أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيولوجياجيولوجيا

الأيض قد يكون أقدمَ من الحياة ذاتها ونشوؤه تلقائي

بقلم: ليندا غيدز
ترجمة: حنان العلوي

قد نكون أقرب خطوة إلى حل لغز كيفية نشأة الحياة قبل نحو 4 بلايين سنة.

وفقا لدراسة حديثة، فإن نسخة بدائية من العمليات الأيضية -التي تستخدمها جميع صور الحياة للبقاء- ربما نشأت تلقائيا على كوكب الأرض في غياب الإنزيمات. ويقترح ذلك أن أجزاء أساسية من عملية الأيض أقدم من الحياة ذاتها ومن المرجح بزوغها بسهولة على الأرض في وقت مبكر.

الأيض عبارة عن شبكة من التفاعلات الكيمائية التي تمكِّن الكائنات الحية من إنتاج الطاقة والجزيئات التي تحتاج إليها للبقاء والنمو والتكاثر. وتعد دورة كريبس Krebs cycle في صميم تلك الشبكة، إذ إنها سلسلة دائرية من التفاعلات المُولِّدة لسلائف Precursors الأحماض الأمينية والدهون المستخدمة لبناء البروتينات والأغشية الخلوية والجزيئات التي تساعد الخلية على إنتاج الطاقة.

ولطالما كان تطور مثل تلك الدورة المعقدة أساسا لغزا غامضا.

في الوقت الحاضر، أثبت ماركوس رالزرMarkus Ralser وزملاؤه من معهد فرانسيس كريك Francis Crick Institute في لندن وجود دورة كريبس منذ مطلع الحياة. ويعتقد الفريق أن أشكال الحياة الأولية قد تبنّت تلك الدورة، فطورت إنزيمات تجعلها أكثر فعالية.

تستخدم الإنزيمات الحديثة المُحفِّزة لدورة كريبس آليات مختلفة للقيام بذلك. فيستلزم حدوث تلك العملية تلقائيا، وجودا طبيعيا لجزيء بسيط وغير عضوي في محيطات كوكب الأرض الأولي، وذلك لتحفيز تلك التفاعلات المتعددة.

قام فريق رالزر بدراسة المركبات الوسطية لدورة كريبس والمثبت وجودها قبل نحو أربعة بلايين سنة. وقد عُثر على بعض من تلك المركبات في الأحجار النيزكية أو المواد المصنعة في المختبر المحاكية لتلك التي وجدت في محيطات الأرض الأولى. وقام الفريق بعدها بتعريض تلك المواد الكيميائية إلى كبريتات البيروكسيد Peroxydisulphate، وهو مصدر كبير للعوامل التفاعلية المسماة بجذور الكبريتات المرجح وجودها في ترسبات المحيطات الأولى. وقد ولَّد ذلك سلسلة من 24 تفاعلا كيميائيا مشابها لتلك الموجودة حاليا في دورة كريبس (Nature Ecology & Evolution: DOI: 10.1038/s41559-017-0083).

ويدعم ذلك نتائج بحث رالزر السابق التي تثبت قدرة الأيونات المعدنية على تحفيز جزيئين آخرين من عملية الأيض في الخلايا. ويقول رالزر: «أكرر، إن من أكثر الأمور مدعاة للدهشة هو كيفية عمل جزيء واحد كعامل محفز لجميع التفاعلات التي اكتشفناها.» ويقول أيضا: « تعد بساطة العملية في غاية الإثارة، لأنها تعطيك تفسيرا مقبولا لكيفية نشأة الحياة.»

وكانت ستكون هناك كميات وفيرة من جذور الكبريتات بالقرب من الفوهات الحرارية –المائية Hydrothermal vents، حيث إنها المواقع الأكثر احتمالا لنشأة الحياة. ويعتقد رالزر أن تلك التفاعلات الكيميائية الأساسية قد هيأت نموذجا ستسخدمه الآليات التطورية حال انبثاقها في الوجود.

ويقول رالزر: «إن مسار الأيض بحد ذاته نقطة بداية جيدة لنشأة الحياة، ولكنها ليست الحياة، بل مجرد شبكة من التفاعلات الكيمائية.» ويكمل قائلا: «فالحياة تستوجب أغشية خلوية لاحتواء التفاعلات وآليات جينية تمكّن التوارث.»

ويذكر رالزر أن التحدي الأعظم يكمن في محاولة فهم كيفية جمع تلك العناصر للعمل في خلية حية لأول مرة.

لكن، لا يتفق الجميع مع استنتاجات الفريق. يقول نيك لين Nick Lane، عالم الكيماء الحيوية التطورية من يونيفرسيتي كوليدج لندن: «هذه ورقة بحثية متقنة واستنتاجاتها ملفتة للنظر ودقيقة.»

ولكنه يردف قائلا إن تركيز الفريق قد انصب فقط على دورة كريبس التأكسدية، وهي ليست بقدم الدورة الاختزالية Reductive cycle التي تُثّبت ثاني أكسيد الكربون باستخدام الهيدروجين، والتي لا تزال موجودة في بعض أنواع البكتيريا القديمة. ويقول لين -إلى أن يبرهن الفريق ذلك علميا- فمن غير المؤكد أن الأيض قد سبق الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى