الحواسيب المصمَّمَة على أسس ميكانيك الكم
الحواسيب المصمَّمَة على أسس ميكانيك الكم
إذا أمكن بناء حواسيب مصمَّمَة على أسس ميكانيك الكم،
فإنها تستطيع أن تؤدي مهام تتعذر على أي حاسوب عادي.
<S. لويد>
خلال الخمسين عاما الماضية، كانت سرعة الحواسيب تزداد بمقدار الضعف كل عامين في حين كان حجم مكوناتها يتناقص إلى النصف في كل من هذه الفترات. تحتوي الدارات (الدوائر) الآن على أسلاك وترانزستورات ذات أبعاد تقارب الواحد في المئة فقط من سمك شعرة بشرية واحدة. وبسبب هذا التقدم الهائل المتعاقب، أصبحت أجهزة اليوم أقوى بملايين المرات من أسلافها البدائية. ولكن الفورات تخمد عادة بمرور الزمن، وقد وصلت تقانة الدارات المتكاملة إلى أقصى حدودها تقريبا.
يمكن بالوسائل التقنية المتقدمة في الطباعة الليثوغرافية، الحصول على أجزاء للدارات الإلكترونية أصغر من تلك المتاحة حاليا بمئة مرة. ولكن بهذا المقياس، حيث تظهر المادة على هيئة تجمع من الذرات المنفردة، تعمل الدارات المتكاملة بصعوبة. وإذا وصلنا إلى مرحلة إنقاص حيز المكونات إلى العشر من ذلك، فإن الذرات تتصرف عندها باستقلالية كاملة، وفي هذه الحالة يمكن لخلل واحد أن يؤدي إلى الفوضى التامة. وعلى ذلك، إذا كانت الحواسيب ستصبح في المستقبل أصغر كثيرا من حجمها الحالي، فإن التقانة الحالية يجب أن تستبدل أو تدعم بأخرى جديدة.
ومنذ عدة عقود، بدأ جيل الرواد من أمثال <R.لانداور> و < H .Ch. بنيت> (يعملان في مركز بحوث< J .Th.واطسون > التابع للشركة IBM) البحث في فيزياء دارات معالجة المعلومات، وأخذا يطرحان الأسئلة حول ما ستقود إليه نمنمة miniaturization هذه الدارات: إلى أي مدى يمكن أن نصل في تصغير مركبات هذه الدارات؟ ما كمية الطاقة التي يجب استخدامها عند إجراء الحسابات؟ ولأن الحواسيب هي أدوات (نبائط) devices فيزيائية فإن الفيزياء تحكم أداءها الأساسي، وإحدى الحقائق الفيزيائية في الحياة هي أنه عندما تصبح مركبات دارات الحاسوب صغيرة جدا فإن ميكانيك الكم هو الذي يجب أن يحدد مواصفاتها.
في بداية الثمانينات من هذا القرن، استخدم <P. بنيوف >الذي كان يعمل في مختبر أرگون الوطني، النتائج التي حصل عليها لانداور وبنيت من قبل لإثبات أن الحاسوب يمكن، من ناحية المبدأ، أن يعمل بأسلوب ميكانيك الكم فقط. وبعد ذلك بفترة قصيرة، بدأ <D. دويتش> (من معهد الرياضيات بجامعة أكسفورد) وعلماء آخرون في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في بناء نماذج للحواسيب المصمَّمة على أسس ميكانيك الكم، وذلك للكشف عن كنه الاختلاف بينها وبين الحواسيب التقليدية. وعلى الخصوص، فإنهم تساءلوا عن إمكانية استغلال تأثيرات ميكانيك الكم للتسريع في إجراء الحسابات، وعن إمكانية إجراء الحسابات بطرق مستحدثة.
يمكن قراءة البتّة التي تخزنها ذرة ما باستخدام نبضة ليزرية طاقتها تساوي بالضبط الفرق بين حالة الذرة المثارة ويمكن تسميتها E1 وحالة أخرى أكثر علوا وأقل استقرارا يمكن تسميتها E2. إذا كانت الذرة في حالتها الأساسية الساكنة تمثل 0 فإن هذه النبضة لن يكون لها أي تأثير. أما إذا كانت في الحالة E1 وتمثل 1، فإن النبضة سترفعها إلى E2 وبعد ذلك تعود الذرة إلى E1 وتبث فوتونا كاشفا. |
فَتَرَت همة البحث في هذا المجال، في منتصف عقد الثمانينات، لأسباب متعددة. أولها أن جميع هؤلاء الباحثين كانوا يعالجون موضوع الحواسيب المبنية على أسس ميكانيك الكم بأسلوب تجريدي بدلا من دراسة أنظمة فيزيائية واقعية ـ وهو اتجاه دَحَضه لانداور بحجج متعددة. وأصبح من الواضح أيضا أن الحاسوب المبني على أسس ميكانيك الكم قد يتعرض للأعطال التي من الصعب تصحيحها. وباستثناء اقتراح واحد للعالم <P.R. فينمان> (من معهد كاليفورنيا للتقانة، الذي رأى أن الحواسيب الكمومية قد تفيد في نمذجة الأنظمة الكمومية الأخرى ـ مثل المادة الجديدة أو غير المرئية) لم يكن من الواضح أن هذه الحواسيب ستكون أسرع من الحواسيب التقليدية في حل المسائل الرياضياتية.
تغيرت هذه الصورة في السنوات الثلاث الماضية. فقد وصف كاتب المقال في عام 1993 صفًا واسعًا من النظم الفيزيائية المعهودة التي يمكن أن تعمل كحواسيب كمومية بطرق تتجنب بعض اعتراضات لانداور. وقد أوضح <W .P. شور> من مختبرات بِل التابعة للشركة AT&T إمكانية استخدام الحاسوب الكمومي لتحليل الأعداد الكبيرة إلى عواملها الأولية، وهي مهمة يمكن أن تتعذر على أقوى الحواسيب التقليدية. وفي عام 1994، أنتجت ورش العمل في معهد التبادل العلمي بتورينو الإيطالية تصميمات متعددة لبناء الدارات الكمومية. ومنذ فترة قريبة، قامت المجموعة البحثية في معهد كاليفورنيا للتقانة بإشراف <J.H. كيمبل> والفريق البحثي في المعهد القومي للمعايير والتقانة ببناء بعض النماذج الأولية لبعض المكونات. ويوضح هذا المقال الكيفية التي يمكن بها تجميع الحواسيب الكمومية، ويصف بعض الأمور المذهلة التي يمكن أن تقوم بها والتي تعجز الحواسيب الرقمية عن أدائها.
ميكانيك الكم
يجب أن نواجه الواقع ونعترف بأن ميكانيك الكم هو علم غريب. يقول الفيزيائي الدنماركي< N. بور> الذي ساعد على اكتشاف هذا المجال “إن أي شخص يتمكن من دراسة ميكانيك الكم ولا يصيبه الدوار هو شخص لم يفهم هذا العلم فهما صحيحا.” وسواء كان هذا أمرًا طيبا أم سيئا، فإن ميكانيك الكم يتنبأ بعدد من التأثيرات المخالفة لما يمكن التوصل إليه عن طريق الحدس، وهي تأثيرات تم التحقق من وجودها تجريبيا مرات عديدة. ولتقدير درجة الخروج عن المألوف التي يمكن أن تصل إليها الحواسيب الكمومية، يكفي فقط أن نتقبل حقيقة غريبة واحدة تسمى مثنوية (ثنائية) الموجة والجسيم wave-particleduality.
تعني مثنوية الموجة والجسيم أن الأشياء التي نعتبرها عادة جسيمات صلبة، مثل كرات السلة والذرات، تسلك في حالات معينة سلوك الأمواج، وأن الأشياء التي نَصِفُها عادة بالأمواج، مثل الصوت والضوء، تسلك أحيانا سلوك الجسيمات. وجوهر نظرية ميكانيك الكم أنها تحدد الأنواع المعينة من الأمواج التي ترتبط بأنواع معينة من الجسيمات.
وأول تضمين غريب لمثنوية الموجة والجسيم هو أن المنظومات الصغيرة، كالذرات مثلا، لا يمكن أن توجد إلا في حالات طاقة منفردة. وبالتالي، فعندما تنتقل ذرة من حالة طاقة معينة إلى حالة أخرى، فإنها تمتص الطاقة وتبعثها بكميات متساوية. ويطلق على مقادير الطاقة هذه اسم الفوتونات. ويمكن اعتبار الفوتونات بأنها الجسيمات التي تتشكل منها موجات الضوء.
والنتيجة الأخرى هي أن الموجات في ميكانيك الكم، مثلها مثل الموجات المائية، يمكن تراكبها معا (أي إضافة بعضها إلى بعض). تعطينا هذه الموجات عند دراستها منفردة (أي كل واحدة منها على حدة) وصفا تقريبيا لموضع جسيم معين. أما إذا ربطنا بين اثنتين أو أكثر من هذه الموجات فإن موضع الجسيم يصبح غير واضح. أي إنه طبقا لمفهوم كمومي غريب، يمكن لإلكترون ما أن يوجد في مكانين في الوقت نفسه. ويظل موضع مثل هذا الإلكترون غير معروف إلى أن يكشف أحد التفاعلات (مثل انطلاق فوتون من الإلكترون) عن موضعه في أحد المكانين ولكن ليس في كليهما.
يمكن استخدام ذرات الهيدروجين لتخزين بتّات المعلومات في حاسوب كمومي. يمكن لذرة في حالتها الأساسية الساكنة، حيث يكون إلكترونها عند أدنى مستوى ممكن لطاقته (الأزرق) أن تمثل 0، والذرة نفسها وهي في حالة مثارة حيث يكون إلكترونها في مستوى طاقة أعلى (الأخضر) يمكن أن تمثل 1. إن البتة الخاصة بالذرة، 0 أو 1، يمكن أن تنقلب للقيمة المقابلة باستخدام نبضة ضوء ليزري (الأصفر). إذا كانت طاقة الفوتونات في النبضة تساوي الفرق بين الحالة المثارة والحالة الأساسية الساكنة للإلكترون، فإن الإلكترون سيقفز من إحدى الحالتين إلى الأخرى. |
عندما تسلك موجتان بعد تراكبهما سلوك الموجة الواحدة يقال إنهما مترابطتان، وتسمى عملية إعادة الهوية المنفصلة لموجتين مترابطتين عملية فك الارتباط. إذا وُجد إلكترون في تراكب لحالتي طاقة (أو، بعبارة تبسيطية، في موضعين مختلفين داخل ذرة)، يمكن أن يستغرق فك الارتباط وقتا طويلا. فمثلا، يمكن أن تمضي أيام قبل أن يصطدم فوتون بشيء صغير كالإلكترون ويكشف بالتالي عن موضعه. مبدئيا، يمكن أيضا لكرات السلة أن توجد هنا وهناك في الوقت نفسه (حتى في غياب اللاعب الموهوب مايكل جوردان). وفي الواقع، إن الوقت الذي يستغرقه فوتون في الارتداد من سطح كرة قصيرٌ إلى درجة أن ملاحظته تتعذر بالعين المجردة أو بأي جهاز آخر. والكرة، ببساطة، كبيرة إلى درجة يصعب معها عدم تحديد مكانها بالضبط لفترة زمنية محسوسة. وبالتالي فإن الأشياء الصغيرة والدقيقة هي فقط التي تبدي غرابة كمومية.
بوابات المنطق الكمومية
تعتبر بوابات المنطق وسائل لإجراء عمليات أولية على بتّات المعلومات. وقد برهن عالم المنطق الأيرلندي< G. بول >George Boole في القرن التاسع عشر أن أي عمل منطقي أو حسابي معقد يمكن إنجازه باستخدام توافيق من ثلاث عمليات بسيطة: NOT و COPY وAND. وفي الواقع، يمكن للذرات، أو أي منظومة كمومية أخرى، إجراء هذه العمليات.
|
المعلومات الكمومية
تأتي المعلومات بصورة متقطعة كحزم متتابعة، مثلها في ذلك مثل مستويات الطاقة الذرية في ميكانيك الكم. وكمُّ المعلومات هو البتة bit. إن البتة من المعلومات هي تمييز بسيط بين بديلين: نعم أو لا، 0 أو 1، خطأ أو صواب. وفي الحواسيب الرقمية، تمثل الڤلطية بين لوحي مكثف بتة من المعلومات. يسجل المكثفُ المشحون ُ1 في حين يسجل المكثف غير المشحون 0. ويعمل الحاسوب الكمومي عن طريق الملاءمة بين الصفة الانفرادية المألوفة في معالجة المعلومات الرقمية وبين الصفة المتقطعة الغريبة لميكانيك الكم.
وفعلا، يمكن لصف من ذرات الهيدروجين أن يحمل بتات مثلما يفعل صف من المكثفات. ويمكن أن تُكوَّد ذرة في حالتها الإلكترونية الأساسية الساكنة بالرقم 0 وفي حالتها المثارة بالرقم 1. ومع ذلك، فلكي يعمل أي نظام كمومي مثل هذا كحاسوب، يجب أن يؤدي أكثر من مجرد تخزين البتات. يجب أن يتمكن المشغل من تحميل النظام بالمعلومات وأن يعالج هذه المعلومات بعمليات منطقية بسيطة وأن يستخرجها. وبعبارة أخرى، يجب أن تكون الأنظمة الكمومية قادرة على القراءة والكتابة وعلى إجراء العمليات الحسابية.
كان <I .I. رابي> (الذي فاز بجائزة نوبل للفيزياء عام 1944) أول من أوضح كيفية كتابة المعلومات على منظومة كمومية. وتعمل طريقته عند تطبيقها على ذرات الهيدروجين كالتالي: نتخيل ذرة هيدروجين في حالتها الأساسية الساكنة ولها طاقة E0. لكتابة 0 بتة على هذه الذرة لا نفعل شيئا على الإطلاق. ولكتابة 1 بتة تثار الذرة إلى مستوى طاقة أعلى E1. ويمكن القيام بذلك بإغراقها في ضوء ليزر مكون من فوتونات كمومية طاقتها تساوي الفرق بين E1 و E0. إذا كانت شدة شعاع الليزر هي الشدة المناسبة وأثَّر هذا الشعاع للفترة الزمنية المطلوبة، فإن الذرة ستنتقل تدريجيا من الحالة الأساسية الساكنة إلى الحالة المثارة وذلك عندما يمتص إلكترونُها فوتونا. أما إذا كانت الذرة في الحالة المثارة فعلا فإن النبضة نفسها ستجعلها تبعث فوتونا وبذلك تنتقل إلى الحالة الأساسية الساكنة. وبتعابير تخزين المعلومات، فإن النبضة توعز إلى الذرة لقلب (تغيير)flip البتة الخاصة بها.
ماذا تعني كلمة “تدريجيا” هنا؟ ينقل مجال (حقل) كهربائي متذبذب، مثل ضوء الليزر، إلكترونا في إحدى الذرات من حالة طاقة منخفضة إلى حالة أعلى بالطريقة نفسها التي يدفع بها شخص طفلا على أرجوحة إلى أعلى. تعطي الموجة المتذبذبة دفعة صغيرة للإلكترون كلما مرت. وعندما تصبح طاقة الفوتونات في المجال مساوية للفرق بين E1 و E0 تتطابق هذه الدفعات مع الحركة “التأرجحية” للإلكترون وتحول الموجة المناظرة له إلى تراكب لموجات لها طاقات مختلفة. وستتناقص سعة الموجة المرتبطة بالحالة الأساسية الساكنة بصورة متواصلة، في حين تزداد سعة الموجة المرتبطة بالحالة المثارة. وخلال هذه العملية “تنقلب” flip البتة التي تسجلها الذرة من الحالة الأساسية الساكنة إلى الحالة المثارة. أما إذا اختلف تردد الفوتونات عن التردد الصحيح فإن دفعاتها لا تكون متوافقة مع الإلكترون، ولا يحدث شيء على الإطلاق.
إذا أثر الضوء المناسب لمدة تساوي نصف الزمن اللازم لتغيير حالة الذرة من 0 إلى 1، فإن الذرة ستكون في حالة تراكب بين الموجتين المناظرتين للحالتين 1 و 0، ويكون لكل من هاتين الموجتين السعة نفسها. ومثل هذه البتة الكمومية، أو الـ “كوبتة” qubit كما تسمى، سوف تنقلب (تنتقل) إلى نصف المدى فقط. وخلافا لذلك، فإن قراءة البتة الكلاسيكية تكون دائما 0 أو 11. ويسبب المكثف الذي يحمل نصف شحنته العادية الأخطاءَ في الحاسوب التقليدي، أما الكوبتة نصف المنقلبة فستفتح الطريق لأنواع جديدة من الحواسيب.
إن قراءة البتات من نظام كمومي تشبه قلب (أو شقلبة) هذه البتات. نفترض أن الذرة دُفِعت مجددا إلى حالة طاقة أكثر علوا وأقل استقرارا، E2 مثلا. يتم ذلك بتعريضها لضوء طاقته تساوي الفرق بين E1 و E2. ستثار الذرة إلى الحالة E2 ثم تتداعى بسرعة إلى الحالة E1 وتبث خلال ذلك فوتونا. إذا كانت الذرة في الحالة الأساسية الساكنة فعلا فإنه لا يحدث شيء. أما إذا كانت في الحالة المنقلبة لنصف المدى فتوجد فرصتان متساويتا الاحتمال: إما أن تَبُث فوتونا وتعلن أنها في الحالة 1 أو لا تبث فوتونا معلنة أنها في الحالة 0. ولا تبعد عملية قراءة وكتابة المعلومات في نظام كمومي إلا خطوة قصيرة عن عملية إجراء الحسابات.
الحسابات الكمومية
تتكون الدارات الإلكترونية من عناصر خطية (مثل الأسلاك والمقاومات والمكثفات) وأخرى لاخطية (مثل الديودات (الصمامات الثنائية) والترانزستورات). تتعامل هذه العناصر مع البتات بأساليب مختلفة. تغير العناصر الخطية الإشارات الداخلة إليها كلا على حدة. أما العناصر اللاخطية فإنها تجعل الإشارات الداخلة التي تمر خلالها تتفاعل. وعلى سبيل المثال، إذا وجد نظام صوتي مجسم (ستريو) لا يحتوي على ترانزستورات لاخطية، فإنك لا تستطيع تغيير (الصوت) الخفيض bass في الموسيقى التي يعزفها. ويتطلب القيام بذلك بعض التنسيق بين المعلومات الصادرة عن القرص المدمج وتلك الآتية من زر الضبط الموجود في الجهاز.
تجري الدارات الإلكترونية الحسابات بتكرار عدد قليل من المهام البسيطة الخطية واللاخطية مرات عديدة وبسرعة فائقة. وإحدى هذه المهام هي قلب البتة، وهي تكافئ العملية المنطقية المسماة NOT: ال”صواب” يصبح “خطأ” وال”خطأ” يصبح “صوابا”. ثمة عملية منطقية أخرى، تسمى COPY، تجعل قيمة البتة التالية مساوية لسابقتها. وهاتان العمليتان خطيتان لأن الخرج في كليهما يعبِّر عن قيمة دخل واحد. وتوجد عملية منطقية أخرى مفيدة تدعى ANDوهي عملية لاخطية عند تطبيقها على اثنتين من البتات. إذا كانت قيمة كل اثنتين من بتات الدخل هي 1 فإن ذلك يجعل قيمة البتة الثالثة 1 أيضا، وفيما عدا ذلك تكون قيمة البتة الثالثة 0. في هذه الحالة يتوقف الخرج على تفاعل معين بين الدخلين.
تسمى الوسائل التي تؤدي هذه العمليات بوابات منطقية. يمكن لحاسوب رقمي إذا احتوى على بوابات منطقية خطية مثل البوابتين NOT, COPY وعلى أخرى لاخطية مثل البوابة AND أن ينفذ أية مهمة منطقية أو حسابية. والمتطلبات هي نفسها للحواسيب الكمومية. لقد برهن< A. إيكرت> (الذي كان يعمل مع دويتش ومع <A. بارينكو> في أكسفورد) كما برهن كاتب المقال مستقلا عنه، أن أي تفاعل لاخطي بين البتات الكمومية سيؤدي المهمة. وبالفعل، إذا تيسر لحاسوب كمومي أن يقلب البتات، فإن أي تفاعل لاخطي سيمكِّنه من إجراء أية عملية حسابية. وبالتالي يمكن استثمار العديد من الظواهر الفيزيائية المتنوعة لبناء حاسوب كمومي.
وفي الواقع، إن البوابات المنطقية الكمومية المتعددة الأغراض كانت متاحة منذ اكتشاف الترانزستور. تمكَّن الباحثون في أواخر العقد الخامس من هذا القرن من إجراء عمليات منطقية كمومية بسيطة تتضمن بتتين فقط، وذلك باستخدام سپينات spins الجسيم. وهذه السپينات، التي هي ببساطة اتجاهات دوران الجسيم بالنسبة لمجال مغنطيسي معين، هي كمومية مثلها في ذلك مثل مستويات الطاقة. وبالتالي يمكن أن يمثل السپين 1 في اتجاه ما و 0 في اتجاه آخر. استفاد الباحثون من التفاعل بين سپين الإلكترون وسپين البروتون في ذرة الهيدروجين، ووضعوا نظاما لا يسمح بقلب سپين البروتون إلا إذا مثل سپين الإلكترون 1. ولأن هؤلاء الباحثين لم يفكروا في المنطق الكمومي فقد أطلقوا على هذا التأثير اسم الرنين المزدوج double resonance. وبالرغم من ذلك، فقد استخدموا الرنين المزدوج لإجراء العمليتين NOT و COPY الخطيتين.
بعد ذلك برهن بارينكو و< D. دي فنسنزو> (من الشركة IBM) و< T. سليتور> (من جامعة نيويورك) و< H. واينفورتر> (من جامعة إنسبروك) كيف يمكن، عن طريق القلب الجزئي لسپين بروتون وسپين إلكترون، استخدام الرنين المزدوج للحصول أيضا على البوابة AND. ويمكن لمثل هذه البوابات المنطقية الكمومية عند وصلها معا بأسلاك، أن تكوِّن حاسوبا كموميا. ولا توجد حاجة إلى تأكيد أن بناء “الأسلاك” الكمومية هو أمر بالغ الصعوبة. إن الأسلاك في الحواسيب التقليدية هي مجرد شرائط معدنية رفيعة تقوم بتوصيل إشارات الفلط من بوابة منطقية إلى أخرى. وعلى خلاف ذلك، فإن وصل بوابات الرنين المزدوج بأسلاك هو عمل صعب بدرجة مخيفة. يجب أن يتمكن السلك من تفكيك الذرات لكي يتسنى للإلكترونات والبروتونات أن تتحرك بحرية، وأن يعيد تجميع الذرات، وكل ذلك من دون إقلاق سپينات الجسيمات.
ومنذ وقت قريب، صمم الباحثون وسائل أقل صعوبة للربط بين بوابات المنطق الكمومية. فمثلا، يمكن للفوتونات المنفردة عند مرورها خلال الألياف الضوئية، أو خلال الهواء، أن تنقل بتات معلومات من بوابة إلى أخرى. وقد أتى أحد التطورات المبشرة بالأمل من معهد كاليفورنيا للتقانة. فقد نجحت مجموعة كيمبل في تعزيز التفاعل اللاخطي (الضئيل عادة) بين الفوتونات وذلك عن طريق تركيز الفوتونات مع ذرة واحدة في حجم ضئيل للغاية، ونتج من هذا بوابة منطقية كمومية. يمكن أن تنقلب بتة فوتون جزئيا عندما تكون قراءة فوتون آخر هي 1. وسيكون الحاسوب المبني بناء كاملا من مثل هذه البوابات البصرية الكمومية سريعا ومحصَّنا نسبيا ضد التشويش الذي ينشأ في جواره والذي قد يقضي على الترابط. ولكن مثل هذا الحاسوب سيظل يواجه عددا من العقبات التي تنبأ بها لانداور، وعلى الخصوص يجب أن تكون أطوال جميع المسارات الضوئية في النظام دقيقة إلى حد كسرٍ ضئيل من طول موجة الضوء المستخدم.
يمكن ببلورة الملح إجراء الحسابات، وذلك بالتأثير في أزواج من الأيونات المتجاورة. لنقلب البتّة المحتواة في أي ذرة B إذا كانت الذرة A التي في يسارها تخزن 1، وبعد ذلك لنقلب كل A إذا كانت الـ B التي في يمينها هي 1. إن ذلك ينقل المعلومات من كل A إلى الـ B التي في يمينها. والآن، باستخدام الخطوات نفسها تُنقل المعلومات من كل B إلى الـ A التي في يمينها. إن هذه العملية تمكِّن خطا من الذرات من أن يعمل مثل “سلك” كمومي. وبما أن البلورة يمكنها إجراء عمليات “الرنين المزدوج” هذه آنيا بالوقت نفسه في جميع الاتجاهات ومع كل أيون مجاور (الشكل السفلي في اليمين)، فبإمكانها أن تحاكي ديناميكيا أي نظام وبالتالي أن تؤدي عمل حاسوب تناظري كمومي متعدد الأغراض. |
توجد حلول أخرى لمشكلة الأسلاك. لقد اقترح<J. إيگناسيو سيراك > (من جامعة كاستيلا-لامانشا بإسبانيا) و <P. زولر> (من جامعة إنسبروك) تصميما يمكن فيه حصر الكوبتات في مصيدة أيونات، وبالتالي عزلها فعليا عن أية تأثيرات خارجية غير مطلوبة. تحول البتة قبل معالجتها إلى مسجل مشترك أو “حافلة” bus. وبالتحديد، تمثَّل المعلومات التي تحملها البتة بحركة اهتزازية لكل الأيونات الموجودة في المصيدة. كانت مجموعة واينلاند في المعهد القومي للمعايير والتقانة هي التي بدأت تحقيق مثل هذا الحاسوب الكمومي الذي يؤدي العمليات الخطية واللاخطية على البتات التي تحررها الأيونات والحركة الاهتزازية. والتوقعات جيدة بالنسبة لبناء حواسيب مصيدة أيونات لها عدة عشرات أو مئات من البتات: لقد تم بالفعل إجراء العمليات التي تتضمن اثنتين من البتّات، ويمكن ببساطة زيادة عدد البتّات في الحاسوب بإضافة أيونات أخرى في المصيدة.
قد يبدو المعروض للقراءة من حاسوب كمومي مثل ما تبيِّنه الصورة أعلاه. كل بقعة ملونة هي الضوء المتوهج الآتي من أيون زئبقي واحد في مصيدة أيونات (في اليسار). يبين الضوء أن كل أيون هو في الحالة نفسها وبالتالي تُقرأ سلسلة الأيونات جميعها كمتوالية كل عنصر من عناصرها هو في الحالة 1. |
وواقع الحال الآن هو أن العلماء يستطيعون التحكم في عمليات المنطق الكمومية على عدد قليل من البتّات، وربما يتمكنون في المستقبل القريب من إجراء الحسابات الكمومية باستخدام عدة عشرات أو عدة مئات من البتات. كيف يمكن اعتبار ذلك تقدما على الحواسيب التقليدية التي تتعامل روتينيا مع البلايين من البتات؟ في الواقع، إن الحاسوب الكمومي يمكنه حتى ببتّة واحدة أن ينفذ أمورا يعجز عنها الحاسوب التقليدي. لتوضيح ذلك ننظر في المثال التالي: نأخذ ذرة في حالة تراكب بين 1 و 0 ونحاول معرفة ما إذا كانت قيمة البتة 1 أو 0 عن طريق جعلها تتوهج. تبث الذرة فوتونا خلال نصف الوقت وتكون قيمة البتّة 1. وخلال النصف الثاني من الوقت لا تبث الذرة فوتونات و تكون قيمة البتّة 0. وبعبارة أخرى نقول إن البتّة عشوائية ـ وهذا أمر لا يتمكن الحاسوب التقليدي من إحداثه. وفي الواقع، إن برامج الأعداد العشوائية في الحواسيب الرقمية تولد أعدادا شبه عشوائية pseudorandom، وذلك باستخدام دالةٍ خرْجُها غير منتظم إلى درجة تبدو معها أنها تنتج البتّات مصادفة.
الحالات الكمومية لجسيمات متعددة
لنتخيل ما يمكن لحاسوب كمومي أن يؤديه باثنتين من البتّات: نسخ الأعمال بوضع اثنتين من البتّات معا، إحداهما لها قيمة يتم نسخها والأخرى بقيمة أصلية 0، ولا تقلبُ نبضةٌ مؤثرة البتّة الثانية إلى القيمة 1 إلا إذا كانت قيمة الأولى هي 1 أيضا. أما إذا كانت قيمة البتّة الأولى هي نتيجة تراكب بين 0 و 1، فإن النبضة المؤثرة تُوجِدُ تراكبا يتضمن البتتين معا، بحيث تكون كل منهما إما 1 وإما 0. يُلاحظ أن القيمة النهائية للبتّة الأولى لم تعد كما كانت في الأصل ـ لقد تغير التراكب.
في كل من مكونات هذا التراكب، تماثل البتّة الثانية البتّة الأولى، ولكن كل واحدة منهما تختلف عن البتة الأصلية. لقد ذكر ألبرت آينشتاين أن مثل هذه الحالات تخالف كل الحدسيات التقليدية عن السببية. في مثل هذا التراكب لا تكون أية واحدة من البتتين في حالة محددة. ومع ذلك إذا قيست إحدى البتتين ـ وبالتالي تم وضعها في حالة محددة، فإن البتّة الأخرى تدخل أيضا في حالة محددة ـ إن التغير في البتّة الأولى لا يسبب التغير في الأخرى. ولكنْ نتيجة لهدم الارتباط بين البتتين، فإن قياس الأولى يميط الغموض عن الأخرى. وتنشأ حالات متشابكة أكثر غرابة بين ثلاث كوبتّات.
وبالفعل، إذا كان لدينا اثنتان أو ثلاث من الكوبتّات وواحدة أو اثنتان من بوابات المنطق الكمومية، فإنه يمكن إيجاد حالات كمومية تثير الإعجاب. لقد أوضحت أنه بعدد أكبر من البتّات يمكن للحاسوب الكمومي أن يحاكي أي نظام كمومي. وإذا تمت برمجة الحاسوب الكمومي برمجة مناسبة، تصبح ديناميكيته الديناميكية نفسها لنظام ما مفترض، بما في ذلك تفاعل هذا النظام مع البيئة المحيطة به. وسيتناسب عدد الخطوات اللازمة للحاسوب لكي يتابع تطور هذا النظام مع الوقت تناسبا طرديا مع حجم هذا النظام.
والأمر الذي يبعث على الدهشة أكثر، هو أنه إذا وجد هيكل مواز لحاسوب كمومي، ويمكن التوصل إلى ذلك عن طريق الرنين المزدوج بين أزواج السپينات المتجاورة في ذرات بلّورة، فإن هذا الحاسوب سيتمكن من محاكاة أي نظام كمومي في زمن حقيقي محسوس مهما كان حجم هذا النظام. وهذا النوع من إجراء الحسابات الكمومية بالتوازي، إذا أمكن التوصل إليه، سيوفر سرعة أعلى بكثير من السرعات المتاحة بالطرق التقليدية. وكما لاحظ فينمان، فإن محاكاة نظام كمومي باستخدام حاسوب تقليدي تستلزم عادة خطوات يزداد عددها أسيّا كلما زاد حجم النظام، وأيضا كلما زادت الفترة الزمنية المطلوب دراسة سلوك النظام خلالها. وفي الواقع، يمكن لحاسوب كمومي له أربعون بتّة أن يعيد بناء نظام كمومي في نحو مئة خطوة في حين يستغرق حاسوب تقليدي، به تريليون بتّة، سنوات لمحاكاة النظام نفسه.
ماذا يمكن لحاسوب كمومي أن يفعل باستخدام العديد من العمليات المنطقية على العديد من الكوبتّات؟ نبدأ بوضع جميع البتات الداخلة في حالة تراكب متساو لـ 0 و 1، على أن يكون لكل منها القيمة نفسها. وعلى ذلك يكون الحاسوب في حالة تراكب متساوٍ لجميع الدخول الممكنة. نمرر الآن هذا الدخل خلال دارة منطقية تؤدي عملية حسابية معينة. ستكون النتيجة تراكبا لجميع الخروج الممكنة لهذه العملية. والمعنى الكمومي الغريب لذلك هو أن الحاسوب يؤدي جميع الحسابات الممكنة في الوقت نفسه. وقد أطلق دويتش على هذه النتيجة اسم “التوازي الكمومي” quantum parallelism.
إن التوازي الكمومي قد يبدو غريبا، ولكن لنر كيف تعمل الموجات بصورة عامة. إذا كانت الموجات الميكانيكية الكمومية موجات صوتية فإن الموجات التي تناظر 0 و 1 ـ وكل منها يتذبذب بتردد واحد فقط ـ تكوِّن نغمات صافية. وبالتالي فالموجة التي تناظر تراكبا بين 0 و 1 تكوِّن وترا. وكما أن الوتر الموسيقي يعطي صوتا يختلف نوعيا عن النغمات المنفردة التي يتضمنها، فإن التراكب بين 0 و 1 يختلف عن 0 وعن 1 مأخوذين كل على حدة. وفي كلتا الحالتين تتداخل الموجات المركبة بعضها مع بعض.
إن الحاسوب الكمومي الذي يجري عملية حسابية عادية لا يدخل فيها تراكب للبتّات يولّد متتابعة من الموجات تماثل صوت القَرْع المتغيّر الصادر عن كنيسة إنكليزية عندما لا يتم قرع الأجراس في الوقت نفسه. وتتابُعُ الأصوات يخضع لقواعد رياضياتية معينة. أما العملية الحسابية التي تتم في نظام التوازي الكمومي، فتشبه سيمفونية: و”الصوت” الذي ينشأ عنها هو صوت موجات كثيرة متداخلة بعضها مع بعض.
لقد بين شور وهو يعمل في مختبرات بِل، منذ فترة قصيرة، أن التأثير السيمفوني للتوازي الكمومي يمكن استخدامه لتحليل الأعداد الكبيرة إلى عواملها الأولية بسرعة فائقة ـ وهو أمر تعجز عن أدائه الحواسيب التقليدية وحتى العملاقة منها. وأوضح شور أن عملية حسابية تتم بالتوازي الكمومي يمكن أن يُرتَّب أداؤها بحيث تبرز العوامل المهمة في التراكب بالأسلوب نفسه الذي تبرز به نغمة تُعزف بآلات الكمان والكمان الأوسط والكمان الكبير وبتردد يساوي ضعف تردد النغمات التي تؤدَّى بالآلات الأخرى المجاورة عند عزف سيمفونية. وفعلا، فإن نظام حسابات شور يجعل التحليل إلى العوامل الأولية مهمة سهلة بالنسبة للحاسوب الكمومي، هذا إذا أمكن بناء مثل هذا الحاسوب. ولأن أغلب الأنظمة العامة التي تحافظ على السرية، مثل التي تحمي الحسابات المصرفية الإلكترونية، تعتمد على حقيقة أن الحواسيب الكلاسيكية تعجز عن الكشف عن عوامل الأعداد التي يزيد عدد أرقامها على المئة (تقريبا)، فإن المحتالين من مستخدمي الحواسيب الكمومية سيسببون القلق للعديد من الناس.
يحظى التساؤل: هل سنتوصل إلى الحواسيب الكمومية (وبالتالي سيوجد المحتالون الكموميون) أم لا بمجادلات حادة. نتذكر هنا أن الطبيعة الكمومية للتراكب لا تسود إلا إذا امتنعت البيئة المحيطة، بطريقة ما، عن الكشف عن حالة النظام. ربما تتكون الحواسيب الكمومية هي الأخرى من آلاف أو ملايين الذرات. ويكفي اضطراب واحدة فقط من هذه الذرات لإفساد التوافق الكمومي. وليس واضحا إلى أي حد يمكن أن تستمر النظم الكمومية المتفاعلة في حالة تراكب كمومي حقيقي. تبين التجربة أن بعض النظم يمكن أن يحتفظ بحالات تراكبات كمومية لبضع ساعات. وقد برهن شور ومعاونوه أن نظام الحسابات الذي وضعه يستطيع الاستمرار بالعمل مع وجود مستويات منخفضة من التوافق.
ثمة مشكلة أخرى تقابل الحواسيب الكمومية، هي تصحيح الأخطاء. تتعرض مختلف الأنظمة التي تُستخدم لتسجيل ومعالجة المعلومات للتشويش الذي يستطيع أن يقلب البتّات بطريقة عشوائية. وتتضمن الطرق التقليدية لتصحيح الخطأ قياس بتّات للكشف عما إذا كانت خاطئة. وهذا الأسلوب يؤدي، في حالة الحواسيب الكمومية، إلى عدم الترابط. وقد برهنت مجموعتا إيكرت ودويتش أن تصحيح الخطأ الكمومي ممكن من ناحية المبدأ ولكنه صعب المنال عند التطبيق. وعلى ذلك فحتى لو أمكن بناء الحواسيب الكمومية فإنها لن تتمكن من الاستمرار في إجراء الحسابات التي تتضمن العديد من البتّات لفترات زمنية طويلة.
ولكي تستطيع الحواسيب الكمومية التفوق على الحواسيب العملاقة الحالية في قدرتها على التحليل إلى العوامل يلزمها في الأغلب، عند استخدام نظام حسابات شور، أن تتابع مئات البتّات لآلاف الخطوات مع المحافظة على الترابط الكمومي طوال الوقت. وبسبب المشكلات التقنية التي ذكرها لانداور، بما في ذلك فقد الترابط والتغيرات في نبضات الليزر التي يتعذر التحكم فيها وعدم وجود وسيلة فعالة لتصحيح الأخطاء، فإن بناء حاسوب لإجراء مثل هذه الحسابات سيكون من الصعوبة بمكان على الأغلب. ومع ذلك فإن كل ما يلزم لتجاوز المحاكاة التقليدية للأنظمة الكمومية هو مجرد تتبع عشرات من البتّات فقط على مدى عشرات من الخطوات، وهو هدفٌ احتمالُ التوصل إليه أكبر. كذلك، فإن استخدام المنطق الكمومي لإنشاء حالات كمومية غريبة تتضمن جسيمات متعددة والكشف عن خواصها هو هدف في متناولنا حاليا.
المؤلف
Seth Lloyd
عضو هيئة التدريس في قسم الهندسة الميكانيكية بمعهد ماساتشوستس للتقانة. حصل لويد على أولى درجاته العليا في الفلسفة من جامعة كمبردج عام 1984، وعلى الدكتوراه في الفيزياء من جامعة روكفلر عام 1988. وقد عمل بعد حصوله على الدكتوراه في معهد كاليفورنيا للتقانة وفي مختبر لوس ألاموس القومي. ويعمل منذ 1989 مدرسا منتدبا في معهد “سانتافي” بولاية نيومكسيكو.
مراجع للاستزادة
QUANTUM-MECHANICAL MODELS OF TURING MACHINES THAT DISSIPATE NO ENERGY. Paul Renioff in Physical Review Letters, Vol. 48, No. 23, pages 1581-1585; June 7, 1982.
QUANTUM THEORY: THE CHURCH-TURING PRINCIPLE AND THE UNIVERSAL QUANTUM COMPUTER. David Deutsch in Proceedings of the Royal Society of London, Series A, Vol. 400, No. 1818, pages 97-117; 1985.
A POTENTIALLY REALIZABLE QUANTUM COMPUTER. Seth Lloyd in Science, Vol. 261, pages 1569-1571; September 17, 1993.
ALGORITHMS FOR QUANTUM COMPUTATION: DISCRETE LOGARITHMS AND FACTORING. Peter W. Shor in 35th Annual Symposium on Foundations of Computer Science: Proceedings. Edited by Shafi Goldwasser. IEEE Computer Society Press, 1994.
QUANTUM COMPUTATIONS WITH COLD TRAPPED IONS. J. I. Cirac and P. Zoller in Physical Review Letters, Vol. 74, No. 20, pages 4091-4094; May 15, 1995.
Scientific American, October 1995