جليد غير مستقر
جليد غير مستقر(*)
يمكن للمياه الغزيرة في حالتها السائلة التي اكتشفت مؤخرا تحت المسطحات
الجليدية الضخمة في العالم أن تزيد من شدة تأثيرات الاحترار العالمي التي
تُخل باستقرار هذه المسطحات. وعندئذ، وحتى من دون أن تذوب، يمكن لهذه
المسطحات أن تنزلق، نحو البحر وترفع ـ بصورة كارثية ـ مستوى سطحه.
<E.R.بل>
مفاهيم مفتاحية
تحت المسطحات الجليدية يكمن «نظام أنابيب»plumbing system معقد من أنهار وبحيرات ومياه جليد ذائبة. وهذه المياه تُزلق جريان مجاري الجليد الواسعة الامتداد نحو البحر. لآلاف السنين، كانت كمية الجليد المُنصرف إلى البحر متوازنة مع كمية الثلج المتساقطة. ولكن عندما يُزيد الهواء الدافئ أو المياه الذائبة السطحية من تزليق الجريان أو يزيل عوائقه الطبيعية، تتحرك كميات ضخمة من الجليد بصورة مفاجئة باتجاه البحر. تجاهلت نماذج ارتفاع مستوى سطح البحر المحتمل الناتج من تغيّر المناخ، تأثيرات المياه تحت الجليد ومجاري الجليد الضخمة في انسياب الجليد إلى البحر. محررو ساينتفيك أمريكان |
في أثناء مرور مختبرنا البحثي الطائر P-3 بسرعة فوق السطح المتجمد من بحر «ويدلّ»(1)، كنتُ منبطحا وأنا أحدّق عبر فتحة في أرضية الطائرة في الفقمات والبطارق والجبال الجليدية، التي يكبر حجمها ويصغر مع انخفاض الطائرة وارتفاعها. وعلى ارتفاع 500 قدم، بدا كل شيء صغيرا ما عدا الرفوف الجليدية الضخمة ـ التي تبدو كامتدادات لانهاية لها من الجليد، تعادل ثخانتها طول عدة ملاعب لكرة القدم، وتطفو على المحيط الجنوبي Southern Ocean على شكل إطار يحيط بمسطحات الجليد التي تغطي أنتاركتكا (قارة القطب الجنوبي). وقد كانت جميع رحلاتنا الجوية في أواسط الثمانينات رحلات مسح استطلاعي: كنا نقضي 12 ساعة في الجو بعد تركنا قاعدتنا في جنوب تشيلي، ولذلك كان لدينا الوقت الكافي لنتحدّث مع الطيارين حول هبوط إجباري على رفوف الجليد. ولم يكن الأمر ثرثرة تافهة. لقد تعطل أكثر من مرة أحد محركاتنا الأربعة. وفي عام 1987 أصبح شق ضخم مرئيا باستمرار على طول طرف رف «لارسن B» الجليدي في البحر قرب شبه جزيرة أنتاركتكا ـ وهذا يوضّح أنّ الهبوط الاضطراري لن يكون هبوطا سهلا.
وهذا الشق في الجليد جعَلنا أيضا نتساءل: هل مياه المحيط تحت هذه الكتل الجليدية الضخمة دافئة بصورة كافية لتجعلها تتقطّع، مع أنّها كانت مستقرّة لأكثر من 000 10 سنة؟
وبعد عقد من الزمان، بدأ زميلي <T.سكامبوس> [من المركز الوطني للثلج وبيانات الجليد في بولدر، كولورادو] بملاحظة وجود تغيّر في صور سواتل الطقس للرفوف الجليدية نفسها التي رأيتها من الطائرة P-3. فقد بدأت تظهر بقع قاتمة، مثل النمش على جلد الإنسان، على الجليد الأبيض الرتيب. وبيّنت صور ملوّنة لاحقة أنّ البقع القاتمة ما هي إلا مناطق ذات لون أزرق قاتم لامع. فقد أدى تغيّر المناخ العالمي إلى تسخين شبه جزيرة أنتاركتكا أكثر من أي مكان آخر على الأرض، وأصبحت أجزاء من سطح مسطح «لارسن B» الجليدي بركا زرقاء من المياه الذائبة. وقبل عدة عقود، اقترح كل من عالم الجليديات الراحل <Q.G.روبن> و <J.ويرتمان> [عالم الجليديات في جامعة نورث وسترن] أنّ المياه السطحية يمكن أن تشق رفا من الجليد. وأدرك <T.سكامبوس> أنّ مياه البرك تقوم بالعمل نفسه شاقّة مجراها عبر الرف الجليدي إلى مياه البحر الموجودة تحتها، مؤدية إلى تقطّع كامل الرف الجليدي. وعلى أي حال، لم يحدث شيء.
لم يحدث شيء حتى إلى وقت مبكر من صيف أنتاركتكا 2001-2002. ففي الشهر 11/2001 تسلّم <سكامبوس> رسالة يتذكرها بابتهاج من <P.سفاركا> [عالم الجليديات في معهد أنتاركتكا الأرجنتيني ببيونس أيريس] الذي كان يحاول القيام بعمل حقلي في موقع «لارسن B». كانت المياه في كل مكان، وكانت الشقوق العميقة تتشكّل. فقد واجه <سفاركا> استحالة العمل والتحرّك. وبعدئذ، بدأت البرك في نهاية الشهر 2/2002 بالاختفاء والتلاشي ـ والمياه كانت بالفعل تشق مجراها عبر الرف الجليدي. ومع حلول منتصف الشهر 3، بيّنت صور رائعة مأخوذة من السواتل أنّ مساحة 1300 ميل مربع تقريبا من مسطح «لارسنB» الجليدي، وهي أكبر من مساحة ولاية «رود أيلاند»، قد تجزأت، ولم يبق منها إلاّ مجموعات من قطع الجليد تراوحت أحجامها من حجم «مانهاتن» إلى حجم فرن الموجات الميكروية. وقد زال مكان هبوط طائرتنا الطارئ، الذي كان مستقرا منذ آلاف السنين. ففي 20 من الشهر 3/2002 ظهرت على الصفحة الأولى من صحيفة «نيويورك تايمز» صور <سكامبوس> المدهشة المأخوذة من السواتل عن الرف الجليدي المنهار [انظر الخبر الإضافي في الصفحة 25 تحت عنوان: تقطع مسطح «لارسن B» الجليدي].
وفجأة أصبحت هناك إمكانية حقيقية أن يسبّب الاحترار العالمي تغيّرا سريعا في الجليد القطبي. ولتأكيد هذه الإمكانية، تقلّصت في الشهر 8/2002مساحة الجليد على سطح البحر على الجانب الآخر من الأرض تقلصا تاريخيا (كبيرا)، كما أن الذوبان الصيفي لمسطح گرينلاند الجليدي قد تجاوز أي ذوبان لوحظ من قبل، والمياه الذائبة في گرينلاند تخللت أيضا في شقوق الجليد وفتحت فجوات فيه على شكل آبار شاقولية moulins ـ غائصة من خلالها إلى قاعدة المسطح الجليدي وحاملة معها حرارة الصيف. وبدلا من أن تختلط هذه المياه مع مياه البحر، كما فعلت عند تقطّع جليد مسطح «لارسن B» الجليدي، فقد اختلطت هذه المياه، على ما يبدو، مع الطين مشكلة طبقة رقيقة من الطين اللزج مزلقة المسار فوق صخر الأساس، أي مزلقة الحد الفاصل بين الجليد والسطح الصخري. ولكن مهما كانت الآلية، فإنّ المسطح الجليدي الضخم في گرينلاند كان يتسارع عبر العوائق الصخرية نحو البحر.
يحدد رف الجليد العملاق الذي يعوم في عرض بحر شبه جزيرة أنتاركتكا نهاية انسياب جليدي كبير. يبدأ الانسياب مع تساقط الثلوج داخل القارة، حيث يتراص ويتحوّل إلى جليد ويجري ببطء نحو طرف القارة وإلى البحر. وبقدر ما يُسرّع تغيّر المناخ تقطّع رفوف الجليد، فإنه يسرّع حركة الجليد في أعلى مجراه عبر اليابسة ونحو البحر. |
وحديثا، وكجزء من التحريات التي نجريها في السنة القطبية الدولية (International Polar Year (IPY الحالية [انظر الخبر الإضافي في الصفحة 28تحت عنوان: السنة القطبية الدولية]، قمت وزملائي بتتبّع حدود مجاري المياه عند قاعدة مسطحات جليد أنتاركتكا. وعلى الرغم من أنّ الكثير من هذه المياه السائلة، التي تسهل انزلاق المسطحات الجليدية في أنتاركتكا، لا تأتي على الأرجح من السطح، فإنّ لها التأثير المزلِّق نفسه. هنالك، أيضا، تستجيب بعض المسطحات الجليدية لعملية التزليق والتقطّع المتسارعة.
لماذا يكون فهم تلك العمليات مقلقا وحيويا إلى حد كبير؟ يعيش ثلث عدد سكان العالم ضمن 300 قدم فوق مستوى سطح البحر تقريبا، وإنّ معظم مدن الأرض الأكبر تقع بالقرب من المحيطات. ولكل 150 ميلا مكعبا من الجليد ينتقل من اليابسة إلى البحر يرتفع مستوى سطح البحر عالميا 1/16 من البوصة تقريبا. قد لا يبدو هذا الارتفاع كبيرا، ولكن تمعّن في حجم الجليد المحتجز في مسطحات الجليد العظمى الثلاثة على الأرض. فإذا ذاب مسطح جليد غرب أنتاركتكا ارتفع مستوى سطح البحر قرابة 19 قدما؛ ويمكن أن يُضيف مسطح جليد جزيرة گرينلاند إلى ذلك 19 قدما؛ أما مسطح جليد شرق أنتاركتكا فسيرفع مستوى سطح البحر 170 قدما أخرى: أي في المجموع أكثر من 213 قدما [انظر المؤطّر في أعلى الصفحة 25]. (للمقارنة يبلغ طول تمثال الحرية من قمة قاعدته إلى قمة الشعلة نحو 45 مترا). يؤدي الماء في حالته السائلة دورا حاسما. وحتى عهد قريب لم يقدّر تماما دوره الذي يستحقّه، في فهم الحركات الداخلية في المسطحات الجليدية وفي انسيابها نحو البحر. إنّ تحديد كيفية ذوبان الجليد وتحوله إلى ماء سائل ومكان حدوث هذا الذوبان وكيف يمكن لتغيّر المناخ أن يزيد من شدة تأثيره في المسطحات الجليدية في العالم، هي أمور أساسية في تنبؤ ـ وتهيئة ـ نتائج الاحترار العالمي على مستوى سطح البحر.
يرتفع مستوى الماء في الكأس (في اليسار) عند إضافة الجليد عليه (في الوسط). وعندما يذوب الجليد، فإنّ مستوى الماء يبقى ثابتا لا يتغيّر (الكأس في اليمين). وبالطريقة نفسها يرتفع مستوى سطح البحر عالميا عندما ينزلق الجليد من على اليابسة في المحيط.
|
أصوات قعقعة في الجليد(**)
منذ مدة طويلة، أدرك علماء الجليديات أنّ المسطحات الجليدية تتغيّر؛ وافترض الباحثون بوضوح أنّ مثل هذه التغيّرات كانت تدريجية (منتظمة وبطيئة)، كالنمط الذي يُستنتج من تحديد العمر بالكربون 14، وليس بالنمط الفجائي الذي يمثّله تقطّع رف «لارسن B» الجليدي الذي يمكن أن يحدد على تقويم عادي. في الحالة المثالية، يراكم المسطح الجليدي الثلج (الذي ينشأ في الأصل في مياه بحرية متبخرة) في مركزه وتنفصل عنه كتل متساوية تقريبا إلى البحر عند حافاته بذوبانه وتقطعه إلى جبال جليدية. ففي أنتاركتكا، مثلا، يُحمل 90 %من الجليد الذي يصل إلى البحر بمجاري جليد عملاقة تبلغ ثخانتها ثخانة المسطح الجليدي المحيط بها (ما بين 3500 و 6500 قدم) وعرضها 60 ميلا، وتمتد إلى مسافة أكثر من 500 ميل بعيدا عن البحر. وتترك المجاري الجليدية المتحرّكة عبر المسطح الجليدي شقوقا على جوانبها وهي تترنح إلى الأمام. وبالقرب من حافات المسطح الجليدي القريبة من البحر، تتحرّك المجاري الجليدية ما بين 650 و 3500 قدم في السنة؛ أمّا المسطح الجليدي المجاور فهو بالكاد يتحرك.
ولكنّ توازنا طويل الأمد للجليد هو تصورٌ غير واقعي؛ إذ لم تكن مسطحات الجليد معالم دائمة على كرتنا الأرضية. فقد دلّت دراسة لباب (قوارات) الجليد أن مسطح جليد گرينلاند كان أصغر في الماضي البعيد ممّا هو عليه في الوقت الحاضر، وبصورة خاصة في أثناء معظم الفترة بين الجليدية الحديثة، أي ما قبل 000 120 سنة، عندما كانت درجات حرارة الكرة الأرضية دافئة. ففي عام 2007قاد <E.ويلرسليف> [من جامعة كوبنهاگن] فريقا دوليا للبحث عن دليل لأنظمة بيئية قديمة محفوظة في دنا DNA موجود في قاعدة المسطح الجليدي. فقد كشفت نتائج فريقه أنّ گرينلاند كانت مغطاة بأشجار المخروطيات منذ ما قبل 000 400 سنة وتعيش معها حيوانات لافقارية مثل الخنافس والفراشات. وباختصار عندما ارتفعت درجات الحرارة العالمية تقلّص مسطح گرينلاند الجليدي.
[الخطر] أعظم المسطحات الجليدية في العالم(***)
اكتشف الباحثون تحت جليد أنتاركتكا شبكة ممتدة من البحيرات والأنهار؛ يبيّن المصوّر في الأعلى أوضاع «ما تحت الجليد» لعدد من مثل هذه المعالم. بحيرات ريكفري (الصورة في اليسار)، وأربع بحيرات اكتشفها المؤلّف وسماها A و B و C و D وهي البحيرات الأولى التي عرف أنّها أسهمت في انطلاق مجرى الجليد السريع الحركة. يتحرك مجرى «ريكفري» الجليدي مسافة 500 ميل إلى رف «فيلكنر» الجليدي. |
وفي الوقت الحاضر تزداد كمية الثلج المتساقطة فوق قلنسوة گرينلاند الجليدية، على الأرجح بسبب الأنماط المناخية المتغيّرة. ومع ذلك تنقص الكتلة عند أطرافها بصورة كافية لجعل المحصلة النهائية تقلّصا واضحا في حجمها. ينخفض ارتفاع أطراف المسطح الجليدي بسرعة. وتؤكّد أيضا التغيّرات الصغيرة في قوة جاذبية الأرض المقيسة من السواتل أنّ أطراف المسطح الجليدي تفقد كتلتها. وتشير قياسات السرعة إلى أنّ مخارج الجليديات الرئيسية ـ مجاري الجليد التي تحدّها الجبال ـ تتسارع نحو البحر، وبصورة خاصة في الجنوب. وصارت القعقعات الناجمة عن الزلازل الجليدية تتوالى بازدياد على طول مخارج جليديات مسطحات الجليد.
على شبكة الإنترنت |
لم تظهر أنتاركتكا بصورة جيدة كما ظهرت في المصوّر الرقمي الجديد الذي يجمع 1100 صورة ساتلية في موزاييك (فسيفساء) مدمج للقارة بكاملها. انظر الموقع: http://lima.usgs.gov
وكما هي الحال في مسطح گرينلاند الجليدي، فإنّ المسطح الجليدي في غرب أنتاركتكا يفقد أيضا من كتلته، لدرجة أنّه اختفى في الماضي الجيولوجي الحديث مثلما اختفى مسطح گرينلاند الجليدي ـ ويبدو أن ذلك قد يحدث مرة أخرى. فقد اكتشف <R.P.شيرر> [من جامعة إلينوي الشمالية] أحافير بحرية مجهرية في قاعدة بئر حُفرت في مسطح الجليد في غرب أنتاركتكا، وهي تمثّل كائنات حية لا تعيش إلاّ في ظروف بحرية مفتوحة. ويبيّن عمر هذه الأحافير أنها قد عاشت هناك حتى 000 400 سنة مضت. كما أنّ وجودها يدل على اختفاء المسطح الجليدي في غرب أنتاركتكا في أثناء تلك الفترة.
استمرّ مسطح الجليد في شرق أنتاركتكا فقط عبر تقلّبات درجة حرارة الكرة الأرضية في أثناء ال30 مليون سنة الماضية، وهذا يجعله أقدم المسطحات الجليدية وأكبرها وأكثرها استقرارا. وفي كثير من الأمكنة تبلغ ثخانة الجليد أكثر من ميلين ويبلغ حجمه تقريبا 10 أضعاف حجم الجليد في گرينلاند. فقد تشكّل للمرة الأولى عندما انفصلت أنتاركتكا (قارة القطب الجنوبي) عن أمريكا الجنوبية قبل 35 مليون سنة وعندما انخفضت المستويات الإجمالية لثنائي أكسيد الكربون. ويبدو أنّ المسطح الجليدي في شرق أنتاركتكا يزداد زيادة طفيفة في الداخل، غير أن بعض المراقبين كشف عن شيء من الخسارة المحلية في كتلة مسطح الجليد على طول أطرافه.
خسائر متسارعة(****)
ما هي العمليات التي يمكن أن تقود إلى الخسارة الصافية الملاحظة حاليا في المسطحات الجليدية في گرينلاند وغرب أنتاركتكا؟ كما هو متوقّع فإن الخسارة في كلا المسطحين الجليديين تنشأ عن تسارع مجاري الجليد ومخرج الجليديات التي تنقل الجليد إلى المحيط. ومن الملاحظ انّ حجم المياه الإضافي المزاح بواسطة كتلة الجليد الإضافية هو الذي يسبّب ارتفاع مستوى البحر عالميا. (ومما يجدر ذكره أنّ تقطّع أو ذوبان رفوف الجليد العائمة ليس له تأثير نهائي في مستوى سطح البحر. والسبب هو أنّ الجليد العائم يزيح حجما من الماء مساويا لوزنه؛ وعندما يذوب فإنّ وزنه لا يتغيّر ولكنّ حجمه الجديد الأصغر يطابق تماما الحجم نفسه الذي أزاحه عندما كان جليدا).
في السنوات الخمس الأخيرة، طور الباحثون فكرتين جديدتين مهمتين حول العمليات التي يمكن أن تُطلق الانسيابات الجليدية المتسارعة. تقضي أولاهما بأن مجرى الجليد يمكن أن تزداد سرعته فجأة إذا صادفت قاعدته الطين أو المياه الذائبة أو حتى البحيرات العميقة التي تزلّق مساره من وقت لآخر. وتقضي ثانيتهما بأنّه إذا تقطعت رفوف الجليد الذاهبة إلى البحار (العائمة في المحيط الجنوبي حول أنتاركتكا) أو ألسنة الجليد (رفوف جليدية طويلة وضيقة مرتبطة بمخرج واحد للجليديات، وهي شائعة في فيوردات fjords گرينلاند) فإنّ كتلها الضخمة لا تكبح جريان مجاري الجليد. فالجليديات التي تغذّي رف «لارسن B» الجليدي، على سبيل المثال، تسارعت بصورة مثيرة بعد أن تقطّع الرف الجليدي في عام 2002. وهكذا تُحرِّر مجاري جليد وجليديات اليابسة التي كانت محصورة من قبل، فتزيد من سرعة هجرتها إلى البحر، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الحجم الكلي للبحر.
منذ مدة طويلة، ميّز علماء الجليديات فكرة ثالثة لإحداث جريان متسارع للمسطح الجليدي ترتبط ارتباطا وثيقا بالفكرة الثانية. فعندما أسرعت الجليديات عند تفتت مسطح «لارسن B»، فإنّ مسطحا جليديا سيتسارع إذا أدّت التيارات البحرية الدافئة إلى ترقق رف جليدي ينساب عليه هذا المسطح. ففي قطاع بحر «أماندسن» في غرب أنتاركتكا، نجد أن سطح المسطح الجليدي قد انخفض 5 أقدام سنويا وأنّ المسطح تسارع نحو 10 %، وجميع ذلك استجابة لإنقاص ثخانة الرف الجليدي.
[العواقب] غمر من المسطحات الجليدية(*****)
|
تقطّع مسطح «لارسن B» الجليدي(******) |
توضّح صور السواتل التقطّع المفاجئ لجزء من الرف الجليدي، بحجم جزيرة رود أيلاند، المقابل لـ «شبه جزيرة أنتاركتكا» المعروف باسم مسطح «لارسن B». تمثّل المناطق القاتمة الصغيرة على سطح الجليد في الصورة العليا (في الأسفل) بركا من المياه الذائبة التي تشكّلت نتيجة الهواء الدافئ بصورة استثنائية؛ أمّا المنطقة الزرقاء الفاتحة في الصورة السفلى فتمثّل قطعا من الرف الجليدي الأصلي.
31/1/2002 | 7/3/2002 |
إنّ تقطّع رف «لارسن B» الجليدي والتزامن المنذر بالخطر بين التصريف المفاجئ للمياه السطحية في گرينلاند وبين الجريانات المتسارعة في المسطح الجليدي على حد سواء، شجّعني مع عدد من زملائي على تركيز دراساتنا على دور المياه في حالتها السائلة داخل المسطحات الجليدية. لقد وجدنا أنّ المياه في حالتها السائلة ساعدت على موازنة حركة الجليد نحو البحر مع كمية الثلج المتساقطة في الداخل، محافظة بذلك على التوازن الحركي (الدينامي) لمسطحات الجليد في بعض الحالات لملايين السنين. ففي مجاري الجليد في غرب أنتاركتكا، مثلا، تذوب المياه المزلقة من الجليد في قاعدة المسطح الجليدي بسبب الحرارة الناجمة عن الاحتكاك بين الجليد المتحرّك والصخور التي تحتها. أمّا في شرق أنتاركتكا فتذوب المياه عند قاعدة المسطح الجليدي بصورة رئيسية بسبب الحرارة الناجمة عن القشرة القارية التي تحتها. ويكون الجليد في شرق أنتاركتكا ثخينا لدرجة أنّه يقوم بدور طبقة عازلة، يحجز بذلك الحرارة الجوفية (الجيوترمالية). وجميع هذه المياه تحت الجليدية لها قدرة كامنة كبيرة على عدم استقرار حركات الجليد. والأحداث مثل تقطّع مسطح «لارسنB» الجليدي قابلة للحدوث أكثر مما يفكر به علماء الجليد لتسريع معدلات جريان جليد أعلى مجراه upstream.
[حركة الجليد] حالة مستقرة في منطقة متجمّدة(*******)
رسم تخطيطي يبيّن كيف أنّ مسطحا جليديا ينساب إلى أسفل المنحدر فوق صخر الأساس باتجاه البحر، في حين تعوّض كمية الثلج المتساقط الناجم عن مياه البحر المتبخرة جزءا من كتلة الجليد على سطحه. يتم حمل معظم الجليد المنساب من داخل القارة إلى البحر بالمجاري الجليدية، وهي أحزمة نقل للجليد تتحرك بحركة سريعة نسبيا، وهذا الجليد ينفصل عن المسطح الجليدي المجاور، ويتحرّك هذا المسطح الجليدي باتجاه البحر، ولو بحركة أبطأ. وحالما تترك قاعدة الجليد المتحرّك «خط القاعدة الصخرية» grounding line (يدعى الجليد العائم عندئذ رفا جليديا ice shelf)، يزيح هذا الجليد كتلة من المياه تعادل وزنه، وبذلك يرفع مستوى سطح البحر. لم ترفع تلك العمليات، طوال معظم آلاف السنين الماضية، مستوى سطح البحر أو تقلّص حجم المسطحات الجليدية وذلك بسبب التوازن بين تبخّر ماء البحر وكمية الثلج المتساقط على اليابسة وبين تصريف الجليد في البحر. |
وفي عام 1955 ظهرت فكرة ذوبان قاعدة المسطحات الجليدية أولا عندما بيّن <G.روبن> أنّ الحرارة الجوفية يمكن أن تقود إلى مياه تحت جليدية واسعة الامتداد، على شرط أن تكون ثخانة مسطح الجليد الموجود فوقها كافية لعزل قاعدته عن سطحه البارد. ولكن لم تُؤكّد فكرته حتى السبعينات من القرن الماضي وتمت بطريقة مدهشة. وفي ذلك الزمن تم تطوير رادار مُخترق للجليد بصورة سمحت برؤية السطح السفلي لمسطح الجليد. شكّل <G.روبن> فريقا من الأمريكيين والإنكليز والدانماركيين لجمع بيانات رادارية من طائرة تطير ذهابا وإيابا فوق أنتاركتكا. وفي معظم الوقت كانت إشارات الرادار العائدة إلى كاشف الاهتزازات على متن الطائرة غير منتظمة كما لو أنّنا نتوقّع إشارات منعكسة من تلال ووديان مغطاة بطبقة ثخينة من الجليد. وفي بعض المناطق، مع ذلك، كانت تظهر كما لو أنّ أحدا ما قد رسم خطا مستقيما عبر كاشف الاهتزازات. فالطاقة الرادارية كانت تنعكس عن سطح شبيه بسطح مرآة. ونظرا لأنّ <روبن> قد بدأ مهنته كبحار، استنتج أنّ السطح الشبيه بالمرآة لا بد وأن يمثّل سطحا للمياه تحت مسطح الجليد. وأوضحت بيانات الرادار أنّ هذه «المرايا» تحت الجليد كانت تمتد إلى مسافة 20 ميلا تقريبا، ولكن لم يكن لدى <روبن> أي فكرة عن المدى الحقيقي لاتساعها وعمقها.
مرة أخرى، كان على <روبن> أن ينتظر عقدين من الزمن للوصول إلى تقانة جديدة. ففي التسعينات من القرن الماضي أكملت وكالة الفضاء الأوروبية أول خريطة شاملة لسطح الجليد. وبمجرد النظر إلى الخريطة، يكتشف المرء منطقة منبسطة في مركز المسطح الجليدي. وعلى ارتفاع نحو ميلين فوق الماء توجد محطة «فوستوك» (القاعدة الروسية في أنتاركتكا) وهي تشرف على سطح جليدي يحدّد سطح البحيرة المنبسط. لقد أصبحت أبعاد بحيرة فوستوك الآن واضحة؛ فأبعادها مماثلة لأبعاد بحيرة أونتاريو.
[توازن غير مستقرّ] ليس مستقرا تماما ولا متجمدا تماما(********)
منحدر زلِِِق
النجدة! إنني أفقد ما يدعمني! سوف تنزلق بسرعة مجاري الجليد المنزلقة على الأرجح، وبصورة خاصة في غرب أنتاركتكا، نحو البحر بتأثير الثقالة (الجاذبية) إذا لم يكن هناك أي تأثير داعم من رفوف الجليد العائمة المحيطة بالقارة (1). ومع ذلك سبّب هواء ومياه البحر الدافئة نسبيا في السنوات الأخيرة ترقّق (نقص ثخانة) الرفوف الجليدية، وتقطّع مسطح «لارسن B» الجليدي (2). وبفقدان ما كان يدعمه لا يوجد أي ما يمنع مجرى الجليد المتحرّك من أن يتحرّك بسرعة نحو البحر ويسبّب ارتفاعا سريعا في مستوى سطح البحر (3).
|
نظام من الأقنية المائية
تحت الجليدية(*********)
إن اكتشاف البحيرات تحت الجليدية غير بصورة جوهرية طريقة تفكير الباحثين حول المياه تحت الجليد. فهي ليست نادرة وإنّما هي في الواقع كثيرة وواسعة الانتشار. فقد حُدّد منها أكثر من 160 بحيرة تحت جليدية في أنتاركتكا. ويشكل مجموع حجمها 30 %تقريبا من مياه جميع البحيرات السطحية في الأمكنة الأخرى على الكرة الأرضية. فقد كشفت دراساتي على بحيرة فوستوك الواقعة في شرق أنتاركتكا في عام 2001 عن نظام مستقر إلى حد ما. ففي أثناء الـ 000 50 سنة الماضية حدث تبادل بطيء بين مياه البحيرة وبين المسطح الجليدي الذي يعلوها من خلال الذوبان والتجمّد. ومن الطبيعي أن لا تكون الأمور بهذا الهدوء في الأزمنة الأكثر قدما؛ إذ يبيّن الدليل الجيولوجي أنّ البحيرات تحت الجليدية يمكن أن تصرف مياهها فجأة دفعة واحدة مطلقة كميات كبيرة من مياه تحت المسطح الجليدي أو تفرّغه مباشرة في البحر؛ ثم إن أودية عظيمة تحيط بكامل أنتاركتكا بعمق أكثر من 800 قدم (عمق كاف لاستيعاب مبنى وولوورث في نيويورك): وهي تمثل آثار الفيضانات الضخمة.
لرؤية تعاقب أحداث إحدى البحيرات تحت الجليدية وهي تفرّغ مياهها في بحيرة أخرى انظر الموقع: http://svs.gsfc.nasa.gov/search/Scientist/HelenAmandaFricker |
اعتقد البعض أنّ بحيرة «فوستوك» والبحيرات الأخرى تحت الجليدية ما هي إلا متاحف طبيعية، عُزلت عن بقية العالم منذ ملايين السنين. وفي عام 1997جاء التلميح الأول من غرب أنتاركتكا، إلى أنّ مثل هذه الفيضانات تحت الجليدية لا تزال موجودة. فقد انخفض سطح المسطح الجليدي أكثر من 20بوصة في ثلاثة أسابيع، وكان التفسير المنطقي الوحيد هو أنّ المياه كانت تنصرف من بحيرة تحت جليدية، مسبّبة هبوط الجليد الذي يعلوها. لقد قامت مجموعة بقيادة <J.D.وينكهام> [من جامعة كولج لندن] بقياس ارتفاعات الجليد في تلك السنة في معظم شرق أنتاركتكا. ففي إحدى المناطق هبط المسطح الجليدي نحو 10 أقدام في 16 شهرا، بينما على مسافة 180 ميلا في اتجاه أسفل المنحدر، ارتفع الجليد نحو 3 أقدام. وهنا أيضا كان التفسير واضحا: فرّغ نهر تحت جليدي مياه إحدى البحيرات وملأ بحيرتين في أسفل مجراه.
ومنذ ما قبل أكثر من سنة، درست <H.A.فريكر> [من معهد سكريپس لعلم المحيطات في «لا يولاّ»، كاليفورنيا] القياسات الدقيقة للارتفاعات السطحية التي أجرتها سفينة الفضاء ICES. وقبل أن تترك >فريكر< لقضاء عطلة «ميموريال داي» مع عائلتها، انقسم مسطح جليدي بشكل جذري على طول أحد المقاطع. فقد انهارت منطقة على طول حافة أحد أكبر المجاري الجليدية في غرب أنتاركتكا ـ انهيارًا قدره 30 قدما تقريبا في مدة 24 شهرا. وبعد عودتها من عطلتها درست <فريكر> سطح الجليد المحيط ببحيرتها الجديدة ـ بحيرة «أنجيلهارت» ـ وأدركت بسرعة أنّها لم تكن إلاّ واحدة من سلسلة من البحيرات تحت الجليدية المتعاقبة. فقد ظهر أنّ الكميات الكبيرة من المياه المفرّغة عبر نظام الأقنية المائية تحت مجاري الجليد الرئيسية هو عامل إضافي للتغيّر السريع في جريان أي مجرى من المجاري الجليدية.
السنة القطبية الدولية(**********)
بعثة نمساوية هنگارية إلى القطب الشمالي بقيادة <K.فيبريخت> تحقّق حلم <فيبريخت> بالتعاون الدولي المنظم في السنة القطبية الدولية الأولى بعثة <R.أمندسن> وهي أولى بعثة وصلت إلى أنتاركتكا (القطب الجنوبي) بعثة <R .F.سكوت> وصلت إلى أنتاركتكا بعد أسابيع من بعثة <أمندسن>؛ وفي رحلة العودة هلك فريق <سكوت> حوصرت بعثة <E.شاكلتون> في أنتاركتكا ضمن الجليد، ثم أُنقذت بصورة مثيرة السنة القطبية الدولية الثانية السنة القطبية الدولية الثالثة انهيار رف «لارسن B» الجليدي السنة القطبية الدولية الرابعة. |
تأثير البحيرة(***********)
وقريبا من ذلك الوقت، ومع الاشتباه بإمكانية تأثير البحيرات تحت الجليدية في استقرار مسطح الجليد، أدركتُ أنّ التصوير من السواتل يسهّل تحديد مواقع مثل هذه البحيرات. إضافة إلى ذلك، فإن نماذج المسطحات الجليدية تتنبأ بأن مجموعة أخرى إضافية من البحيرات الجليدية الكبرى لاتزال تنتظر الاستكشاف. لقد كنت مهتما بإمكانية وجودها. وهكذا وبمساعدة التصوير الساتلي الجديد وبيانات ICESat الليزرية، اكتشفت مع زملائي أربع بحيرات تحت جليدية جديدة، ثلاثا منها أكبر من جميع البحيرات الأخرى ما عدا بحيرة «فوستوك».
وبمقارنة بحيراتي (البحيرات التي اكتشفها المؤلِّف) الأربع بالأنهار تحت الجليدية والبحيرات المنهارة، كانت بحيراتي مملة. وجميع النتائج الجديدة المثيرة في نطاق عملي كانت مركّزة على التغيّر السريع للجليد القطبي وإمكانية المسطحات الجليدية لرفع مستوى البحر. ولاتزال البحيرات تقلقني، فقد بقيت بعيدة عن مركز المسطح الجليدي حيث توجد البحيرات الكبرى. لقد تشكّلت الشقوق العميقة والكسور على طول أطراف إحدى البحيرات؛ لقد استطعت رؤية حقول الشقوق العميقة في صور السواتل.
تتشكل الشقوق العميقة، كما ذكرت من قبل، عندما يتحرّك مجرى الجليد بسرعة نحو الأمام ضمن المسطح الجليدي. وعند النظر إلى الصور، تمكّنت من رؤية خطوط الجريان في المسطح الجليدي، التي تربط منطقة الشقوق العميقة بمجرى الجليد السريع الجريان المعروف بمجرى «ريكفري». فقد بيّن قياس التداخل interferometry من السواتل (يقيس سرعة مجاري الجليد) أنّ مجرى «ريكفري» الجليدي يتسارع عند البحيرات. وقبل أن يعبر المسطح الجليدي البحيرات، فإنّ سرعته لا تتجاوز 10 أقدام في السنة. وعلى الجانب الآخر من البحيرات يتسارع المسطح الجليدي إلى ما بين 65 و 100 قدم في السنة. وهكذا تظهر البحيرات أنها تنشّط (تسرّع) جريان المجرى الجليدي ضمن المسطح الجليدي. وهذه النتيجة تمثّل لأول مرة ارتباط البحيرات تحت الجليدية مباشرة بالجريان السطحي المتسارع.
ومهما يكن من أمر، ما أزال مع زملائي غير متأكّدين تماما من مسبّبات حدوث هذا الارتباط. وربّما كان السبب تسرّب (تحرّر) البحيرات ببطء خارج أحواضها، وبذلك تزوّد قاعدة المسطح الجليدي بالمياه اللازمة لتزليقه، أو أن تكون مياه البحيرة قد سخّنت قاعدة المسطح الجليدي عندما يعبر البحيرة مسهّلا عملية التسريع على الجانب البعيد من البحيرة.
السنة القطبية الدولية(**********)
لقد تغيّر فهمنا للمياه في المسطحات الجليدية والبحيرات تحت الجليدية تغيّرا جذريا في السنتين الأخيرتين. ولكنّ هذا الفهم هو فهم غير كامل على الإطلاق. إن أحد الأهداف الرئيسية للسنة القطبية الدولية هو قياس وضع المسطحات الجليدية القطبية وتحديد الكيفية التي ستتغيّر فيها في المستقبل القريب. ويؤكّد التقرير الحديث لهيئة المستشارين بين الحكومات حول التغيّر المناخي (Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC أنّ المسألة الكبرى في تنبؤ تأثيرات الاحترار العالمي هي في الشكوك التي تدور حول المسطحات الجليدية القطبية في المستقبل. فإنّ أي نموذج من نماذج المناخ لم يأخذ بالحسبان حتى الآن هذه المعالم الرئيسية مثل المجاري الجليدية، ولم يتضمّن أي نموذج أهمية قاعدة المسطح الجليدي.
|
ولهذه الأسباب وحدها فإنّ تغيّر مستوى سطح البحر المتوقَّع المستنتج من نماذج المناخ الحالية لم يأخذ بالحسبان أهمية الإسهام المستقبلي لمسطحات الجليد القطبي في رفع مستوى سطح البحر. لكنّ تحديث النماذج بتحديد مقدار حركات الجليد لا يزال يتطلّب جهودا مكثّفة من البحث. وبكل بساطة، إذا كان علماء الجليديات لا يعرفون ماذا يحدث في قاعدة المسطحات الجليدية، فإنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ بالكيفية التي ستتغيّر بها المسطحات الجليدية مع الزمن. أما الأسئلة الأساسية للوصول إلى مثل هذه التنبؤات فهي: أين توجد المياه تحت الجليدية؟ وكيف تتحرّك؟ وكيف تؤثر في حركة مسطحات الجليد؟
تقدم السنة القطبية الدولية فرصة ممتازة لاكتشاف التفصيلات. وبتحريك الفرق العلمية الدولية والأنظمة اللازمة، سيكون الباحثون قادرين على إقامة جيل جديد من رادار فضائي لوضع مصورات للمياه تحت الجليد. وسيتم تعديل أجهزة جديدة لقياس الثقالة (الجاذبية) التي تم تطويرها في الأصل لصناعة التعدين، لتقدير حجم المياه في البحيرات تحت الجليدية. وسيُمكّن قياس ارتفاع دقيق لسطح الجليد من مراقبة (رصد) المياه. كما ستمكّن مقاييس الزلازل المقامة حديثا، من متابعة زلازل المسطحات الجليدية.
وفي گرينلاند، سيقوم علماء الجليديات بوضع أجهزة لقياس حركة مسطح الجليد عبر مخرج الجليديات الرئيسي. سيستخدِم مركز الاستشعار من بعد لمسطحات الجليد Center for Remote Sensing of Ice Sheets في «لورنس، ولاية كنساس» مركبة محمولة جوا غير مأهولة لتصوير مياه قاعدة المسطح الجليدي بصورة منتظمة. أمّا في أنتاركتكا فسيقوم فريقي بالطيران باستخدام طائرة بمحركين (Twin Otter) فوق بحيرات «ريكفري» وجبال «گامبورتسيف» غير المستكشفة، وذلك لمعرفة سبب تشكّل البحيرات والكيفية التي تحرّك بها هذه البحيرات المجرى الجليدي. وفي الوقت نفسه، سيقوم فريق نرويجي ـ أمريكي، يتضمّن <T.سكامبوس> ، باجتياز بحيرات «ريكفري»، وقياس سرعة المسطح الجليدي ونسبة الزيادة في درجة الحرارة على طول السطح. وسيقوم فريق روسي بأخذ عينات من بحيرة «فوستوك»؛ وسيدرس فريق إيطالي بحيرة «كونكورديا»، بالقرب من المحطة الفرنسية ـ الإيطالية في شرق أنتاركتكا؛ وسيقوم فريق إنكليزي بمسح بحيرة في جبال «إلسوورث» في غرب أنتاركتكا.
إنّ جميع هذه الجهود تعكس إجماع المجتمع العلمي الدولي وإلحاحه؛ ففهم المس طحات الجليدية المتغيّرة والمياه التي توجّه ديناميتها سيكون حاسما لمستقبل مجتمعنا.
المؤلفة
Robin E. Bell | |
مديرة برنامج أدفانس ADVANCE (التقدّم) في معهد الأرض بجامعة كولومبيا. وهي أيضا باحثة في مرصد «لامونت ـ دوهورتي إرث» في كولومبيا، حيث تُدير برنامج بحث مهم في أنتاركتكا (قارة القطب الجنوبي). تدرس <بلّْ> آليات انهيار المسطح الجليدي وكذلك البيئة الباردة تحت المسطح الجليدي في أنتاركتكا، وقادت سبع حملات إلى أنتاركتكا. وهي رئيسة هيئة البحث القطبي للأكاديميات الوطنية وعملت نائبة لرئيس مجموعة التخطيط الدولية للسنة القطبية الدولية. |
مراجع للاستزادة
Glaciology:Lubricating Lakes.Jack Kohler in Nature, Vol. 445, pages 830-831; February 22, 2007.
Large Subglacial Lakes in East Antarctica at the Onset of FastFlowing Ice Streams. Robin E. Bell, Michael Studinger,
Christopher A. Shiman, Mark A. Fahnestock and Lan Joughin in Nature, Vol. 445, pages 904-907; February 22, 2007.
An Active Subglacial Water System in West Antarctica Mapped form space. Helen Amanda frickerm Ted Scambos,
Robert Bindschadler and Laurie padman in science, Vol. 315, pages 1544-1548; March 16, 2007.
Ice Sheets, Charles R. Bentiey, Robert H. thomas and Isabella Velicogna. section 6A in Global Outlook for ice
and snow, pages 99-114; United Nations Environment programme, 2007. Available at www.unep.org/geo/geo_ice
(*) THE UNQUIET ICE
(**) RUMBLINGS IN THE ICE
(***) WORLD’S GREATEST ICE SHEETS
(****) ACCELERATING LOSSES
(*****) INUNDATION FROM THE ICE SHEETS
(******) THE BREAKUP OF LARSEN B
(*******) STEADY STATE IN A FROZEN COUNTRY
(********) NOT SO STEADY, NOT SO FROZEN
(*********) Subglacial Plumbing
(**********) INTERNATIONAL POLAR YEAR
(***********) Lake Effect
(1) Weddell Sea
(2) bedrock