أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

هل الشاي أو القهوة مفيدان لك؟

بقلم: جوشوا هاوغيغو وكارولاين ويليامز
ترجمة: آية علي

عندما يتعلّق الأمر بالتحفيز، فإن القهوة أفضل من الشاي، لكن الفوائد الصحية الشاملة للشاي تجعله هو الفائز. باستثناء أن هناك قصة أخرى قيد التحضير. 

القهوة لاتفيدك: هذا ما يظنه الناس. إنها ممتلئة بالكافيين المسبب للإدمان والذي يجعلك تتقافز على الجدران، كما يصيبك بالصداع ويجعل نومك مضطربا. كذلك رُبِط الاستهلاك المفرط للقهوة بالسرطان وأمراض القلب. وعلى الرغم من أنها تزيد اليقظة والتركيز إلا أن هذه الآثار قصيرة الأمد. كما أن مستهلكي القهوة سرعان ما يعتادون تأثيرها. فالأشخاص الذين يشربون القهوة بانتظام ليسوا أكثر يقظة من أولئك الذين لا يشربونها، فرشفة الصباح هذه لا تفعل شيئا أكثر من مجرد عكس آثار الإرهاق الناجمة عن انسحاب الكافيين، فتعيدهم بذلك إلى مستواهم الأساسي من اليقظة.

إذن، تبدو القهوة كشيء لا بد من اجتنابه. لكن كريستي بورشاهيدي Kirsty Pourshahidi من مركز أيرلندا الشمالية للأغذية والصحة Northern Ireland Centre for Food and Health في كوليرين بالمملكة المتحدة، تعتقد أن هذا مبالغ فيه، وتقول: «بعد أن بحثت في الأمر، أصبحت لا أشعر بالسوء حيال تناولي ثلاثة أو أربعة أكواب من القهوة بشكل يومي.» كانت بورشاهيدي قد انتهت لتوها من مراجعة الأدلة، في دراسة موّلتها شركة القهوة الإيطالية Illycaffè بشكل جزئي. وكبداية فإنها وجدت بعض الأسس لافتراض أن شرب كمية معتدلة من الكافيين هو فعل ضار. أما بالنسبة إلى كونه مادة تسبب الإدمان، فإن التخلص منه سهل بشكل سريع: فجعل الناس يقللون تدريجيا من استهلاكهم له على مدى أربعة أسابيع هي استراتيجية فعالة.

وبعيدا عن الكافيين، تحتوي القهوة على مستويات عالية من مركبات تسمى أحماض الكلوروجينيك المعروفة بكونها تُبطّئ من عملية امتصاص الجسم للغلوكوز. وكيفية حدوث هذا الأمر غير واضحة، لكنه يدعم الملاحظة التي تقول إن الأشخاص الذين يشربون القهوة هم أقل عرضة لخطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.

من ناحية أخرى، تحتوي القهوة على عنصرين زيتييّن هما: الكافيستول Cafestol والقهويول Kahweol، ويبدو أنهما يزيدان من نسبة الكوليسترول «الضار» في الدم الذي يسد الأوعية الدموية. لكن معظم أنواع القهوة التي نشربها، بما في ذلك الفورية، لا تحتوي على الكثير من أي منهما كما تقول بورشاهيدي. وتقوم آلات الإسبريسو بالتخلص من العنصرين بشكل كامل تقريبا، وكذلك تفعل أباريق كبس القهوة الفرنسية French presses. والأمر الذي يجب اجتنابه هو القهوة المغلية غير المرشّحة والشهيرة في كل من تركيا والنرويج والسويد.

عادة لا تجد الدراسات المجراة للنظر في علاقة استهلاك القهوة بالسرطان أي علاقة أو تأثير نافع معتدل بين الأمرين إلا بين الأشخاص الذين يجترعون أكثر من 40 كوب قهوة في اليوم، أو الأشخاص الذين يشربون القهوة على النمط التركي. وحتى عندما يبدو أن شاربي القهوة معرضون لخطر أكبر مقارنة بالذين لا يشربونها، فإن الدراسات تفشل بشكل عام في إظهار علاقة طردية بين الكمية المستهلكة والمخاطر، مما يشير إلى وجود عوامل أخرى: قد يكون الأشخاص الذين يتناولون القهوة يتناولون معها أيضا المزيد من الكحول أو السجائر، كما تقول بورشاهيدي. في يونيو الماضي، غيّرت منظمة الصحة العالمية موقفها من القهوة من «ربما مسرطنة» إلى «لا يوجد دليل قاطع». كان التحذير الوحيد هو أن أي مشروب ساخن – أي فوق 70 درجة مئوية – يزيد من خطر الإصابة بسرطان المريء.

لذا استمتع بفنجانين قهوتك المتفرقة، لكن أَسدِ لنفسك معروفا: دعها تبرُد.

الشاي 

غالبا ما ينغمر شاربو الشاي في رضا ذاتي باذخ؛ فعلى العكس من شاربي القهوة، فإن المشروبات التي يختارونها ممتلئة بالخير المورق والمنعش. وتتمحور معظم الضجة بشأن الشاي حول مركبات الفلافونول Flavonols، مع التركيز بشكل خاص على الشاي الأخضر الغني بفلافونول محدد وهو: المركّب Epigallocatechin-3-gallate. إنه يعزز مضادات الأكسدة ومضادات السرطان، على الأقل عندما يضاف إلى الخلايا في طبق الاختبار.

لكن حان الوقت لصب بعض الماء البارد. فعلى الرغم من أن بعض الدراسات وجدت أن شرب الشاي الأخضر (والأحمر بدرجة أقل) يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي والأمعاء والرئة السرطان، فقد خلص استعراض أجري عام 2009 لـ 51 دراسة شملت ما مجموعه 1.6 مليون شخص إلى أن الأدلة كانت متناقضة جدا.

وينطبق الأمر كذلك على الفوائد الأخرى المفترضة. فقد قام مستخلص كل من الشاي الأخضر والأحمر على حد سواء بخفض مستويات السكر في الدم لدى الجرذان المصابة بداء السكري، وتعزيز استقلاب الغلوكوز في المتطوعين الأصحاء من البشر.

وقد يقوم الشاي ومستخلصاته كذلك بخفض نسبة الكوليسترول وضغط الدم لدى الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتشير الدراسات التي أُجريت على الحيوانات إلى أنه يمكن لمضادات الأكسدة والمركبات الموجودة في الشاي الأحمر أن تمنع الإنزيمات التي تهضم الدهون والنشا، وربما زيادة التمثيل الغذائي. قد يفسّر بعض -أو كل- ذلك وجود العلاقة الصغيرة بين استهلاك الشاي وبين فقدان الوزن لدى الأشخاص الذين يعانون زيادةً في الوزن أو من السمنة المفرطة. وكل هذا جيد حتى الآن، لكن الخبر السيِّئ هو أن كمية الوزن المفقود كانت ضئيلة جدا لدرجة تجعلها غير ذات صلة بالصحة، وربما كان السبب وراءها هو اتخاذ خيارات أخرى في نمط الحياة.

ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يسبب لك فنجان لطيف من الشاي ضررا كبيرا. فقدت امرأة جميع أسنانها في عمر السابعة والأربعين بسبب الاستهلاك المفرط للفلوريد الموجود في الشاي، لكنها كانت تشرب ما يصل إلى 100 أو 150 كيسا من الشاي بشكل يومي ولمدة 17 عاما. أما بالنسبة إلى معظمنا فإن لمحتوى الشاي من الفلوريد ومضادات البكتيريا خصائص تعمل في الواقع على حماية أسناننا. وجدت دراسة حول احتمال جعل الشاي غسولا للفم أن الشاي الأخضر يقتل من البكتيريا العدد ذاته الذي يقتله الغسول العادي المحتوي على مركب الكلورهيكسيدين، بل وربما ينجح لكونه أرخص. كذلك يحارب الشاي الأحمر تسوس الأسنان، ويحفز الإنزيمات المضادة للبكتيريا الموجودة في الفم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى