أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيولوجياعلم الأحياء التطوريعلم الجينات والوراثة

الحياة الداخلية للجينوم

 

الحياة الداخلية للجينوم(*)

إن الطريقة التي تنتظم بها جيناتنا وتتحرك
ضمن الفضاء الثلاثي الأبعاد لنواة الخلية تؤثر بعمق
في كيفية عمل هذه الجينات في حالتي الصحة والمرض.

<T.ميستلي>

 

 

 

باختصار

   لا تتناثر الصبغيات (الكروموسومات)chromosomes بشكل عشوائي داخل النواة،  ولكنها تشغل مواقع مفضلة.

   يعكس هذا التنظيم النووي nuclearorganization الحالة الوظيفية لكل صبغي  وللجينات التي يحملها. ويمكن لهذا التنظيم أن يتغير حين يتبدل سلوك الخلية أو في حال المرض.

   إن تحديد المواقع التي تشغلها الجينات داخل النواة – رؤية كيفية تغيير هذه المواقع في الظروف المختلفة يوفر مفاتيح حل ألغاز آليات عمل الخلايا الطبيعية وكيفية نشوء الأمراض بما فيها السرطان.

 

قبل عشرة أعوام أعطى نشر سلسلة الجينوم البشري العالم مخططا أوليا لإنسان. ولكن مجرد معرفتنا بقائمة قطع غيار سيارة لا يعني أننا سنفهم كيف يعمل محركها، وكذا فالمتتالية الكاملة للجينوم – وهي قائمة أحرف الدنا DNAفي جميع صبغيات الخلية البشرية –  لم توضح كيف يوجه الجينوم الآلية اليومية لعمل خلايانا ولا كيف يسمح للكائن الحي بالتطور من بويضة مخصبة إلى كائن بالغ فاعل.

 

ولفهم أفضل للطريقة التي يتحكم فيها الجينوم ككل في سمفونية النشاط البيولوجي المسمى حياة، أقوم مع آخرين في هذا المجال الجديد لجينوم بيولوجيا الخلية بفحص كيفية توزع الصبغيات وما تحمله من جينات ضمن الفضاء الثلاثي الأبعاد لنواة الخلية، وكيف يتحكم هذا التوزيع الفراغي في نشاط تلك الجينات.

 

وبمساعدة تقانة تصوير ثلاثي الأبعاد جديدة تسمح لنا بالغوص عميقا أكثر من أي وقت مضى في أعماق الخلية الحية، اكتشفنا نظاما بيئيا مهتزا بشكل مذهل. ففي داخل النواة، تتفاعل الصبغيات فيزيائيا مع صبغيات مجاورة، فتهاجر الجينات المحمولة على تلك الصبغيات إلى مناطق مختلفة من النواة وذلك حسب المهمة المطلوب منها تحقيقها، وتتجمع الجزيئات المسؤولة عن تنظيم عمل الجينات على شكل مراكز صاخبة بالنشاط. وهذه الاكتشافات الجديدة تقدم مفاهيم جديدة حول كيفية محافظة الجينومات على صحتنا وصيانتها لها وكيفية ظهور بعض الأمراض بما في ذلك السرطانات، ويمكن لهذه المفاهيم أن تقود أيضا إلى اكتشاف طرق جديدة في تشخيص الأمراض.

 

أسئلة مبكرة(**)

 

لقد بزغ هذا التقدم الحديث من اكتشافات ثمانينات القرن الماضي. حينذاك، عرف علماء الحياة أن الصبغيات تتكثف بشكل كبير خلال الانقسام الخلوي، ويغدو شكلها شبيها بالساعة الرملية وهي الصورة التي يتخيلها أغلبنا عندما نفكر في الأجسام التي تحمل جيناتنا من جيل إلى آخر. وقد عرفوا أيضا أن الصبغيات تتخذ أشكالا أقل تحديدا حين لا تنقسم الخلية عند قيامها بأعمالها الروتينية. وقد جعل هذا المظهر المرتخي من الصعوبة بمكان تحديد الصبغيات بشكل منفرد حتى ولو استخدمنا أفضل الميكروسكوبات (المجاهر)microscopes. وقد ساد رأي عام بأن وضع الصبغيات في الخلايا غير المنقسمة يتشابك مثل السباگيتي في طبق.

 

وقد ساد هذا الرأي على الرغم من وجود بعض ما يشير إلى عكس ذلك. ففي بداية القرن العشرين، عارض عالم الخلية الألماني <T.بوڤيري> ما سمي بنمط  السباگيتي لتنظيم الصبغيات. وبناءً على دراسات أجراها على نوع من الديدان الأسطوانية التي تصيب الأحصنة، جادل في أنه على الرغم من أن الصبغي يستطيع أن يغير حجمه وشكله خلال الحياة الخلوية، فإن كل صبغي يشغل حيزا محددا ومميزا داخل النواة. وقد استخدم للمرة الأولى مصطلح «مناطق صبغية(1)» للأجزاء التي يسكنها كل صبغي داخل النواة. ولكن بسبب صعوبة رؤية الصبغيات، ولكون الدودة الأسطوانية التي يدرسها <بوڤيري> لم  تكن النظام التجريبي النموذجي، ظل مفهومه عن المناطق الصبغية مهمشا لزمن طويل.

 

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2011/5-6/2011_05_06_028,029.jpg
صبغيات في خلية منقسمة (في اليمين) تضاعفت وتكثفت إلى حد كبير. ولكنها في أوقات أخرى تكون منفردة وأكثر تمددا (في الأعلي). وقبل ظهور التقنيات الحديثة لتلوين الصبغيات، كان يصعب التمييز بين صبغي وآخر في حالة التمدد.

 

جاء الدليلُ التجريبي القاطع على فكرة المناطق الصبغية من قبل ألمانيين آخرين هما الأخوان <T.وC.كريمر>، عندما طورا طريقة لتعليم وإظهار المادة الجينية في منطقة صغيرة داخل النواة. لقد أظهر الأخوان <كريمر> في بداية  ثمانينات القرن العشرين أنه عند تعريض منطقة محددة من النواة لحزمة ليزرية، فإن عددا قليلا من الصبغيات سيجري وسمه. فلو كان الدنا في النواة، كما كان يُعتقد سابقا، متشابكا ومختلطا فإن ومضات الليزر كانت ستصيب عددا أكبر بكثير من الصبغيات.

 

وبعد سنوات قليلة، أتقن الباحثون طريقة أكثر دقة وتحديدا لرسم الصبغيات ورؤيتها بأكملها. وقد سميت هذه الطريقة «تلوين الصبغيات»(2)التي تقوم بإضافة مؤشرات لونية مشعة fluorescent إلى أحرف تسلسل الدنا  في كل كروموسوم على حدة. ويمكن وسم كل صبغي بلون مشع مغاير ويمكن تحديد مكانه بدقة. وأوضحت هذه الدراسات ومن دون لبس أن الصبغيات توجد داخل النواة على شكل وحدات متميزة وتشغل فراغا منفصلا عن باقي الصبغيات [انظر المخطط الميكروي في الصفحة المقابلة].

 

لقد أثار هذا الاكتشاف أسئلة كثيرة يعكف الآن علماء جينوم الخلية على النظر فيها: هل تتوزع الصبغيات بشكل عشوائي داخل النواة كما هو الحال حين يتوزع الضيوف على مقاعدهم بشكل عشوائي؟ أو أن هناك «مقاعد محددة» للصبغيات داخل النواة؟ والأهم من ذلك، هل تؤثر مواقعها في نشاط الجينات التي تقطنها؟

 

المناطق المفضلة(***)

 

نعرف الآن أن كل صبغي يحتل مكانا مفضلا له داخل النواة؛ ففي خلايا كريات الدم البيضاء للإنسان مثلا، يحتضن الصبغي رقم 18 الجدار الخارجي للنواة. أما الصبغي رقم 19 فإنه يفضل البقاء في منطقة المركز، في حين أن الصبغي رقم 7  يتأرجح بين هذا وذاك. إن نزعة كل صبغي لأن يحتل مكانا محددا  بالنسبة إلى حافة النواة (قربا أو بعدا) قد تخلق مناطق متباينة ضمن النواة. وكنتيجة لذلك، فإن كل صبغي سيكون له مجموعة من الجيران، ويكون هذا ثابتا في الخلايا التي تنتمي إلى النمط نفسه. فمثلا في دراسات أجريت على خلايا الدم البيضاء لدى الفأر، فقد برهنتُ مع زملائي على أن الصبغي 12 غالبا ما يتضافر مع الصبغيين 14 و 15.

 

ولكن مواقع الصبغيات ليست محفورة في الصخر. فقد اكتشف مختبري أن الصبغيات تكون منضدة بشكل مختلف في الخلايا المتباينة من حيث النوع، وقد وجد باحثون آخرون أن هذا التنضيد يتغير خلال مراحل النمو وفي المرض. إضافة إلى ذلك، يبدو أن المكان الذي يتموضع فيه الصبغي يؤثر فيما إذا كانت الجينات التي يحملها ستنشط أو ستتوقف عن العمل.

 

جاءت الإشارة إلى أن موقع الجين في داخل النواة قد يكون مهما لنشاطها، من الاكتشافات التي وضّحت أن بعض الجينات تُغير مكانها حين تغير من نشاطها. أحد أمثلة ذلك هو الدراسات التي تتعقب الجين المسمى GFAP. ونمطيا تمتلك الخلايا الدماغية الشبيهة بشكل النجمة – والمسماة خلايا نجميةastrocytes – نسخةً واحدةً نشطة من الجين GFAP (وهي النسخة التي تستخدم  لصنع الپروتين المحدد للجين)، وتمتلك كذلك نسخة ثانية صامتة (غير فاعلة). اكتشف الباحث <T.تاكيزاوا> في مختبري أن النسخة الصامتة من الجين عادة  ما تتموضع باتجاه طرف النواة، بينما تسكن النسخة النشطة في مركز النواة، وقد وجد باحثون آخرون أوضاعا مشابهة بالنسبة إلى الجينات المسؤولة عن حفظ كودات الأجسام المضادة الدفاعية أو الإيميونوچلوبيولين immunoglobulin والتي تفرزها كريات الدم البيضاء حين تعرُّضها لغزو خارجي. وعند تحفيز كريات الدم البيضاء بواسطة تعريضها لخلايا غريبة فإن رد فعل جزء الصبغي الذي يحمل الجين المعروف باسم IGH، والذي يحمل كود مكونات الإيميونوچلوبيولين، يميل إلى التوجه إلى منطقة أكثر مركزية داخل النواة. وهكذا، فقد أشارت هذه الاكتشافات مجتمعة إلى وجود قاعدة بسيطة حول كيفية تأثير موضع الجين في وظيفته. وغالبا ما تكون الجينات الواقعة عند أطراف النواة صامتة.

 

 

أساسيات

مستويات التنظيم(****)

   منذ زمن طويل، عرف البيولوجيون أن الدنا DNA في الصبغيات  يطوى بطرق معقدة (الرسم البياني). وقد وضحوا الآن أن الصبغيات المفردة تحتل مناطق محددة في النواة (المخطط الميكروي), وأن بعض الصبغيات تفضل طرف النواة، في حين تفضل صبغيات أخرى أن تتموضع بالقرب من المركز. إضافة إلى ذلك، فإن المنطقة التي تقع فيها الصبغيات وأي صبغي يقع بالقرب من الآخر، هما العاملان اللذان يؤثران بشدة في كيفية عمل الخلايا.

هندسة الصبغي

   يكون الدنا في كل صبغي من صبغياتنا الـ 46، ملتفا حول مكباتspools تتألف من بروتينات هستونية ومن الدنا المغزول على المكبات، ويعرف الدنا المتراكب مع الپروتين جمعا باسم الكروماتين cromatin. ولو تم ترتيب خيوط الدنا في جميع خلايا الجسم الواحد تلو الآخر, فإنه سيعادل 100 مرة المسافة بين الأرض والشمس ذهابا وإيابا.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2011/5-6/2011_05_06_031_a.png

هندسة النواة

   خلال الخمس عشرة سنة الماضية ، أظهر تطور الميكروسكوب خطأ الفكرة التي سادت لزمن طويل بأن الصبغي يتموضع بشكل عشوائي وغير منظم في داخل نواة الخلية كخيوط السباگيتي المطبوخة وهي في الصحن. وفي هذه الصورة تلون الصبغيات بشكل فردي في نواة الخلايا الليفية fibroblast.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2011/5-6/2011_05_06_031_b.jpg

 

 

هل يوجد شيء ما في طرف النواة الخارجي يحبذ إسكات الجين؟ جاءت إشارة مبكرة إلى أن الجواب هو نعم، وذلك من خلال الملاحظة التي تعود إلى ثلاثينات القرن العشرين بأن أطراف النواة مبطنة بالهيتروكروماتينheterochromatin، وهي عبارة عن مناطق صبغية شديدة الكثافة. لو حدث وكانت لك قدرة خارقة على رؤية الصبغيات من الداخل فإنك سترى أنها تتكون من دنا يتألف من سلسلتين حلزونيتين تلتفان على مكب يتألف من الپروتينات المسماة بالهستونات histones، وأن الدنا يلتف على نفسه عدة مرات ليشكل أليافا سميكة تسمى بالكروماتين chromatin [انظر المخطط الميكروي أعلاه]. وتلتف ألياف الكروماتين بدورها على نفسها لتأخذ شكلا شديد الكثافة. أما الهيتروكروماتين فهو شكل خاص من الكروماتين يلتف بشدة بشكل خاص بطريقة تمنع عادة الپروتينات القارئة للجينات من الوصول إلى الدنا داخلها.

 

 

 

نتائج

أدلة جديدة حول التنشيط الجيني(*****)

   لسنوات عديدة ، امتلك العلماء فهما جيدا للآليات الجزيئية التي تنشط الجين (الصورة العليا)، يتم إنتاج أجزاء الصبغيات التي تحمل كودات الپروتينات وجزيئات الرنا في الخلايا. ولكن الآن، وبفضل الأدوات الحديثة استطاع العلماء النظر إلى مستويات أعلى من التحكم الجيني: تلك المفروضة من قبل هندسة النواة (في الأسفل).

أساسيات التنشيط الجيني

   يتم تحفيز الجين أو قراءته بعد أن ترتبط پروتينات تسمى عوامل الاستنساخ transcription factors بمناطق خاصة تسمى بالمنطقة المنظمة  الموجودة في الجين، وهذا الارتباط يسمح لمجموعة من الإنزيمات المسماة رنا پوليميريز RNA polymerases  بالقيام باستنساخ أحرف الدنا  التي يكودها الجين، أو النكليوتيدات إلى نسخ من الرنا. وفي حالة الجينات المكودة للپروتين، فإن جزيئات الرنا المستنسخة والمسماة الرنا تهاجر إلى سيتوپلازم cytoplasm الخلية، حيث يجري هناك ترجمتها  إلى پروتينات خاصة بواسطة الأجسام الريبوسومية.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2011/5-6/2011_05_06_032_a.jpg

مفاهيم جديدة

   يعرف الباحثون الآن أن لمحيط النواة تأثيرا في إسكات الجينات، وأن مركز النواة ينشّط الجينات. وعندما تبرز الحاجة إلى جين خامل فإن الدنا المعنيّ في ذلك الجين يبتعد قليلا عن الصبغي الذي يحمله (الرسم البياني). وعندما يجد الجين نفسه في مصنع الاستنساخ – وهي منطقة مليئة بعوامل الاستنساخ وإنزيمات الپوليميريز – فإنه يُفعّل بشكل كامل. وتستطيع عوامل الاستنساخ المرتبطة بالجين على أحد الصبغيات، في بعض الأوقات (غير معروض)، تنشيط جين آخر محمول على صبغي مجاور.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2011/5-6/2011_05_06_032_b.jpg

 

بالطبع، لم تستطع هذه الملاحظة المبكرة توضيح ما إذا كانت أطراف النواة هي التي تحفز إسكات الجينات أو أن الكروماتين المضغوط ينجذب إلى تلك المنطقة نتيجة لأسباب أخرى. ولكن مجموعة من التجارب المختبرية البارعة التي قامت بها مختبرات عديدة في عام 2008، تميل إلى وجهة النظر الأولى. فعندما نزع الباحثون الجينات الفعالة من مكانها الطبيعي في داخل النواة وربطوها بالغلاف المحيط بالنواة، انخفض نشاطها بشكل عام. وعليه تساعد أطراف النواة على إبقاء بعض الجينات على الأقل صامتة.

 

أما مركز النواة فيمكنه أن يقدم أشياء خاصة للصبغيات وللجينات المطلوب منها أن تتنشط بسرعة أو بشكل متكرر: وهي مجموعات پروتينية تعرف بمصانع الاستنساخ(3)؛ وهذه «المصانع» عبارة عن تكتلات من أجزاء خليوية تكون مطلوبة في عملية تنشيط الجينات ومنها إنزيمات الپوليميريزpolymerase (المسؤولة عن استنساخ الدنا إلى الرنا، والذي بدوره سيتم ترجمته  إلى پروتين ذي كودٍ)، وأيضا عوامل الاستنساخ (وهي پروتينات تستطيع أن ترتبط بمناطق التحكم في الجينات وتبدأ الپوليميريزات عملها في هذه المناطق.)

 

إن أول من اقترح وجود هذه المصانع هو <P.كوك> [من جامعة أكسفورد]، وكان ذلك في عام 1993 بعد ملاحظته أن عدد الجينات النشطة في داخل النواة،  في أي وقت من الأوقات، هو أكثر بكثير من عدد المواقع التي تنشط فيها الپوليميريزات في قراءة الجينات. وأوضح طريقة لتفسير هذا النمط هو تجمع عدد من الجينات حول مركز لأنشطة الاستنساخ، حيث تتشارك في الپوليميريزات وعوامل الاستنساخ [انظر المؤطر في الصفحة المقابلة]. وهذه الفكرة ليست من دون سوابق: فمئات الجينات التي تحمل كودات (وهو جزء حيوي وضروري للآلية الخلوية المسؤولة عن استنساخ الپروتين) تنسخ مجتمعة في داخل النويّة nucleolus – التي هي إحدى عضيات النواة، والتي  يمكّن حجمها الكبير من رؤيتها تحت المجهر.

 

تنتشر الصبغيات بشكل مختلف في أنواع الخلايا المختلفة، وتتغير هذه المواضع خلال النمو. ويبدو أن المكان الذي يكون فيه الصبغي هو الذي يتحكم في الجينات التي يحملها، كأن تكون نشطة أو صامتة.

 

قضايا صحية(******)

 

إلى الآن، لم يصل علماء بيولوجيا جينوم الخلية إلى جميع القواعد المنظمة لعملية النشاط الجيني في الأجزاء المختلفة من النواة. ولكن قد بيّنا أن الحيّز الذي يشغله الجين داخل النواة له أهمية كبيرة في عملية النمو الطبيعي وفي الصحة.

 

أحد الأمثلة المدهشة بالذات هو كيفية تغيير تنظيم الجين خلال النمو الطبيعي للخلايا الجنينية نتيجة دراسات الخلايا الجذعية الجنينية. هذه الخلايا هي خلايا عامة متعددة القدرات تتمتع بميزة خاصة تمكنها من أن تتمايز إلى ما يقارب 220 نوعا أو نحوها من الأنسجة المتخصصة في الجسم،  كالخلايا العصبية وخلايا الدم أو العضلات. وعلى خلاف الخلايا الكاملة التمايز فإن الخلايا الجذعية الجنينية التي تتميز بمرونتها الوظيفية، تفتقر إلى المناطق الكبيرة من الهيتروكروماتين الذي تكون الجينات عنده صامتة. كما أنها تفتقر إلى الپروتينات المعروفة باللامينات Lamins والتي تساعد على ربط  الدنا غير النشط بطرف النواة. ونتيجة لذلك، فإن جميع الجينات الموجودة في جينوم الخلايا الجذعية تكون فعالة ولو على مستوى منخفض.

 

عندما تستقبل الخلايا الجذعية الجنينية إشارة للبدء بالتمايز مثلا إلى خلايا عظم أو إلى عصبونات، فإن بنيتها النووية تتغير بشكل كبير، بحيث تظهر پروتينات اللامينات وترتبط معا لتشكل حصيرة مجدولة تسمى اللامينا النووية nuclear lamina وتتموضع أسفل الغلاف النووي. ويعتقد أن هذه  اللامينا الداعمة هي التي تحافظ على شكل النواة، وهي التي تحمي الصبغيات من الضغط الميكانيكي الخارجي. ولكن يبدو أيضا أنها تتدخل في عملية التنظيم الجيني. إن قطع الصبغيات التي تتضمن عددا أقل من الجينات النشطة، تحوي پروتينات بنيوية مسؤولة عن ضغط هذه المناطق في هيتروكروماتين وتربطها باللامينات في أطراف النواة. وسيترك هذا التحديد المكاني المناطق الصبغية التي تحتوي على جينات نشطة قريبة من المركز النووي وقريبة من المصانع الجينية، مما يسمح للجين بأن ينشط. وهكذا يسمح ظهور اللامينات خلال فترة التطور الجنيني للخلايا أن توقف عمل جيناتها التي لم تعد بحاجة إليها، ويتم ذلك بنفيها إلى أطراف النواة.

 

هذا وتدعم الملاحظات حول ما يحدث للأمينات عندما تشذ في سلوكها، الفكرة القائلة بضرورة نفي (إبعاد) أجزاء مختارة من الصبغيات كي تتمكن بقية الجينات من القيام بعملها المطلوب في الخلايا المتمايزة. وتؤدي الطفرات في اللامينات إلى أمراض متنوعة تبدأ بالحثل العضلي muscular dystrophy والاضطرابات العصبية وصولا إلى الشيخوخة المبكرة. وهذه المجموعة من الأمراض تسمى بأمراض اللامينات laminopathies، وهي أمراض غريبة نظرا لاتساع مداها: على عكس معظم الحالات المرضية التي يحدث فيها المرض نتيجة إصابة جين ما بطفرة ما، فإن الطفرات في اللامينات تسبب طيفا واسعا من الأمراض بشكل غير عادي. ولم يتأكد علماء بيولوجيا الخلية من الطريقة التي تسبب بها اللامينات المعطوبة هذه الأمراض. أحد الاحتمالات هو أن حدوث طفرة اللامينات تضعف منطقة اللامينا، ولا تسمح لها بأن تقوم بدورها الطبيعي في حماية النواة من تأثير القوى الميكانيكية الخارجية، ونتيجة لذلك يعطب فعليا معظم الجينوم في الخلايا الحساسة، وربما يؤدي إلى موت الخلية. وهناك فكرة أخرى مثيرة وهي أن الپروتينات اللامينية المعطوبة ربّما لا تقوم بدورها المختص في تنظيم الصبغيات داخل النواة، وبالتالي تتموضع الجينات في المكان غير المخصص لها، مما يؤثر في وظيفتها الطبيعية.

 

إن الدراسات التي اهتمت بتحديد مكان الصبغيات في خلايا المرضى الذين يعانون أمراض اللامينات تميل إلى دعم النظرية الثانية: أظهرت إحدى الدراسات موضعا شاذا للصبغيين رقم 13 و 18 بانتقالهما من الطرف إلى  الداخل في الخلايا التي تحمل طفرات مرضى اللامينات، ولكن ليس واضحا حتى الآن ما إذا كانت إعادة تموضع الصبغيات نتيجة للمرض أم إنها عامل مساعد على حدوث المرض.

 

يؤدي تموضع الصبغي دورا مركزيا بشكل أوضح في بعض السرطانات. تحتوي الخلايا الخبيثة في الغالب على ما يسمى بالانتقالات الصبغيةchromosomal translocations، وهي صبغيات شاذة تنشأ عندما ينكسر جزء من أحد الصبغيات ليلتصق بآخر [انظر المؤطر في الصفحة المقابلة]. وتسبب هذه الانتقالات، في بعض الحالات حدوث السرطان لأن الالتحام يخلق طفرة جينية تحفّز التكاثر المفرط للخلية وفي حالات أخرى لا يكون لها أي أثر.

 

من أكثر التطورات العلمية إثارة كان الإدراك بأن معرفة مواقع الصبغيات الطبيعية في داخل النواة يمكن أن تعطي فرصا لاكتشاف السرطان.

 

وقد تبين أن الصبغيات التي تتجمع لتشكل انتقالات محفزة للسرطان تتأثر بالمكان الذي تشغله الصبغيات في داخل النواة: الصبغيات التي توجد معا داخل النواة تميل إلى الاندماج بشكل أكثر. فإذا أخذنا حالة سرطان الدمليمفوما بوركيت Burkitt’s lymphoma لوجدنا أن عددا كبيرا من المصابين بهذا المرض لديهم انتقال بين الجين MYC المتموضع على الصبغي رقم 8 والجين IGHالمتموضع على الصبغي رقم 14. وفي حالات نادرة يتبدل الجين MYC مع جينإيمينوگلوبيولين(4) آخر على الصبغي رقم 2 ويدعى IGK، وبشكل أكثر ندرة يحل محل الجين المسمى IGL على الصبغي رقم 22. وفي عام 2003 اكتشف<J.رو> [الذي يعمل بمختبري] أن متوسط المسافة من النواة بين الجين MYC والجينات الثلاثة التي تتشارك معه في الانتقالات يتناسب طردا مع تكرار الانتقالات بما يدل على وجود رابط بين المسافة بين الجينات ونسبة حدوث ما يسمى بالانتقال. وقد وجد الرابط نفسه في عدد من السرطانات الأخرى.

 

وقد أظهر مختبري أيضا بأنه عندما ينكسر الصبغي فإن نهايات الصبغي المقطوعة تبقى قريبة من مكانها الطبيعي ولا تبتعد عن المنطقة التي تشغلها في العادة. وهذه الملاحظة تشرح لماذا تكون احتمالات التحام الصبغيات الواقعة في منطقة واحدة عالية مقارنة بالصبغيات المتباعدة. وتشرح أيضا لماذا تكون بعض أنواع الانتقالات الصبغية علامة فارقة بالنسبة إلى بعض السرطانات التي تظهر في أنسجة دون أخرى: لأن الصبغيات منضدة بشكل يختلف من نسيج إلى آخر. وهكذا، فإن الصبغيات التي تتقارب معا في خلايا الكلية مثلا تشكل مجموعات خاصة بسرطانات الكلى وليس بأنواع أخرى من السرطانات تصيب أنسجة أخرى، كسرطان كريات الدم البيضاء؛ لأن تلك الصبغيات تكون متباعدة عن بعضها بعضا.

 

 

دليل على سرطان

 

شرح إحدى السمات المميزة للسرطان(*******)

   تنشأ بعض أنواع السرطانات عندما يتكسر صبغيان في داخل النواة (ربما بسبب الإشعاع أو السموم)، ومن ثم يعودان إلى الالتحام أحدهما بالآخر بطريقة غير صحيحة مُشكلين تباديل شاذة تسمى الانتقال. الانتقال الذي يشمل الجين MYC الواقع على الصبغي رقم 8 والجين IGHالواقع على الصبغي رقم 14 في خلايا الدم B  للجهاز المناعي هو سبب داء ليمفوما بوركيت Burkitt’s lymphoma، على سبيل المثال. ومن غير الواضح لماذا يحدث الانتقال في أنواع معينة من الخلايا. ولكن دراسات حديثة تشير إلى أن الجواب يكمن في وجود الصبغيات في منطقة جوار واحدة: فالصبغيات المجاورة لبعضها بعضا تتلاحم فيما بينها أكثر من الصبغيات التي تقطن مناطق بعيدة. وفي الخلايا B، فإن الصبغي 8 والصبغي 14 يكونان جارين.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2011/5-6/2011_05_06_035.jpg

 

ومن أكثر التطورات العلمية إثارة في هذا المجال كان معرفتنا أن أماكن تموضع الصبغيات الطبيعية في داخل النواة يمكن أن تقدم فرصا تساعد على اكتشاف السرطان. وبرهنت تجارب أولية على أن موقع الجينات في النواة يمكن أن يساعد على تحديد فيما إذا كانت الخلية سرطانية. وفي دراسة تمهيدية حول سرطان الثدي، قامت بها <K.ميبورن> في مختبري، حددت عددا  من الجينات التي تأخذ مكانا مختلفا في الخلايا السرطانية عنه في نسيج الثدي السليم. وبدا أن هذه الجينات مؤشرات جيدة لسرطان الثدي: وبفعل ذلك تمكنّا من تشخيص عينات الأنسجة السرطانية بدقة عالية. وفي الخلايا الخبيثة تقوم بعض الجينات بتغيير موقعها في داخل النواة قبل أن تبدأ الخلايا بالسلوك الخبيث. ومن ثمّ لدينا ما يبعث على الأمل بأن تحاليل تحديد مواقع الجينات ستكون في يوم ما أداة جزيئية قوية تساعد الأطباء على تشخيص مرض السرطان في مراحله المبكرة.

 

التنظيم الذاتي في النواة(********)

 

يدور البحث عن الكأس المقدسة في مجال بيولوجيا الخلية والجينوم، حول مسألة ما الذي يحدد مكان تموضع الجين أوالصبغي داخل النواة. وكيف تعرف الجينات والصبغيات أين تذهب، وكيف تعرف الوصول إلى مواقعها خلال تمايز الخلايا إلى أنسجة متخصصة؟

 

أحد الاحتمالات النظرية هو أن المتتالية الصبغية تُقاد إلى أماكنها المحددة بواسطة آلية خليوية محددة. وقد يكون ذلك على شكل پروتين مرتبط بالدنا يتعرّف متتالية جين معين ويلتحم بتلك المتتالية – وبعد ذلك يتم قَطْرُ هذا الجزء من الصبغي بمساعدة پروتين حركي جزيئي إلى موقع محدد داخل النواة. ولكن لم يتمكن أحد حتى الآن من اكتشاف مثل هذا النظام. ومن الصعب تخيل نظام إشارة قادر على إعطاء الإحداثيات الجغرافية لجزء من الدنا، ومن ثم توجيه جين ما إلى أن يبقى في مركز النواة أو تحفيزه على القيام برحلة إلى مصنع الاستنساخ المفضل له.

 

وبدلا من ذلك، فقد اقترحت بأن التموضع في داخل النواة هو عبارة عن تنظيم ذاتي self-organizing يشبه إلى حد بعيد تجمع طلبة المدرسة المتوسطة  في مجموعات وفقا لآرائهم وأفكارهم وإراداتهم الذاتية والتي لم يسقهم إليها لا آباؤهم ولا معلموهم. وطبقا لوجهة النظر هذه، فإن مكان الجينات والصبغيات داخل النواة ينبع من نشاطها الذاتي ولا يتحدد بآليات تنظيم خارجية، ويتبع ذلك أن مكان تموضعها سيؤثر في نشاطها.

 

كيف يعمل هذا التنظيم الذاتي؟ دعونا نتابع ماذا يحدث في نواة تنظم نفسها ذاتيا عندما يُحفز جين في خلية متمايزة (كاستجابة لإشارة من قبل هرمون مثلا). قبل أن تصل الإشارة إلى الخلية يكون الجين خاملا – على الأرجح يكون مندسا ضمن منطقة الكروماتين المضغوط أو ربما ضمن كتلة من الهيتروكروماتين تحتضن طرف الخلية. وعندما تصل الإشارة إلى النواة فإن الجزيئات المعروفة بالمركبات المغيرة للكروماتين تفكك الدنا المضغوط في منطقة الجين لتصبح هذه المنطقة أكثر جاهزية لآلية الاستنساخ. وفي النواة الذاتية التنظيم، يسمح هذا الارتخاء لأجزاء من الكروماتين بأن تخرج لفافاتها من دائرة الهيتروكروماتين عند طرف النواة، وتتجول مستكشفة أجزاء جديدة من النواة. وبشيء من الحظ، فإن اللفافات المتجولة ستلامس مصانع الاستنساخ في نهاية الأمر.

 

لاحِظْ أن حركة الجين هذه – من مناطق النواة الخارجية إلى مناطق الفعل في المركز- تحدث من دون مساعدة من أية آلية نقل متخصصة، وتنتج كلية من النشاط الذاتي للجين. وهكذا، فإن موضع الجين داخل النواة يتم تحديده ذاتيا. ولهذا النموذج نتائج مثيرة للاهتمام: فهو يقترح بأنه على الرغم من أن موقع الجين في النواة ليس عشوائيا، إلا أن طريقة الوصول إلى تلك الأمكنة يمكن أن تكون عشوائية.

 

يتوافق مفهوم التنظيم الذاتي مع نتائج تجارب عديدة لتعقب الجينات. إذ تستطيع الجينات أن تبتعد عن الصبغيات وتسافر عبر النواة. فقط عدد قليل من الجينات يستغل هذه الخاصية الاستنساخية للتجول إلى أقصى الأطراف. وعند تحفيز خلايا الدم البيضاء بالهرمونات المسماة سايتوكاين cytokines، فإن الجينات التي تحمل كود پروتينات النظام المناعي المعروفة بجزيئات MHC من  الدرجة الثانية تتوجه بعيدا عن جسم الصبغي الذي تقع عليه – لتتحرك أحيانا لمسافة تصل إلى نصف النواة.

 

وقد يحكم المبدأ نفسه تموضع الصبغيات جميعا. وعلى الرغم من أن معظم الجينات محدودة في حركتها، إلا أن كل واحد منها يسهم بشكل جزئي في التحرك نحو المكان الذي ستنتهي إليه صبغياتها في الخلية. وهكذا، فإذا كان التموضع الذاتي هو القاعدة، فإنه يمكن للمرء أن يتوقع أن الصبغي الذي يتألف غالبا من جينات خاملة سيجد نفسه مدفوعا باتجاه المناطق المثبطة في أطراف النواة، بينما الصبغيات التي تتألف في معظمها من جينات نشطة فسوف تساق إلى داخل النواة.

 

ولاختبار هذه الفرضية، جمع <M.گراودين> وزملاؤه في مركز «فريد هوتشنسون» للسرطان(5) في سياتل طلائع الكريات الدموية, وقام بعد ذلك  بتحفيزها لإتمام نموها. ثم فُحصت الخلايا في أوقات مختلفة وقيس نشاط عدة آلاف الجينات. وفي الوقت نفسه، قام هؤلاء الباحثون برصد موقع الصبغيات التي حملت هذه الجينات. النتائج: الصبغيات التي حملت أكبر عدد من الجينات التي تغير نشاطها مع نضوج الخلايا هي التي أظهرت حركة أكبر.

 

تشكل هذه التجارب بداية جيدة ولكنها صعبة؛ لأنه من المتعب مراقبة عدة مناطق جينومية معا تحت الميكروسكوب. وقد تحل هذه المعضلة في القريب العاجل باستخدام طريقة واعدة وثورية تم تسـميتها بالطريقـة Hi-C. طـور هـذه الطريقـة <J.ديكر> [من كلية الطب في جامعة ماساتشوستس]، وهي تسمح  بالتقاط صور ثلاثية الأبعاد للجينوم وبشكل آني بالاعتماد على ربط جميع المناطق الصبغية التي يلامس بعضها بعضا في النواة بمادة كيميائية. وباستخدام الطريقة Hi-C, فإن علماء الحياة سيتمكنون قريبا من تحديد أماكن وجود الصبغيات في نوى الأنسجة المختلفة في أوقات مختلفة والتي تكون تحت شروط حياتية مختلفة – وبمقارنة هذه الأنماط بمجموعات من الجينات النشطة والخاملة سيتم وبشكل غير مسبوق تكوين نظرة حقيقية عن الكيفية التي يتحكم فيها التموضع الذاتي للصبغيات داخل النواة في عمل هذه الجينات، وكيف يسهم إيقاف عمل هذه الآلية في المرض.

 

استغرق تقديم أول مسودة لمتتالية الجينوم البشري عشر سنوات من العمل الجبّار. إن علماء بيولوجيا جينوم الخلية المدفوعين برغبتهم في اكتشاف أكثر مما تكشفه معرفة متتالية الجزيئات، قد بدؤوا الآن بكشف الستار عن طرائق سلوك الجينومات ضمن وسطها الطبيعي في الخلية. هذه الوظيفة وعلى الرغم من كونها مبهجة إلا أنها مرعبة. وعند أخذ التعقيدات بعين الاعتبار، يبدو أنه هذه المهمة ستشغل العلماء لوقت أطول من الوقت الذي استغرقهم لاكتشاف متتالية جينوم الإنسان.

المؤلف

باحث أول بالمعهد الوطني للسرطان في بيثيسدا بالولايات المتحدة الأمريكية. يعمل مختبره على كشف المبادئ الأساسية لتنظيم الجينوم الثلاثي الأبعاد داخل نواة الخلايا الحية بمساعدة وسائل التصوير التي طورها بنفسه، كما يعمل على تطبيق هذه المعرفة لاكتشاف استراتيجيات جديدة لمجابهة السرطان والشيخوخة. Tom Misteli

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2011/5-6/2011_05_06_030.jpg

  مراجع للاستزادة

 

The Cell Nucleus and Aging: Tantalizing Dues and Hopeful Promises. Paola Scaffidi, Leslie Gordon and Tom Misteli in PLoS Biology. Vol. 3, No. 11, e395; November 2005. Cell Biology: Chromosome Territories. Karen J. Mea burn and Tom Misteli in Nature, Vol. 445, pages 379-381; January 25,2007.

 

Beyond the Sequence: Cellular Organization of Genome Function. Tom Misteli in Cell. Vol. 128, No. 4, pages 787-800; February 2007.

 

Dynamic Genome Architecture in the Nuclear Space: Regulation of Gene Expression in Three Dimensions. Christian Lanctot et al. in Nature Reviews Genetics, Vol. 8, No. 2, pages 104-115; February 2007.

 

Comprehensive Mapping of Long-Range Interactions Reveals Folding Principles of the Human Genome. Erez Lieberman-Aiden et al. in Science, Vol. 326, pages 289-293; October 9,2009.

 

The Nucleus. Edited by Tom Misteli and David L Spector. Cold Spring Harbor Laboratory Press, 2010.

(*) The Inner Life of the Genome

(**) EARLY QUESTIONS

(***) FAVORED NEIGHBORHOODS

(****) Organized at many levels

(*****) Fresh Clues to Gene Activation

(******) HEALTH MATTERS

(*******) A Hallmark of Cancer Is Explained

(********) THE SELF-ORGANIZED NUCLEUS

(1) مقاطعة: منطقة.

(2) chromosome painting

(3) transcription factories

(4) immunoglobulin

(5) the Fred Hutchinson Cancer Center

http://oloommagazine.com/Images/none.gif

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى