أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أخبار العلومصحة

علاج السرطان القاتل للخلايا يُظهر نتائج واعدة لعلاج اضطراب مناعي ذاتيٍّ مدمر

الخمـسة المرضى بالذئبـة الذين أعطـوا نسخاً معـدلة وراثياً من خلاياهم المناعية أظهروا تحسناً كبيراً

آفاقٌ جديدة فُتِحت في مكافحة أمراض المناعة الذاتية؛ فقد نجح الباحثون في علاج خمسة مرضى يعانون مرضَ الذئبة بعلاج خلوي جديد يحوِّل الخلايا المناعية العادية إلى صيادين متخصصين للخلايا المارقة التي تساعد على تغذية المرض. وشهد جميع المرضى الذين عُولجوا بالعلاج الجديد اختفاءَ أعراضهم الشديدة، بما في ذلك اختلال وظائف الكُلى والأعضاء الأخرى.

تقول بيتي دياموند Betty Diamond – أخصائية المناعة والروماتيزم في معاهد فينشتاين للأبحاث الطبية Feinstein Institutes for Medical Research، والتي تشرف على علاج يهتم بمرضى الذئبة ولم تشارك في العمل – إن النتائج «استثنائية». وعلى الرغم من حماسها، فإنها تحذِّر من أن هذا النهج يحتاج إلى تجربته على عديد من الأشخاص المصابين بمرض الذئبة لإثبات أنه آمِن وذو فوائد دائمة. العلاج، المسمى العلاج بالخلايا التائية لمستقبل المستضد الوهمي Chimeric antigen receptor T cell (اختصاراً: العلاج CAR-T)، يتضمن عزل الخلايا التائية – حراس الجهاز المناعي – من دم المريض وتعديلها وراثياً للبحث عن الخلايا الأخرى التي تسبب المرض وتدميرها. ثم يُعاد حقن الخلايا التائية المهندَسة في المريض. وقد طُوِّر العلاج CAR-T أول مرة منذ أكثر من عَقد من الزمن لعلاج بعض أنواع اللوكيميا والأورام اللمفاوية. في هذه الظروف، تستهدف الخلايا التائية T cells المعدلة نوعاً آخر من الخلايا المناعية، الخلايا البائية B cells، التي تحولت إلى خلايا سرطانية. ولكن في مرض الذئبة، تنحرف الخلايا البائية بطريقة مختلفة، فتصنع أجساماً مضادة تهاجم أنسجة الشخص نفسه. يمكن أن يعاني مرضى الذئبة الفشلَ الكُلوي ومشكلات القلب والرئة وآلام المفاصل ومضاعفات أخرى. ومن المعروف أن هذا المرض يصعُب علاجه.

لطالما نظر الباحثون إلى العلاج CAR-T كاستراتيجية محتملة لمعالجة أمراض المناعة الذاتية، ولكن كانت هناك مخاوف أيضاً. تنتج الخلايا التائية جزيئات تسمى السيتوكينات Cytokines والتي يمكن أن تؤدي إلى الالتهاب – وهو من المضاعفات غير الشائعة لدى مرضى السرطان الذين يتلقون العلاج CAR-T. في الأشخاص المصابين بأمراض المناعة الذاتية، قد تؤدي السيتوكينات إلى تحفيز أعراض المرض، لذلك يخشى بعض الباحثين من أن العلاج قد يؤدي إلى تفاقم المرض بدلاً من تخفيفه.

ثم في العام الماضي أفاد فريق بقيادة جورج سكيت Georg Schet، اختصاصي المناعة والطبيب في جامعة إرلانغن University of Erlangen في نيورنبرغ، في مجلة نيو إنجلاند للطب The New England Journal of Medicine أن امرأة تبلغ من العمر 20 عاماً مصابة بمرض الذئبة دخلت في حالة خمود Remission بعد العلاج CAR-T، من دون آثار جانبية خطيرة. يقول الدكتور سكيت: «استجابت هذه المريضة جيداً حقاً، وكانت السلامة جيدة حقاً». دفعَنا ذلك إلى القول: «هذه طريقة للمضي قدماً عليها».

قرر هو وزملاؤه اختبار العلاج CAR-T على مزيد من مرضى الذئبة. حدَّدوا ثلاث نساء ورجلاً، تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، يعانون مضاعفاتٍ في الأعضاء ولم يتلقوا أي مساعدة من الأدوية المتعددة. الاستراتيجية التي تبناها الدكتور سكيت تشبه إلى حد بعيد ما قدمه الأطباء للمصابين بسرطان الدم. فقبل الحصول على الخلايا CAR-T، تلقى مرضى الذئبة العلاج الكيماوي للقضاء على الخلايا المناعية، على أمل إعطاء الخلايا المزروعة مساحة أكبر للتكاثر ومنع الخلايا المناعية الموجودة مسبقاً من سحقها. تلقى الخمسة جميعاً العلاج CAR-T في مستشفى الدكتور سكيت بين 4 أشهر و18 شهراً، وجميعهم – جنباً إلى جنب مع المريض السادس الذي قدم له الدكتور سكيت العلاج – دخل المرض لديهم في حالة خمود.

يقول الدكتور سكيت: «لديهم حقاً حياة مختلفة» الآن. عاد أحدهم إلى هواية ركوب الخيل. وعاد الآخر إلى وظيفته «منسقاً للأغاني Disc jocke». وتمكن ثالث من العودة إلى المدرسة. ومع ذلك يحذِّر الدكتور سكيت من أنه لا يستطيع القول بعد إن هؤلاء قد شُفُوا من مرضهم. سيستغرق الأمر مزيداً من الوقت لتقييم ما إذا كان الأمر كذلك، حيث لا يزال خطر الانتكاس Relapse قائماً.

كما أن الدكتور سكيت مفتون بما لاحظه في دم المرضى بعد العلاج. فقد مُحيت الخلايا البائية في البدء، كما كان الهدف. في الأشهر التي تلت ذلك، وُلدت الخلايا البائية الجديدة تدريجياً، ومع ذلك ظل مرض الذئبة في مأزق، كما أفاد الدكتور سكيت وزملاؤه حالياً في Nature Medicine. يقول: «إنك تضطلع بإعادة الضبط بطريقة ما»، مع وجود قائمة نظيفة من الخلايا البائية التي لا تحفز هجمات المناعة الذاتية.

أما إيمي باين Aimee Payne، اختصاصية الأمراض الجلدية والمناعة بجامعة بنسلفانيا University of Pennsylvania، فتقول إنها «دراسة تاريخية في علاج المناعة الذاتية»، وقد درست باين نسخةً مختلفة من العلاج CAR-T لمرض آخر من أمراض المناعة الذاتية، وهو حالة جلدية خطيرة تسمى الفقاع الشائع Pemphigus vulgaris. بعد الدراسات الأولية على الفئران تُشارك باين الآن في تجربة إكلينيكية برعاية شركة كاباليتا بيو التي شاركت في تأسيسها، والتي شاركت النتائج على 15 مريضاً حتى الآن. شهد بعض المرضى تحسناً مؤقتاً في الأعراض، وكان هذا العلاج ألطف – لم يحصل الخمسة عشر الأولون على العلاج الكيماوي قبل تلقي الخلايا التائية (سيحصل الفوج اللاحق على نظام علاج كيماوي مخفَّض)، وتُعدَّل الخلايا للقضاء فقط على مجموعة فرعية من الخلايا البائية. بالنسبة إلى باين، كانت إحدى أكثر النتائج المذهلة في دراسة الدكتور سكيت هي أن العلاج المكثف بدا آمناً لهؤلاء المرضى الخمسة. «من المذهل أن هذا لم يؤجج المرض»، كما تقول.

ويود الدكتور سكيت الآن تجربة العلاج CAR-T في مزيد من مرضى الذئبة، إضافةً إلى بعض المصابين بأمراض المناعة الذاتية الأخرى. لقد عالج أخيراً مريضاً مصاباً بتصلب الجلد Scleroderma وآخر مصاباً بالتهاب العضلاتMyositis . في أوائل العام المقبل، يخطط لبدء تجربة إكلينيكية مع 24 مريضاً إضافياً مصابين بمرض الذئبة، أو إحدى هذه الحالات. وستكون نجاعة العلاج أمراً أساسياً من أول مرة، لأن علاج CAR- T ليس علاجاً مصمماً للاستخدام المتكرر بسبب مخاطره المحتملة وتكلفته العالية. يقول: «إذا كان في إمكان المرض البقاءُ مدة 3 سنوات أو أكثر في حالة خمود خالية من المخدرات، فهذه قصة رائعة جداً».

© 2022, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved

بقلم جينيفر كوزين – فرانكل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى