الكونغرس الأمريكي يريد أن يعرف حالة الطقس قبل أسابيع
التنبؤ الجوي
أخبار بالتفصيل
الكونغرس الأمريكي يريد أن يعرف حالة الطقس قبل أسابيع
مشروع قانون يستهدف التنبؤات الموسمية وأقمار نوا الصناعية غالية الثمن
بقلم: بول فوسين
ترجمة: د. ليلى الموسوي
قبل فصلي شتاء سابقين، راوحت كتلة من الهواء القطبي الجليدي على جزء كبير من الولايات المتحدة. وشلَّت العواصف الثلجية الغرب الأوسط، مُعطِّلة الشاحنات وسكك قطارات الشحن. ومع تزايد الحوادث وتراكم الخسائر المالية، بدأ النواب بالاستماع الى امتعاض مزارعي الصويا وشركات شحن الإيثانول: كان سيكون من المفيد جدا معرفة ذلك قبل بضعة أشهر. وهل بإمكان النواب الطلب إلى العلماء تحقيق ذلك؟
وتمثلت استجابة الكونغرس في مشروع قانون الأحوال الجوية الذي أقره مجلس الشيوخ بأغلبية يوم 1 ديسمبر. ويهدف مشروع القانون -المتوقع أن يوافق عليه مجلس النواب، وتوقيعه ليصبح قانونا هذا الشهر- إلى تعزيز قدرة الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي National Oceanic and Atmospheric Administration (اختصارا: الإدارة نوا NOAA) للقيام بتنبؤات جوية موسمية تمتد من أسبوعين إلى سنتين. وسيُمكِّن ذلك متنبئي المناخ بتوقع أحداث مثل شتاء 2015-2014 القارس، عندما تؤدي درجات حرارة غير عادية فوق المحيط الهادي، وتراجع الجليد البحري في القطب الشمالي، وسقوط ثلوج خريفية ثقيلة في آسيا، إلى اندفاع التيار النفاث اندفاعا جارفا نحو الجنوب في شرق أمريكا الشمالية. وسيتطلب ذلك أيضا مهارات نمذجة من النوع الذي هو الآن حصرٌ -إلى حد كبير- على علماء المناخ الذين يتعاملون مع سنوات أو عقود قادمة. وعلى الرغم من أن داعمي مشروع القانون يشمل نوابا مثل لامار سميث Lamar Smith (جمهوري – تكساس) وفرانك لوكاس Frank Lucas (جمهوري-أوكلاهوما)، وكليهما من منتقدي حقيقة كون تغير المناخ الحالي مدفوع بالنشاط البشري، إلا أنه لا يبدو أن أحدا يمانع إذا كان بإمكان التنبؤ بالمناخ تحسين الخط القاعدي [الربح] للأعمال التجارية.
“إذا تمكنا من تقديم تنبؤات أفضل ضمن هذه الأطر الزمنية، فإن ذلك سيساعد اقتصادنا ورفاهيتنا ومنظومتنا الدفاعية،” كما يقول ريموند بان Raymond Ban- مدير تنفيذي وخبير أرصاد جوية متقاعد من قناة الطقس، يقيم في ماريتا، بجورجيا، والذي قاد تقرير الأكاديميات الوطنية الأمريكية للتنبؤ طويل المدى لعام 2016. ويتابع قائلا قد تساعد مثل هذه التوقعات البحريةَ الأمريكية على تقدير مدى امتداد الجليد البحري في القطب الشمالي، وتساعد المزارعين على اختيار أصناف المحاصيل، وتسمح لمخططي الطوارئ على الاستعداد للعواصف الخطرة. “وكل ما نتحدث عنه هو أمور مفيدة.”
وهذا هو أول تشريع رئيسي لمعالجة الطقس يصدر في عمر جيل بأكمله، ويشمل مشروع القانون مجالات أكبر بكثير من مجرد التنبؤ الموسمي بالطقس. إنه يدعو الإدارة نوا إلى تحسين أبحاث الأعاصير المدارية Hurricane وزوبعات التورنادو Tornado. ويوجِّه القانونُ الإدارة نوا إلى وضع مجسات على كابلات الاتصالات تحت البحر لتحسين التحذيرات من أمواج التسونامي، وتوسيع جهودها في الكشف عن أمواج تسونامي في عصور ما قبل التاريخ. ويأمر القانونُ الإدارة نوا بتقييم مدى فهم الجمهور واستجابته لرموز نظام تنبيهات الطقس -للإدارة نوا- “للتنبيه” و“التحذير” .
كما يأتي مشروع القانون كاستجابة حادة على التأخير الشديد في إطلاق بعثات الأقمار الصناعية التابعة للإدارة نوا، إلى حد إخبار القانون الإدارةَ نوا بأي نوع من أنواع المحاكاة يتعين عليها تطبيقه لتقدير المزايا النسبية لأجهزة الاستشعار. كما يطلب القانون من الإدارة نوا التحول من الاعتماد حصرا على الأقمار الصناعية وقواعد بيانات الطقس التابعة لها والبحث عن بدائل التجارية حيثما كان ذلك ممكنا. “إذ يتحول القانون من الطلب إلى الإدارة نوا التفكير في الأمر ويخبرها بكيفية القيام بذلك،” كما يقول ديفيد تيتليDavid Titley، مدير مركز حلول الطقس والمخاطر المناخية Center for Solutions to Weather and Climate Risk في جامعة ولاية بنسلفانيا.
لكن أكبر دفعة للعلم ستأتي على الأرجح من تركيز مشروع القانون على التنبؤات الموسمية، التي يحث القانونُ الكونغرسَ على تخصيص 26.5 مليون دولار في السنة للقيام بها. وكان خبراء الأرصاد يميلون إلى بذل المزيد من الجهد في معالجة البيانات من الأقمار الصناعية، وبالونات الطقس وعوامات المحيطات، بدلا من من تحسين فيزياء نمذجات حواسيبهم، والتي تحاكي سلوك الغلاف الجوي والمحيطات عن طريق تجزئتها وحساب كيفية تطور الأوضاع في كل جزء منها. وبعد أسبوعين، تبدأ نمذجات الطقس بالحيود، وتنخفض قيمتها التنبؤية. ولكن على مدى العقد الماضي، أصبح علماء المناخ -الذين لديهم نمذجات طويلة المدى وأكثر دقة – مهتمين بالفترات الزمنية الأقصر، بهدف التنبؤ بأحداث احترار المحيط مثل دورات الإلنينو، التي تتكشَّف على مدى سنوات بدلا من عقود. وهم الآن يركِّزون على ظواهر ذات مدى أقصر من ذلك، مثل ذبذبة مادن-جوليان Madden-Julian Oscillation (اختصارا: الذبذبة MJO)، أي العواصف التي تهب شرقا حول خط الاستواء، بفترات تتراوح من 30 إلى 60 يوما، وبتأثيرات بعيدة المدى على أنماط الطقس العالمية تتحقق خلال بضعة أسابيع فقط.
إن النماذج المناخية مواتية لاستغلال خبراء الأرصاد الجوية لها كما يقول سكوت ساندغاثي Scott Sandgathe، خبير الأرصاد الجوية في جامعة واشنطن في سياتل. “لقد حان وقت اجتماع مجتمع المناخ ومجتمع طقس معا،” كما يقول، “إننا نستثمر في الخبراء في مجتمعين منفصلين يقومان تقريبا بالشيء نفسه.”
وقد بدأت دائرة الأرصاد الجوية الوطنية في الإدارة نوا بالتحرك في هذه الاتجاهات بالفعل. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، بدأت خدمة تجريبية لنشر توقعات الأرصاد لمدة تتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع. وفي يوليو، اختارت الإدارة نوا نظاما لمحاكاة المناخ لدراسته في المختبر الجيوفيزيائي لديناميكيات الموائع Geophysical Fluid Dynamics Laboratory في برينستون بنيوجيرسي، ليكون أساسا للجيل التالي من نموذجها الطقس.
لكن، يشيع النظر إلى توقعات الإدارة نوا على أنها متخلفة عن توقعات المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى European Centre for Medium-Range Weather Forecasts في ريدينغ، بالمملكة المتحدة، كما يقول ساندغاثي. وأحد أسباب نجاح الأوروبيين هو قدرات نمذجاتهم في معالجة الذبذبة MJO -وذلك بفضل فيزياء أفضل- واستخدام ظروف مبدئية أكثر تفصيلا، ومعايرة Calibration أفضل، مما يمنح نمذجاتهم مهارات تنبؤية تزيد على العشرين يوما.
وليست الولايات المتحدة قادرة بعد على الحصول على مهارة مماثلة. ولكن مع بدئها بإدراج الدروس المستفادة من النمذجات المناخية، فلربما – كما قال النائب لوكاس: “تستعيد تفوقها في التنبؤ بأحوال الطقس.”
The ©2016 American Association for the advancement of Sciences. All right reserved.