أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ملف خاص

حَلَلَ العلماءُ أفضلَ وأسوأ المدنِ من  حيث القدرة على التنقلِ

بقلم: أليس كلين

ترجمة: محمد الرفاعي

يؤثرُ تصميمُ الشوارعِ تأثيراً كبيراً في اختيارِ الأشخاصِ قيادةَ العرباتِ أو التنقلَ سيراً على الأقدام، وذلك وفقاً لأول تحليلٍ عالمي لترابطيةِ الشوارعِ. ويمكن للمخططين الحَضريين استخدامُ النتائجِ لتصميمِ مدنٍ ذات بصمة مُناخيةٍ أقل.

   قيَّمَ كريستوفرُ بارينغتون- لي Christopher Barrington-Leigh، من جامعة مِكغيل McGill University في كندا، وآدم ميلارد بول Adam Millard-Ball، من جامعة كاليفورنيا University of California في سانتا كروز Santa Cruz، ترابطيّةَ شبكاتِ الشوارعِ في مدنٍ مختلفةٍ بِعَدِّ التقاطعاتِ، والشوارعِ التي تتفرعُ عن كل تقاطعٍ، والطرقِ المسدودةِ والطرق الدائرية، وبقياسِ استقامةِ المساراتِ بين كل تقاطعٍ. فقد أجروا هذا التحليل على الـ 46 مليون كم من الطرقِ على الخريطةِ العالم.

   تظهرُ النتائجُ أن المدنَ ذات أنماطِ الشوارعِ الشبيهةِ بالشبكةِ، مثل بوينس آيرس Buenos Aires، والإسكندرية Alexandria، وأوساكا Osaka، وتايبيه Taipei، تتمتعُ بأفضلِ ترابطيّةٍ. وقد سجَّلَتْ المدنُ الأوروبيةُ القديمةُ مثل باريس Paris وفيينا Vienna نتائجَ جيدةً أيضاً -مع أنّ تقاطعاتِها تميلُ إلى أن تكون غير منتظمةٍ، وثلاثيةَ الاتجاهاتِ بدلاً من رباعية الاتجاهاتِ -لأنها لا تزال تشكلُ شبكاتٍ عاليةَ الترابطيةِ.

   ومن جانب  آخرِ، فإن المدنَ التي تُفَضِّلُ الطرقَ المسدودةَ والشوارعَ الهلاليّة -مثل رالي Raleigh، ومانشستر Manchester، وبانكوك Bangkok -هي الأقلُ ترابطيةً لأن شوارعها المتعرجةَ والمسدودةَ تخلقُ جزرَ ضواحٍ مُفَكَكَةً.

   نظراً إلى أن الشوارعَ جيدة الترابطيّة تُسَهِلُ المشي، وركوبَ الدراجاتِ، والوصولَ إلى وسائلِ النقلِ العامِ، تميلُ المدنُ التي تتمتعُ بقدرٍ أكبرَ من ترابطيّة الشوارعِ إلى أن تكونَ معدلاتِ ملكيةِ سياراتٍ فيها مُنْخَفِضَةٍ وبوجود نسبٍ أعلى من الأشخاص الذين يمشون إلى العمل.

   يقول بارينغتون-لي إن هذا يشيرُ إلى أنّ الطريقةَ التي نُصَمِمُ بها المساحاتِ الحَضريةَ الآن ستكون ذات تأثيراتٍ طويلةِ المدى في استخدامِ السياراتِ وانبعاثاتِ غازاتِ الدفيئة Greenhouse gas، لأنه بمجردِ أن تُشَقَّ الشوارعُ، فإنها ستكون “ثابتة” بصورةٍ أساسيةٍ. ويقول: “إنّ الاختيارَ المُتَعَلِقَ بترابطيّة الشوارع في مشروعات العمران الجديدةِ هو أحدُ أكبرِ الاستثماراتِ ذات الصلة بالمناخ التي تَستَثمِرُها البشريةُ، ومع ذلك فقد تم تجاهلها بشدة”.

 

ترابطيّةُ مدن العالم

مدنٌ جيدةُ الترابطية

بوينس آيرس، الخرطوم Khartoum، هونغ كونغ Hong Kong، برلين Berlin، فيينا، مدريد Madrid، طوكيو، الإسكندرية، بودابست Budapest، تايبيه، سيول Seoul، أوساكا، مراكش Marrakech، كراتشي Karachi، سانت بطرسبرغ St Petersburg، سانتياغو Santiago، مونتريال Montreal، باريس

مدن متوسطة الترابطية

لندن London، نيويورك New York، سيدني Sydney، أوكلاند Auckland

مدن سيئة الترابطيّة

بانكوك، رالي، مدينة هوشي منه Ho Chi Minh City، مدينة غواتيمالا Guatemala City، تيوانا Tijuana، مانيلا Manila، بلغراد Belgrade، مانشستر، لوس أنجلوس Los Angeles، هيوستن Houston، أكرا Accra، غينزفيل Gainesville، كليفلاند Cleveland

   يقول بارينغتون-لي إنّ إعطاءِ الأولويةِ لترابطيّةِ الشوارعِ في مشروعات العمران الجديدةِ في الولايات المتحدة سيقللَ انبعاثاتِ السياراتِ في عام 2050 بنسبة 9%.  ويقول إنه من المرجحِ أن تكونَ التأثيراتُ أكبرَ في أماكنَ مثل الصين والهند، حيث تُبنى مدنٌ بكاملها من الصفر. وعموماً، ستتضاعفُ المساحةُ الحضريةُ في جميع أنحاء العالم ثلاث مراتٍ بين عامي 2000 و2030.

   يقول بارينغتون-لي إن ترابطيّةَ الشوارعِ الجيدةَ قد تُقَلِلُ أيضاً الانبعاثاتِ المُناخيّة؛ لأنها تُسَهِلُ على الأشخاصِ التجمُّعَ ومشاركةَ المواردِ. ويقول: “لكن، على النقيض من ذلك، إذا كنْتَ تعيشُ في جحيمِ الطرقِ المسدودةِ في الضواحي، فمن الصعب الوصولُ إلى أيّ مكانٍ، لذلك قد يكون لديك حوضَ سباحةٍ في فنائِكَ الخلفي بدلاً من الذهابِ إلى مسبحٍ محليّ عامٍ، أو غرفة سينما في سردابك بدلاً من الذهاب إلى السينما، أو ثلاجة كبيرةٌ لأنك لا تستطيعُ التسوق بمعدل متكرر”.

   تاريخياً، كانتْ شبكاتُ الشوارعِ مثاليةً في روما القديمة والصين؛ لأنها سهَّلَتْ النقلَ الفعالَ للأشخاصِ والبضائعِ. و في القرن العشرين صارَتْ الطرقُ المسدودةُ شائعةً في الولاياتِ المتحدةِ والمملكةِ المتحدةِ حين أتاحَتْ السياراتُ انتشارَ الأشخاصِ، واعتقدَ المخططون أنهم سيخلقون ملاذاتٍ آمنةً للأطفالِ “للعبِ هوكي الشوارع أو الركضِ إلى جيرانهم”، بحسب قول بارينغتون-لي. ومع ذلك، تُظْهِرُ الأبحاثُ أن الأشخاص في الواقع أكثرُ عرضةً للدهسِ والموتِ في الطرقِ المسدودةِ مقارنةً بالشوارعِ الشبيهةِ بالشبكةِ، ربما لأنهم أَقَلُّ حذراً ولأن الطرقَ المُنحنيةَ تجعلُهم أقلَ وضوحاً للسائقين.

© 2021, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى