أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ملف خاص

تطوير شراكات استراتيجية ناجحة مع الجامعات

بات العديد من الشركات يرى في الجامعات اليوم شريكة أساسية في مجال الابتكار. إلا أن الشركات في العادة تكابد الكثير من أجل بناء تلك الشراكات وتسييرها بصورة فاعلة.

إن برامج التعاون بين الشركات والجامعات هي عوامل دفع حاسمة في اقتصاد الابتكار. ولطالما شكلت هذه العلاقات عماد الأبحاث والتطوير R&D لدى الشركات – بدءاً من بناء أسس المعرفة  لحلول الجيل التالي، إلى تقديم الخدمات كـ “منضدة عمل” Workbench  متصلة لحل المشكلات بتوفير حلول قصيرة المدى وتدريجية،  وصولا إلى توفير سيل من المواهب الجديدة والمُدرَّبة. ومع تطلع الكثير من الشركات إلى مزيد من الابتكار من أجل تعزيز جهودها الداخلية في البحث والتطوير، باتت الجامعات شركاء أساسيين. وفي الواقع، فإن الشركات اليوم تتجه نحو الجامعات لإرساء جملة متزايدة من الأنشطة الابتكارية، ولا سيما تلك التي ترتكز على التفاعل مع منظومات إيكولوجية للابتكار Innovation ecosystems ذات طابع إقليمي. ولعل سيليكون فالي Silicon Valley، وكندال سكوير Kendall Square في كيمبريدج بولاية ماساتشويتس ، وبلوك 71 Block 71  في سنغافورة من بين أبرز المنظومات الإيكولوجية للابتكار، حيث تعد الجامعات مساهماً أساسياً في مجتمع مُبتكر يضم كذلك الشركات والمؤسسات والهيئات الحكومية وأصحاب المشاريع الاستثمارية ورواد الأعمال Entrepreneurs. وهكذا، وإضافة إلى كونها مصادر ترفد الشركات بالأفكار والكفاءات البشرية، فإن الشراكات مع الجامعات هي آلية مهمة للمؤسسات الطامحة إلى فتح مسارات تنخرط من خلالها في منظومات إيكولوجية للابتكار أكثر اتساعا.

وعلى خطى شركات عملاقة على غرار جنرال إلكتريك وسيمنز ورولز رويس وآي بي أم ذات الرصيد التاريخي الممتد من التعاون الجامعي، تستعين شركات أحدث مثل أمازون وفيسبوك وغوغل وأوبر بالجامعات بصفتها شريكة أساسية في المراحل المبكرة من الابتكار واستراتيجية المشاريع الجديدة.1 وصارت حتى الشركات الأصغر حجماً وذات التوجه الإقليمي في مختلف القطاعات مثل المناجم وصناعة السيارات تؤمن بأن الجامعات منظومات إيكولوجية للابتكار رئيسية لتوفير الدعم لاقتصاداتها الإقليمية وتشكيلها. وعلى سبيل المثال، تدعم شركة آي كيو إي IQE plc لأشباه الموصِّلات ومقرها في كارديف في المملكة المتحدة، منظومات إيكولوجية للابتكار الإقليمية من خلال علاقتها التعاونية مع جامعة كارديف Cardiff University. فقد طور الشريكان مرفقاً للأبحاث التطبيقية بهدف تدريب العلماء والفنيين في مجال تكنولوجيا أشباه الموصلات المركَّبة ودعم مرفق للبحث والتطوير لمساعدة الشركات البريطانية على الاستفادة من التقدم المحرز في المجال. ومن ثم، ومن خلال مثل هذا التعاون بين الشركات والجامعات، يتحقق دعم المنظومات إيكولوجية للابتكار.

وفي حين يمكن بسهولة وصف تطلعات الشراكة بين الجامعات وقطاع الأعمال، يواجه عديد من الشركات صعوبة في بناء وإدارة مثل هذه الشراكات بصورة ناجحة حتى عندما تتوفر الموارد المالية الأساسية ورأس  المال البشري. ويزداد التحدي صعوبة في المنظومات الإيكولوجية للابتكار التي يحتاج فيها مختلف المساهمين، ولكل منهم تطلعاته الخاصة، إلى مواءمة رؤيتهم من أجل تحقيق التأثير المرجو. فقد توصلنا من خلال بحثنا إلى أن الشركات والجامعات على حد سواء تواجه مستوى عاماً من الاحباط وتفاوتاً بين الثقافات والحوكمة عندما تتعاون فيما بينها (انظر: حول هذا البحث).

حول هذا البحث About the Research

هذه المقالة مبنية على نتائج مشروع بحث امتد إلى أربع سنوات، إضافة إلى العديد من سنوات الخبرة في تقديم المشورة للجامعات حول تأسيس وإدارة شراكات الجامعة-الصناعة وذلك ضمن منظومات إيكولوجية للابتكار ذات طابع إقليمي معيّن. مشروع البحث استقصى البرامج الاستراتيجية للتعاونات بين الجامعة-الصناعة مع التركيز على: (1 ) تطوير وحدات متخصصة وأفراد متخصصين بعلاقات الجامعة وجعلها شخصانية، و(2) تغيير النهج الظرفي Ad hoc إلى نهج استراتيجي فيما يختص بعلاقات الجامعة، و(3) عوامل نجاح المؤسسات فيما يختص بالشراكات مع الجامعات. قد أُجري البحث بأسلوب تقصٍ نوعي Qualitative يتألف من مشاهدات المشاركين، ومقابلات شبه مُنظَّمة Semi-structured interviews، وورش عمل. كما تستند المقالة على التحديات التي واجهها المشاركون في برنامج إم آي تي الإقليمي لتسريع ريادة الأعمالMIT Regional Entrepreneurship Acceleration Program الشراكات الجامعة-الصناعة.1

وعلى الرغم من إسهام عوامل عدة في الشعور بالإحباط، يبقى السبب الرئيسي هو أن الثقافة الجامعية قلما تتواءم مع ثقافة شركات الأعمال، نظراً لأن ثقافة الجامعات تتسم بدرجة عالية من الاستقلالية والحوكمة الموزعة Distributed governance. وتوفر الجامعات للشركات عدداً كبيراً إلى درجة الإرباك أحياناً من الأساتذة والبرامج وغيرها من أساليب التفاعل. وحتى عندما يكون نمط التفاعل مُؤسَّسا، يظهر في كثير من الأحيان تباين عميق في التطلعات وأهداف التعاون المشترك.

ونظراً للوعود والتحديات المتصلة بالتعاون بين الجامعة-الصناعة اليوم، لا بد من استكشاف العوامل التي تجعل مثل هذا التعاونات مثمرة. فقد وجدنا أن النهج النظامي Systematic للشراكات الجامعية ضمن المنظومات الإيكولوجية للابتكار يتطلب أن تكون الجامعات والشركات مستعدة جيدا حتى قبل بدء الشراكة. وتحتاج الشركات، على وجه الخصوص، إلى الانتقال من نهج ظرفي إلى نهج استراتيجي للشراكة مع الجامعات.

من التعاون الظرفي إلى الشراكات الاستراتيجية  From Ad Hoc to Strategic Partnerships

وفي النهج الظرفي يجري التعاون مع الجامعات في الأساس من خلال باحثين أو مهندسين أفراد من الشركة وبالتركيز على احتياجات البحث والتطوير التي يحددها هؤلاء الأفراد. وهذا يعني أن اختيار شركاء التعاون يُختارون على أساس التجربة الشخصية وشبكة علاقات الباحثين والمهندسين في الشركة. ويكون سبب اختيار الشريك الجامعي هو المعرفة الشخصية بين الباحثين الأفراد وليس بين المؤسستين ككل. وعلى الرغم من أن هذا قد يعني تجاهل الكثير من الجوانب القيِّمة في الشراكة الجامعية، فإن مثل هذا النهج ينشأ عنه ما اصطُلح على تسميته: “منضدة عمل ممتدة”.2 ومثل هذه العلاقات التعاونية حتى وإن كانت محدودة، فإنها تكون في أكثر الأحيان مرنة. ومن منظور الشركة يكون تعاون الجامعة محدوداً بالمشروع المحدد (عادة ضمن وحدة معينة لدى الشركة)، ومن ثم ليس هناك تنظيم مركزي. ومن منظور الجامعة، يحصل الباحثون الأفراد وطلبتهم على مصدر تمويل، ويطّلعون على مشكلات ذات صلة بعملهم، وتتاح لهم فرص الحصول على مصادر تمويل جديدة أو الاتصال بشركاء جدد.

وتثمر النُّهج الظرفية في أكثر الأحيان أعداداً كبيرة من التعاونات (يصل عددها أحياناً إلى المئات) قلما يكون بينها تآزر Synergy. وهنا يجري التفاوض على كل اتفاق على حدة مما يلقي بعبء ثقيل على الأقسام القانونية ويؤخر مباشرة العمل. وإضافة إلى ذلك، فقد يؤدي ذلك إلى ضياع فرص شراكة أوسع وإحداث تأثير أكبر. ونتيجة لذلك، فقد أبدت شركات كبيرة والعديد من الجامعات البارزة اهتماماً بتعزيز الطابع الاستراتيجي لبرامج الشراكة.

ومع إبرام الشركات اتفاقات استراتيجية مع الجامعات، فقد بدأت تنظم علاقاتها بالجامعات وتصنفها إلى مستويات Tiers. وهكذا لم تعد علاقات “الدرجة الأولى” Top-tier  تستند إلى مجرد وجود علاقات شخصية بين باحث أكاديمي وباحث لدى الشركة. وبصورة متزايدة، فقد صارت الشركات تختار الجامعات تبعاً لخبرتها في مجال ذي أهمية استراتيجية ومدى معرفتها بمجال عمل الشركة. وفي الواقع، فإن الشركات بدأت  تستخدم اتفاقات الأبحاث الرئيسية التي أبرمتها الشركة ككل لإضفاء الشفافية على أنشطتها التعاونية، وتحسين موقعها التفاوضي، وتعجيل البدء بتطبيق المشاريع، وتشجيع التعاون بين مختلف الكليات في مواضيع ذات اهتمام مشترك. وتُعيد مثل هذه النهج إلى الأذهان العلاقات التي أقيمت في ثمانينات القرن الماضي بين كلية هارفارد للطب  Harvard Medical School وشركة هوخست Hoechst A.G. وجامعة واشنطن Washington University وشركة مونسانتو Monsanto والمعهد MIT وشركة إكسون Exxon؛ والعلاقة طويلة الأمد بين جامعة أوكسفورد وشركة رولز رويس University of Oxford.3 وتُحبذ الجامعات الاتفاقات الأشمل بشكل خاص، لأنها تمكن أفرادا من مختبرات الشركات من الالتحاق بمختبرات الجامعة، وتوفر لها مصدر تمويل أكثر استقراراً وتتيح مزيدا من التفاعلات متعددة الجوانب.

والانتقال من الحلول التدريجية للمشكلات إلى العمل الاستراتيجي المشترك في مواجهة التحديات الكبرى أو الاستكشافات العميقة هو من الأهمية بمكان لأنها تعني أن الجامعات لم تعد مجرد مكان يوفر “منضدة عمل” ممتدة لحل مشكلات محددة مُسبقا، وإنما كذلك لمعالجة تحديات أكثر طموحاً وأكثر تركيزا على الحلول الاستكشافية والمفتوحة المدى.4 أما ضمن الشركات، فقاد وضع برامج استراتيجية إلى إنشاء وحدات متخصصة بالعلاقات الجامعية، في أكثر الأحيان ضمن قسم البحث والتطوير التابع للإدارة العليا. وتؤدي مثل هذه الوحدات دوراً ريادياً في تحديد مجالات تركيز التعاون والصيغ، واختيار الجامعات الشريكة وتقديم المشورة بشأن حقوق الملكية الفكرية وتقييم التعاون والإدارة المستمرة للتفاعل بين الشركة والجامعات. فقد أحدثت الجامعات قدراً أقل من التعديلات التنظيمية لكن معظمها قام بتطوير برامج خاصة بقطاع الأعمال للتعاون مع مراكز بحثية معينة وأقسام أو مبادرات، وازداد عدد المهنيين الحاصلين على تراخيص وعقود.

وكخطوة تالية في تطور الشراكات الجامعية، صار اليوم يُنظر بصور متزايدة إلى البرامج الاستراتيجية على أنها مرتكز المشاركة  الأوسع في المنظومات الإيكولوجية للابتكار (وذلك جزئياً، لأن الشركات الكبرى تسعى إلى الحصول على مدخلات Input من جهات خارجية عبر عملية الابتكار ككل، بدءا من الفكرة الأساسية إلى التأثير). فقد تتصل الشركات بالمنظومات الإيكولوجية للابتكار من خلال جملة من المؤسسات المحلية (على سبيل المثال: المجالس المحلية، وشبكة المدارس، ومجتمعات الشركات الناشئة Startup communities). ولكن، وخصوصاً عندما تتعاون الشركات مع جامعات منخرطة بصورة نشطة في خلق مشاريع ناشئة وفي ترجمة [نتائج] الأبحاث Research translation، فإن المعرفة بنشاط الجامعة ومجموع الأنشطة الابتكارية قد يصيران نقطة دخول طبيعية للشركات من أجل تطوير علاقات أوسع ضمن النظام الإيكولوجي للابتكار. ويتواءم التحوّل أيضا مع طرق مشاركة الجامعات اليوم في تنمية الاقتصاد المحلي والإقليمي وأداء دور على المستوى العالمي. وبالعكس، سيكون من الصعب تخيل الانخراط في النظام الإيكولوجي للابتكار في غياب علاقة عميقة بالجامعة المحلية.

والانتقال من الشراكات الظرفية إلى الشراكات الاستراتيجية وإلى الشراكات القائمة على المنظومات الإيكولوجية يلقي بالمزيد من المطالب –أكثر من أي وقت مضى- على التفاعل بين الجامعات والشركات. فبالنسبة إلى شركات الأعمال، ترغب وحدات الأعمال Business Units وقسم البحث والتطوير الشامل، ووحدات المشاريع المشتركة Venturing units بأن تحظى بمقعد حول الطاولة ليعرض كل منها احتياجاته ومفاهيمه وقيمه. وبالنسبة إلى الجامعة، هناك رغبة في الشراكة لدى كل من المختبرات والمراكز والمبادرات وبرامج ريادة الأعمال. وقد نبع بحثنا من اهتمامنا بفهم وتعلم -على حد سواء – كيف يمكن توظيف هذه العلاقات المركبة في طبيعتها على أحسن وجه. وكجزء من هذا البحث، فقد وجدنا أن الشركات التي تعمل على الإجابة عن ستة أسئلة مهمة تكون مُهيَّأَة أكثر لتطوير نهج فعّال للتفاعل مع جملة من الجامعات عبر مختلف المنظومات الإيكولوجية الابتكارية.

الإعداد للتعاون المنهجي مع الجامعات

نوصي بأن تأخذ الشركات الأسئلة الستة الأساسية التالية بعين الاعتبار:

  1. ما هي الأهداف التجارية الدافعة لشراكاتكم الجامعية؟
  2. ما هي مجالات التركيز الرئيسية لشراكاتكم الجامعية، وكيف تُختار لضمان توافقها مع أهداف شركتكم؟
  3. من هم شركاؤكم الجامعيون الرئيسيون، وما هي معايير اختياركم لهم؟
  4. ما هي أطر التعاون التي تتفق مع مجالات التركيز والأهداف الخاصة بشركتكم؟
  5. من هم الأشخاص والعمليات والهيكليات التنظيمية التي تدعم شراكاتكم الجامعية؟
  6. ما هي مؤشرات الأداء الرئيسية المناسبة لكم لتقييم شراكاتكم الجامعية؟

تتصل هذه الأسئلة بصورة وثيقة فيما بينها؛ وعندما تكون الإجابات متوائمة Aligned، فإنها إطارا منطقيا لتعاون أكثر استراتيجية، وبناء على تجربتنا، أكثر فاعلية. ويمكن تقسيم الأسئلة الستة إلى ثلاث مجموعات. فالسؤالان الأولان يتعلقان بأهداف الشركة – الأهداف الاستراتيجية التي ينبغي أن توفرها الشراكات الجامعية للشركة. ويركز السؤالان التاليان على الشركاء (مَن) وعلى شكل التعاون (كيف). ومعا، تشكل الأسئلة الأربعة الأولى صميم مسار منهجي للشراكات الجامعية. ويتعلق السؤالان الأخيران بضمان توفر الأفراد الأنسب والعمليات والبنى التنظيمية وأدوات التقييم لكي تضمن الجامعة والشركة أن الشراكة ذات قيمة للطرفين.

السؤال الأول: ما هو الهدف التجاري الذي يشكل أساس الشراكات الجامعية بالنسبة إليكم؟ لدى الشركات أسباب مختلفة تجعلها راغبة في إقامة شراكات جامعية وتجد في أكثر الأحيان صعوبة في التعبير عن أهدافها بعبارات واضحة بلغة الأعمال. ومن خلال العمل مع شركات بدأت تتبع أفضل الممارسات Best practices في هذا المجال، وجدنا أن الأهداف التجارية التي تحرك التفاعل مع الجامعات يمكن في أكثر الأحيان جمعها في خمس فئات:

إيجاد حلول للمشكلات تدريجية وقصيرة الأجل. ويحدث هذا في أكثر الأحيان في إطار خط إنتاج قائم وهو مثلما ذكرنا آنفا، يشار إليه أحيانا بصفته “منضدة عمل ممتدة”.

التعرف على المواهب والتوظيف. واستقطاب المواهب -من خلال الشراكات الجامعية، على مختلف المستويات مما قبل التخرج إلى مرحلة حملة الدكتوراه وما بعد الدكتوراه، يُمثِّل هدفا بالنسبة إلى العديد من الشركات.

تطوير تكنولوجيا جديدة على المدى البعيد. يشار في كثير من الأحيان إلى هذا التفاعل بعبارة “التحديات الكبيرة” Grand Chalenges أو “استكشاف عميق” Deep exploration وتستخدمها شركات تبحث عن تكنولوجيا وحلول جديدة لإرضاء احتياجات نطاق واسع من المستهلكين قد تقود إلى خطوط إنتاج جديدة أو شركات جديدة.

الاطلاع المنهجي على الشركات الناشئة. بالنسبة إلى الكثير من الشركات، فإن الاطلاع على الشركات الناشئة (سواء كانت ناتجة من البحث أو الطلبة) في حين لا تزال جزءاً من الجامعة، قد تكون حافزاً مهماً للتفاعل مع الجامعات، وفي أكثر الأحيان بمشاركة من وحدات المشاريع المشتركة لدى الشركة. وعلى الرغم من عدم وجود مصطلح متفق عليها للتعبير عن هذا، فإننا نشير إليه بصفته اطلاعا على “خط أنابيب الشركات الناشئة”.

الشهرة والدعاية والنفوذ السياسي. تحسِّن الشراكة مع جامعة مرموقة وعريقة صورة الشركة. وفي بعض المنظومات الإيكولوجية للابتكار الإقليمية، فمن شأن الشراكة مع مؤسسة بحث مرموقة توفير فرص الوصول إلى كبار المسؤولين الحكوميين.

على الرغم من أن كل من هذه الأهداف مغايرة للأخرى إلا أنه قد تكون مترابطة ببعضها. وعلى سبيل المثال، العمل المشترك في مواجهة تحديات كبرى يمكن أن يمثل مساراً للتعرف على المواهب وأحياناً لتأسيس مشروع ناشئ ( لنقل الحل من المختبر إلى العالم). وبالمثل، فإن التعاونات قصيرة الأجل التي تركز على الحلول التدريجية للمشكلات قد تثمر عن توظيف أشخاص لديهم مهارات محددة يحتاج إليها قسم البحث والتطوير في الشركة. الإجابة عن هذا السؤال الأول – وهو أمر تفعله قلة من الشركات – يخلق الفرصة للشركة للتعبير عن رؤية متماسكة لأهدافها التجارية وكيفية ارتباطها بشراكاتها الجامعية.

السؤال الثاني: ما هي مجالات التركيز الرئيسية لشراكاتكم الجامعية، وكيف تُختار لضمان مواءمتها لأهداف شركتكم؟ ينبغي في الشراكات الجامعية أن تشكل أولويات ابتكارية بعينها مجالات التركيز الرئيسية للشركة ضمن أهدافها التجارية المحددة. فإذا أخذنا هدفاً مثل التعرف على المواهب على سبيل المثال، يجب أن تُعطى الأولوية في مجالات التركيز، بحيث يمكن تحديد “ماذا” على أساس المؤهلات/القدرات التقنية (على سبيل المثال مهندسو العمليات الحيوية)؛ ومجال التحديات (على سبيل المثال، أنظمة توزيع الطاقة الجديدة)؛ أو مجالات المنتج (على سبيل المثال، فرش توربينات أكثر كفاءة). ولضمان اتساق التعاون الجامعي مع أهداف الشركة التجارية، ينبغي أن تتسم عملية اختيار هذه الشراكات بصرامة مماثلة لتلك المستخدمة في العمليات الداخلية.

على سبيل المثال، يوجد لدى شركة سيارات أوروبية كبيرة مجلس ابتكاري يضم رؤساء البحث والتطوير والإنتاج والتسويق المبتكر – أي الأقسام الثلاثة الأكثر صلة بالأهداف التجارية في الشراكات الجامعية. ويتخذ المجلس القرارات بشأن مجالات التركيز التي ينبغي أن تشكل جزءاً من المشاريع المقبلة مع الجامعات ويتابع المشاريع الجارية مع الجامعات الشريكة. وتضمن هذه العملية بقاء مجالات التركيز في المشاريع الجارية والمقبلة بصورة مستمرة على تواؤم مع الأهداف التجارية التي تدفع الشراكات الجامعية.

السؤال الثالث: من هم شركاؤكم الجامعيون الرئيسيون، وما هي معايير اختياركم لهم؟  ليس اختيار الشركاء الجامعيين بالأمر الهيِّن. مع ذلك، صار العديد من كبرى الشركات التجارية يفصح عن معايير الاختيار بطرق تلقى ترحيبا من الجامعات في أكثر الأحيان. وتتضمن المعايير الأكثر شيوعاً:

  • المعرفة والتطابق (وجود مشاريع سابقة مشتركة، علاقات شخصية، توظيف العديد من الخريجين)،
  • الموقع (ما إذا كان من المحبذ أن تكون قريبة من المقر العام أو من نظام إيكولوجي للابتكار)،
  • التميُّز (سمعة الجامعة، نشر أبحاث مختبر ما في كبريات الدوريات، أو مشاركة أحد الباحثين المرموقين)،
  • الإطار القانوني (خصوصاً فيما يتعلق بمسائل حقوق الملكية الفكرية والتفاعل مع المشاريع الناشئة التي تحتضنها الجامعة أو انطلقت منها)
  • الثقافة (خصوصاً ما يتعلق بثقافة ريادة المشاريع والانفتاح على قطاع الأعمال والتعاون بين مختلف التخصصات).

تشير أبحاثنا إلى أن الشركات الناجحة تعيد باستمرار تعريف وتنقيح معايير اختيار الجامعات مع تعمق تجربتها وتغير أهدافها. فعلى سبيل المثال، طورت شركة أمريكية كبرى أداة رقمية تتبع إنتاجية وتأثير شراكاتها الجامعية. فقد ساعدت هذه الأداةُ وحدةَ البحث والتطوير على اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة بشأن الجهة التي تقيم معها شراكة مع ضمان اتساق المشروعات مع أهداف الشركة التجارية.

السؤال الرابع: ما هي صيغ التعاون التي تتفق مع مجالات التركيز والأهداف الخاصة بشركتكم؟ يمثل اختيار صيغة التعاون المناسبة صميم نجاح أي شراكة جامعية. وفي حين قامت أنماط التعاون التقليدية على تمويل الشركات أبحاثَ مشروعٍ أو أكثر، شهدت السنوات الأخيرة ظهور صيغ مختلفة من بينها اليوم توقيع عقد بحثي مع مختبر، أو انتقال شخص من الشركة للعمل في المختبر أو مركز الأبحاث، وعضوية مجموعات الشراكة Consortia membership، وإنشاء مراكز أبحاث تشاركية الكبيرة، دعوة عامة لتقديم مقترحات المنح البحثية في مجال بحثي معين، وتنظيم مسابقات “هاكاثون” Hackathons  لتطوير المشاريع وتبادل الأفكار بمشاركة الطلاب والموظفين، والتعاون في مشاريع ذات تمويل حكومي، وبرامج زمالة، ومؤتمرات وورشات عمل ذات تمويل مشترك. (انظر: صيغ  متنوعة من التعاون بين الصناعة والجامعة).

صيغ متنوعة من التعاون بين الصناعة والجامعة               

والصناعة، ولكن هناك العديد من أنماط التعاون. فيما يلي نموذج لذلك، مع مثال على كل نمط.

تشمل بعض الصيغ الحديثة والطموحة العلاقة بين سيسكو Cisco وجامعة بريتش كولومبيا University of British Columbia  التي تهدف إلى تحويل حرم الجامعة إلى مختبر حي لأنظمة البناء الذكية5، ومبادرة غلوبال إنوفيشن اكستشينج Global Innovation Exchange التي بادرت بتمويلها مايكروسوفت وأقامت علاقة تعاون مع جامعة تسنغهوا Tsinghua في بكين وجامعة واشنطن University of Washington في سياتل، وهي تعد مثالاً باهراً على العلاقات التعددية الأكثر تعقيداً والأوثق صلة بالموضوع على مستوى عدة قارات.6

بالطبع، تتوقف صيغة التعاون التي تختارها الشركة على الأهداف المرجوة. وقد يكون توقيع عقد مع مختبر بمفرده الصيغة  الأمثل لمدّ منضدة العمل بلا حواجز بالنسبة إلى الشركات التي لديها مشكلات تبحث عن حلول قصيرة الأجل وتدريجية لها. وإذا كان الهدف هو استقطاب المواهب، فستكون الأنشطة الموجهة للطلبة مثل الهاكاثون والمسابقات وبرامج الزمالة فعالة تماماً نظراً لأنها تتيح للشركة التعرف على عدد كبير من الطلبة الموهوبين وتقييم مدى تطابقهم مع ما تبحث عنه. أما إرسال موظفين للعمل في الجامعة فهي طريقة مفيدة بصورة خاصة للتعرف على المواهب لا سيما على مستوى الدكتوراه وما بعد الدكتوراه. وفي مواجهة التحديات الكبرى، يبرز العديد من الصيغ التي باتت تعد من الممارسات المثلى ومنها: الدعوة لتقديم طلبات منح البحوث الهادفة وإنما مفتوحة للعموم (قد يسبقها هاكاثون للتعريف وبث الحماسة) وإنشاء مراكز بحث تشاركية.

لقد برزت كذلك فرصة التفاعل مع خط أنابيب المشاريع الناشئة بصفتها هدفا آخر جذابا للشركات في الشراكات الجامعية. وبالمثل تبرز هنا عدة صيغ جميعها موجهة نحو التعرف على المشاريع الناشئة والتواصل معها أو حتى مع فرق المشاريع الذين لم ينشئوا شركتهم بعد (أو ما نشير إليه بأنه “مشروع ناشئ أولي” “Proto-startups”). يرتبط العديد من المشاريع الناشئة الأولية ببرامج الابتكار وريادة الأعمال في الجامعات وبصورة أعم بالنظام الإيكولوجي للابتكار. وقد وجدنا من خلال بحثنا أن الشركات الناجحة تميِّز ما بين المشاركة في مشروع ناشئ يديره الطلبة (على سبيل المثال، عبر مسابقات نماذج الأعمال Business plan competitions أو مسرِّعات المشاريع الطلابية) والمشاريع الناشئة بناء على أعمال مختبرية، إذ يتطلب التفاعل عادة أخذ الملكية الفكرية بعين الاعتبار، والتفاعل مع هيئة التدريس ومشاركة الخبرات بشأن التطوير والاختبار، وكذلك الأبحاث المدعومة ماليا.

والشركات التي تتبنى أهدافاً موسعة تحتاج إلى إدارة محافظ من العلاقات والصيغ المركبة إدارة نشطة. وعلى سبيل المثال، تقوم وحدة العلاقات الجامعية في إحدى كبرى شركات الأدوية باستمرار بتقييم وتحسين صيغ التعاون استناداً إلى الاحتياجات والمراحل المتغيرة في عملية تطوير الدواء. وتستعين الشركة ببرامج الزمالة لتمويل باحثي درجة الدكتوراه وما بعد الدكتوراه وتوفير الفرص لهم للانضمام إلى الشركة بهدف استقطاب المواهب وتحسين المعارف للتصدي للتحديات الكبرى.

وخلاصة الأمر، فإن الشراكة الناجحة مع الجامعات لا تتعلق باختيار صيغة تعاون معينة وإنما في العمل بصورة منهجية على تحديد الصيغ المتناسبة مع أولويات الشركة وتنقيحها تماشياً مع تغير أهداف الشركة. ويتعلق الأمر عدا عن ذلك، باختيار الأشخاص والعمليات المناسبة والدعم التنظيمي المناسبين لضمان النجاح، وتحديد مصادر التوتر وإدارتها. وهي مسائل سنتطرق إليها في السؤالين الأخيرين.

السؤال الخامس: من هم الأفراد والعمليات والهياكل التنظيمية التي تدعم شراكاتكم الجامعية؟ تحتاج الشركات التي تقيم شراكات مع جملة من الجامعات إلى هياكل وعمليات داخلية تدفع النجاح. ويطرح هذا أسئلة حول ما هي الهياكل التي تتيح التفاعل الفعّال، وما هي الكفاءات التي ينبغي أن تتوفر في مدراء العلاقة مع الجامعات، وما هي العمليات الأنسب لدعم التواؤم الداخلي بين المستوى التقني والمستوى الإداري في الشركة وبين الشركة والجامعة.

وفيما يتعلق بالهيكل، فقد أدى الانتقال من النهج الظرفي إلى النهج الاستراتيجي إلى إنشاء وحدات متخصصة في العلاقات الجامعية. ولكن ما هي الهياكل التنظيمية الأمثل لدعم مثل هذه الشراكات؟ وإذا كان من المناسب للشركات أن تنشىء وحدات من أجل العلاقات الجامعية، فهل ينبغي أن تكون جزءاً من وحدة أبحاث وتطوير مركزية أم أن تكون أقل مركزية وتعمل كجزء من وحدات الأعمال Business units؟ وتُظهِر نتائجنا أن الشراكات الاستراتيجية لا تحتاج إلى دعم وحدة مركزية ترفع تقاريرها إلى مدير القسم التقني أو إلى أحد كبار نواب الرئيس. وعوضاً عن ذلك، فمن المهم أن تتقرر الخيارات وفقاً لأهداف الشركة الرئيسية (وبصورة خاصة اختيار مَن وأين وكيف). فإذا تقرر أن المشكلات التي تحاولون حلها هي على مستوى وحدات الأعمال، عندها ينبغي توفير دعم الشراكة ضمن وحدات الأعمال نفسها. وإذا كان الهدف معالجة مسألة أكبر (تحدٍ كبير، على سبيل المثال) عندها سيكون من المنطقي أن تكون وحدة العلاقات الجامعية مركزية وأن ترفع تقاريرها إلى أحد كبار المدراء، مثل رئيس القسم التقني CTO.7

وبغض النظرعن الهيكل التنظيمي للشركة، ينبغي أن يكون الموظفون الذين يشكلون حلقة الوصل بين الشركة والجامعة قادرين على التصرف بصفتهم وسطاء تبادل المعارف بين الشركاء الجامعيين والشركة. ونحن نقترح أن تُخصِّص الشركة دورين لكل شريك جامعي: مدير راعٍ (هو عادة مدير كبير، كأن يكون عضو مجلس إدارة الشركة أو رئيس إدارة فرع الشركة في البلد المعني)، يُعين للتواصل مع جامعة معينة، ومدير العلاقات الجامعية للبحث والتطوير، يدعم المدير الراعي ضمن الشركة. واستناداً إلى تجربتنا، تسير الأمور جيداً عندما تُخصِّص الجامعة بالمثل شخصين يؤديان دورين موازيين (في الوضع المثالي: يعين المدير المساعد أو عميد كلية ومدير شراكة في قطاع النشاط المعين). ومن جانب الشركة، يتولى الفريق الأساسي العمليات التي تغطيها أسئلتنا الستة. وبالطبع، عند النظر في حافظة الشراكات الجامعية، ينبغي أن يشارك كبار المدراء التنفيذيون والمدراء الرئيسيون المنخرطون في العلاقات بالجامعات في النقاشات وأن يكونوا على اطلاع على مدى انخراط الشركة في مختلف المنظومات الإيكولوجية للابتكار. ولكن مثلما ذكرنا آنفا، فإن مجمل هيكلية تحديد المسؤوليات ينبغي أن تعكس أهداف العلاقات. وعدا عن الهيكلية الداخلية لاتخاذ القرار، ينبغي أن يجيب فريق الشركة والفريق الموازي له في الجامعة وبصراحة عن الأسئلة الستة وأن يستخدماها لبناء تفاهم مشترك للنجاح.

السؤال السادس: ما هي مؤشرات الأداء الرئيسية المناسبة لكم لتقييم شراكاتكم الجامعية؟ يمثل التقييم عنصراً حاسماً في التعاون الناجح بين الشركات والجامعات ولكن مثلما هو الأمر في أي نشاط أساسي، ينبغي تحديد مقاييس النجاح بعناية لضمان أن ما يتم قياسه وتتبُعه وثيق الصلة بأهداف الشركة. وتعد مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs التي تختارونها وعملية التقييم على حد سواء أساسية لضمان الفعالية.

ومن بين مؤشرات الأداء الرئيسية الأكثر شيوعاً المستخدمة في الشراكات الجامعية، المبالغ النقدية المستثمرة، وعدد المشاريع المشتركة التي يتم الشروع بها كل سنة، وعدد الطلبة الموظفين، وعدد براءات الاختراع أو اتفاقات الترخيص، وكمية التمويل الحكومي المتحصل عليه، وفعالية وكفاءة المشاريع، وعدد المدرسين والطلبة المشاركين في المشاريع سنوياً، وعدد الأفكار التي تتحول إلى تطوير منتجات، وعدد الاستثمارات في شركات حديثة. وتشير أبحاثنا إلى أن الشركات الناجحة تميل إلى استخدام جملة متنوعة من مؤشراء الأداء الرئيسية (الكمية والنوعية) وتقوم بتحديدها وإعادة تحديدها بصورة منتظمة تبعاً لمدى تطابقها مع أهداف الشركة وصيغ التعاون.

  • إذا كان الهدف هو الحل التدريجي للمشكلة، عندها ينبغي أن تعطي مؤشرات الأداء الرئيسية الأولوية لفعالية وسرعة وكفاءة الباحث والمجموعة والمختبر في تسليم الحل.
  • في حال كانت الأهداف تتعلق بتحديد المواهب وتوظيفها، فقد تتضمن المقاييس عدد المتقدمين لشغل أدوار رئيسية، ومعدلات التوظيف الناجح، ونسبة بقاء الموظفين في الشركة، وبمرور الوقت، أداء المواهب المُوظفة داخل الشركة.
  • فيما يتعلق بالتحديات الكبرى، يمكن أن تتضمن مؤشرات الأداء الرئيسية عدد المقترحات المقدمة، وتنوع المقترحات، وعدد أعضاء هيئة التدريس المشاركين، وحجم التمويل الخارجي المتحصل عليه، وفيما بعد، فعالية واتساع نطاق الحلول المنبثقة.
  • فيما يخص الأهداف التي تتعلق بخط أنابيب المشارية الناشئة فيمكن أن تتضمن مؤشرات الأداء الرئيسية عدد الشركات الناشئة المنبثقة عن الجامعة في مجالات تهم الشركة، وعدد وحجم الاستثمارات التي وضعتها الشركة في هذه الشركات الحديثة.
  • أخيراً، إذا كان الهدف هو الشهرة والدعاية والنفوذ السياسي، عندها يكون عدد اللقاءات على أعلى مستوى وعدد مرات ذكر اسم الشركة في وسائل الإعلام، ومستوى رضا فريق العلاقات مع الإعلام ضمن مؤشرات الأداء الرئيسية المناسبة.

ومثلما ذكرنا فيما سبق، تساعد الإجابة عن الأسئلة الستة الشركات على تطوير منظور استراتيجي بشأن شراكاتها ومن ثم إعداد الشركات والجامعات على حد سواء لتفاعل أكثر فعالية ولتحقيق قدر أكبر من النجاح لدى الانخراط في المنظومات الإيكولوجية للابتكار. ولتطبيق هذه العملية، أعددنا نموذجاً أسميناه “مخطط الشراكة الجامعية”8 University partnership canvas أو “الكانفاس” CANVAS يتيح للمدراء التنفيذيين الإجابة عن الأسئلة الستة بيانيا. (انظر: تقييم الشراكات مع الجامعات)

تقييم الشراكات مع الجامعات

لقد أعددنا هذا النموذج الذي نسميه “مخطط الشراكة الجامعية” من أجل تمكين المدراء التنفيذيين من الإجابة عن ستة أسئلة رئيسية تتعلق بشراكاتهم الجامعية على الرسم البياني. وتساعد الإجابة عن هذه الأسئلة الشركات على تطوير منظور استراتيجي يتعلق بشراكاتها ومن ثم تمكين الشركات والجامعات على حد سواء من الارتقاء بمستوى التعاون فيما بينها. وهذا النموذج متاح للتحميل ضمن النسخة الإلكترونية من هذا المقال على الرابط التالي: http://sloanreview.mit.edu/x/59205

مثلما ذكرنا سابقاً، نقل العديد من الشركات في الفترة الأخيرة تركيزه في مجال الانخراط في الشراكات الجامعية والمنظومات الإيكولوجية للابتكار من حلول المشكلات التدريجية إلى الاتجاه نحو التطوير طويل الأجل والحضور والاطلاع المنهجي على شركات الأعمال حديثة النشأة. ومع ذلك، فإن الشركات التي تفعل ذلك، مثلما بيّنت أبحاثنا، لم تقم على الدوام بما يكفي لإعادة صياغة وتصميم العناصر الأخرى المتصلة بنهج انخراطها وشراكتها.مخطط الشراكة الجامعية (الكانفاس) The University Partnership Canvas

يمثل مخطط الشراكة الجامعية في بعض الأحيان أداة تساعد المدراء التنفيذيين وبشكل منهجي على تقييم النُهج المعتمدة وتحديد حالات عدم الاتساق بين أهدافهم التجارية وعلى سبيل المثال، بنية الشراكات القائمة. وبناء على هذه الخلفية، يمكن للمخطط أن يساعد المدراء التنفيذيين على تحديد الحلول الممكنة للتغلب على أي تفاوت وإزالة أي توتر. ويمكنهم كذلك استخدام المخطط لاستكشاف تأثير تغيير الأهداف التجارية على شراكاتهم الجامعية القائمة، وبناء على هذه الخلفية، اتخاذ قرارات في حينه حول ما يتعين تغييره.

استخدمت شركة تكنولوجيا المخطط لتقييم برنامج شراكة جامعية كان يجري تطبيقه لأكثر من خمس سنوات، وكان هدف الشركة الرئيسي منه هو الدفع باتجاه تطوير خطوط منتجات جديدة أو مشاريع أعمال جديدة. وكخطوة أولى في التقييم، طلبنا إلى المسؤولين عن العلاقات الجامعية بصورة عامة ملء الكانفاس، عبر الإجابة عن الأسئلة واحداً تلو الآخر وادخال خطوط حمراء و/أو ملاحظات، إذ يجدون تفاوتاً أو توتراً – بعبارة أخرى عندما لا تدعم إجاباتهم عن الأسئلة الستة بعضها البعض.

وبنتيجة التقييم حصلوا على أربعة خطوط تفاوت وتوتر:

اختيار الصيغة Format Selection

على الرغم من أن الهدف التجاري كان الدفع على المدى البعيد باتجاه تطوير خطوط منتجات جديدة أو مشاريع أعمال جديدة، كانت صيغة التعاون المفضلة للشركة هي عقود البحث. وتوفر عقود البحث حلا جيدا للأبحاث قصيرة الأجل ولتقديم الحلول التدريجية للمشكلة، ولكن ليس للدفع الطويل الأجل باتجاه خطوط أعمال جديدة.

مجالات التركيز Focus Areas

لم تكن لدى الشركة عملية مركزية لاختيار مجالات التركيز بحيث تكون متوائمة مع أولويات الابتكار لديها. وبدلا من ذلك  اختيرت مجالات التركيز على مستوى وحدة الأعمال الأمر الذي قاد إلى مشاريع محدودة النطاق لا تتماشى مع الأهداف التجارية الرئيسية.

اختيار الشراكة Partnership Selection

على الرغم من أن الشركة كانت تركز على تطوير أصناف منتجات جديدة على المدى البعيد، فقد حصلت “ثقافة ريادة الأعمال” Entrepreneurial culture على اهتمام متدنٍ في سلم الأولويات ضمن معايير اختيار الشركاء الجامعيين.

تقييم الشراكة Partnership Evaluation

لم تكن لدى الشركة مؤشرات أداء رئيسية مفيدة في تقييم تأثير المشاريع التشاركية واستحداث أصناف منتجات جديدة ومشاريع أعمال جديدة.

بعد ذلك طلبنا إلى مدراء العلاقات الجامعية في الشركة إيجاد حلول تقريبية لحالات التباين والتوتر وكتابة الحلول على الكانفاس. فكان أن أَوْلوا الأهمية لرعاية الأبحاث والهاكاثون مع توقع أن يوفر الهاكاثون معلومات لصياغة مشاريع جديدة تنبثق منها مشاريع أعمال جديدة. أما فيما يتعلق بمعايير الاختيار Selection criteria، فقد قرّروا إعطاء الأولوية القصوى إلى “المعرفة” Familiarity، ولكنهم قرروا كذلك إعطاء “ثقافة ريادة المشاريع” أولوية أعلى من “التميُّز العلمي” Scientific excellence. ولدى اختيار مجالات التركيز، أراد موظفو العلاقات الجامعية إنشاء منصة مركزية للدعوات العامة لمقترحات المشاريع  (على أن تُموَّل إذا أمكن من قبل مدير القسم التقني) كوسيلة للدفع باتجاه مزيد من مشاريع الأبحاث الممولة والهاكاثونات ضمن مجالات اعتقدوا أنها ستؤثر في العديد من وحدات الأعمال. وقرروا أخيراً استحداث مؤشر أداء رئيسي لقياس عدد أصناف المنتجات الجديدة أو مشاريع الأعمال الجديدة المنبثقة عن مشاريع البحث المشتركة. (انظر: الكانفاس الكامل للشراكة مع الجامعة لشركة التكنولوجيا أ)

كانفاس الشراكة الجامعية  للشركة التكنولوجيا (أ)

استخدمت شركة تكنولوجيا كانفاس الشراكة الجامعية لتقييم البرنامج الاستراتيجي للشراكة مع الجامعة القائم منذ أكثر من خمس سنوات. وعندها طُلب إلى مدراء الشراكة مع الجامعة تحديد جوانب عدم التطابق والخطوط التوتر (الموضحة بالأسهم البرتقالية اللون في الجدول)، وذلك بهدف الوصول إلى حلول مبدئية لمعالجتها، ثم طلب إليهم كتابة الحلول على الكانفاس (الحلول موضحة باللون البرتقالي).

وفي مثال آخر، أرادت شركة تكنولوجيا عالمية إعادة تصنيف أولويات أهدافها التجارية: من حل المشكلات قصير الأجل والتدريجي باتجاه التركيز على الاطلاع، والانكشاف المنهجي على أفكار مشاريع الأعمال الجديدة والشركات الناشئة المبنية على الأبحاث، واستقطاب المواهب وتطوير خطوط مشاريع أعمال جديدة على المدى الطويل. فقد قيَّمت الشركة في البدء منهجها الحالي من الشراكات الجامعية باستخدام المخطط. بعد ذلك أدخلت الأهداف التجارية بعد تعديل الأولويات وعملت على هذه الخلفية على باقي الأسئلة لاستكشاف تأثير الأهداف المُعدلة في منهجها الخاص بالشراكات الجامعية.

لدى العمل على الأسئلة وتمثيلها على الكانفاس، أدركت الشركة أن تغيير الأهداف التجارية كان له تأثير عميق في نهجها إزاء الشراكة الجامعية. ولاحظ المدراء التنفيذيون أنهم يحتاجون إلى: (1) اعتماد عمليات داخلية لضمان اتساق مجالات تركيز الشراكات الجامعية مع أولويات الشركة في البحث والتطوير بصورة عامة، و(2) تخصيص الموارد لتنظيم فعاليات استكشاف المشاريع الناشئة والهاكاثون، و(3) زيادة عدد وسطاء المعرفة Knowledge brokers في المنظومات الإيكولوجية للابتكار الإقليمية المفضلة لديهم، و(4) تطوير مؤشرات قياس رئيسية لقياس الاستثمارات في الشركات الناشئة وعدد الأفكار (من مصادر مثل الهاكاثون) التي تقود إلى تطوير خطوط منتجات جديدة. (انظر: الكانفاس الكامل للشراكة مع الجامعة لشركة التكنولوجيا ب)

كانفاس الشراكة الجامعية  للشركة التكنولوجيا (ب)

باستخدام كانفاس الشراكة الجامعية، قيّمت شركة التكنولوجيا ب نهجها الحالي للشراكة الجامعية، وبعد ذلك أدخلت [في الجدول] أهدافها التجارية ( مضيفة أهدافها –المُبيْنة بالنص البرتقالي اللون  للاطلاع على الأفكار التجارية الجديد والمشاريع الناشئة القائمة على البحث العلمي). وبناء على هذه الخلفية استكشفت الشركة تأثير الأهداف المُنقَّحة لنهجها في الشراكة الجامعية وذلك من خلال العمل عبر بقية الأسئلة (وإضافة المعلومات المُبيَّنة باللون البرتقالي).

إطلاق قيمة إضافية Unlocking More Value

الشراكة مع الجامعات في منظومات إيكولوجية للابتكار قد تنطوي على تحد، ولكن مخطط الشراكة الجامعية يمكن أن بساعد الشركات على تطوير مسار منتظم في تفاعلها مع الجامعات، ومن ثم يتيح للطرفين إطلاق قيمة أكبر وتعزيز الطابع الاستراتيجي للانخراط في المنظومة الإيكولوجية للابتكار.

ومن وجهة نظرنا، يتعين على الشركات استخدام مخطط الكانفاس بصفته أداة داخلية لتقييم وتطوير نهجها إزاء الشراكات الجامعية. ويتعين عليها كذلك استخدامها في حواراتها الجارية مع  الجامعات. بهذه الطريقة يمكن أن تكون الكانفاس أداة تستخدمها الشركات والجامعات معاً لضمان الشفافية في عرض أهداف الشراكات وصيغها ومؤشرات أدائها الرئيسية وهياكلها التنظيمية بهدف المضي قدماً في تطويرها.

المراجع REFERENCES

  1. من الأمثلة على الشراكات الشراكة بين معهد ماساتشويتس للتكنولوجيا ومختبر واتسون للذكاء الاصطناعي لدى شركة آ بي أم (MIT-IBM Watson AI Lab). لذلك يمكن الاطلاع على الرابط التالي:

http://mitibmwatsonailab.mit.edu/

  1. M. Perkmann and A. Salter, “How to Create Productive Partnerships With Universities,” MIT Sloan Management Review 53, no. 4 (summer 2012): 79-88.
  2. D.E. Sanger, “Corporate Links Worry Scholars,” New York Times, Oct. 17, 1982, www.nytimes.com; and University of Oxford Department of Engineering Science, “Celebrating 25th Anniversary of the Rolls-Royce University Technology Centre in Solid Mechanics,” n.d., www.eng.ox.ac.uk.
  3. Perkmann and Salter, “How to Create Productive Partnerships.”
  4. “The University of British Columbia and Cisco Collaborate on Smart+ Connected Buildings and Smart Energy,” press release, May 27, 2013, https://newsroom.cisco.com.
  5. E. Redden, “From Beijing to Puget Sound,” Inside Higher Ed, June 19, 2015, www.insidehighered.com.
  6. أنشأت سيمنز على سبيل المثال مجموعة من مدراء العلاقة الداخلية ومع الجامعات لإدارة برامجها الاستراتيجية مع الجامعات (مراكز تبادل المعرفة أو CKI). وكمثال على أحد مراكز تبادل المعرفة وبعض أنشطة البرنامج يمكن زيارة الرابط التالي:http://cki.rwth-aachen.de/en

يمكن الحصول على مزيد من المعلومات من:www.siemens.com

  1. مخطط الشراكة الجامعية مُستوحى من “مخطط نموذج العمل التجاري” التي طورها أ. اوستروالدر A. Osterwalder وي. بينيور Y. Pigneur في كتابهما: “توليد نموذج العمل: دليل الرواد والمؤثرون والمبتكرون”

“Business Model Generation: A Handbook for Visionaries, Game Changers, and Challengers”. (New York: Wiley, 2010).

  1. يمكن الاطلاع على الرابط التالي:http://reap.mit.edu

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى