أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
كتب

تاريخ مختصر للتوقيت: كتاب جديد يستكشف كيف نقيس الوقت

:A Brief History of Timekeeping

The science of marking time, from

Stonehenge to atomic clocks

المؤلف: Chad Orzel.

منشورات: Oneworld Publications

كيف استطاع البشر إحراز التقدم في مجال قياس الوقت من استخدام علامات الانقلاب الحجري Stone solstice markers وصولاً إلى الساعة الذكية التي تستطيع قراءة هذه المراجعة من خلالها؟

في كتاب تاريخ مختصر للتوقيت A Brief History of Timekeeping، يوجه تشاد أورزيل، الفيزيائي ومؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً كيف تعلم كلبك فيزياء الكمHow to Teach Quantum Physics to Your Dog، شغفه بالسفر عبر الزمن إلى ما هو أكثر واقعية: كيف استطاع البشر قياس الوقت عبر العصور.

قد تبدو سطوة الوقت وسيطرته علينا ظاهرة حديثة نسبياً، لكن أورزيل يجادل في أنه لطالما كان الأمر كذلك، فهو: «أحد الشواغل الرئيسية في كل عصر ومكان نجد فيه دليلاً على وجود البشر».

على سبيل المثال، بفضل عمليات التنقيب التي جرت في ستينات القرن العشرين في أحد المواقع في شرق أيرلندا، اكتشفنا أن مقبرة نيوغرانغ Newgrange التي يبلغ عمرها 5200 عاما بنتها مجموعة من الأفراد ذات معرفة فلكية كافية مكنتهم من إنشاء فتحة تسمح بتركيز شعاع من الضوء على الجزء الخلفي من الغرفة عند شروق الشمس خلال الانقلاب الشتوي Winter solstice. كما يؤكد أورزيل أن معرفة حركة النجوم ما زالت عنصراً أساسياً في عملية فهمنا للوقت حتى يومنا هذا. فعلى سبيل المثال، يوضح لنا السبب وراء تغير مواعيد الأعياد الدينية كل عام. إضافة إلى ذلك، يعتبر التقويم أيضاً مفهوماً اجتماعياً، فهو يمثل عملية توازن دقيقة بين الحركة النجمية والبيروقراطية والطقوس والدين. وتمثل القفزة الليلية من الأربعاء 2 سبتمبر إلى الخميس 14 سبتمبر عندما اعتمدت بريطانيا العظمى التقويم الغريغوري Gregorian calendar في 1752 مثالاً على ذلك.

يوازن أورزيل بين ولعه بالماضي بازدرائه للمفاهيم الخاطئة الحديثة عن الوقت. فهو يحذر بشدة من نظرية الأرض المسطحة التي روَّج لها مشاهير كُثُر مثل لاعب كرة السلة كايري إيرفزينغ، ويعتبرها نظرية مؤامرة تتسبب في التشويش على الجغرافيا ودروس علم الفلك في المدارس.

كما يشعر بالأسف تجاه العصور السابقة لأنها لا تكون محلاً للانتباه من قبل الجمهور إلا عند وقوع حدث درامي فقط، مثل نبوءة شعب المايا التي تنبأت بنهاية العالم في 21 ديسمبر 2012 ولاقت انتشاراً واسعاً. يقول أورزيل إن أصل هذه النبوءة يعود إلى قراءة خاطئة في نظام تقويم المايا، لكن على الأقل، تسببت هذه النبوءة في زيادة وعي الكثيرين حول نظام المايا الرائد القائم على نظام العد العشريني.

ينتقل أورزيل بالوقت إلى الأمام والخلف خلال صفحات الكتاب، ويقدم إلينا رسوماً توضيحية لساعات مذهلة صارت في طي النسيان. يشرح لنا أورزيل كيف استخدمت ساعات المياه الأثينية للتحكم في الوقت المسموح للتحدث في المحاكم القانونية،

وكيف صار برج المياه الصيني في القرن الثاني عشر والذي صممه سو سونج أساساً للساعة الميكانيكية الحديثة، وذلك من خلال استخدام نظام من المجارف، والكرات البرونزية، وأثقال الموازنة، والأهم من ذلك كله، واجهة Face مُرقَّمة. بعد ذلك جاءت في أعقابها ساعات ميزان الساعة ذات القضيب؛ يوضح أورزيل كيف أفسحت هذه الساعات الطريق لـ البندول؛ مما أدى إلى تقليل عدد الدقات المفقودة يومياً من عدة ساعات إلى دقائق فقط.

لا يتضاءل حجم حماسة المؤلف مع انتقاله إلى العصر الرقمي، فيشرح لنا كيف تسببت ساعات المعصم المصنوعة من الكوارتز في «دمقرطة» الوقت وصارت بمثابة «شوكة رنانة» مؤقتة للجماهير، كما يوضح أن الكثير من أجهزتنا الحديثة يتزامن مع ساعات السيزيوم الذرية للوصول إلى أفضل مستوى من الدقة في تحديد الوقت.

كذلك، يتأمل أورزيل بالكيفية التي قد تدفع بها أجهزة الحاسوب الكمية Quantum computers في الغد علماء الفيزياء إلى النقاش حول التقسيم العشري للوقت. سبق وعرضت هذه المحاولة بالفعل، وكان آخرها من قبل العالم الموسوعي الفرنسي في القرن التاسع عشر جول هنري بوانكاريه Jules Henri Poincaré، الذي دعا إلى تقسيم اليوم إلى 100 دقيقة مكونة من 100 ثانية. بالطبع سيكون هذا محيراً لجيلٍ بكامله، ولكن طبقاً لكتاب أورزيل، لن يتوقف الوقت وطرق قياسه أمام أي شخص.

بقلم جورج باس

ترجمة إيمان فاروق

 .2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC©

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى