أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أخبار العلوم

فطريات دنيا قد تكون المفتاح لنجاة النظام الإيكولوجي في عالم يزداد حرارة

الفطريات التي تُفكك مادة النباتات قد تحافظ على صحة الأنظمة الإيكولوجية، خاصة بعد موجات الجفاف

الفطريات الحمراء والبرتقالية والمرقطَة التي تنبت بعد هطول الأمطار تفعل أكثر من مجرد إضافة اللون على المشهد الطبيعي. فالفطريات التي تنتجها يمكن أن تحافظ على العالم الطبيعي منتجاً ومستقراً، وذلك وفقا لدراسة جديدة. بالفعل، قد تكون ضرورية لصحة النظام الإيكولوجي للأرض. كما يقول ماثياس ريلينغ Matthias Rilling، وهو عالم في إيكولوجيا التربة من جامعة برلين الحرة Free University of Berlin والذي لم يشارك في العمل.

هناك 70,000 نوع جديد من الفطريات، وتشمل الخميرة Yeast التي نستخدمها لتحضير الخبز، وكذلك العفن Molds والأشنات Lichens والفطريات Mushrooms وفطر كرسي العلجوم Toadstools وفطر الكرات المنفوخة Puffballs. كما تشمل أيضاً تنوعاً واسعاً من الكائنات الممرضة Pathogens، منها ما يسبب مرض قدم الرياضية Athlete’s foot في البشر، إلى تلك التي تتسبب في خسائر ببلايين الدولارات للقمح والذرة والمحاصيل الأخرى.

العديد من هذه الفطريات تعيش تحت الأرض، لكن الباحثين تقليدياً أوْلُوها القليل من الاهتمام. غير أن الايكولوجيين أدركوا خلال السنوات القليلة الماضية أن بعضها – مثل فطريات تربة تدعى مجتمعة ميكورايزا Mycorrhizae– تشكَل شبكة واسعة تحت الأرض توصل الأشجار بعضها ببعض، وتزودها بالمغذيات، مما يسمح للغابة بالازدهار.

هل من الممكن لفطريات ترابية أخرى أن تؤدي دوراً مماثلاً فوق سطح الأرض؟ لمعرفة ذلك، شارك مانويل ديلغادو باكويريزو Manuel Delgado-baquerizo وهو عالم متخصص بالأنظمة الايكولوجية من المجلس الوطني الأسباني للأبحاث مع زملاء له من حول العالم، جمعوا بطريقة ممنهجة عينات محلية من التربة وحلّلوها – وكذلك الفطريات التي تحتويها- لمشروعات مختلفة. بالمحصلة، حلل الفريق نحو 700 عينة من مناخات استوائية ومعتدلة وقطبية.

باستخدام الحمض النووي (الدنا) DNA، ميَز فريق ديلغادو باكويريزو نسبة فطريات التربة في كل موقع من حيث: الكائنات الممرضة والفطريات والمُحلِّلات (مثل العفن)، والفطريات التي تعيش داخل جذور النباتات. وفحص الباحثون أيضاً صور الأقمار الاصطناعية التي أظهرت مقدار البناء الضوئي Photosynthesis الذي يتم في كل منطقة – ومن ثم مقدار إنتاجية كل نوع نباتي– ومقدار التغير في تلك الإنتاجية خلال العقدين الأخيرين. «إنه مزيج ذكي من البيانات»، كما يقول ريلينغ Rilling.

وتكشّف نمط واضح. فعبر تنوع واسع من الأنظمة الإيكولوجية – من أراضٍ عشبية إلى غابات إلى صحارى- كلما زادت أنواع المُحلِّلات، بقيت الإنتاجية النباتية ثابتة بمرور الوقت، كما نشر ديلغادو باكويروزو وزملاؤه بتاريخ 9 مايو 2022 في مجلة نيتشر إيفوليوشين آند إيكولوجي Nature Ecology and Evolution. ووجدوا أن تنوعا واسعا من المُحلِّلات -وإلى درجة أقل فطريات الجذور- ساعد أيضاً على الحفاظ على نمو النباتات حتى في فترات جفاف. فهذا التنوع ربما يؤكد على أنه مهما تغيرت الظروف، فإن بعض الفطريات ستبقى قادرة على تزويد النباتات فوقها بالمغذيات. وتقول سارا سابسفورد Sarah Sapsford – متخصصة بإيكولوجيا أمراض الفطريات في وزارة الصناعات الأولية بنيوزيلاندا، والتي لم تشارك في هذا البحث- «إن دورها قد يكون أكبر من الفطريات».

بالمقابل، فإن وجود تنوع واسع من الكائنات الممرضة قد يهدد صحة الأنظمة الايكولوجية فوق سطح الأرض. فالنباتات ستنمو ببطء أكبر، وتقوم بقدر أقل من البناء الضوئي، وهي الإنتاجية التي تساعد على تزويد سائر الكائنات الحية (المتعضيات) في الأنظمة الإيكولوجية بالوقود. أما الكائنات الممرضة؛ فقد تضعف النباتات وتجعلها أقل قدرة على تحمل الضغوطات المناخية.

هذا الترابط بقي ثابتاً في معظم البيئات المدروسة، كما يخبرنا به مؤلفو البحث.

«من المثير للإعجاب أنه على الرغم من أن العوامل الأخرى جميعها تتغير من مكان إلى آخر، إلا أن هذا النمط يبقى ثابتا»، كما يقول ريلينغ. لكنه يحذَر من أن هذا العمل لا يبرهن على أن التنوع الفطري يسبب الاستقرار (أو تؤثر في مقدار الهشاشة Vulnerability). إذ إن عوامل أخرى، مثل تنوع أشكال أخرى من الميكروبات في التربة، كما يقول، قد تكون مهمة أيضاً.

تقترح النتائج أن تحفيز التنوع قد يكون المفتاح لحماية أنظمتنا الايكولوجية مع ارتفاع حرارة المناخ وتكرار فترات الجفاف، كما تقول مارينا سيمشينكو Marina Semchenko الإيكولوجية من جامعة تارتو University of Tartu، والتي لم تشارك في العمل.

لا أحد يعلم حقيقة كيف يحفز تنوع فطريات التربة، لكن على الأقل، بتقييم ذلك التنوع «قد نستطيع تحديد الأنظمة الإيكولوجية غير مستقرة وأقل قدرة على مقاومة الاضطراب، إنه زمن مثير»، كما يقول سابسفورد.

بقلم: اليزابيث بينيسي

ترجمة: د. سعد الدين خرفان

©2022, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى