استعادة التوازن باستعمال آذان حَيِتْرونية(*) يوما ما، قد تعيد الغرسات الإلكترونية في الأذن الداخلية وضوح النظر والتوازن لبعض المرضى الذين يعانون اضطراب التوازن المُقعِد. <C.Ch.ديلا سانتينا>
اسأل أصدقاءك أن يعدّدوا حواس الجسم، وسيتوقفون عادة بعد عدّ خمس حواس: الذوق واللمس والبصر والشم والسمع. إن معظم الناس لا يلاحظون حاستهم السادسة – الإحساس بكيفية توجه الرأس وحركته. ولكن فقدان هذه القدرة يمكن أن يؤدي إلى دوار شديد ومُقعِد يتبعه عدم توازن مزمن وتشوش البصر عندما يكون الرأس في وضع الحركة. ولحسن الحظ يجري قُدُما تطوير غرسات حَيِتْرونية للأذن(1) لاستعادة التوازن لدى الأشخاص الذين يعانون أذية التيه الدهليزي(2) في الأذن الداخلية – الجزء الذي يزودنا بحاستنا السادسة.
إن <R.گانون> [العامل المتقاعد الذي يبلغ 57 عاما، والذي كان يعمل في تركيب وضبط الأجهزة البخارية ويقطن في پنسلڤانيا وفلوريدا] يترقب بصبر نافد توفر هذه الأجهزة التعويضية، إذ فقد <گانون> كثيرا من إحساسه بالتوازن قبل سبع سنوات بعد أن أصيب بما يبدو أنه مرض ڤيروسي. يقول<گانون>: «دعوني أكن أول من يُجْرى له زرع غرسة دهليزية, مازلت أنتظر مكالمتهم الهاتفية منذ خمس سنوات, وحالما يستطيعون القيام بالزرع فسأمشي إلى المستشفى إن اضطررت إلى ذلك.»
يضيف <گانون> [الذي كان سباحا ماهرا من قبل]: «لقد انتقلت إلى منزل قرب الشاطئ عندما تقاعدت لأنني أحب الماء. ولكن منذ أن فقدت توازني لم أعد قادرا على السير مستقيما خاصة على الرمل.» أصبحت الأمهات الآن يسحبن أولادهن بعيدا عني لاعتقادهن أنني ثمل. إن وقوفي ضمن أمواج متكسرة على الشاطئ لا يتجاوز ارتفاعها بوصتين يجعلني أشعر بأنني على وشك السقوط. لم أعد أقود السيارة إلاّ نادرا, ولا أقودها أبدا في الليل لأنني أرى كل مصباح عشرين مصباحا.
ومع أن <R.گانون> يشعر بأنه مرتاح نسبيا في القيادة النهارية, فإنه يشير إلى أن المسارات الشبيهة بالمذنبات التي تخلفها أضواء الطريق، وهي تعبر أمام عينيه ليلا «تشبه عَرْضا بأضواء الليزر». ويقول: «أنا مستعد للتخلي عن سمعي إذا كان ذلك سيجعلني أستعيد توازني.» إن التطورات الإيجابية الحديثة في مجال غرسات الأذن الحَيِتْرونية تمنح الأمل لـ<گانون> وعشرات الآلاف من أمثاله الذين عانوا أذية للأذن الداخلية بسبب مضادات حيوية معينة (مثل الگنتامايسين) أو بسبب المعالجة الكيميائية أو التهاب السحايا أو داء مينيير أو غيرها من الأمراض.
البقاء بانتصاب وثبات(**)
سوف يُؤَمِّنُ هذا النوع من الآذان الحَيِتْرونية الثبات عن طريق التنبيه الكهربائي إلى العصب الدهليزي والذي ينقل عادة الإشارات من التيه الدهليزي إلى الدماغ, بصورة مشابهة لغرسات القوقعة التي تعيد السمع عن طريق التنبيه الكهربائي لأجزاء من العصب السمعي. إن ربط الجهاز كهربائيا بالعصب سوف يتجاوز النظام الدهليزي المعيب.
يقوم التيه السليم بوظيفتين مهمتين. الأولى هي قياس أي اتجاه هو الأعلى وإلى أي جهة تتجه. أنت بحاجة إلى هذه المعلومات كي تقف وتمشي بصورة طبيعية. والثانية هي الإحساس بكيفية دوران رأسك. إنك تحتاج إلى هذه المعلومات لتبقي عينيك على الهدف. على سبيل المثال, كلما ترفع رأسك للأعلى يأمر التيه عينيك بالدوران للأسفل بالسرعة نفسها تماما مما يُبْقي، بالتالي، الصور ثابتة على الشبكية. ولولا هذا المنعكس الدهليزي البصري(3) لبدا العالم كما لو كنا نشاهد فيلما صُوّر بكاميرة ڤيديو مهتزة بيد صاحبها. هذا هو المنعكس الذي سوف يستعاض عنه بواسطة الأجهزة التعويضية المصممة، مما يعيد كثيرا من التوازن المفقود وليس كامل التوازن.
يقيس التيه الدهليزي دوران الرأس مستعملا ثلاث بنى مليئة بالسائل سُميت القنوات نصف الدائرية بسبب شكلها الذي يشبه طوق الرقص (الهولا هوپ). تتوضع القنوات نصف الدائرية في كل من الأذنين توضعا عموديا على بعضها بعضا بحيث تستطيع تسجيل دوران الرأس في الأبعاد الفراغية الثلاثة.
تقيس إحدى القنوات في كل أذن, على سبيل المثال, الدوران في المستوى الأفقي. فإذا استدرت، فرضا، إلى اليسار فإن السائل داخل القناة يضغط على غشاء يمتد عبر إحدى نهايتي القناة ويثني استطالات تشبه الشعر تسمى الأهدابcilia المتوضعة في خلايا منغرسة في قاعدة البنية. ويطلق ثني الأهداب إشارات في العصب الدهليزي تصل إلى جذع الدماغ والمخيخ، وهي مناطق الشعور الحسي والتحكم الحركي والتي ترسل رسائل إلى العضلات التي تدير الرأس في اتجاه معاكس لاتجاه حركة الرأس.
مجازة توازنية(****)
طورت مع زملائي في مختبر الهندسة العصبية الدهليزية بجامعة جونز هوپكنز إحدى الغرسات التي تهم <گانون> وجربناها على الحيوانات. يحتوي الجهاز على جيروسكوب منمنم(4) (ميكانيكي ميكروسكوبي) يقيس حركة الرأس في الأبعاد الثلاثة جميعها، ويرسل معالجه الميكروي(5) إشارات إلى مسابر تحرض ثلاثة أفرع من العصب الدهليزي. وتقدم إلكترونياتٌ وتقنياتُ استشعار، جرى ابتداعها في أكثر من 120000 غرسة قوقعية زرعت خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، الأسسَ التقنيةَ لهذا الجيل الجديد من الغرسات العصبية مما يسرّع الانتقال من البحث العلمي إلى الاستخدام السريري.
نحن نزرع عادة في جهة واحدة فقط, لأننا نريد أن نحصر المخاطر الجراحية – مثل احتمال أذية بنى في الأذن الداخلية مسؤولة عن السمع – في أذن واحدة. نحن نعتقد, من خلال تجاربنا على الحيوان, أن الجهاز الذي يعوّض عن وظيفة مجموعة واحدة من القنوات نصف الدائرية سوف يؤمن للمريض الذي يعاني اضطرابا دهليزيا، ثباتا وتوازنا كافيين. قد تكون استعادة وظيفة بنى الأذن الداخلية التي تعمل حساسات للثقالة ممكنة أيضا لكنها غير ضرورية لتصحيح تشوش الرؤية الذي هو أكثر ما يزعج الذين فقدوا وظيفة الأذن الداخلية.
عدا عن العمل الذي يُجْرى في جامعة جونز هوپكنز, هناك أيضا باحثون آخرون يطوّرون تقانة الغرسات الدهليزية. نشر <D.ميرفيلد> و<W.گونگ>وزملاؤهما في مستشفى ماساتشوستس للعين والأذن في بوسطن عام2000 تقريرا عن أول جهاز تعويضي بديلا عن إحدى الأقنية نصف الدائرية الثلاثة، وأظهروا أن الحيوانات يمكن أن تتأقلم مع ما يصدره ذلك الجهاز. ويدرس<R.لويس> [من مستشفى ماساتشوستس للعين والأذن] أيضا إمكانية قيام الجهاز بثبيت وضعية الجسم.
ومؤخــرا، طــــورت مجمــــوعــــــة يقودهــــا<O.J.فيليپس> [من جامعة واشنطن] جهازا يشبه الناظم(6) في محاولة للتغلب على الإصدار العصبي المفرط الذي يحصل أثناء هجمة الدوار التي يسببها داء مينيير. ويعمل<M.A.شكل> [من جامعة كاليفورينا في إيرڤين] و<J.گيورگيو> [مـــن جامعـة قبرص] على دارة مدمجة لدعم هذا المشروع, في حين تطــور مجموعــة أخرى يقـودهــا <C.وول> [من مستشفى ماساتشوستس للعين والأذن] أجهزة خارجية تساعد الجسم على الحفاظ على وضعية ثابتة له.
نظرا لإدراكنا الكامل للعجز الذي يعانيه<گانون> والمرضى الآخرون المصابون بإصابات مشابهة, فإن فريقنا في جامعة جونز هوپكنز يأمل بأن يبدأ بالاختبارات السريرية بمجرد أن نتغلب على العوائق الباقية التقنية والتنظيمية. فإذا جرى البحث كما هو مخطط له, فإن الآذان الحيترونية والتي تستعيد الحاسة السادسة المفقودة ستسمح أخيرا لمرضى مثل <گانون> بأن يستعيدوا إحساسا بالتوازن.
المؤلف
مراجع للاستزادة
Living without a Balancing Mechanism. John Crawford in British Journal of Ophthamology, Vol.48, No. 7, pages 357-360; July 1964.
Gentamicin-lnduced Bilateral Vestibular Hypofunction. L. B. Minor in Journal of the American Medical Association, Vol. 279, No. 7, pages 541-544; February 18,1998.
A Multichannel Semicircular Canal Neural Prosthesis Using Electrical Stimulation to Restore 3-D Vestibular Sensation. Charles C. Delia Santina et al. in IEEE Transactions on Biomedical Engineering, Vol.54, No. 6, pages 1016-1030; June 2007.
Johns Hopkins Vestibular Neuro- engineering Laboratory: www.hopkinsmedicine.org/ otolaryngology/research/ vestibular/VNEL (*) REGAINING BALANCE WITH BIONIC EARS، حيترونية bionic .نحت لـ: حيوية إلكترونية): أجهزة مصممة على غرار النظم الحية تؤدي وظائفها نفسها) (**) Staying Upright and Steady (***) A Device to Restore Balance (****) A Balance Bypass (1) bionic ear implants (2) vestibular labyrinth (3) vestibuloocular reflex (4) miniaturized gyroscope (5) microprocessor (6) pacemaker؛ مولد نبضي يعمل على البطارية يزرع في جسد الإنسان لتوليد نبض سوي. (7) cochlear implants |
|||||||||||||||