أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحةعلم الإنسان

عقار الحب قد يَقي من الإدمان

يحفز الأوكسيتوسين، المعروف أيضا بالمادة الكيميائية للتعانق، الروابطَ الاجتماعية بين الأفراد. وقريبا ستصنع منه حبوب دوائية لفحص قدرته على إعادة تشكيل وصلات الدماغ التي تتسبب في وقوعنا بالحب

ذكر جوزيف شارب Joseph Sharp المرةَ الأولى التي حقن نفسه فيها بالميثامفيتامين، ويقول: «تدفق إلى دماغي تدفق الماء الساخن من النبع، وصرت في الواقع أغمغم بصوت مرتفع وبشكل لا إرادي، وأريد أن أقوم بذلك كل يوم لبقية حياتي’. كان ذلك كشعور السعادة الغامرة التي تشعر بها عندما تكون واقعا في الحب بشكل جنوني.»

استخدم «شارْب» الدواء -يسمى أيضا بالكريستال ميث crystal myth وآيس ice – أول مرة للتقليل من خجله الاجتماعي كي يصير «اجتماعيا بشكل خارق». فقد كان شارْب تواقا إلى الحصول على أصدقاء، خصوصا أنه انتقل إلى لوس أنجلوس حديثا كي يصير كاتب نصوص للأفلام. ولكن عندما سيطر الإدمان عليه، انسحب شارب تدريجيا عن الأشخاص من حوله، ويقول: «في النهاية، صرت وحيدا بغرفة مع إبرة في ذراعي.» ويقول أيضا: «كنت أبعد ما أكون عن الاجتماعية.»

تبدو هذه القصة مألوفة لإيان ماك غريغور Ian McGregor من جامعة سيدني، والذي يدرس إدمان العقاقير لما يزيد على 25 سنة. وإحدى العلامات المميزة للإدمان هي تضاؤل الاهتمام بالتواصل البشري، والتركيز الزائد على العادة السيئة، سواء أكانت الكحول، أم الأمفيتامين، أم الكوكائين، أم الهيروين، أم المواد الأفيونية المأخوذة بوصفة، أم النيكوتين، أم أي مادة أخرى مسببة للإدمان.

قبل عقد من الآن، أوحت هذه الملاحظة لماك غريغور بفكرة: هل من الممكن عكس إدمان المخدرات عن طريق نقل الدماغ من حالةِ ملاحقة الدواء إلى الحالة الاجتماعية؟ فإذا كان حدس ماك غريغور صائبا، يمكن لذلك أن يكون «الرصاصة الفضية» التي توفر علاجا شاملا لجميع أنواع الإدمان في الوقت نفيه.

كان الأمر يستحق التجربة؛ فالكحول والتبغ والمواد المحظورة مرتبطةٌ بثلاث عشرة في المئة من الوفيات كل سنة، كما أن المواد الأفيونية المأخوذة بوصفة تزيد من هذه المشكلة. وفي عام 2016، في الولايات المتحدة وحدها، مات 46 شخصا كل يوم من جرعة مفرطة، ومن ضمنها الجرعاتُ المفرطة بسبب المواد الأفيونية المأخوذة بوصفة.

ولكن، مع أن المواد المسببة للأدمان تسبب الموت لعدد مساوٍ من الوفيات التي يسببها السرطان كل عام، إلا أنه لا يوجد علاج متاح للأفراد، ولا تهتم كثير من شركات الأدوية بتطوير العلاجات. وتقول فيمكي بوزمان-بيجلمان Femke Buisman-Pijlman، من جامعة أديلايد University of Adelaide في أستراليا: «لا تحصل شريحة مدمني المواد على الكثير من التمويل الصحي، ولا تريد العديد من شركات الأدوية أن ترتبط بهم.» كما أن العلاجات المتاحة لإدمان المواد كانت لها نسب نجاح محدودة.

ركز ماك غريغور على الأوكسيتوسين لمحاولة استعادة السلوك الاجتماعي لمتعاطي المدمنات والأوكسيتوسين معروف على أنه هرمون الحب، أو المادة الكيميائية «العناق»، ويفرز بشكل طبيعي خلال التواصل الاجتماعية والجنس، وعند النساء عندما يلدن، كما يساعد على تقوية العلاقات البشرية.

وكخطوة أولى، حاول ماك غريغور حقن الأوكسيتوسين في جرذان كانت مدمنة بشدة على الميثامفيتامين، بحيث إنها مستعدة أن تضغط على العتلة مئات المرات للحصول على جرعة واحدة من الميثامفيتامين. ويقول ماك غريغور: «بل إننا كان علينا أن نحدَّ من حصولها على الميثامفيتامين حتى لا تأخذ جرعة مفرطة وتموت.» وكانت النتائج مذهلة؛ فقد توقفت الجرذان التي عولجت بالأوكسيتوسين تماما تقريبا عن الضغط على العتلة، وهي علامة أنها فقدت الرغبة في المخدر.

بعد ذلك، قام بالتجربة نفسها مع الكحول. ووجد هو ومايكل بوين Michael Bowen، والذي كان حينها طالبا عنده والآن صار زميلا له، أن الجرذان المدمنة على الكحول قللت من استهلاكها للبيرة إلى النصف خلال فترة شرب مدتها ساعتان ونصف، وذلك عندما أعطيت حقنة من الأوكسيتوسين مباشرة قبل فترة الشرب. كما وجدت مجموعات بحثية أخرى أن الأوكسيتوسين قلَّل من تناول الكوكائين والهيروين في الجرذان.

وبعد هذه النتائج الواعدة، أُعِدَّت العديد من التجارب السريرية في الولايات المتحدة لفحص قدرة الأوكسيتوسين على علاج الاعتماد على الكحول والكوكائين والهيروين والمواد الأفيونية المأخوذة بوصفة، والماريجوانا والنيكوتين. وبخلاف الدراسات التي أُجريت على الجرذان، لم يكن بالإمكان إعطاء الدواء بجرعات كبيرة مباشرة في الدورة الدموية للأفراد، ولا مباشرة في أدمغتهم؛ وذلك لأسباب تتعلق بالأمان. ومن ثم، لإيصال الأوكسيتوسين إلى الدماغ، كان عليهم بخُّه عبر الأنف.

ومع ذلك، كانت النتائج من هذه التجارب حتى الآن مخيبة للآمال؛ فالأوكسيتوسين عبر الأنف لا يقلل من الرغبة في المخدر إلا قليلا، أو أنه لا يقلل منها أبدا. وسبب هذا على الأرجح هو الكمية الصغيرة التي تصل إلى الدماغ من الأوكسيتوسين المأخوذ عبر الأنف؛ فهذا الجزيء الكبير يواجه صعوبة في عبور الحاجز الدموي الدماغي، كما أنه يتحلل بسهولة في الدورة الدموية.

لتخطي هذه العقبة، اشترك كل من ماك غريغور وبوين مع مايكل كاسيو Michael Kassiou وتلميذه في ذلك الوقت ويليام يورغينسين William Jorgensen، وهما اختصاصيان بالكيمياء الطبية من جامعة سيدني. وكان هذا التعاون للمساعدة على تطوير محاكٍ للأوكسيتوسين بحيث يكون صغيرا كفاية لأن يعبر الحاجز الدموي الدماغي، ويكون له الأثر نفسه في الدماغ بالوقت نفسه. وقد اهتدى الفريق إلى فكرة ما، ولكن الجزيء كان صعب التكوين، وقد واجه فريق كاسيو عقبات خلال محاولتهم تجميع الأجزاء الثلاثة المكونة للجزيء مع بعضها.

ولما نفد صبر ماك غريغور، اقترح على يورغنسن أن يجربوا الأجزاء الأساسية الثلاثة في الجرذان «للتجربة فقط، ومن غير سبب محدد» بحسب ما قال بوين. ولم ينتج من الجزأين الأولين أي نتيجة، ولكن بعد أن حقنوا الجزء الثالث وجدوا أن الجرذان صارت أكثر اجتماعية، وأظهرت زيادة في تفضيلها لقضاء الوقت مع الجرذان الأخرى بدلا من الأشياء في محيطها، بل وكانت الجرذان تتعانق مع جرذان أخرى لم تلتقِ بها من قبل قط. ويقول بوين: «بينغو. كان ذلك عندما ظننا أنها تحفز نظام الأوكسيتوسين.»

ولتأكيد ذلك، نظر الفريق إلى ما كان يحدث في أدمغة الجرذان. ومن المؤكد أنهم وجدوا الجزء الأساسي المحقون يحفز المَصْنَعين الأساسيين المسؤولين عن تصنيع الأوكسيتوسين.

«يبدو أن الدواء يمنع الانتكاسة، وهي أحد أكبر العوائق للشفاء»

ومنذ ذلك الحين، عكف الفريق على تجربة هذا الجزيء (والذي أطلقوا عليه اسم المركب الصناعي الشبيه بالأوكسيتوسين 1 Synthetic oxytocin-like compound 1، واختصارا المركب SOC-1) في الجرذان المدمنة على الميثامفيتامين، ونسانيس الريسوس المدمنة على الكوكائين، وقردة البابون المعتادة على الكحول. وكانت النتائج «مدهشة»، كما يقول بوين.

على سبيل المثال، عندما حُقن مركب SOC-1 في الجرذان، نقص دافعهم لاستخدام الميثامفيتامين بما يزيد على 85 %، علما أن الدافعية هنا تقاس بعدد المرات التي تضغط الجرذان فيها على العتلة للحصول على جرعة من الميثامفيتامين. وكانت النتائج في نسانيس الريسوس مشابهة أيضا؛ فقد نقص اهتمامها بالكوكائين الذي تتناوله بمقدار 90 %. وبكلمات أخرى، بدلا من الضغط على العتلة 350 مرة للحصول على حقنة وريدية من الكوكائين، استسلمت القردة بعد 35 ضغطة.

ومن المذهل أن الجزيء بدا أنه يمنع الانتكاس، وهو أحد العوائق الأكبر في طريق الشفاء عند المصابين باضطرابات بالإدمان. وتظهر الأبحاث أن نحو 40 إلى 60 % من الأشخاص ينتكسون خلال السنة الأولى بعد فترة التأهيل. ويقول شارب الذي أصيب بانتكاسة بعد أربع سنوات، ثم استغرقه الأمر سنتين آخريين للتوقف عن المدمنات ليعود نظيفا من جديد: «المشكلة الكبرى ليست في ترك المدمنات، ولكن المشكلة في المحافظة على ذلك.»

هناك ثلاثة محفزات شائعة للانتكاس: الأول الإجهاد Stress، وبالنسبة إلى شارب كان سبب الاجهاد انفصاله عن صديقته. والثاني، هو الإشارات، ومن أمثلتها المرور ببائع المخدرات الذي كنت تتعامل معه. والثالث، هو المُحفِّز الأساس: «مثل رشفة واحدة من البيرة تتحول إلى 20 قنينة من البيرة ونصف قنينة فودكا.»

يبدو أن المركب SOC-1 يُضعِف من قوة هذه المحفزات؛ ففي إحدى التجارب، دُربت الجرذان على دفع عتلة للحصول على الميثامفيتامين، وعندما صارت الجرذان مدمنة، غُيِّرت ظروف التجربة، بحيث إن العتلة لم تعد تعطي أي دواء. وفي النهاية، توقفت الجرذان عن الضغط على العتلة، وكانت تلك مرحلة «إعادة التأهيل». ولكن بعدها أعطيت الجرذان جرعة صغيرة من الميثامفيتامين، ومباشرة بعد ذلك، انتقلت الجرذان إلى حالة مسعورة، حيث طرقت العتلة أكثر من 120 مرة خلال فترة ساعتين للحصول على جرعة أخرى. وبالمقابل، فإن الجرذان التي أعطيت المركب SOC-1 مباشرة قبل الحصول على هذه الجرعة (والتي تمثل «المُحفِّز الأساس») بالكاد لمست العتلة.

ووفق ماك غريغور، يمكن لآثار المركب SOC-1 أن تكون طويلة الأمد. ويقول: «نعلم أن الأوكسيتوسين يستحضر ما يسميه علماء النفس تغيّرا في الحالة State change. فعلى سبيل المثال، عند الولادة، لا ترغب الأمهات في أن يحببن أطفالهن لمدة دقائق فقط. ولذلك يجب على الدفعة الأولى من الأوكسيتوسين أن تكون لها آثار مستمرة.» ويدعم بحثه مع بوين هذه الفكرة؛ فقد أظهرا، على سبيل المثال، أن الجرذان المدمنة على الكحول، والتي أعطيت جرعة واحدة من الأوكسيتوسين، قللت من شربها للفودكا التي بطعم توت العليق، وذلك على مدى الأسابيع الستة التي استغرقتها التجربة. كما وجدا أن إعطاء الجرذان اليافعة جرعات من الأوكسيتوسين لفترة قصيرة يقلل من خطر تطوير إدمان الكحول والميثامفيتامين خلال فترة البلوغ.

أما السؤال الكبير الذي يحاول الفريق حله فهو: كيف يعمل المركب SOC-1 بالتحديد؟ ويقترح بحثهما حتى الآن أنه يحفز دفعة من الأوكسيتوسين يمكنها إعادة ضبط تركيز الدماغ وتوجيهه نحو الانخراط الاجتماعي.

ولفترة طويلة كنا نعرف أن الأحاسيس التي تجلب المتعة ينظمها الدوبامين، المادة الكيميائية المتعلقة بالشعور بالمشاعر الجيدة، في جزء من الدماغ يدعى النواة المتكئة Nucleus accumbens. ولكن على مدى العقدين الماضيين، اكتشفنا أن هناك نوعين من مستقبلات الدوبامين في تلك المنطقة: مستقبلات الدوبامين من نوع D1، والتي تتفعل عن طريق تحفيزها من قبل أشياء من مثل الطعام والأمور المادية، ولكن المخدرات قد تستولي وبشدة على هذا النوع من المستقبلِات. أما مستقبلات الدوبامين من نوع D2، فإنها تتفعل عن طريق المحفزات الاجتماعية. ويبدو أن للأوكسيتوسين أثرا مضاعفا؛ فهو يمنع المخدرات من تفعيل المسار الدوباميني للمستقبلات D1، وفي الوقت نفسه يحفز المسار الدوباميني D2، والذي يزيد من السلوك الاجتماعي.

ويتفق هذا التفسير مع الأدلة الموجودة؛ فالأبحاث تبين أن الأشخاص الذين يمتلكون مقدارا أقل من مستقبل الدوبامين D2 يكونون أكثر عرضة لإدمان المخدرات، ربما لأنهم يحاولون تعويض ذلك بتحفيز مستقبلات الدوبامين D1 باستخدام المخدرات.

أيضا، من المعروف أن التعاطي المزمن للمخدرات يقلل من مستويات مستقبلات الدوبامين D2 والأوكسيتوسين، ما يصعب معه الحصول على الرضا من التفاعلات الاجتماعية. ففي فئران الحقول المدمنة على الأمفيتامين -يطلق عليه أيضا speed، يكون لهذا الإدمان أثر مدهش في تخريب علاقاتها أحادية الزوج Monogamous عادة، ولكن جرعة واحدة من الأوكسيتوسين يمكنها استعادة هذه الرابطة، على الأرجح عن طريق إعادة تنشيط السبيل الدوباميني الاجتماعي، وذلك وفقا لبحث أجراه زوشين وانغ Zouxin Wang وزملاؤه من جامعة ولاية فلوريدا Florida State University، الذين حقنوا الأوكسيتوسين في أدمغة فئران الحقول المدمنة على الأمفيتامين.

يُخَطَّط الآن للبدء بالمرحلة الأولى من التجارب السريرية Clinical trials باستخدام حبوب دوائية تحتوي على المركب SOC-1 في 2019. وفي البداية، سيختبرون الدواء في علاج الأشخاص الذين يعانون إدمان المخدرات، ولكن الأمر قد يصل يوما ما إلى تطعيم المراهقين ضد الإدمان في المستقبل.

يأمل الفريق بأن يعمل المركب SOC-1 بالكفاءة نفسها في الأشخاص كما حصل في حيوانات المختبر؛ وذلك لأن مسارات المكافأة Reward pathways الأساسيةَ في الدماغ التي تستولي عليها المخدرات متشابهةٌ عبر الأنواع الحيوانية. كما يعتقدون أن الجزيء يمكنه أن يكون فاعلا في علاج الإدمان الناتج عن جميع المخدرات المسببة للإدمان؛ لأنها تعمل على مسارات المستقبلات الدوبامينية نفسها. وتقول بوزمان-بيجلمان يمكن لهذا الأمر أن يكون مفيدا بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون الاعتماد على الميثامفيتامين والماريجوانا، وهو ما ليس له علاج متاح حاليا. وتقول أيضا: «ستكون هذه خطوة كبيرة إلى الأمام.»

ولكن، هل ستكون له آثار جانبية؟ في حيوانات المختبر، لم يُظهِر المركب SOC-1 أي علامات على السمية، ولم يسبب اختلافات في الوزن أو أي مشكلة سلوكية. ومن الجدير بالذكر أن المركب SOC-1 لا يسبب الإدمان؛ فالجرذان التي أعطيت الفرصة للحصول على المادة المخدرة لم تعد تُظهِر اهتماما بها. وفي الدراسات على البشر على الأوكسيتوسين المعطى عبر الأنف، لم يستطع المشاركون معرفة ما إذا كانوا قد أعطوا المركب الفعال أو العلاج الغُفل Placebo. يقول بوين: «لا يبدو أن الأوكسيتوسين يعطي شعورا بالمكافأة بحد ذاته. وأثره أقل ملحوظية؛ فقد يجعلك ترغب في الخروج مع أصدقائك بدلا من السعي وراء المخدر.» وهذا ما يجعل المركب SOC-1 مختلفا عن العلاجات بالبدائل من مثل الميثادون، والذي يمكنه أن يساعد الأشخاص على أن يتخلصوا من إدمان الهيروين والمواد الأفيونية الأخرى، ولكنه مسبب للإدمان بحد ذاته.

« يمكن لجرعة كبيرة جدا من الأوكسيتوسين أن تكون لها آثار اجتماعية غير مرغوب فيها»

تقول بوزمان-بيجلمان إن المركب SOC-1 مركب واعد، ولكنها تحذر من أن إدمان المخدرات أصعب كثيرا في البشر من حيوانات المختبر من حيث العلاج. فالأشخاص الذين يعانون اضطرابات إدمان المخدرات غالبا ما يعانون مشكلات نفسية أخرى، مثل اضطراب ما بعد الصدمة Post-traumatic stress disorder أو الاكتئاب Depression أو الفصام Schizophrenia، والتي يمكنها التأثير في استجابة الشخص للعلاج. ويقر شاربْ بأن الموضوع معقد، ويقول: «لم أقابل قطُّ أي مدمن لا يستخدم المخدر كعلاج لمشكلة عقلية بشكل أو بآخر.»

ويمكن لدفعة كبيرة جدا من الأوكسيتوسين أن تكون لها آثار غير مرغوب فيها. تقول بوزمان-بيجلمان: «إحدى المشكلات هي أننا لا نعلم الكثير بعدُ عن نظام الأوكسيتوسين الطبيعي لدينا. ومن ثم لو تسببتَ بزيادة كبيرة، ماذا سيحدث؟ ليست الزيادة أفضل بالضرورة.»

أشارت الدراسات الحديثة التي أجريت على الأوكسيتوسين المعطى بطريق الأنف إلى جانب مظلم محتمل للهرمون. وتشير الدلائل المتزايدة إلى أنه في الوقت الذي يزيد فيه الأوكسيتوسين من شعورنا بالاتصال مع من نحبّ، يمكنه أن يعزز من العداوة نحو المجموعات الأخرى.

وعلى سبيل المثال، بيّن كارستين دو درو Carsten de Dreu من جامعة لايدن Leiden University في هولندا أن مُستَنْشًقي الأوكسيتوسين الذي يلعبون لعبة تجريبية بدوا كأنهم يظهرون ثقة أكبر وتعاونا أكبر مع الأفراد داخل مجموعتهم، ولكنهم أظهروا مواقف دفاعية أشد تجاه أفراد من مجموعة خارجية منافسة. ففي سيناريو افتراضي يتعلق بالحياة أو الموت، كان احتمال تضحية الطلبة الهولنديين -الذين أعطوا الأوكسيتوسين عبر الأنف- بشخص باسم عربي أكبر من احتمال تضحيتهم بشخص باسم هولندي. كما وُجِد أن قردة الشمبانزي تحدث فيها فورة في مستويات الأوكسيتوسين قبل الذهاب إلى الحرب مع قبائل منافسة. مع أن كمية الأوكسيتوسين التي تعبر الحاجز الدموي الدماغي من البخة الأنفية غير كافية ليساعد في حالات الإدمان، إلا أنها تبدو كافية لتُحدِث تغييرا اجتماعيا.

يستحق الرهان Worth a gambl

ولكن، عند الحديث عن إدمان المخدرات، يمكن للمركب SOC-1 أن يعيد مستويات الأوكسيتوسين إلى المستوى الطبيعي فقط بدلا من دفعها كثيرا جدا، وذلك بحسب بوزمان-بيجلمان. وإضافة إلى ذلك، لو كان المركب منقذا للحياة، فلا بأس في أن يسبب القليل من الآثار الجانبية. وتقول: «ليس هناك الكثير من الأمور الجديدة فيما يخص علاج الإدمان على المخدرات. ويجرب الناس أشياء عدة، ولكن الغالب أن تكون محاولاتهم مجرد القيام بتعديل بسيط على دواء موجود أصلا لا يعمل كما ينبغي. ربما لن يكون المركب SOC-1 كاملا، ولكنه شيء جديد، وقد يمثل تحسنا كبيرا.»

ويبحث ماك غريغور وبوين الآن في تطبيقات محتملة أخرى للمركب SOC-1، كعلاج القلق الاجتماعي. كما قد يعمل على أنواع أخرى من الإدمان، مثل المقامرة التي لها آثار مماثلة لآثار المخدرات في الدماغ.

ولكنَّ تركيزهما في الوقت الراهن منصبّ على علاج إدمان المخدرات. ويعلق بوين: «بالنسبة إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون هذه الاضطرابات، لدي أمل كبير بأن المركب SOC-1 سيقدم الثورة العلاجية التي ينتظرونها.»

لقد بقي شارب نظيفا من المخدرات لما يزيد على السنة، وذلك بمساعدة اللقاءات والعلاج النفسي لمنظمة مدمن الكريستال ميث المجهول Crystal Meth Anonymous. ويقول إن أي شيء يمكنه أن يخفف من الرغبة في المخدر سيكون نعمة عظيمة. كما يقول: «مرضنا خدّاع ومحير وقوي، والطريق إلى الشفاء أطول مما يُتَخَيَّل. أود أن أكون قادرا على النصح بعلاج فعال حقا لمستخدمي المخدرات الذين يكافحون لتركها. ونحن نحتاج إلى كل الدعم الذي يمكننا الحصول عليه.»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى