العين الكبيرة التالية
يتزايد الضغط على المهندسين المشرفين على بناء تليسكوب الفضاء “جيمس ويب” لضمان أن يؤتي رهان ناسا ذو الثمانية بلايين دولار ثماره
بقلم: دانيال كليري Daniel Clery، غرين بيلت، ولاية ماريلاند
عبر أشهر عدة، داخل المبنى الشاهق – مبنى رقم 29 – في مركز غودارد لرحلات الفضاء Goddard Space Flight Center، أُحكم اغلاق أربعة أجهزة علمية في قلب تليسكوب جيمس ويب الفضائي James Webb Space Telescope (اختصارا: التليسكوب JWST، أو التليسكوب ويب) فيما يشبه طنجرة الضغط بحجم يقارب حجم منزل. وتتعالى أصوات صفير بنغمة إيقاعية تصدر عن مضخات التفريغ الداخلية التي تحافظ على أجواء فضاية تعادل واحدا من عشرة بلايين من غلاف جوي من الهليوم المُبرَّد إلى -250 درجة مئوية. وفي الداخل تُغمر الأجهزة -المُثبَّتة بالإطار الذي سوف يحملها في الفضاء- بالأشعة تحت الحمراء (المُركَّزة والمُشتَّتة في صورة حزم تشبه أشعة الليزر سواء تلك التي على شكل إبر أم حِزَم مُنتظمة الشكل) لاختبار أدائها.
إن صورة طنجرة الضغط هي مجاز ملائم للمشروع بأكمله. فالتليسكوب ويب هو البعثة الأكبر والأكثر تعقيدا و الأغلى من بين المهام العلمية التي أطلقتها وكالة ناسا في أي وقت مضى، وآمال الفلكيين والجمهور هي آمال كبيرة. فسوف يكون ويب حساسا أكثر بـ 100 مرة من تليسكوب هابل الفضائي Hubble Space Telescope. وسوف يكون قادرا على النظر في مهد الكون، عندما تشكَّلت المجرات الأولى، ودراسة ولادة النجوم وأنظمتها الكوكبية، وتحليل أجواء الكواكب الخارجية Exoplanets، بل وربما اكتشاف علامات الحياة. “إذا وضعت شيئا بهذه القوة في الفضاء، فمن يدري ماذا يمكن أن نجد، سيكون ثوريا، لأنه قوي جدا.”، كما يقول مات ماونتن Matt Mountain مدير رابطة الجامعات للأبحاث في علم الفلك Association of Universities for Research in Astronomy في واشنطن العاصمة، وعالم سابق في فريق التليسكوب ويب.
لكن مثل هابل، ابتلي بناء التليسكوب ويب بمشكلات إعادة التصميم، ومشكلات إعادة الجدولة، وتجاوز التكاليف الذي تسبب في توتر العلاقات مع المقاولين والشركاء في كندا وأوروبا، والأهم من ذلك فقد اضطرت ناسا إلى إبطاء المهمات العلمية الأخرى أو تجميدها لاستغلال المصادر المتاحة. وكادت تودي أزمة حدثت في عامي 2010 و 2011 إلى إلغاء البعثة العلمية، إلا أن مشروع التليسكوب ويب ظل في الآونة الأخيرة مُحافِظا إلى حد كبير على المصاريف وفقا للجدول الزمني وضمن الميزانية، التي وصلت الآن إلى نحو 8 بلايين دولار (انظر: Science, 24 April 2015, p. 388).
ولكن، قد تحدث أخطاء كثيرة من الآن وحتى لحظة الإطلاق في أواخر عام 2018، عندما يبدأ التليسكوب بإرسال البيانات من موقعه المتميز على بعد 1.5 مليون كيلومتر من الأرض. إذ يواجه التليسكوب احتمال وقوع أعطال نتيجة لضغوط الإطلاق (وأثناء فتح مرآته المُعقَّدة ومظلة الحماية من الشمس بعد خروجه من حافظته الشبيهة بالشرنقة) وهناك أيضا احتمال حدوث فشل في العديد من التقنيات المتطورة في التليسكوب. فعلى العكس من التليسكوب هابل، الذي أنقذته بعثة مكوك الفضاء وأصلحت عيوب عدساته، سيكون التليسكوب ويب بعيدا جدا عن الأرض فلا يمكن إصلاحه. وليس مستقبل علم الفلك الفضائية هو فقط ما يعتمد على نجاح بعثة التليسكوب ويب، بل أيضا قدرة ناسا على إدارة بعثات علمية معقدة.
لهذا السبب قبعت تلك الأجهزة في طنجرة الضغط غودارد فيما عرف باختبار كريوفاكيوم (التبريد في الفراغ) 3 Cryovacuum -أو اختصارا التجربة CV3. وهذا هو السبب في أن المكونات للتليسكوب ويب – بما في ذلك المرآة وبنية التليسكوب، و“الحافلة” التي ستوفر الطاقة والتحكم في التليسكوب، ومظلة الحماية من الشمس متعددة الطبقات التي هي بحجم ملعب التنس، والتي ستساعد على الحفاظ على برودة التليسكوب- يجب أن تخضع لفحص محكم من الاختبارات، منفردة، وفي مجموعات، إلى أن تجهز المركبة الفضائية. بالنسبة إلى أولئك العاملين في داخل ناسا، فإن التوتر سيزداد مع استمرار تركيب بقية الأجزاء، وتغدو الاختبارات أصعب وأكثر شمولا، عند إطلاق المركبة الفضائية إلى الفضاء. وسيكون ذلك فقط عندما يفتح ويب عينه، ويركز بنجاح على أول نجمة سيخمد التوتر.
وفي منتصف تسعينات القرن العشرين، بعدما أُصلِحت عدسات هابل وانشغل بإحداث ثورة علم الفلك، ، بدأ الباحثون بالتخطيط لخليفته. كانت العبارة المتداولة “اللزمة” في وكالة ناسا في ذلك الوقت، والتي دافع عنها رئيس الوكالة دانيال غولدين Daniel Goldin، “أسرع وأفضل وأرخص.” إذ تحدى غولدن مهندسي ناسا والمجتمع الفلكي للتوصل إلى تليسكوب أرخص من هابل ولكن أكبر، مع مرآة قطرها 8 أمتار. فاستقبل بحفاوة بالغة في عام 1996 عندما وصف الخطة أمام الجمعية الفلكية الأمريكية American Astronomical Society. في حين يُعطي هابل كامل موجات الضوء المرئي، إضافة إلى جزء صغير من الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء، فإن تليسكوب الجيل التالي الفضائي Next Generation Space Telescope (كما كان معروفا آنذاك) مُخصَّص كمرصد للأشعة تحت الحمراء.
بالنسبة إلى علماء الفلك، كان طيف الأشعة تحت الحمراء هو الحدود البعيدة. فالضوء المرئي من الأجسام الأكثر بعدا في الكون، والنجوم والمجرات الأولى التي تشكلت بعد الانفجار الكبير Big bang، يتمدد كثيرا بفعل التوسع الكون لينتهي وقت وصوله إلينا ضمن نطاق الأشعة تحت الحمراء. كما تتمظهر العديد من التوقيعات الكيميائية Chemical signatures في أجواء الكواكب الخارجية Eexoplanet أنفسها أيضا في المنطقة تحت الحمراء. إلا أن الغلاف الجوي للأرض يمنع مرور قسم كبير من الأشعة تحت الحمراء. سوف يمنحنا التليسكوب ويب «أول شاشة عرض عالية الوضوح للكون في النطاق المتوسط من الموجات تحت الحمراء،» كما يقول مات غرين هاوس Matt Greenhouse من مشروع التليسكوب ويب في غودارد.
لكن، لالتقاط ذلك الضوء كان ينبغي على مهندسي ناسا للتغلب على تحديات هائلة. أولها الحرارة: لمنع توهج الأشعة تحت الحمراء للتليسكوب نفسه من أن يغمر الإشارات الفلكية الباهتة، ينبغي أن يعمل التليسكوب ويب عند نحو -233 درجة مئوية، أي 40 درجة فوق الصفر المطلق (40 K). وهذا يتطلب تصميم أداة جديدة تماما. كما تفرض قيود الحجم والوزن عقبات إضافية: إن مرآة بقطر 8 أمتار لا يمكن أبدا وضعها داخل صاروخ، لذلك يجب طيها قبيل الإطلاق. ومظلة الحماية من الشمس، يجب أيضا طيها، ولابد أن تصنع من غشاء خفيفة فائق الرقة وخفيف الوزن. وهيكل التليسكوب يجب أن يكون صلبا تماما ولكن خفيف بما يكفي للحد من وزن المرصد ككل بما لا يزيد على 6 أطنان، أي مجرد نسبة ضئيلة من وزن تليسكوب الأرضي مماثل من حيث الحجم. «كنا نعرف أن علينا أن نخترع 10 تقنيات جديدة» لبناء التليسكوب، كما يقول إيريك سميث Eric Smith مدير يرنامج من ناسا، في واشنطن العاصمة.
خذ المرآة مثلا. صنع التليسكوب هابل من لوح واحد من الزجاج، ولكن مرآة ويب القابلة للطي يتعين أن تكون مجزأة، لتتألف من قطع سداسية منفصلة – مثل التصميم المستخدم في العديد من الأجهزة المقامة فوق الأرض، بما في ذلك تليسكوبات كيك Keck telescopes في هاواي. وتتعين السيطرة على القطاعات بدقة لتحقيق سطح بصري واحد، ينعكس الضوء عنها في الوقت نفسه تماما. وفي ويب، ترتكز كل قطعة سداسية على ستة محركات تتحكم في توجيهها، إضافة إلى محرك إضافي في المركز لضبط تقعرها.
كما أن اختيار المواد مرآة كان تحديا في حد ذاته، لأنها يجب أن تصمد في وجه الظروف القاسية. لأن أي مادة سيتغير شكلها عندما تبرد، فإن كل قطعة يجب أن تُعد في شكل عدسة غير فعالة في درجة حرارة الغرفة ولكن تنحى إلى الوضع الصحيح -بدقة تصل إلى نانومترات- عند درجة حرارة 40 كالفن. وللقيام بذلك، خطط صانعو المرآة للجمع بين النمذجة الحاسوبية المتطورة مع عمليات متكررة وشاقة من الطحن والتبريد والقياس التسخين وإعادة الطحن والتبريد مرة أخرى، وهلم جرا. وبعد اختبار كل من الزجاج ومعدن البريليوم Beryllium، واختار مصممو تليسكوب ويب البريليوم لأنه قوي وخفيف، ويتحول كما هو متوقع منه خلال دورات التبريد والتسخين المتكررة.
إلا أن التصميم النهائي للويب قَصُر عن طموحات ناسا الأصلية. فابتداء من عام 2001، مع مخاوف من ارتفاع تكلفة التليسكوب، اضطرت ناسا إلى تقليص المرآة من 8 أمتار إلى 6.5 متر، والحد من عدد قطع المرآة من 36 إلى 18 قطعة، ومنطقة جمع الضوء من 50 إلى 25 مترا مربعا. وقد قررت لجنة المراجعة -أن التليسكوب ويب لا يزال بإمكانه تحقيق الأهداف العلمية. ولمزيد من خفض التكاليف، قررت وكالة ناسا استخدام مرايا أقل دقة يمكن أن تصنع في عدد أقل من دورات الطحن والتبريد والتسخين. هذا التغيير سيجعل التليسكوب ويب أقل دقة عند موجات الأشعة تحت الحمراء القريبة بين 1 و 2 ميكرومتر، وهي ليست خسارة كبيرة، لما كانت التليسكوبات الأرضية تغطي بالفعل هذا الجزء من الطيف.
وبحلول عام 2006، كانت كل التقنيات الرئيسية للتليسكوب ويب قد اختبرت وأُثبت فاعليتها. فوُضِع التصميم النهائي، وبُدِئ بتجميع المكونات. وفي الوقت نفسه، بدأ مهندسو ناسا يحلمون بسلسلة الاختبارات الدقيقة التي يتعين أن يجتازها كل عنصر منفصل – والاختبارات الإضافية التي يتعين القيام بها مع تجميع المكونات لتشكيل الأجزاء الأكبر من المركبة الفضائية. «حالما نجمع قطعتين أو ثلاثة معا، نقوم باختبارها،» كما يقول سكوت ويلوبي Scott Willoughby، الذي هو المسؤول عن مشروع ويب في شركة نورثروب غرومان Northrop Grumman في ريدوندو بيتش، كاليفورنيا.
لوضع مرآة ويب الهائلة على مسارها، أعاد المهندسون في مركز جونسون للفضاء Johnson Space Center في هيوستن، تكساس، تجهيز الغرفة A من جديد، وهي غرفة تبريد في الفراغ Cryovacuum ضخمة بنيت لاختبار مركبة برنامج أبولو الفضائية التي حملت الطاقم. بالنسبة إلى الأجهزة، أعد معهد غودارد خطط اختبار قاسية.
وبُدئ بتقديم نماذج تحليق الأجهزة في عام 2012: أربعة أجهزة قياس طيفية بالأشعة تحت الحمراء Infrared imagers and spectrographs بنتها الفرق المتعاونة في المشروع بما في ذلك وكالة الفضاء الأوروبية European Space Agency، وفريق من ناسا وجهات أوروبية، وجامعة ولاية أريزونا University of Arizona، ووكالة الفضاء الكندية Canadian Space Agency. وبعد إحكام تركيب الأجهزة على الإطار الصلب، هُزَّت بقوة لمحاكاة ضغوط الإطلاق، وكذلك عُرضّت لصوت نفير بدرجة 150 ديسيبل من مكبر الصوت كبير بطول شخص.
بعد ذلك جاء أول التبريد في الفراغ لمحاكاة ظروف الفضاء. ظهرت المشكلات على الفور تقريبا. التسخين والتبريد تسببا في انتفاخ الطبقات الرقيقة من أشباه الموصلات متعددة الطبقات للكشف عن الأشعة تحت الحمراء وشرخها. أما التقنية الحيوية الأخرى، مصفوفة المصاريع الدقيقة Microshutter array في مقياس الطيف القريب من الأشعة تحت الحمراء، فقد تضعضعت أيضا. وهذه المصفوفة عبارة عن جهاز بحجم أربعة طوابع بريدية بشبكة من 250000 لوحة الصغيرة يمكن فتحها بشكل انتقائي بحيث يلتقط الجهاز أطيافا مستقلة، مثلا، مئة مجرة في حقل رؤية واحد – الأول من نوعه من مثل هذه المطياف متعدد الأغراض الذي يطير في الفضاء. ولكن الضجيج الذي يصم الآذان من الغرفة الصوتية تسبب في تعطل العديد من اللوحات.
سارعت الفرق المشرفة على الأجهزة والشركات المصنعة إلى تحديد المشكلات وإنتاج أجزاء جديدة. وفي الوقت نفسه، استمرت التجارب. واجتمعت جميع الأجزاء البديلة معا في الوقت المناسب للاختبار CV3 الذي أجري مؤخرا، ومع انتهاء الاختبار في أواخر يناير كانت العلامات مشجعة على أن الإصلاحات قد نفعت. يقول عالم الفلك مارسيا ريكي Marcia Riekeمن مرصد ستيوارد Steward Observatory في جامعة أريزونا في توكسون، الباحث الرئيسي لكاميرا الموجات القريبة من الأشعة تحت الحمراء Near-infrared camera: «إننا سعداء للغاية بهذا الأداء. إننا قريبون جدا من الجهوزية للإطلاق.»
بينما خضعت الأجهزة للاختبارات القاسية، كان المهندسون في حللهم البيضاء في الغرفة يجهدون في تثبيت قطع المرآة على أُطرها، التي تعرف أيضا باللوحة الالكترونية المُعزَّزة Backplane. مُجوَّفه من الخلف لتقليل الوزن، يمكن أن يحمل الفرد شريحة عرضها 1.3 متر، ولكل منها وجهة معينة على اللوحة الإلكترونية المعززة، اعتمادا على صفات العدسات الدقيقة لها.
الآن بعد اختبار الأجهزة وتجميع المرآة، سيتم الجمع بين هذين العنصرين في مارس. ثم يُجمع التليسكوب وبقية الأجهزة، يطلق عليها مجتمعة الجهاز OTIS، وتُعرَّض مجتمعة لاختبارات طاولة الرَّج والغرفة الصوتية قبل أن يتم وضعها في حاوية شحن بنيت خصيصا لذلك الغرض. وفي جوف الليل، ستحمل شاحنة الحاوية وتسير بسرعة 8 كيلومترات في الساعة من غودارد إلى القاعدة المشتركة اندروز Joint Base Andrews، حيث ستوضع في طائرة النقل من نوع C-5 غالاكسي الضخمة، ولا يتبقى من مساحة الطائرة سوى سنتيمترات فارغة، وتنطلق في رحلاتها إلى هيوستن.
إن بضعة الشهور التي سيمضيها الجهاز OTIS في الغرفة A في أوائل العام المقبل ستكون الأكثر أهمية مما سيواجه. وستولد مصادر الضوء على السقف كونا اصطناعيا، مما يسمح لمهندسي وكالة ناسا لتمرير الضوء عبر المسار كله من المرآة الرئيسية إلى الكواشف Detectors، وذلك لأول مرة في ظروف تشبه ظروف الفضاء. وسوف يختبرون تناغم المرآة ويتحققون من أنماط الرصد التي تقوم بها الأجهزة الأربعة. إذ يقول غرينهاوس: «لم يختبر تليسكوب هابل التتابع البصري من طرف إلى آخر عبر أجهزته، لذا لن نختصر هذه المرحلة في هذا البرنامج.» بعد ذلك تعود الأجهزة إلى حاوية الشحن وعلى ظهر الطائرة C-5 إلى ريدوندو بيتش Redondo Beach، حيث كانت شركة نورثروب غرومان Northrop Grumman تبني “الحافلة” ومظلة الحماية من الشمس. هناك، ستخذ المرصد شكله الكامل، حيث يزاوج بين التليسكوب والأجهزة بهذين العنصرين الأخيرين .
الآن، وقد أصبح المرصد أكبر من أن يُحمل داخل الطائرة، سيقوم ويب برحلة الأخيرة قبيل الإطلاق على ظهر سفينة السفن، متجها إلى الأسفل من ساحل كاليفورنيا وعبر قناة بنما الى غينيا الفرنسية
- مقر الميناء الفضائي الأوروبي، حيث سينتظر الصاروخ آريان 5 Ariane 5 launcher، كجزء من مساهمة أوروبا في المشروع. وفي أكتوبر عام 2018، سوف يقذف الصاروخ آريان التليسكوب ويب نحو L2، وهي نقطة توازن الجاذبية على بعد 1.5 مليون كيلومتر من الأرض، مباشرة بعيدا عن الشمس. وسوف تستغرق الرحلة 29 يوما.
وسيبدأ التليسكوب ويب بنشر مكوناته فورا تقريبا بمجرد وصوله إلى الفضاء. وسيكون نشر التليسكوب وتطبيق أجهزته عبارة عن “ثلاثة أسابيع من الإرهاب”، فكما يقول ماونتين: “لا أحد قد فعل ذلك من قبل.» فأول تطبيق سيكون لتشغيل مصفوفة الألواح الشمسية والهوائيات لتوفير الطاقة والاتصالات مع الأرض؛ ثم ستفتح مظلة الحماية من الشمس لتبريد التليسكوب والأجهزة، وأخيرا، فإن المرآة الثانوية ستتخذ موقعها، يليها استقرار أجنحة المرآة الرئيسية في مكانها. وبمجرد الانتهاء من حركات “الجمباز” الميكانيكية الروتينية، ستحل “لحظة الجزع” عندما تنظر المرآة لأول مرة إلى السماء. ثم يتعين العمل على مناغمة قطع المرآة، وتبريد الأجهزة، واختبار أنماط عملها. ومن المتوقع أن يستغرق النشر والتطبيق ستة أشهر كاملة بعد الإطلاق.
«هناك سلسلة كاملة من الأحداث التي يتعين أن تستكمل قبل أن نشاهد ذلك النجم حسن المظهر حقا،» ويقول لي فاينبيرغ Lee Feinberg، مدير التليسكوب ويب في معهد غودارد. ويتابع قائلا: «ولكن بعد ذلك يمكننا أن نستريح حقا.»
حتى ذلك الحين، تستمر الضغوطات بلا هوادة. لكن بُناة التليسكوب ويب يقولون إنهم لا يجدون وقتا للتفكير في ما يقومون به. يجلس بيير فيرّو Pierre Ferruit -عالم المشروع في وكالة الفضاء الأوروبية في نوردويك، هولندا- جالس في غرفة التحكم في مركز غودارد، ويتذكر الرحلة CV3 والفنيين يحملون شرائح المرآة إلى الغرفة النظيفة والمجهزة لهم على ظهر الطائرة: «حتى بالنسبة إلى شخص يعمل في البعثة، كان الوضع أمرا لا يصدق تماما.» وكان عند ريكي الإحساس نفسه: «إنه أمر ساحر أن نشهد صنع التاريخ.»
19 فبراير 2016 • VOL 351 العدد 6275 805
العلوم sciencemag.org