أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أخبار العلوم

بطاريات حرارية يمكنها تعزيز الطاقة الخضراء

قفزة في كفاءة مكوَن رئيس تبعث الآمال في تخزين الطاقات المتجددة على شكل حرارة

كيف يمكنك تعبئة الطاقة المتجددة عندما لا تشرق الشمس ولا تهب الرياح؟ هذا هو أحد أهم الأسئلة الصعبة التي تقف عائقاً في سبيل إيجاد شبكة كهربائية أكثر اخضرارا. ويتمثل أحد الأجوبة ببنوك البطاريات الضخمة Massive battery banks.  لكنها مكلفة، وفي أحسن الأحوال فإنها تخزَن الطاقة لساعات قليلة، وليس لأيام عديدة من الطقس الغائم أو الهادئ. وتتمثل استراتيجية أخرى باستخدام الطاقة الفائضة لتسخين كتلة كبيرة من المادة إلى درجات حرارة عالية جداً، ثم استخدامها عند الحاجة. في الأسبوع الثاني من أبريل 2022 أعلن باحثون عن تحسين مهم في جزء رئيس من هذا المخطط: جهاز لتحويل الحرارة المخزنة إلى كهرباء مرة أخرى.

حقق فريق من معهد ماساشوستس للتقنية Massachusetts Institute of Technology  (اختصارا: المعهد MIT) والمختبر الوطني للطاقات المتجددة National Renewable  Energy Laboratory قفزة بنحو 30% في كفاءة شبه موصل كهروحراري Thermphotovoltaic  (اختصارا: الخلايا TPV)، وهو شبه موصل Semiconductor يحوَل الفوتونات المنبعثة من مصدر حراري إلى كهرباء، تماماً كما تحول خلية شمسية أشعة الشمس إلى طاقة. «إنه إنجاز مثير جداً»، كما يقول آندريج لينيرت Andrej Lenert ، وهو مهندس المواد في جامعة ميتشيغان أن آربرUniversity of Michigan Ann Arbor. ويستطرد قائلا: «هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها الخلايا TPVs  إلى مستويات واعدة من الكفاءة، وهوالأمر المهم في نهاية المطاف بالنسبة إلى العديد من التطبيقات». فهذا، وإضافة إلى تطورات أخرى كما يقول هو وآخرون، يدفع بقوة جهود إنتاج بطاريات حرارية على نطاق ضخم، كنظام دعم إضافي Backup رخيص لأنظمة الطاقة المتجددة.

الفكرة هي تحويل الكهرباء الفائضة من الرياح أو الشمس إلى عنصر تسخين Heating element الذي يرفع بدوره درجة حرارة حمام معدني سائل أو كتلة من الغرافيت إلى بضعة آلاف درجة سيليزية. ويمكن تحويل الحرارة إلى كهرباء مرة أخرى بتوليد بخار يحرك توربينًا (عنفة) Turbine، لكن هناك مقايضات. وترفع درجات الحرارة العالية كفاءة التحويل، لكن مواد التوربين تبدأ بالانصهار عند نحو1,500  °س. لذا، تقدم أشباه الموصلات TPVs بديلاً لذلك: حوِّل الحرارة المخزنة إلى سلك معدني Filament ، مما يجعله يشع تماماً مثل شريط التنغستين في مصباح ضوئي متوهج، ثم استخدم الخلايا TPVs لامتصاص الضوء الصادر وتحويله إلى كهرباء.

عندما اخترعت الخلايا TPVs الأولى في ستينات القرن العشرين، كانت تتمكن من تحويل نسبة بسيطة فقط من الطاقة الحرارية إلى كهرباء. تلك الكفاءة قفزت إلى نحو 30% في الععام 1980، وثبتت عند ذلك الحد منذ ذلك الوقت. أحد الأسباب هو أن التنغستين ومعادن أخرى تميل إلى إطلاق الفوتونات عبر طيف واسع، من فوق البنفسجي بطاقةٍ عاليةٍ إلى تحت الحمراء بطاقة منخفضة. ولكن أشباه الموصلات الكهروحرارية كلها – بما في ذلك الخلايا TPVs – هي قيد التطوير لأمثلة Optimize امتصاص الفوتونات ضمن مجال ضيق، مما يعني أن الترددات الأعلى من الضوء والأخفض من ذلك تذهب هدراً.

أما في الجهاز الجديد؛ فقد عدّل آسيغون هنري Asegun Henry -وهو مهندس ميكانيك من المعهد MIT- السلك الباعث Eemitter شبه موصل TPV نفسه. فالإعدادات Set-ups شبه موصلة TPV السابقة سخنت الباعثات إلى 1,400  °س، لتصل إلى أقصى تألقها ضمن مدى طول الموجة Wavelength range التي تمت أمثلة الخلايا  TPVs له. فقد هدف هنري إلى دفع درجة الحرارة إلى أعلى بـ 1,000  °س، إذ يبعث التنغستين عدداً أكبر من الفوتونات عند طاقات أعلى، مما يحسَن من تحويل الطاقة. لكن هذا يعني إعادة هندسة الخلاياTPVs  أيضاً.

خلية كهرو حرارية تحول حرارة شبيهة بحرارة موقد إلى كهرباء

 

بالتعاون مع باحثين في المختبر الوطني للطاقة المتجددة وضع فريق هنري أكثر من  عشرين طبقة رقيقة من أشباه موصلات مختلفة لتشكيل خليتين منفصلتين وضعت إحداهما فوق الأخرى. فالخلية العليا تمتص على الأغلب فوتونات الطيف المرئي وفوق البنفسجي، بينما تمتص الخلية السفلى على الأغلب الطيف تحت الأحمر. وتعكس صفيحة رقيقة من الذهب تحت الخلية السفلى فوتونات ذات طاقة منخفضة لا يمكن لأشباه الموصلات TPVs التقاطها. ويعيد التنغستين امتصاص تلك الطاقة، مما يمنع فقدانها. النتيجة كما نشر الفريق في الأسبوع الثاني من أبريل في مجلة نيتشر Nature هي خلية كهروحرارية ترادفية TPV tandem يمكنها تحويل %41.1 من الطاقة المنبعثة من سلك تنغستين عند درجة حرارة 2,400  °س إلى كهرباء.

يتطلع فريق هنري إلى طرق أخرى لتحقيق تحسينات أكبر. ففي عدد 8 أكتوبر عام 2020 من مجلة نيتشر ذكر لينيرت وزملاؤه مرآةً قادرة على عكس نحو 99% من الفوتونات تحت الحمراء غير الممتصة مرة أخرى إلى المصدر الحراري. ودمج المرآة في الخلايا TPVs المطورة من قبل فريق المعهد MIT قد يسفر عن دفعة كبيرة أخرى. إذ يقول هنرى:  «نعتقد أن لدينا طريقاً واضحاً للوصول إلى كفاءة تعادل 50%».

تصنع الخلايا TPVs من أشباه النواقل III-V، واسمها يشير إلى موقع عناصرها Elements الأساسية في الجدول الدوري Periodic table،  وسعرها أغلى من السيليكون المستخدم في في الخلايا الشمسية على الأسطح. لكن الأجزاء الأخرى من البطارية الحرارية -بما في ذلك الغرافيت- رخيصة. ففي ورقة علمية نشرت في عام 2019، حسب هنري وزملاؤه أن كفاءة بمقدار 35% في تحويل الحرارة إلى كهرباء Heat-to-electricity conversion ستجعل التقنية ذات جدوى اقتصادياً. صنَع الفريق أيضاً مضخات سيراميكية Ceramic pumps يمكنها التعامل مع المعادن السائلة فائقة حرارة فائقة الضرورية لحمل الحرارة حول نظام لتخزين الطاقة الحرارية على المستوى الصناعي. و كما يقول لينيرت: «لقد بنوا الأساس لتخزين الحرارة ونقلها عند درجات حرارة عالية كهذه».

أثار هذا التطور اهتماماً تجارياً. ففي عام 2016 أطلقت آنتورا اينيرجي Antora Energy في كاليفورنيا شركة للطاقة الحرارية. ويتطلع لينيرت وآخرون إلى إطلاق شركتهم الناشئة Start-up. وأطلق هنري مؤخراً مشروعاً  برأس مال استثماري Venture– ثيرمال باتيري كورب (شركة البطاريات الحرارية) Thermal Battery Corp. – لتحويل تقنية فريقه إلى مشروع تجاري، ويقدر أنها ستخزن الكهرباء بـ 10 دولارات للكيلو وات ساعة، وهي أقل من عشر تكلفة بطارية الليثيوم أيون المناسبة للتوصيل بالشبكة الكهربائية. «تخزين الطاقة على شكل حرارة يمكن أن يكون رخيصاً جداً»، حتى لعدة أيام كل مرة كما تقول ألينا لابوتين Alina LaPotin وهي طالبة دراسات عليا في المعهد MIT، والمؤلفة الأولى للورقة العلمية المنشورة في نيتشر.

يضيف هنري وآخرون أن أنظمة التخزين الحرارية تأتي على شكل وحدات صغيرة نمطية Modular، على النقيض من محطات توليد الطاقة بحرق الوقود الأحفوري التي هي أكثر كفاءة على المقاييس الضخمة، أي بالغيغا وات. «هذا يجعلها جيدة ايضاً لتزويد طاقة لقرية صغيرة أو لمحطة توليد طاقة كبيرة»، كما يقول أليخاندرو داتاس Alejandro Datas وهو مهندس كهرباء في جامعة بوليتكنيك Polytechnic University في مدريد – وأيضاً لتخزين الطاقة من مزارع شمسية ورياح بأي حجم. « هذا هو سر جمال النظام».

بقلم روبرت سيرفيس

ترجمة د. سعد الدين خرفان

2022, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved©

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى