العالَم في 2076: الآلاف من البشر استقرّوا على المريخ
تقرير خاص: العالم في 2076
العالَم في 2076: الآلاف من البشر استقرّوا على المريخ
بقلم: ليسا غروسمان
ترجمة: أماني عبدالملك
في عام 2066. تشرق الشمس خافتةً في سماء بلون النحاس، مضيئة حقول الزراعة المائية. يهمُّ المستكشفون المتحمسون بالاستيقاظ في الموئل الدائم الأول على سطح المريخ ليبدؤوا يوما آخر يبلغ طوله 24.5 ساعة.
ويعتقد إيلون مسك Elon Musk أن ذلك ممكنا. إذ كشف في سبتمبر مؤسس الشركة SpaceX عن خططه (التي لاتزال غير واضحة) لإرسال البشر إلى المريخ في العقد القادم تقريبا، واقترح إمكانية عيش مليون شخص بشكل دائم على الكوكب الأحمر بحلول 2060. أما خطة وكالة ناسا الأكثر تحفظا، فتتنبأ بذهاب البشر هناك في ثلاثينات القرن الواحد والعشرين.
يتعين علينا التحرك. فقبل أن يبدأ المستوطنون ببناء حياة، يتعين علينا تجهيز كل ما يحتاجون إليه لمجرد إبقائهم أحياء على السطح. ويعني ذلك تجهيز أطنان من أدوات دعم الحياة، والموائل، وأنظمة توليد طاقة، والطعام، وتقنية استخلاص أكسجين قابل للتنفس وماء قابل للشرب من الهواء.
إن هذا تحدٍ هائل. وتستغرق أقصر رحلة بين الأرض والمريخ نحو خمسة أشهر ولكن يتاح ذلك نحو مرة كل سنتين تقريبا فحسب، حين تصطف الكواكب مع بعضها. وفي أحسن الأحوال يعطينا ذلك نحو 22 فرصة مثالية للانطلاق لوضع حجر الأساس لاستقرار البشر بحلول 2060.
وكما يُظهر الفشل الأخير للمسبار إكسومارس ExoMars أن الهبوط على المريخ صعب: فجاذبيته كافية لتسريع هبوط المركبة ولكن الغلاف الجوي رقيق لدرجة لا يسمح معها حتى للمظلات بإبطاء النزول بالقدر اللازم. وقد استخدم أثقل شيء هبط على سطح المريخ -المركبة كيويوسيتي Curiosity ذات الطن الواحد- مجموعة مظلات، وصواريخ كابحة، وجهاز تدلٍّ للعمليات الصعبة يسمى الرافعة السماوية Sky crane.
ونظرا لعدم معرفتنا بكيفية إنزال كتلة أثقل من تلك على السطح، فإن أمام المخططين الكثير مما يجب القيام به. إذ تخطط تخطط الشركة SpaceX لاستخدام تقنية تسمى صاروخ ارتكاسي كابح أسرع من الصوت Supersonic retro-propulsion، يكون ذلك بالرجوع المعاكس وهو أساسا النزول مع تشغيل صاروخ الانطلاق لإبطاء الهبوط. وتأمل هذه الشركة باختبار النظام في 2018. وقد وافقت ناسا على المساعدة في المشروع مقابل منحها حق معرفة بعض ما يتوصل إليه المشروع.
ناهيك عن مخاطر الرحلة وما بعد الهبوط. وتشمل تلك مستويات الإشعاع العالية، وخطر التوهج الشمسي، والغبار الذي يغطي الألواح الشمسية والذي بإمكانه تمزيق الرئة كشظايا من الزجاج، ودرجات حرارة منخفضة تعادل 125- درجة سيليزية. كما أننا لا نعرف كيفية زراعة الطعام هناك.
لكن لنفترض أنه بإمكاننا التغلب على جميع هذه التحديات. وماذا بعد ذلك؟ يحب أن يشير هواة استكشاف الفضاء إلى أن البشر قد انطلقوا بعيدا عن بيوتهم بحثا عن حياة جديدة في مكان بعيد وخطر على الأغلب لعديد من المرات. فصعود قارب للعالم الجديد كان يعني غالبا أنك لن ترى منزلك أو عائلتك مرة أخرى.
إن وجه الاختلاف في المريخ هو أنه ليس هناك شيء تفعله هناك سوى محاولة البقاء على قيد الحياة. وقد أمل المستكشفون الأوروبيون عند انطلاقهم إلى الأمريكتين بإيجاد الثروات التي باستطاعتهم بيعها على موطنهم الأصلي، أو على الأقل إيجاد بقعة لإنشاء مزرعة. لكن ليس لدى المريخ سوى موارد قليلة. وسيعتمد المستوطنون الأوائل على عالم موطنهم لفترة طويلة جدا. ويبدو تحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول 2060 طموحا جدا.
إلا أنه يمكن للمستوطنين القيام بعمل واحد ألا وهو العلوم. إذ يستطيع الإنسان في ساعة من الزمن القيام ببحث قد يستغرق عملُه مركبةَ فضائية أشهر. وبالطبع سيأخذ البحث عن كيفية نمو الطعام أولوية أكبر بكثير.
ولدينا نموذج لموقع بحث بعيد ولكن قيِّم بدرجة مشابه: القطب الجنوبي. لا يعيش هناك أحد بشكل دائم، ولكن يقوم الناس برحلات تمتد إلى سنة أو ستنين للقيام لتحصيل علم لا يمكن تحصيله من مكان آخر. وقد يكون المريخ مشابها لذلك.
وهناك اختلاف آخر عن التوسعات السابقة في المناطق غير المستكشفة مسبقا، ألا وهو أن المستوطنين على المريخ سيكونون على اتصال دائم بالأرض، حتى وإن كان متأخرا ببضع دقائق بسبب حدود سرعة الضوء. فسنشاهد -نحن الذين لانزال على الأرض- تفاصيل حياتهم بلا شك، وسوف نرى كل ما يحدث بشكل موفق وكل ما يتخذ منحنى خاطئا.
و على الأرجح، سيعتمد استمرارنا بالسفر إلى مناطق أبعد في النظام الشمسي أو تراجعنا إلى الأرض على الموازنة بين هذين الأمرين. وإذا اكتشفنا كيفية إيجاد الطعام والهواء وطريقة العيش على الكوكب الأحمر، فمن المحتمل أن يكون باستطاعتنا تبني هذه الأفكار لكواكب أخرى أو على الأرجح الأقمار. وسيكون المريخُ الاختبارَ الأكبر الأول عن مدى قدرتنا على أن نكون نوعا Species متعدد الكواكب.