تقرير خاص
تقرير خاص
مستقبل استكشاف الفضاء(*)
لقد دشن الساتل(1) السوکييتي سپوتنيك، الذي أطلق
قبل نصف قرن، عصر الفضاء. تُرى، ما الذي سيعقب ذلك؟
عندما يتحدث الناس عن لحظة محفورة في ذاكرتهم، فإنهم عادة يستحضرون جانبها السلبي مثل: اغتيال الرئيس الأمريكي <F.J.كينيدي>، وتحطم السيارة المأساوي الذي أودى بحياة الأميرة ديانا، وما حصل في11/9/2001. لكن إطلاق الساتل سپوتنيك، الذي جرى في مثل هذا الشهر قبل 50 عاما، شيء مختلف. لقد كان له، بالتأكيد، جانبه السلبي: فما من أحد يود أن يرى بعد استيقاظه من النوم، أن عدوه الذي يمتلك أسلحة نووية، قذف بِكرة باهرة الضوء فوق رأسه، وأنه لا يستطيع فعل شيء حيال ذلك. لكن بزوغ عصر الفضاء كان أيضا حدثا مفعما بالأمل. فالحالمون مجَّدوا خروج البشرية من مهدها، بعد أن طال انتظارهم لهذا الخروج؛ وسرعان ما استثمر الأشخاص العمليون هذا الحدث في الاتصالات والتنبؤات الجوية بوساطة «السواتل». ثم إن كثيرا من علماء هذه الأيام يعزون تحقق ما يتوقون إليه في حياتهم إلى السواتل التي تبدو نقطا سريعة الحركة في السماء ليلا. وقد كتب الفلكيان <L.F.ويپل> و <A.J.هاينك> في عدد الشهر 12/1957من مجلة ساينتفيك أمريكان ما يلي: «خلال آلاف السنين التي كان ينظر الإنسان فيها إلى النجوم، لم يواجه قط تحديا شديد الإثارة يماثل تحدي عام 1957 الذي داهمه على نحو مفاجئ.»
ويواصل تقدم برنامج الفضاء إثارته لنا. فبعد عقد من الزمن، أو نحو ذلك، سيغدو تعرف الفضاء أمرا بالغ الصعوبة. فالمكوك ـ الذي يُعد، مع جميع الأخطاء التي يرتكبها، أكثر الآلات الطائرة التي بُنيت حتى الآن تعقيدا وتطورا ـ سيصبح شيئا عفا عليه الزمن. وتتحرك الوكالة ناسا الآن نحو نظام كونستليشن Constellation system، وهو أساسا تقانة عالية تطبق لتطوير صواريخ وكبسولات أپولو [انظر: «إلى القمر وما بعده»، في هذا التقرير الخاص]. وفي حين يعتبر المكوك سفينة فضائية طموحة لها أهداف متواضعة (كعربة نقل للحمولات إلى المدار بانتظام)، فإن نظام كونستليشن هو سفينة فضائية متواضعة لها أهداف طموحة، هي: بناء قاعدة على القمر، والقيام بزيارة لكويكب، وأخيرا، إقامة مستوطنات بشرية على المريخ. ويقوم <M.گريفّين> مدير ناسا، بالإشراف على مقرر دراسي مستمر ولكنه بطيء، وهو يحاجّ في أن من الممكن استدامة هذا المقرر بميزانية محدودة ـ وهذا أسلوب يتمنى كثير من الناس لو أن أسلافه سلكوه قبل 30 عاما.
وفيما يتعلق بالبعثات الإنسالية(1) robotic إلى الكواكب أيضا، فإن العقود القادمة تعد بحدوث تحولات كبيرة. فبعد إتمام الاستكشاف الأولي الرائع للمنظومة الشمسية، تقوم وكالات الفضاء العالمية بإجراء تنقيبات أعمق. وربما ظل دون جواب أهم سؤال، وهو ذاك الذي يستفسر عما إذا كنا وحدنا الموجودين في المنظومة الشمسية. هذا وإن العوالم، التي كان يظن، في وقت من الأوقات، أنها غير صالحة للحياة، مثل أقمار المشتري وزحل، قد تحوي أجزاء داخلية ملائمة لوجود كائنات حية. وبحلول الذكرى المئوية لإطلاق سپوتنيك، فقد يزول في الأغلب الخط الفاصل الحالي بين برامج الاستكشاف البشري وعلم الإنسالية robotic science، وذلك بعد أن يتولى رواد الفضاء إنجاز بعض العمليات التي يصعب جدا على الإنساليات تنفيذها.
إن جناحي البرنامج الفضائي كليهما، البشري والإنسالي، بحاجة ماسة إلى الاستقرار. ثم إن الميزانية المتقلبة ارتفاعا وانخفاضا في السنوات الأخيرة، وكذلك التأرجحات في الأولويات العامة، أوصلتنا إلى طرق مسدودة وضياع للوقت. وسنحدد في المقالة الثانية من هذا التقرير الخاص، رأس قائمة أولويات العلماء في علم الكواكب. وستكون البعثات العظيمة، الفلكية والكوسمولوجية والفيزيائية، هي من مواضيع مقالات مجلة العلوم خلال السنوات المقبلة.
سيكون العالَم مكانا مختلفا لولا عصر الفضاء. لم يكن كل شيء إيجابيا، لكن حيواتنا(2) ستكون أغنى في هذا العصر. وإذا ما كان تخطيطنا جيدا الآن، فبمقدورنا التوثق من أننا سنكون قادرين على قول الشيء نفسه في عام2047.
< S.آشلي> ـ<G.مسر> ، عضوان في هيئة تحرير مجلة «ساينتفيك أمريكان»
(*) THE FUTURE OF SPACE EXPLORATION
(1) نسبة إلى إنسالة robot وهذه نحت من إنسان-آلي.
(2) ج: حياة.