أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الجينات والوراثة

مُتمِّمات التسلسلات الجينية تنقذ الأطفال الرضع من مرض قاتل

  • – الطب‭ ‬الحيوي

– أخبار‭ ‬بالتفصيل

مُتمِّمات التسلسلات الجينية تنقذ الأطفال الرضع من مرض قاتل

دواء‭ ‬للضمور‭ ‬العضلي‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬قد‭ ‬يُبشِّر‭ ‬بعلاجات‭ ‬للأمراض‭ ‬الدماغية‭ ‬الجينية‭ ‬الأخرى

بقلم‭: ‬ميريديث‭ ‬وادمان

ترجمة‭: ‬د‭. ‬عبدالرحمن‭ ‬سوالمه


 

في‭ ‬مجال‭ ‬الطب‭ ‬الحيوي‭ ‬يحلم‭ ‬الباحثون‭ ‬الذين‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬الأمراض‭ ‬الجينية‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬خط‭ ‬واضح‭ ‬ومستقيم‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬الطفرة‭ ‬التي‭ ‬يكتشفونها‭ ‬وبين‭ ‬فهم‭ ‬آلية‭ ‬المرض‭ ‬الذي‭ ‬تحدثه‭ ‬هذه‭ ‬الطفرة‭ ‬وبين‭ ‬تطوير‭ ‬دواء‭ ‬شافٍ‭ ‬للمرض‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الأمل‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تثبطه‭ ‬تعقيداتُ‭ ‬علم‭ ‬الأحياء‭. ‬ولكنّ‭ ‬امتلاك‭ ‬هؤلاء‭ ‬الباحثين‭ ‬لفهم‭ ‬عميق‭ ‬لأساسيات‭ ‬علم‭ ‬الأحياء‭ ‬الكامن‭ ‬وراء‭ ‬مرض‭ ‬ما،‭ ‬قد‭ ‬مكنهم‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬البدء‭ ‬بالسير‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬الذي‭ ‬يوصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬تقدم‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬الضمور‭ ‬العضلي‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬Spinal Muscular Atrophy،‭ ‬والذي‭ ‬يعرف‭ ‬اختصارا‭ ‬بالمرض‭ ‬SMA‭.‬‭ ‬فهذا‭ ‬المرض‭ ‬هو‭ ‬اضطراب‭ ‬عصبي‭ ‬متزايد‭ ‬في‭ ‬الشدة‭ ‬ومسبب‭ ‬للموت؛‭ ‬حيث‭ ‬يقتل‭ ‬ضحاياه‭ ‬المصابين‭ ‬بالمرض‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬شديدا‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬مبكرة‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬أي‭ ‬عندما‭ ‬يكونون‭ ‬رضعا‭ ‬أو‭ ‬حديثي‭ ‬المشي‭. ‬فالعلاج‭ ‬الجديد،‭ ‬والذي‭ ‬يحمل‭ ‬الاسم‭ ‬نوسينيرسين‭ ‬Nusinersen،‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الفوز‭ ‬بمصادقة‭ ‬المُنظّمين‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬أو‭ ‬الأشهر‭ ‬التالية،‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬بادئة‭ ‬للنجاح‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬الاضطرابات‭ ‬العصبية‭ ‬الموروثة‭ ‬القاتلة،‭ ‬كداء‭ ‬هنتنغتون‭ ‬Huntington disease،‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬أنواع‭ ‬التصلب‭ ‬الجانبي‭ ‬الضموري‭ ‬Amyotrophic lateral sclerosis‭.‬

ويقول‭ ‬عالم‭ ‬الأعصاب‭ ‬الجزيئية‭ ‬جي‭. ‬باول‭ ‬تايلور‭ ‬J‭. ‬Paul Taylor‭: ‬“هذا‭ ‬إنجاز‭ ‬عظيم‭ ‬في‭ ‬مجالنا،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬علاج‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬مسار‭ ‬الأمراض‭ ‬التنكسية‭ ‬العصبية‭.‬”‭. ‬وجي‭. ‬باول‭ ‬تايلور‭ ‬من‭ ‬مستشفى‭ ‬القديس‭ ‬يهوذا‭ ‬البحثي‭ ‬للأطفال‭ ‬St‭. ‬Jude Children’s Research Hospital‭ ‬في‭ ‬ممفيس‭ ‬بتينيسي،‭ ‬ولا‭ ‬تربطه‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬بالدواء‭ ‬ولا‭ ‬الشركات‭ ‬المُطوِّرة‭ ‬له‭.‬

ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬توصف‭ ‬بأنها‭ ‬مخيبة‭ ‬للآمال،‭ ‬واسمها‭ ‬مجموعة‭ ‬“متممات‭ ‬التسلسل”‭ ‬Antisense‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬قِطعا‭ ‬من‭ ‬التسلسلات‭ ‬الجينية‭ ‬لتصحيح‭ ‬الأخطاء‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تحويل‭ ‬الحمض‭ ‬النووي‭ ‬الريبوزي‭ ‬RNA‭ ‬إلى‭ ‬بروتينات‭ [‬ومتممات‭ ‬التسلسل‭ ‬هي‭ ‬أحماض‭ ‬نووية‭ ‬تشكل‭ ‬قواعدُها‭ ‬النيتروجينيةُ‭ ‬متممات‭ ‬لتسلسل‭ ‬القواعد‭ ‬النيتروجينية‭ ‬في‭ ‬الـmRNA‭ ‬أو‭ ‬طليعة‭ ‬الـmRNA،‭ ‬بحيث‭ ‬تبطل‭ ‬مفعولها‭ ‬أو‭ ‬تعدل‭ ‬من‭ ‬فاعليتها‭]. ‬وبذلك،‭ ‬قد‭ ‬يفتح‭ ‬النوسينيرسين‭ ‬الباب‭ ‬لعلاجات‭ ‬مشابهة‭ ‬للأمراض‭ ‬التنكسية‭ ‬العصبية‭ ‬الأخرى‭. ‬وتقول‭ ‬لورين‭ ‬إينغ‭ ‬Loren Eng،‭ ‬رئيسة‭ ‬مؤسسة‭ ‬الضمور‭ ‬العضلي‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬SMA Foundation‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك،‭ ‬وأم‭ ‬لفتاة‭ ‬في‭ ‬السادسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬مصابةٍ‭ ‬بالمرض‭: ‬“غيّر‭ ‬النوسينيرسين‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة؛‭ ‬فهو‭ ‬دواء‭ ‬يعالج‭ ‬مرضا‭ ‬لم‭ ‬يعالجه‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬نموذج‭ ‬لكيفية‭ ‬صناعة‭ ‬الأدوية‭ ‬وجعلها‭ ‬تصل‭ ‬لنهاية‭ ‬مراحل‭ ‬التصنيع‭ ‬مبكرا‭.‬”

ويعتبر‭ ‬الضمور‭ ‬العضلي‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬السببَ‭ ‬الجينيَّ‭ ‬الأول‭ ‬للموت‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة،‭ ‬ويدمر‭ ‬العصبونات‭ ‬الحركية‭ ‬في‭ ‬الحبل‭ ‬الشوكي‭ ‬وجذع‭ ‬الدماغ‭ ‬بلا‭ ‬رحمة‭. ‬ووظيفة‭ ‬العصبونات‭ ‬الحركية‭ ‬هي‭ ‬إتاحة‭ ‬الحركة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البلعُ‭ ‬والتنفسُ‭. ‬ويوجد‭ ‬تقريبا‭ ‬واحدٌ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬50‭ ‬بالغا‭ ‬حاملٌ‭ ‬دون‭ ‬أعراض‭ ‬Asymptomatic‭ ‬للخلل‭ ‬الجيني‭ ‬الذي‭ ‬ينتقل‭ ‬بصفة‭ ‬متنحية‭ ‬ويسبب‭ ‬المرض،‭ ‬وهو‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬الجين‭ ‬SMN1‭ [ ‬اختصار‭ ‬العبارة‭: ‬Survival Motor Neuron 1‭]. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يرثون‭ ‬نسختين‭ ‬من‭ ‬الجين‭ ‬المختل‭ (‬نحو‭ ‬1‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬8000‭ ‬إلى‭ ‬1‭ ‬لكل‭ ‬12000‭ ‬رضيع‭) ‬يكون‭ ‬الجين‭ ‬SMN‭ ‬مفقودا‭ ‬في‭ ‬أغلبه،‭ ‬مما‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬موت‭ ‬العصبونات‭ ‬الحركية‭. ‬أما‭ ‬الأطفال‭ ‬حديثو‭ ‬المشي‭ ‬المصابون‭ ‬بالمرض‭ ‬بشدة‭ ‬كبيرة،‭ ‬فإنهم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬يختنقون‭ ‬عندما‭ ‬تنهك‭ ‬عضلاتهم‭ ‬التنفسية‭.‬

ويمكن‭ ‬للأطفال‭ ‬المصابين‭ ‬بدرجة‭ ‬خفيفة‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬أن‭ ‬يعيشوا‭ ‬حتى‭ ‬سن‭ ‬البلوغ،‭ ‬ولكن‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يتعاملوا‭ ‬مع‭ ‬ضعف‭ ‬متزايد‭ ‬الشدة‭ ‬وأحيانا‭ ‬يكون‭ ‬مسببا‭ ‬لشّل‭ ‬الحركة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬أما‭ ‬عن‭ ‬مسار‭ ‬المرض،‭ ‬فإنه‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬كمية‭ ‬النُسخ‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬جين‭ ‬مختلف‭ ‬قليلا،‭ ‬وهو‭ ‬الجين‭ ‬SMN2،‭ ‬والذي‭ ‬ينتج‭ ‬كميات‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬البروتين‭ ‬SMN‭. ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البروتين‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬يتدمر‭ ‬سريعا،‭ ‬لأنه‭ ‬وبعد‭ ‬نسخ‭ ‬الجين‭ ‬SMN2،‭ ‬تقتطع‭ ‬الخلايا‭ ‬جزءا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬التسلسل‭ ‬الجيني‭ ‬المُزمِّز‭ ‬للبروتين،‭ ‬والذي‭ ‬يدعى‭ ‬الإكسون‭ ‬7،‭ ‬مما‭ ‬ينتج‭ ‬منه‭ ‬نسخة‭ ‬مقتطعة‭ ‬من‭ ‬البروتين‭.‬

أما‭ ‬النوسينيرسين،‭ ‬وهو‭ ‬قصاصة‭ ‬من‭ ‬حمض‭ ‬نووي‭ ‬معدل‭ ‬شبيه‭ ‬بالحمض‭ ‬RNA،‭ ‬فيمكنه‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العصبونات‭ ‬الحركية‭ ‬المهمة‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭. ‬وظيفة‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬تتابع‭ ‬جيني‭ ‬قصير‭ ‬أنه‭ ‬يتمم‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬طليعةٍ‭ ‬Precursor‭ ‬لحمض‭ ‬نووي‭ ‬ريبوزي‭ ‬مرسال‭ (‬mRNA‭) ‬ينتجها‭ ‬الجين‭ ‬SMN2،‭ ‬ويرتبط‭ ‬هذا‭ ‬التتابع‭ ‬الجيني‭ ‬بالجزيء‭ ‬ويغير‭ ‬من‭ ‬طريقة‭ ‬معالجته‭ ‬بحيث‭ ‬يصير‭ ‬الإكسون‭ ‬7‭ ‬متضمَّنا‭ ‬في‭ ‬الحمض‭ ‬RNA‭ ‬النهائي،‭ ‬ويَنتج‭ ‬عندنا‭ ‬جين‭ ‬مكتمل‭ ‬يُرمِّز‭ ‬لبروتين‭ ‬فاعل‭ ‬فعالية‭ ‬كاملة‭ (‬انظر‭ ‬الشكل‭).‬

وتتضح‭ ‬فعالية‭ ‬الدواء‭ ‬من‭ ‬النتائج‭ ‬عالية‭ ‬الإيجابية‭ ‬من‭ ‬دراستين‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬السريرية‭ ‬المتأخرة،‭ ‬واللتين‭ ‬لمّا‭ ‬تنشر‭ ‬نتائجهما‭ ‬بعد‭. ‬ففي‭ ‬7‭ ‬نوفمبر،‭ ‬أوقفت‭ ‬تجربة‭ ‬للدواء‭ ‬كانت‭ ‬أجريت‭ ‬على‭ ‬84‭ ‬طفلا‭ ‬يستخدمون‭ ‬الكراسي‭ ‬المتحركة‭ ‬للتنقل‭ ‬بسبب‭ ‬أن‭ ‬منافع‭ ‬العلاج‭ ‬صارت‭ ‬واضحة‭ ‬جدا‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬صار‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الأخلاقي‭ ‬منعُ‭ ‬علاجات‭ ‬متممات‭ ‬التسلسل‭ ‬عن‭ ‬الاثنين‭ ‬وأربعين‭ ‬طفلا‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬المقارنة‭. ‬وقد‭ ‬فحص‭ ‬الباحثون‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬33‭ ‬مقياسا‭ ‬للحركة‭ ‬كالجلوس‭ ‬والوقوف‭ ‬والخطوات‭ ‬ووجدوا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬“تحسنا‭ ‬إحصائيا‭ ‬ملحوظا‭ ‬بشكل‭ ‬كبير”‭ ‬في‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬عولجوا‭. ‬وفي‭  ‬يوليو‭ ‬أوقفت‭ ‬دراسة‭ ‬مماثلة‭ ‬أجريت‭ ‬على‭ ‬121‭ ‬طفلا‭ ‬رضيعا‭ ‬مصابين‭ ‬بأشد‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬بالمرض،‭ ‬والذين‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المقدر‭ ‬أن‭ ‬يموتوا‭ ‬خلال‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬وقد‭ ‬أوقفت‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬أيضا‭ ‬للسماح‭ ‬للأطفال‭ ‬الرضع‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬المقارنة‭ ‬أن‭ ‬يبدؤوا‭ ‬بأخذ‭ ‬النوسينيرسين‭. ‬وبعدها‭ ‬بقليل،‭ ‬منحت‭ ‬إدارة‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ووكالة‭ ‬الأدوية‭ ‬الأوروبية‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬بما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ‭ ‬“المراجعة‭ ‬ذات‭ ‬المسار‭ ‬السريع”‭ [‬وهي‭ ‬عملية‭ ‬هدفها‭ ‬التسريع‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬الدواء،‭ ‬والتعجيل‭ ‬من‭ ‬مراجعته؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬العلاج‭ ‬للأمراض‭ ‬الخطيرة‭ – ‬المترجم‭].‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬النوسينيرسين‭ ‬أنقذ‭ ‬كاميرون‭ ‬هاردينغ‭ ‬من‭ ‬تشارلستون‭ ‬Cameron Harding،‭ ‬في‭ ‬كارولينا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬والذي‭ ‬شُخِّص‭ ‬بضمور‭ ‬العضلات‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬بعمر‭ ‬5‭ ‬أسابيع،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬لاحظ‭ ‬الأبوان‭ ‬أن‭ ‬وليدهما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يستطع‭ ‬التحرك،‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬يكافح‭ ‬لأخذ‭ ‬النفس‭. ‬وبدأ‭ ‬بأخذ‭ ‬الدواء‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬سريرية‭ ‬على‭ ‬عمر‭ ‬7‭ ‬أسابيع‭ ‬وهو‭ ‬مستمر‭ ‬بأخذ‭ ‬الدواء‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬سيصير‭ ‬عمره‭ ‬3‭ ‬سنوات‭. ‬وخلال‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬تبدلت‭ ‬حالته‭ ‬من‭ ‬الاستلقاء‭ ‬بلا‭ ‬حراك،‭ ‬إلى‭ ‬تحريك‭ ‬ذراعيه،‭ ‬ومسك‭ ‬الألعاب،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الوقوف‭ ‬بلا‭ ‬مساعدة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الجلوس‭ ‬بمساعدة،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬السير‭ ‬بكرسي‭ ‬عجلات‭ ‬خفيف‭ ‬يحركه‭ ‬بذراعيه‭. ‬وهنا‭ ‬يقول‭ ‬والد‭ ‬كاميرون،‭ ‬روب‭ ‬هاردينغ‭: ‬“من‭ ‬الموكد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليكون‭ ‬حيًّا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ليستمر‭ ‬حيا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬أشهر‭.‬”

ويضيف‭ ‬أن‭ ‬تحسن‭ ‬كاميرون‭ ‬لايزال‭ ‬مستمرا‭. ‬“كنا‭ ‬خائفين‭ ‬جدا‭ ‬أنَّ‭ ‬تَقدمه‭ ‬سيصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاستقرار،‭ ‬وأن‭ ‬الأمر‭ ‬سينتهي‭ ‬عند‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬اتضح‭ ‬أنها‭ ‬ما‭ ‬فتئ‭ ‬يصير‭ ‬أقوى‭ ‬فأقوى‭.‬”

وعلى‭ ‬مدى‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين،‭ ‬كان‭ ‬النجاح‭ ‬الذي‭ ‬حظيت‭ ‬به‭ ‬أدوية‭ ‬متممات‭ ‬التسلسل‭ ‬أقل‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدواء،‭ ‬بحيث‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلا‭ ‬قلة‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬المصادقة‭ ‬للبيع‭ ‬في‭ ‬السوق‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الدواء‭ ‬الأخير‭ ‬منها‭ ‬كان‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للنقد؛‭ ‬ففي‭ ‬سبتمبر،‭ ‬حازت‭ ‬شركة‭ ‬ساريبتا‭ ‬للصناعات‭ ‬العلاجية‭ ‬Sarepta Therapeutics‭ ‬من‭ ‬كامبريدج،‭ ‬في‭ ‬ماساشوستس،‭ ‬على‭ ‬مصادقة‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬على‭ ‬دواء‭ ‬“إيتيبليرسين”‭ ‬eteplirsen،‭ ‬والذي‭ ‬هدف‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬الأولاد‭ ‬المصابين‭ ‬بطفرة‭ ‬معينة‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬مرض‭ ‬موروث‭ ‬آخر‭ ‬متزايد‭ ‬في‭ ‬الشدة‭ ‬ومسبب‭ ‬للموت‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬وهو‭ ‬الحثل‭ ‬العضلي‭ ‬الدوشيني‭ ‬Duchenne muscular dystrophy‭. ‬أما‭ ‬آلية‭ ‬عمل‭ ‬الإيتيبليرسين‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الجزيئي‭ ‬فهي‭ ‬معاكسة‭ ‬تماما‭ ‬للنوسينيرسين؛‭ ‬فهي‭ ‬تزيل‭ ‬الإكسون‭ ‬الذي‭ ‬يعرقل‭ ‬قراءة‭ ‬طليعة‭ ‬الحمض‭ ‬mRNA‭ ‬الخاص‭ ‬ببروتين‭ ‬الديستروفين،‭ ‬وهو‭ ‬بروتين‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬العضلات‭. ‬ولكنَّ‭ ‬البروتين‭ ‬الناشئ‭ ‬مقتَطَعُ‭ ‬البُنية،‭ ‬ومنقوصُ‭ ‬الفعالية‭. ‬وقد‭ ‬هاجم‭ ‬النقاد‭ ‬إدارة‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬بحجة‭ ‬أنها‭ ‬صادقت‭ ‬على‭ ‬الدواء‭ ‬فقط‭ ‬بسببٍ‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬الذي‭ ‬مارسه‭ ‬الساسة‭ ‬وآباء‭ ‬الأطفال‭ ‬المصابين،‭ ‬فارضين‭ ‬سلطتهم‭ ‬على‭ ‬مستشاري‭ ‬موظفي‭ ‬إدارة‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء،‭ ‬ومعتمدين‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬حاسمة‭.‬

مع‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تُشن‭ ‬حروب‭ ‬مماثلة‭ ‬على‭ ‬النوسينيرسين،‭ ‬باعتبار‭ ‬النتائج‭ ‬السريرية‭ ‬المذهلة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬ليس‭ ‬دواء‭ ‬مثاليا‭. ‬فمع‭ ‬أن‭ ‬الدواء‭ ‬لم‭ ‬ينتج‭ ‬أعراضا‭ ‬جانبية‭ ‬خطيرة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينقذ‭ ‬العصبونات‭ ‬الحركية‭ ‬التي‭ ‬ماتت‭ ‬لتوها،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬استعادة‭ ‬الوظيفة‭ ‬الحركية‭ ‬للمرضى‭ ‬المصابين‭ ‬بضمور‭ ‬العضلات‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬الأكبر‭ ‬عمرا‭. ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يُبدأ‭ ‬بالعلاج‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يطور‭ ‬الأطفال‭ ‬الرضع‭ ‬أعراض‭ ‬المرض،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬ينادى‭ ‬لفحص‭ ‬أولي‭ ‬للمواليد‭ ‬الجدد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬عالمي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يصادَق‭ ‬على‭ ‬الدواء‭. ‬ويقول‭ ‬ستانلي‭ ‬كروك‭ ‬Stanley Crooke،‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬أيونيس‭ ‬للصناعات‭ ‬الدوائية‭ ‬Ionis Pharmaceuticals‭ ‬في‭ ‬كارلسباد‭ ‬بكاليفورنيا،‭ ‬والتي‭ ‬طورت‭ ‬النوسينيرسين‭ ‬وبعدها‭ ‬رخصت‭ ‬بالدواء‭ ‬لشركة‭ ‬بيوجن‭ ‬Biogen‭ ‬في‭ ‬كامبريدج‭: ‬“كلما‭ ‬عجلنا‭ ‬في‭ ‬العلاج،‭ ‬كان‭ ‬الأثر‭ ‬أفضل”‭.‬

لقد‭ ‬حولت‭ ‬إينغ‭ ‬وزوجها،‭ ‬ديناكار‭ ‬سينغ،‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬110‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬بحوث‭ ‬الضمور‭ ‬العضلي‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬أنشآها‭ ‬في‭ ‬2003،‭ ‬وتقول‭ ‬إن‭ ‬حكاية‭ ‬النوسينيرسين‭ ‬تُجسد‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬“مجتمع”‭ ‬من‭ ‬العلماء،‭ ‬والأطباء،‭ ‬والشركات،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬غير‭ ‬الربحية،‭ ‬والعائلات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطوير‭ ‬ناجح‭ ‬للدواء‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬ساعدت‭ ‬مؤسستهما‭ ‬بتمويل‭ ‬أدريان‭ ‬كرينر‭ ‬Adrian Krainer،‭ ‬وهو‭ ‬عالم‭ ‬بالكيمياء‭ ‬الحيوية،‭ ‬وخبير‭ ‬بعمليات‭ ‬وصل‭ ‬الحمض‭ ‬RNA‭ ‬في‭ ‬مختبر‭ ‬كولد‭ ‬سبرينغ‭ ‬هاربر‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭. ‬وبعد‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬اكتشاف‭ ‬الجينات‭ ‬SMN‭ ‬في‭ ‬1995،‭ ‬بدأ‭ ‬كرينر‭ ‬بتطوير‭ ‬النوسينيرسين‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬بهندسة‭ ‬قصاصة‭ ‬من‭ ‬شيفرة‭ ‬جينية‭ ‬وظيفتها‭ ‬التعديل‭ ‬من‭ ‬وصل‭ ‬طليعة‭ ‬الحمض‭ ‬mRNA‭ ‬الناتجة‭ ‬من‭ ‬الجين‭ ‬SMN2،‭ ‬بحيث‭ ‬يحتوي‭ ‬الحمض‭ ‬RNA‭ ‬النهائي‭ ‬على‭ ‬الإكسون‭ ‬7‭.‬

دواء يغير قواعد اللعبة

وفي‭ ‬مجال‭ ‬آخر،‭ ‬أقنعت‭ ‬إينغ‭ ‬باحثين‭ ‬تايوانيين‭ ‬بأن‭ ‬يبيعوا‭ ‬سلالة‭ ‬من‭ ‬الفئران‭ ‬المُصابة‭ ‬بالضمور‭ ‬العضلي‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬بسعر‭ ‬معقول،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬تجربة‭ ‬النوسينيرسين‭ ‬وأدوية‭ ‬أخرى‭ ‬عليه‭. ‬وبعدها،‭ ‬قدمت‭ ‬إينغ‭ ‬بعض‭ ‬مدراء‭ ‬شركة‭ ‬إيونيس‭ ‬إلى‭ ‬مدراء‭ ‬تنفيذيين‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬بيوجن‭. ‬وبحلول‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬صار‭ ‬فيه‭ ‬الدواء‭ ‬جاهزا‭ ‬لتجربته‭ ‬في‭ ‬تجارب‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬شديدة‭ ‬الأهمية،‭ ‬قامت‭ ‬الشركة،‭ ‬ومجموعات‭ ‬دعم‭ ‬المرض‭ ‬SMA‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه،‭ ‬والأطباء‭ ‬بإقناع‭ ‬عدد‭ ‬كاف‭ ‬من‭ ‬آباء‭ ‬الأطفال‭ ‬المصابين‭ ‬بالضمور‭ ‬العضلي‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬أن‭ ‬يشاركوا‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يحصل‭ ‬فيها‭ ‬أطفالهم‭ ‬على‭ ‬الدواء‭ ‬الفعلي؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬وجود‭ ‬مجموعة‭ ‬تعالج‭ ‬بالدواء‭ ‬الغفل‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إثبات‭ ‬قيمة‭ ‬الدواء‭ ‬للمنظِّمين‭.‬

وبسبب‭ ‬أن‭ ‬أدوية‭ ‬متممات‭ ‬التسلسل‭ ‬لا‭ ‬تعبر‭ ‬الحائل‭ ‬الدموي‭ ‬الدماغي‭ ‬Bblood brain barrier،‭ ‬حُقِن‭ ‬الدواء‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬في‭ ‬السائل‭ ‬الذي‭ ‬يغمر‭ ‬الدماغ‭ ‬والحبل‭ ‬الشوكي،‭ ‬حيث‭ ‬توجد‭ ‬العصبونات‭ ‬الحركية‭ ‬المصابة‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬الدواء‭ ‬الغفل،‭ ‬فقد‭ ‬وُخز‭ ‬الأطفال‭ ‬والأطفال‭ ‬الرضع‭ ‬الذين‭ ‬اختيروا‭ ‬عشوائيا‭ ‬بالإبر‭ [‬لكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬دواء‭] ‬في‭ ‬أعمدتهم‭ ‬الفقرية‭. ‬ويعلق‭ ‬كرينر‭ ‬قائلا‭: ‬“كان‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬جدا‭ ‬“التفرج”‭ ‬على‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬حقن‭ ‬فيها‭ ‬الأشخاص‭ ‬بدواء‭ ‬غفل‭ ‬وعدم‭ ‬تقديم‭ ‬الدواء‭ ‬لهم‭.‬”‭ ‬ويضيف‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬نتائج‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬هي‭ ‬“أفضل‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬يأمل‭ ‬المرء‭ ‬بأن‭ ‬يسمعها‭.‬”

وفي‭ ‬ورقة‭ ‬بحثية‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬دورية‭ ‬ذي‭ ‬لانسيت‭ ‬The Lancet‭ ‬الطبية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬تصف‭ ‬تجربة‭ ‬للنوسينيرسين‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬الحقن‭ ‬في‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬يوصل‭ ‬الدواء‭ ‬إلى‭ ‬هدفه‭. ‬كما‭ ‬بيّنت‭ ‬عينات‭ ‬التشريح‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ‬لعدة‭ ‬أطفال‭ ‬رضعٍ‭ ‬ماتوا‭ ‬خلال‭ ‬التجربة‭ ‬أن‭ ‬الدواء‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬العصبونات‭ ‬الحركية‭ ‬المستهدفة‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬والحبل‭ ‬الشوكي‭. ‬وفي‭ ‬عينات‭ ‬من‭ ‬نسيج‭ ‬الحبل‭ ‬الشوكي‭ ‬لأطفال‭ ‬رضع،‭ ‬كانت‭ ‬نسبة‭ ‬بروتين‭ ‬الـSMN‭ ‬مكتملِ‭ ‬الطول‭ ‬مرتفعة‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يعالَجوا‭.‬

وحتى‭ ‬تستمر‭ ‬منافع‭ ‬النوسينيرسين،‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬أن‭ ‬مرضى‭ ‬الضمور‭ ‬العضلي‭ ‬نخاعي‭ ‬المنشأ‭ ‬سيحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬حُقن‭ ‬بالعمود‭ ‬الفقري‭ ‬مرتين‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬السنة‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬لن‭ ‬يمنع‭ ‬ظهور‭ ‬الأعراض‭ ‬الناتجة‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬البروتين‭ ‬SMN‭ ‬في‭ ‬الأنسجة‭ ‬والأعضاء‭ ‬الأخرى،‭ ‬لأن‭ ‬الدواء‭ ‬لا‭ ‬يسافر‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬الحائل‭ ‬الدموي‭ ‬الدماغي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أثار‭ ‬نجاح‭ ‬النوسينيرسين‭ ‬وطريقة‭ ‬إيصاله‭ ‬إلى‭ ‬العصبونات‭ ‬حماسة‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬الأمراض‭ ‬التنكسية‭ ‬العصبية‭ ‬الموروثة‭ ‬الأخرى‭ ‬والتي‭ ‬تسببها‭ ‬عيوب‭ ‬جينية‭ ‬يمكن،‭ ‬نظريا،‭ ‬أن‭ ‬يتغلب‭ ‬العلماء‭ ‬عليها‭ ‬بأدوية‭ ‬متممات‭ ‬التسلسل‭ ‬التي‭ ‬تتلاعب‭ ‬بطريقة‭ ‬معالجة‭ ‬الحمض‭ ‬RNA‭. ‬ويقول‭ ‬والتر‭ ‬كوروشيتز‭ ‬Walter Koroshetz‭: ‬“هناك‭ ‬الآن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإثارة‭ ‬حول‭ ‬علاجات‭ ‬متممات‭ ‬التسلسل‭. ‬إذا‭ ‬حُلت‭ ‬مشكلة‭ ‬وصول‭ ‬علاجات‭ ‬متممات‭ ‬التسلسل‭ ‬إلى‭ ‬العصبونات‭ ‬والخلايا‭ ‬الدبقية،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬عدة‭ ‬أمراض‭ ‬جينية‭ ‬المنشأ‭ ‬على‭ ‬علاجات‭ ‬فعالة”،‭ ‬ووالتر‭ ‬كوروشيتز‭ ‬Walter Koroshetz‭ ‬هو‭ ‬خبير‭ ‬بداء‭ ‬هنتنغتون،‭ ‬ومدير‭ ‬للمعهد‭ ‬القومي‭ ‬للاضطرابات‭ ‬العصبية‭ ‬والسكتات‭ ‬الدماغية‭ ‬في‭ ‬بيثيسدا‭ ‬بماريلاند‭.‬

وتخوض‭ ‬شركة‭ ‬إيونيس‭ ‬الآن‭ ‬تجارب‭ ‬سريرية‭ ‬للأدوية‭ ‬متممة‭ ‬التسلسل‭ ‬التي‭ ‬توصَل‭ ‬بطريقة‭ ‬مشابهة،‭ ‬وذلك‭ ‬لعلاج‭ ‬داء‭ ‬هنتنغتون،‭ ‬وأحد‭ ‬أنواع‭ ‬التصلب‭ ‬الجانبي‭ ‬الضموري‭. ‬كما‭ ‬تُختبر‭ ‬أدوية‭ ‬الشركة‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬نماذج‭ ‬حيوانية‭ ‬لمتلازمتي‭ ‬ريت‭ ‬وآنجلمان‭ ‬Rett and Angelman syndromes،‭ ‬وهما‭ ‬اضطرابان‭ ‬عصبيان‭ ‬ينتجان‭ ‬من‭ ‬طفرتين‭ ‬منيعتين‭ ‬عن‭ ‬العلاج‭ ‬بمتممات‭ ‬التسلسل‭.‬

أما‭ ‬جيفري‭ ‬روثشتاين‭ ‬Jeffrey Rothstein‭ -‬عالم‭ ‬أعصاب‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الطب‭ ‬بجامعة‭ ‬جونز‭ ‬هوبكنز‭ ‬Johns Hopkins University‭ ‬في‭ ‬بالتيمور‭ ‬بماريلاند،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬مشتركا‭ ‬بتجارب‭ ‬النوسينيرسين،‭ ‬فيرى‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬الدواء‭ ‬هو‭ ‬درس‭ ‬عملي‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬فهم‭ ‬أسس‭ ‬المرض‭. ‬ويقول‭ ‬بهذا‭ ‬الصدد‭: ‬“إنها‭ ‬قصة‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬العلوم‭ ‬قبل‭ ‬السريرية‭ ‬المدهشة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭. ‬وهذا‭ ‬يثبت‭ ‬أنك‭ ‬عندما‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬المشكلة‭ ‬المبدئية،‭ ‬فإنه‭ ‬بإمكانك‭ ‬حقا‭ ‬أن‭ ‬تُغير‭ ‬من‭ ‬مسار‭ ‬المرض‭.‬”


The‭ ‬©2016‭ ‬American Association for the advancement of Sciences‭. ‬All right reserved‭.‬

http://www.scimag.org

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى