أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم البيئية

حالة النيتروجين الطارئة: كيف نعالج أزمتنا البيئية المنسية

يسمم تلوث النيتروجين مياهنا ويسدُّ هواءنا – ويفاقم المشكلات البيئية الأخرى. ولكن إذا نظمنا أمورنا الآن، يمكننا المقاومة قبل فوات الأوان

بقلم: أندرو زاليسكي

ترجمة: عبد الرحمن أياس

هناك غاز غير مرئي في الغلاف الجوي للأرض يغذي أزمة بيئية. ويزداد الضرر سوءاً كل عام. وإذا تُرِكت الأمور من دون رادع، نتجه نحو كارثة عالمية. وإليكم الشيء الأكثر إثارة للقلق حول هذا الغاز: هو ليس ثاني أكسيد الكربون.

يُعتقَد عادة أن النيتروجين من المواد غير المؤذية؛ ففي نهاية المطاف، تشكل هذه المادة عديمة اللون 78% من الغلاف الجوي للأرض. وعندما تشعرون بنسيم منعش على خدّيكم، تكون جزيئات النيتروجين في الأغلب تمر بهما. فنظمنا الإيكولوجية تدير النيتروجين إدارة طبيعية من الهواء إلى داخل تربتنا وإلى خارجها، حيث تكون هي المغذيات الأساسية للنباتات. والمشكلة هي أن هذه الدورة صارت الآن غير منتظمة على نحو خطير بسبب النشاط البشري. والنتيجة هي أن الأشكال الضارة من النيتروجين تُغرق البيئة الأوسع.

“يعتقد عادة أن النيتروجين غير مؤذٍ؛ فهو في نهاية الأمر يشكل 78% من الغلاف الجوي”.

كانت بعض آثار هذه الأزمة واضحة منذ زمن. فقد عرفنا منذ فترة طويلة، مثلاً، أن التلوث الناجم عن المُركّبات الحاملة للنيتروجين يدفع الطحالب إلى الازدهار Blooms؛ مما يخنق الممرات المائية. ولكن هناك تأثيرات أخرى صارت الآن موضع اهتمام أيضاً، مثل الطريقة التي يَقتل بها التلوث بالنيتروجين مستنقعات الخث Peat bogs. كما أن مركّبات النيتروجين تضر بالتوازن الدقيق للغلاف الجوي.

وكشف فريق تابع للأمم المتحدة شُكِّل لتقييم المشكلة عن مدى سوء الأمور. ففي الواقع، تلوث النيتروجين هو واحد من أكثر الأزمات التي نواجهها سوءاً. وهناك طرق يمكننا من خلالها إخراج أنفسنا من هذه الحفرة – لكنها ستشمل تغييرات بالجملة في كيفية زراعة محاصيلنا.

تعتمد كل الحياة على الأرض على النيتروجين. فمعظم المكونات الكيميائية الحاسمة لأجسامنا، من البروتينات في أظافرنا إلى الحمض النووي DNA في قلب كل خلية، تتضمن هذا العنصر. ولكن، على الرغم من أن غاز النيتروجين موجود في كل مكان من حولنا، فإنه غير مفيد كمادة خام للكائنات الحية في هذا الشكل. فجزيئات النيتروجين في الغلاف الجوي تتكون من ذرتين من النيتروجين تضمهما رابطة ثلاثية قوية جدا، ما يجعل من الصعب التلاعب بها كيميائياً.

تتطلب الحياة وجود النيتروجين في شكل أكثر تفاعلاً، أي في مركّبات ذات روابط أضعف. وتحصل الحيوانات على هذه المركّبات من طعامها، لكن المركّبات تدخل في البداية السلسلة الغذائية على اليابسة من خلال عمليتين طبيعيتين رئيسيتين. الأولى، بالاعتماد على بكتيريا تعيش مترابطة بجذور النباتات البقولية مثل البازلاء. وتمتص هذه الكائنات الحية الدقيقة جزيئات النيتروجين من الهواء وتستخدم آليات كيميائية حيوية خاصة لفك تلك الرابطة الثلاثية. وبعد ذلك تجمع بين ذرات النيتروجين الناتجة والهدروجين لتشكيل الأمونيا في عملية تسمى تثبيت النيتروجين Nitrogen fixation. وبعد ذلك تحول بكتيريا أخرى الأمونيا إلى أيونات النيترات Nitrate ions، والتي يمكن للنباتات امتصاصها. والعملية الطبيعية الأخرى الوحيدة ذات القوة اللازمة لتثبيت النيتروجين هي الصعق بالبرق.

وهذا هو نصف دورة النيتروجين. وفي الوقت نفسه، تنفذ بكتيريا أخرى العملية في الاتجاه المعاكس، إذ تفكك المركّبات المحتوية على النيتروجين في النباتات والحيوانات النافقة وتطلق غاز النيتروجين مرة أخرى إلى الغلاف الجوي. وفي عالم خالٍ من التدخل البشري، يُعتقَد أن الدورة ينبغي أن تتوازن تقريباً.

وعلى مدى قرون، لاحظ المزارعون أن النباتات تميل عموما إلى النمو نموًا أفضل إذا أُعِدَّت التربة مع كثير من السماد الغني بالمغذيات. لذلك أدخلوا هذه الأسمدة الطبيعية وزرعوا البقوليات، بفضل البكتيريا التكافلية المثبتة للنيتروجين Symbiotic nitrogen-fixing bacteria فيها، بالتناوب مع محاصيل أخرى.

 ففي أوائل القرن العشرين بدأت المشكلة عندما ابتكر العالمان الألمانيان فريتز هابر Fritz Haber وكارل بوش Carl Bosch وسيلة صناعية لحصاد غاز النيتروجين من الهواء وتحويله إلى أمونيا. ووُلِدت الأسمدة الاصطناعية الحديثة. وأُعلِن عن الوسيلة في الأصل كقصة نجاح بسبب كل الطعام الإضافي الذي ساعدت على زراعته. واليوم، تسمح لنا إضافة الأسمدة القائمة على النيتروجين إلى التربة الفقيرة بإطعام بليوني شخص كانوا ليجوعوا بخلاف ذلك.

ولكن عملية هابر Haber process، كما يُطلق على العملية الكيميائية، لها سلبيات كبيرة عندما تُطبق على نطاقات صناعية. والشروط المطلوبة صعبة – درجة حرارة تساوي 450 ْ س وضغط يساوي نحو 200 ضعف ذلك على سطح الأرض. وهذا يبتلع كميات هائلة من الطاقة: في أنحاء العالم كلها، تتحمل عملية هابر المسؤولية عن 1% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون البشرية، وهي تعادل نسبة انبعاثات المملكة المتحدة بأكملها تقريباً.

والأسوأ من ذلك، أن الأمونيا الإضافية كلها التي تُنتَج أخلت بتوازن دورة النيتروجين اختلالا كبيرا. ولمعرفة مدى سوء الأمر، يساعد على ذلك التفكير في مفهوم يُسمَّى حدود الكوكب Planetary boundaries. والفكرة هي أن تسعة نظم بيئية حاسمة – مثل المياه العذبة وطبقة الأوزون – لا تحتاج إلى أن تتدهور كثيراً قبل أن تشكل خطراً وجودياً على البشرية. ودورة النيتروجين هي إحدى هذه النظم، وتشير أفضل التقديرات إلى عدم جواز وجود أكثر من 62 مليون طن من النيتروجين سنوياً مثبتة على اليابسة للبقاء من ضمن الحدود الآمنة. ومن المسلم به أن هناك قدراً كبيراً من عدم اليقين حول كمية النيتروجين التي تُثبِّتُها الطبيعة. ومع ذلك، من الواضح أننا تجاوزنا حدود الكوكب: اليوم، يُثبَت ما لا يقل عن 300 مليون طن من النيتروجين كل عام من خلال العمليات الطبيعية والاصطناعية على حد سواء. وتقول بيني جونز Penny Johnes، عالمة الكيمياء الحيوية من جامعة بريستول University of Bristol بالمملكة المتحدة: “لقد عطلنا تماماً التوازن بين مكان تثبيت هذه المغذيات وأشكال الحياة التي يمكنها الوصول إليها”.

الحاجة إلى إصلاح

قلة من يعرفون ذلك أفضل من مارك ساتون Mark Sutton من مركز المملكة المتحدة للبيئة والهيدرولوجيا UK Centre for Ecology and Hydrology، والذي يدرس التلوث بالنيتروجين منذ عقود من الزمن. وفي عام 2011 طلب إليه برنامج الأمم المتحدة للبيئة United Nations Environment Programme إجراء أول تقييم عالمي للمشكلة، وتحديد مدى سوئها، وما يمكن توقعه في المستقبل، وكيفية إصلاحها. وبعد بضع سنوات، صار ساتون رئيس مشروع تدعمه الأمم المتحدة يهدف إلى تطوير نظام دولي لإدارة النيتروجين International Nitrogen Management System (INMS).

وكان الهدف هو إنجاز آلية للنيتروجين تشبه ما أنجزه الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change  (اختصارا: الفريق IPCC) حول عملية إدارة ثاني أكسيد الكربون. ويستند ساتون وفريقه إلى الأبحاث القائمة لتحديد المدى الكامل للمشكلات الموثقة جيداً مثل التلوث بالأسمدة التي تتسرب إلى محيطاتنا. كذلك سلطوا الضوء على بعض المسائل التي لم تكن معروفة من قبل (انظر: خمس طرق يضر بها النيتروجين بكوكبنا). ويقول ساتون: “إن النظام الدولي لإدارة النيتروجين ليس من الضروري أن يثبت وجود تلوث النيتروجين. بل يجب عليه أن يخبرنا بالكيفية التي يمكن بها أن نجعل المجتمع العلمي العالمي يعمل معاً”.

وحدد الفريق IPCC هدفاً معترفاً به يتمثل بالحد من الاحترار العالمي Global warming بما لايزيد على 1.5 ْس بحلول عام 2100 مقارنة بدرجات الحرارة قبل الثورة الصناعية. وأراد ساتون وفريقه التوصل إلى دعوة حاشدة مماثلة لاستخدامها مع النيتروجين، لكنهما كانا يعرفان أنها ستكون صعبة سياسياً. ويتذكر أحد الاجتماعات في جامعة نيويورك New York University عام 2018، حيث جلس مع عدد قليل من خبراء النيتروجين لمناقشة الهدف الذي ينبغي أن يحددوه.

وأدركوا أن مطالبة العالم بخفض استخدام النيتروجين في الزراعة سيُقابَل بكثير من المقاومة، ولاسيما من قبل صناعة الأسمدة القوية. وفي النهاية، قرر العلماء بدلاً من ذلك الدعوة إلى خفض نفايات النيتروجين – إذ لا تستهلك المحاصيل ما يصل إلى 58% من النيتروجين الموجود في الأسمدة. وظنوا أن ترويج الفكرة سيكون أسهل. فمن سيعترض على خفض النفايات؟ وكانت هناك حاجة ماسة إلى ذلك. فالأبحاث التي أجرتها شين زانغ Xin Zhang -وهي تعمل الآن في جامعة ميريلاند University of Maryland- وزملاؤها تبين أن كفاءة استخدام النيتروجين انخفضت من 50% عام 1961 إلى 42% اليوم.

وفي أكتوبر 2019 عقدت الأمم المتحدة اجتماعا في كولومبو بسريلانكا لمناقشة مشكلة النيتروجين. وقبيل ذلك، كتب ساتون و150 زميلاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة يحضون على تبني فكرتهم عن وضع هدف لخفض النفايات.

ونجح الأمر. واعتمد الاجتماع إعلان كولومبو، وهو خريطة طريق لخفض نفايات النيتروجين إلى النصف بحلول عام 2030. ولكن مع تعهد 14 دولة فقط حتى الآن، لا يزال النيتروجين قضية ناشئة على الساحة الدولية. ويقول ساتون: “يبدو الأمر وكأن اتفاق باريس شجرة بلوط ضخمة عمرها 500 سنة، وإعلان كولومبو شتلة صغيرة”.

وهذا لا يعني أن تغير المناخ والمشكلات النيتروجينية يمكن علاجها  منفصلة. فالتلوث بالنيتروجين يجعل مجموعة من التحديات البيئية الأخرى أسوأ، من تلوث مياه الشرب إلى الضباب الدخاني Smog في المدن. ويقول ديفيد كانتر David Kanter، نائب رئيس المبادرة الدولية للنيتروجين International Nitrogen Initiative: “إذا لم نتعامل مع تحدي النيتروجين، يكون التعامل مع أي تحد بيئي أو صحي بشري آخر أصعب بكثير”.

“إذا لم نتعامل مع النيتروجين، يكون التعامل مع أي تحدٍ بيئي آخر أصعب بكثير”.

لنأخذ بعين الاعتبار أكسيد النيتروز Nitrous oxide، وهو منتج ثانوي غازي لإزالة النيتروجين Denitrification ينتج بفعل بكتيريا التربة. وهو غاز دفيئة Greenhouse gas بتأثير يبلغ نحو 300 ضعف تأثير الاحترار من ثاني أكسيد الكربون. ويجري إنتاج مزيد من ذلك إذ نضع أكثر مما ينبغي من الأسمدة في التربة. ويقول كانتر إن إبقاء الاحترار العالمي تحتد هدف الفريق IPCC البالغ 1.5 ْس لن يكون ببساطة ممكناً ما لم نفعل شيئاً حيال مشكلة النيتروجين.

والمخرج هذه الفوضى هو إدارة أكثر ذكاء للأسمدة، وهي أسوأ مصدر للتلوث بالنيتروجين إلى حد بعيد. فالعديد من المزارعين يغطون حقولهم بالأسمدة عدة مرات في كل موسم زراعي. وهذا يضمن عائداً كبيراً – لكن أيضاً كثيراً من نفايات النيتروجين.

ولكن هناك خيارات أفضل موجودة بالفعل. مثلا سماد “النيتروجين الذكي” Smart nitrogen الذي تنتجه شركات مثل نوتريين Nutrien. هو يأتي ككريات من النيتروجين مغطاة ببوليمر. ويرشح الماء عبر الحبيبة، يفذوب النيتروجين، الذي يتسرب بعد ذلك تدريجياً. ويغذي المحاصيل بالتنقيط بإمدادات تدريجية، ويضمن امتصاص كمية أكبر وتسرب كمية أقل.

ولكن الأسمدة الذكية مكلفة جدا بالنسبة إلى معظم المزارعين، ويجرب بعض الناس تكنولوجيا بسيطة تُسمَّى الوضع العميق لليوريا Urea deep placement. فاليوريا هي سماد النيتروجين مستخدم على نطاق واسع ورخيص. وعيبه هو أنه بمجرد تطبيقه، يتحول بسرعة إلى أمونيا تتراكم في التربة ويفر غاز الأمونيا إلى الهواء.

وينطوي نهج الوضع العميق على دفع حبيبات اليوريا إلى مسافة أعمق بكثير في التربة. وهذا يعني أن مع تحول اليوريا إلى أمونيا، تكون قريبة بالفعل من الجذور ويمكن امتصاصها بسهولة أكبر.

ويجري المركز الدولي لتطوير الأسمدة  Fertilizer Development Center (اختصارا: المركز IFDC) ، وهو منظمة عالمية غير ربحية، تجارب ميدانية على الاستراتيجية في بلدان من بينها غانا والهند ورواندا وفيتنام. ويقول باحثوه إن المزارعين المشاركين في التجارب يحققون كفاءة في استخدام النيتروجين بنسبة 80%. وتقول لاذا ناغاراجان Latha Nagarajan من المركز: “إن الأمر الوحيد الأكثر أهمية من حيث تعزيز كفاءة المغذيات هو السيطرة على النيتروجين”.

وفي الأماكن الأكثر ثراء، تعد الثورة الزراعية الدقيقة بمكافآت أكبر. والفكرة هي استخدام الأقمار الاصطناعية والدرونات (الطائرات من دون طيار) وأجهزة الاستشعار عن بعد للحصول على صورة دقيقة عن كيفية أداء المحاصيل والتربة. هل تحتاج هذه الزاوية من الحقل إلى بضعة غرامات إضافية من النيتروجين؟ هل ستستفيد هذه الرقعة من مزيد من الماء؟ يمكن للمزارعين المسلحين بهذه المعلومات أن يعطوا كل منطقة ما تحتاج إليه بالضبط. وفي أقصى صورة تطبيق هذا النهج، تقوم الروبوتات المزوَّدة بالبيانات بالزراعة بينما يراقب البشر من بعيد. وهذا يمكن أن يكون محورياً بالنسبة إلى التلوث بالنيتروجين، وفق جونز.

وتستخدم إحدى الشركات الأمريكية، واسمها بيرسيجن هوك PrecisionHawk، درونات لتفتيش المحاصيل من فوق. وتلاحظ كاميراتها على الفور علامات الآفات أو الإجهاد، وهو مؤشر على أن هناك حاجة إلى مزيد من الأسمدة. ووجدت الشركة أن خلال الموسم الزراعي عام 2016، وفر مزارعو الذرة الذين يستخدمون النظام أربعة دولارات للهكتار من سماد النيتروجين، ما يعني أنهم اشتروا واستخدموا كميات أقل.

ولعل الحل الأكثر طموحاً هو إعادة تصور ما فعله هابر وبوش قبل تلك السنوات كلها. فبدلاً من استخراج النيتروجين من الهواء بكميات صناعية ونشره في الحقول، هل يمكننا تحويل غاز النيتروجين إلى الأمونيا في المكان والزمان المناسب للنباتات؟ لقد بدأ عدد كبير من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية يقول إن الإجابة هي نعم.

جذر المشكلة

يمكن أن تشكل البكتيريا العادية المثبتة للنيتروجين فقط علاقات تكافلية مع بعض النباتات، مثل فول الصويا والبقوليات. ولكن شركات مثل بيفوت بيو Pivot Bio في كاليفورنيا تعيد هندسة هذه البكتيريا حتى تتمكن من أن تعمل مع محاصيل أخرى، مثل القمح. ويرش المزارعون البكتيريا على البذور قبل زراعتها. وبعد الإنبات، تعيش البكتيريا تكافليا مع جذور النبات وتثبت النيتروجين في العناصر الغذائية التي يمكن للجذور امتصاصها. وأجرت الشركة تجارب ميدانية على نظامها عام 2018 في 47 ولاية أمريكية، وقارنت المحصول من الحقول المعالجة بمنتجها وبأسمدة اصطناعية عادية. وأظهر ذلك أن الحقول المعالجة بالبكتيريا تنتج محصولاً للهكتار الواحد يزيد بنحو 480 كيلوغراماً على المحاصيل المعالجة بالأسمدة العادية.

إنها العلاقة التكافلية بين البكتيريا والجذور التي تبدو حاسمة. ويقول ريتشارد بروغلي Richard Broglie من بيفوت بيو: “تظهر بياناتنا أن الميكروبات تنتج النيتروجين في الوقت الذي تطلب فيه الذرة ذلك النيتروجين. والنتيجة هي أن النيتروجين تمتصه التربة بسرعة أكبر، ما يترك مجالاً أقل للتسرب إلى المجاري المائية أو الهواء. وتعمل العديد من الشركات الناشئة الأمريكية الأخرى في هذا المجال، مثل جوين بيو Joyn Bio في بوسطن وإنترينسيكس بيو Intrinsyx Bio في وادي السيليكون.

كل هذه الأساليب ستحد إلى حد ما من التلوث بالنيتروجين. و في تقرير للأمم المتحدة نشر في ديسمبر 2020، يدفع النظام الدولي لإدارة النيتروجين بـ76 فكرة للحد من نفايات النيتروجين. ولكن مزيج التدابير التي ستكون أكثر جدوى وفاعلية في أي مكان معين غير معروف حتى الآن؛ إن نوع التربة والعديد من العوامل الأخرى كلها تحدث فارقاً. وفي الوقت الراهن، الأمر متروك للمزارعين والحكومات لتقرير أفضل الطرق.

وفي الوقت نفسه، يحرص ساتون على حشد الدعم لهدف خفض نفايات النيتروجين إلى النصف بحلول عام 2030. وسيتوقف تحقيق ذلك إلى حد كبير على تأييد البلدان للنظام الدولي لإدارة النيتروجين بحلول عام 2022، عندما ينتهي تمويله من الأمم المتحدة. وبحلول ذلك الوقت، الأمل هو بأن يكون ما يسميه ساتون “عراب التلوث” Godfather of pollution على جدول الأعمال العالمي.

 

خمس طرق يضر بها النيتروجين بكوكبنا

  1. المناطق الميتة في المحيطات

يمكن للأمطار أن تجرف النيترات إلى المجاري المائية والمحيطات. وهذا التلوث بالنيتروجين يغذي تكاثر الطحالب التي تمتص الأكسجين في حين تتحلل، وخنق الحياة المائية. والنتيجة هي “منطقة ميتة” مائية، يوجد منها أكثر من 400 منطقة في محيطات العالم، بما في ذلك منطقة ضخمة في خليج المكسيك.

  1. تلوث الهواء

تنبعث من السيارات ومحطات توليد الطاقة أكاسيد النيتروجين، وهي واحدة من السلائف الرئيسية لنوع من تلوث الهواء يُسمى التلوث بالجسيمات الدقيقة Particulate matter. وقد تدخل هذه الجسيمات الصغيرة إلى رئتينا بالتنفس، حيث تسبب تلف الأنسجة المرتبط بمجموعة من المشكلات الصحية.

  1. تحمض التربة

النيترات نفسها التي يمكن أن تتسلل إلى الممرات المائية يمكن أيضاً أن تسحب المغذيات الرئيسية من التربة، بما في ذلك المغنيسيوم والكالسيوم. وهذا يمكن أن يجعل التربة حمضية جداً، فتكون النباتات غير قادرة امتصاص المقدار الضروري لها.

  1. استنفاد الأوزون

يقلل ارتفاع مستويات تلوث الأمونيا من حمضية الهواء. وتعتمد بعض الموائل، مثل مستنقعات الخث، على أن يكون الهواء حمضياً قليلاً. وفي أيرلندا الشمالية، تتسبب هذه المشكلة في تدهور مستنقعات طحالب الخث، وهي مخزن رئيسي لثاني أكسيد الكربون.

  1. الهواء القلوي

يمكن تحويل النيترات الزائدة بواسطة البكتيريا إلى غاز أكسيد النيتروز. وعلى ارتفاعات عالية يتفاعل هذا مع الأشعة فوق البنفسجية ويتلف طبقة الأوزون التي تحمينا من الأشعة فوق البنفسجية. ومن الصعب إصلاح هذا الضرر، لأن عمر أكسيد النيتروز يبلغ 120 سنة.

© 2021, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى