رفع حالة التأهب القصوى عن الأسلحة النووية
رفع حالة التأهب القصوى عن الأسلحة النووية
لقد حان الوقت لتغيير نظام إبقاء الصواريخ النووية جاهزة دوما للإطلاق.
وهذا التغيير سيخفف كثيرا من احتمال إطلاق خاطئ.
<B. بلير> -<A.H. فيڤسون> – <F. هيپّل>
في 25/1/1995 لاحظ فنيّو الرادارات المقامة في شمال روسيا ظهورا مفاجئا لصورة مقلقة على شاشات راداراتهم. كانت الصورة لصاروخ يرتفع بسرعة عبر السماء في تلك الليلة، منطلقا من مكان ما على الساحل النرويجي. ومن المعروف أن صاروخا واحدا من الصواريخ التي تحملها الغواصات الأمريكية التي تجوب تلك المياه قادر على حمل ثماني قنابل نووية لتصل فوق سماء موسكو خلال خمس عشرة دقيقة. وعلى الفور قام فنيو الرادارات بإبلاغ مرؤوسيهم بذلك. وبسرعة أبلغت السلطات العسكرية الروسية الرئيس بوريس يلتسين الذي يحمل الحقيبة الإلكترونية التي يمكن بوساطتها إعطاء الأوامر بالرد على الصواريخ النووية. وبشكل مستعجل تشاور يلتسين هاتفيا مع كبار مستشاريه، وتم لأول مرة تشغيل الحقيبة النووية للاستخدام الطارئ.
إن أدوات الحرب النووية التي تملكها الولايات المتحدة وروسيا تشتمل على قاذفات بعيدة المدى وغواصات حاملة للصواريخ البالستية وقواعد أرضية للصواريخ البالستية العابرة للقارات (ICBM) ورادارات إنذار مبكر وسواتل (أقمار صنعية). وعلى الرغم من انتهاء الحرب الباردة، فإن الخصمين السابقين ما زالا قادرين خلال دقائق على أن يطلق أحدهما على الآخر آلاف الرؤوس النووية (الأعداد مثبتة على الشكل). |
لعدة دقائق متوترة بقي مسار الصاروخ غامضا بالنسبة للرسميين الروس الذين اعتراهم القلق، وكان هذا القلق على أشده عندما أعطت آلية الانفصال في الصاروخ متعدد المراحل الانطباع باحتمال هجوم بعدة صواريخ. ولكن مجموعة المراقبة الرادارية استمرت في متابعة أهدافها، وبعد نحو ثماني دقائق (أقل ببضع دقائق فقط من اللحظة الإجرائية للبدء بالاستجابة للهجوم النووي الوشيك) أوضح ضباط القيادة العسكرية العليا أن الصاروخ يتجه بعيدا نحو البحر ولا يشكل تهديدا لروسيا.
ولقد تبين أن الصاروخ الغامض في هذه الحالة كان مسبارا علميا أمريكيا، تم إطلاقه لاستكشاف الأشفاق القطبية الشمالية. ولقد قام النرويجيون قبل ذلك الوقت بأسابيع بإبلاغ السلطات الروسية عن هذا الإطلاق المحدد من أرض جزيرة أندويا Andoya. ولكن لسبب ما لم تصل إلى الجهات المعنية في روسيا المعلومة عن إجراء هذه التجربة في الارتفاعات العالية.
إن مثل هذا الحادث المخيف يبرهن بشكل واضح (وكذلك الإنذارات الكاذبة التي تحدث في القوى الاستراتيجية الأمريكية) خطورة إبقاء الأسلحة النووية في حالة تأهب قصوى؛ إذ إن ذلك يزيد من احتمال أن تطلق في أحد الأيام صواريخ تحمل رؤوسا نووية، إما بسبب عطل فني وخطأ بشري قد يقع في عجالة الاستجابة لإشارات كاذبة عن هجوم معاد.
الصواريخ التي تطلق من قواعد تحت الأرض
لا يسري تطبيق الاتفاقية (ستارت START II) بشأن منع الصواريخ المتعددة الرؤوس الحربية في القواعد الأرضية لعدة عقود، لكن يمكن للولايات المتحدة وروسيا العمل قبل ذلك على إخراج معظم الرؤوس الحربية في المرابض من حالة الاستنفار. وأسهل طريقة لذلك هي فتح القواطع التي تسمح لمحركات الصاروخ بالاشتعال. ويصبح عندها على طاقم الصيانة الدخول إلى كل مربض لنزع مسامير الأمان يدويا وإغلاق هذه القواطع قبل أن تصبح الصواريخ جاهزة للإطلاق عن بعد. وفي قمة هلسنكي تصورت الوفود أن إجراءات تنكيس تلك الأسلحة تحتاج إلى مدة أطول من ذلك. واتفق على أن روسيا وأمريكا ستحتاجان إلى خمس سنوات إضافية لفك الصواريخ المتعددة الرؤوس التي اتُّفق على التخلص منها بموجب START II، وذلك «شريطة أن يتم تعطيل هذه الصواريخ بنزع رؤوسها الحربية وباتخاذ خطوات أخرى يُتفق عليها بين الطرفين.» وتفضل الولايات المتحدة أن يتم تعطيل الصواريخ بنزع رؤوسها الحربية، وهذا العمل يتطلب عدة أسابيع لإنجازه. ومثل هذا الجهد يظهر أثناء المراقبة بالسواتل (الأقمار الصنعية)، كما أنه يمكن التحقق من عدم وجود الرؤوس الحربية على الصواريخ أثناء التفتيش المسموح به بموجب الاتفاقيات START. يجادل الخبراء الروس الآن بأنه لا تتوافر في دولتهم منشآت مناسبة لخزن هذا العدد الكبير من الرؤوس الحربية المنزوعة من الصواريخ. وهم يدرسون الآن خيارات أخرى، مثل تثبيت الغطاء الكبير للمرابض بحيث تلزم آليات ثقيلة لفتحه، ونزع البطارية التي تشغل نظام توجيه الصاروخ أثناء الطيران. والاحتمال الثالث هو استبدال الأفق المخروطي الإيروديناميكي للصاروخ بغطاء له وجه مسطح، يحمي الرؤوس الحربية ولكنه لا يسمح للصواريخ بالانطلاق. |
لقد وضعت كل من القوات الأمريكية والروسية الأسس الإجرائية لمنع وقوع مثل هذه الكارثة. فمن جهتهم وضع مصممو أنظمة القيادة الروس إجراءات طويلة جدا للتأكد من السيطرة المركزية على الأسلحة النووية، لكن أجهزتهم ليست مضمونة، إضافة إلى أن نُظُم الإنذار المبكر الروسية وأنظمة القيادة النووية مهترئة. ففي الشهر 2/1997 أعلن العاملون في المعهد المسؤول عن تصميم أنظمة القيادة المتطورة لسلاح الصواريخ الاستراتيجية (الوحدة العسكرية التي تشغل الصواريخ البالستية الروسية العابرة للقارات) إضرابا لمدة يوم واحد؛ احتجاجا على تأخر رواتبهم ونفاد القطع والمواد اللازمة لتطوير الأجهزة. وبعد ثلاثة أيام من ذلك أكد وزير الدفاع الروسي أنه إذا استمر النقص في التمويل، فإن روسيا قد تصل إلى مرحلة لا يمكن بعدها التحكم في نُظُم الصواريخ والنظم النووية.
ربما كان تحذير هذا الوزير مناورة لحشد الدعم السياسي للحصول على زيادة في النفقات الدفاعية. لكن التقارير الحديثة للاستخبارات المركزية الأمريكية تؤكد أن سلاح الصواريخ الاستراتيجية الروسية يمر فعلا في وقت عصيب. لقد قطعت إدارات الكهرباء المحلية الطاقة الكهربائية عدة مرات عن العديد من منشآت الأسلحة النووية بعد أن عجزت السلطات العسكرية في تلك المناطق عن تسديد فواتير الكهرباء. والأسوأ من ذلك، أن الأجهزة التي تتحكم في الأسلحة النووية تعاني غالبا اضطرابات؛ إذ تنتقل الأجهزة الإلكترونية الهامة والحواسيب في بعض الأحيان – ومن دون سبب ظاهر – إلى وضعية القتال. وفي خريف عام 1996 دبت الفوضى في مراكز تشغيل الأسلحة النووية سبع مرات، عندما حاول اللصوص سرقة كوابل الاتصال الرئيسية طمعا في النحاس الموجود فيها.
إن العديد من الرادارات المبنية أيام الاتحاد السوفييتي السابق بغرض الكشف عن هجوم بالصواريخ البالستية لا يعمل، لذا يزداد عدم وثوقية المعلومات التي توفرها مثل هذه الرادارات. وحتى الحقائب النووية التي تلازم الرئيس ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان تعاني سوء الصيانة والإصلاح. وباختصار فإن النُّظم التي أنشئت للتحكم في الأسلحة النووية الروسية تعاني الآن عجزا شديدا.
إضافة إلى جميع هذه المصاعب الفنية، فإن مؤسسة الأسلحة النووية الروسية تعاني مصاعب إنسانية وإدارية، فطواقم التشغيل تخضع لتدريب أقل من السابق، لذا فهي أقل مهارة في التشغيل الآمن للأسلحة النووية. وعلى الرغم من وعود الرئيس يلتسين بتحسين الظروف المعيشية لهذه الطواقم، أدت مشكلات الإسكان ونقص الأغذية إلى الاستياء والتذمر بين النخبة العاملة في أسلحة الصواريخ الاستراتيجية وأسطول الغواصات الاستراتيجي وحراس المخزون الروسي للرؤوس النووية. وبذا ازداد الاحتمال بأن تهمل القيادات الدنيا اليائسة قواعد الأمان. والأسوأ من ذلك، قد تستولي هذه القيادات على نظم التحكم في الأسلحة النووية، الأمر الذي لا تستطيع سلطة مركزية منعه ومجابهته. وعلى الرغم من أن معظم طواقم التشغيل الرسمية تحتاج إلى معرفة الكودات الخاصة التي يعرفها فقط رئيس الأركان قبل تمكنهم من إطلاق صواريخهم، فقد نبه تقرير حديث لوكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) بأنه قد تكون طواقم بعض الغواصات قادرة على إطلاق الصواريخ البالستية من غواصاتهم من دون الحاجة المسبقة إلى مثل هذه المعلومات.
الصواريخ التي تطلق من الغواصات
لتحقيق الحد الأقصى المسموح بموجب اتفاقيةSTART II، تُخطط الولايات المتحدة للتخلص من 4 غواصات حاملة للصواريخ البالستية من أصل 18 غواصة تملكها، ولتخفيض عدد الرؤوس الحربية من ثمانية إلى خمسة في الصواريخ المعدة للإطلاق من الغواصات. ولتنفيذ أهداف الاتفاقية START III من المحتمل جدا في وقت لاحق أن تتخلص الولايات المتحدة من أربع غواصات أخرى وأن تقلص عدد الرؤوس الحربية لديها إلى أربعة. ويجب القيام بهذه الأعمال مباشرة. وعندها يمكن لروسيا أن تقوم في الحال بنزع الرؤوس الحربية من غواصاتها المقرر نزعها بموجب الاتفاقيات START.
ومن دون ترتيبات نظام تحقيق متطور لا تستطيع أي دولة منهما تحديد وضع غواصات الدولة الأخرى في البحر. لكن مهما يكن، على كلتا الدولتين تخفيض جاهزية الإطلاق. إن نصف عدد الغواصات الأمريكية العاملة حاليا تتجه نحو أهدافها وهي في حالة تأهب متوسطة، ويحتاج البحار إلى 18 ساعة لإتمام الإجراءات اللازمة، مثل رفع الصفائح الغاطسة عن مواسير الإطلاق، وهي الحالة التي تكون فيها الغواصة في حالة التأهب القصوى. وتستطيع أغلب الغواصات الأمريكية في البحار البقاء في حالة التأهب المتوسطة. ويمكن تخفيض جاهزيتها أكثر من ذلك بترك نظم قيادة الصواريخ وخزنها على متن الغواصة. ولا يتوافر مثل هذا الخيار في الغواصات الروسية، إذ لا يمكن الوصول إلى الصواريخ من داخل الغواصة. ويجب أن تتعهد روسيا أيضا بإبقاء صواريخها المحمولة على الغواصات في المرافئ في حالة عدم تأهب للإطلاق. (إن الغواصات الأمريكية لا تكون عادة في المرافئ عندما تكون في حالة تأهب). قد تتمكن الولايات المتحدة من مراقبة حالة تأهب الغواصات الروسية، ولكن على روسيا تبيان حالة هذه الغواصات بشكل واضح. |
وحتى على مستوى القيادات العليا تعاني السيطرة على الأسلحة النووية تمزقا بسبب الاتجاهات السياسية المتعددة. فالعلاقة بين السياسيين والقيادات العسكرية في روسيا متوترة، وتبقى السيطرة الفعلية على شيفرات الإطلاق في أيدي العسكريين. لذا فإنه خلال الأزمات الداخلية يمكن للقيادات العسكرية انتزاع الإذن بإطلاق الصواريخ البالستية. وفي واقع الحال، أثناء انقلاب الشهر 8/1991 ضد الرئيس ميخائيل گورباتشوڤ، تبدل ولاء القيادات العليا بشكل مفاجئ مما أدى إلى انكسار التسلسل الطبيعي لقيادة الأسلحة النووية الروسية، وبقيت لمدة ثلاثة أيام سلطةُ إطلاق الأسلحة النووية بيد وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان. ونظرا للظروف القاسية في روسيا فمن الممكن أن يحدث ذلك ثانية.
وعلى الرغم من تبدل الأوضاع العالمية بشكل كبير منذ نهاية الحرب الباردة فإن روسيا والولايات المتحدة كلتيهما مستمرتان في الاحتفاظ بأغلب صواريخهما النووية في حالة تأهب قصوى. لذا فخلال بضع دقائق من تلقي الأوامر بالإطلاق فإنه يمكن لجزء كبير من الصواريخ الأرضية في روسيا والولايات المتحدة(1) أن تبدأ رحلة الـ 255 دقيقة عبر القطب الشمالي للوصول إلى أهدافها الحربية. وفي أقل من 155 دقيقة بعد تلقي أمر الهجوم تستطيع ست غواصات تريدنت أمريكية في البحر أن ترسل 1000 رأس حربي، ويمكن لعدة غواصات روسية حاملة لصواريخ بالستية أن تطلق ما بين 300 و400 صاروخ. وهكذا نرى أن الدولتين العظميين ما زالتا قادرتين خلال نصف ساعة على أن تطلق إحداهما على الأخرى ما مجموعه 5000 رأس نووي.
لماذا إذًا تحتفظ دولتان وهما بحالة سلم بمثل هذه الأوضاع العدوانية التي تجعل من شن هجوم بالخطأ ومن دون موافقة القيادة العليا خطرا دائما؟ والجواب عن هذا السؤال هو أن المخططين العسكريين من كلا الطرفين ما زالوا يفكرون باحتمال تعرضهم لهجوم نووي مفاجئ. وهم يفترضون أن هدف «الضربة الأولى» سيكون سلاحهم النووي الاستراتيجي ومراكز القيادة التي توجهه. ولردع مثل هذا العدوان يسعى كل بلد للتأكد من أنه قادر على الرد بقوة بهجوم معاكس ضد جميع أنواع الأهداف العسكرية في أراضي الخصم، بما في ذلك منشآت الأسلحة النووية. ويُحمّل هذا المطلب المخططين العسكريين مسؤوليةً تُماثل – في الواقع من حيث هدفها – الاستعداد للضربة الأولى؛ إذ يجب أن يكونوا قادرين على ضمان التخريب السريع لآلاف الأهداف المنتشرة في عرض القارة.
يجب أن يتناقص العدد الكلي للصواريخ الاستراتيجية الروسية والأمريكية خلال العقد القادم ليتوافق مع متطلبات اتفاقيات تخفيض الأسلحة الاستراتيجية (START)، وبموجب هذه الاتفاقيات يحق لكل دولة امتلاك 500 إلى 1000 رأس حربي جاهز للانطلاق. (العمود المظلل يدل على عدد الرؤوس المحتفظ بها في حالة تأهب دائم). |
ولتحقيق مثل هذا المطلب يعتمد كل من الروس والأمريكيين على «استراتيجية الإطلاق عند الإنذار»(2)، التي تعني أن كل طرف يُحضِّر نفسه لإطلاق صواريخ كانتقام واسع بعد اكتشاف هجوم صاروخي معادٍ، ولكن قبل أن تصل رؤوسه الحربية (التي قد تحتاج إلى 15 دقيقة إذا أطلقت من غواصة قريبة). وعلى الرغم من أن لدى الولايات المتحدة آلاف الرؤوس الحربية المنتشرة في البحر بشكل محمي، فإنها ملتزمة باستراتيجية الاستجابة السريعة بسبب احتمال تعرض منصات الصواريخ وأجهزة القيادة للهجوم، بما في ذلك القيادة السياسية والعسكرية في واشنطن.
يرى القادة الروس أنهم بحاجة أكبر إلى شنّ هجومهم الصاروخي عند الإنذار. وبطبيعة الحال يخشى رئيس الأركان الروسي أنه إذا لم تنطلق الصواريخ النووية فورا، فإن عشرات منها فقط سيكون قادرا على الاستجابة بعد وصول هجوم أمريكي منظم. وفي حال حدوث هجوم مفاجئ، فإن مواقع القيادة الروسية ومنصات الصواريخ عرضة للتدمير كما هي الحال بالنسبة لنظيراتها الأمريكية.
ومما يزيد من هذا القلق عدم قدرة روسيا في الوقت الحاضر على نشر العديد من أسلحتها المتبقية، سواء كانت غواصات ومنصات صواريخ أرضية متحركة. وقد أدى النقصُ في الموارد والأشخاص الأكفاء في البحرية الروسية إلى اختصار عملياتها بمقدار كبير. فمن أصل 26 غواصة تُبقي روسيا على الدوام غواصتين فقط تحملان صواريخ بالستية كدورية اشتباك. كما تمنع مصاعب مماثلة روسيا من التمويه على أكثر من كتيبة وكتيبتين من العربات الحاملة للصواريخ بنشرها في الحقول، في حين يُحتفظ بعربات الكتائب الأربعين المتبقية – والتي تتحكم كل منها في تسعة صواريخ ذات رأس نووي واحد – متوقفة في مرآب التخزين. وهذه الصواريخ أكثر عرضة للهجوم من تلك المخزونة على منصات تحت الأرض. كما أن لدى روسيا ستة وثلاثين صاروخا لكل منها عشرة رؤوس نووية على منصات محمولة على عربات قطار ومصممة لإخفائها عبر شبكة السكك الحديدية الروسية الواسعة، لكن هذه العربات صارت مقيدة في مواقع ثابتة تمشيا مع قرار أصدره الرئيس گورباتشوڤ في عام 1991.
إن هذا الخوف من التدمير دفع روسيا لتأهيب بعض غواصاتها في الموانئ وبعض الصواريخ المتنقلة على منصات للإطلاق عند التحذير، إضافة إلى صواريخ على منصات تحت الأرض. وتم اختصار الزمن المتوافر لاتخاذ قرار إطلاق هذه الأسلحة بسبب وجود الغواصات الأمريكية والبريطانية والفرنسية التي تجوب شمال الأطلسي، على بعد 3200 كيلومتر فقط من موسكو. وهذا القرب يعني أن الزمن اللازم لإجراءات إطلاق الصواريخ النووية الروسية يجب أن يكون أقل من 15 دقيقة: عدة دقائق لاكتشاف الهجوم، وعدة دقائق أخرى لاتخاذ القرار على مستوى القيادة العليا، وعدة دقائق لتوزيع أمر الإطلاق. والقادة الروس والقيادة الصاروخية مهيؤون للعمل ضمن حدود هذا الزمن القصير، وتُجرى اختبارات عملية منتظمة على ذلك. وتعمل الأسلحة النووية الأمريكية ضمن فترة إنذار قصيرة مماثلة.
من الواضح أن الطبيعة المتسرعة لهذه الآلية – بدءا من التحذير حتى اتخاذ القرار والتنفيذ – تتضمن أخطارا قد تتسبب بخطأ كارثي. ويزداد الخطر نتيجة تداعي المقدرة الروسية على التمييز الموثوق بين الظواهر الطبيعية والمغامرات السلمية في الفضاء والهجوم الصاروخي الحقيقي؛ إذ لا يعمل سوى ثلث رادارات الإنذار المبكر الروسية الحديثة، كما أن اثنتين على الأقل من أصل الفتحات التسع في منظومات أقمار الإنذار الصاروخي خالية.
منصات الصواريخ المحمولة
يمكن أن يبدأ إنهاء حالة التأهب أولا بالصواريخ الروسية المحمولة (لا تملك الولايات المتحدة هذا النوع من الصواريخ) وذلك برفع الرؤوس الحربية، المقرر إزالتها ضمن برنامج الاتفاقية START II، من 36 صاروخا محمولا على سكك القطارات.
وهناك احتمال ممكن بالنسبة للصواريخ المحمولة على شاحنات، وهو تغيير أمكنة خزنها؛ إذ إن التصميم الحالي لسقف ملاجئها هو باب جرّار، وهذا يسمح لنظام الاحتراق بتوجيه الصاروخ وإطلاقه من الداخل. ويمكن اتخاذ إجراءات تُضعِف نظام الإطلاق نفسه بحيث يحتاج إلى عدة ساعات لإعداده. |
لقد سببت الأخطارُ الناجمة عن هذا التراجع في القدرات الفنية الروسية إلى حد ما، تراخيا في التوتر الذي رافق انتهاء الحرب الباردة. فالمناخ السياسي المعتدل السائد حاليا لدى أصحاب القرار في كلا الطرفين يُرجح التحقق من صحة أي تقارير تصلهم عن أي هجوم صاروخي وشيك. وفي جميع الأحوال فإن تجهيز أسلحة الخصمين للاستجابة السريعة يحمل خطرا فعليا، فقد ينجم عنه إطلاق خاطئ وردٌّ على هذا الإطلاق بوابل من الصواريخ. ولا يمكن نفي احتمال وقوع مثل هذا الحادث التصوري حتى في الظروف العادية. وإذا خضعت قيادة الأسلحة النووية الروسية للضغوط الداخلية والأزمات السياسية الدولية، ففجأة قد يصبح الخطر أكثر شدة.
وخلال الحرب الباردة، خضعت مثل هذه الأخطار لمطلب مهم، وهو ردع عدو يُعتقد أنه ينوي البدء بهجوم نووي. لكن لم يعد من الممكن الدفاع عن مثل هذا التبرير حتى لو كان صحيحا من قبل. ففي هذه الأيام التي تسعى فيها الدولتان لإقامة علاقات اقتصادية طبيعية وتعاون في الترتيبات الأمنية، فإن استمرار جاهزية إطلاق الأسلحة النووية عند مجرد التحذير من وقوع هجوم معاد يصبح سلوكا طائشا. وما زال هذا التفكير راسخا بحيث لن يستكين إلا بضغط مستمر من قبل الشعب على القادة السياسيين وبخاصة الرؤساء ليستبدلوا بهذه السياسة أخرى أكثر أمانا.
إن نزع الأسلحة النووية المتفق عليه بموجب معاهدات تخفيض الأسلحة الاستراتيجية (ستارت START) يجب أن يؤدي إلى تقليص التهديد بحرب نووية غير مقصودة، لكن هذه التبدلات لا يمكن أن تتم إلا بالتدريج. فبموجب بنود المعاهدة START III، التي صادق عليها في هلسنكي في ربيع 1997 كلّ من الرئيس يلتسين والرئيس بِل كلينتون، سيتم حتى عام 2007 تخفيض الأسلحة الاستراتيجية لدى كل من الطرفين إلى 2000 رأس حربي. لكن إذا لم تتم مراجعة الممارسات الحالية، فإنه خلال العشر سنوات القادمة سيبقى نصف هذه الأسلحة النووية قادرا على الانطلاق خلال بضع دقائق من الإنذار.
ويمكن التقليل من احتمال الإطلاق غير المقصود بقدر أكبر إذا تم رفع حالة التأهب عن هذه الصواريخ، أي زيادة الزمن اللازم لإعدادها للانطلاق. فعلى كل من الولايات المتحدة وروسيا التحرك بهذا الاتجاه لتحقيق عالم أكثر أمنا، ويفضل أن تتخذا في هذا المضمار خطوات واسعة وعلى التوازي. ومن أشهر دعاة هذا التوجه نائب جورجيا السابق سام نَن والجنرال المتقاعد جورج بَتلر، رئيس أركان القوات الاستراتيجية للولايات المتحدة من عام 1991 حتى عام 1994. كما يَلقى هذا التوجه الدعم من مجموعة المنظمات غير الحكومية التي لها علاقة بالأمن النووي ومن بعض أعضاء الكونگرس (مجلس النواب) الأمريكي. وفي روسيا تقوم وزارة الدفاع بدراسة جدية لمثل هذه التعديلات.
مناطق التدمير إذا سقط رأس حربي نووي وزنه 500 كيلوطن على النصب التذكاري في واشنطن، فسيغطي انفجاره عدة مئات من الكيلومترات المربعة حول مدينة واشنطن العاصمة. تشير الدائرة الداخلية إلى المنطقة التي سيقُتل فيها أغلب الناس مباشرة بعد الانفجار. وتحدد الدائرة الخارجية المنطقة التي سيهلك فيها عدد آخر نتيجة العاصفة النارية في المناطق المأهولة. وسيمتد مدى الإصابات بالتأكيد إلى مناطق أبعد. |
لقد أعلن الرئيس جورج بوش في نهاية الشهر 9/1991 عن مبادرة في هذا المضمار جديرة بالذكر، وذلك بإلغاء حالة التأهب(3) للأسلحة النووية، بعد أن أخذ الاتحاد السوفييتي بالتفكك في أعقاب المحاولة الانقلابية التي جرت في الشهر 8/1991. لقد أمر الرئيس بوش مباشرة – وبنصيحة من الجنرال بتلر – بتخفيض مستوى الاستنفار للعديد من قاذفات القنابل الاستراتيجية الأمريكية، التي ظلت لعدة عقود جاهزة للانطلاق خلال بضع دقائق فقط بعد التحذير. وبعد ذلك بقليل فرَّغ أفراد القوات الجوية حمولة هذه الطائرات من الأسلحة النووية وتم تخزينها. إضافة إلى ذلك أنهى الرئيس بوش استنفار الصواريخ الاستراتيجية المزمع التخلص منها بموجب المعاهدة START I، والتي تتألف من 450 منصة صاروخية تحت الأرض من النوع مينيتمان Minuteman II، إضافة إلى الصواريخ المحملة على عشر غواصات من النوع پوسيدون Poseidon. ولم يتطلب تنفيذ هذه الإجراءات الهامة سوى بضعة أيام.
وبعد ذلك بأسبوع، استجاب الرئيس گورباتشوف بإصدار الأوامر بإبطال أكثر من 500 منصة صواريخ ثابتة وست غواصات استراتيجية، وكذلك إبقاء جاهزية القاذفات الاستراتيجية في حده الأدنى وإيداع الصواريخ المحملة على عربات قطارات في المستودعات. وفي الأشهر اللاحقة، سحب كلا البلدين عدة آلاف من الرؤوس النووية التكتيكية القصيرة المدى والمنتشرة بين قواتهما المسلحة البرية والبحرية، وتم تخزين هذه الأسلحة في مستودعات مركزية.
وصفة للتغيير
لتهدئة المخاوف التي تحمل روسيا على المحافظة على صواريخها جاهزة للإطلاق عند التحذير، فإنه يترتب على رئيس الولايات المتحدة إصدار الأوامر التالية:
1 فك الرؤوس الحربية للصواريخ MX وإيداعها في مستودعات (في جميع الأحوال، ستحال هذه الرؤوس إلى المستودعات بموجب الاتفاقية START III). 2 تعطيل جميع الصواريخ Minuteman III وذلك بفتح الإبر قاطعات الأمان فيها (كما تم في عام 1991 للصواريخ Minuteman II). وإذا ما قابلت روسيا ذلك بالمثل، فإن هذه الصواريخ يجب إعاقتها بطريقة تحتاج إلى مدة أطول بكثير لإعادة تأهيلها. 3 نزع وخزن الرؤوس الحربية في غواصات التريدنت Trident الثماني، المقرر إيقافها عن العمل بموجب START II وتخفيض عدد الرؤوس الحربية في صواريخ الغواصات المتبقية من ثمانية رؤوس إلى أربعة. 4 نزع الرؤوس الحربية W88 من صواريخTrident II، ووضعها في المستودعات والاستعاضة عنها برؤوس حربية أبطأ استجابة. 5 السماح لروسيا بالتحقق من هذه الإجراءات بالقيام ببعض عمليات التفتيش السنوية المسموح بها بموجب الاتفاقية START I، وكذلك السماح بعدد أكبر من الزيارات التفتيشية إذا كانت روسيا ترغب في ذلك. 6 وضع جميع غواصات الولايات المتحدة – الحاملة للصواريخ البالستية في البحار – في حالة تأهب منخفضة، بحيث يلزم على الأقل 24 ساعة لإعداد الصواريخ للإطلاق، وإبقاء معظم الغواصات بعيدا عن مدى الأهداف الروسية. وكذلك النظر في جعل هذه التغييرات قابلة للتحقق منها في المستقبل ومناقشة الرسميين الروس حول إمكانية مقابلة تلك الترتيبات بالمثل. وحتى بعد اتخاذ هذه الإجراءات، تبقى ست غواصات حاملة لـ 576 رأسا حربيا في البحر غير مكتشفة، كما أن الصواريخ Minuteman IIIالثابتة لا يمكن تدميرها إلا بهجوم واسع على نحو 500 مربض. وكرد على مبادرة الرئيس الأمريكي، يمكن للرئيس الروسي إصدار الأوامر التالية: 1 نزع الرؤوس الحربية من جميع الـ 46 صاروخا من النوع SS-24 المحمولة على سكك القطارات والصواريخ المستقرة في المرابض (التي سيتم التخلص منها أصلا ضمن الاتفاقية START II). 2 تجميد جميع الصواريخ في المرابض التي سيتم إحالتها إلى المستودعات بموجب الاتفاقية START II. 3 نزع الرؤوس الحربية من غواصات الصواريخ البالستية والتي سيتم إحالتها إلى المستودعات بموجب الاتفاقيات START . 4 وضع جميع غواصات الصواريخ البالستية (في المرفأ وفي البحر) في حالة لا يمكن إطلاق صواريخها قبل 24 ساعة على الأقل. 5 تعطيل منصات الإطلاق لجميع قواعد الصواريخ البالستية المتحركة بحيث يحتاج تأهيلها إلى عدة ساعات. وبعد اتخاذ هذه الإجراءات يبقى نحو 128 إلى 400 رأس حربي في غواصتين في البحر غير مكتشفتين، ونحو 9 إلى 18 صاروخا من النوع SS-25 على منصات إطلاق متحركة مخبأة بشكل آمن في الحقل. إضافة إلى نحو 2700 رأس حربي في مرابض قواعد الصواريخ البالستية عابرة القارات التي لا يمكن تدميرها إلا بالقيام بهجوم ناجح على نحو 340 مربضا صاروخيا. |
وفي عام 1994 اتخذ الرئيس كلينتون والرئيس يلتسين معا خطوات إضافية في هذا المضمار، عندما وافقا على إيقاف تصويب الصواريخ الاستراتيجية لكل من بلديهما نحو البلد الآخر. ولكن على الرغم من إيجابية مثل هذه المبادرة فإن أهميتها العسكرية محدودة؛ إذ يمكن لطواقم الصواريخ إدخال البيانات الخاصة بالأهداف في حواسيب القيادة خلال عدة ثوان. وفي الحقيقة إن ميثاق 1994 لم يخفف القلق من الإطلاق الروسي غير المقصود، لأن الصاروخ غير المبرمج يعود آليا إلى التوجه نحو هدفه أيام الحرب، والذي يمكن أن يكون ملجأ منصة إطلاق في مونتانا ومركز القيادة في واشنطن ولندن وباريس وبكين. والصواريخ الروسية مثلها مثل الصواريخ الأمريكية لا يمكن إعطاؤها أمرًا بتحطيم نفسها بعد انطلاقها.
إن على حكومة الولايات المتحدة الأمريكية – المالكة لأكثر الأسلحة قوة ولأشد نظام قيادة تماسكا – اتخاذ قرار ريادي في جولة جديدة من الإجراءات التطوعية وذلك بالإعلان عن أنها ستسحب الرؤوس الحربية الأمريكية الأكثر تهديدا للرادع النووي الروسي (وبخاصة تلك القادرة على قصف ملاجئ الصواريخ الروسية ومراكز القيادة تحت الأرض). إن أكثر الرؤوس الحربية تهديدا هي تلك المنتشرة على القواعد الصاروخية من النوع MX 500، والمسلحة بعشرة رؤوس حربية لكل منها، وتلك ال400 رأس حربي من النوع W88 عالي المردود والمركّبة على رؤوس بعض الصواريخ المقامة على غواصات من النوع تريدنت Trident. ونرى أنه من الضروري تجميد جميع قواعد الصواريخ من النوع مينيتمان Minuteman (نحو 500 صاروخ)، والمسلحة كل منها بثلاثة رؤوس حربية، وتخفيض عدد الغواصات المنتشرة خلال فترة السلم إلى النصف، وإنقاص عدد الرؤوس الحربية في صاروخ محمول على غواصة من ثمانية إلى أربعة رؤوس فقط. كما يجب تعديل آليات تشغيل الغواصات حاملة الصواريخ البالستية بحيث يلزم يوم واحد تقريبا لطاقم التشغيل لإعداد الصواريخ للإطلاق.
إن هذه الإجراءات ستترك نحو 600 رأس حربي أمريكي في البحار جاهزة للعمل، كل واحد منها قادر على تدمير قلب مدينة كبيرة. وبمثل هذه القوة تحتفظ الولايات المتحدة بقدرة وافرة لردع أي تهديد نووي. ومثل هذا التحول الكبير من قبل الولايات المتحدة سيعزز بشكل واضح عدم نيتها تهديد روسيا بتوجيه الضربة الأولى إليها. وإننا مقتنعون أن مثل هذا التحول في السياسة سيقنع روسيا باتباع النهج نفسه وبإخراج معظم صواريخها من حالة التأهب العظمى. كما ستساعد هذه التحولات على الإسراع في تنفيذ معاهدات نزع الأسلحة المتفق عليها في إطار START II وSTART III. وإننا نقدر أن معظم العمل يمكن إتمامه خلال عام وعامين.
وحاليا تتوافر قدرات للتحقق من إلغاء حالة تأهب الأسلحة النووية. فمثلا، يمكن مراقبة عدد الغواصات حاملة الصواريخ البالستية في المرافئ باستخدام السواتل (الأقمار الصنعية)، ويمكن التحقق من معظم الإجراءات الأخرى خلال عمليات التفتيش العشوائية المسموح بها بموجب الاتفاقية START I. ويمكن على المدى الأطول تصميم طرق تقنية إضافية تساعد على إجراء تحققات أكثر تواترا من أن الصواريخ النووية لا تشكل تهديدا مباشرا. فمثلا يمكن استخدام الختم الإلكتروني للتأكد من أن الجزء الذي نُزع من الصاروخ لم يركب ثانية. ويمكن عن بُعد التحقق من بقاء مثل هذا الختم في مكانه وذلك بوساطة أقمار اتصالات تستخدم الاتصالات المشفرة (المعمّاة).
إن هذا المقترح – الهادف إلى إلغاء حالة التأهب للأسلحة النووية الأمريكية والروسية – يقلص قدرة أي من البلدين على القيام بالضربة الأولى؛ وبذلك سيُنهي كلا من القدرة والدواعي للاحتفاظ بالصواريخ جاهزة للإطلاق عند الإنذار. وسيتريث القادة في الاستجابة لأي إنذار قبل تقرير نوع الاستجابة، مما يخفض بشكل كبير أخطار الإطلاق الخاطئ وغير المصرّح به.
إننا ندرك أن القادة العسكريين في الولايات المتحدة وروسيا يمكن أن يصروا على الاحتفاظ بجزء صغير من أسلحتهم الحالية في حالة تأهب قصوى، ربما مئات الرؤوس الحربية لكل من البلدين، إلى أن تقوم دول نووية أخرى مثل بريطانيا وفرنسا والصين، بالانضمام لتطبيق إجراءات لإنقاص قدرات أسلحتها النووية؛ لكن إذا تمكنت الولايات المتحدة وروسيا من تأسيس أعلى مستويات الأمان الممكنة لقواتهما الحربية، فإن عليهما القيام بأسرع ما يمكن لإلغاء حالة التأهب عن جميع صواريخهما، ومن ثم القيام بخطوات إضافية لإطالة الزمن اللازم لإعادة تنشيط هذه الأسلحة.
سيكون الهدف النهائي هو فصل معظم – إن لم يكن جميع – الرؤوس النووية عن وسائل إيصالها الصاروخية، ومن ثم – بطبيعة الحال – التخلص من معظم الرؤوس النووية والصواريخ المخزونة. ولتطبيق مثل هذا البرنامج الواسع بشكل كامل، فإنه يلزم تعزيز وسائل التحقق لتتأكد كل دولة نووية فيما إذا كانت دولة أخرى تقوم بإعداد صواريخها النووية للإطلاق.
إن التحرك نحو التخفيض العالمي للأسلحة النووية سيواجه من دون شك مقاومة قوية من أولئك الذين تهيمن عليهم الخشية من الاستعداد السري لهجوم مفاجئ. وعند تصميم الإجراءات اللازمة لإلغاء حالة التأهب الدائم عن الصواريخ النووية يلزم أن يؤخذ هذا الاحتمال البعيد بعين الاعتبار. لكن هذه الخطط يجب تحقيقها بأسرع ما يمكن لإزالة أكثر الأخطار المباشرة، وهو الإطلاق الخاطئ وغير المخوّل للصواريخ النووية.
المؤلفون
Bruce V. Blair – Harold A. Feiveson – Frank N. von Hippil
قاموا بدراسة مكثفة لسياسة التسلح النووي. فقد عمل بليير أربع سنوات في قيادة سلاح الجو الاستراتيجي للولايات المتحدة قبل حصوله على الدكتوراه في بحوث العمليات عام 1984 من جامعة ييل، ويعمل حاليا محللا لشؤون الدفاع في معهد بروكينگ في واشنطن العاصمة. أما فيڤسون فقد حصل على الماجستير في الفيزياء النظرية عام 1959 من جامعة كاليفورنيا. وعمل في وكالة الحد من الأسلحة ونزع السلاح الأمريكية أربعة أعوام قبل أن ينتقل إلى جامعة برنستون لدراسة العلاقات العامة والدولية، وحصل على الدكتوراه عام 1972 وانضم إلى جامعة برنستون عام 1974. وأما ڤون هيپل فقد حصل في عام 1962 على الدكتوراه في الفيزياء النظرية من جامعة أكسفورد، وفي عام 1993 عمل في مكتب الرئيس مستشارا للشؤون العلمية، وفي عام 1994 عمل مساعدا لمدير شؤون الأمن القومي. وهو حاليا أستاذ العلاقات العامة والدولية في جامعة برنستون.
مراجع للاستزادة
THE LOGIC OF ACCIDENTAL AL NUCLEAR WAR. Bruce G. Blair. Brookings Institution, 1993.
GLOBAL ZERO ALERT FOR NUCLEAR FORCES. Bruce G. Blair. Brookings Institution, 1995.
CAGING THE NUCLEAR GENIE: AN AMERICAN CHALLENGE FOR GLOBAL SECURITY. Stansfield Turner. Westview Press, Boulder, Colo., 1997.
THE FUTURE OF U.S. NUCLEAR WEAPONS POLICY. National Academy of Sciences. National Academy Press, 1997.
Scientific American, November 1997
(1) لديهما على التوالي نحو 2000 و3500 صاروخ.
(2) launch-on-warning. (التحرير)
(3) de-alerting