أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

نحتاج إلى إعادة اكتشاف أعجوبة الفضاء لإنقاذ الأرض

يقول ريتشارد ويب Richard Webb إن الذهاب إلى الفضاء يدعونا إلى إعادة النظر في كوننا النوع السائد على كوكب هشٍّ، ومدى صعوبة كفاحنا من أجل الحفاظ عليه.

منذ نحو خمسين عامًا، وصل سنوبي Snoopy إلى القمر. ليس كلب الرسوم المتحركة الذي كان يريد أن يصبح طياراً: بل كان Snoopy أيضًا الاسم المختصر لمركبة الهبوط على الصاروخ Apollo 10 (وبالطبع أُطلق على وحدة الخدمة على الصاروخ اسم تشارلي براون Charlie Brown ). في 22 مايو 1969، وفي تجربة هبوط أبولو 11 بعد شهرين، نقلت المركبة رائدي الفضاء يوجين سيرنان Eugene Cernan وتوماس ستافورد Thomas Stafford إلى مسافة 15 كيلومتراً من سطح القمر.
كان موقف نيوساينتيست في ذلك الوقت مستهزئاً. فقد قالت المجلة قبيل ذلك الحدث إن وضع رجلٍ على سطح القمر يحتاج إلى الشجاعة والتنظيم والإبداع، ولكن »لم تكن تلك اللحظةُ الجبارة سوى مجرد النظر إلى أعالي خيمة السيرك، ومشاهدة أكثر أعمال الألعاب البهلوانية المنفذة إدهاشاً، من مقاعدنا على جوانب الحلبة «. وقلنا يومها إن الأموال كانت ستنفق بشكل أفضل على فقراء العالم.
وبعد مرور نصف قرن من الزمن، فإن برنامج أبولو للهبوط على القمر يُهمَّش بعبارات مماثلة (على افتراض أنك لا تعتقد أن ذلك كله صُوِّر في استوديو أفلام بلوس أنجلوس). وكانت خطوة نيل أرمسترونغ الصغيرة العملاقة في 20 يوليو 1969 إنجازًا إبداعيا، لكنها أيضًا كانت باهظة وخطيرة ومدفوعة أيديولوجيّاً.
كان التفاؤل التقني الذي لا حدود له من النوع الذي أشاد بـ »عصر الفضاء « قد انتهى مع حلول كارثة المكوك الفضائي تشالنجر Challenger في عام 1986. وتلك الصور الرهيبة للجانب المظلم من الفضاء حطمت نفسها بالتأكيد في ذهني البالغ من العمر سبع سنوات.
الذكرى السنوية للهبوط على القمر هي لحظة لاستعادة بعض التفاؤل، وإعادة ضبط موقفنا من النهضة الفضائية حاليا. فمن المؤكد أن رغبة الصين الحالية في إبراز مكانتها في الفضاء تتمثل باستعراض العضلات الجيوسياسية أيضًا. إن طلبَ نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس Mike Pence أن تعيد وكالة ناسا خلق لحظة طموحة من الأسبقية للولايات المتحدة عن طريق وضع رائد فضاء على سطح القمر مرة أخرى بحلول عام 2024 يعد نقطة قصوى منطقية لأجندة »جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى«. أما بالنسبة إلى صراع رجلي الأعمال مؤسس شركة أمازون Amazon جيف بيزوس Jeff Bezos ورئيس شركة تسلا Tesla إيلون ماسك Elon Musk عمق يمتلك أكبر صاروخ – حسنًا، فإن دافعه يتحدث عن نفسه.
ليست كل هذا السخرية مبرَّرة. فمغادرة الأرض لا تزال مسعىً تكنولوجيّاً نبيلا، حتى وإن لم يعد يشبه عملاً بهلوانيّاً الآن مثلما كان عندما أُطلقت مهمة أبولّو اعتماداً على طاقة حوسبية أكثر بقليل مما هو موجود داخل الهاتف الذكي حاليا.
وعلى الرغم من أن المنافسات الوطنية، على نحو متزايد، ستؤدي دوراً في عصر الفضاء الثاني، فإن الفضاء هو أحد الأشياء القليلة التي تخصنا جميعًا. فكر في أوجه التقدم مثل اتصالات الأقمار الاصطناعية التي ربطت الإنسانية بعضها ببعض، أو التلسكوبات الفضائية التي سمحت لنا بمزيد من البحث في الكون.
إن الفضاء يدعونا إلى إعادة النظر بتواضع في موقفنا باعتبارنا النوع المهيمن على كوكب هش. ففي 24 ديسمبر 1968، التقط رواد الفضاء من أبولو 8 الصورةَ الأكثر نفوذاً ألا وهي صورة بزوغ الأرض Earthrise، الصورة التي أظهرت جرماً سماويّاً أزرق جميلاً يخرج من ظل القمر. وغالباً ما يعود الفضل إلى تلك الصورة في بدء الحركة البيئية. ومنذ ذلك الحين، ساعدت أقمار رصد الأرض الاصطناعية على كشف تأثيرنا في مناخ الكوكب ونُظمه الإيكولوجية. ومحاولة تجاوز حدود الأرض هي محاولة فهم قيمةِ ما لدينا عليها – وإلى مدى يجب أن نكافح من أجل الحفاظ عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى