أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فيزياء

مفاعل الاندماج يتزوّد بوقود متفجر

علم‭ ‬الاندماج

أخبار‭ ‬بالتفصيل

مفاعل‭ ‬الاندماج‭ ‬يتزوّد‭ ‬بوقود‭ ‬متفجر‭ ‬

بقلم‭: ‬دبليو‭. ‬واييت‭ ‬جيبس

ترجمة‭: ‬د‭. ‬ليلى‭ ‬الموسوي

 


في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يطلق‭ ‬فيها‭ ‬فيزيائيو‭ ‬البلازما‭ ‬بمختبرات‭ ‬سانديا‭ ‬الدولية‭ ‬Sandia National Laboratories‭ ‬في‭ ‬ألباكوركي‭ ‬بنيو‭ ‬مكسيكو‭ ‬طلقةً‭ ‬على‭ ‬مفاعل‭ ‬الاندماج‭ ‬Fusion reactor،‭ ‬يحترق‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬الأجهزة‭ ‬Hardware‭ ‬فيه‭. ‬إذ‭ ‬تحتوي‭ ‬الآلة‭ ‬Z‭ (‬زي‭) ‬Z machine‭ -‬في‭ ‬هذا‭ ‬المفاعل‭- ‬على‭ ‬صفوف‭ ‬من‭ ‬المكثِّفات‭ ‬تمتلئ‭ ‬بطاقة‭ ‬كهربائية‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تحمله‭ ‬ألف‭ ‬صاعقة‭ ‬برق‭. ‬فبِضغة‭ ‬زرّ،‭ ‬يصعد‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬أمبير‭ ‬إلى‭ ‬أسطوانة‭ ‬مليئة‭ ‬بالوقود،‭ ‬أسطوانة‭ ‬بحجم‭ ‬ممحاة‭ ‬قلم‭ ‬رصاص‭. ‬ينتج‭ ‬التيّار‭ ‬الكهربائي‭ ‬حقلا‭ ‬مغناطيسيا‭ ‬هائلا،‭ ‬يعصر‭ ‬الأنبوب‭ ‬بسرعة‭ ‬وقوة‭ ‬هائلتين‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬ذرّات‭ ‬الهيدروجين‭ ‬بداخله‭ ‬تنصهر‭ ‬متحولة‭ ‬إلى‭ ‬هليوم،‭ ‬مطلقة‭ ‬انفجارا‭ ‬من‭ ‬النيترونات‭ ‬العالية‭ ‬الطاقة،‭ ‬ونوى‭ ‬الهيليوم‭ (‬المعروفة‭ ‬بجسيمات‭ ‬ألفا‭: ‬particles‭). ‬و“يبخّر”‭ ‬الانفجار‭ ‬الأجهزةَ‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬الأنبوب‭ ‬الصغير‭ ‬جدا‭ – ‬10‭ ‬كجم‭ ‬من‭ ‬المعدن‭ ‬الصلب‭ . ‬ويقول‭ ‬مايك‭ ‬كونيو‭ ‬Mike Cuneo،‭ ‬مدير‭ ‬المشروع‭: ‬“أساسيا،‭ ‬إننا‭ ‬نضرب‭ ‬الجهاز‭ ‬بما‭ ‬يعادل‭ ‬طاقة‭ ‬ثلاث‭ ‬أصابع‭ ‬من‭ ‬الديناميت،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك،‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬حفرة‭ ‬عرضها‭ ‬قدم‭.‬”

ويستعدّ‭ ‬الفيزيائيون‭ ‬الآن‭ ‬لتوليد‭ ‬انفجارات‭ ‬أكبر‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬هذه،‭ ‬وذلك‭ ‬بإضافة‭ ‬وقود‭ ‬ثمين‭ ‬يُستخدم‭ ‬في‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬الحرارية‭ ‬Thermonuclear weapons،‭ ‬وهو‭ ‬سلاح‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬المخاطرة‭ ‬والمكافآت‭. ‬تقترحُ‭ ‬الحسابات‭ ‬والمحاكاة‭ ‬ونتائج‭ ‬الاختبارات‭ ‬التي‭ ‬نُشرت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬أن‭ ‬باستطاعة‭ ‬آلة‭ ‬سانديا‭ ‬تقديم‭ ‬طريق‭ ‬أسرع‭ ‬وأرخص‭ ‬لاندماجٍ‭ ‬مكتفٍ‭ ‬ذاتيا،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مقاربة‭ ‬أخرى‭ ‬تُفجِّر‭ ‬الوقود‭ ‬بأشعة‭ ‬الليزر‭ ‬أو‭ ‬تحصره‭ ‬في‭ ‬مُفاعِلات‭ ‬تُدعى‭ ‬توكاماك‭. ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬أطلقت‭ ‬الآلة‭ ‬Z‭ ‬عنان‭ ‬غضبها‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬باستخدام‭ ‬الديوتيريوم‭ ‬Deuterium‭ (‬هيدروجين‭ ‬بنيوترون‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬نواته‭) ‬الذي‭ ‬يُنتِج‭ ‬كميات‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الاندماجية‭.‬إلاّ‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أغسطس،‭ ‬قام‭ ‬الباحثون‭ ‬بإضافة‭ ‬كمية‭ ‬صغيرة‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬التريتيوم‭ ‬Tritium–‭ ‬وهو‭ ‬هيدروجين‭ ‬بنيوترونين‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬النيوترونات‭ . ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬الخمس‭ ‬سنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬فإن‭ ‬الاختبارات‭ ‬ستزيد‭ ‬من‭ ‬الكمية‭ ‬تدريجيا‭ ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬الخليط‭ ‬إلى‭ ‬مزيج‭ ‬متساوٍ‭ ‬من‭ ‬الديوتريوم‭ ‬والتريتيوم‭ (‬اختصارا‭: ‬الوقود‭ ‬DT‭). ‬

يطلق‭ ‬اندماج‭ ‬الوقود‭ ‬DT‭ ‬ذي‭ ‬النسب‭ ‬المتساوية‭ ‬50‭-‬50‭ ‬ضعف‭ ‬النيترونات‭ ‬التي‭ ‬يطلقها‭ ‬اندماج‭ ‬وقود‭ ‬من‭ ‬الديوتريوم‭ ‬فقط،‭ ‬وذلك‭ ‬بستين‭ ‬إلى‭ ‬تسعين‭ ‬ضعفا،‭ ‬وتحمل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬النيوترونات‭ ‬والجسيمات‭ ‬المقذوفة‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬DT‭ ‬طاقة‭ ‬أكثر‭ ‬بأربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬مما‭ ‬تحمله‭ ‬نظيراتها‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المقذوفة‭ ‬من‭ ‬اندماج‭ ‬الديوتريوم‭ ‬فقط‭. ‬ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستويات‭ ‬التريتيوم‭ ‬في‭ ‬الوقود‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬٪،‭ ‬فإن‭ ‬عائدات‭ ‬الطاقة‭ ‬الناتجة‭ ‬سوف‭ ‬ترتفع‭ ‬جدا‭. ‬

وقد‭ ‬تبعت‭ ‬جهودٌ‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الاندماج‭ ‬الطريقَ‭ ‬ذاته‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬1997‭ ‬حرق‭ ‬مفاعل‭ ‬التوكاماك‭ -‬المسمّى‭ ‬الحلقة‭ ‬الأوروبية‭ ‬المشتركة‭ ‬Joint European Torus‭ (‬اختصارا‭: ‬المفاعل‭ ‬JET‭) ‬والموجود‭ ‬في‭ ‬أبينغدون‭ ‬بالمملكة‭ ‬المتّحدة‭- ‬الوقودَ‭ ‬DT‭ ‬50-50‭ ‬لتوليد‭ ‬16‭ ‬ميجاوات‭ ‬من‭ ‬الطاقة،‭ ‬ولكن‭ ‬لأقلّ‭ ‬من‭ ‬ثانية‭. ‬وشكّلت‭ ‬هذه‭ ‬الطلقة‭ ‬رقما‭ ‬قياسيا‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬الاندماجية،‭ ‬وهو‭ ‬رقمٌ‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائما‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭. ‬لكن‭ ‬الغرافيت‭ ‬في‭ ‬جدران‭ ‬المفاعلJET‭ ‬حدّ‭ ‬من‭ ‬كمية‭ ‬الإنتاج‭. ‬“إن‭ ‬الكربون‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬التريتيوم‭ ‬بمثابة‭ ‬الإسفنج،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬70‭ % ‬من‭ ‬التريتيوم‭ ‬الذي‭ ‬حقنَّاه‭ ‬التصق‭ ‬بالجدار،”‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يتذكّر‭ ‬زافيير‭ ‬ليتدون‭ ‬Xavier Litaudon،‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬الفيزياء‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬إيتر‭ ‬ITER‭ ‬بجامعة‭ ‬أكسفورد‭ ‬ببريطانيا،‭ ‬والذي‭ ‬يشن‭ ‬حملة‭ ‬الآن‭ ‬لتمديد‭ ‬تمويل‭ ‬المفاعل‭ ‬JET،‭ ‬ليشمل‭ ‬جولة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬باستخدام‭ ‬الوقود‭ ‬DT‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬ومشروع‭ ‬إيتر‭ – ‬وهو‭ ‬مفاعل‭ ‬توكاماك‭ ‬دولي‭ ‬تجاوز‭ ‬تنفيذه‭ ‬الوقت‭ ‬والميزانية‭ ‬المحدَّدين،‭ ‬وهو‭ ‬قيد‭ ‬الإنشاء‭ ‬الآن‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬كارداريك‭ ‬Cadarache‭ ‬بفرنسا‭ – ‬قد‭ ‬رهن‭ ‬مهمته‭ -‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭- ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الوقود‭ ‬DT‭ ‬لإطلاق‭ ‬قوة‭ ‬من‭ ‬الاندماج‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬ممّا‭ ‬وُضِع‭ ‬فيه‭. ‬

وعلى‭ ‬عكس‭ ‬المفاعل‭ ‬توكاماك،‭ ‬الذي‭ ‬يستخدم‭ ‬المجالات‭ ‬المغناطيسية‭ ‬لتحقيق‭ ‬استقرار‭ ‬حلقةٍ‭ ‬رقيقة‭ ‬من‭ ‬البلازما‭ ‬الساخنة؛‭ ‬تعتمد‭ ‬آلة‭ ‬Z‭ ‬على‭ ‬القصور‭ ‬الذاتي‭ (‬العطالة‭) ‬Inertia،‭ ‬وعلى‭ ‬قفص‭ ‬مغناطيسي‭ ‬لاحتواء‭ ‬وقود‭ ‬فائق‭ ‬الحرارة‭ ‬أثناء‭ ‬إطلاق‭ ‬طلقات‭ ‬بطول‭ ‬ميكروثانية‭. ‬وتُسمى‭ ‬هذه‭ ‬المقاربة‭ ‬بالاندماج‭ ‬المغناطيسي‭ ‬بحصر‭ ‬القصور‭ ‬الذاتي‭ ‬Magneto-inertial fusion،‭ ‬ويشترك‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬الجهود‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬الاندماج‭ ‬مثل‭ ‬تجربة‭ ‬الاندماخ‭ ‬في‭ ‬منشأة‭ ‬الإشعال‭ ‬الوطني‭ ‬National Ignition Facility‭ (‬اختصارا‭: ‬المنشأة‭ ‬NIF‭) ‬في‭ ‬مختبر‭ ‬لورانس‭ ‬ليفرمور‭ ‬الوطني‭ ‬Lawrence Livermore National Laboratory‭ ‬في‭ ‬كاليفورنيا،‭ ‬حيث‭ ‬يطلق‭ ‬ليزر‭ ‬بقوة‭ ‬تريليون‭ ‬واط‭ ‬كرياتٍ‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬لإنتاج‭ ‬الاندماج‭. ‬ليس‭ ‬على‭ ‬علماء‭ ‬مختبرات‭ ‬سانديا‭ ‬والمنشأة‭ ‬NIF‭ ‬القلقَ‭ ‬بشأن‭ ‬فقدان‭ ‬التريتيوم‭ ‬بسبب‭ ‬الغرافيت،‭ ‬لأنه‭ ‬وعلى‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬مفاعلات‭ ‬التوكاماك،‭ ‬فإنه‭ ‬ليست‭ ‬لآلاتهم‭ ‬جدران‭ ‬احتوائية‭. ‬وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يقول‭ ‬كونيو‭ ‬إنه‭ ‬وعلى‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬مفاعلات‭ ‬التوكاماك،‭ ‬فباستطاعة‭ ‬المجال‭ ‬المغناطيسي‭ ‬لآلات‭ ‬Z‭ ‬أن‭ ‬يُبطّئ‭ ‬من‭ ‬انبثاق‭ ‬جسيمات‭ ‬ألفا‭ ‬وأن‭ ‬يعترضها‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬خطوط‭ ‬المجال،‭ ‬مرسلا‭ ‬بذلك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬لتغذية‭ ‬الاندماج‭. ‬

وتُعدّ‭ ‬سانديا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬ثلاثة‭ ‬مراكز‭ ‬للاندماج‭ ‬تَستخدِم‭ ‬حاليا‭ ‬الوقود‭ ‬TD‭ (‬انظر‭ ‬الجدول‭) ‬وإحدى‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬يواجهونها‭ ‬هي‭ ‬مشكلة‭ ‬التكلفة‭. ‬ويكلّف‭ ‬التريتيوم‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬الدولارات‭ ‬للجرام‭ ‬الواحد،‭ ‬وذلك‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬مستودع‭ ‬طبيعي‭ ‬للمادّة،‭ ‬إذ‭ ‬يتم‭ ‬إنتاجه‭ ‬في‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬كمنتج‭ ‬ثانوي‭ ‬للانشطار‭ ‬Fission‭. ‬

تخلق‭ ‬النبضات‭ ‬الكهربائية‭ ‬لآلات‭ ‬Z‭ ‬مجالات‭ ‬مغناطيسية‭ ‬قوية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬سحق‭ ‬أنابيب‭ ‬الوقود‭ ‬النووي‭.‬

وهناك‭ ‬مشكلة‭ ‬أخرى،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬السلامة‭. ‬ويقول‭ ‬ريتش‭ ‬هاوريلوك‭ ‬Rich Hawryluk،‭ ‬وهو‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬مختبر‭ ‬برنستون‭ ‬لفيزياء‭ ‬البلازما‭ ‬Princeton Plasma Physics Laboratory‭ (‬اختصارا‭: ‬المختبر‭ ‬PPPL‭) ‬بنيوجرسي‭: ‬“التريتيوم‭ ‬مادة‭ ‬مشعة‭ ‬بشكل‭ ‬معتدل‭ ‬–‭ ‬بنصف‭ ‬حياة‭ ‬يعادل‭ ‬12‭ ‬عاما‭ ‬–‭ ‬لذا‭ ‬تتطلّب‭ ‬منك‭ ‬القوانين‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬بعناية‭ ‬فائقة‭.‬”‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬إن‭ ‬النيترونات‭ ‬الناتجة‭ ‬من‭ ‬اندماج‭ ‬الوقود‭ ‬TD‭ ‬تصطدم‭ ‬بالأجزاء‭ ‬الصلبة‭ ‬وتجعلها‭ ‬مُشعّة‭ ‬قليلا‭. ‬لذا‭ ‬وعندما‭ ‬أنهى‭ ‬المختبر‭ ‬PPPL‭ ‬نشاط‭ ‬أحد‭ ‬المفاعلات‭ ‬بعد‭ ‬نفاد‭ ‬الوقود‭ ‬TD‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬تسعينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬مُلِئ‭ ‬الوعاء‭ -‬بحجم‭ ‬غرفة‭- ‬بالخرسانة،‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬ثمّ‭ ‬قُسِّم‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬وطُمر‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬هانفورد‭ ‬للنفايات‭ ‬النووية‭ ‬بولاية‭ ‬واشنطن‭. ‬

بوجود‭ ‬الماء،‭ ‬بما‭ ‬ذلك‭ ‬الرطوبة‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬يمكن‭ ‬للتريتيوم‭ ‬تشكيل‭ ‬ماء‭ ‬مُشِّع‭ ‬Tritiated water،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيولوجية‭ ‬أخطر‭ ‬بعشرة‭ ‬آلاف‭ ‬مرة‭ -‬على‭ ‬الأقل‭- ‬من‭ ‬غاز‭ ‬T2‭ ‬النقي،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬هاوريلوك‭. ‬وهذا‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬خاص‭ ‬للآلة‭ ‬Z،‭ ‬التي‭ ‬تَعْزل‭ ‬المكوناتِ‭ ‬الكهربائية‭ ‬في‭ ‬بِرك‭ ‬من‭ ‬الزيت‭ ‬والماء‭. ‬ويقول‭ ‬كونيو‭: ‬“لا‭ ‬نريد‭ ‬للتريتيوم‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬”

وللتريتيوم‭ ‬في‭ ‬المنشأة‭ ‬NIF‭ ‬مخاطر‭ ‬أقل،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬احتوائه‭ ‬ضمن‭ ‬دائرة‭ ‬صغيرة‭ ‬أثناء‭ ‬النقل،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العاملين‭ ‬لا‭ ‬يدخلون‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬الآلة‭ ‬كثيرا‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬كبسولة‭ ‬سانديا‭ ‬مفتوحة‭ ‬من‭ ‬الطرفين،‭ ‬ويؤدي‭ ‬الانهيار‭ ‬الداخلي‭ ‬Implosion‭ ‬العنيف‭ ‬إلى‭ ‬خلط‭ ‬التريتيوم‭ ‬غير‭ ‬المحترق‭ ‬بالمعدن‭ ‬المتبخّر‭ ‬الذي‭ ‬ينتشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭. ‬ويقول‭ ‬كونيو‭: ‬“يجب‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭ ‬واستبدال‭ ‬مركز‭ ‬المُسرِّع‭ ‬Accelerator‭ ‬بالكامل‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬طلقة‭.‬”

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬مختبرات‭ ‬سانديا‭ ‬ستمضي‭ ‬قُدما‭ ‬في‭ ‬استخدامها‭ ‬للتريتيوم،‭ ‬ويرجع‭ ‬هذا‭ ‬جزئيا‭ ‬إلى‭ ‬كونه‭ ‬يولد‭ ‬نيوترونات‭ ‬إضافية‭ ‬تكشف‭ ‬عمّا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أسخن‭ ‬وأكثف‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬البلازما‭ ‬قصيرة‭ ‬الأجل،‭ ‬وهي‭ ‬المنطقة‭ ‬حيث‭ ‬تظل‭ ‬الفيزياء‭ ‬غير‭ ‬مفهومة‭ ‬بشكل‭ ‬جيّد‭ ‬بعد‭. ‬ويقول‭ ‬كونيو‭ ‬إنهم،‭ ‬وفي‭ ‬الطلقات‭ ‬الثلاث‭ ‬المقررة‭ ‬للعام‭ ‬المقبل،‭ ‬فإنهم‭ ‬سيزيلون‭ ‬نظام‭ ‬احتواء‭ ‬التريتيوم‭ ‬من‭ ‬حول‭ ‬الهدف،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اختبار‭ ‬سلامة‭ ‬نظام‭ ‬تطهير‭ ‬الهواء،‭ ‬وكذلك‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحا‭ ‬للنيوترونات‭. ‬

“إننا‭ ‬متحمّسون‭ ‬بشأن‭ ‬النتائج‭ ‬الأخيرة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬التريتيوم‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬10‭ %.‬”‭ ‬وأضاف‭ ‬كونيو‭: ‬“كان‭ ‬هناك‭ ‬حاجز‭ ‬يمنعنا‭ ‬من‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأننا‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭-‬اطلاقا‭- ‬استخدام‭ ‬التريتيوم‭.‬”‭ ‬

دبليو‭. ‬واييت‭ ‬جيبس‭ ‬W‭. ‬Wayt Gibbs،‭ ‬كاتب‭ ‬مستقل‭ ‬مقرّه‭ ‬سياتل‭ ‬–‭ ‬واشنطن،‭ ‬ومدير‭ ‬تحرير‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬المشاريع‭ ‬الفكريّة‭ ‬Intellectual Ventures‭.‬


صبّ الزيت على النار


The‭ ‬©2016‭ ‬American Association for the advancement of Sciences‭. ‬All right reserved‭.‬

http://www.sciencemag.com

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button