أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحةوباء الكورونا

فحص المسافرين في المطارات لا طائل كبيراً منه، وفق الأبحاث

قد تبدو مسدسات قياس الحرارة الرقمية والاستبانات الصحية مطمئنةً، ولكنها نادراً ما تكتشف المسافرين المصابين

بقلم: دنيس نورمايل

ترجمة: صفاء كنج

قد يبدو مطمئناً رؤية مسدسات قياس الحرارة الرقمية والاستبانات الصحية المستخدمة في العديد من المطارات الدولية للمساعدة على احتواء فيروس كوفيد-19 (COVID-19). لكن بحثاً نُشر حديثاً وتجارب حديثة تظهر أن فحص الركاب المغادرين أو القادمين لن يفعل سوى القليل جدًّا لإبطاء انتشار الفيروس؛ فمن النادر جدًّاأن تتمكن أجهزة الفحص من المساعدة في اعتراض مسافرين مصابين.

وبتاريخ 4 مارس تعهد نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس Mike Pence أن تشمل الفحوصات “100%” من المسافرين الواصلين على متن رحلات مباشرة إلى الولايات المتحدة من إيطاليا وكوريا الجنوبية، حيث يتفشى الوباء إضافة إلى الفحص المتّبع للمسافرين القادمين من الصين. ويحاول العديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك الصين نفسها التي تسجل انخفاضاً في أعداد الحالات الجديدة، منع حدوث إصابات جديدة من خلال فحص القادمين في مطاراتها. ولكن البيانات مقلقة. ففي الأسابيع الثلاثة الأولى من فحص الركاب القادمين من الصين وجدت الولايات المتحدة إصابة واحدة فقط بين 46,016 مسافراً، وفقًا لتقرير صادر في 24 فبراير عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها Centers for Disease Control and Prevention (اختصاراً: المراكز CDC). ومن الواضح أن ذلك لم يمنع الفيروس من دخول البلاد من الصين. (كان المسافرون مواطنين أمريكيين ومقيمين دائمين وأسرهم وكانوا في الصين خلال الـ 14 يومًا السابقة لوصولهم؛ أي شخص آخر زار الصين مُنع ببساطة من الدخول.)

وفي غضون ذلك، لم تعترض الصين ثمانية عمال مطعم مصابين قادمين من بيرغامو بإيطاليا، سافروا إلى شنغهاي يومي 27 و29 فبراير واستقلوا سيارات أجرة إلى بلدتهم. ويفحص مطار بودونغ الدولي في شنغهاي الركاب القادمين باستخدام التصوير الحراري ويطلب منهم الإبلاغ عن حالتهم الصحية؛ من غير الواضح ما إذا كانت لدى أي من العمال الثمانية أعراضٌ، أو ما قالوه عن صحتهم.

وهناك العديد من الطرق التي يمكن للمصابين من خلالها التسلّل عبر الشبكة. وتقيس الماسحات الحرارية ومقاييس الحرارة المحمولة درجة حرارة الجلد التي قد تكون أعلى أو أقل من درجةَ حرارةِ الجسم الأساسية التي تمثل المقياس الرئيسي للحمى. وتعطي الأجهزة نتائج إيجابية كاذبة False positives وكذلك نتائج سلبية كاذبةFalse negative . ويمكن للركاب أيضًا تناول الأدوية المثبطة للحمى أو الكذب حول أعراضهم والأماكن التي زاروها مؤخراً. والأهم من ذلك، أن المصابين الذين لا يزالون في مرحلة حضانة المرض لا تظهر عليهم الأعراض، لذلك لا يثيرون الانتباه في أكثر الأحيان. وتتراوح فترة حضانة فيروس كوفيد-19 بين يومين و14 يوماً. وأكدت مراجعة نُشرت في نوفمبر 2019، قبل ظهور فيروس كورونا المستجد New coronavirus، معدل النجاح الذي يُرثى له لفحوصات المطار. إذ تقصى كل من كريستوس هاجيكريستودولو Christos Hadjichristodoulou  وفارفارا موختوري Varvara Mouchtouri  من جامعة ثيسالي University of Thessaly في اليونان 114 ورقة علمية وتقارير عن الفحوصات التي تُجرى للكشف عن العدوى، بما في ذلك إيبولا ومتلازمة الجهاز التنفسي الحادة Severe acute respiratory syndrome  (سارس: SARS) والإنفلونزا الوبائية. بين أغسطس 2014 ويناير 2016، وجدا أنه لم تُكتشف ولا حالة إيبولا واحدة بين 300 ألف راكب فُحصت حرارتهم قبل الصعود إلى الطائرة في غينيا وليبيريا وسيراليون، وهي الدول الثلاث التي تفشى فيها وباء إيبولا المنتشر في غرب إفريقيا. ومع ذلك، نفذ ما لا يقل عن أربعة ركاب مصابين من خلال فحص الخروج لأنه لم تكن لديهم أعراض حتى ذلك الحين، وطاروا إلى وجهاتهم.

ولم يكن  فحص المسافرين القادمين أفضل أداء. فخلال تفشي الوباء نفسه سألت خمس دول المسافرين القادمين عن الأعراض والتعرض المحتمل لمصابين بالمرض وفحصت درجة حرارتهم. هنا أيضاً، لم تُكتشف أي حالات، بل نفذ ثنان من الركاب المصابين بفيروس إيبولا، أحدهم في الولايات المتحدة والآخر في المملكة المتحدة. (طار الاثنان الآخران إلى وجهتيهما دون الخضوع لفحص عند الدخول). خلال وباء إنفلونزا H1N1 عام 2009 وجد الباحثان أن الصين واليابان اعترضتا فقط أعداداً صغيرة من المسافرين المصابين، وكلاهما كان الوباء متفشياً لديهما على أي حال. ولا يتوقع الباحثان أن يكون فحص المطار للكشف عن كوفيد-19 أكثر فعالية.

ومع ذلك، فإن برامج الفحص مكلفة: إذ أنفقت كندا نحو 5.7 مليون دولار على برنامج الفحص لدى الوصول للكشف عن وباء سارس غير المثمر في عام 2003 وأنفقت أستراليا 50 ألف دولار مقابل كل حالة تم اكتشافها من فيروس H1N1 في عام 2009، وفق الباحثين هاجيكريستودولو وموتخوري.

ولكن مثل هذه  الأموال لم تذهب كلها هدراً. فمن خلال تنفيذ فحص لدى الخروج لتحري الإصابة بفيروس إيبولا، ربما ساعدت بلدان غرب إفريقيا، حيث انتشرت الفاشية في تجنيب الدول الأخرى فرض مزيد من القيود الصارمة على السفر. كما أن المعرفة بوجود الفحص ربما ردعت بعض المصابين أو من تعرضوا للمرض عن محاولة السفر.

وقد وضعت منظمة الصحة العالمية World Health Organization (اختصارا: المنظمة WHO) مبادئ توجيهية مفصلة للبلدان التي ترغب في فحص المسافرين. ويجب أن يبدأ فحص الخروج بفحص درجة الحرارة والأعراض وإجراء مقابلات مع الركاب حول التعرض المحتمل ومخالطة أشخاص لديهم مخاطر عالية، على سبيل المثال. ويجب إجراء مزيد من الفحوصات والاختبارات الطبية للمسافرين الذين يعانون أعراضًا ووضع الحالات المؤكدة في العزل وتوفير العلاج لها. وتقول منظمة الصحة العالمية إن فحص الدخول هو أيضاً فرصة لجمع معلومات حول الأشخاص الذين يمكن الاتصال بهم، وهي مفيدة في حالة إصابة الركاب أثناء الرحلة، ولتقديم إرشادات للمسافرين.

ولكن حتى عند التنفيذ الجيد للتوجيهات، فإن الفحص غالباً ما يفيد بإظهار أن الحكومات تفعل شيئاً، كما يقول اختصاصي علم الأوبئة بن كاولينغ Ben Cowling من جامعة هونغ كونغ. وفي أحسن الأحوال يقول: ” إن الإجراءات التي تهدف إلى اكتشاف العدوى لدى المسافرين ستؤخر فقط تفشي الوباء محلياً ولن تمنعه”.

© 2020, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى