البحث عن حاسوب جديد
البحث عن حاسوب جديد(*)
مع نهاية قانون <مور> المنظورة، ينفق منتجو الشيپات (رقاقات
الحاسوب) (1) البلايين لاستحداث تقانات حوسبة جديدة.
<J. پاڤلاس>
باختصار
يعتمد التقدم في الحوسبة على قانون <مور>، والذي ينص على أن عدد الترنزستورات في شيپة (رقاقة حاسوب) يتضاعف كل عامين. ولكن يمكن للترنزستورات أن تصبح صغيرة جدا قبل أن يصطدم المهندسين بمحددات قوانين الفيزياء، ولم تعد هذه اللحظة بعيدة.
|
في غرفة اجتماعات ضيقة وعديمة النوافذ بمقر قيادة الأبحاث والتطوير (R&D)، في الشركة Intel، وهي المصنع المهيمن في مجال أشباه الموصِّلاتsemiconductors والمعالجات الميكروية (الصِّغرية) microprocessors، يشرح <M. بور> [مدير بنيان وتكامل العمليات] بهدوء كيف أن قانون <مور> Moore’s Law، الذائع الصيت، قد انتهى منذ مدة. وقد يبدو الأمر مفاجئا، ولاسيما أن <بور> يعمل بحرفية والتزام في مجال قانون <مور>. إذ ينص عمله على اكتشاف طريقة لجعل ترنزستورات الشركة Intel الحالية، وهي من مقاس 144 نانومتراً، أصغر بمرتين خلال العقد القادم. ولكن <بور>، ومن خلف نظاراته الدائرية، لم يكن مازحا: «ينبغي أن ندرك أن حقبة التغيير التقليدي لمقاس الترنزستورات، التي تنص على أخذ البنية والمواد الأساسية ذاتها وجعلها أصغر حجما، قد وَلَّت منذ نحو عشر سنوات.»
في عام 1965، نشر <G. مور> [مدير البحث والتطوير (R&D) في الشركةFairchild لأشباه الموصِّلات] وثيقة بالعنوان الصادم «حشر المزيد من المكونات في الدوائر المتكاملة». وتنبأ <مور> آنذاك بأن عدد الترنزستورات الممكن تجميعها في شيپة بتكلفة مثالية، سيتضاعف كل عام. وبعد عقد من الزمن، قام بمراجعة ذلك التنبؤ ليصبح ما عرف لاحقا باسم قانون <مور>: كل عامين سيتضاعف عدد الترنزستورات المجمعة في شيپة حاسوب(2).
وتمكن الدوائرُ المتكاملة الحواسيبَ من العمل. ولكن قانون <مور> يسمح لها بالتطور. ولما كانت الترنزستورات هي بمثابة «الذرات» atoms في الحوسبة الإلكترونية(3) – أي القواطع الدقيقة switches tiny التي تكوّد encode كلاًّ من الوِحدان والأصفار (s1&0’s) في أي ذاكرة حاسوبية وأي دائرة منطقية(4) إلى فرق في الڤلطية – فإذا ضاعفتَ عدد الترنزستورات الممكن وضعها في الفضاء المادي(5) نفسه، يمكنك مضاعفة كمية الحوسبة الممكن تحقيقها وبالتكلفة ذاتها. لقد أتاح المعالج الميكروي (الصِّغري) microprocessor، الأول من قبلالشركة Intel، ي8080 المستخدم في كافة الأغراض، إطلاق ثورة الحواسيب الشخصية (PC) عند إصداره في عام 1974. وقد احتوت شريحة wafer تشبه قضيب الحلوى والتي لا يتجاوز طولها بوصتان، على 4500 ترنزستور. وحتى تاريخ كتابة هذه السطور، تحتوي كل واحدة من وحدات المعالجة المركزية (CPUs)ا(6) للمُخدِّمات العالية الأداء(7) من الشركة Intel، وهي الشيپات الأعلى كثافة المتاحة تجاريا، على 4.5 بليون ترنزستور. وتستطيع عمليات التصنيع الأحدث للشركة Intel والمتاحة في منشآت الإنتاج (fabs)ا(8) المقامة فيHillsboroفي Ore، حفر سمات(9) صغيرة من رتبة 14 نانومتراً ضمن شريحة السيلكون. ويمثل ذلك حجما أدق من سوط البكتيريا(10). فقد حوّل النمو الأسي في كثافة الترنزستورات آلات الحوسبة التي كانت بحجم الغرفة والمعتمدة على الأنابيب المفرغة، في أواسط القرن العشرين، إلى أعجوبة سيلكون مصغرة في بداية القرن الحادي والعشرين.
ومع ذلك، يمكن لقانون <مور> الوصول إلى الإشباع بحسب قوانين الفيزياء – وخلال عقد لن يكون من الممكن الحفاظ على هذا الإيقاع غير المسبوق من التصغير. ولهذا السبب، يتسابق مصنعو الشيپات مثل Intel و IBM و HP لإنفاق البلايين من الدولارات على البحث والتطوير بهدف اكتشاف عالَم ما بعد قانون <مور>. ويتطلب ذلك إعادة النظر في الفرضيات الأساسية التي تطلبها التقانة لتؤدي وظائفها. وهل تحتاج شيپة الحاسوب إلى أن تكون صفيفة(11)ذات بعدين من الأسلاك المحفورة ضمن السيلكون؟ وترى الشركة IBM أن ذلك غير ضروري، فهي تتحرى بجدية عن استخدام أنابيب الكربون النانوية(12)والگرافين graphene كركيزة للحوسبة. وماذا عن الإلكترونات؟ هل هي ضرورية؟ تراهن الشركتان IBM و HP على الفوتونيات photonics التي تستخدم نبضات ضوئية بدلا من الڤلطية.
وتذهب الشركة HP إلى أبعد من ذلك، إذ تود تطوير النظرية الأساسية للإلكترونيات بذاتها. وقد شيدت الشركة نموذجا أوليا لحاسوب، باسم رمزيّ «الآلة» the Machine، وهذا النموذج يستمد الطاقة من الارتباط المفقود في الإلكترونيات والجاري البحث فيه منذ فترة طويلة، وهو مقاوم ذاكرة(13)memristor. ويسمح هذا المكون الذي جرى التنبؤ به رياضياتيا منذ عدة عقود، ولكن لم يُطور إلا حديثا بالجمع بين وظائف التخزين ووظائف الذاكرة العشوائية النفاذ (RAM)ي(14) في الحواسيب بآن معا. ويصبح التشبيه الشائع للوحدة CPU «بدماغ» الحاسوب هو الأدق مع هذه المكونات بدلا من الترنزستورات؛ لأن بإمكانها العمل بطريقة مشابهة للخلايا العصبية neurons: فهي تجمع بين تخزين ونقل وتكويد المعلومات. ويسمح الجمع بين التخزين المتلاشي volatile والدائم nonvolatile برفع الكفاءة بطريقة ملموسة والتخفيف مما يُعرف بعنق زجاجة <ڤون نيومان>(15) التي طالما فرضت قيودا على الحوسبة لأكثر من نصف قرن.
ولكن لا تعد أي من هذه التقانات جاهزة حاليا لتحل محل الشيپات المستخدمة في الحواسيب المحمولة أو الهواتف، أو حتى لتوسيع قدراتها، في السنوات القليلة القادمة. ومع نهاية العقد الحالي، ينبغي أن تُصبح إحدى هذه التقانات على الأقل قادرة على تقديم الأداء الحسابي المحسن الذي من شأنه أن يملأ الفراغ الذي سيُحدثه دون شك تقهقر هندسة الدوائر السيلكونية التقليدية. ويبقى السؤال: ما هي هذه التقانة ومتى تصبح جاهزة؟
إلى ما بعد السيلكون(**)
إن الفكرة الكامنة وراء قانون <مور> بسيطة: إن تنصيص حجم ترنزستور يُعني أنه بإمكانك مضاعفة أداء الحوسبة وبالتكلّفة نفسها. ولكن هذا القانون تضمن دوما قضايا أكثر من ذلك. وقد تكون مقالة <G. مور> المنشورة في عام1965 تنبأت بما سيحدث لكثافة الترنزستورات سنويا، ولكنها لم تصف قطّ كيف يمكن رفع الأداء كنتيجة لازدياد الكثافة. وقد تطلب الأمر تسع سنوات إضافية لكي يقوم عالِم في الشركة IBM، وهو <R. دنارد>، بنشر تفسير يعرف اليوم بمقياس <دنارد> Denard scaling يصف هذا المقياس ثبات كثافة الطاقة لتقانة (MOSFET)ا(16) (وتشير إلى تقانة ترنزستورات الأثر الحقلي ذات أشباه الموصلات المعدنية المؤكسدة، وهي التقانة المهيمنة في عام 1974) مع تقلص أبعادها الفيزيائية(17). وبكلمات أخرى، عند تقلص أبعاد الترنزستورات، فإن كمية الڤلطية الكهربائية والتيار اللازمين لتبديل الحالة بين الوصل والفصل، تتقلص أيضا.
وقد ظل مقياس <دنارد> لمدة 30 عاما المحرك السري لقانون <مور>، ضامنا المكسب الثابت في أداء الحواسيب الشخصية، وهذا ما ساعد الأشخاص على البدء بالأعمال التجارية وتصميم المنتجات ومعالجة الأمراض وتوجيه المركبات الفضائية وجعل الإنترنت أكثر ديمقراطية. وبعد ذلك، توقف هذا المقياس عن العمل. وما إن بدأت منشآت الإنتاج بحفر سمات في السيلكون برتبة أقل من 65نانومتراً (وهذا ما يمثل نصف طول الڤيروس HIV)، حتى وجد مصممو الشيپات أن الترنزستورات أصبحت تسرب الإلكترونات بسبب الآثار الميكانيكية الكمومية quantum. وقد أصبحت هذه العناصر دقيقة إلى درجة يصعب فيها الابتدال بين حالتي «الوصل» و «الفصل» بموثوقية، كما أصبح أي حاسوب رقمي لا يستطيع التمييز بين 1 و0 يعاني مشكلة حقيقية. ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، إذ كان الباحثون في الشركتين IBM و Intel يستكشفون ما يسمى جدار التردد frequency wall الذي يضع حاجزا أمام سرعة تنفيذ الوحدات CPUsالسيلكونية للعمليات المنطقية، والبالغة أكثر من أربعة بلايين مرة في الثانية، من دون الانصهار بسبب الحرارة الزائدة.
ومن الناحية التقانية، يمكن لقانون <مور> الاستمرار (وقد استمر بالفعل)، فقد استمرت الشركة Intel بحشر ترنزستورات أدق في الشرائح كل عامين. ولكن ذلك لم يترجم حتى الآن بحواسيب أسرع وأرخص فعلا.
ومنذ عام 2000، دأب مهندسو الشيپات، بعد مواجهة هذه العقبات، على تطوير حلول ذكية. فقد تجنبوا بلوغ جدار التردد بإدخال وحدات المعالجة المركزية متعددة النوى multicore (إذ إن معالجاً بتردد s10-GHz سيحترق حتما، ولكن استخدام 4 أو 8 أو 16 معالجا بتردد s3-GHz، تعمل على التوازي، لا يؤدي إلى الاحتراق). كما تم تدعيم الترنزستورات المسربة ببوابات ثلاثية tri-gates، بحيث تتحكم في تدفق التيار من ثلاثة جوانب، بدلا من جانب واحد. وقد جرى بناء أنظمة تسمح للوحدات CPUs بإسناد بعض المهام خصوصا العويص منها لوحدات خاصة خارجية (مثلا يقود شاشة الهاتف الذكي iPhone 6 معالج بياني رباعي النوى خاص بها). ولكن، لن يغير ملء هذه الثغرات من حقيقة أنه لم يبق أمام عمر مقياس السيلكون مدة أكثر من عقد من الزمن فقط.
ويدفع ذلك مصنعي الشيپات إلى البحث عن طرق لتحصين السيلكون. ففي العام الماضي (2014)، أعلنت الشركة IBM أنها قد خصصت ثلاثة بلايين دولار للبحث بنهم عن الأشكال المتنوعة للحوسبة لما بعد السيلكون. ولعل المادة الأساسية قيد التقصي هي الگرافين: وهي وريقات كربونية بثخانة ذرة واحدة فقط. وكما هي الحال في السيلكون، يمتلك الگرافين خصائص إلكترونية مفيدة، تبقى مستقرة في ظل طيف واسع من درجات الحرارة. ومن خصائصه الفضلى أن الإلكترونات تعبر تلك الوريقات بالسرعات النسبية. وقد يكون الأكثر إحراجا، أن من الممكن تغيير أبعاد تلك المادة مخبريا على الأقل. وقد جرى بناء ترنزستورات الگرافين بحيث يمكنها العمل مئات أو آلاف المرات بطريقة أسرع من العناصر السيلكونية الأعلى أداء، وبكثافة طاقة معقولة، على الرغم من أنها تقل عن مستوى عتبة عند خمسة نانومترات التي يصبح السيلكون عندها كموميّا quantum.
يريد مؤسس مجموعة الحوسبة الإدراكية في الشركة IBM، <اD. مودها>، بناء شيپات حاسوب تكون على درجة من «الذكاء» لا تقل عن الفراشة المنزلية. |
ومع ذلك، وخلافا للسيلكون، يعاني الگرافين فجوة نطاق bandgap، وهي فرق الطاقة بين المدارات التي تقيد بها الإلكترونات حول الذرة والمدارات التي يمكن للإلكترونات أن تتحرك عليها بحرية وتشارك في توصيل الكهرباء. وعلى سبيل المثال، لا توجد هذه الفجوة في المعادن في موصلات نقية. وفي غياب هذه الفجوة، يتعذر كثيرا صد تدفق التيار الذي سينقل الترنزستور من حالة الوصل إلى الفصل – وهذا يعني أن الأجهزة المكونة من عنصر الگرافين لا يمكنها تكويد المنطق الرقمي(18) بموثوقية. ويعترف <S. گوها> [مدير العلوم الفيزيائية في مركز أبحاث <J .Th. واتسون> في الشركة IBM]: «لقد كنا الرواد في هذا المجال، ولكن النتائج التي حصلنا عليها من الگرافين لم تكن مشجعة. إذ ينبغي أن يكون الگرافين زهيد الثمن للغاية، وأن يقدم بعض الميزات الفريدة ليحل محل المواد الراهنة. فهو يمتلك خواص مثيرة للاهتمام، ولكن لم يجر تحديد التطبيق الأنسب له.»
قد تكون أنابيب الكربون النانوية واعدة أكثر. وإنّ لفّ وريقات الگرافين على شكل أسطوانات جوفاء، يُمكِّنها من اكتساب فجوة نطاق صغيرة، تمنحها بعض صفات أشباه الموصلات المماثلة للسيلكون، وهذا ما يفتح أمامها إمكانية استخدامها كترنزستورات رقمية. ويقول <گوها>: «نحن متفائلون بحذر، فعند تصغير مقاس أنابيب الكربون النانوية، وهي عناصر انفرادية، إلى رتبة 10 نانومترات تقريبا، يتفوق أداؤها على أي مادة أخرى متوفرة حالياً. وإذا نظرنا إلى محاكاة منظومات الحوسبة التي تستخدم أنابيب كربون نانوية، نتوقع الحصول على تحسن للأداء أو لكفاءة الطاقة يصل إلى خمسة أضعاف أعلى من السيلكون.»
ولكن أنابيب الكربون النانوية هي بنى دقيقة وحساسة. فإذا تغير قطر الأنبوب النانوي أو الزاوية التي تدور بها ذرات الكربون تغيرا بسيطا، فإن فجوة النطاق يمكن أن تختفي، وهذا ما يجعل الأنبوب غير صالح للاستخدام كعنصر دائرة رقمية. وينبغي أن يكون المهندسون قادرين أيضا على صف بلايين الأنابيب النانوية وفق أسطر واضحة بحيث لا يبعد بعضها عن بعض مسافة أكبر من بضعة نانومترات باستخدام التقانة ذاتها التي يُعتمد عليها في تصنيع السليكون حاليا. ويقول <گوها>: «ينبغي، لكي تصبح أنابيب الكربون النانوية خلفا قيما للسيلكون، اكتشاف كل ما يتعلق بها في العامين أو الثلاثة أعوام القادمة.»
تحطيم جدار الذاكرة(***)
ويسأل <A. ويلر>: «ما هو العِقار الأغلى على هذا الكوكب؟ إنه موجود هنا،» وهو يشير إلى صندوق مرسوم باللون الأسود على لوح أبيض، يمثل راسوم die شيپة ميكروية microchip. ويظهر <ويلر> بهيئة رجل طويل نحيل مربع الوجنات يرتدي بنطال جينز ضيقا وقميصا قطنيا مزركشا، وهو يشبه بزيه راعي بقر قديم أكثر من كونه نائب مدير لمختبرات HP، الذراع البحثية للشركة HP. ويشرح <ويلر> فائدة الاستخدام الفعلي لمعظم الترنزستورات التي تشغل هذا العقار الأساسي، فهي لا تفيد في الحوسبة بحسب قوله. إنها تسمى «ذاكرة خبيئة» cache memory أو ذاكرة ساكنة (SRAM)ا(19)، وكل ما تقوم به هو تخزين التعليمات التي يجري تكرار النفاذ إليها. فهي المكافئ السيلكوني للرف the dock المتوفر في حواسيب ماكينتوش، والذي يمثل المكان الذي يحفظ الأشياء المراد استخدامها لتجنب البحث عنها. ويرغب <ويلر> في التخلص منها، ولكنه يستبق الأحداث، إذ يود في المستقبل القريب التخلص من القرص الصلب والذاكرة الرئيسية في الحاسوب.
وبحسب الشركة HP، فإن العناصر الثلاثة – التي تعرف مجمعة بتراتب الذاكرة الهرمي(20)، بحيث تقع الذاكرة SRAM في القمة، والأقراص الصلبة في الأسفل – مسؤولة عن معظم المشكلات التي يواجهها المهندسون الذين يعملون على التمسك بقانون <مور>. ومن دون الذاكرة العالية السرعة والمرتفعة السعة القادرة على تخزين البتات bits ونقلها بالسرعة الممكنة، فإن عمل الوحداتCPUs يكون محدودا.
ولتحطيم جدار الذاكرة، قام فريق <ويلر> في Palo Alto بكاليفورنيا، بتصميم نوع جديد من الحاسوب – الآلة – الذي يتجنب تراتب الذاكرة الهرمي كليا بدمجها في طبقة tier موحدة. وتتميز كل طبقة في تراتب الذاكرة بنواح معينة وتعاني مشكلات في نواح أخرى. فالذاكرة SRAM سريعة للغاية (بحيث يمكنها مواكبة وحدة المعالجة المركزية). ولكنها تعاني استهلاك الطاقة وسعة التخزين المحدودة. أما الذاكرة الرئيسية، أو الذاكرة الديناميكية (DRAM)ا(21)، فهي ذاكرة سريعة نسبيا وكثيفة وقادرة على التحمل durable، وهذه سمات مناسبة لأنها تمثل لوحة العمل workbench التي يستخدمها الحاسوب لتشغيل التطبيقات الفعالة. وبالطبع، يؤدي انقطاع الطاقة إلى مسح كافة محتويات الذاكرةDRAM، وهذا يفسر الحاجة إلى وسائط تخزين دائمة(22)، مثل ذاكرة ومضيةflash memory والأقراص الصلبة، لحفظ البيانات لمدد طويلة. وتقدم هذه الوسائط السعة العالية والاستهلاك المنخفض للطاقة، ولكنها شديدة البطء (كما أن الذاكرة الومضية تُستهلك سريعا إلى حد ما). ولما كان لكل وسيطة ذاكرة حلول وسطى متراكبة، فإن الحواسيب المعاصرة تربطها معا بحيث تستطيع الوحدات CPUs نقل البيانات صعودا ونزولا بين الطبقات بطريقة فعالة قدر الإمكان. ويقول <ويلر>: «إنها أعجوبة هندسية مطلقة، لكنها أيضا تبذير ضخم.»
ويعد تصميم ذاكرة عامة universal memory يمكنها الجمع بين سرعة الذاكرةSRAM وديمومة وقدرة تحمل الذاكرة DRAM، وكفاءة السعة والطاقة للتخزين الومضي، هاجسا مستمرا منذ عدة عقود للمهندسين والمصممين والمبرمجين، بحسب <ويلر>. وتستثمر «الآلة» مكونا إلكترونيا، هو مقاوم ذاكرة memristor، لتغطية البندين الأخيرين في قائمة أمنيات الذاكرة العامة. لقد جرى التنبؤ رياضياتيا بمقاوم ذاكرة في عام 1971 – وهو خليط من كلمتي «مقاوم» resistor و «ذاكرة»، memory بسبب قدرة العنصر على نقل الكهرباء معتمدا على شدة التيار الذي يتدفق عبره، وكان يعتقد أن من المستحيل تصميم مثل هذا العنصر. وفي عام 2008، أعلنت الشركة HP أنها أنتجت عنصر مقاوم ذاكرة فعال، نتيجة برنامج بحثي جرى الاستعجال به داخليا ليكون العنصر الرائد في حاسوب «الآلة».
ويؤدي إرسال نبضات ڤلطية إلى خلية مقاوم ذاكرة إلى تغيير حالتها الناقلة، وهذا ما من شأنه تحقيق التمييز الواضح بين حالتي «الوصل/الفصل» اللازمتين لتخزين البيانات الرقمية. وكما هي الحال في الذاكرة الومضية، تستمر هذه الحالة بعد انقطاع التيار. ويمكن على نحو مماثل للذاكرة DRAMقراءة الخلايا وكتابتها بسرعة عالية، مع إمكانية تحقيق كثافة تخزين عالية.
ولتحقيق أداء مماثل للذاكرة SRAM تحتاج خلايا مقاوم ذاكرة إلى أن توضع بجوار الوحدة CPU على راسوم السيلكون ذاته، وهذا ترتيب غير عملي فيزيائيا باستخدام التقانة الحالية. وبدلا من ذلك، تخطط الشركة HP لتوظيف الفوتونيات photonics – بحيث تنقل البتات كنبضات ليزرية عوضا عن التيارات الكهربائية – لوصل مقاوم ذاكرة عالي الأداء بخبيئات ذاكرة ساكنة متوفرة في المعالجات المنطقية. وقد لا يكون ذلك تحقيقا كاملا للذاكرة العامة المنشودة – إذ تقوّض «الآلة» تراتبية الذاكرة(23) من ثلاثة صفوف إلى صفين – لكنه يقترب من ذلك.
وبالجمع بين ذاكرة RAM وتخزين دائم، يمكن لبنيان معتمدة في بنائها على مقاوم ذاكرة تحقيق ارتفاع ملحوظ في أداء الحواسيب دون الاعتماد على أسلوب التصغير وفق قانون <مور>. وعلى سبيل المثال، احتاج الحاسوب الفائق Watson من الشركة IBM، والذي تتفوق قدراته على المشاركين البشر في مسابقة Jeopardy في عام 2011، إلى 16 تيرا بايت من الذاكرة DRAM، والمعلبة في10 رفوف racks لمخدِّمات ذات نظام تشغيل لينكس Linux الشرهة للطاقة، وذلك بهدف العمل في الزمن الحقيقي. ويمكن تضمين السعة التخزينية نفسها من الذاكرة الومضية الدائمة في علبة حذاء مع استهلاك كمية مماثلة للطاقة التي يحتاج إليها حاسوب محمول متوسط. ويمكن لبنيان ذاكرة يجمع بين الوظيفتين معا أن يسمح بتخزين مجموعات من البيانات الضخمة في الذاكرة الفعالة للمعالجة في الزمن الحقيقي، بدلا من تجزئة البيانات إلى قطع تتابعية صغيرة، وبتكلفة طاقة أقل.
تبين أننا لا نريد «حواسيب مُفكِّرة» قائمة بذاتها، توحي للأفراد، على النحو الذي فكَّر به كاتبو الخيال العلمي في نهاية القرن العشرين. |
ومع ازدياد عدد الأجهزة المرتبطة المتصلة بإنترنت الأشياء Internet of Things، تؤدي مسألة تدفق كمية لا تحصى من المعلومات (من رتبة الپتابايت s1015petabyte)، من وإلى مراكز البيانات بهدف التخزين والمعالجة إلى جعل قانون <مور> أمرا قابلا للجدل، بحسب <ويلر>. وإذا كان بإمكان الذاكرة العامة أن تتيح إمكانات الحواسب الفائقة في حزم أصغر ذات استهلاك أقل للطاقة، فإن بالإمكان تخزين ومعالجة البيانات المتدفقة معالجة أولية محليا من قبل الأجهزة المرتبطة ذاتها. وقد لا يكون ممكنا أن تصبح الوحدات CPUsالسيلكونية أصغر حجما من سبعة نانومترات، أو أسرع من 44 گيگا هرتز، ولكن مع انهيار جدار الذاكرة، لم يعد هذا الأمر مهما.
إلى ما بعد <ڤون نيومان>(****)
حتى وإن نجحت الشركة HP في رهانها على بناء حواسيب ذات ذاكرة عامة، فإنها ستظل تتبع أسلوب الحواسيب التقليدية المستخدم منذ الحاسوبENIAC – وهو من الجيل الأول من الحواسيب العامة الاستخدام – الذي بُني في عام 1946، وهو من الحواسيب السريعة للغاية في الحسابات الرقمية. وجرت نمذجة التصميم الأساسي لتلك الحواسيب من قبل العالم الرياضياتي <J. ڤون نيومان> في عام 1945. ويضم ذلك التصميم وحدة معالجة لتنفيذ التعليمات، ومصرف ذاكرة memory bank لتخزين تلك التعليمات والبيانات التي سيجري العمل عليها، ويضم مُوصلاً bus للربط بينها. ويعد بنيان <ڤون نيومان> مثاليا لتنفيذ التعليمات الرمزية بتسلسل خطي – وقد عرفت أيضاً بقيامها بالعمليات الحسابية. وقد كانت الحواسيب الأولى مؤلفة من أشخاص يجري توظيفهم للجلوس في غرفة وإجراء الحسابات يدويا، ولذا، فليس صدفة أنه جرى تصميم الحواسيب الإلكترونية الأولى لأتمتة ذلك العمل الشاق والمعرض للأخطاء.
وتزداد الحاجة اليوم إلى الحواسيب ازديادا كبيرا لإجراء الأعمال التي لا ترتبط بالتعليمات الرياضياتية الخطّيّة linear ارتباطا مباشرا: وكمثال على ذلك، المهام المتعلقة بالتعرف على الأغراض المهمة الواقعة ضمن عرض ڤيديوي يمتد ساعات، أو توجيه الروبوتات المستقلة على أرض غير مستقرة أو خطرة. وتتوافق هذه المهام إلى حد كبير مع قدرات الاستشعار والأنماط المتاحة في الدماغ البيولوجي مقارنة بالحسابات الميكانيكية. وينبغي أن تستخلص الأعضاء المعلومات القابلة للتنفيذ من بيئة ديناميكية في الزمن الحقيقي. فإذا أُجبرت فراشة منزلية(24) على نقل تعليمات متقطعة ذهابا وإيابا، الواحدة تلو الأخرى، بين وحدات المعالجة والذاكرة المنفصلين عن بعضهما في دماغ هذه الفراشة، فهي لن تنجز الحسابات في وقتها لتفادي الضربات الموجهة إليها.
ويرغب <D. مودها> [مؤسس مجموعة الحوسبة الإدراكية في الشركة IBM] في بناء شيپات، لها قدر من «الذكاء» لا يقل عن الفراشات المنزلية، ولها كفاءة طاقة مماثلة. وسبيل ذلك، كما يبين <مودها>، هو التخلي عن بنيان <ڤون نيومان> المشابه للآلات الحاسبة. وبدلا من ذلك يرغب فريقه في تقليد عمل العمود القشري cortical column في دماغ الثدييات، والذي يعمل على معالجة البيانات ونقلها وتخزينها في البنية نفسها من دون مواجهة حالات اختناق بسبب الموصل الذي يربط بينها. وقد كشفت الشركة IBM مؤخرا عن الشيپاتTrueNorth التي تتضمن أكثر من خمسة بلايين ترنزستور، مصطفة في نوى خلايا عصبية متشابكة عددها 4096 لنمذجة مليون خلية عصبية و256 مليون شبكة عصبية.
ويسمح هذا الترتيب بأداء لحظي لتوافق الأنماط، بكمية طاقة مماثلة للمؤشر الليزري laser pointer. ويشير <مودها> إلى مظهار ڤيديوي videomonitor في زاوية غرفة الاستعراض الواقعة ضمن حَرم campus بحوث Almadenفي الشركة IBM في San Jose بكاليفورنيا. ويبدو المنظر المشاهد في المظهار مماثلا للقطات المراقبة المأخوذة من كاميرا تحتاج إلى إعادة تشغيل: إذ تظهر صور المارة والسيارات ودراجة هوائية (أو اثنتين) مجمدة في مكانها داخل دوار مروري. وجرى تمييز أحد المارة بصندوق أحمر، يظهر فوق الصورة. وبعد دقيقة واحدة، يبدو الأشخاص والسيارات والدراجات الهوائية في وضعية مجمدة أخرى، كما لو أن اللقطة قد جرى تجاوزها فجأة.
ويوضح <مودها> «كما نرى، فهذه ليست صورة ثابتة، فهي دفق ڤيديوي(25) من حرم ستانفورد بعد تحليله بحاسوب محمول يقوم بمحاكاة الشيپة TrueNorth. وهي تنفذ بسرعة أقل بنحو 1000 مرة من الزمن الحقيقي». وقد جرى استخدام الشيپة الفعلية TrueNorth والمشغلة للدفق الڤيديوي، لدورات التدريب الداخلي في مسرح قريب. ولذلك، فإننا لا نشاهد الأداء الحقيقي للشيپة. ويضيف <مودها> أنه لو كان هو المصمم، لكان الڤيديو يتدفق بالزمن الحقيقي ولكانت الصناديق الحمراء الصغيرة تتحرك بنعومة لملاحقة المارة عند دخولهم إلى المنظر والخروج منه.
وكما هي الحال في نظائر بنيان <ڤون نيومان>، فلأجهزة الشبكات العصبية المتشابكة كالشيپات TrueNorth نقاط ضعف متأصلة بها. ويقول <مودها>: «إننا لا نرغب في تنفيذ استخدام نظام التشغيل iOS على هذه الشيپة. وفي الواقع، يمكن ذلك، ولكن الأداء سيكون مترديا وغير فعال؛ وكمثال على ذلك، رداءة معالجة الحاسوب المحمول للدفق الڤيديوي». وتسعى الشركةIBM إلى تسخير كفاءة البنيتين معا – إحداهما للحساب الدقيق والمنطقي، والأخرى للاستجابة والتجميع اللازم لتوافق الأنماط – ما يوصف كمنظومة حوسبة إجمالية.
وضمن هذه الرؤية، لا تزال للصيغة التقليدية لقانون <مور> الأهمية ذاتها. وقد قام فريق <مودها> سلفا بوضع 16 شيپة من النوع TrueNorth في لوحة واحدة، وفي نهاية العام يخطط الفريق لربط ثماني لوحات معا في جهاز قدرته 100واط، بحجم مقمرة الخبز، وله قدرة حسابية «قد تتطلب استخدام مركز بيانات كامل لمحاكاتها.»
وبعبارة أخرى، لا يزال السيلكون وأعداد الترنزستور مُهمّين – ولكن الأهم هو طريقة ترتيبهما معا. ويقول <مودها>: «لقد كان ذلك هو رأينا: فبإعادة ترتيب الحجارة يمكنك الحصول على وظائف مختلفة كليا للمبنى. ويعتقد الكثير من الأشخاص، ونحن منهم في بداية الأمر، أننا نحتاج حقا إلى تغيير التقانة للحصول على مكاسب. وفي الواقع، فمع أنه من المحتمل أن تجلب التقانة الجديدة بعض المكاسب، إلا أنه أصبح واضحا أن استخدام بنية جديدة يحقق – بسهولة نسبيا – زيادة في الأداء بنسب مرتفعة.»
قوانين <مور>(*****)
وبالعودة إلى البناء RA3، في Hillsboro، يكشف <C .M. مايبري> [مدير بحوث المكونات في الشركة Intel] لغزا آخر حول قانون <مور>؛ وهو أن هذا القانون، لم يكن يتعلق قطّ بالترنزستورات. وإن التكلفة بالنسبة إلى الوظيفة هي الهدف. وبصرف النظر عن الوحدة المستخدمة في القياس، سواء أكانت عدد الترنزستورات في السنتيمتر المربع للسيلكون، أم عدد تعليمات البرنامج المُنَفذة في الثانية، أم معدل الأداء لكل واط من الطاقة، فإن المهم هو إجراء المزيد من العمل بعدد أقل من الموارد. وليس مفاجئا أن تصف الشركة Intel قانون <مور> على موقعها على الإنترنت بأنه نموذج تجاري وليس توجها تقانيا أو قوة من الطبيعة.
ويقول <مايبري>: «عندما أُسأل عما يبقيني يقظا في الليل حول قانون <مور>، فإنني أجيبه بأنني أنام جيدا. ولا يعني وصول مقياس <دنارد> إلى النهاية أننا سنتوقف عن العمل، ولكننا فقط سنغير نوع عملنا. وإذا نظرنا إلى الأمام لمدة 15 عاماً، يمكننا رؤية بعض التغيرات القادمة؛ ولكن ذلك لا يعني أننا سنتوقف». وتتفق الشركات Intel وIBM وHP على أن مستقبل أداء الحوسبة – الذي يدل على الطريقة التي تمكن الصناعة مجتمعة من تقديم وظائف أفضل بتكلفة أقل – لن يظل خطا مستقيما أو منحنيا، ولكنه سيصبح أقرب إلى شجرة متعددة الفروع من التطور البيولوجي ذاته.
ويردّ ذلك إلى تطور نظرتنا إلى الحواسيب. ويبدو جليا أننا لا نريد «حواسيب مُفكِّرة» قائمة بذاتها، توحي إلى الأفراد، على النحو الذي فكر به كاتبو الخيال العلمي في نهاية القرن العشرين. فالأمر الذي يفنى فعلا ليس قانون <مور>، ولكنها حقبة الحوسبة الفعالة المستخدمة لكافة الأغراض العامة التي كان قانون <مور> يصفها ويمكنها، والتي يصفها <مايبري> بقوله حقبة «حشر كل شيء ممكن في العلبة ذاتها.»
وبدلا من ذلك، تصبح المتابعة الحثيثة للحصول على تكلفة أقل للوظيفة الواحدة مقودة بحوسبة لامتجانسة(26)، ويؤدي ذلك إلى انقسام قانون <مور> إلى عدة قوانين <مور>. وتعمل الشركات مثل Intel و IBM و HP وغيرها على تكامل منظومات بأكملها، وليس فقط لتكامل الدوائر، بهدف التعامل مع الطلبات المتعددة للأعباء الحسابية الإضافية. ويقول <S .B. ميرسون> [من الشركة IBM] إن الأشخاص يشترون الوظائف، ولا يشترون شيپات الحواسيب. وفي الواقع، يقل الاهتمام بشراء الحواسيب تدريجيا. ونود أن تتمكن أدواتنا من الحساب أو التفكير على نحو يجعلها مفيدة في سياق استخدامنا لها. ولذلك، بدلا من الحاسوب الفائق الذكاء (HAL)ا(27)، المذكور في فيلم ”s2001: A Space Odyssey“، أصبح لدينا الآن محرك گوگل Google على الهواتف الذكية لمعرفة متى ينبغي المغادرة إلى المطار للحاق بالطائرة.
ويعتقد بعض المنظرين المستقبليين، مثل <N. بوستروم> [مؤلف الذكاء الفائق: الممرات والمخاطر والاستراتيجيات] أن قانون <مور> سيتسبب في نهوض الذكاء الاصطناعي المعمَّم(28) واندماجه في كافة مناحي المعرفة كالوجود الرقمي الفعال. وتقترح الحوسبة اللامتجانسة أن الحوسبة ستنتشر على الأرجح في كافة أغراض التفريغ السابقة dumb، وفي المنظومات ومراكز التميز niches وهذا ما يزود الأشياء مثل السيارات ومُوزِّعات routers الشبكات ومعدات التشخيص الطبية وسلاسل البيع بالتجزئة retail بالمرونة شبه المستقلة وبالمهارات المتعلقة بمحيط الحيوانات الأليفة. وبعبارة أخرى، في عالم ما بعد قانون <مور>، لن تصبح الحواسيب أمرا مقدسا، ولكنها ستتصرف مثل كلاب شديدة الذكاء.
وكما أن سلالة كلاب الحراسة لا تقوم بعمل كلاب الصيد، فإن المعالِج البياني(29) لن يحل محل الوحدة CPU. ويقدم <ويلر> [من الشركة HP] مثالا عن نوى معالجة للأغراض الخاصة المتعددة، مربوطة بذاكرة عامة من رتبة پتابايت – وهي تجمّع هجين لطاقة المعالجة مع ذاكرة ضخمة ويعمل الهجين بالأسلوب نفسه الذي تصطف به المسرعات البيانية المتخصصة والذاكرة الخبيئة، حول الموارد المركزية للوحدة CPU. ويطرح <مودها> [من الشركة IBM] أجهزة بحجم كرة المضرب، تتألف من شيپات إدراكية مثبتة بكاميرات زهيدة الثمن، يمكن استخدامها في مواقع الكوارث الطبيعية، لاكتشاف حالات معينة بدقة، مثل وجود حالات للأطفال الجرحى. ويقول عالم الحواسيب <L. شوا> [من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو أول من وضع نظرية مقاوم ذاكرة في عام 1971] إن جهود الشركة HP لهدم البنيان التراتبي الهرمي للذاكرة، وبحثِّ الشركة IBMعلى إعادة تخيل وحدة المعالجة المركزية، هي إجابات متكاملة لما يسميه «عنق زجاجة البيانات الكبرى»(30). وبحسب <شوا>، فإن «من المدهش أن تكون الحواسيب التي دأبنا على استخدامها في السنوات الأربعين الماضية لكافة الأعمال، لا تزال تعتمد على الفكرة ذاتها لبنيان <ڤون نيومان> المطبق على الآلات الحاسبة». ويؤكد <شوا> أنه لا يمكن «تفادي» الانتقال على جبهتين إلى الحوسبة اللامتجانسة، وهي «ستؤدي إلى إيجاد اقتصاد جديد كليا»، لا يستهان به، لأن ما بعد قانون <مور>، وما بعد حوسبة <ڤون نيومان>، يتطلب طرائق جديدة في البرمجة، وتصميم النظم. ولذلك، تهتم الكثير من علوم الحاسوب المعاصرة، ومن الهندسة، وتصميم الشيپات، بحجب المحدوديات المتأصلة التي يفرضها البنيان التراتبي الهرمي للذاكرة وبنيان <ڤون نيومان> على الحوسبة، بحسب <شوا>. وعند التخلص من هذه المحدوديات، «ينبغي لكل مبرمج حواسيب العودة إلى المدرسة من جديد»، كما يقول <شوا>.
ولا يشير إطلاقا أي من <شوا> و <مودها> و <ويلر> في رؤيتهم للمستقبل القريب إلى الترنزستورات – أو المكسب المتوقع في الأداء الذي ينتظر العالم معرفة توقعاتهم له. وبحسب <مايرسون> [من الشركة IBM]، فإن ما قام به قانون <مور> من وصف دقيق خلال نصف قرن من الزمن – وهي علاقة أنيقة بين زيادة كثافة الترنزستورات وانخفاض تكلفة الوظيفة الواحدة – قد يكون مصادفة مؤقتة. وبحسب <مايرسون>، إذا نظرنا إلى السنوات الأربعين الماضية لأشباه الموصلات، يمكن ملاحظة إيقاع ضربات قلب ثابت. ولا يعني ذلك، أن التقدم سيتوقف؛ ولكن هذه التقانة تسبب الآن اختلاجات في ضربات القلب.
المؤلف
John Pavlus | |
<پاڤلاس> هو كاتب ومخرج أفلام يركز على مواضيع العلوم والتقانة والتصميم. وتنشر أعماله في المجلات Wired, Nature, MIT Technology Review، وغيرها من المنابر الإعلامية. |
مراجع للاستزادة
Cramming More Components onto Integrated Circuits. Gordon E. Moore in Electronics, Vol. 38, No. 8, pages 114–117; April 19, 1965.
Memristor: The Missing Circuit Element. L. O. Chua in IEEE Transactions on Circuit Theory, Vol. 18, No. 5, pages 507–519; September 1971.
Design of lon-Implanted MOSFET’s with Very Small Physical Dimensions. R. H. Dennard et al. in IEEE Journal of Solid-State Circuits, Vol. 9, No. 5, pages 256–268; October 1974.
Carbon Nanotubes: The Route toward Applications. Ray H. Baughman et al. in Science, Vol. 297, pages 787–792; August 2, 2002.
(*)THE SEARCH FOR A NEW MACHINE أو: «البحث عن آلة جديدة».
(**)BEYOND SILICON
(***)BREAKING DOWN THE MEMORY WALL
(****)BEYOND VON NEUMANN
(*****)MOORE’S LAWS
(1) chipmakers؛ منتجو الشيپات.
(2) computer chip
(3) electronic computation
(4) logic
(5) physical space
(6) central processing units
(7) high-performance servers
(8) fabrication facilities
(9) etch features
(10) bacterium flagellum
(11) array
(12) carbon nanotubes
(13) أو: الميمرستور.
(14) random-access memory
(15) von Neumann bottleneck
(16) metal-oxide-semiconductor field-effect transistors
(17) أو: المادية.
(18) encode digital logic
(19) static RAM
(20) the memory hierarchy
(21) dynamic RAM
(22) nonvolatile storage media
(23) the memory hierarchy
(24) housefly
(25) video stream
(26) heterogeneous computing
(27) the superintelligent computer
(28) generalized artificial intelligence
(29) graphics processor
(30) the Great Data Bottleneck