الجليد البحري ينكمش طرديا مع مع كمية انبعاثات الكربون
تغيّر المناخ
أخبار بالتفصيل
الجليد البحري ينكمش طرديا مع مع كمية انبعاثات الكربون
بقلم: وارن كورنوال
ترجمة: د. ليلى الموسوي
هل أثّر وقود الطائرات الذي حرقته في تلك الرحلة من مدينة نيويورك إلى لندن؟ قل وداعا لمترٍ مربع من جليد البحر القطبي الشمالي.
منذ ستينات القرن العشرين على الأقل، خطا تقلص الغطاء الجليدي فوق المحيط المتجمد الشمالي بخطوات وثيقة بكمية غازات الدفيئة التي أطلقها البشر في الغلاف الجوي، وذلك فقا لدراسة نشرت هذا الأسبوع في مجلة ساينس. ووفقا للدليل، فكل طن متري إضافي من ثاني أكسيد الكربون (CO2) يُنفَخ في الغلاف الجوي يُكلِّف القطب الشمالي ثلاثة أمتار مربعة إضافية من الجليد البحري الصيفي -صلة بسيطة ومباشرة من البيانات المرصودة القابعة تحت أنوف العلماء. فيقول المؤلف المشارك للدراسة ديرك نوتز Dirk Notz خبير الجليد البحري في معهد ماكس بلانك للأرصاد الجوية Planck Institute for Meteorology بهامبورغ، ألمانيا: “إنها حقيقة أساسية حقا. وبالنظر فيما سبق، يبدو الأمر كما لو أنه لابد وأن شخصا قد قام بذلك قبل 20 عاما.”
وتقترح الدراسة أنه إذا استمرت كلٌّ من العلاقة الخطية واتجاهات الانبعاثات الحالية في المستقبل، فإن منطقة القطب الشمالي ستخلو من الجليد بحلول عام 2045، أي في وقت أسرع بكثير مما تتنبأ به بعض النمذجات المناخية. وتقترح الدراسة أن تلك النمذجات تقلل كثيرا من تقديرات مدى الدفء الذي صار عليه القطب الشمالي -فعليا- ومدى سرعة الذوبان. وتقدّم الدراسةُ إلى الجمهور وصنّاع القرار دليلاً ملموسا على عواقب حرق الوقود الأحفوري، فيقول إدوارد مايباخ Edward Maibach، مدير مركز اتصالات تغيير المناخ Center for Climate Change Communication بجامعة جورج ميسون George Mason University في فيرفاكس بولاية فرجينيا: “إن المعلومات الملموسة هي دائما أكثر جذبا من المعلومات التجريدية.”
على الجليد الرقيق
بناء على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عام 2013، أدى كل مقيم في الولايات المتحدة إلى ذوبان 49 مترا مربعا من المنطقة القطبية الشمالية للجليد البحري، ما يقرب من 10 أضعاف شخص واحد في الهند.
ووفقا لحسابات جديدة -مثلا- فإن متوسط انبعاثات الكربون السنوية من عائلة أمريكية من أربعة أفراد ستذيب ما يقرب من 200 متر مربع من الجليد البحري. وعبر ثلاثة عقود، ستكون العائلة مسؤولة عن تدمير مساحة من الجليد أكبر من ملعب كرة القدم الأمريكية – وهذا تهديد ملموس للكائنات التي تعتمد على الجليد مثل الدببة القطبية. أيضا تقدم الدراسة مقارنات ذات مغزى
بين الدول: فكل شخص في الولايات المتحدة -مثلا- مسؤول عن تدمير 10 أضعاف كمية الجليد التي تذوب كل عام بفعل فرد واحد في الهند (انظر الرسم البياني).
تراجع الجليد في البحر هو -بالفعل- الأيقونة التي تُجسِّد ظاهرة الاحترار العالمي، وأظهرت بعض الدراسات السابقة أن التراجع في الغطاء الجليدي مرتبط ارتباطا وثيقا بمستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. لكن نوتز والمؤلفة المشاركة جوليان ستروف Julienne Stroeve -خبيرة قياسات الأقمار الصناعية للجليد البحري في مركز بيانات الجليد Ice Data Center في بولدر، كولورادو- بيّنا وجود صلة أكثر ارتباطا بالنشاط البشري، وذلك عن طريق تجميع بيانات الانبعاثات السنوية لغازات الدفيئة الناجمة عن الإنسان، وبمقارنة هذه الأرقام بالبيانات التاريخية لرصد الغطاء الجليدي البحري في القطب الشمالي خلال شهر سبتمبر- عندما يكون الجليد البحري في أدنى سُمْك له. ولتجنب مشكلات تقلبات الجليد من عام إلى عام، استخدما المتوسط المتحرك Moving average للغطاء الجليدي لمدة 30 عاما، مما سمح لهما بدراسة السنوات الممتدة من 1968 إلى 2000.
ولمعرفة ما إذا العلاقة الخطية التي وجداها بين الانبعاثات والجليد البحري ظهرت أيضا في المحاكاة الحاسوبية Computer simulations، فقد قاما بتفحص 36 من النمذجات المناخية الرئيسية في العالم. وتقول ستروف إنهما وجدا النمط نفسه في كل مرة من المحاكاة التي ارتفعت فيها مستويات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 1 ٪ سنويا. لكن على الرغم من ذلك، لم تكن حساسية النمذجات دقيقة: فهي تميل إلى التقليل من تقديرات كمية فقدان الجليد. إذ تقول ستروف: “إن النمذجات ليست بالحسابات المثالية. وإذا استطعت استخدام الرصد الفعلي للتنبؤ بمتى سيذوب جليد القطب الشمالي فربما سيكون ذلك الطريق الأفضل نوعا ما.”
The ©2016 American Association for the advancement of Sciences. All right reserved.