أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

هل عصير الفاكهة أفضل من المشروبات الغازية؟

بقلم: دانيال كوسينز وغراهام لوتون
ترجمة: آية علي

المشروب الغازي ليس أكثر من حلوى في علبة، والبدائل “الدايت” مليئة بمكونات سيئة. وعصير الفاكهة الطبيعي 100% هو الأفضل؛ أو هذا ما يجعلوننا نعتقد. 

تتسبب المشروبات الغازية في تسويس أسنانك، وكلما شربت منها كلما زاد التسوس. فمن المفترض -بشكل عام -أن المشروبات الغازية هي الأسوأ، ليس بسبب ذوبان غاز ثاني أكسيد الكربون – المياه المعدنية الفوارة ليست أسوأ لأسنانك من مياه الصنبور، فهذه المعلومة مجرد خرافة- بل بسبب مزيج السكر والمنكّهات الشائعة مثل حمض الفوسفوريك. وتعني مكوناتها ذات السكر المرتفع أن المشروبات الغازية وشراب الفاكهة تعطيك كمية كبيرة من السعرات الحرارية دون أن تُشعرك بالشبع: تحتوي علبة مشروب غازي، مثل الكوكا كولا، على كمية سكر تتخطى الكمية الموصى بها يوميا من السكر «الحر» free أو المضاف. يؤدي هذا إلى تراكم الطاقة الزائدة ومن ثم تخزينها على شكل دهون. ويصبح أولئك الذين يتناولون المشروبات السكرية باستمرار عرضة لزيادة الوزن، بغض النظر عن الدخل والعِرق، فإن استهلاك علبة من المشروبات الفوارة المحلّاة -أو ما يعادلها- بشكل يومي، يزيد من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة الربع. وعموما، فإن هذا النوع من الغذاء السائل لا يُنصَح به.

المشروبات الغازية الدايت

حسنا، إذا كانت المشكلة الرئيسية هي السكر فسوف تزول المشكلة عند إزالته، أليس كذلك؟ ليس بهذه السرعة! تشير بعض الدراسات إلى أن المشروبات الغازية الدايت تساعد على إنقاص الوزن، في حين تجد أخرى ما يبدو أنه علاقة متناقضة مع زيادة الوزن. إذ يمكن للفئران التي تستهلك مُحلّيات صناعية أن تنمّي حساسية مفرطة تجاه الغلوكوز، مما يُمهد للإصابة بداء السكري من النوع الثاني. ويقول فاسانتي مالك Vasanti Malik، عالم التغذية من جامعة هارفارد: إن محاولة تحديد السبب والنتيجة في الدراسات البشرية أمر معقد، فقد يستهلك الناس الذين يعانون بالفعل زيادةً في الوزن هذه المشروبات الدايت، في محاولة منهم لإنقاص أوزانهم، الأمر الذي قد يؤدي إلى تحيز Skewing في البيانات في مثل هذه الدراسات. وقد انتُقِدت الدراسات الحيوانية على أنها غير واقعية، فقد كانت تستهلك الفئران أو الجرذان في بعض الدراسات كمّيات من المحلِّيات تعادل التهامنا لبضع مئات من قطع المحليات بشكل يومي. لكن هناك الكثير من الأسباب التي قد تجعل المحليات ذات السعرات الحرارية المنخفضة لا تؤدي غرضها المطلوب. وأحد هذه الأسباب هو سبب نفسي: لقد تناولتَ مشروبا غازيًّا خاصا بالحمية بعد الظهر، لذا بإمكانك تناول المثلجات في المساء. أو ربما تدفعنا شدة المحليات الصناعية -التي يمكن أن تكون ذات حلاوة تفوق حلاوة السكر بمئتي مرة- إلى تفضيل أشياء حلوة كما يقول مالك. أو ربما تقوم المحليات بتعطيل عمل البكتيريا في أمعائنا أو رد فعلنا الهرموني تجاه استهلاك السكر. وتقول سوزان سويذرز Susan Swithers من جامعة بوردو Purdue University في غرب لافاييت بإنديانا إنه «وكنتيجة لذلك فإن أجسادنا لا تستجيب أيضا عندما نستهلك السكر الحقيقي،» مما يؤدي إلى زيادة الوزن.

لقد خلصت مراجعة حديثة في العام الماضي إلى أن اختيار المشروبات الدايت دون المشروبات السكرية العادية قد يسهم في فقدان الوزن. لكن سويذرز تقول إن عدم اليقين يجب أن يجعلنا نتوقف قليلا من أجل التفكير. وتضيف قائلة: «الحقيقة هي أنه يجب ألا يتناول أحد المشروبات المحلّاة كل يوم، سواء كانت المشروبات الغازية العادية أم الدايت، فهذه المشروبات، هي في كلتا الحالتين، مثل حلوى في علبة.»

عصائر الفاكهة

يبدو عصير الفاكهة الطبيعي %100 بديلا صحيا. فهو يتكون من الفاكهة بنسبة %100، ويحتوي على أشياء جيدة غير موجودة في المشروبات الغازية، مثل الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة. وتقول هيئة الخدمات الصحية الوطنية National Health Service في المملكة المتحدة أن كأسا صغيرا بحجم 150 مل من عصير الفاكهة الخالص يُحتسب ضمن حصصك الخمس اليومية.

لكن اشرب كأسا واحدة فقط. إذ يفتقد عصير الفاكهة الكثير مما تحتوي عليه الفواكه، فعصير برتقالة واحدة مثلا يحتوي على 0.4 غرام من الألياف، في حين تحتوي البرتقالة نفسها على 1.7 غرام. كما أنها محلّاه بالقدر الكبير ذاته كالمشروبات المحلّاة. وتوصي منظمة الصحة العالمية بأن يعامل السكر الطبيعي الموجود في عصير الفاكهة معاملة السكر الحر المضاف إلى الطعام والمشروبات المُحلّاة، كما تنصح بوضع قيود صارمة على الكمية التي ينبغي لنا استهلاكها منه. إذ يحتوي عصير البرتقال والكوكا كولا على كمية السكر نفسها تقريبا، بل قد تزيد النسبة في بعض العصائر. ويشير هذا إلى أن التحذيرات الصحية يجب أن تنطبق على عصائر الفاكهة مثلما تنطبق على المشروبات التي تحتوي على سكر مضاف.

وفي الحقيقة، نحن لا نعرف ما إذا كانت عصائر الفاكهة أفضل أم أسوأ من المشروبات الغازية، وذلك وفقا لما تقوله نيتا فوروهي Nita Forouhi، عالمة الأوبئة من جامعة كامبريدج، التي تضيف قائلة إن وجود عوامل حياتية أخرى مثل الدخل والنظام الغذائي والتدخين وممارسة التمارين الرياضية، التي قد تختلف بين الأشخاص المعتادين على تناول عصائر الفاكهة وبين المعتادين على تناول المشروبات الغازية، تجعل من الصعب التوصل إلى استنتاجات قاطعة.

وخلصت مراجعة أجراها فريق فوروهي وآخرون عام 2015 إلى احتمال ارتباط كل من المشروبات التي تحتوي على سكر مضاف، والمشروبات المحلّاة اصطناعيا، وعصائر الفاكهة بداء السكري من النوع الثاني. لكن اختلاف نماذج الدراسة يعني أن الأدلة حول المشروبات المحلّاة صناعيا وعصائر الفاكهة قد تكون «عرضة للتحيز». بكلمات أخرى: لا نعرف الإجابة بعد.

المشروبات الرياضية

تدعي المشروبات الرياضية بشكل أساسي أنها تحسّن الأداء الرياضي والتعافي، وذلك من خلال تعويض السوائل والطاقة والإلكتروليتات – الصوديوم والبوتاسيوم والكلوريد – المفقودة أثناء ممارسة الرياضة.

وخلصت مراجعة نُشرت عام 2000 إلى أن المشروبات الرياضية تحسن على الأرجح من الأداء، مقارنة بمياه الشرب. وفي عام 2006، أقرّت بذلك الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية.

لكن معظم المشروبات الرياضية تحتوى على قدر كبير من السكّر، وقد شكّكت دراسات حديثة في نتائج الدراسات السابقة. وجد تحليل نُشِر عام 2012 في المجلة الطبية البريطانية BMJ «نقصا واضحا في الأدلة» حول أي ادعاء متعلّق بالمشروبات الرياضية. وقد تساعد هذه المشروبات الرياضيين النخبة، لكن من غير المرجح أن يكون لها أي تأثير في الأشخاص العاديين.

في هذه الأثناء، هناك منافس آخر: حليب الشكولاتة قليل الدسم، فهو خليط مكون من أربع حصص من الكربوهيدرات مقابل حصة بروتين 4:1، وهو ما يبدو أنه مثالي لتعافي العضلات بعد التمرين، كما أنه أرخص بكثير من معظم البدائل. وتتحدث عنه كيلي بريتشيت Kelly Pritchett، عالمة التغذية والرياضة من جامعة واشنطن المركزية Central Washington University في إلينسبورغ قائلة: « إن نتائج الأبحاث إيجابية، فقد وجدت معظم الدراسات أنه فعال بقدر فعالية مشروبات التعافي المتاحة دون وصفات، بل وقد يتفوق عليها.»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى