أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الدماغ

إشارات الدماغ “تتكلم” نيابة عن شخص مصاب بالشلل

خوارزمية تنتج كلمات وجملًا من النشاط العصبي

بقلم:    كيلي سيرفك

ترجمة: مي بورسلي

أفاد باحثون أن رجلاً فقد القدرة على الكلام؛ نتيجة لسكتة دماغية تعرض لها، قد تمكن من إنتاج جُمل بمساعدة نظام يقرأ الإشارات الكهربائية من مناطق إنتاج الكلام في دماغه. وقد استُخدمت هذه الطريقة سابقًا في المتطوعين من غير المصابين لإعادة بناء الجمل المنطوقة أو المتخيلة. ولكن هذا العرض الأول من شخص مصاب بالشلل “يعالج حقًا المشكلة الرئيسية التي تُركت للمعالجة في وقت لاحق – مما يقدّم خدمة للمرضى الذين يحتاجون إلى ذلك حقًا”، كما يقول كريستيان هيرف Christian Herff، الاختصاصي بعلم الحاسوب من جامعة ماستريختUniversity  Maastricht والذي لم يشارك في هذا العمل الجديد.

المشارك في التجربة مصاب بجلطة دماغية منذ أكثر من عقد من الزمن تسببت له بعسر نطق Anarthria، عدم القدرة على التحكم في العضلات الضرورية للكلام. ولأن أطرافه مشلولة أيضًا، فإنه يتواصل باختيار الحروف على الشاشة بتحريك رأسه حركات صغيرة، وينتج ما يقرب من خمس كلمات في الدقيقة. ولتمكين التواصل الأسرع والأكثر طبيعية، اختبر إدوارد تشانغ Edward Chang، جراح الأعصاب من جامعة كاليفورنيا University of California في سان فرانسيسكو طريقةً تعتمد نمذجة حوسبية تُعرف بخوارزمية التعلم العميق لتفسير أنماط نشاط الدماغ في القشرة الحسية الحركية Deep-learning algorithm to interpret patterns of brain activity in the sensorimotor cortex، وهي منطقة دماغية مشاركة في إنتاج الكلام (Science, 4 January 2019, p. 14). وقد اختبرت هذه الطريقة حتى الآن على عدد من المتطوعين زرعت فيهم أقطاب كهربائية جراحيًا لأسباب غير بحثية مثل مراقبة نوبات الصرع.

وفي الدراسة الجديدة، أزال فريق تشانغ جزءًا من جمجمة المشارك مؤقتًا ووضعوا صفيحة رقيقة من الأقطاب الكهربائية، ذات حجم أصغر من بطاقة الائتمان، مباشرة فوق القشرة الحسية الحركية Sensorimotor cortex . من أجل “تدريب” خوارزمية حاسوبية لربط أنماط نشاط الدماغ ببداية الكلام وبكلمات معينة، احتاج الفريق إلى معلومات موثوق بها حول ما ينوي الرجل قوله ومتى.

لذلك قدم الباحثون مرارًا وتكرارًا واحدة من 50 كلمة على الشاشة وطلبوا إلى الرجل أن يحاول نطقها. وبمجرد أن تدربت الخوارزمية على بيانات مهمة الكلمات الفردية، حاول الرجل قراءة جمل مبنية من المجموعة نفسها المكونة من 50 كلمة، مثل “أحضر نظارتي، من فضلك”. ولتحسين تخمينات الخوارزمية، أضاف الباحثون مكون معالجة Processing component يسمى نموذج اللغة الطبيعية Natural language model، والذي يستخدم متواليات الكلمات الشائعة للتنبؤ بالكلمة التالية المحتملة في الجملة. وبهذه الطريقة، أخطأ النظام في 25% فقط من الكلمات، كما ذكروا في مجلة نيو إنغلاند الطبية The New England Journal of Medicine. هذا “مثير للإعجاب”، كما تقول ستيفاني ريس كورنو Stephanie Riès-Cornou، الاختصاصية بعلم الأعصاب من جامعة ولاية سان دييغو.

نظرًا لأن الدماغ يعيد تنظيم نفسه بمرور الوقت، فلم يكن من الواضح ما إذا كانت مناطق إنتاج الكلام ستعطي إشارات قابلة للتفسير بعد أكثر من عشر سنوات من عُسر النطق، كما تلاحظ آن-ليز غيرود Anne-Lise Giraud، الاختصاصية بعلم الأعصاب من جامعة جنيف University of Geneva. وتقول إن الحفاظ على الإشارات “مذهل”. ويقول هيرف إنّ الفريق خطا خطوة “هائلة” بتوليد جمل عندما كان الرجل يحاول التحدث بدلاً من بيانات الدماغ المسجلة سابقًا مثلما تحقق في معظم الدراسات.

يقول تشانغ إنه يؤيد الطريقة الجديدة، إذ يمكن للرجل أن ينتج جملًا بمعدل يصل إلى 18 كلمة في الدقيقة. وهذا مشابه تقريبًا للسرعة التي حققها ربط آخر بين الدماغ والحاسوب، والذي وصف في مجلة نيتشر Nature في مايو. وهذا النظام فك ترميز الأحرف الفردية من النشاط في منطقة الدماغ المسؤولة عن تخطيط حركات اليد بينما كان الشخص المصاب بالشلل يتخيل الكتابة اليدوية. ولا تزال هذه السرعات بعيدة عن 120 إلى 180 كلمة في الدقيقة النموذجية للمحادثة باللغة الإنجليزية، كما تشير ريس كورنو، لكنها تتجاوز بكثير ما يمكن للمشارك تحقيقه بجهازه الذي يتحكم فيه بتحريك رأسه.

ويشير تشانغ إلى أن النظام ليس جاهزًا للاستخدام في الحياة اليومية بعد. ولكن، ستشمل التحسينات المستقبلية توسيع ذخيرتها من الكلمات وجعلها لاسلكية، بحيث لا يكون المستخدم مرتبطًا بحاسوب بحجم ثلاجة صغيرة تقريبًا.

©2021, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى