أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم الطبيعيةفيزياءكتب

مسألة كل شيء: نظرة سريعة على فيزياء القرن 20

من اكتشاف أول جسيم تحت ذري إلى تأكيد وجود بوزون هيغز في عام 2012، بتفصيل مفعم بالحياة تستعرض سوزي شيهي التجارب التي غيرت عالمنا

مسألة كل شيء
سوزي شيهي
بلومزبري

في عام 1930 انطلق الفيزيائي النمساوي فولفغانغ باولي Wolfgang Pauli في سعيه إلى حل لغز. فالتنوع الكبير في قيم طاقة جسيمات بيتا Beta particles، التي تتحدى المبادئ العلمية الأساسية للحفاظ على الطاقة Conservation of energy والزخم Momentum، كان يربك الفيزيائيين منذ مطلع القرن.
وباولي، عالم الفيزياء الصارم جداً في منهجه العلمي لدرجة أنه كان يطلق عليه «غضب الرب»، يبدو في موضع جيد لمعالجته. ومع ذلك، عندما انكبّ على إيجاد حل نظري لمشكلة اضمحلال بيتا، أثار فقط المزيد من الغموض.
إذ اقترح وجود نظام جديد تماما، جسيمات عديمة الشحنة وشبه عديمة الكتلة من شأنها أن تسمح بالحفاظ على الطاقة والزخم، ولكنه سيكون من المستحيل تقريبا العثور عليها. وكتب قائلا: «لقد فعلت شيئا فظيعا. لقد افترضت جسيمًا لا يمكن اكتشافه».
باولي، رائد فيزياء الكم Quantum physics، هو واحد من العديد من الأسماء التي تعبر صفحات كتاب مسألة كل شيء The Matter of Everything، الاستعراض المفعم بالحياة الذي تقدمه سوزي شيهي Suzie Sheehy عن «التجارب التي غيرت عالمنا». وعبر 12 اكتشافا مهمًّا على مدار القرن 20، تُبيّن شيهي كيف غيّرت الفيزياء العالم وفهمنا له – وفي كثير من الحالات، كنتيجة مباشرة لفضول وتفاني الأفراد.
شيهي هي عالمة فيزياء تجريبية تعمل في مجال فيزياء المسرعات في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة وجامعة ملبورن بأستراليا. فخبرتها الخاصة تجعل كتاب مسألة كل شيء أكثر تقنية مما قد يوحي به تأطير 12 تجربة، و بالتأكيد أكثر من أي عنوان كتاب علوم للقارئ العام، لكن الكتاب مع ذلك في متناول القارئ العادي، ويمتاز وصفها بالوضوح المبهج.
من تجارب أشعة الكاثود في مختبر ألماني في عام 1895؛ مما أدى إلى اكتشاف الأشعة السينية X-rays، إلى اكتشاف أول جسيم تحت ذري، إلى تأكيد هيغز بوزون في عالم 2012، كتاب مسألة كل شيء هو فرصة للتعلم ليس فقط عن قصص النجاح المنفردة، ولكن طبيعة الفيزياء نفسها.
وأحسنت شيهي في تحديد الأسئلة التي أراد هؤلاء العلماء الإجابة عنها، وما الذي يكمن على المحك لكل من اكتشافاتهم، على المستوى الكلي وكذلك الجزئي، وتبيّن لنا كيفية أن الفيزياء لم تساعدنا على فهم العالم فحسب، بل شكلته. جاءت هذه «الأوائل» المبكرة من تجارب صغيرة، أدار الباحثون فيها معداتهم الخاصة، بل حتى صنعوها من الصفر.
يسلط كتاب مسألة كل شيء الضوء أيضا على أولئك الذين تم تجاهل مساهماتهم التاريخية، مثل ليز مايتنر Lise Meitner، التي أطلق عليها ألبرت أينشتاين اسم «ماري كوري الألمانية». فلخمسين عامًا لم يتم الاعتراف بعملها في مجال الانشطار النووي، وذلك بعد أن مُنح زميلها أوتوهان وحده جائزة نوبل في عام 1944.
أما التزام وتعاون الفيزيائيين والمهندسين خلال الحرب العالمية الثانية؛ فقد بيّن للعالم ما كان ممكنا – للخير والشر. وتصف شيهي كيف أن تطوير القنابل التي دمرت هيروشيما وناغازاكي أيقظت ضميرا اجتماعيا في هذا المجال، وهو ما مهّد الطريق للتعاون الدولي الذي نراه حالياً، مثل التعاون في مصادم الهادرونات الكبير Large Hadron Collider.
متحدون وراء هدف مشترك، وبدعم من مختلف الحكومات، فإن إجابات لم يسبق لها مثيل ولم نكن نعتقد أن الوصول إليها ممكن من قبل صارت في متناول اليد. بالنسبة لشيهي هذا دليل على إمكانات الفيزياء في التغلب على التحديات التي تواجه العلم والمجتمع الآن – من طبيعة المادة المعتمة Dark matter إلى معالجة أزمة المناخ.
إذ تشير إلى أنه في بداية القرن 20 قيل إننا كنا نعرف كل شيء عن الكون؛ وبحلول نهاية القرن، كان العالم قد تغير تغيرا جذريا.
الجسيمات الرهيبة التي اقترحها باولي – والتي أطلق عليها اسم النيوترونات Neutrons، لكننا تعرف الآن بالنيوترينوات Neutrinos – تم تأكيد وجودها أخيرا في عام 1956. كان رده منتصرا بهدوء: «كل شيء سيتحقق في أوانه، لمن يعرف كيف ينتظر».
سرد شامل، ولكنه مفصل وسريع لمئة عام من التقدم العلمي، كتاب مسألة كل شيء يقدم رسالة مبهجة. ما القفزات التي تنتظرنا في المستقبل؟ ما الأسئلة التي تبدو مستعصية لكننا لن نلتفت إليها في المستقبل؟
وتؤكد شيهي أنه بالإصرار والفضول والتعاون قد نتغلب على التحديات التي تبدو مستحيلة الآن.

بقلم: إيلي هانت

ترجمة: د. ليلى الموسوي

© 2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى