أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الحيوان

كيف تساعد ميكروبات الأمعاء الحيواناتِ العاشبة؟ إحصاء الطرق

كيف تساعد ميكروبات الأمعاء الحيواناتِ العاشبة؟ إحصاء الطرق

تُضفي‭ ‬البكتيريا‭ ‬التكافلية‭ ‬الملَكَاتِ‭ ‬التي‭ ‬تتراوح‭ ‬من‭ ‬إعادة‭  ‬تدوير‭ ‬النيتروجين‭ ‬إلى‭ ‬تدجين‭ ‬النباتات‭ ‬السامة‭.‬

بقلم‭: ‬إليزابيث‭ ‬بينيسي‭  – ‬نيو‭ ‬أورلينز،‭ ‬لويزيانا‭ ‬

بغضّ النظر عمّا يقوله لك أي شخص نباتي؛ اتباع نظام غذائي معتمد على النباتات فقط هو وسيلة صعبة للحصول على جميع السعرات الحرارية والمواد المغذّية التي تحتاج إليها، إلا إذا كان لديك الشركاء الميكروبيّون المناسبون.

وبعض هذه الشراكات مألوفة مثل تلك التي تمكّن البقر من أن يتغذى بالعشب ويصبح بدينا، أو التي تجعل النمل الأبيض يشق طريقه عبر العوارض الخشبية أثناء أكلها. لكن الباحثين في الاجتماع السنوي الأخير لجمعية الأحياء التكاملي والمقارن Society for Integrative and Comparative Biology أوضحوا أن الميكروبات تضفي مجموعة واسعة من الملكات الأخرى للحيواناتِ العاشبة.

ويساعد أحد ميكروبات الأمعاء النمل الاستوائي على إعادة تدوير النيتروجين الذي يعتبر نادرا في المواد النباتية، وهو أمر حيوي لصنع البروتين. كما يساعد آخر خنافس الأوراق عبر تكسير جدران خلايا أوراق الشجر التي تستهلكها. وتوضّح مجموعة ثالثة من الميكروبات الحليفة كيف تستطيع قوارض الجيروذ أكلَ النباتات الصحراويّة المليئة بالسم بشراهة كبيرة، وهو اكتشاف قد يقترح وسائل لمنع حصى الكلى لدى البشر.

يُظهر هذا العمل أهمية الميكروبات الواسعة في عالم الحيوان. “لقد بدأنا حقا بفهم الرسالة، وهي أن بعضا من هذه الأمور التي تفعلها الحيوانات هي أمور تفعلها في الحقيقة مع الميكروبات،” كما يقول جون ساندرز Jon Sanders، عالم البيئة الميكروبية من جامعة كاليفورنيا University of California بسان دييغو.

ومن المحتمل أن الحيوانات آكلة اللحوم كانت هي أولى الحيوانات، أما الحيوانات العاشبة فقد تطورت لاحقا، وذلك بسبب احتواء النباتات على الألياف صعبة الهضم، وانخفاض البروتين فيها وكذلك احتواءها غالبا على المواد السامة. أما الآن، فيعيش نحو ٪40 من الثدييات على الخضراوات والفواكه والأعشاب فقط، كما تتغذى 30 ألف خنفساء بالأوراق دون أي شيء آخر.

تعمل العديد من الميكروبات المعنيّة على هضم السليلوز، كما هو الحال لدى البقر والنمل الأبيض. لكن كوري مورو Corrie Moreau– وهو عالم الأحياء التطورية من متحف فيلد للتاريخ الطبيعي Field Museum of Natural History في شيكاغو بإلينوي – وصف في ذلك الاجتماع وظيفة جديدة لبكتيريا الأمعاء لدى النمل المدرّع سيفالوتس فاريانس Cephalotes varians. وتنتمي العديد من تلك الميكروبات إلى المجموعة نفسها الموجودة في النباتات والتي “تحلّل” النيتروجين من الهواء. لكن مور وجيكوب رسل Jacob Russell من جامعة دريكسل Drexel University في فيلادلفيا ببنسلفانيا قد اكتشفا أنها تقوم عند النمل بعمل شيء آخر، إذ تجتمع ميكروبات الأمعاء بالقرب من أنابيب ملبيجي Malpighian tubules لدى النمل والتي تعمل مثل الكلى، حيث تقوم بمعالجة وإطلاق النيتروجين الزائد. وهناك، تعترض الميكروبات النتروجين وتحوله إلى الأحماض الأمينية التي لا يأخذ النمل كفايته منها بسبب نظامه الغذائي المبني على النباتات قليلة البروتين. وهذه الوظيفة حيوية جدا، وقد اكتشفها زملاء مورو عندما أعطوا النمل مضادات حيوية، عندما مات النمل المحروم من النيتروجين في النهاية.

تعمل الميكروبات حتى في تلك الأنواع التي تبدو غير مرحّبة، مثل الخنافس آكلة الورق. كان من المعتقد أن نظامهم الغذائي الغني بالتامين يجعل القناة الهضمية حمضية جدا بالنسبة إلى الميكروبات، وأنها تخضع لشكل من أشكال التحول الذي يُتوَقّع قضاؤه على التجمعات المستقرة مع ميكروبات القناة الهضمية. لكن حسان سالم Hassan  Salem زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة إيموري Emory University في أتلانتا قد وجد نوعا واحدا على الأقل – وهو خنفساء الأوراق المدرّعة كاسيديا روبيغينوسا Cassida rubiginosa– تستضيف البكتيريا التي تحمل جينات لتكسير البكتين، وهي مادة تشبه الجيلاتين الموجود في جدران الخلايا النباتيّة. ويبدو أن هذه الخنافس تقدّر الضيوف، فهي تحرص على تمريرهم إلى الجيل التالي حسبما ذكر سالم. وتجتمع الميكروبات حول المبايض في الإناث كي تضمن أن تعلوا كل بيضة تخرج من الجسم “كبسولة”صغيرة من البكتيريا. عادة ما يعيش نحو ٪60 من صغار أكلي الأوراق حتى سن البلوغ، لكن النسبة قد انخفضت إلى أكثر من النصف في الخنافس التي عقّم سالم كبسولاتها.

وهناك ميكروبات أخرى سمحت لحيوانات بأن تكون آكلة جريئة. وتشير دينيس ديرنغ Denise Dearing، عالمة الإيكولوجيا الميكروبية في جامعة يوتا University of Utah بسولت ليك سيتي، قائلة إنها سمحت بـ “توسيع نطاق النظام الغذائي دون استضافة تغيّرات تطوّرية.” وقد حدّثت الاجتماع حول مثال على ذلك، وهو قوارض الجيروذ Woodrats التي تعيش غرب الولايات المتحدة وشمال المكسيك، وغالبا في الصحاري وعلى المنحدرات الصخرية. يتغذى بعضها بأنواع عديدة من النباتات لكن البعض الآخر متخصص بنوع واحد مثل العرعر أو الكريوزوت اللذين يحتويان على سموم قاتلة تؤدي إلى قتل حيوانات أخرى على المدى الطويل من استهلاكها.

وتقوم بعض إنزيمات الكبد بالإزالة اللازمة للسموم في هذا النظام الغذائي المحفوف بالمخاطر، لكن ميكروبات الأمعاء لدى هذه الجرذان “تمثّل حقا خطوط الدفاع الأمامية،” كما تقول ديرنغ. فقد وجدت مثلا هي وكيفن كول Kevin Kohl -عالم الإيكولوجيا الميكروبية -يعمل الآن في جامعة فاندربيلت Vanderbilt University بناشفيل – أنه إذا ما تم القضاء على الميكروبات بالمضادات الحيويّة فإن الجرذان التي تتغذى بالكريوزوت تفقد وزنا كبيرا. وعندما استبدلا الميكروب الأصلي للجيروذات آكلة العرعر بميكروبات قادرة على إزالة سمّية الكريوزوت، فإنها على ما يبدو استطاعت أكل المزيد منه دون ضرر.

كما وصف كول وديرنغ الجيروذ أبيض الحنجرة نيوتوما ألبيغيولا  Neotoma albigula الذي يُحب أكل الصبار المليء بمادة سامة تدعى أوكزالات، وقد اكتشفا أن لديه بكتيريا تستطيع قهر ذلك السم، على الرغم من عدم وجود أي أنزيم قادر على ذلك لدى الثدييات. وتوجد مادة الأوكزالات في الخضراوات الورقية والشوكلاتة، ويُنذِر وجودها بالإصابة بحصى الكلى. لذا يحاول آرون ميلر، الذي يعمل حاليا في مستشفى كليفلاند Cleveland Clinic في ولاية أوهايو، تحويل البكتيريا المفيدة إلى بروبيوتيك مفيد. وتقول ديرنغ: “إن لدى أبحاثنا الأساسية على ميكروبيوم أمعاء الجيروذات تطبيقاتٍ محتملة من أجل الأمراض البشرية.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى