أفكار تغير العالم
أفكار تغير العالم(*)
.عشر تقانات جديدة سوف تبدل حياة البشر
غالبا ما تنطلق الثورات ابتداء من أبسط الأفكار. فعندما أراد مخترع شاب اسمه <ستيڤ جوبز>(1) أن يمنح القدرة على استخدام الحاسوب «لأناس لا يمتلكون الخبرة الحاسوبية ولا ينشدون الحصول عليها» أخْرَجَنا جميعا من حقبة تقنية مضنية سادتها حواسيب الإطار الرئيس mainframes وسطر (إدخال) الأوامر command-line لنتمتع بالتقدم المثير الذي ضَمنه حاسوب ماكينتوش Macintosh في الماضي والذي يوفره الآيفون iPhone حاليا. وهكذا أسهمت فكرته تلك في تغيير علاقتنا بالتقانة إلى الأبد.
والآن ما هي الأفكار الأخرى البسيطة، والثورية في الوقت ذاته، التي تقبع في المختبر بانتظار اللحظة المناسبة لتحدث آثارا مشابهة. لقد عثرنا على عشر من هذه الأفكار، سنعرضها في الصفحات التالية ونشرح كيف يمكن لها أن تغير العالم من حولنا. وتتضمن هذه الأفكار حواسيب يمكنها أن تعمل كعقل البشر، وبطاريات يمكن ملؤها عند المضخة. بحيث يمثل ما يلي الكرة البلورية التي يستخدمها المنجمون, لكن قوامها بيانات تشكل موضوع النبذة التي نقدمها في الصفحة 52. ويمكن للقارئ أن يعتبر ما نقدمه في الصفحات التالية تحية تقدير منا للقدرة الكامنة في الأفكار البسيطة على التغيير.
محررو ساينتفيك أمريكان
[طـب] مراقب الصحة الأزلي(**) يمكن للهاتف الذكي الذي تحمله أن يراقب المؤشرات الحيوية لجسدك في الوقت الحقيقي(2)، لينذرك بأولى علامات المرض. يذهب معظم الناس إلى الطبيب إذا انتابتهم آلام في الصدر أو تحسسوا ورما مريبا، ولكن التنبه لكثير من هذه المؤشرات غالبا ما يأتي بعد فوات الأوان. بينما يتطلب التنبه للعوارض المرضية في أوقاتٍ مبكرةٍ مراقبةً مستمرةً – من النوع الذي قد يوفره لك هاتفك المحمول؛ إذ يمكن لنظم المسح الصحي التي تستثمر التدفق المستمر للبيانات من الهواتف المحمولة التخلص من الفترة الزمنية الخطرة بين ظهور العوارض وتشخيص المرض. ويمكن للأجهزة المحمولة أيضا أن تساعد الأطباء على تعرف المشكلات الصحية ومعالجتها قبل أن تستفحل – ويصبح التعامل معها أكثر تكلفة وأقل نجاعة. ويمكن، نظريا، أن تسمح أجهزة المراقبة التي تعمل على مدار الساعة بخَفض تكاليف العلاج وتدبر الأمراض المزمنة، وهي تكاليف تشكل 75 في المئة من إجمالي تكاليف الرعاية الصحية. كما تطيل هذه الأجهزة أعمار البشر، إذ تسمح بعلاج ملايين الأزمات الصحية التي ربما كانت قاتلة. إن سوق منتجات الهاتف المحمول يعج اليوم بتطبيقات حاسوبية (apps) لا تعدو كونها أحابيل لا طائل منها. ولكن بعض التطبيقات يتميز بما يَعِد من عون في تدبر حالات مزمنة أو تعرف عوارض خطرة. ولنأخذ على سبيل المثال مخطط القلب ECG، الذي يمكن تركيبه على جهاز آيفون iPhone والمسمى ألايڤ كور AliveCor. وهو منتج قُدِّم للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء (FDA) في الولايات المتحدة، ومن المنتظر أن يحوز عليها في وقت مبكر من العام الحالي (2012). يتضمن هذا الجهاز مسبارين معدنيين(3) خلف الجهاز يمكن بواسطتهما تسجيل مخطط لعمل قلب مستخدمه إذا أمسك الجهاز بيديه أو إذا وَضع المسبارين على تماس مع صدره. ويمكن إرسال بيانات تخطيط القلب لاسلكيا حال الحصول عليها لذوي المرضى ولأطبائهم، لتنذر بعدم انتظام في وتيرة عمل قلب المستخدم عند استشعار أي خلل. وكما يقول مطور هذه المنظومة، المهندس البيوطبي biomedicalي<D. ألبرت>، فإن المنظومة: «لا تسمح بمجرد تحذير مبكر من خلل طارئ في وتيرة عمل قلب المريض وحسب، بل تقوم بذلك دون تحميله التكلفة المترتبة على تخطيط القلب باستخدام التجهيزات التقليدية.» كما قامت شركة فرنسية تدعى Withings بتطوير نبيطة device لمراقبة ضغط الدم يمكن تحميلها على الآيفون. فلا تنقضي ثلاثون ثانية على ارتداء المســــتخدمِ الكُّمَّ الأبيض الذي يتحسس بضغط الدم حتى تظهر نتيجة القياس على شاشة الهاتف المحمول مع تحذير إذا تجاوزت القراءة الحدود الطبيعية. كذلك طورت الشركة Well-Doc، تطبيقا سَمَّته مدير السكريDiabetesManager، حاز على ترخيص الإدارة FDA يسمح لمرضى السكري بإدخال مختلف البيانات التي يجري الحصول عليها في الوقت الحقيقي عن طريق هواتفهم، ومنها مستويات الگلوكوز في الدم والكربوهيدرات وأدوية السكري التي تم تناولها. وتقوم البرمجيات التي تتضمنها المنظومة بتحليل جميع هذه العوامل ثم تقترح على المرضى الإجراءات التي ينبغي اتخاذها للإبقاء على مستوى السكر ضمن مجال صحي (كأخذ حقنة الإنسولين أو تناول بعض الطعام). وقد بينت دراسة نشرت في الشهر 9/2011 أن مستخدمي مدير السكري أحرزوا مستويات أفضل بكثير من غيرهم في التحكم المديد في مستويات الگلوكوز.
ولكن العقبة الكبرى تتمثل بالحاجة إلى تقانات تحسس sensortechnology مناسبة. وعلى سبيل المثال، فإن مراقبة مستوى السكر في الدم تتطلب الحصول على قطرة من دم المريض، مما يتطلب إحداث ثقب في الجلد. كما أنه ليس من المتوقع أن يتقبل عدد كبير من المرضى ارتداء كُمِّ لقياس ضغط الدم بصورة مستمرة أو لصق مسبار بأجسادهم ليرافقهم أينما ذهبوا. ولكن بدائل أكثر ملاءمة أضحت قريبة المنال. فقد نجح علميون في اليابان مثلا بتطوير ألياف متفلورة fluorescent يمكن حقنها تحت الجلد لاستشعار مستويات السكر في الدم. وكما يقول <توپول> يمكن لصفيف array من المحسات المستندة إلى جسيمات نانوية nanoparticle-based sensors، متصل بالهاتف الذكي أن يحقق رقابة موثوقا بها على المؤشرات الحيوية، كما يمكن لمثل هذه النظم الاستشعار المبكر لواسمات الأمراض diseases markers، كالجسيمات المضادة antibodies. ويمكن لمحسات تستشعر واسمات الأورام tumormarkers، على سبيل المثال، أن ترسل تحذيرا آنيا إلى نبيطة محمولة، بحيث تمنح المرضى إمكانية البدء بتناول العلاج الكيميائيchemotherapy قبل أن تتجذر الخلايا السرطانية ضمن الأنسجة. إضافة إلى ما سبق، فكلما أضحت منظومات الرقابة الصحية المحمولة أكثر بساطة أقبلَ المستهلك على استخدامها. وقد أظهر مسح أجري عام 2010 أن 40 في المئة من الأمريكيين مثلا هم على استعداد لدفع قسط شهري من أجل الحصول على نبيطة ترسل بيانات عن ضغط الدم ومستوى السكر وعن معدل ضربات القلب لديهم إلى أطبائهم. ويتوقع <P. سونيير> [وهو نائب رئيس تحالف علوم الحياة اللاسلكية(4)]أن يصبح التصدي للمشكلات الصحية في وقت مبكر أقرب منالا عندما يتم ربط الرقابة الصحية المحمولة بمعلومات مستقاة من تحليل جيني للمريض. فإذا تم الكشف عن جين يجعل المريض أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري أو السرطان في وقت مبكر من حياته، مثلا، يمكن لمحس sensor يرتديه المريض في موضع ملائم أن يرسل ما يشعر بأية تطورات غير اعتيادية إلى هاتف المريض المحمول. «ولكن من الواجب أن يتم زرع محس نانوي في جسد المريض ليستشعر أول هجمة لمجموعة الخلايا السرطانية التي قد تغزو البنكرياس.» وإذا ما تسنى لمنظومات الرقابة الصحية المحمولة أن تبلغ ما تعد به من إمكانات، فمن المتوقع لها أن تقوم بدور حارس متيقظ دائما، يحمي البشر قبل أن يدركوا أنهم في خطر. <E. سڤوبود> |
[حوسبة] شيپة chip تفكر كما يفكر الدماغ(***) الحواسيب العصبونية (النورونية) neural ستتفوق في جميع المهام التي تخفق الحواسيب الاعتيادية في إنجازها. ربما كان <S .Dh. موض> مصمم الشيپات الميكروية microchips الوحيد على وجه الأرض الذي يضم فريقه اختصاصيا في علم النفس – والغاية من وجود هذا الاختصاصي لا تتعلق بالحفاظ على صحة المهندسين العقلية. بل إن الغرض من مساهمته هو أن الفريق يقوم بالتعاون مع ائتلافية consortium تتضمن مختبرات علمية في خمس جامعات ومثلها من مختبرات البحث في الشركة IBM بالعمل على تطوير شيپة ميكروية تحاكي عمل عصبونات (نورونات) neurons الدماغ. ويطلق الفريق على الأبحاث التي يقوم بها تسمية الحوسبة الاستعرافية cognitive computing. ومن أولى المنجزات التي توصل إليها الفريق شیپتان ميكرويتان كُشِفَ الستار عنهما في الشهر 8/2011، تتضمن كل منهما 256 عصبونا صنعيا. أما الآن فكل ما تقوم به الشيپتان هو التفوق على الزوار في لعبة كرة الطاولة أو عبور متاهات بسيطة. ولكن الهدف النهائي من عمل الفريق طموح، إذ يتلخص بتزويد دماغ الإنسان بقدرة حاسوبية عصبونية ضمن رزمة سليكونية صغيرة. والبرنامج الذي يسعى الفريق إلى إنجازه يدعى سايناپس SyNAPSE، وتموله وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة في الولايات المتحدة. وهو يهدف إلى بناء معالج ميكروي microprocessor يتضمن عشرة بلايين عصبون (نورون) ومئة تريليون من المشابك synapses، أو ما يكافئ ما يتضمنه أحد نصفي دماغ الإنسان. ويتوقع العاملون في هذا الفريق ألا يتجاوز الحجم الذي سيشغله المعالج الميكروي ليترين وأن يتطلب تشغيله قدرة كهربائية تداني ما تحتاج إليه إضاءة عشرة مصابيح يستهلك كل منها 100 واط.
ويرى <D. إدوارد> [الأخصائي في علم الأعصاب بجامعة ولاية جورجيا] أن نجاح فريق <موض> في هذه المقاربة سيتوج ثلاثين سنة من العمل لتصميم معالجات تحاكي الشبكات العصبونية. وهو أمر مثير للإعجاب حتى بالنسبة إلى منافسي IBM. فحسبما يقول <B. بولدينگ> [نائب الرئيس في مقر الشركة Cray الرئيسي في سياتل] إن المعالجات النيورومورفية أو شبه العصبونية neuromorphic تقدم إمكانات لحل مشكلات يصعب، بل يستحيل، التصدي لها باستخدام تصاميم المعالجات التقليدية. ويؤكد <موض> أن معماريات الحوسبة الاستعرافية لن تحل محل الحواسيب التقليدية لكنها ستكملها، وذلك من خلال المعالجة المسبقة للمعلومات التي يضج بها العالم الحقيقي، قبل تحويلها إلى رموز يمكن للحواسيب التقليدية معالجتها. وعلى سبيل المثال، يمكن لشيپات <موض> أن تتفوق في تعرف الأشكال، كانتقاء وجه من بين عديد من الوجوه في جمهرة من الناس، ومن ثم إرسال هوية صاحب الوجه إلى حاسوب تقليدي. وإذا بدا الأمر كما لو أن عصر الآلة قد أشرق، فإن القدرات الرياضياتية(5) المتواضعة التي تتمتع بها الشيپات العصبونية ربما لا توفر كثيرَ عزاء. وكما يقول <موض>: «مثلما يصعب تمثيل عمليات الدماغ على حواسيب اليوم، فإن الشبكات الحاسوبية التي تحاكي الدماغ لا تتمتع بكفاءة عالية للقيام بالعديد من عمليات الجمع والطرح التي يسهل على الحواسيب التقليدية، من جهة أخرى، القيام بها. أي ليس من الممكن لأي من صنفي الحواسيب أن يحل محل الآخر.» <Ch. ميمز> |
[مال] المحفظة في جلدك(****) انـسَ منظومات الدفع بالهاتف المحمول – كل ما عليك القيام به هو التلويح بيدك لدفع ثمن مشترياتك. عندما يملأ التلاميذ في مدارس مقاطعة پاينلاس بولاية فلوريدا صحون طعامهم في فرصة الغذاء ويتجهون نحو نقطة المحاسبة فكل ما عليهم أن يفعلوه عندها هو التلويح بيدهم قبل أن يذهبوا لتناول وجبة الغذاء مع رفاقهم. فقد رَكّبت المدارس في هذه المقاطعة محسات sensorsتبلغ مساحة كلٍ منها بوصة مربعة square-inch عند نقطة المحاسبة تتعرف التلميذ من خلال نمط توزع شرايين الدم في راحة يده. وهكذا يمكن لأي من التلاميذ شراء وجبة الغذاء دون استخدام النقود أو بطاقة ائتمان. فيدهم هي المحفظة الوحيدة التي يحتاجون إليها. تسمح منظومة Fujitsu المستخدمة والتي تدعى «پالم سكيور»PalmSecure لطابور الشبان والشابات بالمرور سريعا بعد أن يأخذوا الطعام. وبذلك تم تقليص زمن الانتظار في طابور الطعام بمقدار النصف. وهذا أمر على جانب من الأهمية حيث إن الزمن المحدد لاستراحة الظهيرة في هذه المدارس هو نصف ساعة فقط. وتستخدم منظومة كارولينا للرعاية الصحية التقانة ذاتها في أكثر من ثلاثين مستشفى تقوم بتشغيلها، وذلك لتعرف 1.8 مليون من المرضى، إن كانوا بكامل وعيهم أم لا. كما يستخدم بنك طوكيو-ميتسوبيشي في اليابان التقانة ذاتها للتحقق من صحة التعاملات المصرفية.
إن العقبة الوحيدة التي تحول دون استخدام محفظة رقمية كهذه يعود إلى بطء البنوك وشركات التقانة في تبنيها، على حد قول خبير الأمن <B. شناير>. وكما يقول <شناير>: «إن بطاقة الائتمان لا تتعدى كونها مؤشرا يحيل الجهة المعنية إلى قاعدة بيانات. ومع أنها تتميز بشكل ملائم، لكنها ليست من دون بديل. وما يحول دون استبدالها لا يتعلق بالاعتبارات الأمنية، التي لا تشكل في واقع الحال إلا جانبا من المشكلات التي ينبغي أخذها في الاعتبار.» وما أن تتبنى إحدى المصالح الحكومية أو المتاجر الكبرى منظومة التعرف الحديثة المستندة إلى توزع شرايين الدم في راحة اليد، حتى تنتشر في كل مكان. تخيل مثلا أن يتمكن السكان من استخدام قطار المترو بمجرد رفع يدهم لتحية الجهاز القارئ لدى دخول محطة الانطلاق ومرة أخرى عند محطة الوصول. وليس من المتوقع أن يضيف تبني الأدلة البيومترية biometrics عقبة لا يمكن تخطيها، فأساليب التعرف المتبعة الآن تسمح بقدر غير قليل من عمليات الاحتيال وأخطاء التعرف. ولكنها ستجعل عمليات الشراء بسيطة بساطةَ التلويح بيدك. <Ch. ميمز> |
[حوسبة] حواسيب لا تتوقف عن العمل(*****) يمكن للبشر أن ينظموا أوقاتهم، فلمَ لا تحذو الحواسيب حذوهم؟ ستمكن برمجياتٌ جديدة الحواسيبَ من العمل دون توقف. لا يجد <J. هـــولــت> [المـهــنـــــدس لدى الشركة Freescale Semiconductor] الهــاتف الــذكي smartphones الذي يستخدمه ذكيا بالفعل. فمع أن الهاتف يمكِّنه من استخدام الطاقة ليرشده إلى مواقع المطاعم، ولكن هذا التطبيق يستمر باستهلاك قدر كبير من القدرة حتى بعد الانتهاء من عملية البحث، وذلك بحيث لا يتمكن <هولت> بعدئذ من القيام بعمليات بسيطة، كإرسال رسالة نصية. وتؤكد المعضلة التي يواجهها <هولت> مشكلة أعم تجابه منظومات الحوسبة اليوم، وتتلخص في أن مكونات المنظومة تعمل من دون أن تدري إحداها ما تقوم به المكونات الأخرى. وهكذا يستهلك كل برنامج ما يتاح له من الموارد، بينما يبدو نظام التشغيل أغبى من أن يدرك أن التطبيق الذي يحتاج إليه المستخدم قد توقف، بسبب نفاد الموارد التي تمكنه من استمرار العمل. وهذه قضية لا تقتصر على الهواتف الذكية بل تشمل أيضا الحواسيب الشخصية personal computersوالحواسيب الفائقة supercomputers، ومن المتوقع أن تتفاقم مثل هذه المشكلات مع تزايد الاعتماد على معالجات عديدة النوىmulticore. وإذا لم ‘تتعلم’ مكونات الحاسوب المختلفة كيف تتواصل فيما بينها، لتتعرف كل منها ما توفره المكونات الأخرى من موارد وما لها من احتياجات، فلن يقدم مستقبل الحوسبة ما وعد به ماضيها. وقد توصل <هولت> والمشتغلون معه في المشروع آنگستروم Angstrom، وهو ائتلاف يضم عددا من مراكز الأبحاث بقيادة المعهدMIT، إلى حل لهذه المسألة: الحاسوب الواعي لذاته(6). ففي الحواسيب التقليدية لا تعي كل من مكونات المنظومة، أي العتاديات (الكيان الصلب) hardware والبرمجيات software ونظام التشغيل operating system ما تقوم به المكونتان الأخريان، مع أنها تعمل جميعا ضمن آلة واحدة. فنظام التشغيل لا يعلم مثلا أن التطبيق الذي يستخدم مشـغـل الڤيديو يجاهد كي يعمل بصورة اعتيادية، ولكن المستخدم الذي يشاهد الڤيديو يلاحظ دون ريب تقطع الصورة واهتزازها. في السنة الماضية (2010) أطلق المعهد MITالتطبيق المسمى هارتبيتس Heartbeats، وهو تطبيق بحثي يراقب أحوال جميع التطبيقات العاملة ضمن الحاسوب. ويمكن لهذا التطبيق أن يخبر المستخدم مثلا أن الڤيديو يعمل بمعدل 15 إطارا frame في الثانية، عوضا عن المعدل الأمثل، أي 30 إطارا في الثانية. والفكرة هنا أن يتسنى تطوير منظومات تشغيل يمكن لها أن تتحرى إن كانت التطبيقات المستخدمة تعمل بصورة غير مقبولة. وأن تستعرض الحلول المحتملة. فإذا كانت بطارية الحاسوب مليئة يمكن أن يضع نظام التشغيل مقدارا إضافيا من القدرات الحاسوبية بتصرف التطبيق المتعثر، أما إذا لم تكن البطارية مليئة، فلربما يطلب نظام التشغيل من التطبيق أن يستخدم مجموعة أكثر كفاءة من التعليمات وإن كانت هذه التعليمات ذات أداء أدنى. كما يمكن للحاسوب أن يتعلم من تجاربه، بحيث يتسنى له حل مشكلة ما بسرعة أكبر عندما تعترضه للمرة الثانية. ويمكن للحاسوب الذي يمتلك الوعي الذاتي أن يتعامل مع مجموعات من الأهداف المعقدة، كأن ينفذ مثلا تعليمات «تطالب بتشغيل ثلاثة برامج سوية مع منح أحدها الأولوية»، أو أن «يوفر القدر الأكبر الممكن من الطاقة دون أن يؤثر ذلك في الفيلم الذي يشاهده المستخدم.» وتتمثل الخطوة التالية بتصميم نظام تشغيل لاحق يمكنه تحديد الموارد المخصصة لكل البرامج. فإذا تباطأ عرض الڤيديو يقوم برنامج التشغيل بتخصيص المزيد من الموارد له. أما إذا كان عرض الڤيديو يجري بسرعة 40 إطارا في الثانية، فيقوم نظام التشغيل بتحويل الموارد نحو برنامج آخر يحتاج إليها، حيث إن عين المشاهد لا ترى فيلم الڤيديو على نحو أفضل إذا ما تعدت سرعة العرض 30 إطارا في الثانية. ويقول <H. هوفمان> [وهو طالب دكتوراه في علوم الحاسوب في المعهدMIT يعمل على تطوير هذا النظام]: «لقد صار بمقدورنا توفير 400 في المئة من القدرة المستخدمة حاليا.» ولن تجعل نظم الوعي الذاتي الحواسيب أكثر ذكاء وحسب بل ستكون ضرورية لتشغيل حواسيب المستقبل التي يتزايد تعقيدها، على حد قول <A. أكراوال> [العلمي الرئيس في المشروع]. فقد أدخل مهندسو الحوسبة أعدادا إضافية من وحدات الحوسبة الأساسية، التي تسمى بالنوى cores، إلى الحواسيب خلال العقد الماضي. والحواسيب التي تصنع اليوم تتضمن نواتين أو أربع نوى. ولكن حواسيب المستقبل ستستخدم ما بين عشرات وآلاف النوى. وسيجعل هذا توزيع المهام الحاسوبية على النوى – وهو أمر يتم تحديده الآن بصورة نهائية لدى تصميم البرمجيات – أمرا شبه مستحيل. ولكن استخدام نظم واعية للذات سيرفع هذا العبء عن كاهل المبرمجين ليجري استخدام النوى من قبل البرامج بصورة آلية. وقد يتم من جراء اكتساب القدرة على التعامل مع أعداد كبيرة من النوى التوصلُ إلى مستويات جديدة لسرعة الحوسبة، تمهد الطريق لتطوير حواسيب أسرع من كل ما سبقها. وكما يقول <J. ڤيلاّسينور> [أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة كاليفورنيا، وهو غير مشارك في مشروع أنكستروم]: «علينا التوجه نحو نظم واعية للذات ليتسنى لنا التعامل مع أعداد أكبر من النوى، وأظن أننا سنشهد ملامح هذه النظم خلال العامين المقبلين.» <F. ديب> |
[مال] نقود بلا حدود(******) أول عُملة رقمية في العالم تتجاوز الوسطاء وتُبقي مستخدمها مجهول الهوية. تخيل لو دخلت متجرا لبيع الأطعمة وطلبت شطيرة جبن أو لحم مقدد ثم وضعت النقود أمام المحاسب، وإذا به يقول: «عظيم، كل ما أحتاج إليه الآن هو اسمك والعنوان الذي تستخدمه في تعاملاتك المالية ورقم هاتفك واسم أمك قبل زواجها ورقم حسابك المصرفي.» لا ريب في أن معظم الزبائن سيَجفِلون لدى سماعهم كل هذه الأسئلة، ولكن هذا بالضبط هو الأسلوب الذي يتبعه كل من يسدد ثمن مشترياته على الإنترنت. ليس هنالك من عملة أبسط وأكثر إغفالا لمن يتداولها من الدولار. ولكن عوضا عن التعامل بها فإننا نعتمد على وسائط بديلة تتمثل بشركات بطاقات الائتمان (التي تستحوذ على نسبة مئوية من قيمة المشتريات، وعلى معلوماتك الشخصية أيضا). ولكن هذا مرشح للتغير بفضل البيتْكويْن Bitcoin، العملة الرقمية التي تشبه النقد المعتاد بسيولتها وإغفالها لمستخدمها. وكما يقول <G. أندرسن> [وهو أحد قادة شبكة البيتكوين]: «إن استخدام هذه العملة الرقمية يماثل طي الأوراق النقدية وحشرها ضمن حاسوبك وإرسالها إلى مصدر البضاعة التي تنوي ابتياعها عبر الإنترنت.» وعناصر البيتكوين هي مجرد بتات bits، أي سلاسل من كود(7) يمكن نقلها من مستخدم إلى آخر عبر شبكة نظراء peer network. وبينما يمكن نسخ معظم سلاسل البتات عددا لانهائيا من المرات (وهو أمر كفيل بجعل أي نقد عديم القيمة)، فإن مستخدم البيتكوين لا يستطيع إرسال البتات التي تمثل النقد الرقمي إلا مرة واحدة فقط. وتستخدم للتداول بالبيتكوين تعمية(8) cryptography فعالة لردع اللصوصية. كما أن اللجوء إلى شبكة للنظراء يزيل الحاجة إلى حارس بوابة مركزي، وهو الدور الذي تقوم به شركات بطاقات الائتمان مثل Visa و PayPal على الشبكات المفتوحة. أي إن المنظومة تضع زمام الأمور في يد المستخدمين بدلا من الوسطاء الماليين. وتستعير بيتكوين مفاهيم من برمجيات التعمية المعروفة. حيث تخصص هذه البرمجيات لكل بيتكوين رمزين فريدين: أولهما مفتاح خصوصي يخبأ في حاسوب المستخدم. وثانيهما عنوان عمومي يمكن لأي كان رؤيته. إلا أن المفتاح والعنوان مرتبطان بعلاقة رياضياتية(9)، بحيث يصير الاستدلال على مفتاح المستخدم من عنوانه مستحيلا عمليا. فإذا كان بحوزتي 50 بيتكوينا وأردت تحويلها إلى عنوان أحد الأصدقاء يقوم برنامج الحاسوب بضم مفتاحي إلى عنوان صديقي. ومن ثم يتم استخدام العلاقة بين عنواني العمومي ومفتاحي الخصوصي من قبل مستخدمين آخرين ضمن شبكة النظراء للتثبت من أنني أمتلك البيتكوينات اللازمة قبل القيام بتحويلها. وتستخدم حواسيب أعضاء الشبكة للقيام بذلك خوارزميةalgorithm لكسر التعمية. ويمنح أول حاسوب يتمكن من القيام بهذه المهمة بضعة بيتكوينات بين الفينة والأخرى، وذلك ليتسنى الحفاظ على جماعة المستخدمين ضمن المنظومة. ويعود تاريخ أول عملية بيع باستخدام البيتكوين للعام 2010 حيث استخدم زبون 000 10 بيتكوين لشراء شريحة بيتزا. ومنذ ذلك الحين تفاوت سعر الصرف بين البيتكوين والدولار الأمريكي صعودا وهبوطا، بحيث صار سجل التداول أشبه بالنوتة الموسيقية لمعزوفة من موسيقى الجاز المنفرد. وبسبب تراوح سعر الصرف على هذا النحو، فإن قلة فقط من التجار الموصولين إلى الإنترنت(10) تقبل البيتكوين ثمنا لبضائعها. لذا فإن جالية البيتكوين ما زالت حتى الآن صغيرة. إلا أنها جالية تتسم بكثير من الحماس كما كان حال من تبنوا شبكة الإنترنت في أوائل عهدها. <M. پك> |
[مواد] تعدين ميكروبي(*******) تستخرج البكتيريا المعادن من مناجمها ثم تزيل التلوث الناجم. لم تتبدل ممارسات البشر في مضمار التعدين كثيرا منذ العصر البرونزي: فلاستخراج المعدن يسَخن الفلز ore ويعالج بمواد كيميائية، كفحم الخشب. إلا أن هذه التقنية تتطلب استخدام قدر كبير من الطاقة، مما يعني أن هذه التقنية تضحي غير مربحة من أجل الفلزات التي تتضمن نسبا متدنية من المعادن. لذا تتجه شركات التعدين بصورة متزايدة نحو استخدام البكتيريا لاستخلاص المعادن من الفلزات الحاوية على نسب متدنية من المعدن، إذ إن هذه التقنية تسمح باستخلاص المعادن بتكاليف منخفضة في درجات الحرارة الاعتيادية. وباستخدام هذه التقنية يمكن استخلاص ما يصل إلى 85 في المئة من المعدن من فلزات لا تربو نسبتها على 1 في المئة منه. وجميع ما ينبغي القيام به هو توضيع البكتيريا في مواقع مناسبة ثم سقيها بحمض ممدد diluted. فلاسـتخلاص الحديد مـثلا تستخدم البكتيريا أسيدوثيوباسيلوس Acidithiobacillus أو لپتـوسـپيـريــلـوم Leptospirillum التي تـؤكسد الحــديــد والكبريت في الفلز للحصول على الطاقة مما يؤدي إلى تحلـل الصخور التي تحتوي الفلز وتحرر المعدن المنشود. وتستخدم التقنيات البيولوجية أيضا من أجل التخلص من المياه العادمة الحمضية، بحيث يتم في الوقت ذاته استخلاص ما تبقى من مركبات المعدن التي انسابت مع المياه العادمة. وتستخدم في هذه العمليات أصناف من البكتيريا مثل ديسلفوڤيبريو Desulfovibrioوديسـلفـوتـومـاكـولـوم Desulfotomaculumتـــقــوم بـتـحــيـــيـــــــد الحموض وتشكل مركبات سلفيدية غير ذوابة مع معادن أخرى منها النحاس والنيكل وغيرهما بحيث يسهل ترسيبها وفصلها عن المياه العادمة. وقد شهد التعدين الحيوي Biomining نموا غير مسبوق في السنوات الأخيرة بسبب ندرة الفلزات الحاوية على نسب مرتفعة من المعادن. بحيث يقدر أن 20 في المئة من النحاس المستهلك في العالَم يستخرج الآن باستخدام التعدين الحيوي. وقد تضاعفت هذه النسبة منذ منتصف التسعينات. وكما يشير <C. برايرلي>، فإن ما كانت شركات التعدين تطرحه ضمن نفاياتها هو ما يدعى ’الفلز‘ اليوم. وتتلخص الخطوة التالية بإطلاق البكتيريا المنظفة للتخلص من نفايات عملية التعدين. ويقدر <B .D. جونسون> [الذي يُجري أبحاثا في جامعة باكنور بمقاطعة ويلز، حول المحاليل البيولوجية التي يمكن استخدامها للتخلص من نفايات التعدين الحمضية] أن نحو عشرين سنة ستنقضي قبل أن يتسنى التوصل إلى أساليب اقتصادية لتنظيف مناجم المعادن بيولوجيا. ويقول <جونسون>: «بينما يتحرك العالم نحو مجتمعات أقل اعتمادا على الفحم، علينا أن نبحث عن سبل تتطلب مقادير أقل من الطاقة وتستثمر عمليات طبيعية.» ثم يضيف: «هذا هو الهدف الأبعد أمدا، وقد بدأت الأمور تتحرك بصورة سلسة في هذا الاتجاه.» <S. فخت> |
[زراعة] محاصيل لا تحتاج إلى إعادة زرعها(********) محاصيل على مدار السنة يمكنها أن تثبت التربة وتزيد الغلال، بل ويمكنها الإسهام في محاربة تبدل المناخ. قبل لجوء الإنسان إلى الزراعة كمصدر للغذاء كان معظم كوكبنا مغطى بنباتات تحيا السنة تلو الأخرى. ولكن الإنسان استعاض عن هذه النباتات المعمرة تدريجيا بالمحاصيل الزراعية التي لا بد من إعادة زراعتها كل عام. وينشد بعض العلميين الآن العودة إلى الماضي، من خلال توليد سلالات معمرة من نباتات محاصيل مألوفة كالذرة والقمح. وإذا ما كتب لهم النجاح، فإن غلال الأراضي الزراعية ستشهد ازديادا كبيرا في بعض أكثر مناطق العالم فقرا. كما أن هذه النباتات ستمتص بعضا من غاز ثنائي أكسيد الكربون الذي ما زالت نسبته تتزايد في جو الأرض. وقد حلم الباحثون عبر عقود مضت بالاستعاضة عن النباتات الفصلية بأخرى معمرة. إلاّ أن التقانات الجينية(11) اللازمة لإحداث هذه النقلة لم تظهر إلا منذ 10 إلى 15 سنة فقط، كما يصرح <J. گلوڤر> [المختص في علم البيئة الزراعية agroecology]. ولنباتات المحاصيل المعمرة العديد من المزايا، تتفوق بها على تلك التي لا بد من استبدالها سنويا: فجذورها التي تخترق أعماق التربة تحول دون تآكل التربة وانجرافها بفعل الأمطار والسيول، كما تحول دون ضياع ما تحوي من المواد المعدنية الضرورية لنمو النباتات، كالفوسفور مثلا. وإضافة إلى ذلك، فإن المحاصيل المعمرة تحتاج إلى مقادير أقل من الأسمدة والمياه مما تتطلبه نظيراتها الفصلية. وبينما تشكل نباتات المحاصيل التقليدية مصدرا إضافيا للكربون في الجو، فإن الأراضي المزروعة بنباتات المحاصيل المعمرة تعمل على إزالة الكربون من الجو على مدار السنة.
إلا أن وصول نباتات المحاصيل المعمرة إلى مستوى أوسع من الانتشار يوازي ما تتمتع به نباتات المحاصيل التقليدية يتطلب قدرا ملموسا من الجهود العلمية. ويعتقد <E. باكلر> [وهو مختص في جينات النبات plantgenetics، يخطط لتطوير صنف معمر من الذرة] أنه يحتاج إلى خمس سنوات كي يتعرف الجينات المسؤولة عن السِّمة(12) ولعقد من الزمن لاستيلاد صنف منتج من الذرة المعمرة. ويضيف: «وحتى باستخدام أرفع تقانة متوفرة، لا بد من الانتظار مدة عشرين سنة قبل التوصل إلى ذرة معمرة.» ويسعى الاختصاصيون إلى تسريع عمليات تطوير المحاصيل المعمرة باستخدام تقانة التنميط الجيني genotyping. إذ صار بالإمكان إجراء تحاليل سريعة لجينومات genomesالنباتات التي تتمتع بسمات مرغوب فيها بحثا عن العلاقات الكامنة بين الجينات وتلك السمات. وعندما يعطي أول جيل من تلك النباتات بذوره، يقوم الباحثون بسَلْسَلَةِ النباتات اليافعة الناجمة عنها كي يتوصلوا إلى ما لا يزيد على حفنة من النبتات التي حافظت على السمات المرغوب فيها من بين آلاف النبتات التي خضعت للدراسة (وهذا عوضا عن انتظار نمو النبتات وبلوغها، وهو أمر يتطلب عدة سنوات.) وسوف يكون للنباتات المعمرة متى توافرت وشاع استثمارها أثر كبير في انبعاثات الكربون. والمسألة الأساس تكمن في منظومة الجذور التي تتمتع بها النباتات المعمرة. إذ يمكن لهذه الجذور احتجاز كميات من الكربون تكافئ الواحد في المئة من كتلة كل متر مكعب من التربة السطحية. ويقدر <D. كل> [الرئيس التنفيذي chief executive في مجلس أبحاث التقانة الحيوية وعلوم الحياة في المملكة المتحدة] أن الاستعاضة عما يقابل اثنين في المئة سنويا من المحاصيل الفصلية بمحاصيل معمرة تكفي للحد من تزايد نسبة ثنائي أكسيد الكربون في جو الأرض. كما يقدر أن تحويل كافة الأراضي الزراعية إلى إنتاج المحاصيل انطلاقا من النباتات المعمرة سيؤدي إلى احتجاز ما يكافئ 118 جزءا من المليون من ثنائي أكسيد الكربون – وهو مقدار يكفي، بكلمات أخرى، لإعادة نسبة غازات الاحتباس الحراري (الدفيئة) greenhouse إلى ما كانت عليه قبل الحقبة الصناعية. <Ch. ميمز> |
[طاقة] وقود سائل من أجل السيارات الكهربائية(*********) صنف جديد من البطاريات قد يستعيض عن الوقود المستحاثيfossil fuels بوقود خام نانوتقني nanotech crude. تشكل البطاريات المحسنة حجر الأساس في تطوير سيارات كهربائية يمكنها أن تقطع مئات الأميال قبل أن تحتاج إلى إعادة شحن. ولكن التقدم على هذا المحور متقطع والاختراقات المجدية تبدو بعيدة المنال. إلا أن أسلوبا مبتكرا لإعادة ترتيب المكونات الداخلية للبطاريات الجديدة، لديه إمكان مضاعفة مقدار ما تختزنه هذه البطاريات من الطاقة. وقد خطرت الفكرة على بال <Y-M. تشيانگ> [الأستاذ في المعهدMIT]بينما كان يقضي فترة إجازة تفرغ علمي لدى شركة للبطاريات تدعى A123 Systems كان قد أسهم في إنشائها عام 20011: ماذا لو تم الوصول إلى أسلوب يسمح بدمج أحسن الخصائص التي تميز ما يدعى بالبطاريات الجريانية flow batteries التي تدفع بالموائع الكهرليةelectrolytes ضمن الخلية مع كثافة احتجاز الطاقة التي تتمتع بها بطاريات شاردة الليثيوم(13) التي توجد في التجهيزات الإلكترونية المألوفة؟ إن البطاريات الجريانية التي تختزن القدرة ضمن أوعية مملوءة بكهرليات(14) electrolytes تمتلك كثافة طاقة energy density متدنية، تقيس مقادير ما يمكن أن تختزنه. والميزة الوحيدة لهذا الصنف من البطاريات هي البساطة التي يمكن بموجبها زيادة سعتها: فكل ما يحتاج إليه المرء هو تأمين وعاء أكبر حجما لملئه بالمادة التي تختزن الطاقة. لقد بنى <تشيانگ> وزملاؤه نموذجا عاملا لبطارية تتميز بكثافة للطاقة توازي ما لبطاريات شاردة الليثيوم، ولكن الوسط الذي يجري فيه تخزين الطاقة هو مائع بالفعل، كما هو الحال في البطاريات الجريانية. وقد أطلق <تشيانگ> على المائع المستخدم في بطاريته المستحدثة – وهو مزيج لزج أسود من جسيمات نانوية الأبعاد وحبيبات من معادن خازنة للطاقة – تسمية «خام كامبريدج». وإذا نظرت إلى خام كامبريدج بـــواسطـــــة ميكروسكوب إلكترونيelectron microscope فسترى حبيبات بحجم ذرات الغبار صنعت من ذات المواد التي يصنع منها الإلكترودان السالب والموجب في بطاريات شاردة الليثيوم، مثل أكسيد الكوبالت والليثيوم (من أجل المسرى الموجب) والگرافيت (من أجل المسرى السالب). وبين هذه الحبيبات الأكبر حجما سترى جسيمات من الكربون ذات أبعاد نانوية معلقة في السائل، وهي جسيمات تُضمِر سر هذا الابتكار. إذ تتجمع هذه الجسيمات النانوية لتشكل بنية إسفنجية هي بمثابة «أسلاك سائلة» تصل بين حبيبات البطارية التي سبق ذكرها، وتخَزن ضمنها الشوارد ions والإلكترونات. وفي النتيجة يتم الحصول على سائل قابل للجريان، بينما تحافظ مكونات السائل النانوية باستمرار على مسالك لجريان الإلكترونات بين الحبيبات التي تخزن الطاقة في البطارية. وكما يقول <تشيانگ> فإن خام كامبريدج هو في واقع الأمر مادة مركبة كهربائية ذات خواص فريدة. ويضيف بأنه لا يعرف أية مادة تشبهها. وإن قابلية المادة الفعالة في البطارية للجريان تطرح احتمالات مثيرة للاهتمام، منها أن السيارات التي تعمل بهذه البطاريات ستتمكن من التوجه إلى محطات تحتفظ بهذه المادة الفعالة لاستبدال ما تحمل من وقود نفدت القدرة الكامنة فيه. ويقترح <C .W. كارتر> [وهو باحث يتعاون مع <تشيانگ> في المعهد MIT] أن يقوم مستخدمو هذا الوقود باستبدال ما يماثل قارورة الپروپان propane مليئة بالكهرل الذي يخزن القدرة الكهربائية، وذلك بدلا من إعادة شحن البطارية من خلال مأخذ كهربائي.
ولكنّ أمام خام كامبريدج طريقا طويلا قبل أن يصير استخدامه التجاري ممكنا. وقد يدعي الشكاكون بأنه يطرح مشكلات يمثل حلها تحديات تفوق المنافع الممكنة التي تطرحها، كما صرح مسؤول عن برنامج لأبحاث تخزين الطاقة في جامعة مرموقة، اشترط عدم الإفصاح عن اسمه كي لا يؤذي شعور زملائه من الباحثين. فالمعدات الإضافية اللازمة لضخ المائع ضمن خلايا البطارية، تشكل كتلة إضافية غير مرغوب فيها. فوزن وحجم المضخات وأسطوانات التخزين والأنابيب ووزن وحجم الكهرل والمضافات الكربونية تزيد الوزن الإجمالي للمنظومة فوق حدود التقانات البديلة المتوفرة حاليا. كما أن البطاريات ربما لا تتمتع بثباتية توازي ما تمتلكه بطاريات شاردة الليثيوم التقليدية مع مرور الزمن وبعد عدة دورات من الشحن والتفريغ. ومن القضايا الجوهرية التي تجابه البطاريات الجديدة أن الزمن اللازم لشحنها يفوق ما يتطلبه شحن البطاريات التقليدية بضعفين إلى أربعة أضعاف، وذلك على حد قول <كارتر>. مما يسبب مشكلات للسيارات التي يلزمها أن تتزود بالطاقة بسرعة. ومن الطرق التي قد تسمح بتجاوز هذه المشكلة، أن تتم مزاوجة البطاريات الجديدة بأخرى تقليدية أو بمكثفة فائقة ultracapacitor يمكنها إطلاق ما تحمل من طاقة خلال ثوانيَ معدودات للحيلولة دون الاستهلاك المرتفع للطاقة عند الكبح أو التسارع. ولكن التصميم الجديد واعد بلا ريب. فالمنظومة التي تسمح بتخزين الطاقة ضمن موائع محملة بالجسيمات ينبغي أن تكون قادرة على التعامل مع العمليات الكيميائية في أية بطارية، مما يضاعف قيمتها كأساس لابتكارات مقبلة في هذا المضمار، وذلك على حد قول <Y. كوگوتسي> [مهندس المواد في جامعة دركسل]، ويضيف قائلا: «إنها تفتح الباب أمام أساليب جديدة لتصميم البطاريات.» <Ch. ميمز> |
[طب] قاتلات جراثيم نانوية القياس(**********) سكاكين بالغة الصغر قد تصبح أسلحة مهمة في الحرب على بقٍ فائق superbugs. أعلنت منظمة الصحة العالمية أن صنفا من السل يقاوم العقاقير يجتاح بعض أنحاء أوروبا. والبدائل المتاحة لمحاربة المرض قليلة – فالمضادات الحيوية لا تجدي نفعا مع هذه السلالات المتطورة – ويقدر أن نصف عدد المصابين بالمرض يموتون بسببه في آخر المطاف. وتعكس هذه الحالة معضلة تجابه الإنسان في الحرب على أمراض مقاومة للعقاقير كالمرض الناجم عن المكورة العنقودية الذهبية المقاومة للمثيسيلين (16) (MRSA) الذي يموت بسببه سنويا 000 19 شخص في الولايات المتحدة. والأمل بالانتصار على هذه الأمراض يتجلى اليوم في صورة سكاكين نانوية. فقد صمم باحثون يعملون في مختبر أبحاث ألمادنAlmaden في شركة IBM جسيما نانوياnanoparticle يمكنه تدمير خلايا بكتيرية وذلك بثقب أغشيتها. وتمتلك أغلفة الجسيمات النانوية التي طوَرها الباحثون شحنة موجبة تربطها بأغشية البكتيريا المشحونة بشحنة سالبة. «وعندما يلتصق الجسيم بالبكتيريا ينقلب مخرجا داخله ليثقب غشاء الخلية،» كما يقول <J. هدريك> [وهو باحث في علوم المواد يعمل بالمشروع متعاونا مع مجموعة من الباحثين في معهد سنغافورة للهندسة الحيوية وتقانة النانو(17)]. وتذوي البكتيريا عندما يتهتك غلافها كالبالون إذا ثـقب. وبعد قيام الجسيمات النانوية بمهمتها تتقدم الإنزيمات لتحطم محتويات خلايا البكتيريا، ومن ثم يطرحها جسم المريض خارجا. يأمل <هدريك> بالبدء بتجارب تستخدم فيها الجسيمات النانوية لعلاج الإنسان خلال السنوات القليلة المقبلة. وإذا أبدت هذه المقاربة نجاعتها خلال التجارب، فسيتسنى للأطباء مسح جلد المرضى في المستشفى بمستحضرات هلامية أو دهون مشحونة بالجسيمات النانوية للحيلولة دون حدوث إنتانات (عداوى)(18) infection بكتيرية ناجمة عن المكورة العنقودية MRSA. كما قد يعمد الأطباء إلى حقن الجسيمات في مجرى الدم للتخلص من المتعضيات organisms المقاومة للعقاقير، كالمكورات العنقودية التي تسبب إنتانات مميتة. ولكن حتى ولو نجحت هذه التجارب، فلا بد أن يتغلب هذا الأسلوب العلاجي على القلق الذي يشوب فكرة إدخال مثاقب drills إلى مجرى الدم. كما أن البكتيريا الأبشع على سطح الأرض ربما لا تُهزم بهذه السهولة. <E. سڤوبود> |
(*)WORLD CHANGING IDEAS
(**)The Forever Health Monitor
(***)A Chip That Thinks Like a Brain
(****)The Wallet in Your Skin
(*****)Computers That Don’t Freeze Up
(******)Currency without Borders
(*******)Microbe Miners
(********)Crops That Don’t Need Replanting
(*********)Liquid Fuel for Electric Cars
(**********)Nano-Size Germ Killers
(1) المدير التنفيذي السابق لشركة آبل، وقد توفي في العام الماضي (2011) عن عمر يناهز 56 عاما بعد صراع طويل مع المرض. وقالت آبل عن رئيسها الراحل: «كان نابغة رؤيويا ومبدعا.» ويذكر أن والده سوري الأصل من حمص.
(2) real time
(3) metal electrodes
(4) the Wireless-Life Sciences Alliance
(5) mathematical
(6) self-aware computer
(7) code أو رمّاز.
(8) تقنية تشفير (أو تجفير).
(9) mathematical
(10) online merchant
(11) genetic technology
(12) the trait
(13) lithium-ion أو ليثيوم-أيون (ج: أيونات).
(14) ج: كهرل أو إلكتروليت.
(15) 24M Technologies
(16) Methicillin Resistant Staphylococcus Aureus
(17) Singapore’s Institute of Bioengineering and Nanotechnology
(18) أو أخماج.