضطرابات لا تُعدُّ حالات مناعية ذاتية، كما في بعض السرطانات. ومن المرجح أن هذه الأضداد الذاتية لا تتحكم في نمو الورم. ولكن المختبرات في العالم كله تتفحص الآن إمكان استخدام تلك الأضداد في الكشف المبكر عن السرطان. وفي حالات أخرى كالتصلب العصيدي، يتفحص الباحثون احتمال أن تدل الأضداد الذاتية على المرضى الأكثر عرضة لانسداد في الشرايين المغذية للدماغ، ومن ثم حدوث السكتة الدماغية لديهم.

 

تحديات علمية(*********)

 

إن معظم الدراسات التي قمت بمناقشتها لاتزال حتى الآن مقتصرة على عدد ضئيل من المختبرات الأكاديمية وعلى عدد قليل من أمراض المناعة الذاتية المهمة. ومع ذلك فقد بدأ الباحثون والشركات بتعرف القيمة المحتملة لهذه الپروتينات ابتغاء تحسين رعاية المرضى. وهم يسعون إلى توسعة نتائج الأبحاث، وكشف الأضداد الذاتية التنبئية المرتبطة باضطرابات مناعية ذاتية أخرى.

 

ومع ذلك تواجه هذه المهمة تحديا كبيرا. ويعود ذلك جزئيا إلى أن على الباحثين متابعة جمهرة كبيرة من الناس عدة سنوات لإثبات أن بإمكان أضداد ذاتية معينة أن تشير إلى مرض في المستقبل. وهذا يعني أنه ينبغي تجنيد ألوف البشر الأصحاء لكي يعطوا عينات من دمهم، ومن ثم متابعتهم بدقة على امتداد 10 سنوات أو أكثر لمعرفة ما إذا أصيبوا بالمرض. وفضلا عما تفرضه هذه الدراسات المستقبلية من مصاعب عملية (لوجستية)، فقد تكلف عشرات الملايين من الدولارات.

 

وهناك بديل من الانطلاق في الدراسات المستقبلية بدءا من نقطة الصفر، يتجلى في استخدام قواعد المعلومات الصحية المتوافرة حاليا، وإجراء دراسات استعادية retrospective. فعلى سبيل المثال، تتوافر عينات دم ومعلومات طبية تم جمعها على امتداد سنوات عديدة لأفراد جيش الولايات المتحدة الأمريكية ولنساء شملتهن «مبادرة صحة المرأة»، وهي دراسة واسعة النطاق ولاتزال مستمرة، وتخضع لها أكثر من000  1000 امرأة. وقد ينضم خبراء المناعة الذاتية إلى الباحثين في تلك المشروعات وغيرها لتعرُّف الأفراد الذين تم تشخيص مرض مناعي ذاتي لديهم، ثم القيام بفحص دمهم المخزون بحثا عن أضداد ذاتية تنبئية. وستكون هذه المقاربة قليلة التكلفة نسبيا، وقد تأتي بنتائج سريعة (وقد باشر بعض الباحثين فعلا التعاون مع مثل هذه المؤسسات).

 

ويشمل السبيل الآخر للهجوم تعرف مستضدات ذاتية لم يتم تعرفها إلى يومنا هذا. فبمقدور الباحثين تفحص قواعد المعلومات الجينية للبشر بحثا عن تسلسلات تكوِّد تلك الپروتينات ومن ثم استخدام المعلومات الناتجة لتصنيع هذه الپروتينات في المختبر. وقد تمكن الباحثون من أن يعينوا بدقة تلك الپروتينات التي هي مستضدات ذاتية، وذلك بمزج كل من الپروتينات المصنَّعة بدم مريض بأحد أمراض المناعة الذاتية، والسماح بتكون معقدات من الپروتينات والأضداد. ويمكن بتحليل مثل هذه المعقدات تعيين كل من المستضدات الذاتية في المجموعة والأضداد الذاتية التي تتعرفها. وبعد إتمام ذلك، يمكن تقرير القيمة التنبئية للأضداد الذاتية في دراسة تستشرف المستقبل أو تستعرض الماضي.

 

 

 فحوصات طبية مستقبلية(**********)

 

 ربما تمكن الأطباء ذات يوم من تضمين تحري الأضداد الذاتية في الفحوصات النمطية.

1 – يمكن إعطاء عينة دم للمختبر، الذي سيقوم باستخلاص الپلازما (الجزء اللاخلوي).

2 – ويمكن أن نطلي بالپلازما شيپة تحوي أعدادا كبيرة من المستضدات الذاتية (جزيئات معروفة بقدرتها على إحداث تفاعلات مناعة ذاتية) الموجودة في مواضع معروفة. إن أي أضداد ذاتية في الدم سوف ترتبط بالمستضدات الذاتية، مطلقة إشارات تدل على هوية وكمية الأضداد الذاتية المرتبطة.

3 – تتم ترجمة هذه المعلومات إلى تنبؤ بخطر تعرض المريض للإصابة بأمراض نوعية.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/014.gif

 

إن مقاربة الجينوم (المجين) الكامل، بغية عزل المستضدات الذاتية، عويصة. ومع ذلك فإن بعض المجموعات البحثية تقوم حاليا بتقصي وجائب batches أقل من الپروتينات بهذه الطريقة. وفي مختبري، على سبيل المثال، نقوم بالتفتيش عن مستضدات ذاتية جديدة متورطة في النمط 1 من الداء السكري بوساطة تصنيع عشرات من الپروتينات الپنكرياسية المنتقاة والمعروفة بتدخلها في إفراز الأنسولين، ومن ثم اختبار ما إذا كانت هناك أضداد ذاتية موجودة في دم مرضى الداء السكري مرتبطة بهذه الپروتينات.

 

تحديات عملية(***********)

 

إن الطب كما نعرفه، يتطور من تشخيص الأمراض ومعالجتها بعد وقوعها إلى التنبؤ بها لمنع حدوثها. وبعد 10 سنوات أو 20 سنة سيصبح تقصي الأضداد الذاتية، لبعض الأمراض على الأقل، وعلى نحو شبه مؤكد، جزءا مألوفا من الفحص الطبي النمطي.

 

ففي المستقبل، قد يجري اختبار دم المرضى الذين سيزورون أطباءهم للفحص الطبي المعتاد، وذلك بحثا عن العديد من الأضداد الذاتية التنبئية في اختبار واحد. ولن يكون مستغربا أن يرسل الطبيب عينة من الدم لمختبر ما لتحليل الأضداد الذاتية فيها، إضافة إلى الاختبارات النمطية للكولستيرول وگلوكوز الدم وغيرهما من المشعرات الطبية. وبوساطة آلة هناك يجري تمرير الدم على شيپة chip صغيرة جدا تعرض عددا كبيرا من المستضدات الذاتية المعروفة. وتحفز الأضداد الذاتية في الدم، التي ترتبط بواحد أو أكثر من تلك المستضدات، نبضات ضوئية يلتقطها كاشف. وخلال ساعات يتلقى الطبيب بيانات على أداة تترجم تلك المعلومات إلى تنبؤات طبية. ولا يعني وجود الأضداد التنبئية بالضرورة أن مريضا ما سيصاب حتما بالمرض، وإنما يعني أن هناك نسبة مئوية لاحتمال خطورة الإصابة بالداء السكري وغيره من الحالات الأخرى التي تتطور على امتداد العديد من الشهور أو السنوات.

 

وقد يتم تجميع هذه الاختبارات مع غيرها من المقايسات البيولوجية (الحيوية)(11) لإعطاء تنبؤات صحية أكثر دقة. وفي حالة النمط 1 من الداء السكري، يلاحظ وجود أنماط معينة من الجينات التي تنظم الجهاز المناعي (تُسمى جينات HLA)، ومن المعروف أن هذه الجينات ترتبط أيضا بخطر حدوث المرض. وقد تضم المعايرة الإنذارية اختبارات للجينات HLA المختلفة فضلا عن اختبارات للأضداد الذاتية التنبئية.

 

إن تصور القدرة على التنبؤ أمر جذاب، ولكن حتى بعد التغلب على جميع صعاب تعرف الأضداد الذاتية التنبئية تبقى هناك مشكلات أخرى ينبغي حلّها تمهيدا لاستخدام هذه الأضداد الذاتية التنبئية في الطب السريري. ويتعلق أحد تلك الأسئلة الحرجة المطروحة بالتكلفة. ففي الوقت الراهن يعتبر التحري المختبري للأضداد الذاتية التنبئية مرهقًا ويحتاج إلى عمل مكثف. كما أن تحري جموع كبيرة بحثا عن أضداد ذاتية متعددة لن يكون عمليا إلا عندما يتم تصميم وسائل مؤتمتة (آلية) سريعة وغير باهظة التكلفة للكشف عنها. وحتى اليوم ثمة عدد قليل من شركات التقانة البيولوجية الصغيرة يحاول ابتكار مثل هذه الوسائل.

 

 

 

مشكلات التنبؤ (************)

 

 قبل استخدام الأضداد الذاتية على نطاق واسع للتنبؤ بخطر تعرض المريض لمرض مستقبلي هناك العديد من الضوابط الأخلاقية الصارمة والمسائل التطبيقية التي يجب أن توضع في الاعتبار.

 

 هل ينبغي للأطباء إجراء اختبارات لأمراض ليس لها علاجات وقائية أو أدوية شافية؟ http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/76.gif
ما هي أفضل وسيلة لكي نضمن أن المرضى يتفهمون أن الاختبار الإيجابي لا يعني أن المرض سيتطور حتما، وإنما يشير إلى قدر معين من احتمال الخطر؟ http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/77.gif
كيف يمكن تخفيض مخاطر النتائج الإيجابية أو السلبية غير الصحيحة بحيث لا يتم تحذير إلا عدد ضئيل من المرضى بغير داع أو طمأنتهم بالخطأ؟ http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/76.gif
هل تكلفة الفحص الروتيني قابلة للتسويغ بعدد المرضى الذي يمكن أن يكونوا عرضة للخطر ويمكنهم أن يستفيدوا من العلاج المبكر؟ http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/77.gif
فيما يتعلق بالأمراض المناعية الذاتية التي تتكرر في العائلات، هل ينبغي فحص أعضاء عائلة شخص مصاب، وهل سيكون التعايش مع الانزعاج بسبب نتيجة تفيد أن فرصة الخطر عالية أسهل على الفرد من القلق الناشئ عن عدم المعرفة؟ http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/76.gif
هل سيؤدي اختبار إيجابي إلى تمييز من جانب أرباب العمل، أو جهات التأمين الصحي، أو المجتمع بصورة عامة؟ http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/5-6/77.gif

 

وهناك مشكلة أخرى ينبغي اتخاذ قرار بشأنها وتتعلق بمن هم الناس الذين يجب تحريهم، ومتى يجب تكرار التحري. ومن غير المنطقي اختبار الأطفال للأمراض التي لا تصيب إلا البالغين، والعكس صحيح أيضا. وبالمثل، إن تكرار التحري ينبغي أن يعتمد إلى حد ما على ما إذا كانت الأضداد الذاتية تميل إلى الظهور سنوات عدة قبل بدء الأعراض السريرية أو بضعة أشهر قبلها.

 

إن توافر العلاج هو، إلى حد بعيد، أهم عامل يتحكم فيما إذا كان تحري الأضداد الذاتية التنبئية سيصبح واسع الانتشار. وقد يجادل البعض بأن الشروع في إجراء اختبارات تنبئية للأمراض يكاد يكون بلا معنى إن لم يكن ممكنا تقديم علاجات وقائية للمرضى، أو علاجات تحسن سيرورة المرض. وتُجرى الآن أبحاث واسعة مكثفة لتطوير علاجات جديدة لأمراض المناعة الذاتية، ونظرًا لأن الحالات المرضية شديدة التعقيد والتنوع فقد لا يتحقق التقدم سريعا.

 

وبالطبع فإن القدرة على التنبؤ بحياة شخص ما أو موته تثير مسائل أخلاقية شائكة؛ فقد يختار بعض الناس ألا يطلعوا على أرجحية إصابتهم بمرض ما، وعلى الأطباء أن يحرصوا على احترام هذا القرار. وقد يُقلق المرضى احتمال حصول شركات التأمين أو أرباب العمل على معلومات طبية عن صحتهم، وإمكان استخدامها ضدهم والتحامل عليهم حتى وهم لايزالون أصحاء. وكما هي الحال في الاختبارات الجينية، تتطلب مثل هذه المشكلات مناقشات عميقة.

 

ولطالما أثار التنبؤ بالمستقبل فضول الناس وأخافهم. ومع ذلك، فإن استخدام المعرفة التنبئية بطريقة صحيحة، قد يفيد ملايين المرضى والأطباء الذين قُدِّر عليهم خوض معركة ضد أمراض المناعة الذاتية. فللأضداد الذاتية التنبئية قدرة كامنة على تخفيف البؤس الشديد، والمساعدة على توفير سنوات إضافية من الحياة الصحية، وذلك عن طريق جعل إجراء التدخلات المبكرة ممكنا.

 

المؤلف

 Abner Louis Notkins

 

 رئيس قسم الطب التجريبي في المعهد الوطني لأبحاث الأسنان والمنطقة القحفية الوجهية (NIDCR) بالمعاهد الوطنية للصحة (NIH). وقد حصل على البكالوريوس من جامعة ييل وعلى شهادة الطب من جامعة نيويورك، وتدرب في قسم الطب الباطني في مستشفى جونز هوپكنز. وقد قضى <نوتكينز> جلّ حياته المهنية طبيبا باحثا في المعاهد NIH، حيث عمل مديرا علميا في المعهد NIDCR قبل ارتقائه إلى منصبه الحالي. كما أجرى أبحاثًا مستفيضة في علم الکيروسات والمناعة والداء السكري. وفي عام 1986 حصل على جائزة بول إرليخ. ومقالته هذه هي الثالثة لمجلة Scientific American.

 

  مراجع للاستزادة 

 

Immunologic and Genetic Factors in Type 1 Diabetes. Abner Louis Notkins in Journal of Biological Chemistry, Vol. 227, No. 46, pages 43545-43548; November 15, 2002.

 

Antimyelin Antibodies as a Predictor of Clinically definite Multiple Sclerosis after a First Demyelinating Event. Tomas Berger et al. in New England Journal of Medicine, Vol. 349, No.2, pages 139-145; July 10, 2003.

 

Development of Autoantibodies befor the Clinical Onset of Systemic Lupus  Erythematosus . Melissa R . Arbuckle et al .in New England Journal of medicine , Vol. 349, No.16, pages 1526-1533; October 16, 2003.

 

Autoantibodies as Diagnostic and Predictive Markers of Autoimmune Diseases. Edited by Abner Louis Notkins, Ake Lernmark and David Leslie in Autoimmunity, Vol. 37, No. 4, pages 251-368; June 2004.

 

Diagnostic and Predictive value of Anti-Cycle Citrullinated Protein Antibodies in Rheumatoid Arthritis: A Systematic Literature Review. J Avouac, L. Gossec and M. Dougados in Annals of Rheumatic Diseases, Vol. 65, No.7, pages 845-851; July 2006.

 

(*)NEW PREDICTORS OF DISEASE

(**) Overview/ Predictive Antibodies

(***) Early Insight from Diabetes

(****)Potential Uses

 (*****) LESSONS FROM DIABETES

(******)  Predicting Other Diseases

(*******) More Uses for Autoantibody Tests

(********)Disorders under Study

(*********) Scientific Challenges

(**********) CHECKUPS OF THE FUTURE

(***********) Practical Challenges

(************) Problems of Prediction

 

(1)autoantibodies

(2) جمع بكتيرة

(3) T lymphocytes

(4) scan

(5) genetic screening

(6) islets of Langerhans

(7) infiltrated

(8) glutamic acid decarboxylase

(9) rheumatologists

(10)how severe

(11)biological assays

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى