أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

هل ميكروبيومك هو ما يجعلك مريضا؟

ترجمة: د. عبدالرحمن سوالمه

يمكن لبكتيريا أمعائنا أن تؤدي دورا في كل شيء، بدءا من النوم وانتهاء بمتلازمة الأمعاء المتهيجة وكيفية تعاملنا مع الضغط النفسي؛ ومؤخرا عثرنا على إجابات حول كيفية استخدامها لتحسين صحتنا.

في السنوات العشر الماضية تضاعف الاهتمام بالميكروبيوم، والميكروبيوم هو المستعمرات العديدة من البكتيريا والكائنات الأخرى التي تعيش في جهازنا الهضمي. كما يشمل هذا الاهتمام المتزايد دورَها المحتمل في مشكلات الأمعاء مثل متلازمة الأمعاء المتهيجة Irritable bowel syndrome. وتشير الدراسات إلى أن ميكروبيوم براز المصابين بمتلازمة الأمعاء المتهيجة يختلف كثيرا عنه لدى الذين لا يعانونها. ويقترح البعض أن تناول الجرعات المقررة من المضادات الحيوية يزيد من خطر تطوير اضطراب وظيفي في الأمعاء مثل متلازمة الأمعاء المتهيجة، وهو ما يعتبر إشارة أخرى إلى أن اختلال التوازن في بكتيريا الأمعاء قد يكون ذا علاقة.

والآن يعتقد بعض العلماء أن عدم التوازن هذا أو «الخلل الحيوي» Dysbiosis الذي نراه في متلازمة الأمعاء المتهيجة يؤثر في الجهازين المناعي والعصبي، سواء من حيث الأعراض أو في الطريقة التي يدرك بها الدماغ هذه الأعراض.

كما قد يؤدي الميكروبيوم غير الصحي دورا في حقيقة كون المصابين بمتلازمة الأمعاء المتهيجة أكثر عرضة لمشكلات نفسية معينة كالضغط النفسي، والذي يبدو أنه يزيد من أعراض متلازمة الأمعاء المتهيجة لديهم.

هناك دراسة حديثة غَرَس فيها العلماء ميكروبيوما من البشر المصابين بمتلازمة الأمعاء المتهيجة في الفئران، ووجدوا أن الفئران أظهرت الأعراض الجسدية المرتبطة بمتلازمة الأمعاء المتهيجة مثل المرور الأسرع للغذاء عبر الأمعاء، واختلافا في الاستجابة المناعية، بل إنها أظهرت اختلافات سلوكية كذلك، كالقلق.

وعد البروبايوتيك Probiotic promise

ينعقد الأمل الآن على امكانية علاج الخلل الحيوي في المصابين بمتلازمة الأمعاء المتهيجة باستخدام البروبايوتيك (المعينات الحيوية) Probiotics التي تَبذُرُ في الأمعاء بكتيريا «صديقة» -على سبيل المثال- فيمكنها تقديم بعض الراحة. ولكن الخلاف لا يزال غير محسوم حول مسألة ما إذا كانت البروبايوتيك فاعلة حقا. فبحسب دراسة حديثة، فقد منعت البروبايوتيك إعادة ازدهار بكتيريا الأمعاء الطبيعية بعد تناول المريض لجرعات مقررة من المضادات الحيوية. ومع ذلك، فقد تساعد البروبايوتيك المصابينَ بمتلازمة الأمعاء المتهيجة، وذلك وفقا لبيتر هورويل Peter Whorwell من جامعة مانشستر University of Manchester في المملكة المتحدة: «أُخبر مرضاي جرب بروبيوتيكا ما، فإذا بدا أنه فعال استمر عليه، وإلا فجرب واحدا آخر.»

كما أن مثل هذه الأبحاث تحفز فكرة أن تغيير الميكروبيوم قد يُحدث تغييرات عامة في الصحة العقلية، وهذا مجال من الأبحاث يسمى سيكوبيوتيك (الحيويات النفسية) Psychobiotics. وتقول مونيكا فليشنر Monika Fleshner، وهي اختصاصية بالفيزيولوجيا من جامعة كولورادو University of Colorado في بولدر: «نعلم أن فترات الضغط النفسي تُنتِجُ حالة من الخلل الحيوي، وهذا قد يساهم في المشكلات المعوية.» كما أنها تقول إننا بدأنا نفهم كيف يمكن عكس ذلك. فتقول: «يمكننا أن نحمي تلك المستعمرات من البكتيريا من آثار الضغط النفسي، فنعزز البكتيريا النافعة في الأمعاء، والتي نعتقد أنها مهمة للصحة العقلية.» وقد وجد فريق فليشنر أن الحمية المحتوية على البروبايوتيك تحسن النوم ونشاط السيروتونين، وهي مادة كيميائية دماغية لها علاقة بالاكتئاب وعلاجه.

وفي دراسة أُجريت على 45 متطوعا سليما، وجد فيليب بورنيت من جامعة أوكسفورد أن الأشخاص الذين تناولوا البيمونو Bimuno، وهو مكمل من البروبايوتيك متاح بشكل تجاري، ولمدة ثلاثة أسابيع، قد أظهروا انخفاضا في مستوى هرمون الضغط النفسي، الكوررتيزول. كما أن أداءهم كان أفضل في الاختبارات المتعلقة بالمشاعر؛ فقد كانوا أميل إلى اختيار الوجوه السعيدة من الوجوه الحزينة، وذلك مقارنة بالأشخاص الذين تناولوا العلاج الغُفل. ويقول بورنيت: «عادة ما يكون الأفراد كئيبين، وينجذبون للأمور السلبية، ولكن أولئك الذين تناولوا البيمونو عكسوا هذا النمط تماما وكانوا أكثر انجذابا للوجوه السعيدة. كما بينت مضادات الاكتئاب أنها تقوم بالعمل نفسه، وأن هذا عادة ما يسبق تحسن المزاج.»

ويدرس بورنيت ما إذا كان تغيير بكتيريا الأمعاء قادرا على تحسين الذاكرة وقدرات حل المشكلات لدى المصابين بالفصام، والذي يتميز بأعراض شائعة لا تستجيب للأدوية الحالية.

هل يمكن لمكملات غذائية أو حمية موجهة إلى الأمعاء أن تنفي حاجتنا إلى الحبوب المنومة ومضادات الاكتئاب؟ يقول بورنيت: «أظن أنها ستكون إضافة مفيدة. فإضافة إلى العلاج بالأدوية والعلاج المعرفي Cognitive therapy، قد يتناول المرضى علاجا من الميكروبيوم.»

وأما بالنسبة إلى الحمية؛ فإن الدلائل تشير إلى أن التباين يكون مفيدا بالنسبة إليك؛ فاستهلاك كمية كبيرة ومتنوعة من الأغذية يغذي خليط الميكروبات السليمة والمتنوعة. وبكلمات أخرى، هذا هو الوقت لك لأن تنوِّع في طعامك وألا تستمر على ما اعتدت عليه من الأطعمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى