أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

كيف نفكر في … الحياة

ما يميز البشر عن فيروس أو حجر خامل؟ هناك تعاريف كثيرة لما يعني أن نكون أحياء – ويحتمل أن تفشل الإنسانية في بعض منها قريبا

يتفق معظم الناس على أنه حتى يكون شيءٌ ما حيًّا، فيجب أن يستطيع عمل نسخ من نفسه. غير أنه ومن هذا المنطق، فإن بلورة تنمو في محلول هي حية. ولذا يبحث بيولوجيون يدرسون كيف بدأت الحياة قبل أربعة بلايين سنة عن ميزات مشتركة بين كل الأشياء الحية وغير موجودة في المعادن.

تنتج من هذا النهج ثلاث سمات متميزة: فلكل الكائنات الحية على الأرض شيفرة (كود code) تسمح، مثل مخطط البنّاء، بعمل نسخ (انظر: كيف نفكر في … الجينات)، فالكائنات الحية قادرة على أن تولد طاقة لتشغيل عملية الاستنساخ، ولديها الآلية لبناء النسخ. وليس لدى البلورات أي من هذه، ولذا فقد وضعت بيقين في عالم المعادن.

ولكن القائمة تثير نقاطا شائكة أخرى أبرزها بعض الطفيليات. والفيروسات هي المثال الأقصى، لأن لها شيفرة على شكل حمض نووي DNA أو RNA، إلا أنها تعتمد كليا على الخلايا التي غزتها للحصول على الطاقة وآلية الاستنساخ. والجدل فيما إذا كانت حية مستمر منذ عقود.

ويثير علم البيولوجيا التخليقية Synthetic biology المزيد من الأسئلة الجوهرية. فقد أمضى فلويد رومزبرغ Floyed Romesberg، من معهد سيكربس للأبحاث Scripps Research Institute في سان دييغو، عشرين عاما محاولا اختراق شيفرة الحياة. واستطاع فريقه اختلاق حرفين جينيين “غير طبيعيين” مشابهين في التركيب الجزيئي للجينات الخمسة الموجودة في كلّ الكائنات الحية على الأرض: أربعة على شكل DNA والخامس RNA. واستخدمو في العام الماضي هذه الشيفرة غير الطبيعية لإقناع خلية بإنتاج بروتينات لا توجد في الطبيعة.

وبالنسبة إلى روزمبرغ، فإن هذا يدعو إلى التساؤل فيما إذا كانت كيمياء الحياة تختلف عن الكيمياء الخاملة بأي شكل. ويقول: “كلّ ما لديك هي أجزاء. وكلّ ما لديك هو كربون ونيتروجين وفوسفور وأكسجين.” ومع ذلك، فإن بعض هذه الأجزاء تؤول إلى كائنات حية وبعضها لا يؤول إلى ذلك. ويتابع قائلا: “ولعله بطريقة غريبة، لا يوجد فرق كبير بين الأشياء الحية وغير الحية.”

ولوكالة الفضاء الأمريكية، ناسا، خلال سعيها إلى البحث عن الحياة على كواكب أخرى، تعريف خاص. فقد تبدو الحياة خارج الأرض Extraterrestrial مختلفة تماما، غير أنها، كما تقول ناسا ستكون “منظومة كيمائية باكتفاء ذاتي وقادرة على التطور تطورا داروينيا.” وهذا تعريف قد يكون البشر على مشارف تحقيقه. إذ يحتمل أن تسمح لنا الطريقة عالية الدقة بتعديل الجينات المعروفة بـ CRISPR قريبا بغرص سلاسل من الحمض النووي DNA في بيوضاتنا وحيواناتنا المنوية، لتوليد أطفال أفضل بفضل التصميم المُسبق، بدلا من أن يكونوا نتاج التطور. ولو نجحنا في وقت ما، فهل لا نزال أشياء حية – أم أننا تجاوزنا هذه الحالة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى