أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم التطبيقية

العالَم يستعد لإقرار وحدات قياس جديدة

الكيلوغرام والوِحدات الأخرى ستُستمدُّ من ثوابتَ غيرَ متغيرةٍ من الطبيعة

بقلم: أدريان تشو Adrian Cho
ترجمة: مي منصور بورسلي

شرح الصورة: حُسبت الذرات التي تتكون منها كرة السيليكون -28 لتثبيت عدد أفوغادرو Avogadro وإعادة تعريف وحدة المول Mole. ويمكن رؤية نسخة من Le Grand K، المعيار القياسي للكيلوغرام، منعكسةً على الكرة.

كملك يكابد الهِرم يقف نموذج Le Grand K على وشك الاستسلام للحداثة. إذ خدمت الأسطوانة اللامعة المصنوعة من سبيكة البلاتين والإيريديوم كمعيار عالمي للكتلة على مدى 130 سنة. وكانت تُوضع داخل ناقوس زجاجي ويُقفل عليها في المجلس الدولي للأوزان والمقاييس International Bureau of Weights and Measures (اختصارًا: المجلس BIPM) في سيفر بفرنسا، و يُخرجونها كل 40 سنة أو نحو ذلك لمعايرة الأوزان المماثلة في جميع أنحاء العالم. والآن، في ثورة أقل دموية بكثير من تلك التي كلفت الملك لويس السادس عشر King Louis XVI رأسه، سوف يتنازل عن عرشه ككيلوغرام واحد حقيقي.

وحين يُعقد المؤتمر العام السادس والعشرون المعني بالأوزان والمقاييس The 26th General Conference on Weights and Measures (اختصارًا: المؤتمر CGPM) الأسبوع المقبل (أسبوع  25 نوفمبر 2018) في فرساي بفرنسا، من المتوقع أن يصوت ممثلو الدول الستين الأعضاء على إعادة تحديد النظام الدولي للوحدات International System of Units (اختصارًا: النظام SI)، بحيث تُعرّف أربع من وحداتها الأساسية – الكيلوغرام والأمبير والكلفن والمول – بطريقة غير مباشرة، باستخدام الثوابت الفيزيائية التي ستُعتمد بأمر قضائي. وبذلك ستنضم إلى الوحدات الأساسية الثلاث الأخرى – الثانية، والمتر والكانديلا (قياس السطوع المُدرَك للضوء) – التي عُرّفت بالفعل بهذه الطريقة. وبذلك ستُلغي إعادة صياغة الوحدات آخر القِطع المادية المستخدمة لتعريف الوحدة: Le Grand K.

ويهدف هذا التغيير إلى جعل الوحدات أكثر استقرارًا؛ مما يسمح للباحثين بتطوير تقنيات أكثر دقة ومرونة لتحويل الثوابت إلى وحدات قياس. وتقول أستيفانيا دي ميرانديس Estefanía de Mirandés، عالِمة الفيزياء في المجلس BIPM: “ذلك جمال إعادة التعريف،” وتُضيف قائلة: “أنت غير مُقيّد بتقنية واحدة.” إلّا أنّ أنصار التغييرات الغامضة يُقرون بأنها قد تُحيّر غير المُختصّين. ويقول جون برات Jon Pratt، عالِم الفيزياء من المعهد الوطني الأمريكي للمعايير والتقنية U.S. National Institute of Standards and Technology (اختصارًا: المعهد NIST) في غايثرسبيرغ بولاية ماريلاند: “أما المسؤولون الأكثر تحمسا، فقد قالوا: ما الذي سنفعله بشأن تعليم الناس كيفية استخدامها؟”

ويُعمّم النظام SI الجديد المفاضلةَ التي استُغِلّت بالفعل لتحديد المتر بدقة أكثر من حيث سرعة الضوء. وحتى عام 1983، كانت تُقاس سرعة الضوء بالعدادات والثواني المحددة بشكل مستقل. غير أنّه في ذلك العام حدّد المؤتمرCGPM  السابع عشر سرعة الضوء لتكون بالضبط 299792458 متر في الثانية. وصار المتر بعد ذلك الشيء القابل للقياس: المسافة التي ينتقل فيها الضوء في زمن 1 / 299792458 ثانية. (وثًبّت مقدار الثانية بتذبذبات إشعاع الميكروويف من ذرات السيزيوم في عام 1967).

ويلعب النظام SI الجديد اللعبة نفسها مع الوحدات الأخرى. على سبيل المثال، هو يُحدّد الكيلوغرام من حيث ثابت بلانك، المتناثر في كل أنحاء ميكانيكا الكم. والآن حُدّد الثابت ليكون 6.62607015 x 10-34 كيلوغرام في متر مربع لكل ثانية بالضبط. ولأنّ الكيلوغرام يتجلى في هذا التعريف، تكون أي تجربة قد قاست الثابت فيما مضى طريقة لقياس الكيلوغرام عوضًا عن ذلك.

ومثل هذه التجارب أصعب بكثير من تسجيل سرعة الضوء التي تُعتبر من أساسيات الفيزياء الجامعية. وإحدى الطرق هي استخدام جهاز يسمى ميزان كِبِل Kibble balance، وهو يشبه إلى حدٍّ ما الموازين الأسطورية للعدالة. إذ يُقابل الكتلة الموجودة على أحد الجانبين قوة كهربائية ينتجها مِلَف كهربي على الجانب الآخر، مُعلقٌ في مجال مغناطيسي. ولتحقيق التوازن، على التيار أن يمر خلال المِلَف. ويمكن للباحثين أن يساووا الكتلة بذاك التيار مضروبًا بِجُهد مستقل يتولّد عند إزالة الكتلة وتحريك المِلَف إلى الأعلى والأسفل في المجال المغناطيسي.

وتكمن الخدعة الحقيقية في تقدير التيار والجهد باستخدام أجهزة ميكانيكية كمومية تستعين بشحنة الإلكترون وثابت بلانك. والآن بعد أن حدّد النظام SI الجديد هذه الثوابت، يمكن استخدام الميزان لتحصيص وحدة الكتلة وقدرها كيلوغرام واحد بالضبط. وبإعادة التعريف أيضا تكون التقنيات الكمومية هي معايير النظام SI لقياس الجهد والتيار، كما يقول جيمس أولتهوف James Olthoff، عالِم الفيزياء من المعهد NIST. حتى الآن، عرّف النظامُ SI الأمبيرَ بطريقة غير عملية، من حيث قياس القوة بين أسلاك حاملة للتيار ذات طول لانهائي تفصل بينهما مسافة قدرها متر واحد.

    ومن شأن تطبيق التعريفات المُعقّدة الجديدة أن تُحيّر أي شخص لا يمتلك درجة علمية متقدمة في الفيزياء، كما أشار غاري برايس Gary Price، عالِم القياس في سيدني بأستراليا، مستشار الجنة المعايير الوطنية الأسترالية National Standards Commission. وفي الواقع، يُجادل في أنّ النظام SI الجديد يفشل في تلبية أحد المتطلبات الأساسية لنظام الوحدات، وهو تحديد مقدار الكتلة الذي يُمكن من خلاله قياس الكُتل، ومقدار الطول الذي يُمكن من خلاله قياس الأطوال، وهكذا. ويقول: “إنّ النظام SI الجديد ليس أوزانًا أو قياساتٍ البتّة.”

وقد أخذ علماء القياس إعادة التحديد الأكثر بديهية بعين الاعتبار. إذ بإمكانك تحديد الكيلوغرام، على سبيل المثال، ككتلةِ لعددٍ كبيرٍ من ذرة معينة. غير أنّ مثل هذا المعيار سيكون غير عملي، كما يقول أولتهوف. ومن المُثير للسخرية بعض الشيء هو أنّ الباحثين قد حسبوا بالفعل الذرات في كريات ذات شكل دائري متقن، -كيلوغرام واحد من السيليكون -28 لتثبيت قيمة دقيقة للمول، والتي كانت تُعرف سابقاً على أنها العدد القابل للقياس لذرات الكربون -12 في 12 غرام من المادة.

إذا اتفق على ذلك، فسيبدأ النظام SI الجديد في مايو 2019. وعلى المدى القصير لن يتغير شيء يُذكر، كما يقول برات. وسيستمر المعهد NIST بتوزيع معايير الوزن من خلال معايرة أوزانها الكيلوغرامية – على الرغم من أن المعهد يقوم بذلك الآن باستخدام ميزان كِبِل الخاص به. وفيما بعد، يقول برات، يمكن للباحثين تطوير موازين منضدية يمكن للشركات استخدامها لمعايرة أوزانها الميكروغرامية.

وسيكون إعادة التفكير في الثانية هو الأمر التالي. إذ يعمل علماء القياس على تطوير ساعات ذرية أكثر دقة تستخدم الإشعاع الضوئي بترددات أعلى من معيار السيزيوم الحالي (Science, 2 March, p. 968). وعليهم أنّ يُشكّلوا أساسًا لتعريفٍ أدق للثانية، كما تقول دي ميرانديس، ربما في عام 2030.

أما بالنسبة إلى نموذج Le Grand K، فسيحتفظ به المجلس BIPM وسيعايره بشكل دوري كمعيار ثانوي شامل، كما تقول دي ميرانديس. وهي نهاية كريمة للملك الفرنسي المعزول.

 Ósciencemag.org

تغيير وحدات القياس   Metric makeover

 من المتوقع أن يُعيد التصويتُ الوشيك تعريفَ الوحدات ذات الأساس المتري من حيث الثوابت الفيزيائية غير المتغيرة.

الوحدة المترية

الكمية

الثابت المُحدّد

كيلوغرام

كتلة

ثابت بلانك

متر

سرعة

سرعة الضوء

ثانية

زمن

تردد إشعاع السيزيوم

أمبير

تيار

شحنة الإلكترون

كلفن

درجة حرارة

ثابت بولتزمان

مول كمية المادة

ثابت أفوغادرو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى