أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

الموافقة على عقار الألزهايمر على الرغم من النتائج المبهمة

إدارة الغذاء والدواء ترخّص استخدام أدوكانوماب على الرغم من رأي المستشارين- مستندة إلى نتائج تُظهر انخفاضًا في لويحات الدماغ السَّامة

بقلم:    كيلي سيرفك

ترجمة: مي بورسلي

في الأسبوع الثاني من يونيو صار الدواء الذي يستخدم الجسم المضاد أدوكانوماب Aducanumab أول دواء جديد لمرض الألزهايمر توافق عليه الولايات المتحدة منذ عام 2003، والأول على الإطلاق الذي يهدف إلى التدخل في عملية المرض الأساسية. ففي قرار مثير للجدل، نقضت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيةU.S. Food and Drug Administration (اختصارا: الإدارة FDA) مستشاريها وقررت أن العقار الذي طورته شركة بيوجين الدوائية Biogen، يستحق الموافقة على توفيره في السوق. فقد جاء القرار على الرغم من الأدلة الضعيفة والمتضاربة من تجربتين إكلينيكيتين (سريريتين) كبيرتين حول قدرة الدواء على إبطاء التدهور الإدراكي Cognitive decline للمرضى.

في 7 يونيو صدر بيان صحافي، أقرت فيه باتريسيا كافازوني Patrizia Cavazzoni، مديرة مركز تقييم الأدوية والأبحاث Center for Drug Evaluation and Research (اختصارا: CDER) التابع للإدارة FDA، بأن هذه الدراسات “تركت شكوكًا متبقية حول الفوائد الإكلينيكية”. وستمنح الإدارة FDA الشركة بيوجين Biogen  تسع سنوات للتجربة الإكلينيكية المطلوبة بعد الموافقة للتحقق من الفعالية. واختارت الموافقة على أدوكانوماب، وهو علاج يستخدم جسما مضادا يؤخذ بالوريد ويسوق باسم أدوهيلم Aduhelm، استنادًا إلى دليل على أنه يزيل شكلاً سامًا من بروتين بيتا أميلويد Beta amyloid، والذي يتراكم في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الألزهايمر ويُعتقد على نطاق واسع أنه يتسبب في تلف الخلايا العصبية. فقد كتبت كافازوني أنه من المعقول القول إن لتقليل عدد اللويحات Plaques ” فوائد مهمة للمرضى”.

لطالما كان تحطيم لويحات الأميلويد استراتيجية رائدة في تطوير أدوية لعلاج مرض الألزهايمر. ولكن العديد من الأدوية التي تستهدف الأميلويد فشلت بالسنوات الأخيرة في إظهار فوائد إدراكية في التجارب الإكلينيكية الكبيرة. هذا، وقد رحب بعض الباحثين والأطباء ومجموعات الدفاع عن المرضى بقرار الإدارة FDA، لكنه صدم البعض الآخر باعتباره إضعافًا خطيرًا للمعايير.

ويقول جوزيف روس Joseph Ross، الخبير بالسياسة التنظيمية من الإدارة FDA في كلية الطب بجامعة ييل Yale School of Medicine: “ستكون لهذه الموافقة تداعيات مروعة على الإدارة FDA ونظام الرعاية الصحية لدينا عموما… يبدو الأمر كما لو أنهم نقضوا غزلاً، وسينهار النظام بأكمله”. وكما يقول، فإن هذا التحول في اللحظة الأخيرة من عملية الموافقة القياسية إلى المسار “المعجل” Accelerated ، والذي يعتمد على “نقطة نهاية بديلة” Surrogate endpoint (بيتا أميلويد) بدلاً من التعافي الإكلينيكي، هو غير مسبوق. ويضيف أن شركات التأمين الصحي والمرضى سيتحملان الآن تكلفة العلاج غير المثبت فاعليته. وأعلنت الشركة بيوجين في الأسبوع الثاني من يونيو أن دواء أدوهيلم، الاسم التسويقي للعقار، يكلف 56 ألف دولار سنويا.

وقد نتجت نتائجُ غامضةٌ من التجربتين الكبيرتين للدواء، واللتين شملتا أكثر من ثلاثة آلاف شخص في المرحلة المبكرة من الألزهايمر في 20 دولة. ففي عام 2019 أعلنت الشركة بيوجين وشركة الأدوية اليابانية إيساي Eisai، التي شاركت في تطوير الدواء أدوكانوماب، أنهما أوقفتا التجربتين بعد أن أشار تحليل مؤقت للبيانات إلى أن العقار لم يحقق أي فائدة. ففي وقت لاحق من عام 2019، غيروا المسار، وقدموا تحليلاً جديدًا أظهر فيه المرضى الذين حصلوا على أعلى جرعتين من أدوكانوماب في إحدى الدراسات انخفاضًا بنسبة 22% في التدهور الإدراكي، مقارنةً بالأشخاص الذين تناولوا دواءً غفلا (وهميا). وأنّ الدراسة الثانية لم تجد أي فائدة حتى الآن.

 هذه الانتكاسة جعلت العديد من الباحثين مرتبكين ومتشككين (Science, 13 December 2019, p. 1298). وجادل البعض في أن الشركة لم تُظهر أن الفوائد المحتملة تفوُّق خطر الآثار الجانبية، بما في ذلك تورم الدماغ. ففي نوفمبر 2020 عقدت الإدارة FDA اجتماعًا للجنة استشارية مستقلة، والتي صوتت بأغلبية ساحقة على أن البيانات من التجربة الإيجابية لم تكن “دليلًا أوليًا على فعالية” الدواء.

وفي خطاب إلى اللجنة يشرح الموافقة، أشار بيلي دن Billy Dunn، مدير مكتب علم الأعصاب التابع للمركز CDER إلى “الحاجة الطبية الهائلة التي لم تلبَّ ” لعلاج مرض الألزهايمر. ولكن في الماضي، نادرا ما عارضت الإدارة FDA توصيات مستشاريها. ففي تحليل لقرارات الإدارة FDA بين عامي 2008 و2015، وجد روس وزملاؤه أن 89% من قرارات الموافقة على الأدوية تتماشى مع توصيات اللجنة الاستشارية. وفي الحالات التي تعارض فيها رأي الإدارة مع لجنة المستشارين كانت في الواقع رفض 77% دواءً صوتت اللجنة بالموافقة عليه.

أدوكانوماب يمر الآن بـ”عملية طرح معقدة جدا”، كما تقول لينا أبوستولوفا  Liana Apostolova، الاختصاصية بعلم الأعصاب من كلية الطب بجامعة إنديانا Indiana University School of Medicine، والتي ترحب بالموافقة ولكنها فوجئت بعدم العثور على أي تفاصيل في ملصق الدواء يبين أيًّا من شرائح مرضى الألزهايمر سيستفيد من الدواء. وتقول إن شركات التأمين سوف تضطر إلى تحديد تلك المعايير. وتضيف أن الأشخاص الذين هم في مراحل أكثر تقدمًا ممن شاركوا في تجارب الشركة بيوجين سيتناولون هذا الدواء، لكن الفوائد والمخاطر المحتملة لهؤلاء المرضى غير معروفة. (فقد استعانت شركة بيوجين و إيلاي ليلي آند كو Eli Lilly & Co، والتي تعمل أيضًا على تطوير دواء مضاد للأميلويد، بأبوستولوفا كمستشارة).

كما تثير الموافقة أيضًا أسئلة حول الأشخاص الذين يعانون تراكم لويحات الأميلويد ولكن ليست لديهم مشكلات إدراكية، كما يقول ألين ليفي Allen Levey، طبيب الأعصاب من جامعة إيموري Emory University. ونظرًا إلى أن “هذه التوصيف عام جدًا، فقد يعني ذلك أنها تفتح هذا المجال حتى للعلاج الوقائي للأشخاص الأصحاء”.

رحب بعض الباحثين والمؤيدين بالقرار، مع الاعتراف بأن دواء أدوهيلم بعيد كل البعد عن العلاج. وقالت ماريا كاريلو Maria Carrillo، كبير مسؤولي العلوم في جمعية مرض الألزهايمر Alzheimer’s Association، في بيان: “لقد أظهر لنا التاريخ أن … العقار الأول في أي فئة جديدة ينشط مجال البحث”.

وهذا القرار سيحفز المزيد من البحث حول الأميلويد، كما يقول ريتشارد هودز Richard Hodes، مدير المعهد الوطني الأمريكي للتقدم في العمر U.S. National Institute on Aging. وهناك العديد من الأدوية الأخرى التي تستهدف الأميلويد في طور الإعداد. وأظهر الدواء المضاد دونانيماب Donanemab من الشركة إيلاي ليلي علامات على استفادة المرضى في تجربة المرحلة الثانية المنشورة في مجلة نيوإنغلاند للطب New England Journal of Medicine في مارس. والشركة إيلاي ليلي توسع تجربة جارية تأمل من خلالها بأن تؤكد هذه النتائج في عام 2023 بما سيسهل الحصول على موافقة الإدارة FDA. وأطلقت دراسة المرحلة الثالثة من الدواء ليكانيماب Lecanemab، وهو دواء جسم مضاد لمضاد أميلويد طورته شركتا بيوجين وإيساي معاً، في صيف 2020.

لكن هودز يشير إلى أن استراتيجيات علاج الألزهايمر تتنوع بسرعة تتجاوز معالجة الأميلويد فقط. إذ تستهدف الأساليبُ الأخرى الالتهابَ Inflammation، وتراكم بروتين آخر يسمى تاو Tau، والتشوهات الأيضية. ويأمل مؤيدو قرار الإدارة FDA  والمعارضون، على حد سواء،  بأن هناك المزيد من الخيارات الأفضل في الطريق.

 

©2021, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى